بولو باشا

بولو پاشا

بولو باشا Bolo Pasha، اسمه الأصلي پول ماري بولو Paul Marie Bolo ‏(عاش 24 سبتمبر 1867، مارسيليا - 17 أبريل 1918، اعدام) كان مغامراً فرنسياً، عمل ممولاً في المشرق العربي، وخائن لبلاده، وعميل للألمان.[1][2] كانت حياته مليئة بالمغامرات: "جال العالم، عمل في مهن غريبة مختلفة، وشارك في العديد من المخططات المشبوهة."[1][3]

حاولت كل من الشرطة السرية الفرنسية وسكوتلاند يارد وفشلتا في جمع أدلة كافية لإدانة بولو باشا، إلا أنه أدين لاحقاً بتهمة الخيانة بفضل أدلة قدمها المدعي العام لنيويورك. وقد تم اعدامه رمياً بالرصاص في 17 أبريل 1918.[3]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النشأة

وُلِد پول بولو في مارسيليا لوالدين محترمين يحترمان القانون.[3] كان شقيقه الأصغر "أسقف فرنسي بليغ،".[1] منذ شبابه، كان خروف العائلة الأسود. كان يغير مهنته على فترات قصيرة. في البداية، كان موظفاً في صالون حلاقة، حيث عمل كمساعد.[3] بعد شهور قليلة، أصبح بولو يمتلك متجر صغير للصابون.[3] بعد فشل تجارته في الصابون، قرر بول أن يبيع السلطعون.[3] "استمرت الأمور على ما يرام لعدة شهور. كانت المبيعات ضخمة، لكن المصروفات كانت أكبر من الأرباح، وذهب المشروع "في أدراج الرياح".[3] بعد فشله، ترك بولو مارسيليا، ويشاع أنه كان شريكاً في مصنع حرير في ليون.[3]

بعدها، أدار بولو متجر للتصوير الفوتوغرافي، كان يلتقط صور لعملاء من قطاعات إجتماعية مختلفة، لكن هذا المشروع أيضاً كان قصير العمر أيضاً.[3] محطته الثانية كان باريس، حيث سرعان من أصبح "رجل البلدة".[3] كشخص ذكي سريع التنقل، أصبح ضيف متكرر "في الأوساط الاجتماعية" في باريس. سرعان ما تزوج بولو من سيدة كانت تتمتع بالجمال والسحر. كانت أكبر منه سناً وأكثر ثراءاً، لكن على ما يبدو أن الزواج كان مباراة حب أكثر من كونه احتيال. بعد وفاة زوجته وحصوله على ثروتها، أصبح بولو مستعداً للمغامرات الجديدة، وكانت هذه المرة في مصر.[3]


السفر إلى مصر وما ورائها

كان بولو مغامر، وكانت مصر في ذلك الوقت تعتبر "قبلة المغامرين""[3]. جذبت تلك البلد النابضة بالحياة والمتعددة الثقافات هذا الفرنسي الفضولي.[3]

فور وصوله مصر تقريباً، سعى بولو إلى لقاء عباس حلمي، آخر خديوي لمصر والسودان. كان حلمي، يتحدث الفرنسية بطلاقة، وكان متحمساً للقاء الأوروپيين الذين يزورون القاهرة وكانوا كذلك متحمسين للقائه. أعجب بولو وحلمي ببعضهما البعض منذ اللقاء الأول؛ ووجد الخديوي وبائع السلطعون أرضية مشتركة: حبهم للمغامرات.[3] تكررات لقاءاتهم، وفي إحدى هذه اللقاءات، تم تقديم بولو بلقب پاشا. وومنذ صلك الوقت أصبح پول بولو، بولو پاشا.[3]

رافق بولو حلمي في نزهات مختلفة: الغابة المتحجرة وفي قوارب على النيل؛ وكانت تلك القوارب تحمل زخارف كما لو كانت فترة كليوپاترا وأنطونيو.[3] شوهد بولو وحلمي معاً، أثناء زيارتهم لتمثال أبو الهول، الأهرامات ومسجد محمد علي، الذي يقع في قلعة القاهرة.[3] تدريجياً أصبح بولو صديقاً مقرباً لحلمي، ولهذا كان يحضر احتفالات غير عادية، كان من بينها احتفالات خططها بنفسه. من بينها كان استقبال القنصل العام لإحدى البلدان الأوروپية.[3]

كانت هذه فترة مبهجة في حياة بولو، لكن حلمي كان يتوقف هبوب عاصفة في الأفق. كان حلمي يشعر أنه على وشك أن يخلع، وكان يعرف تاريخ بلاده: لم يكن هناك أحد في مصر معجب بالخديوي المخلوع. حاول حلمي أن يقرر كيف يمكنه إنقاذ أكبر قدر ممكن من ثروته[3] قرر أن يستخدم صديقه الوفي كي يساعده في هذا الأمر. وقد حفظت مقالات الصحف في هذه التاريخ:

في نوفمبر 1914، في إطار الجهود المبذولة لمنع وضع ممتلكات الخديوي في مصر تحت الحراسة الدائمة، أرسل صديقه المقرب بولو إلى القسطنطينية، التي ذهب إليها عباس فيما بعد، حاملاً رسالتين. كانت إحداهما مفادها أن عباس يمتلك 10.000.000 دولار، والأخرى كانت وعد من بولو باسترداد هذه الأمول. بعدها رتب بولو للقاء مع صادق باشا، مستشار حلمي الثاني، في روما، 1 فبراير 1915، وبناء على ذلك اقترح على نائب عباس خطة انشاء بنك في سويسرا، الذي كان يستخدم في الواقع من أجل الدعاية الألمانية. ذهب بولو وصادق باشا إلى ڤيينا للقاء عباس حلمي، الذي رفض هذا المشروع. بناء على ذلك تقدم بمقترح بديل مفاده أن يشتري أسهم في بعض الصحف الرائدة في فرنسا، في الوقت نفسه يضمن نشر عدد من المقالات التي تصب في مصلحة الألمان.

يقال أن عباس حلمي فضل المقترح الأخير، وبعد اجتماعه مع كونت مونتس، السفير الألماني السابق في رومان، أرسل صادق باشا إلى برلين لعرض الأمر على وزير الخارجية فون ياگوڤ. يقال أن فون ياگوڤ قد وافق وعرض دفع 10.000.000 مارك على دفعات لمدة تسعة أشهر. بعد فترة قصيرة من هذا، كان في رفقة عباس حلمي، شفيق باشا، الذي وصل إلى فندق ساڤوي، زيورخ، حيث كان بولو والكومانداتور كاڤاليني موجودين بالفعل. من الجدير بالملاحظة أن في نفس الوقت الذي كان فيه بولو ورفيقه في فندق ساڤوي، هر إرزبرگر، زعيم الحزب الألمانين كان في فندق دو سان گوثار، وأن بولو قام بتقديمه للكثير من أصدقائه. في اليوم التالي في اجتماع عقد بفندق ساڤوي، يقال أن بولو قد قبل مقترح فون ياگوڤ فيما يخص بال10.000.000 مارك الشهرية، على أن يتم دفعها عن طريق الخديوي المعزول.

تقول القصة أنه في 21 مايو 1915، حصل الحاكم المصري السابق على الدفعة الأولى عن طريق بنك درسدن وحولها لعميل في إيطاليا ليتم دفعها إلى بولو. رفض الجاسوس الفرنسي قبول الأموال بهذه الطريقة وبناء على ذلك فقد أتخذت ترتيبات لإيداع الأموال في بنك جنيڤ، حيث أعلنها بولو كجزء من ثروة عباس حلمي الشخصية.[3]

وجد بولو نفسه في دائرة الشبهات بسبب رحلاته المتكرة بين باريس وجنيڤ.[3] في مارس 1915، إلتقى بولو بحلمي في سويسرا. وعلى ما بدو أن بولو حصل على 2.500.000 دولار لتستخدم في الدفع للإعلام الفرنسي بهدف التأثير على الرأي العام لقبول السلام مع ألمانيا.[1]

السفر إلى الولايات المتحدة

في 22 فبراير 1916 وصل بولو إلى نيويورك. قضى هناك ما يقارب الشهر، وغادرها في 17 مارس، 1916. خلال الوقت الذي قضاه في نيويورك، حاول بولو تجنب رؤيته بصحبة العملاء الألمان، لكنه سافر إلى واشنطن دي سي للقاء سري مع يوهان هاينرش فون برنشتورف،السفير الألماني لدى الولايات المتحدة.[1]

عندما طلبت الحكومة الفرنسية من حاكم نيويورك جمع أدلة ضد بولو، تم إسناد القضية إلى مرتون إ. لويس، المدعي العام لولاية نيويورك.[1] كان قادراً على جمع أدلة "حساسة":

الأدلة، التي تشمل نسخ على الكثير من الشيكات، الرسائل، والبرقيات، والتي توضح حقيقة أن الكونت برنستورف، الذي أصبح فيما بعد السفير الألماني في واشنطن، قد استجاب بلهفة لعرض بولو بخيانة فرنسا بإفساد الصحافة لصالح سلام متعجل وحوّل له مبلغ $1,683,500 دولار لتمويل المؤامرة على وزارة الخارجية وقد قام السفير جوسراند بدراسة الأدلة وأقر بصحتها.[1]

من بين أكثر أجزاء الدليل أهمية كانت رسالة كتبها بولو إلى البنك الملكي الكندي فرع مدينة نيويورك في 14 مارس 1916:

السادة: سوف تتسلمون من السادة آمسينك وشركاه ودائع لرصيد حسابي لديكم، وتلك الودائع سيكون مجموعها نحو $1,700,000، والتي أرغب في استخدامها على النحو التالي:

بمجرد استلام الدفعة الأولى من هذا المبلغ المدفوع إلى السادة ج. پ. مورگان وشركاه، مدينة نيويورك، يجري إضافة مبلغ 170.068.03 دولار إلى رصيد حساب السناتور شارل أومبير، باريس.


ثانياً—افتحوا في دفاتركم حساب ائتمان بمبلغ $5,000، صالح حتى يوم 31 مايو، لصالح جول بوا، فندق بيلتمور، هذا المبلغ يكون تحت تصرفه من حسابي حسب رغبته، على أن يُعاد باقي المبلغ غير المستخدم إلى حسابي.

ثالثاً—يُحوّل إلى حساب زوجتي، مدام بولو، بحوالة لدى Comptoir National d'Escompte de Paris مبلغ $524,000، ليضاف إلى حسابي على أن تقوموا بتلك التحويلات بأفضل سعر صرف وبكميات صغيرة.

رابعاً—سوف تحتفظون، بناء على تعليماتيـ بعد دفع كل ما تقدم، بمبلغ متبقي لا يقل عن $1,000,000.

المخلص، بولو باشا[1]

القبض عليه والمحاكمة

السناتور شارل أومبير (يمين) ومحاميه Me Moro-Giafferi أثناء المحاكمة

قبض على بولو في باريس في 29 سبتمبر 1917.[1] تم محاكمته أمام محكمة عسكرية وأدين بتهمة الخيانة.[3] وقد صدم بولو بشكل واضح من هذه التهمة، ودافع قائلاً:

أنا لست خائناً. لقد طلب مني الخضوع للمحاكمة، وأنا على إستعداد للموت، لكني لست خائناًّ![3]

وعندم سئل لماذا لم يحتفظ بسجلات تحويل أمواله، أجاب بولو: "أنا صاحب المال، ولست لصاً!" [3]

طلب من عباس حلمي الإدلاء بشهادة، ولكنه لم يتمكن من الوصول إلى باريس. ومع ذلك، فقد قدمت زوجته الثانية شهادة قوية لصالحه، وكذلك فعل شقيقه.[3] السناتور شارل أومبير (الذي أشار إليه بولو في رسالته إلى البنك الملكي الكندي في 14 مارس 1916) طلب منه الإدلاء بشهادته. أدلى السناتور بشهادته قائلاً "أنه لم يشتبه للحظة في وجود أي دوافع خفية في صفقة سندات الصحيفة."[3]

في مناشدته الأخيرة للمحكمة، قال ألبير سالس، محامي بولو:

لا تدينو بولو باشا لإرضاء الرأي العام. لا تديونه لإرضاء المشاعر العامة. من فضلكم لا تسمحوا لأنفسكم بأن تكونوا سبباً في إساءة تطبيق العدالة الأمر الذي سيكون مدعاة للأسف عليه لسنوات.[3]

كانت مناشدة سالس بلا جدوى. أدانت المحكمة بولو وحكمت عليه بالإعدام. كانت الإدانة معتمد على أدلة ظرفية، وتم إعلان القرار بعد 15 دقيقة فقط من المداولة.[3]

اعدام بولو رمياً بالرصاص.

أُعدِم بولو في ڤنسان، صبيحة يوم 17 أبريل 1918.[3]

بعد الإعدام، وجه رئيس الوزراء الفرنسي جورج كلمنصو كلمة للشعب الأمريكي:

بولو باشا هذا، الذي كان له أسلوبه مع كل شخص وفي كل موقف تقريباً، كان في النهاية رجلاً قوياً! بولو باشا كان من أولئك السادة الذين بدأوا حياتهم بخيانة النساء؛ أنهى حياته بخيانة الأمم. هناك فرق كبير بين خيانة النساء وخيانة الأمم! النساء تسامح وتغفر، لكن الأمم لا تفعل أبداً، أبداً! لذلك، ففي نهاية لقائهم القصير رافق السيد كلمنصو بولو باشا إلى غابة ڤنسان، وتم وضعه وظهره إلى الحائط، وقادته أفعاله إلى مواجهة 12 بندقية فرنسية. لن يقوم بولو باشا بخداع أمة أخرى. أريد أن أخبركم، أيها الأمريكان، أن هذه هي الطريقة الوحيدة للتعامل مع خائن![4]

الهامش

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ The New York times current history. v.13 1917 Oct-Dec. The New York Times Company. October 1917. pp. 282–283.
  2. ^ "Arrest Bolo Pasha as German Agent". New York Times. 29 September 1917. Retrieved 11 February 2011.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م ن هـ و ي أأ George Barton (1919). Celebrated spies and famous mysteries of the great war. The Page Company. pp. 215–251.
  4. ^ Annual report - The General Society of Mechanics and Tradesmen of the City of New York. 1918-1924. The Page Company. p. 31.

Bolo Pacha: A Forgotten Story about Men & Women Who Made History in WWI

وصلات خارجية