هنري برجسون

(تم التحويل من برجسون)
هنري برجسون
Bergson.jpg
صورة لهنري برگسون رسمها J.E. Blanche 1891
وُلِدَ1859 18 اكتوبر (باريس, فرنسا)
توفي1941 4 يناير (باريس, فرنسا)
العصرفلسفة القرن التاسع عشر
المنطقةفلسفة غربية
المدرسةالفلسفة القارية
Nobel.svg جائزة نوبل في الأدب (1927)
الاهتمامات الرئيسية
ميتافيزيقا, Epistemology, Irrationality, فلسفة اللغة, فلسفة الرياضيات
الأفكار البارزة
Change, إلان ڤيتال

هنري-لوي برگسون Henri-Louis Bergson (و.1849 - 1941) فيلسوف فرنسي. فاز بجائزة نوبل في الأدب سنة 1927. من خريجي مدرسة الأساتذة العليا.

دخل برگسون عالم الفلسفة بينما كانت الفلسفة الكانطية الجديدة هي المسيطرة في بدايات القرن العشرين، وكانت مستوردة من ألمانيا، حيث هيمنت هناك بين عامي 1870 و 1918. انتقد الفيلسوف برگسون تطرف الفلسفة الكانطية الجديدة في الاتجاه الوضعي وإهمالها لكل ما عدا ذلك. وقد ولد برگسون في باريس عام 1859 ودرس في مدرسة المعلمين العليا مثل جان جوريس الذي سيصبح فيما بعد زعيم الحركة الاشتراكية الفرنسية وأشهر سياسي في عصره. ثم أصبح بيرغسون أستاذاً في الكوليج دو فرانس. وهي أعلى مؤسسة علمية في فرنسا، أعلى من السوربون.[1]

وفي عام 1914 انتخبوه عضواً في الأكاديمية الفرنسية. ثم سافر برگسون عام 1917 عدة مرات إلى الولايات المتحدة لإقناع الرئيس ويلسون بدخول الحرب العالمية الأولى ضد ألمانيا.

ثم استقال برگسون من التعليم العالي عام 1921 لكي يكرس نفسه كلياً للشؤون الدولية والسياسية. وفي عام 1927 تلقى جائزة نوبل للآداب. وخلال العشرين سنة الأخيرة من حياته لم يؤلف إلا كتاباً واحداً هو: المصدران الاثنان للأخلاق والدين (1932). وفيه يعمق المنظور الديني لفلسفته. ثم مات برگسون عام 1941 أثناء الحرب العالمية الثانية عندما كانت فرنسا محتلة من قبل الألمان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أفكاره

الأعمال الفلسفية الكاملة - هنري برجسون. انقر على الصورة لمطالعة الكتاب كاملاً.

المفهوم الرئيسي في مثالية برگسون هو «الديمومة الخالصة» duration أي اللامادية، وهي أساس وأصل جميع الأشياء. والمادة والزمان والحركة هي أشكال مختلفة فيها نتصور «الديمومة». ولايمكن إحراز المعرفة بالديمومة إلا بالحدس مفهوماً على أنه «إدراك» صوفي أو «معرفة» صوفية، فيها «يتطابق فعل المعرفة مع الفعل الذي يخلق الواقع».[2]

والحدس كما يعرّفه برگسون في «المدخل إلى الميتافيزيقة» هو ذلك الجهد الذي به ننفذ إلى باطن الموضوع لكي نعرفه «من الداخل»؛ أما في «التطور الخالق» فالحدس هو ضرب من «التعاطف العقلي» الذي يمتزج فيه العقل بالغريزة. وعلى هذا يكون الحدس البرگسوني عملية ذهنية عسيرة، أقرب إلى «التفكير» منه إلى «العاطفة»، ولذلك فالحدس ليس وليد الغريزة، بل هو وليد التفكير العقلي المتواصل والتأمل الفكري المستمر. ويمتاز الحدس من العقل والغريزة، بأن الحدس هو «التجربة الميتافيزيقية» التي فيها تنكشف لنا ذواتنا، فندرك «المطلق» في صميم نفوسنا. وعلى هذا كانت نقطة البدء في فلسفة برگسون عن مشكلة الوجود والديمومة هي معطيات الشعور، وهي معطيات «مباشرة» بمعنى أن «الحدس» يدركها إدراكاً عيانيّاً، فبرگسون لا يعرض للوجود على أنه تصور، وإنما بصفته وجوداً حياً. وهو يتخذ من الإنسان محوراً لدراسة طبيعة هذا الوجود. والغاية من تحليل الوجود الإنساني هي معرفة مقومات الوجود على الإطلاق.

يقوم الوجود على الجمع بين حقيقة الذات وحقيقة الموضوع، بمعنى أن الذات ليست مجرد مجموعة من الآثار الصادرة عن العالم الخارجي، فهي ليست منفعلة دائماً، والموضوع هو حقيقة خارجية، لها وجود في الواقع ومستقل عن الذات المُدرِكة. بيد أن كلاً منهما ليس مغلقاً على ذاته، فثمة مجال للاتصال المباشر قائم على الرؤية. وهكذا يضع برگسون اتفاقاً مقدماً بين الفكر والشيء موضوع الفكر.

والديمومة الحقيقية المشخصة هي الزمان النفسي أو الزمان الداخلي، والحياة النفسية تلقائية أو هي انبعاث من باطن وخلق مستمر أو «ديمومة» لاتحتمل رجوعاً إلى الماضي، ولاتوقعاً ضرورياً للمستقبل، كما تحتمل الظواهر المادية. ويخلص برگسون إلى أن الأنا في جوهرها وحدة لاتنفصم.

وترتبط الحرية عند برگسون بالديمومة التي لاتعرف انفصالاً في الحياة النفسية، والتي تؤلف وحدة لا يمكن تقسيمها إلى لحظات. فليس هناك آلية أو جبرية في النفس إذ أن الديمومة كَيْف محض، والحرية عين صيرورة الأنا، والفعل الحر هو مايصدر عن الأنا. وترتبط الحرية بفكرة «الخلق أو الإبداع»، لأن الإنسان هو ذلك الموجود الذي تنحصر حريته في خلقه لنفسه بنفسه. الحرية في أعلى صورها عند برگسون «تلقائية روحية خالصة». وبهذا المعنى فالحرية تعبير عن الشخصية.

ويرى برگسون أن الذاكرة ليست ظاهرة فيزيولوجية، بل ظاهرة نفسية تعبر عن صميم حياتنا الشعورية، فيميز نوعين من الذاكرة: الذاكرة العادة والذاكرة المحضة. فالذاكرة العادة مكتسبة بالتكرار ولها جهاز محرك في الجهاز العصبي، وتلك هي الذاكرة التي تقيم في الجسد وتنصب على الفعل، وهي تستعيد الماضي بطريقة آلية بحتة. وهذه الذاكرة هي التي تعي شعراً أو نثراً محفوظاً عن ظهر قلب. أما الذاكرة المحضة فهي تختزن الماضي كله وتحيا في ديمومة مستمرة، إنها «الأنا العميق»، ذاكرة النفس، وهي تَصوُّر حادثةٍ انطبعت في الذهن دفعة واحدة، واحتفظت بخصائصها وتاريخها. ولأن الجسم «مركز عمل» وأداة الوصل بين الأشياء المؤثرة فينا وما نؤثر فيه من أشياء، فليس بوسعه أن يحفظ صوراً ولا أن يبعث صوراً، ولكنه يوفر للصور الوسيلة كي تصير مادية وتعود إلى الشعور. ففي حالة فقدان الذاكرة ليست الذاكرة هي المعطلة بل الدماغ، وليس هناك محو للذكريات بل اضطراب في الأجهزة المحركة.

ويؤدي التمايز بين الإدراك الحسي المحض والذاكرة المحضة إلى تفرقة بين النفس والجسد. فالذاكرة هي نقطة البداية، وتوطئة لحل مشكلة الصلة بين النفس والجسد. حيث يرفض برگسون نظرية «التوازي» النفسي الفيزيولوجي، ويقول بالتوازي بين النشاط العقلي والنشاط الدماغي الذي يجمع المذهب المثالي والمذهب المادي، ويخالف التجربة. فالفكر مستقل عن الدماغ، بيد أن هذا الاستقلال ليس إنكاراً للتضامن الوثيق بينهما، وإنما هو رفضٌ بأن النفسي يعادل الفيزيولوجي ويوازيه. [فالصلة بين النشاط الدماغي والنشاط العقلي هي كالصلة بين حركات عصا رئيس الأوركسترا وبين السيمفونية التي يعزفها سائر الموسيقيين بقيادته]. ومعنى هذا أن الصلة وثيقة بين النفس والجسد. فلايمكن أن تعمل النفس من دون الجسم، لأنه أداة تستخدمها النفس في تحقيق أفعالها وتأدية حركاتها. وقد توجد النفس بغير الجسد، ولكنها لن تستطيع أن «تفعل» بغيره. وبهذا أقر برگسون احتمال خلود النفس، لأن حياة النفس ليست هي حياة الجسد، ويمكن بذلك انفصالهما.

إن فلسفة برگسون تعبير حي عن اللاعقلانية، فلقد وضع مقابل الجدل مذهبه في «التطور الخالق»، القائم على كلية المفاهيم المستمدة من المثالية البيولوجية (المذهب الحيوي). فهو يرى أن تطور الحياة يسير في اتجاهات متعددة ومتباينة ولكنها متكاملة، لذلك فهو يفرق بين نوعين أساسيين من الاتجاهات: الأول يفصل عالم النبات عن عالم الحيوان، والثاني يقسم عالم الحيوان إلى نوعين هما: الحيوان غير الناطق والإنسان. يرى برگسون في «التطور الخالق» أن النبات ينزع إلى الجمود والركود، وهو لايتصف بالوعي أو الشعور عموماً. أما الحيوان فينعم بالحركة والقدرة على التحرك، وتبلغ الغريزة أوجها لدى النمل والنحل. أما العقل فيبلغ أوجه لدى الإنسان والفارق بين الغريزة والعقل هو فارق في الطبيعة.


الإله والعالم

تتحد فكرة برگسون عن الله مع فكرة الاندفاع الحيوي. ففي كتابه «التطور الخالق» يبدو الإله ديمومة اشتدت وتوترت وتركزت، نصل إليه حينما ننفذ إلى صميم الحياة المتطورة الخالقة. فالإله هو ذلك المطلق الذي يتجلى فينا، وهو موجود كماهية نفسية لارياضية أو منطقية، وهو منبع كل شيء في الوجود، وعنه تصدر العوالم، فالخلق عند برگسون هو نبع وصدور عن الإله، لكن الإله مستقل عن الكون ومتعال عليه.

كما تتسم فلسفة برگسون الطبيعية بطابع روحي يتجلى في التجربة الصوفية التي تتجاوز المجال النفسي والمجال الأنطولوجي. ففي التجربة الصوفية ندرك الديمومة بوصفها طاقة خلاقة لاتعرّف إلا بأنها الحب نفسه «فالحب الإلهي ليس شيئاً آخر غير الإله، بل هو الإله نفسه» الذي استدعى الموجودات إلى الوجود.

الأخلاق والدين

يتحدث برگسون في كتابه «منبعا الأخلاق والدين» عن الغريزة والحدس. فلكل من هاتين الوظيفتين أخلاقاً معينة وديناً معيناً. والحياة المتدفقة هي منبع الأخلاق والدين. وكما أن للتطور اتجاهين متمايزين هما: اتجاه الغريزة واتجاه العقل؛ كذلك يوجد اتجاهان متعارضان للأخلاق، يقابلان هذين الاتجاهين المتمايزين.

يفرق برگسون بين نوعين من الأخلاق، أخلاق ساكنة مغلقة، وأخلاق متحركة مفتوحة. الأخلاق المغلقة تشمل مجموعة العادات التي تفترضها الجماعة، وتنحصر مهمتها في صيانة كيان المجتمع فيكون الرباط الذي يجمع بين الأفراد، مثل الرباط الذي يجمع بين خلايا الجسم الواحد، وهذه الأخلاق هي بمنزلة رجعة إلى حياة الغريزة. غير أن هناك فارقاً، وهو أن الإنسان حاصل على عقل وحرية، لذا تظل الأخلاق المغلقة في مستوى أدنى من مستوى العقل. فالإلزام الأخلاقي في هذا النوع من الأخلاق ليس إلا الضغط الذي يمارسه المجتمع على الفرد بوساطة العادة؛ والعادة ماهي إلا محاكاة للغريزة.

أما الأخلاق المتحركة المفتوحة فتتجاوز حدود الجماعة، وهي ليست وليدة الضغط الاجتماعي، وإنما هي تعبير عن استجابة الفرد لنداء الحياة الصاعدة. وتظهر هذه الأخلاق في بعض الأفراد الممتازين الذين يتملكهم انفعال جديد فائق لمستوى العقل شبيه بالانفعال الموسيقي الذي يهز كيان النفس هزاً عنيفاً وهو «لا يتصل بشيء». وهؤلاء الأفراد هم «الأبطال» والقديسون وكبار المتصوفة الذين يجذبون الناس بالقدوة لا بالاستدلال وأخلاقهم هي الأخلاق الكاملة. «وهذه الأخلاق لاتقوم على دوافع أو بواعث، ذلك أن الأنا كله هو الذي يفعل». ولكن «الضغط الاجتماعي وفورة المحبة مظهران للحياة متكاملان» أي إن نوعي الأخلاق مظهران طبيعيان للتطور الحيوي ومرحلتان في تقدمه. فالأخلاق المتحركة انفعال بحت وفورة نفسية عميقة عند «البطل» ومثال يُحتذى عند الجمهور، وليس قانوناً خلقيِّاً ملزماً في صميم الضمير. إن الأخلاق المفتوحة هي أخلاق نداء: «نداء البطولة».

كذلك يفرق برگسون بين نوعين من الدين. فهناك دين ساكن مغلق وآخر متحرك مفتوح أي الدين الاستاتيكي (السكوني) والدين الديناميكي (الحركي).

كان لبرگسون تأثير ملحوظ على الفكر والأدب، وكان لأسلوبه البليغ أشد الأثر في رواج كتبه، وإن كان كثير الغموض ولم يوف مناقشاته حقها، وكان يلجأ للإنشاء في الوقت الذي يتطلب الأمر التحليل والمنطق، وكان يبدو واضح النقل عن غيره، فالصيرورة منقولة عن هراقليطس وهيگل، والتلقائية من شلنگ ومين دي بيران Maine de Biran وفيلكس راڤيسون Félix Ravaisson، والدافع الحيوي شبيه بالنفس الكلية عند أفلوطين Plotinus وآراؤه في الدين يهودية بالرغم من محاولاته إخفاء أصولها.

أشهر كتبه

  • «فكرة المكان عند أرسطو» (1889)،
  • مقال في «المعطيات المباشرة للشعور» (1889)،
  • «المادة والذاكرة» (1896)،
  • «الضحك» (1900)،
  • «التطور الخالق» (1907)
  • «الطاقة الروحية» (1919)،
  • «الديمومة والمعية» (1922)،
  • «منبعا الأخلاق والدين» (1932)،
  • «الفكر والمتحرك» (1934).

انظر أيضاً

ملاحظات

  1. ^ آلان شريفت (6 اكتوبر 2008). "الفلسفة الفرنسية في القرن العشرين". جريدة البيان الإماراتية. {{cite web}}: Check date values in: |date= (help)
  2. ^ سليمان ظاهر. "برگسون (هنري ـ)". الموسوعة العربية. Retrieved 2009-04-26.

سيرته

  • Time and Free Will: An Essay on the Immediate Data of Consciousness 1910. (Essai sur les données immédiates de la conscience 1889) Dover Publications 2001: ISBN 0-486-41767-0 – Bergson's doctoral dissertation
  • Matter and Memory 1911. (Matière et mémoire 1896) Zone Books 1990: ISBN 0-942299-05-1, Dover Publications 2004: ISBN 0-486-43415-X
  • Laughter: An Essay on the Meaning of the Comic 1901. (Le rire) Green Integer 1998: ISBN 1-892295-02-4, Dover Publications 2005: ISBN 0-486-44380-9
  • Creative Evolution 1910. (L'Evolution créatrice 1907) University Press of America 1983: ISBN 0-8191-3553-4, Dover Publications 1998: ISBN 0-486-40036-0, Kessinger Publishing 2003: ISBN 0-7661-4732-0, Cosimo 2005: ISBN 1-59605-309-7
  • Mind-energy 1920. (L'Energie spirituelle 1919) McMillan. – a collection of essays and lectures
  • Duration and Simultaneity: Bergson and the Einsteinian Universe 1922. Clinamen Press Ltd. ISBN 1-903083-01-X
  • The Two Sources of Morality and Religion 1932. {Les Deux Sources de la Morale et de la Religion) University of Notre Dame Press 1977: ISBN 0-268-01835-9
  • The Creative Mind: An Introduction to Metaphysics 1946. (La Pensée et le mouvant 1934) Citadel Press 2002: ISBN 0-8065-2326-3 – essay collection, sequel to Mind-Energy, including 1903's "An Introduction to Metaphysics"

وصلات خارجية

أعماله على الانترنت

سبقه
إميل اوليڤييه
المقعد رقم 7, الأكاديمية الفرنسية Académie française
1914-1941
تبعه
إدوار لو روا