القربلياني الأندلسي

القربلياني الأندلسي (ت. 17 ربيع الأول 761هـ / 6 فبراير 1360)، هو أبو عبد الله محمد بن علي بن فرج القربلياني الملقب ب"محمد الشفرة". طبيب جراح وعالم أعشاب أندلسي.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نشأته

كان ـ القربلياني ـ رجلاً ساذجاً ـ أي سليم الطوية ـ مشتغلاً بصناعة الطب عاكفا عليه عمره، محققاً لكثير من أعيان النبات، كلفاً به متعيشاً من عشبه أول مرة، وارتاد المنابت وسرح بالجبال، ثم تصدر للعلاج، ورأس به، وحفظ الكثير من أقوال أهله، نسخ جملة كنانيشه على ركاكة خطه، وعالج السلطان نصر (المستقر بوادي آش ) وقد طرق بها مرض وافد ـ أي وباء ثم رحل إلى العدوة، وأقام بمراكش سنين عدة، ثم كرَ إلى غرناطة عام أحد وستين وسبعمائة، وبها هلك على إثر وصوله ".

وتشير المصادر التاريخية أن القربلياني أقام بسبتة وفاس ومراكش، حيث زاول مهنته، وباشر علاج المصابين بالسهام، أو بكسور العظام، أو بأصناف من الأورام.

هو أبو عبد الله محمد بن علي بن فرج القربلياني، أصله من قربليان، وهي بلدة قرب أريولة شرقي الأندلس ناحية تدمير، كانت تحت حكم النصارىٍ في ذلك الوقت، حيث كانت قبل ذلك ضمن مملكة الإسلام بالأندلس. يصف ابن الخطيب في كتابه الإحاطة بن فرج القربلياني بقوله: "كان رجلا ساذجا – سليم الطوية – مشتغلا بعلم الطب، عاكفا عليه عمره، محققا لكثير من أعيان النبات، كلفا به متعيشا من عشبه أول أمره، وارتاد المنابت ، وسرح بالجبال ، ثم تصدر للعلاج، ورأس به وحفظ الكثير من أقوال أهله، ونسخ جملة من كنانيشه على ركاكة خطه. وعالج السلطان نصر بوادي آش وقد طرق به مرض وافد. ثم رحل إلى العدوة وأقام بمراكش سنين عدة، وتصدر للعلاج، ثم عاد إلى غرناطة عام لأحد وستين وسبعمائة، وبها توفي على إثر وصوله".

قرأ ابن فرج القربلياني العلم على أبيه ببلده قربليان، وأخذ علم الجراحة (وكانت يسمى بصناعة عمل اليد في ذلك الوقت) عن بعض محسني هذا العلم من الروم، حيث يذكر في أحد كتبه في الجراحة وهو كتاب الإستقصاء والإبرام أن أحد شيوخه من النصارى اسمه الميشو برناد. دعا السلطان نصر والملقب بأبي الجيوش ابن فرج لخدمته في وادي آش، حيث أنشأ ابن فرج في قصر السلطان بستانا جعله منبتا لكثير من الأعشاب الطبية.

بالإضافة إلى مراكش، فقد أقام ابن فرج القربلياني أيضا في سبتة وفاس، حيث زاول مهنته وباشر في علاج المرضى والمصابين بالسهام أو بكسور في العظام أو بأصناف من الأورام. توفي القربلياني في السابع عشر لربيع الأول عام أحد وستين وسبعمائة.

في سنة 1935 كتب المستعرب الفرنسي رونو بحثا بعنوان "جراح مسلم من مملكة غرناطة" تكلم فيه عن ابن فرج. كما أن الطبيب الفرنسي لوسيان لوكليرك في كتابه الشهير تاريخ الطب العربي تحدث أيضا عن ابن فرج.


شيوخه وتلاميذه

ذكر ابن الخطيب أن القربلياني قرأ على عبد الله بن سراج وغيره، كما ذكرعنه أنه:"زعم أنه قرأ على أبيه ببلده في قره بليان، بلد الدجن، وأخذ الجراحة عن فوج من محسني صناعة عمل اليد من الروم".

وقد ذكر القربلياني في كتابه شيخاً نصرانيا ًمن شيوخه سماه "الميشو برناد". وقد أخطأ المستعرب الفرنسي رونو حين علق على ذلك بأن السبق في ميدان الجراحة انتقل في عصر الدولة النصيرية إلى أطباء النصارى، بعد ما كان التفوق للمسلمين في عصر الزهراوي، فبرنارد هذا لم يكن الشيخ الوحيد لابن فرج بل تعلم على أبيه وعلى ابن السراج وغيرهم. وعلى الأقل فإن هذا الأمر لا يصح الأستدلال به على ما يقول، فالواقع يثبت أن التفوق في ميادين العلوم بقي للمسلمين حتى سقوط غرناطة في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي. وأما عن تلاميذه فلا نعلم شيئاً سوى ما ذكره القربلياني نفسه في كتابه، إذ كان يخاطب فيه ابنه.

غير أن المدجنين من المسلمين ظلوا قائمين على العلم، رغم سقوط قواعدهم في أيدي النصارى ، وكان ذلك مكسباً ثميناً للنصارى، وكانت تلك الإرهاصات الأولى للنهضة العلمية التي ستشهدها أوربا.

مؤلفاته

الاستقصاء والإبرام

يعتبر كتاب الاستقصاء والإبرام في علاجات الجراحات والأورام للقربلياني من أهم الكتب التي كتبت في الأندلس في تلك الفترة والتي تبحث في مجال علم الأورام. فقد بحث القربلياني في المقالة الأولى من هذا الكتاب في الأورام وأسبابها وعلاماتها وعلاجها. وقد بين أن الأسباب الفاعلة للورم هي سببان؛ الأول تفرق الاتصال، والآخر سوء المزاج. ثم بين أن الأورام الناجمة عن تفرق الاتصال قد يكون ذلك ناجما عن الفسخ أو الهتك. كما قسم الأورام إلى حارة وباردة، وإلى رخوة وصلبة. ثم تحدث عن ستة وثلاثين نوعا من الأورام؛ أولها الورم الفلغموني، وبين أن سببه هو الالتهاب، وحدد أعراضه ثم معالجته. بعد ذلك تحدث عن النغلة، واعتبر أن هذا الورم هو أحد أشكال الورم الفلغموني، إنما بدون عفن. ثم تحدث عن الحمرة، وذكر أنها ورم يتولد من المرة الصفراء، وبين أن أنواعها كثيرة.[1] وقد ذكر أن في علاجها يفيد الصندل الأحمر والفلفل. كما تحدث عن الدماميل، وقال إنها تتولد من دم غليظ فاسد، وذكر في ذلك أنه رأى امرأة من بني أبي العلاء قد خرجت لها أربعة من الدماميل من جانب الرأس الأيمن مع منبت الشعر، وقد عولجت من قبل حجّام مما أدى ذلك إلى وفاتها. من الأورام أيضا ذكر القربلياني الحمرة المنقطة والنار الفارسية، وبين أعراض كل منها ومن ثم علاجها. كما تحدث في هذا الفصل عن النملة، وقال بأنها نوع من الأورام الحارة، وبين بأنها على ثلاثة أنواع. ثم تكلم عن الأكلة، وبين أنها تحدث بسبب مادة حارة صفراوية. وقد خصص القربلياني في المقالة الأولى عدة فصول للحديث عن بعض أشكال الأورام؛ فقد تحدث عن الورم الناجم عن السقوط، مثل سقوط الإنسان على حجر أو حائط أو غيره، حيث أورد إصابة مختلف أعضاء الجسم بمثل هذا الورم والناجم عن السقوط. أما إذا كان الورم ناجما عن ضربة كتلك التي تكون بحديد أو حجر فتعالج كما يعالج أي جرح. في آخر هذا الفصل يتحدث القربلياني عن الورم السرطاني، ويقسمه إلى سرطان غير متقرح وسرطان متقرح.

وفاته

توفي القربلياني في السابع عشر من ربيع الأول من عام (761هـ/1332م).

المصادر

  1. ^ الدكتور عبد الناصر كعدان. "النظرية السببية للأورام عند القربلياني من منظور علم الأورام الحديث". ISHIM.

المراجع

  • ابن حجر - الدرر الكامنة، 4/70.
  • أبو عبد الله محمد بن الخطيب السلماني-الإحاطة في أخبار غرناطة، تحقيق محمد عبد الله عنان، القاهرة، 1975. 3/179-180.
  • حميدان، زهير – أعلام الحضارة العربية والإسلامية، منشورات وزارة الثقافة، دمشق، 1996. 5/465-467.
  • الخطابي، محمد العربي - الطب والأطباء في الأندلس الإسلامية، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1988. 2/27-150.
  • السامرائي - مختصر تاريخ الطب العربي، دار النضال، بيروت، 1990. 2 / 522.
  • الزركلي- الأعلام، بيروت، 1984. 6/285.
  • كحالة- معجم المؤلفين، بيروت، 1957. 11/33.
  • Brockelmann, s, II / 366.
  • Lucin Leclerc-Histoire de la Medecina Arabe, Paris, 1876. 2/250.
  • موسوعة أرض الحضارات