الغراب (فيلم)

الغراب
Le Corbeau
Le corbeau release poster.jpg
اخراجHenri-Georges Clouzot
انتاجRené Montis
كتابةHenri Chavance
Henri-Georges Clouzot
بطولةPierre Fresnay
Ginette Leclerc
Pierre Larquey
Micheline Francey
موسيقىTony Aubin
توزيعTobis Films, باريس
تواريخ العرض[[1943 in film|1943]]
طول الفيلم92 min
البلدFrance
اللغةاللغة الفرنسية

الغراب (فيلم) Le Corbeau على خلاف ما يمكن كثراً أن يتوقعوا أو يقولوا اليوم، لم يؤدّ احتلال الألمان النازيين لفرنسا، خلال السنوات الأولى من الحرب العالمية الثانية، الى توقف الحياة في المناطق المحتلة، ولا حتى الى توقف الإنتاج الفني والفكري. صحيح أن كثراً من الفنانين اختاروا السلبية تجاه المحتل، وراح كل منهم «يقاوم» على طريقته. ويقيناً ان بعض المبدعين، في الآداب والفنون، وكثراً من رجال الفكر، انضموا بالفعل الى المقاومة وبارحوا تلك المناطق المحتلة. ولكن كان هناك في الوقت نفسه مبدعون جعلوا «الحياد» - أو في اللغة البهلوانية لأيامنا هذه، «النأي بالنفس» - شعاراً لهم، وراحوا يتصرّفون كأن شيئاً لم يكن، فأنتجت مسرحيات وكتب ومعارض تشكيلية، كما انتجت، في شكل خاص، أفلام سينمائية. ولاحقاً حين أنقذ الأميركيون فرنسا من براثن النازيين، واختلط الحابل بالنابل، تم التغاضي «الوطني» عن الأعداد الأكبر من الفنانين والمبدعين ولا سيما بين السينمائيين «المتعاونين» او «النائين بأنفسهم»، فلم يحاكموا، وهذا أمر تحدث عنه فيلم أنجز قبل سنوات في عنوان «إجازة مرور». غير ان كثراً توقفوا في ذلك الحين، أي عند التحرير وزمن تصفية الحسابات، عند مخرج فرنسي كبير ليطرحوا اسئلة عدة من حوله، واجدين، في فيلم واحد له على الأقل - هو فيلمه الثاني، تاريخياً - نظرة الى المجتمع الفرنسي تكاد تتماهى مع نظرة النازيين الى هذا المجتمع، كما انهم وقفواً مطولاً عند واقع ان ذلك الفيلم نفسه - على رغم فرنسيته الخالصة - انما أُنتج من شركة «كونتيننتال» الخاضعة للسيطرة الألمانية، لأن أياً من منتجي السينما الفرنسية في ذلك الحين لم يجرؤ على - أو لم يرد - انتاجه، وفق تعبير الباحث روجيه ريجان الذي قال حرفياً: «بما ان أي منتج فرنسي لم يعد قادراً أو راغباً في استثمار أمواله في مثل ذلك الفيلم بين عامي 1940 - 1943، لم يجد مخرج هذا الفيلم سوى شركة «كونتيننتال» تموّله. أما الرقابة الفرنسية المتعاونة مع الألمان، فإنها لم تتدخل من أجل منع الفيلم، وبالتحديد لأنه كان من انتاج تلك الشركة الألمانية». [1]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نبذة

الفيلم المعني هنا هو  «الغراب»، أما المخرج فهو هنري - جورج كلوزو، الذي يستحيل مع هذا وصمه بالتعاون مع الألمان. فالرجل لم يكن نازياً ولا قريباً من النازيين. كان سينمائياً يعرف كيف يرصد الواقع الاجتماعي وكيف يندد باستشراء النفاق والفساد فيه. وبالنسبة اليه كان من الضروري قول الحقيقة في كل مرة يبدو هذا ممكناً، بصرف النظر عن الظروف الموضوعية. وفيلمه «الغراب» لم يكن فيه، في حقيقة الأمر ما يدعو الى الفكر النازي، أو يناصر الاحتلال الألماني. كل ما في الأمر ان منتقديه رأوا خطأ توقيته: ما كان عليه أن يكون قاسياً مع مجتمع بلاده وشعب بلاده، في وقت يستشري الاحتلال الألماني ويهيمن على مقدّرات هذا الشعب ويضطهده، أو يذّله باحتلاله وممارساته.

من الناحية الظاهرية، يعتبر فيلم «الغراب» الذي حقّق في العام 1943 فيلماً بوليسياً. ذلك أن موضوعه بوليسي، وجوّه بوليسي، وأسلوب التشويق المهيمن عليه أسلوب بوليسي. غير ان المقلق في ذلك الفيلم انه، على خلفية ذلك النسيج السينمائي الخالص، جاء يرسم صورة شديدة السوداوية وشديدة اللؤم، للمجتمع الفرنسي... ولا سيما في مناطق ريف فرنسا. ذلك أن أحداث الفيلم تدور في بلدة ريفية صغيرة من النوع الذي يعتبر عادة داخل الداخل في الوطن الفرنسي، أي المكان الذي تصنع فيه الايديولوجيا الوطنية الفرنسية خارج اطار أية تأثيرات خارجية. ومن الواضح ان هذا الواقع نفسه، كان قادراً على أن يمسّ العنفوان الفرنسي في صميمه، ويدفع الى اعتبار هنري - جورج كلوزو، متواطئاً يريد تلطيخ سمعة فرنسا كلها. وطبعاً، سيقول كلوزو لاحقاً انه أبداً لم يسع الى ذلك. وانه انما أراد فقط أن يصور حالات اجتماعية، وأن تصويره تلك الحالات لم تكن الغاية منه، على الاطلاق، مدّ الاحتلال بعون فكري يساعده في الهيمنة على الفرنسيين وفي إذلالهم. طبعاً، في البداية ووجه ردّ كلوزو هذا بقوة... ولكن مع مرور الزمن بدا مقنعاً بالتدريج وأُعيد اليه اعتباره، وراحت أفلامه التالية تلقى رواجاً وتحبيذاً، من دون أن يتخلى هو بالطبع عن نظرته اللئيمة والفاضحة لأخلاقيات أهل بلده.

غير ان هذا كله لن يبدو واضحاً إلا لمن يتفرس في «الغراب» بإمعان ودقة. وتلك نقطة تسجل لمصلحة فيلم مثل هذا يبدو، للوهلة الأولى، قادراً على اعطاء الأولوية لموضوعه السينمائي الخالص. والموضوع هنا يدور، منذ البداية، حول طبيب يعمل في بلدة ريفية فرنسية صغيرة، يتلقى ذات يوم رسالة تتهمه بأنه يمارس الإجهاض الممنوع قانوناً، في شكل سري. وسيتبين على الفور ان هذه الرسالة ليست سوى الأولى في سلسلة رسائل ستزداد شراسة ولؤماً، رسالة بعد الأخرى، وتصل تباعاً الى أعيان تلك البلدة، ما يزرع القلق ثم الرعب، ثم الاتهامات المتبادلة بين هؤلاء. ذلك ان كلاً منهم سيتّهم الآخر بأنه هو مرسل تلك الرسائل، لغايات وأسباب يكون من أمر افتضاحها أن يضع البلدة كلها وسط معمعة وضع أخلاقي لا تحسد عليه. إذ ان تراكم الرسائل وردود الفعل عليها، سيقول لنا ان الكلّ هنا متّهم ومدان. الكل مخطئ وخاطئ. وان الأخلاق العامة، ليست سوى أقنعة تخفي وراءها ما تخفيه. أما الرسائل نفسها، والتي تحيّر السكان جميعاً، ولا يتوفّق أي منهم طوال زمن عرض الفيلم في الكشف عن مرسلها أو مرسليها، فإنها موقّعة دائماً بـ «الغراب»، وهو، كما نعرف، اسم طائر شؤم ما إن يراه الناس حتى يتطيّروا. ورسائل الغراب هذه تنهمر كالمطر، من بعد وصولها الى الطبيب الذي تحدثنا عنه (وهو الشخصية الرئيسة في الفيلم، والذي يبدأ تحرياته ويواصلها طوال الفيلم)، إذ ها هي تصل الى زوجة مدير المستشفى، فالطبيب الرئيس، فمسؤول المحاسبة، ثم تصل الى مدرّس... بل حتى الى مريض مصاب بالسرطان ويبدو الموت مقترباً منه لا محالة... وكل رسالة تأتي لتوجّه الى المرسل اليه اتهامات من الواضح انها صحيحة، تتمحور حول تهم وخطايا وأخطاء، من الصعب أن يعرفها أحد غيره. وهذا ما يزيد الطين بلة. وعند اقتراب الفيلم من آخره، يدور الشك من حول ممرضة، ما إن يبدأ هذا الشك فيها حتى يتدافع أهل البلدة يريدون سحلها وقتلها... وهنا عند هذه النقطة يكون الدكتور جرمين، قد عرف الفاعل: انه زميله الدكتور فورزيه... غير ان انكشاف أمر هذا الأخير، لا يغيّر الأمور كثيراً... فالبلدة بعد الفضيحة الجماعية لم تعد هي هي البلدة قبلها.


وهذا الفضح الأخلاقي هو، بالطبع، ما جعل هنري - جورج كلوزو يتّهم بالترويج لدعاية معادية لفرنسا، أي مؤكّدة لنظرة الألمان اليهم. غير ان كلوزو تمكن، كما أشرنا، من الإفلات من قبضة لجان التطهير، التي راحت تطاول «المتعاونين» بعد التحرير، وهو واصل مسيرته السينمائية، في أفلام غلب على معظمها ذلك الطابع البوليسي الذي ميّز أعماله، ولكن دائماً على خلفية نظرة سوداء، سيرى الدارسون لاحقاً انها «في نهاية الأمر نظرة ميتافيزيقية أكثر منها سياسية». ومن الناحية السينمائية تميّزت أعمال كلوزو (1907 - 1977) بتفوق تقني كبير، ولكن خصوصاً بالاستناد الى كتابة سيناريو متمكنة، تشهد على هذا أفلام اخرى شهيرة له مثل «القاتل يقطن الطابق 21» و «الشياطين» (الذي اقتبسه المصري فاروق عجرمة في لبنان تحت عنوان «حب من نار»، كما اقتبسته هوليوود قبل سنوات في فيلم حمل العنوان نفسه، من بطولة شارون ستون وإيزابيل آدجاني) ثم «الجواسيس» و «بيكاسو الغامض» (الذي يعتبر من أفضل الأفلام التسجيلية التي حققت حول الفنان الكبير).


فريق العمل

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ ابراهيم العريس (السبت ٧ يوليو ٢٠١٢). "«الغراب» للفرنسي كلوزو: سينما قاسية في ظلّ هزيمة". دار الحياة. Retrieved 15/7/2012. {{cite web}}: Check date values in: |accessdate= and |date= (help)

وصلات خارجية