الأمراض الوعائية المرتبطة بالداء السكري

الأمراض الوعائية المرتبطة بالداء السكري ، يتعرض المرضى السكريين إلى مضاعفات وعائية عديدة. ويجري البحث في علم الأدوية عن علاجات يمكن أن تنشط تشكيل أوعية جديدة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مرض السكر

يقدر عدد المرضى السكريين في العالم بنحو 195 مليونا ، وبذلك يكون العدد قد تضاعف ست مرات خلال الخمس عشرة سنة الماضية. وإن صحّت توقعات الاتحاد الدولي للداء السكري ، فسيكون هناك 330 مليون مريض سكري بحلول عام 2025. وأمام هذه الزيادة، نستطيع أن نتكلم عن وجود وباء في الدول المتقدمة في أوروبا وشمال أمريكا ، وكذلك في الدول النامية، كالهند والبلاد الآسيوية. وليست فرنسا بمعزل عن هذا الوباء، إذ تضم نحو ثلاثة ملايين مريض سكري.

إن الأسباب الرئيسية لهذه الزيادة هي النمو السكاني وزيادة متوسط الأعمار وكذلك العادات الغذائية الحديثة (الطعام الغني بالدهون والسكريات) ونقص المجهود البدني (حياة المدينة والرفاهية). إن الداء السكري خطير، وإذا لم يعالج فإنه يسبب كثيرا من الأمراض وبخاصة للأوعية الدموية. إن الأمراض الوعائية اليوم هي السبب الرابع للوفاة في معظم الدول المتقدمة، وذلك بسبب الإصابات القلبية وكذلك الإصابات الوعائية الدماغية. ففي تلك الدول يعتبر الداء السكري السبب الرئيسي للإصابة بالعمى، وبتر الأطراف السفلية فضلا عن القصور الكلوي. ولا بد أن نتساءل لماذا يكون للزيادة غير الطبيعية في تركيز سكر الدم، وهي العلامة المختبرية الأساسية للمرض، هذا التأثير الخطير في النسيج الوعائي عند المرضى السكريين؟ بعد أن نستذكر مظاهر الفيزيولوجيا المرضية physiopathology سنبين آلية تأثير السكر الزائد في الدم وخلقه جسورا جزيئية بين الپروتينات في جدران الأوعية، وهذا يؤدي إلى تصلبها وعدم تمكنها من التكيف مع تغيرات الضغط الشرياني والتدفق الدموي والتي نلاحظها عادة خلال التمارين العضلية. وسنرى كيف تؤثر هذه الجسور في منع تشكيل أوعية دموية جديدة في بعض النسج، الأمر الذي يؤدي إلى نقص الأكسجين وتموُّت النسج. وفي النهاية نشير إلى معالجات جديدة تحطم هذه الجسور وتقلل من خطر الأذيات الوعائية عند المرضى السكريين وتسمح للنسيج الوعائي بالتجدد.

ما الداء السكري؟ إنه اضطراب في امتصاص واستخدام وتخزين السكر الذي يأتي من الأغذية. فخلال الهضم تتحول الأغذية بشكل جزئي إلى السكريات، التي تعتبر أساسية للاستقلاب (الأيض) في خلايا الكائن الحي. وبعد اجتياز السكر جدار الأمعاء يدخل في الدوران الوعائي، وهذا يؤدي إلى زيادة سكر الدم. هذه الإشارة تلتقطها خلايا الپنكرياس من النوع بيتا في جزر لنگرهانس Langerhans، وهي التي تفرز هرمون الأنسولين. إن وجود الأنسولين في الدم تشعر به خلايا الكبد والعضلات والنسج الشحمية (الدهنية)، وتبدأ باستهلاك الگلوكوز أو بتخزينه لاستخدامه لاحقا. وتؤدي هذه الآليات المختلفة إلى عودة سكر الدم إلى مستواه الطبيعي.


يتميز الداء السكري بزيادة گلوكوز الدم الذي تختلف درجته بين المرضى. إن هذا السكر هو المصدر الأساسي للطاقة، ولكن عند وجود كمية تتجاوز 1.26 غرام من الگلوكوز في لتر الدم (مقيسا في حالة الصيام، أي على الريق) يعتبر المريض مصابا بالداء السكري. وينظم الأنسولين تركيز السكر في الدم بحدود 1 غرام في اللتر. وعندما يكون الأنسولين غير كاف أو غير فعال يظهر الداء السكري. وهناك نمطان من الداء السكري: النمط الأول المعتمد على الأنسولين، والنمط الثاني غير المعتمد على الأنسولين. والعلامات الأولى التي تستحضر الداء السكري هي العطش، والشعور المتكرر بالحاجة إلى التبول، وشعور مبالغ فيه بالجوع.

تصاب بعض الأوعية الدموية بالانسداد أحيانا ولا سيما بسبب تجمع الدهون في طبقتها الداخلية. هذه التجمعات تسمى اللويحات العصيدية. إضافة إلى ذلك، هناك حالة التهابية ترافق تشكل تلك اللويحات التي تغطى لاحقا بطبقة ليفية غنية بألياف الكولاجين، وهكذا ينقص قطر الشريان. يمكن أن تصبح اللويحة العصيدية غير ثابتة. يتفسخ الغطاء الليفي وينحتُّ وبذلك توضع الطبقة النشيطة في اللويحة العصيدية (التي تساعد على تكون الخثرات الدموية) في تماس مع الدم. وهذه الخثرة الدموية تؤدي في النهاية إلى انسداد الشريان بشكل كامل، ونتيجة لذلك تصبح المناطق المغذاة بهذا الشريان محرومة من الأكسجين. وعند الأشخاص غير السكريين تتشكل نتيجة لذلك أوعية دموية جديدة، وهذا يؤدي إلى تحسن الوارد من الأكسجين إلى المنطقة التي تشكو من نقص التروية. في المقابل عند مريض السكري، فإن الية تشكل الأوعية الجديدة تكون ضعيفة الفاعلية، بل قد تكون معدومة تماما.


إن الداء السكري من النمط الأول يسمى الشبابي أو النحيف ، حيث إنه يصيب الشباب. هذا النوع يؤلف نحو 10 في المئة من حالات الداء السكري، ولكن مع زيادة عدد المصابين بالداء السكري بشكل عام فإن نسبة النوع الأول تبقى ثابتة بالنسبة إلى تعداد السكان. ويعالَج النمط الأول مباشرة بالأنسولين، حيث إن هؤلاء المرضى لا يصنعون الهرمون كليا أو جزئيا، إذ إن خلايا بيتا في جزر لانگرهانس التي تولد الأنسولين قد جرى تخريبها من قِبَل الجهاز المناعي للمريض (ولهذا يسمى مرضا مناعيا ذاتيا.)

إن الداء السكري من النمط الثاني (الذي يصيب نحو 90 في المئة من المرضى السكريين)، والذي يدعى السكري غير المعتمد على الأنسولين (أو الدهني أو الكهلي)، يحدث غالبا في سن الخمسين ويصيب البدينين؛ ويقدر أن نحو 80 في المئة من المصابين بالداء السكري من النمط الثاني هم بدينون. وعند هؤلاء، تمثل الكمية الكبيرة من الحموض الدهنية المختزنة في النسج الشحمية (الدهنية) المصدر الأساسي للطاقة بالنسبة للخلايا المختلفة وبخاصة خلايا العضلات. إن زيادة الدهون تؤدي إلى عدم استهلاك الگلوكوز، الذي يزداد تركيزه في الدم. وعندما لا يُنتَج الأنسولين بكمية كافية أو لا يكون فعالا، يزداد تركيز السكر في الدم. إن الأنسولين يصبح غير فعال إلى حد كبير عند المرضى المصابين بالبدانة، على الرغم من أنه يفرز بالكميات المعتادة نفسها، بل قد يُفرز بكميات أكبر. إن هؤلاء الأشخاص البدينين المقاومين للأنسولين يصبحون مرضى بالداء االسكري. وتبقى آلية المقاومة للأنسولين صعبة التفسير. وتشير اكتشافات حديثة إلى أن النسج الدهنية لدى المصابين بالبدانة والداء السكري تُنتِج سيتوكينات cytokines (هرمونات تؤثر موضعيا)، وهذه تؤدي بدورها إلى نقص في إنتاج مادة الأديپونكتين adiponectine، وهو الجزيء الذي يجعل خلايا الكائن الحي حساسة للأنسولين

تتميز جدر الأوعية بالمرونة. وعندما نقوم بجهد بدني تحتاج العضلات إلى كمية إضافية من الأكسجين، ويزداد التدفق الدموي. وفي الحالة السوية تبدي جدر الأوعية مرونة كافية تسمح بتوسع الأوعية في حال زيادة التدفق الدموي، ويبقى ضغط الدم ثابتا تقريبا، وهذا يؤدي إلى زيادة عمل القلب والنتاج القلبي (الحجم الفعال الذي يقذفه البطين في وحدة زمنية)، وفي هذه الحالة لا تلاحظ ضخامة في عضلة القلب (a و b). وفي المقابل عند المرضى السكريين تتصلب جدر الأوعية بسبب گلوزة ألياف الكولاجين. وهذه الألياف التي تشارك في مرونة الأوعية تتصلب بسبب الجسور الجزيئية البينية التي تكونها روابط تشاركية. وكذلك نلاحظ ترسب الكالسيوم على شكل لويحات في الفضوات بين الخلايا. إن الگلوزة والتكلس يفقدان الشرايين مرونتها. وخلال الجهد يزداد العمل الذي يقوم به القلب بشكل كبير، وتتضخم العضلة القلبية (c).


تأثيرات مخربة

يبقى تركيز السكر في الدم عاليا باستمرار في نمطي الداء السكري، وهذه الزيادة تؤدي إلى تأثيرات مخربة في الجهاز الوعائي. فجُدُر الشرايين تفقد مرونتها وتتوقف بطانتها عن إنتاج العوامل الحركية الوعائية (التي تؤدي إلى تقبُّض الأوعية وتوسعها). وهذه التغيرات تترافق مع زيادة عدد الخلايا العضلية الملساء في جدر الأوعية، وترسب الدهون في تلك الجدر (تتجمع الدهون والكولسترول cholesterol مشكِّلةً لويحات عصيدية تتنامى وتهدد بسد الأوعية الدموية)، وتؤدي إلى تغير في تركيب المادة الأساسية خارج الخلوية extracellular matrix (يترسب الكالسيوم على المادة الأساسية خارج الخلوية ذات الكثافة الزائدة، وهذا يؤدي إلى تصلب جدر الأوعية). وإضافة إلى هذا، فإن المرضى السكريين، خاصة عندما لا يضبطون مستوى السكر في دمهم على نحو جيد، يكون لديهم تركيزات عالية في الپروتينات الدهنية المنخفضة الكثافة (LDL) وتركيزات منخفضة في الپروتينات الدهنية العالية الكثافة (HDL). ولهذا يُنقل «الكولسترول الجيد (الحميد)» بوساطة الپروتينات الدهنية ذات الكثافة العالية. ويشكل تركيزه الضئيل عاملا يساعد على ترسب اللويحات العصيدية، ومن ثم حدوث تصلب الشرايين.


إن تصلب الأوعية الدموية الناتج من الدهون ومن قساوة الجدر آليتان حيويتان ترافقان الشيخوخة الطبيعية للنسج؛ بيد أن هذه الشيخوخة تكون متسارعة لدى المرضى السكريين. ومثال على ذلك: إن إصابة الشرايين الكبيرة تظهر في وقت أبكر وتكون أذياتها أكثر انتشارا وخطورة في المرضى السكريين، كما أن النساء المصابات بالداء السكري يمكن أن يشتكين من مشكلات وعائية قبل الإياس (سن اليأس). وفي المقابل، فإن النساء غير السكريات نادرا ما يشتكين من هذه المشكلات قبل هذه السن.

إن التكلسات الشريانية هي أيضا أكثر انتشارا عند المرضى السكريين، ويمكن أن تتوضع تلك الترسبات في اللويحات العصيدية أو الطبقة المتوسطة في الجدر الشريانية، وهي طبقة غنية بالألياف العضلية الملساء وبالمادة الأساسية الليفية. إن الأذيات العصيدية عند السكريين تكون محيطية وتصيب الشرايين من القياس الأصغر مقارنة بالمصابين بتصلب الشرايين ومن غير مرضى السكري. وكذلك فإن الأذيات الشريانية تتوضع بشكل خاص في شرايين الساق والقدم. في عام 1999 أظهرت دراسات لمجموعتي كل من< A .ريڤار> [من كلية الطب بجامعة تفتس في بوسطن] و<J. إسنر> [من جامعة ديوك في دَرَم بكارولينا الشمالية] وجود نقص في عامل النمو في البطانة (عامل النمو للبطانة الوعائية Vascular Endothelial Growth Factor أو VEGF اختصارا)، وذلك في العضلات التي تبدي نقصا في التروية عند الفئران المصابة بالداء السكري. إن نقص عامل النمو يؤدي إلى عدم تجدد الأوعية والشعيرات الدموية في النسج الوعائية المصابة.

إن توليد أوعية جديدة يمثل تفاعل الكائن الحي مع نقص الأكسجين، حينما تعجز الأوعية التي تغذي نسيجا ما عن تزويده بالأكسجين الكافي. وعندما تُحرم النسج من الأكسجين (a) فإن خلايا البطانة (الجدار الداخلي للأوعية الدموية) تنتج عوامل نمو وإنزيمات (الپروتيازات المعدنية) تهضم جدر الأوعية (b). وعندما يصبح الطريق ممهدا لانبثاق وعاء جديد فإن خلايا أرومية (مولدة للخلايا البطانية) تستعمر النسيج الذي يعاني الإقفار وتشكل انغمادا invagination وتنمو داخله (c). ولدى المرضى السكريين تكون الپروتيازات المعدنية غير كفؤة، فالإنزيمات لا يمكنها تقويض الجدار الوعائي، وهكذا، ليس هناك ما يطلق نمو الأوعية الجديدة. وبسبب عدم تزويده بالأكسجين الكافي، يتنخر النسيج، ويلزم بتر إحدى أصابع القدم أو جزء من الطرف السفلي المصاب لتفادي انتشار الغرغرينة.

عندما تكون الإصابة الوعائية شديدة فإن النسج المحيطة بها تحرم من الأكسجين وتتنخر. وفي البداية، تؤدي اضطرابات التروية في الطرفين السفليين إلى أعراض بسيطة (قدم باردة، صعوبة شفاء الجروح)، ومن ثم إلى عرج متقطع وتقرحات، بل وإلى غرغرينة، قد تتطلب بتر الأطراف المصابة، وغالبا ما تبدأ بإحدى الأصابع ومن ثم قد تشمل كامل الطرف (نحو 8500 عملية بتر سنويا في فرنسا بسبب الداء السكري).


وفي المقابل نلاحظ زيادة في عامل النمو في الشبكية عند المصابين بالداء السكري، وهذا يؤدي إلى تكاثر الأوعية الدقيقة والشعيرات. إن هذا الاعتلال في الأوعية الدقيقة يسبب حدوث العمى عند 500 إلى 1000 مريض سكري كل عام في فرنسا. ويَنْتج اعتلال الشبكية المرتبط بالداء السكري من تكاثر الأوعية في الشبكية في محيط منطقة مركزية ناقصة الأكسجة، إذ تتخرب خلايا البقعة macula (المنطقة المركزية من العين التي تسمح بالرؤية الدقيقة)، كما أن المنبهات الضوئية لا تنتقل بشكل فعال إلى المستقبلات (المخاريط والعصيات) المتوضعة في المنطقة الخلفية من الشبكية. وإضافة إلى ذلك تفقد العدسة شفافيتها وتتصلب بسبب ظاهرة تسمى الگلوزة(2) glycosylation سنذكرها لاحقا.

إن اعتلال الأوعية الدقيقة بسبب الداء السكري يتميز أيضا بازدياد في سمك الغشاء القاعدي للشعيرات وترسُّب الپروتينات السكرية خارج الأوعية. ومن المفارقة، أن عددا من المرضى السكريين يصاب بحالات من نقص أنسولين الدم في حال تناولهم حقن الأنسولين. إن الأنسولين هو عامل للنمو النسيجي، يقوي من تأثير عوامل التكاثر الداخلية المنشأ. فقد ينجم عن الأنسولين تكاثر الخلايا وزيادة التصلب في الأوردة والشرايين، ومن المحتمل أن يسهم الهرمون في إحداث مضاعفات الداء السكري من خلال تأثيره في نمو خلايا العضلات الملساء وتكاثرها، وهذا بدوره يسرع الحالة التصلبية ويفاقمها.

تفاعلات الگلوزة: إن سكريات الدم وبخاصة الگلوكوز تتفاعل مع مجموعة الأمين (NH2) في الپروتينات. وفي خلال ساعات تتشكل عائلة أولى من الجزيئات، تعرف باسم قواعد شيف Schiff,s bases. وخلال عدة أيام تجتمع هذه الجزيئات لتعطي جزيئات أخرى تسمى منتجات الأمادوري. وبارتباط هذه الجزيئات بعضها ببعض تعطي خلال أسابيع المنتجات النهائية للگلوزة (وهي هنا FFI و CML والپنتوسيدين).

إن اعتلال الأوعية الدقيقة يؤدي دورا كبيرا في الإصابات الكلوية والعينية عند المرضى السكريين. فالكلية والعين من الأعضاء الغنية بالشعيرات بصفة خاصة. وإصابة الشعيرات تمنع الكلية من القيام بالتصفية الدموية، وهذا يؤدي إلى الحاجة إلى التنقية الدموية بصفة منتظمة باستخدام الدِّيال (الديلزة dialysis [عملية الغسيل الكلوي]). ويؤدي اعتلال الأوعية الدقيقة أيضا إلى اعتلال الأعصاب السكري diabetic neuropathy. إن الأعصاب المحيطية تتغذى من الأوعية الشريانية الصغيرة التي يبلغ قطرها عشرات الميكرونات. وإصابة هذه الشُّرَيْنات المغذية تسبب نقص التروية الدموية في الألياف العصبية والنسج المحيطة؛ فلا يعود مريض السكري يشعر بأطرافه السفلية، ويمكن أن يصاب بجرح بليغ دون أن يشعر به. وفي النهاية، تتأذى الشرايين، وهذا يمكن أن يؤدي إلى احتشاء في العضلة القلبية وحوادث وعائية دماغية.


عندما نكتشف الداء السكري عند أحد الأشخاص نجهل تاريخ بدء المرض ولا نستطيع أن نقيم الخسائر التي أحدثها ارتفاع سكر الدم قبل التشخيص. نحن نعلم أن إصابة الأوعية الصغيرة هي أشد وضوحا كلما كان الداء السكري قديما. وحتى إن كنا نستطيع أن نحدث تراجعا في الشذوذات النسيجية أو الوظيفية التي حصلت فإن السيطرة على سكر الدم تؤخر تفاقم الأذيات في الجملة الوعائية، وتؤدي إلى ارتفاع احتمالات البقيا عند المرضى. وكلما كان علاج الأشخاص السكريين مبكرًا استطعنا أن نحافظ على الشعيرات والأوعية الدموية لديهم، ولذلك ندرك تماما أهمية التشخيص المبكر للداء السكري. وفي فرنسا يُقدر بأن 500 ألف شخص هم سكريون بدون علمهم وسوف يشكون من مضاعفات وعائية كان بالإمكان الوقاية منها. علينا أن نتذكر أن الداء السكري ليس عامل الخطورة الوحيد للجملة القلبية الوعائية، ولكنه يضاف إلى البدانة وارتفاع الضغط (فرط التوتر الشرياني) والتدخين ـ وجميعها عوامل خطورة مهمة يجب أن تعالج لذاتها.

شذوذات وعائية

تنتج الخلايا العضلية الملساء الموجودة في جدر الأوعية ألياف الكولاجين التي تؤمن متانة الشرايين. وعندما تكون هذه الجدر في حالة الراحة (a)، تكون شبكة الكولاجين مرتخية. وعندما يزداد الضغط الشرياني تتوضع الألياف بشكل متواز (b). وعند مريض السكري، يقوم السكر الزائد بإنتاج جسور قاسية بين ألياف الكولاجين (c) وتتصلب جدر الأوعية.

لقد شرحنا دور عوامل النمو والأنسولين في تكاثر الأوعية الصغيرة ومخاطر تصلب الشرايين الناتج من فرط الدهون المرافق. ولنتكلم الآن عن الأذيات في جدر الأوعية وخاصة تلك الناتجة من زيادة السكر. إننا نلاحظ تغيرا في قدرة تلك الأوعية على إنتاج عوامل الإرخاء العضلي: أحادي أكسيد النتروجين، والپروستاسيكلين prostacycline الذي تنتجه خلايا البطانة الشريانية، والذي يعتبر مثبطا قويا يمنع تجمع اللويحات. هذان العاملان يسمحان بارتخاء جدر الشرايين، ومن ثم زيادة قطر الشرايين في الأعضاء عندما تكون بحاجة إلى زيادة في التدفق الدموي. هذه الجزيئات المرُخِيَّة (المسببة للارتخاء) هي من العوامل الفيزيومرضية physiopathologic الأساسية في اعتلالات الأوعية الكبيرة والصغيرة عند المرضى السكريين، وعندما يعمل الشريان بشكل صحيح يكون باستطاعته أن يغير قطره لزيادة أو إنقاص التدفق الدموي للأعضاء بحسب حاجتها، لكن عند المصابين بالداء السكري فإن خلايا الأوعية لا تستطيع أن تنتج العوامل المُرْخِية، ومن ثم لا تستطيع الشرايين أن تغير أقطارها، ويجب على القلب أن يقوم بعمل إضافي لتغذية الأعضاء بالدم. وفي معظم الأحيان يتضخم القلب عند المرضى السكريين لكي يؤمن هذا العمل الإضافي (انظر الشكل 2). إن الخلل الوظيفي الذي يصيب الخلايا البطانية يؤدي إلى زيادة في إنتاج الجذور الحرة السامة للخلايا. وفي الواقع إن زيادة تركيز الگلوكوز في الوسط خارج الخلايا وداخلها تخل بالتوازن ما بين الجزيئات المؤكسِدة ومضادات التأكسد. إن الجزيئات الكبيرة مثل الپروتينات الدهنية والدنا DNA، وخاصة في خلايا جدر الأوعية تتأذى بسبب الجذور الحرة.

وإلى جانب الجذور الحرة المؤكسِدة توجد جزيئات أخرى هي المنتَجات النهائية لعملية الگلوزة Advanced Glycation Endproducts أو AGEs اختصارا؛ وهذه تؤدي دورا أساسيا في الأمراض الوعائية المرتبطة بالداء السكري. إن هذه المنتجات تؤدي إلى تفاعلات أكسدة واختزال للپروتينات والدهون والدنا بوساطة الگلوكوز. وللسكريات تأثير مختزِل يؤدي إلى إنشاء روابط تشاركية covalent [وغير عكوسة تقريبا] بين المجموعات الأمينية في أكثر الجزيئات الحيوية وجزيئات السكر. وترافق هذه الظاهرة الشيخوخة الطبيعية، ولكنها تكون متسارعة بشكل واضح عند الأشخاص السكريين بسبب التراكيز العالية للگلوكوز في النسج.

إن المنتجات النهائية للگلوزة تبدي بِنيً مختلفة، حيث إن الجزيئات الحيوية التي تتعرض إلى تأثير الأكسدة والاختزال تختلف فيما بينها. فالهيموگلوبين يتعرض إلى عملية گلوزة، وهذا يعطي مؤشرا حيويا إلى المعالجة الجيدة للداء السكري، إذ يرتبط الهيموگلوبين بجزيء الگلوكوز من خلال الڤالين valine، وهذا يشكل مرحلة من مراحل تكون المنتجات النهائية للگلوزة. إن تركيز الهيموگلوبين المگلوز يعكس مدى فرط سكر الدم. ومن الأهمية بمكان أن يكون ارتفاع السكر في الدم قد حصل في غضون الأشهر الثلاثة السابقة على القياس (لأن خلايا الدم الحمر تتجدد جميعها كل 3 أشهر، ولا يمكن أخذ فكرة عن فرط سكر الدم على مدى فترة أطول من 3 أشهر.

إن تغير لون النسج إلى الأصفر المائل للبني وكذلك تغير خواصها الميكانيكية، هما عاملان يميزان وجود المنتجات النهائية للگلوزة في النسج. إن تشكل الجسور بين الجزيئات البيولوجية الكبيرة يغير من خواصها الفيزيائية والكيميائية وبخاصة في النسج الطرية (جميع النسج ما عدا العظام). وذلك جرت دراسته بشكل خاص في المادة الأساسية خارج الخلوية في جدر الشرايين التي تفقد ليونتها عندما تكون الجسور التشاركية التي تصل جزيئات الكولاجين (مُولِّد الغراء) collagen عديدة. إن هذه الروابط التشاركية تمنع جزيئات الكولاجين من الانزلاق أحدها على الآخر؛ وهذا الانزلاق هو الذي يسمح عادة بتمطط جدر الشرايين. أما الجدر الغنية بالمنتجات الانتهائية للگلوزة فهي جاسئة في العادة، وهذا يؤدي إلى ارتفاع الضغط الشرياني.

نتائج ربط الشريان الفخذي في الساق اليسرى لفأرة غير مصابة بالسكري (a و b) ولفأرة سكرية (c و d). سُجِّل التدفق الدموي في الجلد بوساطة تقنية قياس السرعة بالدوپلر الليزري، وتشير الصور إلى الإرواء الجلدي في الأطراف السفلية بعد يوم واحد (a و c) وفي اليوم 28 (b و d) بعد الربط. تشير الألوان الحمراء والصفراء والبرتقالية إلى تدفق دموي قوي. وتشير الألوان الخضراء الزرقاء إلى تدفق ضعيف أو ضعيف جدا. لقد أصبح الإرواء في الساق اليسرى للفأرة غير السكرية شبه طبيعي بعد أربعة أسابيع من الربط الشرياني. أما عند الفأرة السكرية فقد بقي التدفق الدموي ضعيفا بسبب عدم تشكل أوعية جديدة.

من الممكن منع تشكل المنتجات النهائية للگلوزة، بل أمكن مؤخرا تحطيم الجسور الموجودة من قبل بين الجزيئات الكبيرة التي تمت گلوزتها. إن الأمينوگوانيدين aminoguanidine، وهو أحد مركبات الهيدرازين hydrazine يتفاعل بشكل خاص مع الجزيئات الحيوية التي لها دور في تفاعلات الگلوزة، ويمنع تشكل المنتجات النهائية للعملية بوجود تراكيز عالية من الگلوكوز. هذا ويتثبت الأمينوگوانيدين على مركبات وسطية في تفاعل الگلوزة ويمنعها من التفاعل مع جزيئات الكولاجين في الجدر الوعائية. إن العلاج الطويل الأجل للحيوانات المصابة بالداء السكري بوساطة الأمينوگوانيدين لا يغير مستوى سكر الدم أو يوقف تطور الداء السكري، ولكنه يمنع تجمع المنتجات النهائية للگلوزة في النسج.


في عام 1993 أوضحنا أن شرايين الحيوانات المصابة بالداء السكري تكون متصلبة على نحو غير طبيعي، ويعزى هذا التصلب إلى وجود الپروتينات السكرية في المادة الأساسية خارج الخلوية في جدر الشرايين، وبصفة خاصة إلى وجود جسور تشاركية مستقرة بين ألياف الكولاجين والطبقة الشريانية المتوسطة. إن الجسوء غير الطبيعي في الأبهر وفي الشرايين الكبيرة يكون مسؤولا عن زيادة المقاومة في الجملة الشريانية وعن الحمولة الزائدة على القلب لتأمين التدفق الدموي في الجملة الشريانية. وعلى الأمد البعيد (عدة أسابيع عند القوارض)، فإن هذه الزيادة في عمل البطين الأيسر تؤدي إلى تضخم القلب، وهذا يشكل عامل خطورة في زيادة الوفيات بسببٍ قلبي أو وعائي. إن إعطاء الأمينوگوانيدين لفترات طويلة لهذه الحيوانات المصابة بداء السكري لا يغير تطور هذا المرض (يبقى سكر الدم مرتفعا)، ولكنه يمنع گلوزة جدر(3) الشرايين، وبذلك يحول دون حدوث تغيرات في صفاتها الميكانيكية. ونشير هنا إلى أن الحيوانات المصابة بالداء السكري والتي لم تتشكل لديها جسور بين الجزيئات الكبيرة بوساطة الأمينوگوانيدين تكون لديها مقاومة أبهرية طبيعية ولا تبدي تضخما قلبيا.


لكن الأمينوگوانيدين سام للكبد ولا يمكن إعطاؤه للإنسان. في المقابل، هناك جزيئات يتحملها الإنسان بشكل أفضل ويمكنها كسر الجسور التشاركية للمنتجات النهائية للگلوزة، والإقلال من تراكيزها في النسج. لقد طبقنا على الحيوانات المصابة بالداء السكري إحدى تلك المواد (3-phenacyl-4.5 dimethylthiazolium chloride)، التي تدعى «محطمة المنتجات النهائية للگلوزة». وعند الفئران المصابة بالداء السكري كانت ثلاثة أسابيع من المعالجة كافية لإعادة الخصائص الميكانيكية الطبيعية للشرايين. وفي عام 2001 أعاد فريق< P . ڤايتكي ڤيسيوس> [من مختبر بحوث الشيخوخة في المعهد الأمريكي للصحة] تلك التجارب وأعطى المادة AGE breaker «محطمة المنتجات النهائية للگلوزة» لقرَدَة من النوع ريزوس rhesus عمرها 21 عاما. وقد لوحظ أن قساوة الأبهر التي كانت شديدة عند هذه الحيوانات المسنة التي تتمتع بصحة جيدة، عادت إلى الطبيعي بعد ستة أسابيع من المعالجة. إن القياسات القلبية بوساطة الموجات فوق الصوتية سمحت، إلى جانب هذا، بإظهار زيادة متوازية في قدرة القلب على الامتلاء (المرونة الانبساطية للبطين الأيسر). إن هذه الحجرة القلبية يجب أن تمتلئ خلال الانبساط (مرحلة الاسترخاء القلبي) حتى تستطيع أن تفرغ محتواها بشكل فعال خلال التقبض التالي. وخلال الشيخوخة الفسيولوجية، وفي مرحلة مبكرة عند المرضى السكريين يتوسع البطين الأيسر في مرحلة الاسترخاء، بأقل من التوسع الطبيعي ويمتلئ بشكل غير كاف. إن تناقص تراكيز المنتجات النهائية للگلوزة في جدر القلب يحسن المطاوعة ويسمح بوظيفة تقبضية بطينية أفضل.


لقد أُعطِي 62 مصابا بالداء السكري، تتجاوز أعمارهم الخمسين عاما ولديهم فرط في التوتر الشرياني، المادة AGE breaker خلال شهرين، وهذا أدى إلى انخفاض واضح في قساوة الأبهر والضغط الشرياني الانقباضي. وهنا تكمن استراتيجية مبتكرة واعدة في معالجة بعض التغيرات القلبية الوعائية المرتبطة بالداء السكري والشيخوخة.

إعادة التجدد الوعائي

يرتبط أحد المضاعفات الأساسية للداء السكري من النمطين الأول أو الثاني، كما ذكرنا سابقا، بوجود اضطرابات في الدورة الدموية وفي القلب والكليتين والشبكية والأطراف السفلية، وتُردُّ هذه الاضطرابات ـ جزئيا ـ إلى عجز الأوعية عن التجدد، وعن توليد أوعية جديدة في النسج التي تبدي نقصا في الارتواء، والتي توجد في ظروف نقص التأكسج (نقص الضغط الجزئي للأكسجين)، بل في ظروف الإقفار (الغياب شبه الكامل للإرواء الدموي).

وفي الظروف الطبيعية، يؤدي نقص الضغط الجزئي للأكسجين في النسج النشيطة إلى سلسلة من التفاعلات التي تؤدي إلى ولادة وتكاثر أوعية جديدة، وهذه تؤدي خلال عدة أيام إلى إعادة التروية والأكسجين إلى النسج التي تشكو من نقص الأكسجين. إن تكوُّن الأوعية يبدأ بتكاثر وهجرة الخلايا البطانية الوعائية الموجودة في الأوعية الحالية. تلك الخلايا عليها أن تترك الشعيرة الدموية وتشق طريقها في النسج المحيطة لكي تتكاثر وتعطي مجموعة من الخلايا البطانية التي تتحول إلى وعاء مكتمل. ولكي تقوم الخلايا البطانية بتلك المهمة عليها في بداية الأمر أن تفرز إنزيمات حالّة للپروتين، وهذه بإمكانها أن تقوض الغشاء القاعدي (للوعاء الذي نشأت عنه) الغني بالكولاجين وكذلك عليها أن تقوض المادة الأساسية خارج الخلوية في النسج المحيطة التي تبدي نقصا في الأكسجين (انظر الشكل 3).

لقد بيّنا حديثا أن الفئران المصابة بالداء السكري لديها مقاومة للإنزيمات الحالّة للپروتين. وفي الحيوان غير السكري يمكن إحداث إقفار في الطرف السفلي بوساطة ربط الشريان الفخذي جراحيا. ويتم تصحيح هذا الإقفار العميق بتوليد أوعية صغيرة تؤمن إرواء كافيا لساق الفأر، على الرغم من ربط الشريان الذي يغذيها في الحالة الطبيعية (انظر الشكل 6). ونلاحظ إعادة تشكل أوعية جديدة شبه طبيعية بعد ثلاثة أسابيع من ربط الشريان الفخذي. وفي المقابل، في الفئران المصابة بالداء السكري، فإن تجدد الأوعية الذي يعقب مرحلة الإقفار يبقى غير كامل، ونلاحظ قصورا وظيفيا في تشكل الأوعية في الساق التي أجري لها ربط الشريان الفخذي، أي إن الأوعية الجديدة تتشكل في هذه الحالة ولكن ليس لها جميع مواصفات الأوعية الجديدة الطبيعية، إذ إن قدرتها على التوسع والتقبض تكون ـ على نحو واضح ـ غير كافية.

هذا النقص في توليد الأوعية ليس ناتجا من نقص في نشاط الپروتيازات المعدنية metalloproteases لدى الفئران المصابة بالداء السكري، حيث إن هذه الإنزيمات تُصنع بكميات طبيعية، ولكن بسبب نقص الفعالية، حيث إنها غير قادرة على هضم المادة الأساسية خارج الخلوية. وفي سيقان الفئران التي جرى إقفارها، تمت استعادة كمية كبيرة من الكولاجين السكري لم تتدرك (تتقوض) بوساطة الپروتيازات المعدنية.

إن متابعةً أفضل للمرضى السكريين تسمح بتفادي الاضطرابات الخطيرة وبخاصة السبات coma السكري. وفي المقابل، ليس لدينا حتى الآن سيطرة على العواقب التي تحصل للأوعية، عندما تكون الإصابة بالداء السكري قديمة العهد، أو لم تتم السيطرة عليها على نحو جيد. إن زيادة عدد المصابين بالداء السكري تجبرنا على إيجاد حلول تمنع الاضطرابات الوعائية. إن قسما من الاضطرابات الوعائية عند المرضى السكريين ناتج من تشكل منتجات الگلوزة في جميع الأنسجة، وهذا يؤدي إلى تغير الخصائص الفيزيائية لجدر القلب والشرايين. إن نتائجنا الأولية تبعث الأمل بأننا سنكون قادرين في المستقبل القريب على إذابة الجسور الجزيئية التي تغير مرونة الجدر الوعائية، وسيكون لدينا مواد تنشط تشكل الأوعية الجديدة في المناطق التي تشكو من نقص جزئي في الأكسجين.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

انظر أيضا

المراجع

  • J.-P. BASTARD, Resistance a I'insuline et expression des g6nes du tissu adipeux chez 1'homme, in Ann. Biol. Clin., vol. 62, n° 1, pp. 25-31, janvier-fevrier 2004.
  • R. TAMARAT et al., Blockade of advanced glycation end product formation restores ischemia-induced angiogenesis in diabetic mice, in Proc. Not. Acad. Sci., vol. 100, pp. 8555-8560, 2003.
  • P. VAITKEVICIUS et al., A cross-link breaker has sustained effects on arterial and ventricular properties in older rhesus monkeys, in Proc. Not/. Acad. Sci., vol. 98, pp. 1171-1175, 2001.
  • A. RIVARD et al„ Rescue of diabetes-related impairment of angiogenesis by intramuscular gene therapy with adeno-VEGF, in Am. J. Pothol., vol. 154, pp. 355-363,1999.
  • Pour la Science, No. 328

المصادر

الكلمات الدالة: