الأشكال الأولية للحياة الدينية

حسن الحريري
ساهم بشكل رئيسي في تحرير هذا المقال
الأشكال الأولية للحياة الدينية
Les formes élémentaires de la vie religieuse Durkheim Émile bpt6k14149475.jpg
المؤلفإميل دوركايم
العنوان الأصلي[Les formes élémentaires de la vie religieuse] Error: {{Lang}}: text has italic markup (help)
البلد فرنسا
اللغةالفرنسية
الموضوععلم الاجتماع
نـُشـِر1912
الناشرPUF
الصفحات647
ISBN9782130539506
سبقهالانتحار

الأشكال الأولية للحياة الدينية (فرنسية: Les formes élémentaires de la vie religieuse), نشره عالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركايم في 1912، هو كتاب يحلل الدين كظاهرة اجتماعية. ويعزو دوركايم تطور الدين إلى الأمن العاطفي الذي يمكن الوصول إليه عبر الحياة في مجتمع. أدت دراسته للمجتمعات الطوطمية في أستراليا إلى استنتاجه أن الحيوان أو النبات الذي تعبده كل عشيرة كقوة مقدسة كان في الواقع هو المجتمع نفسه.[1]:201 وفي منتصف النص، يتساءل دوركايم "إذا كان [حيوان الطوطم] هو في آن واحد رمز الإله ورمز المجتمع، أليس ذلك لأن الإله والمجتمع هما نفس الشيء؟"[1]:206

يقدم دوركايم في كتابه «الأشكال الأولية للحياة الدينية» سنة 1912، رؤية للدين تحاول أن تقبض على حقيقته، وتعتبره ظاهرة اجتماعية مؤسسة لكل الظواهر الاجتماعية الأخرى، التي انبثقت منها بشكل أو بآخر. وتتأسس هذه الرؤية، على النقد الصارم لمختلف تعريفات الدين المتداولة في ذلك الوقت، حيث تعرضت تلك التعريفات التي تربط الدين بالقوى فوق الطبيعة، للطعن والنقد (عالم الوحي - السر الخفي - العالم غير القابل للمعرفة - العالم المبهم غير القابل للفهم). كما يوجد في الواقع ديانات كبرى (مثل البوذية)، حيث لا وجود لفكرة الإله والأرواح، أو على الأقل لا تلعب هذه الفكرة إلا دورا ثانويا ومتواضعا. معنى هذا أن هناك شعائر دون آلهة. وعلى هذا الأساس، يمكن أن يحدد الدين انطلاقا من كونه «كلا مكونا من أجزاء». فالدين عبارة عن «نظام مركب من الأساطير، العقائد، الشعائر، والطقوس». ومن أجل فهم الكل، يجب تفكيك هذا المجموع «المميز للظواهر الأولية التي تنتج عنها كل الأديان». إذ يتبين لنا أن الظواهر الدينية تنتظم في فئتين رئيسيتين: المعتقدات والشعائر (العادات). فالمعتقدات هي «تمثلات تعبر عن طبيعة الأشياء المقدسة، علاقاتها مع بعضها ومع الأشياء الدنيوية». العادات أو الشعائر، تعتمد على المعتقدات. فهي عبارة عن «قواعد للعمل، تصف وتحدد كيف يجب على الإنسان أن يتصرف مع الأشياء المقدسة». وعلى هذا الأساس، يعتبر الدين نظاما تضامنيا للمعتقدات المرتبطة بأشياء مقدسة. إنها «معتقدات وممارسات توحد وتجمع داخل الجماعة الأخلاقية نفسها، التي تسمى الكنيسة، كل أولئك الذين ينتمون إليها». إذن، بعد أن تم استبعاد التفسيرات الميتافيزيقية، أخد دوركهايم موقفًا متحفظًا من التفسيرات المقدمة من قبل الباحثين. إنه يأخذ بجدية كبيرة الظاهرة الدينية. فقد استمد منها البشر في كل الأزمنة، الطاقة الضرورية لحياتهم. فالتفسيرات «الحيوية» والتفسيرات «الطبيعية»، انطلقت من أن أصل التمثلات الدينية تكمن في طبيعة الإنسان أو في طبيعة الكون. وعلى هذا الأساس، ترفض هذه التفسيرات، بسبب اختزالها لهذه التمثلات، إلى مجرد التعبير عن حلم أو تفسير يتسم بالهذيان للظواهر الطبيعية، مسقطة العلاقة التي تؤسسها الأفكار الدينية مع الواقع المعيش، أي أنها تهمل الحقيقة الاجتماعية. يقول دوركايم: «بما أن لا الإنسان ولا الطبيعة يمتلكان في حد ذاتهما، طابعًا مقدسًا، فإن هذا يعني أنهما يحتفظان بهذا الطابع من مصدر آخر، بعيدًا عن الإنسان الفرد وعن العالم الطبيعي. من الضروري إذن، أن توجد حقيقة ما أخرى يصبح أمامها مغزى وقيمة موضوعية. بعبارات أخرى، وراء ما يسمى بالنزعة الطبيعية والنزعة الحيوية، من الضروري أن نرى في ذلك عقيدة أخرى، عقيدة أكثر أصولية وأكثر بدئية، أشكالها الأولى ليست على وجه الاحتمال إلا أشكالا مشتقة أو أشكالا تمثل اعتبارات خاصة».[2]

لكي نفهم الظاهرة الدينية، وفقًا لمنهج دوركهايم، يجب الاعتراف بثبات واستمرارية حقيقة الظواهر التي تسهم في تشكيل التقاليد والحياة الاجتماعية، الظواهر التي تشرك الأفراد والجماعات الإنسانية بعمق، وتمدهم باتجاهات وطرق للعمل. يجب الاعتراف بالاستمرارية الأساسية التي توجد بين المعتقدات الدينية للمجتمعات التقليدية، والمعتقدات الجمعية التي تدفعنا، نحن البشر المعاصرين، إلى الحياة، حتى على الرغم من العلم الذي نجحنا في أن نجعله يبعد معظم العلوم الكونية التي تحتفظ بتفسيرات عن العالم خارج حدود العقلانية. في الواقع، كل جماعة إنسانية تتجه وتدفع إلى اصطناع افتراضات تفسيرية غير ثابتة بشكل أو بآخر، تسمح للأفراد أن يعطوا معنى للمواقف والأوضاع التي يعيشونها، وأن يشتركوا فيما بينهم في هذه المعاني. وذلك بدءًا من التجارب والخبرات المحددة التي يمرون بها، وتبعًا للمصادر المعرفية التي يمتلكونها. حتى في المجتمعات الحديثة، التي يفترض أنها تخضع لحكم وضرورات العمل الاستنتاجي، وإلى المراجعة التجريبية، هذه المجتمعات، أبعد من أن تكون قد أنهت، بشكل نهائي، كل الأشكال «اللاعقلانية» في وسائل التفسير، التي تتيح للبشر أن يدركوا بأنفسهم من هم وماذا يفعلون، لتفسير المعتقدات الجماعية «البدائية» أو المعاصرة. يجب إدراك المنطق الخاص بهما، الذي يشكل «حقيقتها»، أيا كانت مضامين هذه المعتقدات. إن المنهج الذي سار عليه دوركهايم لتحديد «حقيقة» الدين، يتمثل في أن يضع الدين في وضع يظهر فيه بالشكل الأكثر أولية والأكثر بساطة، بهدف إدراك هذه العلاقة الخاصة بالحقيقة التي يكمن فيها أصل الانفصال الجذري بين الدنيوي والمقدس. إن المعطيات الإثنوغرافية عن العقائد الطوطمية، قد وفرت لدوركهايم مادة التفسير الدقيق لهذه المعتقدات والممارسات «الأولية». وكانت في الوقت نفسه، من بين الانتقادات التي وجهت إليه. إذ اعتبرت أن دوركهايم لم يكن له أي اتصال مباشر مع الواقع «التجريبي» الذي يحاول تفسيره. ومهما يكن، لقد استخدم دوركهايم المعارف المتوفرة في زمنه، كما أن جزءا من الافتراضات التي طورها، بدءا من هذه الوثائق والمعطيات، فقد ملاءمته لسبب وحيد يتمثل في تقدم المعرفة الأنثروبولوجية. ونقطة البداية في منهج دوركهايم، هي ملاحظة التنوع اللامتناهي للأشياء وللكائنات المقدسة القادرة على أن تكون موضوعا لعقيدة طوطمية. هذا التنوع كبير جدا لدرجة أنه من المستحيل تحديد سمة أو صفة مشتركة تضفي في حد ذاتها الطابع المقدس عليه. مع ذلك، فإن ما هو مشترك بين كل هذه الأنواع من الأشياء، هو المشاعر المتشابهة التي تستيقظ في وعي المؤمنين. هذه المشاعر تشكل الطبيعة المقدسة لهذه الأشياء، وتعمل وفقا لمبدأ خاص بها ومشترك بين الجميع بلا تمييز.

ووفقا لدوركهايم، ليست الطوطمية دينًا متعلق بحيوانات ما، أو بشر ما، أو صور ما، إنما الطوطم يتعلق بقوة مجهولة غير مشخصة توجد في كل واحد من هذه الكائنات. ومع ذلك لا يوجد هناك خلط فيما بينها. لا أحد يستحوذ عليها كاملة والكل يشترك فيها. إنها مستقلة تمامًا عن الذوات الخاصة التي تنصب فيها. إنها تعمل كما لو أنها تبقيهم أحياء. هذا المبدأ الطوطمي عبارة عن قوة، يربط الأفراد الواحد منهم بالآخر داخل الجماعة، إنه يجبرهم على العمل بطريقة محددة، إنه مصدر الحياة الأخلاقية للجماعة.

هكذا يستخلص دوركهايم، أنه يمكن الآن أن نفهم بشكل أفضل، لماذا كان من المستحيل علينا تعريف الدين بواسطة فكرة الشخصيات الأسطورية، الآلهة أو الأرواح. إن الذي نجده في أساس وأصل الفكر الديني، ليس موضوعات أو كائنات محددة ومتميزة تمتلك، في حد ذاتها، طابعًا مقدسًا. إنما نجد قوى غير محددة، قوى مجهولة كثيرة إلى هذا الحد أو ذاك، وفقًا للمجتمعات المختلفة. أما فيما يتعلق بالأشياء المقدسة الخاصة، فهي ليست إلا أشكالاً فردية لهذا المبدأ الأساسي. إن دوركهايم المرتبط، دائمًا، بدراسة الحالة الأسترالية، يعمم تحليله على مجمل الظواهر الدينية المعروفة. فالطوطم هو تعبير عن «المانا» التي تتجسد فيه.

إن القوة الدينية ليست إلا الشعور الذي يلهم الجماعة أعضاءها به. لكنه شعور مصمم خارج الوعي الذي يقبله ويضفي عليه الموضوعية. ولكي يضفي الوعي الموضوعية على هذا الشعور، يقوم بالتركيز على موضوع يصبح بالتالي مقدسا، حيث يستمد من المجتمع.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

انظر أيضاً


المراجع

  1. ^ أ ب Durkheim, Emile, translated by Joseph Swain (1912). The Elementary Forms of the religious life. London: George Allen & Unwin Ltd. p. 201.{{cite book}}: CS1 maint: multiple names: authors list (link)
  2. ^ حسن الحريري (2016-02-25). "دوركهايم وسوسيولوجيا الدين من أجل فهم أصله". صحيفة الشرق الأوسط.

للاستزادة

  • The Elementary Forms of Religious Life: Newly Translated By Karen E. Fields. ISBN 0-02-907937-3.
  • The Elementary Forms of Religious Life (Oxford World's Classics): Translated by Carol Cosman. ISBN 0-19-954012-8.
  • Inglis, David and Roland Robertson. 2008. "The Elementary Forms of Globality: Durkheim on the Emergence and Nature of Global Life." Journal of Classical Sociology 8:1, 5-25.
  • Lukes, Steven. 1972. Émile Durkheim, His Life and Work: A Historical and Critical Study. London: Allen Lane and the Penguin Press.
  • Andrew Mckinnon 2014. 'Elementary Forms of the Metaphorical Life: Tropes at Work in Durkheim’s Theory of the Religious'. Journal of Classical Sociology, vol 14, no. 2, pp. 203-221.[1].
  • Pickering, W. S. F. 1984. Durkheim's Sociology of Religion: Themes and Theories. London, Routledge and Kegan Paul.
  • Strenski, Ivan. 2006. The New Durkheim, New Brunswick: Rutgers University Press.

وصلات خارجية