الآمدي

أبو الحسن سيف الدين على بن محمد بن سالم التغلبى الآمدى (551 هـ - 631 هـ / 1156م - 1233م) أحد العلماء الأصوليين في القرن السابع الهجرى. فقيه، مصنف ومتكلم حنبلي ثم شافعي. توفي في 4 صفر سنة 631 هـ وعمره 80 سنة.

ولد الآمدى بمدينة "آمد" بديار بكر سنة (551هـ) إحدى وخمسين وخمسمائة من الهجرة. حفظ الآمدى القرآن الكريم في صغره، وانتقل إلى بغداد ، وتعلم القراءات فيها، ثم انتقل إلى القاهرة ودرّس فيها وتصدّر للإقراء والفقه الشافعي، فتتلمذ عليه خلق كثير. ومن مصر خرج إلى الشام

قال ابن العماد الحنبلي: وفيها [أي سنة 631 هـ] السّيف الآمدي، أبو الحسن علي بن أبي علي بن محمد الحنبلي ثم الشافعي المتكلم العلّامة، صاحب التصانيف العقلية. ولد بعد الخمسين بآمد، وقرأ القراءات والفقه، ودرس على ابن المنّي، وسمع من ابن شاتيل، ثم تفقه للشافعي على ابن فضلان، وبرع في الخلاف، وحفظ طريقة أسعد الميهني، وقيل: إنه حفظ «الوسيط» للغزالي، وتفنن في علم النظر، والكلام، والحكمة، وكان ذكيا من أذكياء العالم. أقرأ بمصر مدة، فنسبوه إلى دين الأوائل، وكتبوا محضرا بإباحة دمه، فلما رأى بعضهم ذلك الإفراط وقد حمل المحضر إليه ليكتب كما كتبوا، كتب:[1]

حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيهوالقوم أعداء له وخصوم

قال ابن خلّكان: وضعوا خطوطهم بما يستباح به الدّم، فخرج مستخفيا إلى الشام، فنزل حماة مدة، وصنّف في الأصلين، والحكمة، والمنطق، والخلاف، وكلّ ذلك مفيد، ثم قدم دمشق في سنة اثنتين وثمانين فأقام بها مدة، ثم ولاه الملك المعظّم بن العادل تدريس العزيزية، فلما ولي أخوه الأشرف موسى عزل عنها، ونادى في المدارس: من ذكر غير التفسير، والحديث، والفقه، أو تعرّض لكلام الفلاسفة، نفيته. فأقام السيف الآمدي خافيا في بيته إلى أن توفي في صفر، ودفن بتربته بقاسيون.

ويُحكى عن ابن عبد السلام أنه قال: ما تعلّمنا قواعد البحث إلّا منه، وأنه قال: ما سمعت أحدا يلقي الدّرس أحسن منه، كأنه يخطب، وأنه قال: لو ورد على الإسلام متزندق يشكك ما تعيّن لمناظرته غيره لاجتماع آلات ذلك فيه.

وقال سبط ابن الجوزي: لم يكن في زمانه من يجاريه في الأصلين، وعلم الكلام. ومن تصانيفه المشهورة «الإحكام في أصول الأحكام» مجلدين، و «ابكار الأفكار» في أصول الدّين، في خمس مجلدات، واختصره في مجلد.

قال الذهبي: وله نحو من عشرين تصنيفا.

وقال السّبكي: وتصانيفه كلّها حسنة منقّحة.[2]

وقال الذهبي: «تفنن في علم النظر، والفلسفة وأكثر من ذلك. وكان من أذكياء العالم... دخل الديار المصرية وتصدر بها لإقراء العقليات بالجامع الظافري. وأعاد بمدرسة الشافعي. وتخرج به جماعة. وصنف تصانيف عديدة. ثم قاموا عليه، ونسبوه إلى فساد العقيدة والانحلال والتعطيل والفلسفة. وكتبوا محضرا بذلك. قال القاضي ابن خلكان: وضعوا خطوطهم بما يستباح به الدم، فخرج مستخفيا إلى الشام فاستوطن حماة. وصنف في الأصلين والمنطق والحكمة والخلاف، وله نحو من عشرين تصنيفا. ثم تحول إلى دمشق، ودرس بالعزيزية مدة، ثم عزل عنها لسبب أتهم فيه. وأقام بطالا في بيته. ومات في رابع صفر، وله ثمانون سنة.»[3] وقال: «العلامة، المصنف، فارس الكلام، ... برع، وحفظ طريقة الشريف، ونظر في طريقة أسعد الميهني، وتفنن في حكمة الأوائل، فَرَقَّ دينه وأظلم، وكان يتوقد ذكاء.»[4]

وقال الصفدي: «ولد بآمد سنة إحدى وخمسين وخمس مائة، ولما بلغ أربع عشرة سنة انحدر إلى بغداد واشتغل على الإمام أبي الفتح نصر بن فتيان ابن المني الحنبلي في الخلاف على مذهبه مدة، ثم صحب الإمام العلامة أبا القاسم يحيى بن أبي الحسن علي بن الفضل بن هبة الله بن بركة البغدادي ابن فضلان الشافعي وأخذ عنه الخلاف وتميز فيه، ... وقدم إلى حلب واجتمع بالشهاب السهروردي الحكيم المقتول وحكى عنه أنه قال رأيت كأني شربت البحر وهذا المنام رآه ابن تومرت، وعزم على الدخول إلى الديار المصرية، ... ثم دخل مصر والإسكندرية واشتغل عليه الطلبة وعقد له مجلس المناظرة واستدل بالتعيين ثم خرج منها فاجتاز بحماة فأرغبه صاحبها وأحسن إليه وأعطاه مدرسة فأقام بها مدة، ثم إن المعظم عيسى بن العادل كتب إليه ووعده إن قدم إليه أن يحسن إليه وحبب إليه سكنى دمشق، وكان سيف الدين يحبها ويؤثر المقام بها، فخرج من حماة ليلا ولم يعلم به صاحبها ودخل دمشق فأحسن إليه المعظم وولاه المدرسة العزيزية المجاورة لتربة الملك الناصر صلاح الدين، وأقبل على الاشغال والاشتغال والتصنيف عقد له مجلس المناظرة ليلة الجمعة وليلة الثلاثاء بالحائط الشمالي من جامع دمشق، وكان يحضره الأكابر من كل مذهب ورحل إليه الطلبة من جميع الآفاق من سائر الطوائف لطلب العلم، وكان خيّر الطباع سليم القلب حسن الاعتقاد قليل التعصب، رأيت عنده جماعة من أصحاب الإمام أحمد يشتغلون عليه، وكذلك أصحاب الإمام أبي حنيفة ومالك رضي الله عنهم، وهو في غاية الإكرام لهم والإحسان إليهم، حتى قيل له: يا مولانا تراك تؤثر الحنابلة وتزيد في الإحسان إليهم. فقال على سبيل المزاح: "المرتد لا يحب كسر المسلمين" يعني أنه كان قديماً حنبلياً.»[5]

قال علي بن أنجب في "أسماء المصنفين": اشتغل بالشام على المجير البغدادي، ثم ورد إلى بغداد واشتغل بـ"الشفاء" وبـ"الشامل" لأبي المعالي، وحفظ عدة كتب وكرر على "المستصفى" وتبحر في العلوم، وتفرد بعلم المعقولات والمنطق والكلام، وقصده الطلاب من البلاد، وكان يواسيهم بما يقدر، ويفهم الطلاب ويطول روحه. قلت: ثم أقرأ الفلسفة والمنطق بمصر بالجامع الظافري، وأعاد بقبة الشافعي، وصنف التصانيف، ثم قاموا عليه، ورموه بالانحلال، وكتبوا محضرا بذلك.

قال القاضي ابن خلكان: وضعوا خطوطهم بما يستباح به الدم، فخرج مستخفياً، ونزل حماة. وألف في الأصلين والحكمة المشئومة والمنطق، والخلاف، وله كتاب "أبكار الأفكار" في الكلام، و"منتهى السول في الأصول" و"طريقة" في الخلاف، وله نحو من عشرين تصنيفا. ثم تحول إلى دمشق، ودرس بالعزيزية مدة، ثم عزل عنها لسبب اتهم فيه، وأقام بطالا في بيته.

وقال سبط ابن الجوزي لم يكن في زمانه من يجاريه في الأصلين وعلم الكلام، وكان يظهر منه رقة قلب وسرعة دمعة، أقام بحماة، ثم بدمشق. ومن عجيب ما يحكى عنه أنه ماتت له قطة بحماة فدفنها فلما سكن دمشق بعث ونقل عظامها في كيس ودفنها بقاسيون.

حقد عليه بعض الفقهاء، فتعصبوا عليه، ونسبوا إليه فساد العقيدة والتعطيل، ومذهب الفلاسفة، فخرج مستخفيًا إلى "حماة"، ومنها إلى "دمشق".

قال عنه السبكي في الطبقات: "إنه أحد أذكياء العالم".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مؤلفاته

كتب نحو العشرين، منها:

  • "الإحكام في أصول الأحكام" في أصول الفقه،
  • "أبكار الأفكار" في علم الكلام،
  • "المبين في شرح معاني الحكماء والمتكلمين"


وفاته

توفي في دمشق سنة (631هـ) إحدى وثلاثين وستمائة من الهجرة.

المصادر

وصلات خارجية

  1. ^ "ص253 - كتاب شذرات الذهب في أخبار من ذهب - سنة إحدى وثلاثين وستمائة - المكتبة الشاملة الحديثة". Retrieved 2020-09-30. {{cite web}}: Cite has empty unknown parameter: |(empty string)= (help)CS1 maint: url-status (link)
  2. ^ "ص254 - كتاب شذرات الذهب في أخبار من ذهب - سنة إحدى وثلاثين وستمائة - المكتبة الشاملة الحديثة". Retrieved 2020-09-30. {{cite web}}: Cite has empty unknown parameter: |(empty string)= (help)CS1 maint: url-status (link)
  3. ^ تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (طبعة دار الغرب الإسلامي:ج14 ص51)
  4. ^ سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (طبعة مؤسسة الرسالة:ج22 ص364)
  5. ^ الوافي بالوفيات - صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (طبعة دار إحياء التراث:ج21 ص225)