أيض الكالسيوم

أيض الكالسيوم Calcium metabolism أو استتباب الكالسيوم calcium homeostasis هو الآلية التي يحافظ بها الجسم على مستويات مناسبة من الكالسيوم. الشذود عن تلك المستويات المناسبة يؤدي إلى فرط الكالسيوم hypercalcemia أو نقص الكالسيوم hypocalcemia، وكلاهما له عواقب ضارة بالصحة.

الكالسيوم هو المعدن الأكثر وجوداً في الجسم البشري. رقمه الذري 20 وكتلته الذرية 40.08. وهو من المعادن الضرورية للحفاظ على صحة البدن. يشكل 1.5 ـ 2٪ من وزن الجسم، ويوجد 98٪ منه في العظام و1٪ في الأسنان، وتتوزع الكمية الباقية في الأنسجة والدوران.

تقوم شوارد الكلسيوم بدور حيوي مهم في العديد من العمليات الفيزيولوجية في الدم والعضلات والأعصاب والأنسجة، ولاسيما في تنظيم تقلص عضلة القلب، والناقلية العصبية، وتخثر الدم. يحتاج امتصاص الكلسيوم في الأمعاء إلى وجود الفيتامين D، وهرمون الدريقات (PTH) parathyroid hormone، وذلك للمحافظة على قيمه بشكل سوي ثابت.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النطاقات الطبيعية

المستوى المصلي للكالسيوم يتم تنظيمه عن كثب بحيث أن الكالسيوم الإجمالي العادي يكون 2.2-2.6 mmol/L (9-10.5 mg/dL) ويكون الكالسيوم المؤين العادي 1.1-1.4 mmol/L (4.5-5.6 mg/dL). وتتغير كمية إجمالي الكالسيوم مع مستوى الألبومين المصلي، وهو بروتين يرتبط به الكالسيوم. التأثير الحيوي للكالسيوم تحدده كمية الكالسيوم المؤين، وليس إجمالي الكالسيوم. والكالسيوم المؤين لا يتغير مع مستوى الألبومين، ولذلك فمن المفيد قياس مستوى الكالسيوم المؤين عندما يشذ الألبومين المصلي عن النطاقات الطبيعية، أو عندما يكون هناك شك في اضطراب بالكالسيوم بالرغم من سلامة مستوى الكالسيوم الشامل.

يبلغ متوسط تركيز الكلسيوم في البلازما 9.5 مغ /دل (8.5 ـ 10.5 مغ/دل). يكون 50٪ منه بشكل شاردي حر وهو الشكل الفعال حيوياً، و40٪ مرتبط ببروتينات البلازما، إضافة إلى 10٪ تكون على شكل معقدات مع ترسبات صغيرة.

عند تناقص كمية الكلسيوم في الدم تعمد الدريقات إلى إنتاج هرمون PTH الذي يحرر الكلسيوم من العظام، كما يزيد من امتصاصه في الأمعاء.


الأعضاء المنظـِمة

تنظيم الكالسيوم في الجسم البشري.[1]


الفوسفات ثلاثية الكلسيوم

يأتي الفسفور كمعدن في الدرجة الثانية من الأهمية في البدن. ويوجد نحو 80٪ من فسفور الجسم بشكل أملاح فسفات الكلسيوم التي تؤلف المكون اللاعضوي للعظم. وتمنح أملاح فسفات الكلسيوم العظم قساوته، ولكنها تحفظ الفسفور أيضاً. يحتوي الهيكل العظمي على 98٪ من كلسيوم البدن بشكل بلورات خارج الخلايا عديمة الشكل ذات تركيب قريب من الهدروكسي أباتيت [Ca10 (PO4)6 (OH)2]. وعلى الرغم من أن 1٪ فقط من كلسيوم الهيكل العظمي يكون قابلاً للتبادل السريع مع الأساس المشترك للكلسيوم (جَميعة الكلسيوم) في البلازما، فإنه يؤلف المدّخر الرئيسي للكلسيوم الذي يحافظ على تركيزه الثابت في البلازما. تكون حركية الكلسيوم في الهيكل العظمي بالتبادل مع البلازما محكمة التنظيم على نحو يدخل ويخرج يومياً من الهيكل العظمي قرابة 500 مغ كلسيوم.

وجود الكلسيوم في الدم والبول

يصنف الكلسيوم فيزيولوجياً إلى كلسيوم داخل خلوي intracellular، وخارج خلوي extracellular، ويكون تركيز الكلسيوم داخل الخلوي أقل بنحو 1000 مرة من تركيزه خارج الخلية، مما يحدث مدروجاً كيميائياً لتبادل الكلسيوم عبر قنوات الكلسيوم المعتمدة على الأتباز ATPase وعلى التبادل بين شوارد الصوديوم والبوتاسيوم. ويتوضع في الخلية ضمن المتقدرات mitochondria والشبكة البلازمية. تؤثر عدة عوامل في تحريك الكلسيوم من الخلية وإليها، مثل زيادة النفوذية الغشائية والهرمونات ومضخة الكلسيوم المعتمدة على الأتباز ATPase.

أما الكلسيوم خارج الخلوي فله دور كبير في تمعدن العظام، شأنه في ذلك شأن تميم العامل cofactor للعديد من الأنزيمات كأنزيمات شلال التخثر. ويحرض عمليات التهيج العصبي، وتقلص عضلات القلب، وإطلاق الهرمونات، والنواقل العصبية.

تتم المحافظة على تركيز ثابت من الكلسيوم خارج الخلوي عبر الامتصاص المعوي، وارتشاف الشوارد من الطور المعدني للعظام. يتزايد امتصاص الكلسيوم خلال فترات النمو في الأطفال، وفي الحوامل والمرضعات، في حين يتناقص مع تقدم العمر. يمتد الوارد المثالي اليومي من الكلسيوم بين 400مغ في الأطفال و1500مغ لكبار السن (فوق 65 عاماً). وتشمل طرق سحبه من الدم: الإفراز عبر السبيل المعوي، والإفراغ البولي، والتوضع في الطور المعدني للعظام، والضياع في العرق.

لا يؤثر الوارد الغذائي بشكل مهم في كلسيوم البول في الأسوياء، ويعاد امتصاص معظمه في الأنابيب الكلوية. ويتأثر الإفراغ البولي للكلسيوم بإفراغ الشوارد الأخرى كالصوديوم والكبريت. ويراوح مقدار الكلسيوم في بول 24 ساعة بين 60 - 400 مغ/24 ساعة.

الكلسيتونين calcitonin وتأثيره في استقلاب الكلسيوم

هو ببتيد peptid يفرز بشكل رئيسي من الخلايا C في الغدة الدرقية، وينظم إفرازه بوساطة مستوى الكلسيوم الشاردي في الدم. تعاكس تأثيرات الكالسيتونين تأثيرات هرمون الدريقات PTH، ووظيفته الرئيسة تثبيط ارتشاف العظام بناقضات العظم osteoclast. كما يثبط الكالسيتونين عود الامتصاص الكلوي للكلسيوم والفسفات والصوديوم والبوتاسيوم والمغنسيوم، وعلى الرغم من ضبط الكلسيوم لإفراز الكالسيتونين إلا أنه ليس للكالسيتونين شأن فيزيولوجي أساسي في البشر، إذ لا تلاحظ تغيرات واضحة في الاستقلاب المعدني أو العظمي حين استئصال الغدة الدرقية استئصالاً تاماً. وقد يكون له أهميته في أثناء مراحل الحاجة المتزايدة للكلسيوم في الأجنة والأطفال والحوامل والمرضعات.

الكلمودولين calmodulin

هو المستقبل الداخل الخلوي للكلسيوم، وهو ينظم الفعاليات الفيزيولوجية لمجموعة كبيرة من البروتينات كالبروتين كيناز والفسفاتاز ونواقل الشوارد، فهو يؤثر في الاستقلاب الخلوي، والتقلص العضلي، والانتساخ، واستقلاب النوكليوتيدات الحلقية، وإنتاج حمض النتريك. يرتبط معقد (كلمودولين - Ca +2) المفعّل إلى البروتينات، والتي غالباً ما تكون أنزيمات بتفعيلها أو تثبيطها. كما يعمل هذا المعقد على تنظيم نشاط عناصر بنيوية عديدة في الخلية مثل معقد الآكتين - ميوزين في العضلات الملس.

الأمراض الناجمة عن نقص الكلسيوم

يتظاهر نقص كلسيوم الدم بحدوث اضطرابات عصبية عضلية مثل التكزز tetany والحساسية العصبية nerve sensitivity، والهيوجية irritability، والنفضان العضلي muscle twitching واضطرابات قلبية مثل الخفقان palpitation، وجلدية مثل الأظافر القصيمة brittle nails، ونفسية كالتخليط confusion، والأرق insomnia، والشعور بالاكتئاب المزمن feeling of chronic depression. ويترافق أحياناً مع الساد cataract، كما قد يؤدي نقص الكلسيوم إلى تسمم الدم الحملي pregnancy toxemia. ينجم نقص الكلسيوم عن قصور هرموني دريقي، أو عن عوز الفيتامين D، كما ينقص في حالات القصور الكلوي المزمن وفي التهاب المعثكلة الحاد وفي حالات فرط الفوسفات الحاد في الدم، ويترافق نقصه أيضاً مع نقص بروتين الدم، ولاسيما الألبومين وكذلك في حالات نقص المغنسيوم.

عندما ينخفض كلسيوم الدم إلى ما دون الحد الأدنى يتحرر الكلسيوم من العظام، وقد يؤدي نقصه المزمن إلى الرخد rickets في الأطفال، وإلى تخلخل العظام osteoporosis في البالغين، ولاسيما النساء بعد سن الإياس postmenopausal.

انظر أيضاً

المصادر

  • وفيقة زرزور. "الكلسيوم والاستقلاب الخلوي". الموسوعة العربية.
  1. ^ Page 1094 (The Parathyroid Glands and Vitamin D) in: Walter F., PhD. Boron (2003). Medical Physiology: A Cellular And Molecular Approaoch. Elsevier/Saunders. p. 1300. ISBN 1-4160-2328-3.