أخبار:وفاة عبد الحليم خدام في باريس

وُلد خدام في مدينة بانياس الساحلية عام 1932 لأسرة سنية، من القلائل الذين ظلوا محل ثقة الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد، منذ وصوله إلى السلطة في انقلاب عسكري عام 1970 ضد رفاقه في حزب البعث الحاكم في سوريا منذ عام 1963.[1]

كان خدام محافظاً للقنيطرة خلال حرب 1967، بين العرب وإسرائيل وهو الذي أعلن في بيان عبر إذاعة دمشق سقوط المدينة تحت الاحتلال الإسرائيلي.

عينه الأسد الأب في منصب وزير الخارجية مع وصوله إلى السلطة عام 1970 وظل في هذا المنصب حتى عام 1984 إذ عينه الأسد في منصب نائب رئيس الجمهورية بينما أُسندت الخارجية إلى فاروق الشرع.

كان خدام مهندس السياسية السورية في لبنان منذ دخول القوات السورية إلى لبنان عام 1976 وهذا الملف هو الذي فجر الخلاف بينه وبين الأسد الإبن.

بعد توليه منصب نائب الرئيس وحتى انشقاقه على الحكم ولجوءه إلى باريس عام 2005 لم يكن لخدام دور يذكر سواء على الصعيد السياسة الداخلية أو الخارجية.

بعد تولي بشار الأسد الحكم في سوريا خلفا لوالده عام 2000 تراجع دور خدام أكثر فأكثر، فقد سحب الأسد البساط من تحت أقدام الحرس القديم وعين المقربين منه في المراكز الحساسة.

وكانت آخر المعارك، التي خاضها خدام دفاعاً عن الحكم الذي انقلب عليه لاحقا، قيادته الحملة الاعلامية والسياسية على ما سمي وقتها بربيع دمشق مما مهد السبيل الطريق لاطلاق يد الجهات الامنية في ملاحقة رموزه مثل النائب السابق في البرلمان السوري، رياض سيف، وعدد من المفكرين والمثقفين والكتاب الذين دعوا إلى إصلاحات سياسية والحد من القبضة الأمنية.

وكانت كلمة خدام في مدرج جامعة دمشق في فبراير 2001 بمثابة إعلان حرب على ربيع دمشق، إذ وصف في كلمته دعوات الإصلاح السياسي في البلاد بانها جزأرة لسوريا، اي الدخول في حرب أهلية مثل الجزائر التي كانت تعيش حربا أهلية مدمرة عرفت لاحقا بالعشرية السوداء.

كان خدام يتمتع بعلاقات جيدة مع رئيس وزراء لبنان الراحل، رفيق الحريري، وكان الاثنان من المقربين من السعودية. ومنذ وصول الأسد الإبن إلى الحكم أُسند ملف لبنان إلى فريق جديد محل ثقة الأسد وأبعد الحرس القديم وعلى رأسهم خدام.

وبعد إغتيال الحريري عام 2005 برز الخلاف واضحا بين خدام والأسد وما لبث أن انشق خدام ولجأ إلى باريس أواخر العام ذاته.

من پاريس، اتهم خدام الذي استقال من منصب نائب الرئيس والمناصب الحزبية عام 2004 الأسد بالتهديد بقتل الحريري في الأشهر التي سبقت اغتيال الحريري. وأثار تصريحه عبر قناة العربية آنذاك عاصفة من الاحتجاجات في البرلمان السوري، إذ طالب النواب بالإجماع بتقديمه للمحاكمة بتهمة الخيانة.

وقد أعلن خدام عن انشقاقه عن النظام قائلاً: "كان الخيار بين الوطن والنظام فاخترت الوطن لأنه باق، أما النظام فهو حالة عارضة في التاريخ".

في مقابلة صحفية له في 2019، قال إن أولئك الذين اقترحوا تغيير النظام إما أنهم لم يفهموا أن هذا سيعرض للخطر "استقرار الدولة" أو "يخدم خطط العناصر الأجنبية وإسرائيل".

أقر خدام بإخفاقه في إدخال إصلاحات سياسية كما سعى لتصوير نفسه على أنه إصلاحي، كما قال إنه استقال لأن سلسلة من الإصلاحات الأساسية، التي كانت ستعزز الحرية والديمقراطية، لم تتقدم. وقال "أصبحت مقتنعا بأن عملية إعادة التأهيل والإصلاح ، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو إدارية ، لن تبدأ".

في عام 2006 أعلن في بلجيكا عن ما سمي وقتها بجبهة الخلاص الوطني التي ضمت جماعة الإخوان المسلمين السورية وخدام وعددا من الشخصيات المعارضة بهدف تغيير النظام في وسوريا. وتفككت الجبهة عام 2009 بعد تجميد الجماعة نشاطها المعارض ضد الحكومة السورية.

خلال مرحلة الأزمة السورية المستمرة منذ عام 2011 لم يلعب خداما دورا يذكر في هذه الأزمة، إذ أن الأطراف المؤثرة في المعارضة السورية وذات التوجهات الاسلامية رأت فيه أحد رموز الحكم في سوريا ولم تغفر له ماضيه. ومع عسكرة العمل المعارض في سوريا وسيطرة الجماعات الاسلامية المتشددة عليه لم يبق لخدام ولغيره من المعارضين السياسيين للحكم في سوريا دور يذكر.

المصادر

  1. ^ "عبد الحليم خدام: من الدفاع المستميت عن الحكم إلى الانقلاب عليه". بي بي سي. 2020-03-31. Retrieved 2020-03-31.