فريدريك الثاني، الامبراطور الروماني المقدس

فريدريك الثاني
Frederick II
ملك صقلية, ملك قبرص والقدس,
ملك الرومان, ملك ألمانيا
وامبراطور الرومان
Frederick II and eagle.jpg
العهد9 ديسمبر,1212 - 13 ديسمبر,1250
تتويج3 سبتمبر, 1198
المدفن
العقيلةالعديد
الأنجالكونراد الرابع من ألمانيا
البيتهوهنشتاوفن
الأبهنري السادس
الأمConstance of Sicily

فريدريك الثاني Frederick II (26 ديسمبر, 1194 - 13 ديسمبر, 1250), من أسرة هوهنشتاوفن, كان مطالباً بلقب ملك الرومان من 1212 الحامل لهذا اللقب بدون معارضة من تلك الأسرة الملكية من 1215. وبصفته تلك, كان أيضاً ملك ألمانيا وإيطاليا وبورگندي. وكان أيضاً ملك صقلية بالوراثة عن أمه. وكان امبراطور روماني مقدس (امبراطور الرومان) من تتويجه البابوي في 1220 حتى وفاته. لقبه الأصلي كان ملك صقلية, والذي احتفظ به فريدريك الأول منذ 1198 حتى وفاته. ألقابه الملكية الأخرى, والتي حصل عليها لفترة قصيرة في حياته كانت, ملك قبرص وملك القدس بفضل زواجه وصلته بالحملات الصليبية.

وفي 18 فبراير 1229، أثناء الحملة الصليبية السادسة، وقع فريدريك الثاني، الامبراطور الروماني المقدس هدنة لمدة 10 سنوات مع الملك الكامل، مستعيداً القدس والناصرة وبيت لحم بدون قتال أو مساندة من البابا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

نشأته

ميلاد فريدريك الثاني

كانت كنستانس في سن الثلاثين حين تزوجت هنري، وكانت في الثانية والأربعين حين ولدت ابنها الوحيد. وخشيت أن يرتاب الناس في حملها وفي شرعية طفلها فأمرت بأن تنصب خيمة في السوق العامة. أييزي Iesi (القريبة من أنكونا)؛ وفيها وعلى مرأى من الحاضرين جميعاً ولدت الغلام الذي أصبح فيما بعد أكثر الناس فتنة في القرن الأخير من العصور الوسطى. وكان يجري في عروق الوليد دم ملوك النورمان الإيطاليين ممتزجاً بدماء أباطرة هوهنستاوفن الألمان.

وكان في الرابعة من عمره حين توج في بالرم ملكاً على صقلية (1198) ؛ وذلك لأن والده مات قبل عام من ذلك الوقت ثم ماتت والدته بعد عام من تتويجه. وأوصت قبل موتها أن يكون البابا وصياً على ابنها ، وأن يتولى تعليمه وحمايته السياسية ، وعرضت عليه في نظير ذلك راتباً مجزياً ، وأن ينوب عنه في الحكم، وأن تعاد له السيادة على صقلية. وقبل البابا هذا العرض مسروراً ، واستخدم مركزه في إنهاء ذلك الاتحاد بين صقلية وألمانيا الذي أقامه والد فردريك؛ ذلك أن البابوات كانوا يخشون بحق قيام دولة كبرى تحيط بولايات البابا من جميع الجهات ، وتكون في الواقع سجناً للبابوية وصاحبة السلطان عليها. وأعد إنوسنت العدة لتعليم فردريك، ولكنه أيد أتو الرابع في أن يتولى عرش ألمانيا. وشب فردريك محوطاً بالإهمال وبالفقر في بعض الأحيان، حتى كان ذوو القلوب الرحيمة من أهل بالرم يأتون الطعام لهذا الغلام الملكي البائس(26). وكان يسمح له بأن يجري في شوارع العاصمة المتعددة الأجناس واللغات وفي أسواقها كما يشاء، وأن يختار أصدقاءه كما يشتهي. ولم يتلق الغلام تعليماً منتظماً، ولكن عقله المتعطش للمعرفة كان يتعلم من كل ما يرى ويسمع، حتى لقد دهش العالم فيما بعد من اتساع معلوماته ودقتها. فقد تعلم في تلك الأيام وبالطريقة السالفة الذكر اللغتين العربية واليونانية، وبعض معارف اليهود، وعرف في أيام شبابه خلقاً من شعوب مختلفة، ذوي ملابس، وعادات، وعقائد متباينة، ولم يتخل قط عن عادة التسامح التي ألفها في صغر سنه. وقرأ كثيراً من كتب التاريخ، وأصبح كاتباً بليغاً ومثاقفاً ماهراً، ومغرماً بالخيل والصيد. وكان قصير القامة، قوي البنية، "ذا وجه جميل جذاب"(27)، وشعر ملو أحمر طويل، نشيطاً، فخوراً، سريع البت في الأمور. ولما بلغ الثانية عشرة من عمره، فصل الرجل الذي انتدبه البابا لينوب عنه في الوصاية عليه وتولى زمام الأمور بنفسه. وبلغ الحلم في الرابعة عشرة وتزوج في الخامسة عشرة من كنستانس الأرغونية Constance of Aragon، وشرع يعمل ليسترد عرش الإمبراطورية.

امبراطور

وواتاه الحظ فنال بغيته، ولكن ذلك لم يكن من غير ثمن. وتفصيل ذلك أن أتو الرابع نقض العهد الذي قطعه على نفسه بأن يحترم سيادة البابا في الولايات البابوية، فحرمه البابا من الكنيسة، وأمر بارونات الإمبراطورية وأساقفتها أن يختاروا لعرشها فردريك الشاب الذي تحت وصايته "لأن له حكمة الشيوخ وإن كان لايزال في سن الشباب"(28). ولكن إنوسنت، وقد مال فجأة إلى فردريك، ولم يتحول عن غرضه الأول وهو حماية البابوية من كل عدوان عليها. ولهذا طلب إلى فردريك نظير تأييده إياه (1212) أن يتعهد له أن تظل صقلية إقطاعية للبابوات تؤدي لهم الجزية، وأن يحمي الولايات البابوية من كل عدوان؛ وأن تظل "الصقليتان"- وهما إيطاليا الجنوبية النورمانية والجزيرة- منفصلتين انفصالاً دائماً عن الإمبراطورية؛ وأن يقيم في ألمانيا بوصفه إمبراطوراً عليها، ويترك الصقليتين لابنه الطفل هنري ليكون ملكاً على صقلية، وأن ينوب عنه في حكمها نائب يعينه إنوسنت؛ وتعهد فردريك فضلاً عن هذا كله أن يحافظ على جميع حقوق رجال الدين وسلطانهم في دولته، وأن يعاقب المارقين، وأن يحمل الصليب ويخرج إلى الحرب الصليبية. ودخل فردريك ألمانيا بعد أن أمده البابا بالمال اللازم لرحلته ورحلة حاشيته. وكانت لاتزال تحت سلطان جيوش أتو. لكن هذه الجيوش منيت بالهزيمة في بوفين على يدي فيليب أغسطس؛ فانهارت مقاومة أتو، وتوج فردريك إمبراطوراً باحتفال فخم مهيب في آخن (1215). وفيها جدد الوعد الذي قطعه على نفسه من قبل بأن يشن حرباً صليبية. وتأثر كثير من الأمراء بحماسة النصر الذي ناله الشاب فأقسموا يميناً مثل يمينه. وخيل إلى ألمانيا حيناً من الدهر أنه داود ثان بعثه الله لينقذ أورشليم بلد داود من ورثة صلاح الدين.

لكن الأمور لم تسر بالسرعة المطلوبة، فقد حشد هنري أخو أتو جيشاً ليخلع به فردريك، ووافق هونوريوس الثالث Honorius III البابا الجديد على أن يدافع الإمبراطور الشاب عن عرشه. وانتصر فردريك على هنري، ولكنه تورط وقتئذ في الشؤون السياسية للإمبراطورية، ويلوح أنه كان يحن إلى موطنه الأول في إيطاليا، فقد كان دم الجنوب وحرارة الجنوب ممتزجين بطبعه، وكانت ألمانيا تضايقه. وقد أعطى البارونات سلطات إقطاعية واسعة، ومنح عدداً من المدن عهوداً بالحكم الذاتي، وعهد بحكم ألمانيا إلى إنجلبرت كبير أساقفة كولوني، وهرمان السالزي Herman of Salza الرجل الحازم القدير كبير الفرسان التيوتون. وتمتعت ألمانيا بالسلم والرخاء في السنين الخمس والثلاثين التي تولى فيها العرش على الرغم من إهماله الظاهري لشؤونها. وبلغ من رضاء البارونات والأساقفة عن سيدهم الغائب أن توجوا مرضاه له ابنه هنري البالغ من العمر سبع سنين "ملكاً على الرومان" - أي وارثاً لعرش الإمبراطورية (1220). وعين فردريك نفسه في الوقت عينه نائباً في صقلية عن هنري الذي بقى وقتئذ في ألمانيا. وبدل هذا العمل خطط إنوسنت تبديلاً تاماً، ولكن إنوسنت كان قد فارق هذا العالم. وخضع هونوريوس للأمر الواقع، ولك يكتف بالخضوع له بل توج فردريك إمبراطوراً في روما، لأنه كان شديد الرغبة في أن يرحل فردريك من فوره لإنقاذ الصليبيين في مصر. لكن بارونات إيطاليا الجنوبية ومسلمي صقلية خرجوا عليه وقتئذ، وقال فردريك إنه لابد له أن يعيد النظام في مملكته الإيطالية قبل أن يخاطر بالغياب عنها زمناً طويلاً. يضاف إلى هذا أن زوجته ماتت في ذلك الوقت (1222). وأراد هونوريوس أن يغريه بأن يبرّ بقسمه فأقنعه بأن يتزوج إزابلا Isabella، وارثة عرش أورشليم الضائعة، ووافق فردريك على هذا الزواج وأضاف لقب "ملك أورشليم" إلى لقبيه الآخرين وهما ملك صقلية وإمبراطور الدولة الرومانية المقدسة. ثم أخرت سفره مرة أخرى متاعب قامت في المدن اللمباردية. ومات هونوريوس في عام 1227 واعتلى عرش البابوية جريجوري التاسع الرجل الصارم القوي الشكيمة. وأخذ فردريك وقتئذ يعد العدة في جد، فأنشأ أسطولاً عظيماً، وحشد أربعين ألفاً من المحاربين الصليبيين في برنديزي، لكن وباء مروعاً فشا في جيشه، مات منه آلاف، وفرَّت منه آلاف أكثر منها. وأصيب بهذا الوباء الإمبراطور نفسه، وكبير قوَّاده لويس الثورنجيائي Louis of Thuringia. ومع هذا فقد أصدر فردريك أمره بالرحيل، ومات لويس، وساءت حال فردريك، وأشار عليه أطباؤه ومن كان معه من كبار رجال الدين بأن يعود إلى إيطاليا، فعمل بمشورتهم، وطلب العلاج من مرضه في بزيولي Pozzuoli. ونعد صبر البابا جريجوري؛ فلم يستمع إلى أقوال رسل فردريك وأعلن في العالم حرمان الإمبراطور.


حملة صليبية

فريدريك الثاني (يسار) يقابل السلطان الكامل (يمين).

وبعد سبعة اشهر من ذلك الوقت أبحر فردريك إلى فلسطين (1228) وهو لا يزال مطروداً من حظيرة الدين. فلما سمع جريجوري بوصوله بلاد الشام أحل رعايا فردريك وابنه هنري من يميني الولاء لهما، وأخذ يعمل لخلع الإمبراطور. وعد نائب فردريك في إيطاليا هذه الأعمال إعلاناً للحرب من جانب البابا، فهاجم الولايات البابوية. ورد جريجوري على هذا العمل بأن أرسل جيشاً لغزو صقلية، وأشاع الرهبان أن فردريك قد مات؛ وما لبث جزء كبير من صقلية وإيطاليا الجنوبية أن سقط في يدي البابا. ووصل مندوبان عن البابا من رهبان الفرنسسكان مدينة عكا بعد أن وصلها فردريك بزمن قليل، وحرما على كل رجل في صفوف المسيحيين أن يطيع أمر الرجل الطريد. ودهش الكامل قائد جيوش المسلمين إذ وجد حاكماً أوربياً يعرف اللغة العربية، ويقدر الآداب والعلوم والفلسفة العربية أعظم التقدير، فعقد صلحاً مواتياً مع فردريك، دخل على أثره الإمبراطور بيت المقدس فاتحاً دون أن يريق في هذا الفتح قطرة دماء. ولم يجد فردريك من رجال الدين من يرضى بتتويجه ملكاً على بيت المقدس فما كان منه إلا أن توج نفسه كنيسة الضريح المقدس. وأعلن أساقفة قيصرية أن وجود فردريك في الضريح والمدينة قد دنسهما، فحرما إقامة الخدمات الدينية في بيت المقدس وعكا. وترامى إلى بعض فرسان المعبد أن فردريك يعتزم زيارة المكان الذي يقال إن المسيح قد عمد فيه في نهر الأردن؛ فبعث برسالة سرية إلى الكامل يقول فيها إن الفرصة قد واتته لأسر فردريك. فما كان من القائد المسلم إلا أن بعث بالرسالة إلى فردريك. وأراد الإمبراطور أن ترفع اللعنة عن بيت المقدس فغادرها في اليوم الثالث بعد التتويج وسافر إلى عكا، وفيها أخذ عامة المسيحيين يلقون عليها الأقذار وهو خارج منها إلى سفينته(29).

الهجوم المباغت للفرسان Ghibelline من پارما ضد Vittoria، من مخطوطة قديمة

أقسم فردريك الثاني يمين الصليبيين في عام 1215، ووعد أن ينضم إلى الجيوش المحاصرة لدمياط، ولكن المشاكل السياسية القائمة وقتئذ في إيطاليا، مضافاً إليها في أغلب الظن ضعف إيمانه، لم يمكناه من أن يبر بقسمه ووعده. فلما كان عام 1228 زحف فردريك، وهو لا يزال مطروداً من حظيرة الدين، على رأس الحملة الصليبية السادسة، ولما وصل إلى فلسطين لم يلق أية معونة ممن فيها من المسيحيين الصالحين، فقد أعرض هؤلاء عن رجل مطرود من الكنيسة المسيحية. فلما رأى الإمبراطور ما فعلوا أرسل رسله إلى الملك الكامل، وكان يقود جيش المسلمين في نابلس، ورد عليه الكامل رداً جميلاً، وأعجب فخر الدين سفير السلطان بما رآه من معرفة الإمبراطور بلغة العرب، وآدابهم، وعلومهم، وفلسفتهم، وشرع الحاكمان يتبادلان المجاملات والآراء، ولشد ما دهش المسيحيون والمسلمون على السواء حين وقعا في عام 1229 معاهدة أعطى الكامل بمقتضاها فردريك مدن عكا، ويافا، وصيدا، والناصرة، وبيت لحم، وجميع مدينة بيت المقدس ما عدا الفضاء المحيط بقبة الصخرة المقدسة عند المسلمين. وأجيز فوق ذلك للحجاج المسيحيين أن يأتوا إلى هذا الفضاء ليؤدوا فيه صلواتهم في موضع هيكل سليمان، وسمح للمسلمين بمثل هذه الحقوق في بيت لحم. ونصت المعاهدة فوق ذلك على إطلاق جميع الأسرى من الطرفين المتعاقدين، وتعهد كلاهما أن يحافظ على السلم عشر سنين وعشرة شهور. وهكذا أفلح الإمبراطور الطريد فيما عجز عنه المسيحيون في مائة عام كاملة، والتقت الثقافتان المسيحية والإسلامية فترة من الزمان وهما متفاهمتان، تحترم كلتاهما الأخرى، ووجدتا أن في وسعهما أن يعيشا معاً في صفاء ووئام. واغتبط سكان الأرض المقدسة المسيحيون، ولكن جريجوري التاسع نادى بان تلك المعاهدة سبة للعالم المسيحي، وأبى أن يقرها. ولما رجع فردريك إلى بلاده استولى النبلاء المسيحيون المقيمون في فلسطين على بيت المقدس، وعقدوا حلفاً بين القوة المسيحية في آسيا، وبين أمير دمشق المسلم ضد سلطان مصر المسلم (1244). واستنجد سلطان مصر بأتراك خوارزم، فخف هؤلاء لنجدته واستولوا على بيت المقدس ونهبوها، وقتلوا عدداً كبيراً من أهلها. وبعد شهرين من ذلك الوقت هزم بيبرس المسيحيين في غزة، وسقطت مدينة بيت المقدس مرة أخرى في أيدي المسلين (أكتوبر سنة 1244).

حربه ضد البابا و Guelphs الإيطاليين

ولما وصل فردريك برنديزي جيش فيها من فوره جيشاً جديداً. وزحف به ليسترد المدن التي استسلمت للبابا. وفر جيش البابا أمامه وفتحت له المدن أبوابها، ولم يقاوم منها إلا سورا Sora فضرب عليها الحصار حتى استولى عليها عنوة وأشعل فيها النار فدمرتها تدميراً. ووقف فردريك عند حدود الولايات البابوية، وأرسل إلى البابا يدعوه إلى الصلح، فأجاب البابا دعوته ووقعا معاهدة سان جرمانو San Germano (1230)، وألغى قرار الحرمان ورفرف لواء السلم إلى حين.

أعجوبة العالم

ثم وجه فردريك عنايته للشؤون الإدارية، فأخذ يعالج من مقره في فجيا Foggia من أعمال أبوليا Apulia مشاكل دولته التي اتسعت فوق ما ينبغي أن تتسع. وزار ألمانيا في عام 1231 وأيد في "قانون لمصلحة الأمراء" ما كان هو وولده قد منحه من سلطان البارونات؛ وذلك بأنه كان يرضي أن يسلم ألمانيا للإقطاع إذا كان تسليمه يتيح له السلم التي تمكنه من أن ينفذ ما يريده لإيطاليا، ولعله أدرك أن معركة بوفين قد أنهت زعامة ألمانيا لأوربا، وأن القرن الثالث عشر هو عصر فرنسا وإيطاليا؛ وقد جوزي على إهماله شؤون ألمانيا بتمرد ابنه وانتحاره. واستطاع أن يؤلف بين عواطف الصقليين المتعددة وينشئ منها صرحاً من النظام والرخاء يعيد إلى الأذهان مجدها في أيام روجر الثاني. فقد ألقى القبض على المسلمين الثائرين المعتصمين بالجبال، ونقلهم إلى إيطاليا، ودربهم ليجعل منهم جنوداً مرتزقة، فأصبحوا خير من يعتمد عليهم في جيش فردريك. وفي وسعنا أن نتصور غضب البابوات حين يرون الجنود المسلمين يقودهم الإمبراطور ويحارب بهم جنده. وظلت بالرم حتى ذلك الوقت عاصمة الصقليتين من الوجهة القانونية، ولكن فجيا كانت هي العاصمة الحقيقية. وكان فردريك يحب إيطاليا حباً لا يعادله حب معظم الإيطاليين، وكان يعجب كيف يقدر يهود فلسطين هذا التقدير العظيم وإيطاليا على ظهر الأرض؛ وكان يسمى إيطاليا الجنوبية "قرة عينه وملجأ وسط السيول، وجنة وسط برية من الأشواك"(30)، وشرع في عام 1223 يشيد في فجيا القصر الحصين الهائل الذي لم يبق منه اليوم إلا مدخله؛ وسرعان ما قامت حول بيته مدينة من القصور يسكنها أعوانه، ودعا أشراف مملكته الإيطالية ليكونوا وصفاء في بلاطه، وما زالوا يرقون في خدمته حتى كان منهم عماله الذين تولوا شؤون الحكومة الإدارية. وكان على رأس هؤلاء جميعاً بيرو دلي فجني Piero delle Vigne خريج مدرسة الحقوق في بولونيا. وقد عينه فردريك أميناً على بيت المال وأحبه كحبه أبنه أو أخاه، وحل رجال القانون محل رجال الدين في دولاب الحكم في باريس بعد سبعين عاماً من ذلك الوقت؛ فهنا في أقرب الدول إلى كرسي القديس بطرس انتقل الحكم انتقالاً تاماً من أيدي رجال الدين إلى أيدي رجال الدنيا.

وإذ كان فردريك قد نشأ في عصر الفوضى، وتشبع بالآراء الشرقية، فإنه لم يخطر بباله قط أن النظام المعروف باسم الدولة يستطاع المحافظة عليه بغير سلطان الملوك. ويبدو أنه كان يعتقد مخلصاً أنه إذا انعدمت السلطة المركزية القوية أهلك الناس أنفسهم، أو افتقروا المرة بعد المرة بسبب الإجرام والجهل، والحرب؛ وكان مثل بربروسه يرى أن نظام المجتمع أعظم قيمة من حرية الشعب، ويحس أن الحاكم الحازم الذي يستطيع المحافظة على النظام يستمتع بكل ما في ملكه من نعيم. وكان يسمح للشعب بقدر من التمثيل في حكومته: فقد أنشأ جمعيات تنعقد مرتين كل عام في خمسة مواضع من مملكته، لتعالج المشاكل، والشكاوي والجرائم المحلية. ولم يدع إلى هذه الجمعيات أشراف الإقليم ومطارنته فحسب، بل كان يدعو إليها بالإضافة إليهم أربعة مندوبين عن كل مدينة كبيرة، ومندوبين اثنين عن كل بلدة. أما فيما عدا هذا فقد كان فردريك ملكاً مطلق السلطان، يرى أن القاعدة الأساسية التي يقوم عليها القانون الروماني- وهي أن الأهلين قد عهدوا إلى الإمبراطور دون غيره الحق المطلق في التشريع-

يرى أن هذه القاعدة من البدائة التي لا تقبل الجدل. واصدر للدولة من ملفي Melfi عام 1231 الكتاب الأعظم وهو أول مجموعة منظمة للقوانين بعد جستنيان، وأتم كتابٍ في فقه التشريع في تاريخ القانون كله. ويرجع أكبر الفضل في صدوره إلى مهارة بيرودلي فجني وحسن مشورته. وكان هذا القانون رجعياً من بعض الوجوه؛ فقد أقر ما في النظام الإقطاعي من فروق بين الطبقات. وأيد ما كان للسيد الإقطاعي من حقوق قديمة على أرقاء أرضه، لكنه كان في كثير من النواحي قانوناً تقدمياً: فقد حرم الأشراف من سلطانهم التشريعية والقضائية، وحقهم في سك العملة، وركز هذه الحقوق كلها في الدولة؛ وألغى نظام التقاضي بالقتال أو التحكيم الإلهي، وأنشأ نظام المدعين العموميين المعينين من قبل الدولة لتعقيب الجرائم التي ظلت حتى ذلك الوقت تقلت من العقاب إذا لم يتقدم مواطن ما بعرضها على القضاء. وندد الكتاب بالتباطؤ في إصدار الأحكام، ونصح القضاة بتقصير خطب المحامين، وحتم على محاكم الدولة أن تعقد جلساتها في كل يوم ما عدا أيام العطلة الرسمية. وعني فردريك كما عني معظم الحكام في العصور الوسطى بتنظيم شؤون الاقتصاد القومي، فحدد "ثمناً عادلاً" لعدد من مختلف الخدمات والسلع. وأممت الدولة إنتاج الملح، والحديد، والصلب، والقنب، والقار، والمنسوجات المصبوغة، والأقمشة الحريرية(31)؛ وأقامت الدولة مصانع للنسيج تعمل فيها إماء مسلمات على أعين رؤوساء من الخصيان(32)؛ وكانت تمتلك وتدير مذابح الحيوانات والحمامات العامة؛ وأنشأت مزارع نموذجية، وشجعت زراعة القطن وقصب السكر، وطهوت الغابات والحقول من الحيوانات الضارة، وشقت الطرق وأقامت القناطر، وحفرت الآبار لتزيد موارد المياه(33).وكان الجزء الأكبر من التجارة الخارجية في يد الدولة تنقله سفن تمتلكها الحكومة، كان في واحدة منها ثلاثمائة من الملاحين(34). وخفضت المكوس المفروضة على التجارة الداخلية إلى الحد الأدنى، ولكن العوائد المفروضة على الصادرات والواردات كانت أكبر مورد من موارد الدولة. وكان ثمة ضرائب أخرى كثيرة، لأن هذه الحكومة كانت تستطيع أن تجد على الدوام، كما تجد سائر الحكومات، منافع للمال. ومن بين الأعمال التي تعلي من قدر فردريك أنه وضع نظاماً سليماً للنقد روعيت فيه واجبات الشرف والأمانة.

وكان فردريك وحده سيد هذه الدولة والمدير لجميع شؤونها، وأراد أن يجعلها ذات جلال وقداسة دون أن يعتمد على المسيحية التي كانت في العادة مغاضبة له، فبذل غاية في جهده في أن يخلع على نفسه كل ما كان يحيط بالإمبراطور الروماني من رهبة وجلال. فلم يطبع على نقوده الجميلة الشكل شعاراً أو لفظاً مسيحياً، بل طبع حول أحد وجهيها تلك الأقصوصة Aug Cesar Rom Imp (الإمبراطور الروماني قيصر أغسطس) وطبع على الوجه الآخر النسر الروماني يحيط به اسم Fredericus (فردريكوس). ولقن الناس أن الإمبراطور كان بمعنى ما ابن الله، وأن شرائعه هي العدالة الإلهية مقننة، وكانوا يشيرون إليه بلفظ Iustitia وهي كلمة تكاد تكون صيغة الغائب الثالوث جديد. وكان فردريك يحرص على أن يوضع إلى جانب أباطرة الرومان في التاريخ ومعارض الفن، فأمر المثالين بأن ينحتوا له تماثيل من الحجارة، وزينت رأس قنطرة في فلتورنو Volturno، وفتحة باب في كيوا، بنقوش من الطراز القديم تمثله هو وأعوانه؛ ولم يبق من هذا كله إلا رأس أنثى ذو جمال بارع(35). لكن هذه المحاولة التي بذلت قبل عصر النهضة لإحياء الفن القديم أخفقت لأن تيار الفن القوطي قد اكتسحها أمامه.

واستطاع فردريك، رغم اقترابه من الألوهية، وجده المتواصل في شؤون الملك أن يستمتع بالحياة بمختلف نواحيها في بلاط بفجيا. فقد كان لديه جيش من الأرقاء، كثرتهم من المسلمين، يقومون على خدمته، ويشرفون على دولاب حكومته وموظفيه. ولما توفيت زوجته الثانية تزوج بإزبلا الإنجليزية عام 1235؛ ولكن إزبلا الإنجليزية لم يكن في مقدورها أن تفهم عقليته أو أخلاقه، فآثرت الانزواء وتركت فردريك يستمتع بعشيقاته حتى ولد له ابن غير شرعي. وكان أعداؤه يتهمونه بأنه أنشأ لنفسه "حريماً"، كما اتهمه جريجوري التاسع باللواط(36)؛ ورد فردريك على ذلك بقوله إنه يحتفظ بجميع أولئك النساء البيض والسود، والغلمان لبراعتهم في الغناء، والرقص، والألعاب البهلوانية، أو غيرها من ضروب التسلية المعتادة في بلاط الملوك. وكان يحتفظ فضلاً عن هذا كله بحديقة للحيوان البري، وكان يسافر أحياناً وفي صحبته عدد من الفهود، والوشق، والآساد، والنمورة الرقطاء، والقردة، والدببة، مسلوكة في السلاسل يقودها عبيد من المسلمين. وكان فردريك مولعاً باقتناص الحيوان وصيد الحيوان بالصقورة، وجمع الطيور الغريبة، وقد كتب لابنه مانفرد Manfred رسالة علمية في الصيد بالبزاة جديرة بالإعجاب.

وكان أعظم ما يستمتع به بعد الصيد هو الحديث الظريف المهذب - delico parlare، فكان يفضل التقاء العقول الحصيفة على المبارزة بالسلاح، وكان هو نفسه أعظم المحدثين ثقافة في أيامه، وقد اشتهر بفكاهته وسرعة بديهيته، وكان هو فلتير نفسه(37).وكان يتحدث بتسع لغات ويكتب سبعاً منها، ويراسل الكامل باللغة العربية، ويقول له في رسائله إنه أعز أصدقائه بعد أولاده، ويكتب باللغة اليونانية إلى جون فانتزس John Vatatzes زوج ابنته وإمبراطور الروم؛ وباللغة اللاتينية إلى العالم الغربي. وكان رفاقه - وبخاصة بيرودلي فجني - يصوغون أسلوبهم اللاتيني البليغ على نمط الكتب الرومانية القديمة؛ لأنهم كانوا يحسون بروح الكتاب الرومان الأقدمين تسري في نفوسهم ويعملون على محاكاة هؤلاء الكتاب، وكادوا يكونون هم الرواد السباقين لكتاب عصر النهضة ذوي النزعة الإنسانية. وكان فردريك نفسه شاعراً، أثنى دانتي على شعره اللاتيني، وقد أدخل غزل بروفانس والشعراء المسلمين الغزلين في بلاطه، وتعلق به، وقلده النبلاء الشبان الذين كانوا في خدمة المليك. وكان الإمبراطور نفسه يحب أن يستريح من العناء بعد أن يقضي يوماً من تصريف شؤون الملك أو الصيد أو الحرب ومن حوله النساء الحسان والشعراء يتغنون بأمجاده ومفاتن نسائه، كما كان يفعل بعض الأمراء في بغداد.

وكان فردريك كلما تقدمت به السن يوجه قسطاً متزايداً من اهتمامه إلى العلوم والفلسفة. وكان أكبر ما يبعث فيه هذه الرغبة العلمية هو التراث الذي خلفه المسلمون في صقلية. وقد قرأ بنفسه كثيراً من روائع الكتب العربية الخالدة، واستدعى إلى بلاطه كثيرين من العلماء والفلاسفة المسلمين واليهود، وأجاز العلماء على ترجمة المراجع الهامة اليونانية والإسلامية إلى اللغة اللاتينية. وقد بلغ من ولعه بالعلوم الرياضية أن أقنع سلطان مصر بأن يبعث له بأحد الرياضيين الذائعي الصيت، كما كان على صلة ودية وثيقة بليوناردو فيبوناتشي Leonards Fibonacci أعظم علماء الرياضة المسيحيين في أيامه. لكنه كان يشارك أهل زمانه في بعض خرافاتهم، وأشتغل بالتنجيم والكيمياء الكاذبة، وأغرى ميخائيل اسكت Michael Scot الذي كان واسع المعرفة في علوم مختلفة بأن يجيء إلى بلاطه، وأخذ يدرس معه بعض العلوم الخفية بالإضافة إلى الكيمياء، والتعدين، والفلسفة. وكان شغوفاً بالإطلاع في جميع العلوم، فكان يبعث بالأسئلة العلمية والفلسفية إلى العلماء المقيمين في بلاطه وإلى غيرهم في البلاد النائية كمصر، وبلاد العرب، والشام والعراق. وكانت لديه حديقة للحيوان يتخذها للدرس لا للهو، ونظم تجارب علمية في تربية الدجاج، والحمام، والخيل، والجمال، والكلاب، ووضع قوانين لتحريم الصيد في مواسم معينة قائمة على أساس سجلات دقيقة خاصة بمواسم الزواج والتوالد عند الحيوان حتى قيل إن حيوانات أبوليا كتبت إليه تشكره على حسن صنيعه. وقد تضمنت شرائعه تنظيماً مستنيراً لمهنة الطب، والجراحات الطبية وبيع العقار. ولم يكن يرى حرجاً في تشريح جثث الموتى، وكان الأطباء المسلمون يعجبون من سعة علمه بالتشريح. أما الفلسفة فحسبنا دليلاً على واسع علمه بها أنه طلب إلى بعض علماء المسلمين أن يفسروا ما بين آراء أرسطو والإسكندر الأفروديسي من تناقض في خلود العالم. ولقد حياه ميخائيل اسكت بقوله: "أيها العاهل المحظوظ، إني لقوي الاعتقاد بأنه لو كان في مقدور رجل ما أن يفر من الموت بعلمه لكنت أنت ذلك الرجل(38)".

وكان فردريك يخشى أن تضيع بحوث العلماء الذين جمعهم عنده بعد موتهم، فأنشأ في عام 1224 جامعة نابلي - وهي أنموذج نادر من جامعات العصور الوسطى، أقيمت من غير حاجة إلى موافقة السلطات الدينية على إنشائها. وقد استدعي إليها علماء متبحرين في جميع الفنون والعلوم، ومنحهم مرتبات عالية، ورتَّب إعانات مالية ليمكن النابهين من الطلاب الفقراء من الدرس. وحرَّم على شباب مملكته أن يخرجوا منها في طلب التعليم العالي؛ وكان يأمل أن تنافس نابلي بعد وقت قصير مدينة بولونيا فتصبح مدرسة كبرى للقانون وتدرّب الناس على أعمال الإدارة العامة.

وبعد فهل كان فردريك ممن ينكرون وجود الله ؟ لقد كان في شبابه من الأتقياء الصالحين، ولعله ظل مستمسكاً بالعقائد الأساسية في الديانة المسيحية إلى أيام حربه الصليبية. ثم يبدو أن اتصاله الوثيق بزعماء المسلمين ومفكريهم قضي على عقيدته المسيحية. وقد افتتن بعلوم المسلمين ورآها أسمى قدراً من أفكار المسيحيين ومعارفهم أيامه. ومما يدل على ذلك أنه لما عقد مجمع الأمراء الألمان في فريولي Friuli، (1232) استقبل وفداً من المسلمين أحسن استقبال، ثم اشترك على مرأى من الأساقفة والأمراء مع هؤلاء المسلمين في وليمة أقيمت للاحتفال بأحد الأعياد الدينية الإسلامية(39). ويقول عنه ماثيوباريس Matthew Paris: "ويقول أعداء الإمبراطور إنه يوافق على شريعة محمد ويؤمن بها أكثر من إيمانه بشريعة المسيح عيسى ... وإن صداقته للمسلمين أقوى من صداقته للمسيحيين"(40). وشاعت عنه شائعة صدقها جريجوري التاسع تتهمه بأن قال إن "ثلاثة من المشعوذين ساقوا بدهائهم أهل زمانهم ليسودوا بهم العالم - موسى، وعيسى، ومحمداً !". ودوي هذا السباب والكفران في جميع أنحاء أوروبا، وأنكر فردريك التهمة، ولكنها ساعدت على نفور الرأي العام منه في آخر أزمات حياته. وما من شك في أنه كان حر الفكر إلى حد ما، فقد كانت لديه شكوكه في العقيدة القائلة بأن العالم خلق دفعة واحدة في زمن معين، وفي خلود الفرد، وفي ولادة العذراء، وفي أمثالها من العقائد الواردة في الدين المسيحي(42). وقال حين رفض مبدأ التحكيم الإلهي: "منذا الذي يصدق أن الحرارة الطبيعية الكامنة في الحديد المتوهج تبرد من غير سبب كاف، أو أن عنصر الماء يرفض قبول (غمر) المتهم لأنه ميت الضمير"(43). ولم ينشئ في حياته كلها إلا كنيسة واحدة.

وقد منح جميع أصحاب العقائد المختلفة في مملكته حرية العبادة ببعض القيود، فقد كان الروم الكائوليك، والمسلمون، واليهود يمارسون شعائر دينهم دون أن يصيبهم أذى، ولكنهم لم يكن في مقدورهم (إلا في حالة واحدة) أن يدرسوا في الجامعة، أو أن يرقوا إلى منصب رسمي في الدولة. وكان يحتم على جميع المسلمين والعبرانيين أن يرتدوا ثياباً تميزهم عن المسيحيين، وألزم المسلمين واليهود بأن يؤدوا نظير إعفائهم من الخدمة العسكرية ضريبة الفرضة التي كان الحكام المسلمون يفرضونها على المسيحيين واليهود. وكانت شرائع فردريك تعاقب من يعتنق الدين اليهودي أو الإسلامي من المسيحيين أشد العقاب، غير أنه لما اتهم يهود فلدا Fulda في عام 1235 بأنهم يقتلون طفلاً مسيحياً ليستخدموا دمه في عيد فصحهم هب فردريك لإنقاذهم، وكذب القصة وقال إنها خرافة اخترعها غلاظ القلوب، وكان عنده في بلاطه عدد من العلماء اليهود(44).

وأشد ما يلاحظ من تناقض في حكم هذا الملك الذي يجري على سنن العقل هو اضطهاده الإلحاد والملحدين. ذلك أن فردريك لم يكن يسمح في بلاده بحرية التفكير أو القول لإنسان ما حتى أساتذة جامعته، بل اختص نفسه ورفاقه دون غيرهم بهذه الميزة، فقد كان كمعظم الحكام يرى أن الدين ضروري لا غنى عنه للنظام الاجتماعي، ولم يكن يقبل أن يقوض علماؤه دعائمه؛ يضاف إلى هذا أن القضاء على الإلحاد ييسر قيام السلام المتقطع مع البابوات؛ وجرياً على هذه السياسة أيد فردريك محكمة التفتيش كل التأييد على حين أن بعض الملوك في القرن الثالث عشر ترددوا في معاونتها، وبذلك اتفق البابوات هم وعدوهم الألد في هذه المسألة وحدها.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

آخر وألد معارضيه، إنوسنت الرابع

قوات فردريك الثاني كانت تقبض مهاياها بعملات جلدية، من Chigi Codex, مكتبة الڤاتيكان.

وأخذت أهداف فردريك البعدية الواسعة المدى تزداد وضوحاً كلما تقادم حكمه في فوجيا: كان يبغي أن يبسط سلطانه على إيطاليا بأجمعها؛ وأن يوحد إيطاليا وألمانيا تحت سلطان الإمبراطورية الرومانية بعد أن يعيدها إلى الوجود، ولعله كان يبغي أيضاً أن يجعل روما كما كانت قبل عاصمة العالم الغربي السياسية والدينية معاً. ولما أن دعا الأعيان الإيطاليين والمدن الإيطالية إلى مجمع في كرمونا Cremona عام 1226 كشف عن أغراضه بأن أرسل الدعوة أيضاً إلى دوقية اسبليتو، وكانت وقتئذ ولاية بابوية، وبأن سير جنوده في أراضي البابوات. وأمر البابا أعيان اسبليتو ألا يحضروا الاجتماع. وارتابت مدن لمباردية في الدعوة فرأت فيها وسيلة يبغي بها فردريك أن يخضعها للإمبراطور خضوعاً حقيقياً لا خضوعاً اسمياً فحسب، فأبت أن ترسل مندوبين عنها إلى الاجتماع؛ ولم تكتف بهذا بل ردت على هذه الدعوة بأن ألفت العصبة اللمباردية الثانية التي تعهدت فيها مدائن ميلان، وتورين، وبرجامو، وبرشيا، ومانتوا، ويولونيا، وفيسنزا، وقيرونا، وبدوا، وتافيزو أن تعقد فيما بينها حلفاً دفاعياً هجومياً يدوم خمساً وعشرين سنة؛ وبهذا لم يجتمع المجمع قط.

وخرج هنري على أبيه فردريك في عام 1234، وتحالف مع العصبة اللمباردية، فركب فردريك من جنوبي إيطاليا إلى فورمز Worms وليس معه جنود، بل كان معه بدلاً منهم مال كثير؛ وخمدت الفتنة حين ترامت إلى القائمين بها أخبار قدومه أو حين مست أيديهم ذهبه؛ وزج هنري في السجن، وظل يكتوي بناره سبع سنين؛ وبينما كان ينتقل إلى مكان آخر يحبس فيه، عدا بجواده فوق جرف عال وهوى إلى أسفله جثة هامدة. وواصل فردريك سيره إلى مينز، ورأس فيها مجمعاً، أقنع فيه كثيرين من النبلاء الحاضرين أن ينضموا إليه في حملة يعيد بها سلطة الإمبراطورية على لمباردية. واستطاع بفضل هذه المعونة أن يهزم جيش العصبة اللمباردية (1237)؛ واستسلمت له جميع مدنها ما عدا ميلان وبريشيا، وعرض جريجوري التاسع وساطته بين الطرفين، غير أنه لم يكن من المستطاع التوفيق بين آمال فردريك في الوحدة وحب الإيطاليين الحرية.

وقرر جريجوري في هذه الساعة الفاصلة أن ينضم إلى جانب العصبة، وأن يجعل مصير سلطة البابوات الزمنية موقوفة على نتيجة هذه الحرب، مع أنه كان وقتئذ رجلاً مريضاً في سن التسعين. ولم يكن جريجوري مولعاً بحب المدن اللمباردية، فقد كان مثل فردريك يرى أن حريتها هي الطريق المؤدي إلى النزاع والفوضى، ويعرف أنها تأوي الملحدين الذين يعارضون جهرة في ثروة الكنيسة وسلطته الزمنية. وفي هذا الوقت بالذات كان الملحدون من أهل ميلان المحاصرة يدنسون مذابح الكنائس ويقلبون الصلبان التي تحمل صورة المسيح(45). ولكن جريجوري كان يعتقد أنه إذا تغلب فردريك على هذه المدن، ابتلعت إيطاليا الموحدة الولايات البابوية، وتألفت منها كلها إمبراطورية موحدة يسيطر عليها عدو للمسيحية وللكنيسة. ولهذا أقنع جريجوري مدينتي البندقية وجنوى بالانضمام إليه هو والعصبة في حرب يشنها على فردريك؛ ثم اصدر منشوراً عاماً شديد اللهجة، اتهم فيه فردريك بالكفر، والتجديف، والاستبداد، وبالرغبة في القضاء على سلطة الكنيسة، ثم حرمه في عام 1239، وأمر كل مطران من مطارنة الروم الكاثوليك أن يعلن أنه خارج على القانون، وأعفي رعاياه من يمين الولاء التي اقسموها له. ورد فردريك على هذا برسالة دورية بعث بها إلى ملوك أوروبا ينفي فيها تهمة الكفر، ويتهم البابا بأنه يريد أن يخضع جميع الملوك لسلطان البابوية، وأخذ النزاع الأخير بين الإمبراطورية والبابوية يجري في مجراه.

وأظهر ملوك أوروبا عطفهم على فردريك، ولكنهم لم يهتموا بما طلبه إليهم من معونة. كذلك انحاز أعيان ألمانيا وإيطاليا إلى جانبه، لأنهم كانوا يرجون أن يعيدوا مدنهما إلى طاعتهم الإقطاعية؛ أما في المدن نفسها فقد انحازت الطبقتان الوسطى والدنيا بوجه عام إلى جانب البابا، وعادت إلى الوجود عبارتا ويبلنج وولف Waibling and Welf بعد أن تحولتا إلى لفظي جبلين وجلف Ghibelline and Gulf ليدل أول اللفظين على أنصار الإمبراطورية، والثاني على المؤيدين للبابوية. ولم تخل روما نفسها من هذا الانقسام، فقد كان فيها كثيرون من المؤيدين لفردريك؛ ولما أن اقترب من روما بجيش صغير أخذت المدن واحدة بعد واحدة تفتح له أبوابها لأنها رأت فيه قيصراً ثانياً. وتوقع فردريك أن يلقي القبض عليه، فاخترق العاصمة على رأس موكب حزين من رجال الدين. وتأثرت قلوب الرومان بشجاعة البابا الشيخ وضعفه، وعمد الكثيرون منهم إلى أسلحتهم للدفاع عنه. ولم يشأ فردريك أن يحسم الموقف في ذلك الوقت فمر بروما جون أن يعرج عليها وقضى الشتاء في فجيا. وكان قبل ذلك قد أقنع الأمراء الألمان بأن يتوجوا ابنه كنراد ملك الرومان (1237)، ووضع زوج ابنته على رأس حكومة فيسنزا، وبدوا، وتريفيزو، كما وضع على رأس حكومة المدن الأخرى التي استسلمت له إنزيو أحب أبنائه إليه وهو "صورة منا في وجهه وقوامه"، فقد كان وسيماً، فخوراً، مرحاً، شجاعاً في الحرب، بارعاً في قول الشعر. واستولى الإمبراطور على رافنا وفائنزا في عام 1240، وخرب في عام 1241 بنفنتو مركز القوات البابوية. واعترض أسطوله قافلة بحرية من جنوى تنقل إلى روما طائفة من الكرادلة، والمطارنة، ورؤساء الأديرة، والقساوسة الفرنسيين والأسبان والإيطاليين، وحجزهم فردريك في إبوليا ليتخذهم رهائن يساوم بهم؛ وما لبث أن أطلق الفرنسيين منهم، ولكنه أطال احتجاز الباقين، ومات عدد منهم في السجن، فارتاعت أوروبا التي طالما رأت أن رجال الدين محصنون يجب ألا يعتدي عليهم، وكثر وقتئذ عدد الذين يعتقدون أن فردريك هو المسيح الدجال الذي تنبأ بظهوره يواقيم الفلوري Joochim of Flora الصوفي منذ بضع سنين. وعرض فردريك أن يطلق رجال الدين إذا رضي جريجوري أن يعقد معه الصلح ولكن البابا لم يتزحزح عن موقفه إلى يوم مماته (1241).

وكان إنوسنت الرابع أكثر مسالمة من سلفه، فقد وافق بتحريض القديس لويس على شروط الصلح (1244)، ولكن مدن لمبارديا امتنعت عن التصديق على الاتفاق، وذكرت إنوسنت بأن جريجوري قد تعهد بألا تعقد البابوية صلحاً منفرداً مع فردريك. وغادر إنوسنت روما سراً، وهرب إلى ليون Lyons، وواصل فردريك الحرب، وبدا أن ليس ثمة قوة تستطيع منعه من فتح الولايات البابوية وضمها إلى دولته وإقامة سلطانه في روما. ودعا إنوسنت رجال الدين إلى مجلس عقد في ليون، وكرر هذا المجلس حرمان الإمبراطور وخلعه لأنه رجل فاسد الأخلاق، عاق، وتابع عديم الولاء لسيده البابا الذي يقر بسيادته عليه (1245). واختار النبلاء الألمان، بتحريض البابا، هنري رابس Henry Rapse إمبراطوراً بدل فردريك، فلما مات نادوا بوليم الهولندي William of Holland خلفاً له. وأصدر البابا قراراً بحرمان كل من يساعد فردريك، وحرمت الخدمات الدينية في كل الأقاليم الموالية له؛ وأعلنت عليه هو وإنزيو حرباً صليبية، ومنح الذين حملوا الصليب للقتال في فلسطين إذا اشتركوا في قتال الإمبراطور الكافر جميع المزايا التي تمنح الصليبيين.

معركة پارما ونهايته

The sarcophagus of Frederick II of Hohenstaufen in the Cathedral of Palermo.

وأطلق فردريك العنان لحقده وشهوة انتقامه، وأقدم على أعمال قطعت عليه خط الرجعة. فأصدر "منشوراً للإصلاح" يعلن فيه أن رجال الدين "عبيد للدنيا منهمكون في ملذاتهم، لم تبق ثروتهم المتزايدة على شيء من تقواهم"(46). ثم صادر ما للكنيسة من أملاك في الصقليتين ليستخدم ثمنها في حربه، ولما أن تزعمت بلدة في أبوليا مؤامرة للقبض عليه، أمر برؤساء المتآمرين فاقتلعت عيونهم وبترت أعضاءهم ثم قتلوا. ولما أن استنجد به ابنه كنراد، اتخذ سبيله إلى ألمانيا، ولكنه علم وهو في تورين أن بارما قد انتقصت على حاميته التي بها، وأن الخطر محدق بإنزيو، وأن الثروة قد اندلع لهيبها في إيطاليا الشمالية كلها وصقلية نفسها، فأخذ يقلم أظفار فتنة بعد فتنة في مدينة تلو مدينة، ويأخذ الرهائن من كل واحدة منها، ويقتل أولئك الرهائن حين تثور عليه مدنهم. وإذا وجد في الأسرى رسلاً للبابا أمر بقطع أيديهم وأرجلهم(47).

وبينما كان الحصار مضروباً على بارما سئم فردريك طول البطالة فخرج هو وإنزيو وخمسين من الفرسان لصيد طيور الماء في المستنقعات المجاورة للمدينة. وبينما هم في صيدهم خرج رجال بارما ونساؤها على المحاصرين وهجموا عليهم هجوم اليائيسين، فتغلبوا على قوات الإمبراطور المختلة النظام المعدومة القيادة، واستولوا على أموال الإمبراطور وحريمه ووحوشه، فما كان منه إلا أن فرض ضرائب فادحة، وجهز جيشاً جديداً، وواصل القتال. وجاءته الأنباء بأن بيرو دلي فجني وزيره الأول وموضع ثقته قد غدر به وأخذ يدبر المؤامرات ضده؛ فأمر بالقبض عليه وفقء عينيه، فما كان من بيرو بعد أن فعل به هذا إلا أن أخذ يضرب برأسه جدران سجنه حتى مات (1249). وجاءته الأنباء في تلك السنة نفسها أن سكان بولونيا قد أسروا إنزيو في المعركة التي قامت عند لافسالتا La Fossaalta، وحدث في الوقت عينه أن حاول طبيب فردريك أن يقتله بالسم؛ وحطمت هذه الضربات المتوالية السريعة روح الإمبراطور، فارتد إلى أبوليا ولم يشترك بعدئذ في الحرب القائمة. وانتصر قواده في عدة معارك عام 1250، ولاح أن الحظ قد عاد يواتيه. فقد طلب القديس لويس وهو في أسر المسلمين في مصر إلى إنوسنت الرابع أن يضع حداً للقتال حتى يستطيع فردريك أن يخف لنجدة الصليبيين. ولكن صحة الإمبراطور أخذت في الوهن ولم تفدها هذه الآمال المنعشة، فقد حطم الزحار - وهو البلية التي طالما أذلت ملوك العصور الوسطى -، جسم الإمبراطور المتغطرس. وطلب أن تغفر له ذنوبه، فأجيب إلى طلبه، ولبس الإمبراطور الملحد مسوح الرهبان السسترسيين، ومات في فلورنتينو في الثالث عشر من ديسمبر سنة 1250. وتهامس الناس بأن روحه قد حملتها الشياطين واخترقت بها فوهة بركان إتنا إلى الجحيم.

ولم يظهر بعد موته ما له من نفوذ، فسرعان ما انهارت إمبراطوريته، وتفشت فيها الفوضى أشد مما كانت عليه حين جلس على عرشها. واختفت الوحدة التي قضي حياته يحارب من أجلها حتى من ألمانيا نفسها، وسارت المدن الإيطالية في ركب الحرية وقوتها الناشطة المبدعة، وسلكت طريق الفوضى، فأدى بها إلى استبداد الأدواق والزعماء اللصوص الذين ورثوا، وهم لايكادون يدركون، فساد فردريك الخلقي، وحريته الفكرية، ومناصرته الآداب والفنون. والحق أن ما كان يتصف به طغاة عصر النهضة من ذكاء قوى مجرد من الضمير كان صدى لخلق فردريك وعقله خالياً من ظرفه وفتنته. وإنا لنستبين في تفكير فردريك وفي حاشيته حلول الكتب اليونانية والرومانية القديمة محل الكتاب المقدس، والعقل محل الإيمان، والطبيعة محل الله، والضرورة محل العناية الإلهية، ثم استولت هذه النزعة بعد فترة من الاستمساك بالدين على عقول فلاسفة النهضة وكتابها الإنسانيين. وملاك القول أن فردريك كان "رجل النهضة" قبل أن يحل عهد النهضة بمائة عام. نعم إن مكيفلي كان يتحدث في كتاب الأمير وفي عقله سيزاري بورجيا Coesar Borgis ولكن فردريك هو الذي مهد السبيل لفلسفة كتاب الأمير. وكذلك كان نتشة ينظر بعين فكره إلى بسمارك ونابليون، ولكنه لم يكن ينكر أثر فردريك - "أول من يوافق هواي من الأوروبيين"(48). وقد ارتاعت الأجيال التي جاءت بعده بأخلاقه، وافتتنت بعقله، وقدرت بعض التقدير عظمة مطامعه الإمبراطورية، فوصفته المرة بعد المرة بالصفات التي ابتدعها ماثيو باريس حين قال عنه إنه الرجل "العجيب الذي بدل العالم وأثار عجبه Super mundi et immutator mirabilis".

شخصيته

أطلق معاصروه على فريدريك ستوبور موندي "عجب" - أو بشكل أكثر دقة ، "دهشة العالم" ؛ إن غالبية معاصريه ، الذين يؤيدون الأرثوذكسية الدينية في العصور الوسطى ، والتي بموجبها كان من المفترض أن تكون المذاهب التي أصدرتها الكنيسة موحدة وعالمية ، كانت بالفعل مندهشة - وأحيانًا تنفر - من الفردية الواضحة لإمبراطور هوهنشتاوفن ، عناده المزاجي ، وتعطشه للمعرفة غير التقليدي ، الذي لا يُطفأ تقريبًا.

كان فريدريك الثاني متشكك دينيًا. ويقال إنه استنكر موسى و عيسى و محمد باعتبارهم جميعًا محتالين ومضلين للبشرية. كان مسرورًا بالتلفظ بالتجديف وإبداء ملاحظات ساخرة موجهة نحو الأسرار والمعتقدات المسيحية. كانت شكوك فريدريك الدينية غير مألوفة بالنسبة للعصر الذي عاش فيه، وبالنسبة لمعاصريه، كانت مروعة للغاية وفضيحة.


الاصلاحات القانونية

ملخص/ذكراه

نسبه ونسله

نسبه

نسب فريدريك لثلاثة أجيال
Frederick II, Holy Roman Emperor Father:
Henry VI, Holy Roman Emperor
Paternal Grandfather:
Frederick I, Holy Roman Emperor
Paternal Great-grandfather:
Frederick II, Duke of Swabia
Paternal Great-grandmother:
Judith of Bavaria
Paternal Grandmother:
Beatrice I, Countess of Burgundy
Paternal Great-grandfather:
Renaud III, Count of Burgundy
Paternal Great-grandmother:
Agatha of Lorraine
Mother:
Constance of Sicily
Maternal Grandfather:
Roger II of Sicily
Maternal Great-grandfather:
Roger I of Sicily
Maternal Great-grandmother:
Adelaide del Vasto
Maternal Grandmother:
Beatrix of Rethel
Maternal Great-grandfather:
Ithier, Count of Rethel
Maternal Great-grandmother:
Beatrix of Namur


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أنجاله

فريدريك ، زير نساء سيئ السمعة ، ترك العديد من الأطفال ، الشرعيين وغير الشرعيين.

تراث

نقش عربي للإمبراطور الروماني المقدس فريدريك الثاني

وُجد نقش عربي خاص بالإمبراطور الروماني المقدس فريدريك الثاني يحتوي علي "قيصر المع‍ظم امبراطور رومية فردريك المنصور بالله مالك ألماني‍ة ولمبردية وتسقانة وإيطالية وانكبردة وقلورية وصقلية ومملكة الشام القدسية معز إمام رومية الناصر للملة المسيحية بشهر فورارو سنة ألف وم‍أتين وتسع وعشرين لتجسد سيدنا يسوع المسيح"

بمعني: "القيصر المع‍ظم الإمبراطور الروماني فريدريك المنصور بالله مالك ألمانيا ولومبارديا وتوسكانا وإيطاليا وقلورية وصقلية ومملكة الشام القدسية معز إمام روما الناصر للملة المسيحية بشهر فبراير سنة 1229 تُجسد سيدنا يسوع المسيح".

هامش

المصادر

  • Claudio Rendina, Federico II di Svevia - Lo specchio del mondo, Newton Compton, Rome, 1995, ISBN 88-7983-957-8.
  • David Abulafia, Frederick II. A Medieval Emperor, Allen Lane the Penguin Press, 1988, ISBN 88-06-13197-4 (Italian edition).
  • Georgina Masson, Frederick II of Hohenstaufen, Martin Secker & Warburg, 1957, ISBN 88-452-9107-3 (Italian edition).
  • Karen Armstrong, Holy War - The Crusades and Their Impact on Today's World, Anchor Books, second edition, December 2001, ISBN 0-385-72140-4.
  • R.H.C. Davis, A History of Medieval Europe, Longman Group UK Limited, second edition, 1988, ISBN 0-582-01404-2.
  • Amin Maalouf, The Crusades Through Arab Eyes, Schocken, 1989, ISBN 0-8052-0898-4.
  • Geoffrey Barraclough, The Origins of Modern Germany Norton, second edition, Norton, 1984 (2d ed. publ. 1947), ISBN 0-393-30153-2.
  • "Bibliographie zur Geschichte Kaiser Friedrichs II. Und der letzten Staufer", by Carl Arnold Willemsen. Pub: Monumenta Germaniae Historica (1986)

In addition, this article uses material from the corresponding article in the German-language Wikipedia, which, in turn, gives the following references; the notes are theirs:

    • Klaus van Eickels: Friedrich II., in: Bernd Schneidmüller/Stefan Weinfurter (editors): Die deutschen Herrscher des Mittelalters, Historische Porträts von Heinrich I. bis Maximilian I., Munich 2003, p. 293-314 and p. 585 (Bibliography). An outstanding short biography. Van Eickels also edited a volume of source materials on Frederick II.
    • Ernst Kantorowicz: Kaiser Friedrich II., 2. volumes, Stuttgart 1985-86 (Nachdruck der Ausgabe aus den 20er Jahren), Beautifully written, but very romanticized, so to be read with caution. The author belonged to the circle of Stefan George; a Jew, he successfully emigrated in the late 1930s.
    • Wolfgang Stürner: Friedrich II. (Gestalten des Mittelalters und der Renaissance), 2 volumes, Darmstadt 1992-2000. The best and most recent biography of Frederick II. Sober and objective, with an extensive guide to other literature on its subject.
    • Gunther Wolf (editor).: Stupor mundi. Zur Geschichte Friedrichs II. von Hohenstaufen (Wege der Forschung 101), 2. veränderte Aufl., Darmstadt 1982. An important collection of essays on Frederick II.


انظر أيضاً

وصلات خارجية

سبقه
كونستانس
ملك صقلية
11981250
تبعه
كونراد الأول
سبقه
جون من برين
ملك القدس
بالزواج من يولنده

12251228
تبعه
إليزابث من باڤاريا
سبقه
فيليپ من سوابيا
دوق سوابيا
12121216
تبعه
هنري الثاني
سبقه
اوتو الرابع
ملك ألمانيا
(رسمياً ملك الرومان)

12121220
تبعه
هاينرش السابع
سبقه
اوتو الرابع
ملك إيطاليا
12121250
تبعه
هنري السابع
(بعد عقود من
شغور العرش)
امبراطور روماني مقدس
12201250
تبعه
هنري السابع
(بعد عقود من
شغور العرش)
سبقه
دمتريوس من مونتفرات
ملك سالونيك
12301239
تبعه
بونيفاس الثاني من مونتفرات