عباس حلمي باشا

(تم التحويل من عباس حلمي الثاني)
عباس حلمي الثاني
خديوي مصر والسودان
Regno d'Egitto.gif
Abbas Hilmi II.JPG
العهد8 يناير 1892 – 19(20)(21) ديسمبر 1914
سبقهتوفيق باشا
تبعهحسين كامل
الأنجال
الأسرة المالكةأسرة محمد علي
الأبتوفيق باشا
الأمأمينة ابراهيم هانم سلطان

عباس حلمي الثاني (اشتهر عباس حلمي پاشا) (و. 14 يوليو 1874 - ت. 19 ديسمبر 1944)، هو آخر خديوي لمصر والسودان، من 8 يناير 1892 حتى عزله في 19 ديسمبر 1914).[1]

نص كتاب عهدي مذكرات عباس حلمي الثاني خديو مصر الأخير 1892-1914. انقر على الصورة للمطالعة.

كان عباس حلمي الثاني أكبر أولاد توفيق باشا وحاول أن ينتهج سياسة إصلاحية ويتقرب إلى المصريين ويقاوم الاحتلال البريطاني فانتهز الإنگليز فرصة بوادر نشوب الحرب العالمية الأولى وكان عباس خارج مصر فطلبوا منه عدم العودة إلى مصر وفرضوا عليها الحماية رسمياً وخلعه الإنگليز في 19 سبتمبر 1914، وطلبوا منه عدم العودة ونصبوا عمه حسين كامل سلطانًا على مصر بدلًا من أن يكون خديوي. وفرضوا على مصر الحماية رسميًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

ولد عباس حلمي في 14 يوليو 1873 في سراي نمرة 3 بالإسكندرية والذي شغلته فيما بعد كلية الآداب، جامعة الإسكندرية بعدة سنوات. يقول عن والده: "وكان والدي توفيق والدا حقيقيا بالنسبة لأبنائه ، وكانت والدتي الخير الأكثر قدرة للجميع".

مرت طفولته من 1874-1880 في حريم البيت. كان مربيه ومعلمه أحمد مختار پاشا أو الغازي مختار پاشا، الفلكي، والضابط العثماني، والصدر الأعظم العثماني عام 1912.[2] وكان كذلك المفوض العثماني (السفير) في القاهرة لمدة 28 سنة. تعلم عباس حلمي اللغتين التركية والإنجليزية، وتعلم في مدرسة بجوار قصر عابدين، وإلتحق بمدارس سويسرا 1883-1887 ثم إلتحق بالأكاديمية في فيينا، وفي يوم 7 يونيو 1892 توفي والده في قصره بحلوان، ووضع الإمبراطور جوزيف إحدى سفن النمسا تحت تصرفه، ووصل إلى مصر، توجه إلى الجيش بعد الإحباط الأول في تشكيل نظارة حسين فخري وفي خلال ستة أشهر تمكن من أن ينظم عمله بطريقة جعلته يشرف فعليا على نظارة الحربية.


توليه العرش

أزمة فرمان 1892

كان تعيين والي مصر من الحقوق التي آلت للدولة العثمانية منذ عصر محمد علي، وذلك عندما اشتد الصراع بينه وبين الولة العثمانية، فتدخلت الدولة الاوروبية وأملت على الدولة العثمانية تسوية لندن عام 1840. كما أصدرت فرمانات أخرىا مكملة لهذه التسوية في أول يونيو 1841. وقد نظمت التسوية العلاقة بين السلطان وولاة مصر حيث تقرر فيها لأول مرة منح محمد علي وأسرته حكم مصر بالوراثة على أن يختار الباب العالي بنفسه من يتقلد منصب الولاية من أبناء محمد علي. هذا، وإذا انقرضت ذرية محمد علي يحق للباب العالي اختيار شخص لولاية مصر.

وقد تحقق للدولة العثمانية من خلال هذه التسوية ممارسة سيادتها على مصر. فقد أوجدت هذه الاتفاقية حلاً وسطاً التقت عنده أهداف الجميع، فحاكم مصر من أسرة محمد علي من أتباع السلطان ورعاياه. وقد كان عليه أن يتوجه في بداية حكمه إلى الأستانة لاستلام خلعة توليه بنفسه، وأن يسك النقود ويجبي الضرائب باسم السلطان، وجيشه لا يتجزأ عن جيوش الدولة العثمانية، ولا تتعدى قواته 18 ألف رجل في أوقات السلم وولايته تطبق القوانين والمعاهدات العثمانية، وتقدم خراجاً سنوياً للسلطان.[3]

وقد بقيت في أيدي الولاة السلطة المطلقة على المصريين في المسائل الادارية والضريبية والسلطة التشريعية. لذلك لم تعترض تركيا على حق الوراثة طالما ان مصر لم تفلت من قبضتها، كما كان من حقها أن تجعل مصر من جديد مجرد ولاية عثمانية. كذلك استطاعت الدول الاوروبية عن طريق هذه التسوية أن تفرض نفسها حكماً بين الطرفين متقاضية من تدخلها نفوذاً عريضاً يستمد حيويته طوراً من التسوية، وطوراً من الامتيازات الأجنبية وضعف تركيا. كما تسعى جاهدة إلى إبقاء الوضع على ما هو عليه حتى تستطيع بناء وتدعيم مصالحها الاقتصادية والثقافية في البلاد وولاة مصر يغريهم حق الوراثة ويحاولون التخلص النهائي من قبضة تركيا.

وفي النهاية ضمنت الدول الاوروبية عن طريق هذه التسوية سلامة الدولة العثمانية وتماسك أراضيها.

وبمقتضى هذه التسوية استطاع أبناء محمد علي أمثال ابراهيم باشا في أول الأمر، ثم عباس الأول وسعيد وإسماعيل، أن يصيروا حكام مصر، ثم بذل كل "نائب سلطان" غاية جهده للحصول على حق الوراثة المباشر لذريتهم حتى يستطيعوا الاستقلال أكثر عن الدولة العثمانية.

وقد استطاع إسماعيل الذي كان أكثر من سلفيه أملاً في التغيير وتعديل نظام الوراثة والاستقلال الداخلي، ومن ثم أخذ يمهد لتحقيق هذا المشروع منذ بداية عهده في يونيو 1862، عن طريق بذل المال والهدايا، واستطاع خلال الأعوام 1866، 1867، 1873، الحصول على تعديل نظام وراثة العرش بحيث يكون من أكبر أبناء الوالي فأصبح من الأب إلى الإبن الأكبر.

كما تحدد بنود تشكيل مجلس الوصاية في حالة خلو العرش أو كون الوارث الشرعي له قاصراً، ثم استطاع أن يحصل بعد محادثات طويلة على لقب خديوي، وقد منحه الباب العالي هذا اللقب لا لنفسه فقط بل لمن يلونه من ورثته المباشرين.

وبالرغم من جهود ولاة مصر لتعديل نظام الوراثة وتحقيق الاستقلال الداخلي لهم، إلا أن الدولة العثمانية حاولت أثناء خلع الخديوي إسماعيل وتولية توفيق عرش مصر القضاء على الحقوق التاي حصلت عليها مصر في وراثة العرش، لذلك حينما أصدر الباب العالي الارادة التي أعلنت خلع إسماعيل أردفها بأخرى تقضي بإلغاء فرمان عام 1883، الذي نظم ورثة الاعرش، والذي قيل أن لسلطان قد منحه بصفته الشخصية، وأن منح لفرمان وإلغاؤه من الادارة الداخلية التي لا تمس حقوق الدول الكبرى. بل لا يعدو أن يكون قراراً سلطانياً من الممكن تعديله أو إلغاؤه بحسب ما يراه السلطان دون أن يتضمن هذا خرقاً للالتزامات التي تهد بها بالنسبة لمصر. وأنه لا يجب على أوروبا ان تعترض على هذا الإلغاء الذي كان من شأنه أن يعيد مصر إلى ما كانت عليه طبقاً لفرمان عام 1841.

ولهذا اعترضت إنجلترا وفرنسا على سياسة الباب العالي لأن إلغاء الفرمان يعني المساس بمصالحها في مصر والمساس بهيبة الحاكم الجديد، توفيق، الذي وقع اختيارها عليه، ثم استطاعت الدولتان ارغام الباب العالي على إصدار فرمان يشبه فرمان عام 1873، في كل محتوياته، وأرسلته الدولة العثمانية إلى مصر في 17 أغسطس، كما بلغ لممثلي ألمانيا والنمسا وروسيا وإيطاليا وانتهت المشكلة بذلك. وكان هذا دلالة واضحة على محاولة إنجلترا وفرنسا إبعاد النفوذ التركي عن الهيمنة على مصر.

وقد حاولت الدولة العثمانية منذ تعيين الخديوي عباس حلمي الثاني مرة أخرى تأكيد سيادتها على مصر حينما أثارت أزمة حول تعيينه.

ظروف توليه العرش

الخديوي عباس حلمي الثاني.

عندما اشتدت وطأة المرض على الخديوي توفيق حتى السير إڤلن بارنگ (اللورد كرومر فيما بعد) تدخل السلطان في تعيين خديوي مصر المقبل، لذلك عقد كرومر اجتماعاً مع مصطفى فهمي باشا رئيس الوزراء وتيجران باشا ناظر الخارجية والسير إلوين بالمر المستشار المالي، وتباحثوا في الأمر فأجمعوا على وجوب اعلان الأمة المصرية في الحال بارتقاء عباس حلمي الثاني الذي يعتبر بمقتضى فرمان السلطان الصادر عام 1873 ولي العهد الشرعي.

وعندما توفى الخديوي توفيق في 7 يناير 1892 كان عباس لا يزال في فيينا يتلقى العلم فلما بلغه الخبر قرر العودة إلى مصر.

ثم ظهرت مشكلة كان من الضروري ألا يقل سن الأمير عن ثمانية عشرة عاماً، وحيث أن عباس وُلد في 14 يوليو عام 1874، فإنه لم يكن ليبلغ سن الرشد إلا في 14 يوليو 1892، ون ثم كانت وفاة والده في 7 يناير عام 1892 يترتب عليها تكوين مجلس وصاية ما دام الأمير لم يبلغ سن الرشد، وعندئذ إقترح أحمد العلماء أن يحسب سن الأمير وفقاً للتقويم الهجري وبهذا وصل سن الخديوي بالتقويم الهجري ثمانية عشر عاماً في يوم 4 ديسمبر 1891 أي قبل وفاة والده بأربعة عشرة يوماً. وقد تمسك كرومر بذلك رغبة منه في إبعاد تشكيل مجلس الوصاية وخشية تدخل السلطان، فأكدت بريطانيا بذلك أن لها السلطة المطلقة في شئون مصر.

كما اتخذت بريطانيا من حداثة سن الخديوي فرصة لبقاء الاحتلال، وقد اتضح ذلك من خلال لهجة صحفها، فذكرت صحيفة التايمز أن الجلاء عن مصر أصبح من المستحيل بعد وفاة الخديوي توفيق، ثم أكدت على أن ارتقاء الخديوي عباس عرش مصر قد يؤخر الجلاء.

قدوم عباس إلى مصر وتأخير فرمان التولية

عقب وفاة الخديوي توفيق تقرر عودة الخديوي عباس من فيينا، لذلك أرسل برقية في 8 يناير 1892 إلى مصطفى فهمي باشا رئيس النظار يوضح فيها نزوله إلى مصر وفي نفس الوقت طالب باستمرار أعمال الحكومة على أحسن حال. ثم وردت برقية من الصدر الأعظم بالأستانة إلى رئيس مجلس النظار بمصر أقر فيها تعيين عباس ، جاء فيها:

«بناء على ما عرضناه على الحضرة الشاهانية يؤول مسند الخديوية بمقتضى فرمان وراثة الخديوية المصرية إلى عباس حلمي باشا أكبر أبناء المرحوم محمد توفيق باشا، ولحين وصوله تكون ادارة الحكومة بواسطة رئيس مجلس النظار مصطفى فهمي باشا بالاشتراك مع الوزراء.»

ومنذ البداية حاول السلطان العثماني ممارسة سيادته على مصر، ومن ثم تدخل السلطان العثماني صاحب السيادة الشرعية على مصر تسانده كل من فرنسا وروسيا في سباق مع إنجلترا المؤيدة بدول التحالف الثلاثي للسيطرة على الخديوي وقد بدأ السلطان هذا التدخل حينما طلب من عباس زيارته وهو لا يزال في أوروبا قبل أن يصل إلى مصر.

وقد حاول الخديوي عباس تجنب الضغط من السلطان، لذلك قرر السفر إلى مصر مباشرة فوصلها في 16 يناير 1892. ولتوثيق عرى الصداقة بينه وبين السلطان سارع الخديوي بمجرد وصوله إلى مصر إلى إرسال برقية شكر إلى السلطان العثماني متضمنة الدعاء بحفظ الخليفة الأعظم.

وقد أعلنت الصحف المصرية المؤيدة للدولة العثمانية تأييدها لتولية الخديوي عباس عرش مصر، وكان على رأس هذه الصحف صحيفة المؤيد التي أعربت عن تأييدها لهذه التولية، وطالبت المصريين بالوقوف جميعاً يداً احدة بجانب الخديوي مع الاجماع على أن تكون السيادة العامة للسلطان العثماني، وذلك لأن الدولة العثمانية هي الملجأ الوحيد لوحدتهم.

أما صحيفة الفلاح التي صدرت في مصر بمساعدة الدولة العثمانية أيدت اسناد السلطان العثماني عرش مصر إلى الخديوي عباس، كما أكدت أن هذا العمل يعد دلالة واضحة على حكمة السلطان ومحافظته على حقوق البلاد المصرية وحقوق الخديوي وطالبت المصريين أن يستبشروا بهذه التولية.

ثم أخذ الخديوي عباس حين وصوله مصر الاضطلاع بمهام منصبه انتظاراً لوصول الفرمان الشاهاني بتولية حكم مصر، إذ كان لابد من أن يرسل السلطان العثماني فرماناً شاهانياً مراعاة للشكل في تعيين الخديوي عباس وتأكيداً لتوليه العرش.

وبالرغم من ذلك، لم تسارع الدولة العثمانية بارسال الفرمان، مما أدى إلى شك سلطات الاحتلال في سياسة الدولة العثمانية تجاه مصر. فذكر صحيفة التايمز تعليقاً على تأخر ارسال الفرمان أن تأخر ارسال الفرمان أدى إلى زيادة شكوك بريطانيا والدول الأوروبية تجاه سياسة الدولة العثمانية. كذلك طالبت الصحف المصرية بسرعة ارسال الفرمان، فذكرت صحيفة المؤيد أن السلطان العثماني عندما سارع في تولية الخديوي عباس عرش مصر كان ذلك من أجل محافظته على حقوق مصر، ومن ثم يجب الاسراع في ارسال الفرمان، كما أعلنت عن رغبتها في عدم تدخل أي دولة بشأن تعيين الخديوي.

وقد أيدت صحيفة الفلاح صحيفة المؤيد في المطالبة بشأن ارسال الفرمان لما في ذلك من دعم لسيادة الدولة العثمانية على مصر، كما ناشدت السلطان بعدم تدخل الدول الأوروبية بشأن مسألة تعيين الخديوي.

أيضاً ناشدت بعض الدول الأوروبية المؤيدة لسيادة الدولة العثمانية السلطان سرعة ارسال الفرمان، فألحت فرنسا على السلطان أن يسوي تعيين الخديوي دون تأخير، وذلك في ضوء التغيير الذي أوردته الدولة العثمانية على الفرمان عند نزوله مصر.

كما طلب المسيو رادويش سفير ألمانيا من السلطان العثماني سرعة تعيين خديوي مصر، لما في ذلك من تأكيد نفوذ السلطان في مصر.

وكان هذا التأييد من جانب الدول الأوروبية للدولة العثمانية قد جاء نظراً لتدعيم مصالحها في مصر، ومن ثم حاولت مناوأة النفوذ الإنجليزي في مصر بتأكيد الوجود العثماني فيها، غير أن الدولة العثمانية قد عمدت على تأخير نزول الفرمان لأنها حاولت أن تلحق بفرمان التولية اقتطاع جزء أصيل من مصر (شبه جزيرة سيناء)، نظراً لأهمية المنطقة بالنسبة للدولة العثمانية، فقد كانت شبه جزيرة سيناء كلها بموجب فرمان عام 1841 الصادر لمحمد علي بعد معاهدة لندن من أملاك مصر الممتازة، ثم أصبحت طريقاً مستمراً للحجاج المسلمين الذين يقصدون مكة.

ونظراً لأهمية هذه المنطقة أعطى السلطان العثماني لمحمد علي حكم بلاد سيناء وبعض قلاع الحجاز، ضمن حكم أرض سيناء لخلفائه من بعده ابراهيم وعباس الأول وسعيد وإسماعيل، الذي وضع حاميات من الجند في منطقة الوجه والمويلح وضبا والعقبة من أجل المحافظة على طريق الحج بين مصر والحجاز.

وظهرت مخاوف الدولة العثمانية تجاه حراسة هذا الطريق أثناء الاحتلال البريطاني نظراً لخروج الرقابة الفعلية على مصر من يد تركيا وخوف سلاطين الدولة العثمانية من مطامع إنجلترا على أملاكهم في الشام والحجاز، لذلك أرادت تأكيد سيادتها على مصر عن طريق اقتطاع شبه جزيرة سيناء وإلحاقها بأراضي الدولة العثمانية.

وقد ازداد اهتمام الدولة العثمانية بشبه جزيرة سيناء في عام 1890 عندما زار مصر رجل إسرائيلي يدى پول فريدمان الذي اتصل بسلطان الاحتلال البريطاني في البلاد، وأبلغها نيته على الهجرة على سواحل الخليج، ولم تمانع تلك السلطات، وفي أواخر العام التالي، 1891، عاد فريدمان مع عشرين من اليهود الألمان والروس ونزلواً جميعاً على سواحل الخليج.

ونتج عن ذلك أن نبهت الصحف المصرية إلى الخطر القادم من أوروبا، كما أن فريدمان وجماعته لم يحسنوا معاملة الأهالي هناك واشتروا أرضاً في ناحية المويلح، مع أن قوانين الدولة العثمانية كانت لا تبيح بيع الأرض للأجانب في شبه جزيرة سيناء.

وأثار هذا الأمر الحكومة العثمنية التي لم تكتفي بطرد فريدمان وجماعته من المنطقة، وإنما انتهز السلطان عبد الحميد الثاني فرصة وفاة الخديوي توفيق في أوائل عام 1892 لاقتطاع شبه جزيرة سيناء وضمها إلى الأراضي العثمانية، ودارت مفاوضات عديدة في هذا الشأن بين مصر وتركيا بواسطة أحمد مختار پاشا المندوب العثماني في مصر، ومن المقربين للخديوي عباس، ما استجاب الخديوي عباس لمطالب الدولة العثمانية. فصدر قرار في 16 فبراير 1892 من مجلس الوزراء المصرية يقضي بالتخلي عن العقبة وما حولها جنوباً من شبه جزيرة سيناء إلى الدولة العثمانية.

وبالرغم من أن هذه المنطقة كانت داخلة في دائرة نفوذ الخديوي وضمن الامتيازات التي لحقت بمصر إلا أنه كان يخشى السيطرة العثمانية على مصر خصوصاً أن للسلطان قوة روحية يعتد بها.

وبالرغم من أن المصريين كانوا حريصين على ما نالوه من استقلال محدود وضد أي عودة إلى الحكم التركي المباشر مع ذلك كانت عواطفهم تجاه السلطان باعتباره خليفة المسلمين ورئيساً لأكبر دولة إسلامية، كما أن وجود مختار باشا في مصر والصحف الداعية للسلطان كانت تعمل على تقوية هذا الشعور فاتجهوا إلى الدولة العثمانية طالبين منها العون ضد الاحتلال البريطاني. كما رأى الخديوي أيضاً أن من الحكمة عدم الصدام مع الباب العالي في بداية حكمه في الوقت الذي اعتزم فيه مواجهة الاحتلال البريطاني بالاستناد إلى تبعية مصر للدولة العثمانية ومساعدة السلطان له.

ثم جاءت الأخبار من الأستانة في 24 فبراير بقدوم أحمد أيوب باشا إلى القاهرة حاملاً فرمان تولية الخديوي عباس، لذلك أعربت الصحف المصرية عن فرحتها بنزول الفرمان فذكرت صحيفة المؤيد أن ارسال تركيا الفرمان الشاهاني، ومسارعتها في تعيين الخديوي عباس على عرش مصر الذي يعتبر الوارث الشرعي لمصر مثالاً حسناً، كما كان يعني مجابهة الذين يرغبون التعدي على حقوق غيرهم السياسية في مصر، كما أشادت بهذا التعيين وعدته اعتراضاً على ما افترته الصحف الإنجليزية في فصل مصر عن السلطة العثمانية إلى الاستقلال والبعث بالامتيازات نحو الخديوي، وبهذه السياسة الحكيمة من جانب الدولة العثمانية فقد أنهت محاولات التدخل من جانب الدول الأوروبية.

نزول الفرمان إلى مصر وتأخير تلاوته

وصل المشير أحمد أيوب باشا حامل الفرمان إلى مصر في 14 أبريل 1892 وكان الفرمان الذي يحمله مطابقاً لفرمان 17 أغسطس عام 1879 الصادر لوالده الخديوي محمد توفيق فيما عدا نقطة واحدة وهي أن عين أملاك مصر وفقاً للفرمان الصادر إلى محمد علي في يونيو عام 1841، منتزعاً منها جيوب شبه جزيرة سيناء بما في ذلك العقبة والطور التي كانت قد ضمت إلى الادارة المصرية في عهد الخديوي إسماعيل وبهذا تصبح حدود مصر ممتدة من العريش إلى السويس.

وعندما قدم حامل الفرمان إلى مصر عمت الفرحة جميع المصريين، ومن ثم علقة صحيفة المؤيد على نزول الفرمان فذكرت أن نزول الفرمان دلالة واضحة على توفر المحبة والولاء بين السلطان والخديوي بعد زوال العقبات السياسية التي كانت في طريقه، ثم أشارت إلى ما لدى السلطان العثماني من الرغبة في تحسين الصلات الجامعة بينهما وطالبت الأمة المصرية بالاستبشار بقدوم حامل الفرمان إلى مصر.

وقد أدى نزول حامل الفرمان إلى تفجر أزمة تطورت إلى شك أشد وتأخرت بسببها تلاوة الفرمان. ذلك لأن السفير البريطاني في الأستانة، لم يطلع على فحوى الفرمان فلما علم به، أبرق إلى اللورد سولسبري، رئيس الوزراء الإنجليزي بفحواه، ومن ثم أرسل الأخير إلى كرومر المعتمد البريطاني في مصر بالمعارضة في تلاوة الفرمان قبل الاطلاع عليه.

وقد منعت بريطانيا تلاوة الفرمان لأنها اعتبرته اعتداء على تسوية لندن 1840، 1841 التي أقرتها الدول الكبرى.

وقد رفضت إنجلترا أن يكون لتركيا قوات مطلة على قناة السويس رغبة في تأمين مصالحها التي تقضي بحماية الطريق إلى الهند، ومن ثم طالبت إنجلترا تعطيل قراءة الفرمان حتى يصدر الأمر من السلطان بترك شبه جزيرة سيناء إلى مصر. مما أدى إلى ظهور أزمة بين إنجلترا والدولة العثمانية التي تناست الامتيازات والحقوق التي آلت لمصر، في سبيل ممارسة سيادتها على مصر واقتطاع جزء أصيل منها. أما إنجلترا فقد ظهرت من خلال الأزمة بموقف المدافع عن حقوق الخديوي لتأمين مصر وخاصة طريق قناة السويس من أي خطر تركي يهددها.

ومن ثم طالب كرومر من أيوب باش إعطائه الفرمان، فأجابه بأنه لم يكن لديه إلا النسخة الأصلية المختومة وقد أمر بعدم فض أختامها إلا عند تلاوتها رسمياً، فكتب كرومر بذلك إلى دولته فأمرته تلغرافياً بمنع تلاوة الفرمان ولو بالقوة.

وعندما تطورت المشكلة إلى هذا الحد رأى الخديوي ضرورة تأخير قراءة الفرمان حتى تتم المحادثات بين مصر والدولة العثمانية بشأن الخدود منعاً لأحداث أي مشاكل.

ولم يستطع الخديوي الوقوف ضد رغبة بريطانيا في ممارسة سياستها في مصر على الرغم من أنه الممثل الشرعي للسلطان العثماني في مصر.

وقد ساندت صحيفة المقطم الناطقة بلسان حال الاحتلال عدم قراءة الفرمان بهدف المحافظة على الامتيازات الممنوحة إلى مصر وذكرت أن شبه جزسيرة سيناء داخل حدود مصر ومن ثم يجب على كل مصري وعثماني في مصر المحافظة عليها، كما رأت أن هذه المسألة لو عرضت على القضاء لأجاب بالنفي للدولة العثمانية. ومن ثم حذرت المصريين من أعداء مصر الذين يوهمونهم بأن حكومة مصر معتدية على حقوق السلطان، وأن تأخير قراءة الفرمان يعتبر تمرداً على السلطان العثماين، ذلك لأن مصر تابعة للدولة العثمانية. غير أن لها امتيازات مقررة بفرمانات شاهانية تجيز لها حقوقاً لم تكن لسائر الولايات العثمانية الأخرى يجب الحفاظ عليها. كما دافعت عن اللورد كرور الذي ساند الخديوي عباس أثناء الأزمة عندما طلب منه التمسك بحقوق مصر التي نالها من خلال الفرمانات.

كما أيدت صحيفة التايمز شكوكها تجاه الفرمان، فذكرت أنه من الممكن أن يكون مناقضاً للفرمانات السابقة، ومن المحتمل أن تكون مصر من خلاله ولاية غير تابعة للخديوي، كما خشت أن تكون الدولة العثمانية نزعت بعض من اختصاصات وامتيازات كانت ممنوحة لمصر ومن ثم اشتدت في هجومها على الدولة العثمانية.

ولذلك انبرت صحيفة المؤيد للرد على التايمز فأشارت إلى أن مصر خديوية لا ولاية وحاكمها خديوي لا والي، وأن امتيازاتها القديمة التي تمنحها الاستقلال في شئونها محفوظة ولم تعبث بها الدولة العثمانية كما يزعمون، ومن ثم عارضت المؤيد في طلب الدولة العثمانية تعديل الحدود فرأت أن الوطنية تقتضي المحافظة لكل مصري على الامتيازات والحقوق الممنوحة لمصر عن طريق الاستقلال الاداري، وليس من حق الدولة العثمنية الاعتداء على هذه الحقوق لأي سبب من الأسباب.

أما صحيفة الفلاح فقد ساندت الدولة العثمانية، تجاه الأزمة حيث رأت أن تعديل الدولة العثمانية لحدود مصر هو لمنع خطر اعتداء إنجلتراة على طريق الحجاز.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نهاية الأزمة

على أثر اشتداد الأزمة تفاوض الخديوي عباس مع أيوب باشا حامل الفرمان والغازي مختار باشا المندوب العثماني في مصر في الأمر، ثم تحدث الخديوي مرة أخرى مع قنصل فرنسا وروسيا، وأجمعوا على إرسال برقية استرحام للسلطان طالبوا فيها ببقاء شبه جزيرة سيناء تحت ادارة مصر كما كانت من قبل، ومن ثم أرسل قنصلا كل من فرنسا وروسيا إلى سفيرهما في الأستانة للسعي لدى السلطان بحسم هذه المشكلة وتلبية مطالب مصر، كما ساندت صحيفتا المؤيد والمقطم موقف الخديوي في المحافظة على حقوق مصر.

وفي النهاية ونتيجة للضغط من جانب بريطانيا تجاه الأزماة والاصرار بشأن الحفاظ على الحقوق الممنوحة لمصر اضطر السلطان العثماني في النهاية إلى تلبية مطالب مصر في هذا الشأن وتقرر ذلك في البرقية التي أرسلها جواد باشا الصدر الأعظم إلى الخديوي عباس حلمي الثاني في 8 أبريل فجاء فيها:

«معلوم لدى جنابكم العالي أن جلالة مولانا السلطن الأعظم، كان قد صرح للحكومة المصرية بوضع عدد كافي من الجند بجهات الوجه والموليح وضبا والعقبة على شوائطئ الحجاز، وكذا في بعض جهات غير مبينة أصلا في خريطة عام 1257 المسلمة إلى محمد علي باشا المبينة بها الحدود المصرية. لذلك أعيد الوجه أخيراً إلى ولاية الحجاز بمقتضى ارادة شاهانية، كما أعيد إليها ضبا والمويلح وضمت العقبة كذلك الآن إلى الولاية المذكورة، أما من جهة جزيرة طور سيناء فهي باقية على حالتها وتكون ادارتها بمعرفة الخديوية المصرية بالكيفية التي كانت مدارة بها في عهد جدكم إسماعيل باشا ووالدكم توفيق باشا.»

ومن ثم استطاعت بريطانيا حرمان الدولة العثمانية من فرض سيادتها على مصر.

ولم يبقى سوى تحديد يوم لتلاوة الفرمان، وقد أشيع أن اللورد سولسبري وزير إنجلترا سيدد تلاوته، ذلك لأن إنجلترا أرادت أن تنتهز الفرصة لتظهر للمصريين أن نفوذها في مصر أقوى من نفوذ الدولة العثمانية نفسها.

وقد علقت الصحف المصرية على ذلك بأن تلك الاجراءات قد أخطأت المرمى لأنها زادت من ميل جميع الأهالي إلى الدولة العثمانية، وقد تحقق للجميع أطماع الإنجليز في مصر وعلم العام والخاص أن لاخلاص لمصر من استيلاء الإنجليز عليها إلا بتقوية عرى التبعية للدولة العثمانية، ويجعل مصر حرة مصونة من كافة الدول لاعلاء التأكيد على سيادة الدولة العثمانية.

ثم تقرر نشر الفرمان في يوم 14 أبريل 1892 وتجنباً للمشاكل أرسل بارنج مذكرة في 13 أبريل إلى تيجران باشا وزير الخارجية المصري أبلغه فيها بعدم تغيير الفرمانات المقررة التي تحدد العلاقة بين مصر والدولة العثمانية دون موافقة الحكومة البريطانية مع العلم أن شبه جزيرة سيناء هي الأراضي المحددة من الشرق بخط يمتد جنوب شرقي من شرق العريش إلى رأس خليج العقبة سوف يصبح تحت الادارة المصرية، وأن العقبة الواقعة شرقي من هذا الخط سوف تبقى قسماً من ولاية الحجاز، ونشرت تلك الملاحظة التي وافق عليها اللورد سولسبري وزير الخارجية ومعها مراسلة أخرى خاصة بفرمان التولية ونسخة من برقية الصدر الأعظم في الصحيفة الرسمية (الوقائع المصرية) وقد أرسلت جميعها إلى السفير البريطاني في أسطنبول في 14 أبريل 1892.

ولما كانت بريطانيا حريصة على ألا تظل المسألة المصرية محصورة بين السلطان وتابعه الخديوي، وإنما أرادت أن تدخل الدول الكبرى على أساس أن هذه المسألة خرق لتسوية 1840-1841 التي ضمنتها تلك الدول لهذا أرسلت نسخة من الفرمان والبرقية وخطاب بارنج إلى وزير الخارجية المصرية وإلى مختلف الدول وإلى ممثلي فرنسا وروسيا في القاهرة.

وقد ورد مكيل وقنصل عام فرنسا في القاهرة ريفوسو في 14 أبريل بأن حكومة الجمهورية كلفت سفيرها لدى الباب العالي باعتماد فرمان تولية الخديوي والفرمانات المتعلقة بشبه جزيرة سيناء، ورد القنصل الروسي المسيو كوياندر في نفس اليوم بأن سفير جلالة الامبراطور بالأستانة اعتمد فحوى هذين المحررين باسم الحكومة الامبراطورية.

كما تعاطفت صحف فرنسا مع الدولة العثمانية فعندما انتهت الأزمة ذكرت صحيفة الطان أن الدولة العثمانية اضطرت إلى تعديل الحدود حفاظاً على طريق الحجاز الإنجليزي. كما أن جلالة السلطان عبد الحميد لم يكن في نيته أن يمس حقوق مصر أو أن يتعرض لها بشئ لأن غرضه الوحيد بقاء رابطة التبعية التي تربط مصر بمقر الخلافة العثمانية على حالها وعدم امتداد الحماية الأجنبية على مصر. ولا تجهل مصر أن تبعيتها للدولة العثمانية ضرورية لها من الناحية الدينية بل ون جهة اعتمادها عليها لمعارضة إنجلترا بشأن مطامعها في مصر ورغبتها إطالة أجل الاحتلال.

وقد انتهى الأمر بالحفاظ على الامتيازات التي نالتها مصر عن طريق الفرمانات العثمانية. ومن ثم اشادت جميع الصحف بالدولة العثمانية نتيجة موافقتها على طلب الحكومة المصرية بشأن الحدود فقد أعربت صحيفة المؤيد عن فرحتها بنشر الفرمان وقراءته لما في ذلك من تأييد من الدولة العثمانية لامتيازات مصر.

أما صحيفة الفلاح، فقد أكدت على سيادة الدولة العثمانية على مصر وذكرت أن الدولة العثمانية لم تكن لديها أي أسباب للانتقاص من حقوق مصر التي منحتها لها من قبل.

أما صحيفة المقطم، فقد أبدت فرحتها لانتهاء الأزمة بالحفاظ على الأراضي المصرية، ومن ثم أشادت بموقف السلطان الذي أنهى الأزمة لصالح مصر، كما أشادت بموقف الخديوي عباس.

وفي النهاية استطاع بريطانيا التصدي لرغبة الدولة العثمانية في تأكيد سيادتها على مصر ومناوأة النفوذ البريطاني فيها، ومنذ ذلك الوقت ظلت الدولة العثمانية تنتظر الفرصة لاثارة تعديل الحدود مرة أخرى إلى أن واتتها الفرصة في عام 1906 لإثارة المسألة.

عهده

الوزارات

تشكلت في عهده الوزارات التالية:

الإنجازات الثقافية

عباس حلمي الثاني ومعه كبار رجال الدولة في حفل وضع حجر الأساس الأول للجامعة المصرية الأهلية، ديسمبر 1908.
عباس حلمي الثاني مع الملك جورج الخامس ملك بريطانيا في بورسعيد 1912.

وكان له دور مهم في إنشاء الجامعة المصرية، وفي ديسمبر 1908 أعلن "بسم الله مصدر كل العلوم أعلن إفتتاح الجامعة متمنيا أن تكون قادرة على إفادة كل الطلاب دون تمييز بالنسبة لجنسيتهم أو دينهم".

وصدرت في عهده صحف "اللواء والعلم والشعب والأهالي والجريدة" وإفتتح نادي المدارس العليا تجمعا للطلاب الوطنيين ، وبالإتفاق مع "جورست" أصدر قرار بالعفو عن المسجونين في حادث دنشواي ، ويؤكد هو أنه صاحب فكرة بناء سد أسوان عام 1902 ، وأنه هو الذي وقع المرسوم الخاص بإلغاء السخرة ، وفي حدود خبراته وظروفه سارت خطاه على درب الحكم يتقدم ويتأخر وكتب سطور فترة حكمه بيده يقول: (في شهر مايو عام 1914 تركت مصر لأقضي عطلتي الصيفية المعتادة وأنا أجهل ما يخبئه لي المستقبل ، وذهبت إلى أراض إسلامية لكي أحظى صيام شهر رمضان ، وحين خرجت من زيارة الباب العالي تعرضت لمحاولة إغتيال ، قام بها "محمد مظهر" ويقال إن "عبد العزيز جاويش هو الذي حرض مظهر! وفي 19 ديسمبر عام 1914 فضت الحماية على مصر ، وتقرر منعي من دخول البلاد" ، وتوفي في جنيف عام 1944.

وقعت في عهده الأحداث التالية:

رحلة حج الخديوي عباس حلمي الثاني، 1909.
كتاب الرحلة الحجازية تأليف البتنوني سجـّل تفاصيل رحلة الحج. انقر لمطالعة الكتاب.
الخديوي الحاج عباس حلمي الثاني يصل بالقطار إلى المدينة المنورة. ويظهر في الصورة القطار وباب العنبرية، عام 1329 هـ/1911م. بريشة الفنان الحجازي حسين ميمش.
السلطان عبدالحميد ينعم على الخديوي عباس الثاني برتبة وقّاد شرف بالحجرة النبوية أثناء زيارة المدينة المنورة 1911.


عباس حلمي الثاني 1930.
  • 5 مايو 1892 افتتح كوبرى امبابة.
  • أنشأ الخديوى عباس حلمى الثاني البنك الأهلي المصري ومنح البنك الأهلى حق اصدار النقد المصرى .
  • وضع حجر أساس خزان أسوان وبدأ العمل فيه.
  • انتقال مركز جريدة الأهرام من الأسكندرية إلى القاهرة
  • صدر العفو من الخديوى عباس حلمى عن أحمد عرابي ورفاقه وعودتهم من المنفى في سيلان .
  • في 1906 وقعت حادثة دنشواى وصدور الأحكام فيه.
  • صدور البيان العام التأسيسى لإنشاء الجامعة المصرية.
  • في 1907 استقال اللورد كرومر وتم تعيين
  • في 1908 توفى مصطفى كامل وانتخب محمد فريد رئيساً للحزب الوطنى هذا الحزب كان به نخبة كبيرة من الأقباط والمسلمون وكان ويصا واصف عضو اللجنة العليا للحزب الوطنى .
  • في 12 نوفمبر 1908 عين بطرس غالى باشا رئيساً لوزراء مصر وقد كان بطرس غالى باشا يتولى وزير خارجية في الوزارات السابقة وقد كان سعد زغلول باشا وزير المعارف في هذه الحكومة وفى نفس السنة أصبحت جلسات مجلس الشورى علنية بعد ان كانت سرية وقرروا لأول مرة في تاريخ مصر أن من حق أعضاء المجلس سؤال أى وزير عن أعماله وأخطاؤه .
  • في 20 فبراير 1910 أطلق إبراهيم نصيف الورداني النار على بطرس غالى باشا وهو يغادر البرلمان بعد تقديم اقتراحه تمديد الامتياز لشركة قناة السويس العالمية لمدة 99 سنة اضافية، فأرداه قتيلاً وطافت الأهالي بشوارع القاهرة يهتفون "مبروك عليك ياورداني ياللى قتلت النصراني".
  • حاول أن ينتهج سياسة إصلاحية وعند بوادر نشوب الحرب العالمية الأولى وكان عباس خارج مصر فطلب الإنجليز منه عدم العودة إلى مصر وفرضوا عليها الحماية رسميا. وخلع الانجليز الخديوى في ديسمبر 1914


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سياسته وآراؤه

عباس حلمي باشا بزي التشريفة

إذا كانت الثوابت لدى الخديوي عباس حلمي الثاني كانت تتمثل في الوفاء لأسرة محمد علي والدفاع عن أعمال جده "إسماعيل العظيم" ووالده "الطيب الكريم توفيق!" والتأييد والمساندة للشيخ "علي يوسف" ثم الكراهية والتنديد بأحمد عرابي والعرابيين ونضيف إليها. أنه حاول الإحتماء بالدولة العثمانية صاحبة السيادة الإسمية على مصر ، وعول على مساندة السطان العثماني في وقت كان المعين في حاجة إلى من يعينه! ، وحاول أيضا أن يطلب مساندة فرنسا التي لم تكن راضية بإنفراد بريطاينيا بمصر ولكن فرنسا هي التي رفعت يدها بعد الإتفاق الودي عام 1904 ، والذي إتفقت فيه مع بريطانيا على أن تنفرد فرنسا بمراكش ، وأن تنفرد بريطانيا بمصر. وقد صاحب تلك الثوابت وهذه الآمال مواقف متغير هي الأخطاء السياسية للخديوي عباس حلمي الثاني والتي أضعفت من مواقفه الوطنية في مواجهة الإحتلال ، وسوف نشير فيما يلي إلى بعض هذه الأخطاء.

الموقف من مصطفى كامل

الخديوى عباس حلمي وشقيقته الأميرة نعمة الله في جنيف، بعد خلعه عن عرش مصر.

بدأت علاقات "عباس الثاني" مع مصطفى كامل بداية وطنية خالصة إلى درجة إتفاقهما على إنشاء "الحزب الوطني السري" ، ودعا إليه "أحمد لطفي السيد" وكيل النيابة بمدينة بني سويف عندما سمع بخبر "الجمعية السرية" لتحرير مصر والتي شكلها "لطفي السيد وعبد العزيز فهمي" وأخذ الثلاثة "الخديوي ومصطفى كامل ولطفي السيد" أسماء حركية .. الخديو إتخذ إسم "الشيخ" ومصطفى كامل اسم " أبو الفداء" ولطفي السيد "أبو مسلم" وإنضم إلى هذه الحزب السري "محمد عثمان" والد "أمين عثمان" و"لبيب محرم" شقيق "عثمان محرم" وآخرون ، وكانوا يجتمعون سرا في أحد المساجد بكوبري القبة للتعمية والتمويه ، وكان "عبدالرحيم أحمد" وكيل الإدارة العربية بالمعية السنية هو حلقة الاتصال بين "الخديوي" و"مصطفى كامل إسم أبو "الفدا" ولطفي السيد إسم "أبو مسلم" وإنضم إلى هذه الحزب السري "محمد عثمان" والد "أمين عثمان" و"لبيب محرم" شقيق "عثمان محرم" وآخرون ، وكانوا يجتمعون سرا في أحد المساجد في كوبري القبة للتعمية والتمويه ، وكان "عبد الرحمن أحمد" وكيل الإدارة العربية بالعمية السنية هو حلقة الإتصال بين "الخديوي" و"مصطفى كامل" ولكن "محمد فريد" كشف في مذكراته أن "الخديوي" كان يرسل صديقه الحميم "الشيخ علي يوسف" إلى أوروبا لمراقبة "مصطفى كامل" وإبلاغ أخباره للخديوي ، وكان"الخديوي" يغدق الأموال على "مصطفى" لمعاونته في نشاطه الوطني وإن كان: محمد فريد" قد إكتشف أن "مصطفى" كان يخفي أخبار هذه الأموال عنه ، وكان "الخديوي" يحاول أن "يلعب على الوجهين" – على حد تعبيره هو – بين مصطفى والشيخ علي يوسف "كان أمامي أن أعمل على "وجهين",., بالتناوب على الواحد والآخر لعدم إمكانية توحيد هذين العنصرين. الحزب المحافظ لأعيان البلاد بقيادة الشيخ علي يوسف ، والحزب المتطرف بزعامة "مصطفى كامل". وكان "مصطفى كامل" قد إختلف مع "الخديوي" بسبب مساندة الخديوي للشيخ علي يوسف في قضية زواجه من "صفية السادات" ورفض "الخديوي" نصائح "مصطفى" بلهجة عنيفة مما دفع "مصطفى" إلى أن يقطع علاقته – كما أشرنا من قبل – مع الخديوي لمدة سنتين ، وفي المسيرة أيضا خسر الخديوي "مصطفى كامل" و"محمد فريد" و"الحزب الوطني".

الموقف من محمد فريد

إكتشف "محمد فريد" مبكرا أن "الخديوي" "يوم وفاة مصطفى كامل – فبراير 1908 – إبتدأ دسائسه لإنتخاب رئيس يكون طوع أمره ليستعمله في أموره الشخصية وليحارب الإنجليز" ويتحدث "مجمد فريد": أن ال"خديوي" في تلك السنة عام 1908 إبتدأ في سياسة الوفاق مع الإنجليز وسانده في ذلك "بطرس باشا" وكان "فريد" قد إنتقد تلك المواقف في إبريل عام 1908 ، ويقول أكثر "من هذا اليوم أيقنت أن الرجل إتفق مع الإنجليز بواسطة بطرس باشا والسير الدون جورست" بل إن "فريد" يعترف أنه بعد أن سافر في مارس عام 1912 إلى الأستانة وقرر الخديوي أن يسافر إلى الأستانة رتب "فريد" مظاهرة ضد الخديوي ، وحاول "الشيخ علي يوسف" إحباطها. ثم أراد "الخديوي" شطب إسم "فريد" من بين أعضاء "نادي المدارس العليا" وكان "فريد" قد تبرع للنادي بجميع كتبه فيما عدا الكتب المهداة له ، وإستعان "الخديوي" برجله "عبد الخالق ثروت" النائب العمومي وسجل في مذكراته ص 96 "طلبوا شطب إسمي – لأني مجرم – وهذه الكلمة أطلقها عبد الخالق ثروت باشا النائب العمومي ، ورفض الأعضاء بالإجماع قائلين أنهم يفضلون غلق النادي على إتيان هذا العمل" ، وكان "الخديوي" يرى أن "محمد فريد تم إختياره لتشدده. كان يعرف كيف يحارب ويقاوم .. ولكنه كان غير قادر على قيادة جيش".

الموقف من سعد زغلول

بدأ سعد زغلول بالمشاعر الودية تجاه الخديوي الشاب ، وعندما قرر الخديوي زيارة الأستانة في يوليو عام 1893 محاولة منه في أن يسانده السطان العثماني سافر "سعد زغلول" مع الخديوي في هذه الزيارة وإشترك في التوقيع على بيان يدعم "الخديوي عباس الثاني" ووقع هذا البيان "أحمد لطفي السيد والشيخ علي يوسف وقام أمين وحفني ناصف" وفيما يلي من أن تأكد "سعد زغلول" أن "الخديوي" يكره "الشيخ محمد عبده " ومدرسته ، وسعد زغلول كان من أصدقاء الشيخ محمد عبده ، وتردد أن "الخديوي" يعتزم حل الجمعية العمومية ، وكان سعد زغلول هو الوكيل المنتخب لهذه الجمعية ، وحاول "الخديوي" أن يقدم فكرة حسنة من جانبه إزاء "سعد زغلول" ، فقال له في إحدى المقابلات .. "إنني كنت أسمع عنك – وأنت في القضاء – أمورا أوجبتني الإعـــجاب بك ، غير أنها كانت شفاها ، ثم صارت نورا بعد معرفتي بك ) ، وعلى الرغم من هذا تأكد "سعد زغلول" من مصادر مختلفة بعضها قريب من الخديوي .. تأكد أن "الخديو" يضمر له الكراهية ، وتعرض "سعد زغلول" في الفترة السابقة على الحرب العالمية الأولى لهجوم من الخديوي والحزب الوطني.. وحارب الخديوي "مدرسة القضاءالشرعي" التي ساندها "سعد زغلول.

عباس الثاني والإحتلال

في أصل المناخ السابق من ثوابت ومتغيرات كانت مسيرة الخديوي مع الإحتلال ، جاء هذا الشاب إلى السلطة وعمره 18 عاما بحساب عمره بالسنوات الهجرية الميلادية ، وكان بصباه أمل الشاب المصري. وحين حاول "الباب العالي" سلخ شبه جزيرة سيناء من مصر تصدت إنجلترا للعثمانيين – لمصالح إنجلترا الخاصة وليس لمصلحة الخديوي – وإضطر السلطان إلى التراجع في إبريل عام 1892م . وهذا جعل الخديوي يبعد الأتراك من حرسه الخاص ولا يجد غضاضة في الإعتماد على الوجود البيرطاني ولم يكن هذا حقيقة مشاعره الخاطئة "بجلوسي على العرش – أقسمت على أن أدافع بأي ثمن عن حريات بلادي – وسمعت زئير عداوة إنجلترا" ، وفي يناير عام 1893 أصدر قرار بإقالة "مصطفى فهمي باشا" وتولى "حسين فخري" رئاسة النظارة لمدة ثلاثة أيام "15-18 يناير عام 1893" إذ أن "كرومر" إعتبر هذا القرار أمرا خطير للغاية ، وأرسلت بريطانيا مذكرة بهذا المعنى ، وأرسل "كرومر" قوات بريطانية حاصرت المطبعة لمنع نشر مراسيم تشكيل الوزارة وقدم إنذارا إلى "عباس": "إن الحكومة البريطانية تنتظر أن يؤخذ رأيها في المسائل الخطيرة مثل مسألة تغيير النظارة ، لذلك لا تستطيع الحكومة البريطانية أن توافق على تعيين حسين فخري باشا" وأرسل الخديوي رسالة إلى كرومر "أنه يرغب رغبة شديدة في أن يوجه عنايته لإيجاد أصدق العلاقات الودية مع إنجلترا.. وصدر تشكيل نظارة جديدة في 19 يناير عام 1893 برئاسة "رياض باشا" وعام 1906 حدث الخلاف الإنجليزي التركي حول "طابا" ، ووقفت إنجلترا إلى جانب حق مصر في طابا نكاية في تركيا ، وكان "كرومر" يهدد "الخديوي عباس الثاني" بقوله: "إذا ما رفعت أصبعي الصغير بمكنني أن أجعل الأسطول البريطاني يأتي من مالطة إلى الإسكندرية" ، وغادر كرومر مصر عام 1907م. وجاء "السير إلدون گورست" وكان أكثر دبولوماسية وتعلم في وزارة الخارجية وكان "عباس" يحاول أن يأخذ منه ما يمكن أخذه إلى أن سافر "گورست" عام 19011 إلى إنجلترا ليتوفي هناك ، أما "اللورد كتشنر" فقد زاد الإنشقاق بينه وبين الخديوي وتوفي كتشنر في البحر في 5 يونيو عام 1916. بعد خلع عباس من العرش.

ترسيم الحدود الشرقية لمصر

بعد حادثة طابا 1906 أثيرت قضية ترسيم الحدود الشرقية لمصر، وتباحث الخديوي عباس مع مصطفى فهمي باشا رئيس الوزراء، وبطرس غالي باشا وزير الخارجية بشأن مذكرة الغازي مختار باشا. قدم رئيس الوزراء ووزير الخارجية مشروع رد - يمثل موقف الحكومة المصرية الرسمي - على مذكرة الغازي. تقرر إرساله إلى الصدر الأعظم فريد باشا سراً بعد أن أضاف الخديوي تعديلات على الصياغة. اشتمل التقرير على موقف الحكومة تجاه حقوقه في أراضيه في شبه جزيرة سيناء التي تنتهي العقبة، أي تدخل في هذه الحقوق في موقع طابا وهو ما تتمسك به الحكومة المصرية، وبناء على طلب اللورد كرومر.[4]

ولكن يستطرد الخديوي "وهو لما كان هذا التقرير مغايراً بالمرة لآرائي، وأن صداقتي ووجداني لا يقبلان الكتمان، فكنت أيضاً مجبراً على تقديمه، فقد فعلت ذلك بعد محو وإثبات تاركاً تقدير الواقع لشرف فخامتكم". ثم يقدم اقتراحات مناقضة لموقف ورؤية الحكومة المصرية "أن التفسير والايضاح هما من حق صاحب الأمر والفرمان دون سواه، وعلى كل حال فإنه من الأمور المسلم بها، إن الدولة التي تترك مؤقتاً لجهة ما من جهاتها، أمر ادارة جهة، لها فعند اللزوم والحاجة أن تستردها" فيقال في هذه الحالة قضت الضرورة بإلحاق الجهة الفلانية صورة قطعية إلى ولاية الحجاز، والحدود المصرية تعتبر نقطة "كذا"، ويكون تلغرافكم بصورة قطعية بغض النظر عن جوابنا الذي نص فيه على عدم القبول. هذا على ما أظن هو الحل.

وبتحليل مضمون هذه البرقية يمكن رصد بعض الملاحظات:

1- موقف الخديوي عباس يعتبر من أخطر المواقف السياسية التي يتخذها حاكم:

أ- تبني وجهة النظر العثمانية.

ب- تنازل عن مالا حق له فيه "أرض الوطن".

ج- اعتبر أن "مصر" ملكية خاصة يوظفها لمصلحته الفردية.

د- زايد مع الحزب الوطني بهدف زعزعة وضع سلطات الاحتلال في مصر.

هـ- لم ينتهج منهج المسئولين الشرفاء في ادارة الحكم كما يمكن وصفه بخائن أمانة الحكم لتفريطه في جزء من مصر.

2- الانفصال الشديد بين موقف الخديوي "السري" وموقف الحكومة المصرية الواضح.

3- تشجيع السلطان العثماني على اتخاذ موقف متشدد، دون الالتفات إلى مصالح مصر الحيوية وحقوقها الثابتة.

سياسته الاقتصادية

وقع الجفاء بين الخديوي ونوبار باشا على إثر موقف الأخير من مسألة رجوع إسماعيل باشا الخديوي الأسبق إلى مصر، فقد ساءت حالته الصحية في أوائل سنة 1895 وأرسل إلى حفيده عباس حلمي لكي يأذن له بالعودة إلى مصر لمراعة صحته وشيخوخته، وكان عباس يميل إلى تحقيق هذه الرغبة، ولكن وزارة نوبار وجدت أن رجوع إسماعيل من منفاه غير مرغوب فيه من جانب الاحتلال، فرفضت الموافقة على عودته بحجة أنها تخلق لمصر عقبات من جانب الدول التي اشتركت في خلعه، فأسرها عباس في نفسه، وأخذ المرض يلح على إسماعيل حتى توفي يوم 2 مارس 1895، وقد رغب عباس في أن يختلص من وزارة نوبار في تلك السنة ولكن نوبار كان مؤيداً من الاحتلال، فلم يفكر في الاستقالة، فأسرها عباس في نفسه مرة أخرى، وأخيراً توصل إلى تنفيذ أمنيته في إقصاء نوبار، بأن أعرب للورد كرومر عن رغبته في إعادة مصطفى فهمي باشا المشهور بولائه للاحتلال إلى رئاسة الوزارة، وكان الخديوي قد أخذ من ذلك الحين يجنح لمسألة الاحتلال ويختم عهد المقاومة والأزمات، فلقيت الفكرة ارتياحاً في نفس اللورد كرومر الذي كان لا يفتأ يترقب الفرص لعودة مصطفى فهمي إلى رئاسة الوزارة، لأن الإنجليز لا ينسون صنائعهم، فلما أحس نوبار بهذا الموقف قدم استقالته يوم 11 نوفمبر سنة 1895، والف مصطفى فهمي الوزارة الجديدة في اليوم التالي، واحتفظ ببقية الوزراء الذين كانوا مع نوبار، وأضاف إليهم محمد العباني باشا وزيراً للحربية، فصارت مؤلفة كما يأتي: مصطفى باشا للرئاسة والداخلية، حسين فخري باشا للأشغال والمعارف، بطرس غالي باشا للخارجية، أحمد مظلوم باشا للمالية، إبراهيم فؤاد باشا للحقانية، محمد العباني باشا للحربية والبحرية، وهي وزارة الاستسلام والولاء المطلق للإنجليز. وقد بقيت في الحكم حتى نوفمبر سنة 1908، أي أنها دامت ثلاثة عشر عاماً، كانت خضوعاً وتسليماً للاحتلال البريطاني.

كان عهد الوزارة حلقات متصلة مترابطة من التسليم في حقوق البلاد ومرافقها. ففي سنة 1897 طلب اللورد كرومر تعيين إنجليزي نائباً عمومياً بدلاً من حمد الله وصارت سلطة النيابة وهيئتها تحت تصرف النائب العمومي الإنجليزي كما كانت وزارة الحقانية تحت سيطرة المستر سكوت المستشار القضائي البريطاني.

وفي سنة 1898 صدر المرسوم بتأسيس البنك الأهلي وأعطته الحكومة امتياز إصدار أوراق النقد المصري، فصار بمثابة بنك الحكومة، وهو بنك أهلي شكلاً واجنبي فعلاً، ومؤسسوه وحملة أسهمه الأولى هم السير إرنست كاسل المالي الإنجليزي الشهير والمسيو سلفاجو وشركاؤه والخواجة روفائيل سوارس وإخوته.[5]

  • بيع البواخر الخديوية:

وفي تلك السنة ذاتها (سنة 1898) عقدت الحكومة صفقة كانت وبالاً وخسراناً على مصر، ونعني بها بيع البواخر الخديوية بأبخس الأثمان إلى شركة ألن وألدرسن الإنجليزية. وبيان ذلك أنه كان للحكومة بواخر تعرف ببواخر البوستة الخديوية عددها إحدى عشر باخرة كبيرة، منها ثلاث بواخر اشترتها الحكومة حديثاً من مصانع إنجلترا وهذه البواخر هي: الشرقية، الفيوم، المحلة، الرحمانية، شبين، توفيق رباني، البرنس عباس، القاهرة، مصر، النجيلة، وهذه البواخر كانت قوام الأسطول الإنجليزي لمصر في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، والبقية الباقية للبحرية المصرية، وكانت تنقل المسافرين والمتاجرين بين مصر وثغور هذين البحرين، حاملة العلم المصير، مؤدية مهمتها في بعث النشاط الاقتصادي التجاري وبسط نفوذ مصر التجاري والبحري في هذين البحرين، ويتبع هذه البواخر حوض الإسكندرية الكبير، وحوض الإسكندرية الصغير، وحوض السويس وهذه الأحواض معدة لإصلاح البواخر، ويتبعها أيضاً مستودعات المصلحة ومخازنها ومعاملها ومحلات الإدارة والزوارق البخارية واللنشات، وقد قدرت قيمة البواخر وهذه الملحقات جميعها بثلاثة ملايين جنيه، فباعت الحكومة جميع هذه المنشآت إلى شركة ألن وألدرسن بثمن بخس، 150.000 جنيه، فكانت صفقة خاسرة من جميع الوجوه، لأنها أضاعت على البلاد ثروة قومية ضخمة ليس من السهل أن تستردها، وانطوت بذلك صفحة البحرية المصرية إلى وقت طويل، وقد تم البيع دون مزايدة أو إشهار، بل حصلت المخابرة بشأنه في الخفاء بين السير إلوين بالمر المستشار البريطاني للحكومة المصرية وشركة الن وألدرسن الإنجليزية، وأقر مجلس الوزراء هذه الصفقة الخاسرة، دون بحث أو تحقيق، واكتفى بالبيانات التي أفضى بها المستشار الملاي، ووقع على العقد أحمد مظلوم باشا وزير المالية، ومما يجدر ملاحظته لتقدير مبلغ الغبن الذي أصاب الحكومة من هذه الصفقة أن ثلاث بواخر من الإحدى عشرة باخرة المبيعة اشترتها الحكومة من مصانع إنجلترة بـ"200.000 جنيه"، أي أن ثمن الصفقة كله اقل من ثمن هذه البواخر الثلاث، وكانت علة الحكومة الظاهرة بي بيع هذه البواخر والمنشآت أن مصروفاتها تزيد على إيراداتها، وفضلاً عن أن هذا ليس مسوغاً لإضاعة ثروة البلاد القومية، فقد ثبت من مراجعة حسابات المصلحة أن صافي إيرادها السنوي بعد جميع المصروفات هو 22.000 جنيه، فإذا لوحظ أن الحكومة تعهدت بأن تعطي الشركة سنويأً ستة آلاف جنيه في السنة فيكون صافي ربح البواخر 28.000 جنيه سنوياً، ويكون البيع قد وقع بقيمة الربح مدة خمس سنوات تقريباً، وهذا أفظع مظهر للغبن الفاحش.

كان في بيع هذه البواخر القضاء على الأسطول التجاري لمصر، بعد القضاء على أسطولها الحربي، وظهر الفرق جلياً بين حالتها في عهد الاحتلال وحالتها في عهد محمد علي حين زارها الكاتب الإيطالي بنديتي سنة 1840، فراعه منظر السفن الحربية مصفوفة على أتم نظام في ميناء الإسكندرية، حيث قال في وصفها:

«لما دخلنا الميناء الكبير مررنا بين قوات بحرية حربية تأخذ اللب وتذهل العقل وكان ضمن هذه القوات الأسطول العثماني الذي استولت عليه مصر، وفي يقيننا أننا لا نر ولا نظن أننا نرى في المستقبل عدداً من السفن الحربية يوازي ما شهدناه على اختلاف الأنواع والأحجام، ومنظماً بمثل ذلك التنظيم البديع، ومما زاد في رواء المنظر وبهجته أن يوم وصولنا إلى ثغر الإسكندرية كان يوافق عيداً من الأعياد الإسلامية فألفينا تلك السفن كلها التي لا تقع تحت حصر رافعة أعلامها بشكل بديع ومنظر أنيق تطلق مدافعها في الفضاء ساعة الغروب، فكأنها تودع الشمس وتحييها، فيجاوبها صدى الأفق بلسانها، وصفوة القول إن المنظر كان من المناظر التي لا مثيل لعظمتها.»

باعت الحكومة في هذه السنة تفاتيش الدائرة السنية، وكاتن أملاكها الزراعية تبلغ نحو ثلثمائة ألف فدان، يتبعها تسع معامل كبيرة لعصير القصب وصناعة السكر، باعتها إلى شركة سوارس مقابل ثمن قدره ستة ملايين وأربعمائة ألف جنيه، وهو قيمة الدين الذي كان على الدائرة في ذلك الحين، وكانت صفقة خاسرة لما فيها من الغبن الفاحش على الحكومة والربح الهائل للماليين الأجانب.

  • الشروع في بيع سكك حديد السودان:

والظاهر أن سنة 1898 كانت بمثابة سنة التصفية، ففضلاً عن إنشاء البنك الأهلي وبيع البواخر الخديوية والدائرة السنية، شرع المستشار المالي البريطاني في بيع سكك حديد الحكومة في السودان إلى شركة إنجليزية، بحجة حاجة الحكومة إلى المال لتدبير نفقات الحملة على السودان، فاعترض الخديوي على هذا البيع، ولما رأى إصرار اللورد كرومر على عقد الصفقة استنجد بتركيا بحجة أن هذه السكك الحديدية هي من أملاك مصر التي نص فرمان توليته على عدم جواز التصرف فيها أو التنازل عنها، وأبرق إلى سلطان تركيا يعرض عليه الأمر ويطلب منه النجدة فجاءه الرد بشكره وإقراره على موقفه باعتبار أن السكك الحديدية أنشئت للجيش وأن بيعها مخالف للسيادة التركية، فتراجع اللورد كرومر وتقرر عدم البيع.

خلعه

وزير الخارجية البريطاني يعلن خلع عباس حلمي الثاني من حكم مصر، وتعيين السلطان حسين كامل. صحيفة الوقائع المصرية في 19 ديسمبر 1914.

في 19 ديسمبر 1914 نشرت جريدة الوقائع المصرية إعلان خلع الخديوي وعرض هذا المنصب على سمو الأمير حسين كامل باشا أكبر الأمراء الموجودين من سلالة محمد علي.

ومنذ اللقاء الأول بين اللورد كرومر والخديوي عباس الثاني في 21 فبراير 1892 فهم كل واحد منهما الآخر، وكتب كرومر: "أرى أن الخديوي الشاب سوف يكون مصريا للغاية ، وإني لأرى في هذا ما ينبئني بما سوف يحدث بعد ذلك ، وكتب "عباس حلمي الثاني" – فيما بعد – عن هذه المقابلة.. "جاء ممثل إنجلترا لمقابلتي .. له وجه يدل على الحيوية ونظرة نافذة .. وقالوا لي .. إنه يشغل أوقات فراغه بترجمة "أوديسة" هوميروس إلى الإنجليزية.. وجعلني كرومر أفهم أنني إذا ما تمسكت بكرامتي ورفضت دور "الكومبارس" الذي ترغب إنجلترا في أن تتركه لي فإنه سوف يدفع الشعب المصري للوقوف ضدي".

كان كرومر يوجه كل أفعاله لمصالح بريطانيا ، تدعمه دبلوماسية لها تاريخ.. وفي داخل مصر كان لبريطانيا جيش قوي ، وكان لكرومر مخابرات وصلت إلى إستخدام – على حد قول عباس – بعض رجال القصر ، ولم يكن وراء عباس على حد قوله سوى الفراغ. حاول الخديوي الشاب – عديم التجارب – التحالف مع الدولة العثمانية ومع مصطفى كامل ومحمد فريد والشيخ محمد عبده وسعد زغلول والشيخ عبد العزيز جاويش ، وقع في سلسلة متصلة من التناقضات المكشوفة.

في صيف 1914 سافر كتشنر عاقدا العزم على السعي لدى حكومته لاقناعها بخلع الخديوي عباس الثاني عدوه اللدود، وعلة هذا النقمة هي بقايا تلك الحفظية القديمة التي تركت الرجلين عدوين لا يتصافيان بعد أزمة الحدود.

وشعر الخديوي بما اعتزمه كتشنر في سفرته تلك السنة، فاستحسن أن يجعل رحلته الصيفية الى الأستانة الا إلى اوروبا حتى اذا سعت الحكومة البريطانية عند الباب العالي في مسالة خلعه اذا اقتنعت برأي مندوبها فيكون على مقربة ليستطلع الخبر، وليحسن العلاقاة بينه وبين رجال الحكومة التركية، وليبذل ما في وسع لاحباط سعي الانجليز وهو لا يجهل انهم لاقون من الصدر الاعظم سعيد حليم اذنا صاغية في تلك الاونة لانه كان يطمع في خديوية مصر.

وفي 23 يوليو 1914 سافر عباس الى الآستانة بعد أن أمضى بعض الوقت في باريس، وعند نشوب الحرب قرر العودة إلى مصر غير أن الحكومة الانجليزية رفضت عودته وأبلغت تشاتم هاوس قرارها. ومع ذلك فإن حسين رشدي لم يكف عن مطالبة الخديوي بالعودة الى مصر، حتى أنه أرسل إليه في 30 أغسطس يبلغه بأنه "متى وصلت الجنود الهندية إلى مصر فإني سأطلب من الوكالة البريطانية عودة سمو الخديوي في الحال وأهدد بالاستقالة في حالة معارضتها". وفي حقيقة الأمر لم يحدث هذا وكان ذلك في حد ذاته تخديرا لأعصاب الخديوي وهو بعيد عن عرشه.

وفي 3 سبتمبر 1914 زار سفير انجلترا ماليت عباس وطلب منه السفر لإيطاليا وترك الآستانة، ولكن الخديوي رفض لأنه اعتقد أنه سيرسل منفياً إلى مالطة، ثم تقابل ترجمان انجلترا مع عباس وأخبره بأن وجوده في الآستانة يشجع الأترك على تاليف مائة ألف عسكري لاخراج الانجليز من مصر، وقد أخبره بأن دورية خيالة عددها عشرون شخصا من العرب وصلت رفح فحيتها النقطة المصرية على الحدود، وبعد أن مكثت الدورية يومين في الأراضي المصري رجعت وقد أرسلت انجلترا مذكرة للصدر الاعظم في 23 سبتمبر للفت نظره لهذه الحادثة. وأفهمه بان البرقية التي أرسلها إلى مصر كانت ذات معنى سياسي فالبرقية التي أرسلها في العيد الصغير لرشدي يخبره فيها بأنه يود أن يكون بين المصريين، والثانية إلى سعد زغلول يعزيه فيها في وفاة مصطفى فهمي ويرجو له طول البقاء ليخدم أميره وبلاده زمناً طويلاً، ثم الثالثة التي تبشر بشفائه. وفي 27 سبتمبر أفهمه أن عليه الذهاب إلى ناپولي في الحال، فلما ذكر له أنه ليست لديه أية نية في الاقامة بها رد عليه السفير بلهجة التأكيد " إنك لن تعود إلى مصر مرة أخرى" وقد أبان محمد فريد في مذكراته هذه الحادثة اذ قال : "إن سفير انجلترا قصد الخديوي في قصره وطلب منه ان يغادر الاستانة إلى غير مصر، إلى إيطاليا مثلاً أو سويسرا لأنه يشاع بأنه يتفق مع الأتراك على إرسال جيش يطردهم من مصر فأجابه الخديوي عباس بالرفض رغما عن تهديد السفير له بان هذا المنع يؤثر على مصالحه المادية والأدبية أيضاً".

ورفض الخديوي لاعتقاده بانهم يودون القبض عليه بنفيه الى مالطة أو غيرها حتى لقد أظهر خوفه في حالة ما اذا طلبوا منه العودة لمصر نفسها، وطلب من محمد فريد مقابلة أنور باشا وطلعت بك ليتفق معهما على الجواب الذي يعرض على السفير الانجليزي اذا طلب منه ذلك، فكان الجواب ان يدعي المرض.[6]

ووضع الخط التلغرافي المباشر بين رشدي والخديوي تحت رقابة رسل بك الحكمدار الانجليزي للجيش المصري.

وازدادت رغبة الخديوي في استمرار حكمه لمصر في الوقت الذي تاكد فيه من ان الانجليز لا يريدوه انه يعود الى مصر، فحاولوا ان يهددوه بنسف المحروسة ثم راحوا يحدثونه عن حرارة الجو في مصر، وانتهى الامر باقناعه باستحالة تحقيق رغبته بالعودة الى عرشه، فبدأ نشاطه في الاستانة وكان اول عمل يقوم به حتى يضمن ولاء المصريين له هو تقربه من محمد فريد. ففي ذلك الوقت كان بسويسرا وعندما عرف كل ما حدث هذا ترك سويسرا الى الاستانة بعد ان تاكد هو الاخر ان الفرصة قد حانت لتحسين علاقتها بالخديوي حتى يستطيع ان يكون له سند للوقوف امام الانجليز، ولعله كان يطمع في دخول مصر مع الخديوي لانه كان على ثقة كبيرة من انتصار المانيا. وعلى علم بتغلغل النفوذ الالماني في تركيا وانه بانتصار كل من تركيا والمانيا ستتخلص مصر من انجلترا.. لذلك انتقل للاستانة ليكون اولا على مقربة من الخديوي الذي منع من العودة الى مصر، وثانيا ليكون على يقين من تصرفات الدولة العثمانية حيال مصر.

ويحدد محمد فريد موقف الخديوي بعد ان رفضت انجلترا عودته الى مصر فيقول: "تقابلت مع يوسف باشا فشرح لي الحالة وقال ان الخديوي ممنوع من السفر الى مصر. وان الانجليز يخشون من ان يقم بحركة ضدهم هناك، وان هناك رايين متنازعان: الاول الاتفاق مع الانجليز على منح مصر الدستور، وانفصالها عن الدولة العلية، وقبول الاحتلال بشروط معينة والثاني الاتفاق مع الترك على استرداد استقلال مصر بالقوة بمساعدتهم وعودة الحالة الى ما كانت عليه قبل الاحتلال، وان الخديوي يميل الى الشق الثاني، واتفق فعلا مع انور باشا على تنفيذ هذا الراي" لقد فكر عباس في القيام بثورة يكون هو محركها ورئيسها وان يكون القائد ويفتح مصر بمساعدة الاتراك.

بهذا ترى ان عباس فضل الاتجاه الى المناوئين لانجلترا حتى يستطيع تنفيذ اغراضه. لقد غير سياسته واخذ يدلي بتصريحات، ففي حديث له مع مستر كارل فون يصرح "بانه من الطبيعي ان اتمسك بتركيا في هذه الحرب فمصر جزء من الامبراطورية العثمانية". وفي الحال طلب الخديوي من فريد ان يتوسط له لدى رجال الحكومة التركية وبان يقنعهم باخلاصه في العمل لان العلاقة بينهما كانت قد ساءت بسبب موقفه من الحرب الطرابلسية حيث اطلع الانجليز على خطط تهريب الاسلحة والضباط، وقد تم فعلا اللقاء بين فريد وطلعت وعرف منه : "انهم مفتكرون فيها – مصر – ومتفقون على تخليصها، وانهم يستعدون لذلك انتظارا للفرصة، وان الخديوي غير مخلص، ولكن ممكن استعماله كالة لما له من النفوذ عند العمد والاعيان على شرط عدم اطلاعه على تفاصيل الخطط".

ووضعت الخطة على أساس اثارة حماس المصريين الى جانب الدولة صاحبة الخلافة الاسلامية، واعد عباس منشورا لارساله الى مصر يتضمن الهجوم على السياسة الانجليزية في مصر، وما اعدته الدولة من عتاد وعدد لاسترجاع مصر واعادة العرش الخديوي الشرعي، وتلك السياسة الجديدة التي تمنح الدستور الكامل وتطلق الحرية والاستقلال والتقدم.

وكان على عباس ان يرضي المانيا حيث ان انتصارها يثبت دعائم حكمه في مصر، فارسل في اوائل سبتمبر الى امبراطورها برقية تهنئة يهنئه فيها على سلامة ابنه ونجاته فرد عليها الامبراطور باخرى يتمنى فيها سعادة مصر، واعقب ذلك ان ذهب عباس الى السفارة الالمانية بالاستانة واظهر استعداده لتقديم المساعدة وفعلا تم الاتفاق على ان تقوم تركيا بارسال حملة الى مصر يكون الخديوي على راسها مع القائد الالماني بشرط الا يترتب على هذه الحملة جعل مصر ايالة عثمانية، بل لها ان تحتفظ بامتيازاتها بمقتضى الفرمانات. وان تبقى مصر للمصريين، وان يعود الخديوي للعرش، وقد ايد امبراطور المانيا خطة الخديوي هذه لدى الحكومة العثمانية عن طريق سفيره بالاستانة.

غير ان هذه الخطط ما لبثت ان احبطت اذ اعد الاتراك حملتهم بقيادة جمال باشا وبدون علم عباس ورفضوا حتى ان يصاحبها اذ كان انور باشا يخشى تدخله في القيادة لعدم استعداده العسكري وكان يرى انه لا يسافر من الاستانة الى بعد ان يتم النصر للجيش التركي على قناة السويس".

وهذا هو تفسير الحيرة التي اعترت بعض الكتاب الانجليز المعاصرين لتلك الفترة امثال Elgood بصدد سلوك الخديوي في خلال الحرب حيث يقول: "انه مما يثير الدهشة فعلا انه اي الخديوي لم يزر سوريا وفلسطين ليشجع جنود الحملة التي الفت لغزو مصر، وقد يبدو بوصفه خديويا شرعيا ان يكون مشتركا مع الجيش، والا فانه من المحتمل جدا ان القسطنطينة كانت تتوجس خيفة من صدق النية".

ولما راى الخديوي ان الامر تعقد بالنسبة لقيادة الحملة له رغب في تعيين عمه البرنس ابراهيم حلمي قائمقاما له يرافق جمال باشا قائد الحملة ويدخل معه مصر نائبا عنه حتى يعود هو، وتكلم في ذلك مع الصدر وكان سفير المانيا قد وافق عندما عرض الخديوي عليه ذلك ولكن الصدر لم يعطه ردا صريحا بحجة اخذ راي انور باشا ثم وصلته برقية من قومندان الحملة بمنعه من السفر الا بعد ان يجتاز الجيش العثماني قناة السويس، وارجع جمال باشا رجال الخديوي الى الاستانة. وهذا دليل على ان جمال باشا لا يريد الخديوي ولا رجاله عند دخول مصر لانه سيغيرون ادارة الحكم في مصر فقد ادلى طلعت بحديث لالماني يدعى بودل، بان مجلس النظار سيجتمع قبيل دخول الجيش العثماني مصر ليقرر ما يتبع في ادارتها وانه سيدعو الخديوي للمجلس ليبدي ملاحظاته.

ولما تعقد الموقف الى هذا الحد أدرك عباس أن وجوده في الاستانة سيكون خطرا على حياته فغادرها إلى ڤيينا في 15 ديسمبر 1914، ولم تمض سوى أيام قليلة حتى عزلته انجلترا من حكم مصر.

ثوابت شخصيته

وكان لعباس حلمي الثاني ثوابت تفسر سياساته التي سار عليها:

  • أولا: الوفاء والتقدير لأسرة محمد علي: "الأٍسرة الكريمة .. وإسماعيل العظيم .. وتوفيق الوالد الطيب". وفي مذكراته دافع "عباس الثاني" عن "إسماعيل العظيم". وحاول "عباس" أن يدافع ويبرر تصرفات جده "إسماعيل" ومواقف والده "الرجل الطيب الكريم توفيق!" وألقى اللوم كله على "أحمد عرابي" وحركته وأن "عرابي" هو الذي جلب بتصرفاته الإحتلال البريطاني لمصر ، وهذا الموقف هو الذي تبناه "مصطفى كامل" وسائر أعضاء "الحزب الوطني" "محمد فريد" وعبد الرحمن الرافعي وفتحي رضوان.
  • ثانيا: الكراهية لعرابي والعرابيين: كانت كرهيته للثورة العرابية والعرابيين موقفا ثابتا لديه. يرى أن عرابي أخطأ في مواقفه ، مما أدى إلى إحتلال بريطانيا لمصر ، وإنصرفت كراهيته لعرابي والعرابيين إلى كراهيته للشيخ محمد عبده ولسعد زغلول لصداقته بالشيخ "محمد عبده" ، وهذا لم يمنعه من مدح الشيخ وزغلول في فترة وإظهار العداء لهما في فترة أخرى مما سيجيء توضيحه في موقف الخديوي من "سعد زغلول". وعندما تولى "الخديوي عباس" حظي الشيخ "محمد عبده" بمكانته عند "الخديوي" ، وسعي "الشيخ" لإصلاح الأزهر والمحاكم الشرعية والأوقاف ، ورغم هذا صرح "الخديوي" لأحمد فتحي زغلول شقيق سعد زغلول يقول: (إنني أكره الشيخ محمد عبده كراهية شديدة) بل إن الخديوي أوعز ل"محمد أبو شادي" عام 1903 بإصـدار جريدة "الظاهر" بغرض مهاجمة "الشيخ محمد عبده" وإسقاط نفوذه الديني وإضعاف العلماء الذين حوله ، وقد شنت الجريدة حملة شديدة على "الإمام" إلى درجة إستفزت الصحف الوطنية – فيما عدا اللواء الموالية للخديوي – للرد على جدرية "الظاهر" وقال "الخديوي" في تفسير موقفه الحاد من "الإمام": (أخذت عليه عناده وإصراره على الخطأ ، وكانت مشاركته في الحركة العرابية قد تركت عنده بصمات لا تمحى من الأخطاء الضخمة).
  • ثالثا: الصداقة للشيخ علي يوسف: وكانت هذه أيضا من المواقف الثابتة عند "الخديوي" الذي أعجبته المهارات الخاصة للشيخ علي يوسف فأوعز إليه أن يصدر "جريدة المؤيد" التي انتشرت في مصر وخارج مصر.. ونجحت "المؤيد" في أن تجمع على صفحاتها "زهور الفكر المصري".

وإزداد تقرب الشيخ علي يوسف من الخديوي، وظهر في الناس على أنه أقرب المقربين ، وأيد "الخديوي" الشيخ وقبل أنه تدخل لصاحله في إنتخابات مجلس شورى القوانين عن مدينة القاهرة ، وطعن في إنتخابه وحكمت محكمة الإستئناف بإلغاء إنتخابه، ويحدثنا محمد فريد في ذكرياته بعد الهجرة عن قاض إسمه "موزلي" كان مشهورا بعدم طهارة الذمة، ومشهورا بالنصب وما مشكلات ذلك ويتداخل في مسائل الرتب والنياشين، وكان من شركاء الشيخ "علي يوسف" في الأمور السياسية وفي أمور النصب وتوصل "موزلي" إلى أن أصبح رسول الخديوي لدى بعض الكبار الإنجليز بلوندرة، وكان يأخذ من "الخديوي" مبالغ كبيرة لهذا الغرض، ووقف "الخديوي" إلى جانب "الشيخ علي يوسف" في مسألة زواجه من السيدة "صفية السادات"، وفي هذا يقول "محمد فريد" في ذكرياته:

"في أغسطس عام 1904 كنت سافرت إلى بلاد النرويج للسياحة ، وعدت إلى ديفون الحمامات ، وكان "مصطفى" بإنتظاري فتوجهنا فورا إلى الأوتيل الكبير. وكان الخديوي بإنتظارنا وقابلني أحسن إستقبال، وتحدثنا في قضية زواج الشيخ علي يوسف بصفية بنت السيد عبد الخالق السادات، وكان الخديوي يساند الشيخ علي مساندة كبيرة، وقلنا له إن الرأي العام ساخط على الشيخ قال الخديوي "رأي عام إيه هو فيه حاجة إسمها رأي عام أو أمة!" ، واحتد الخديوي وقال لمصطفى "أنا ما أحبش حد ينصحني أنا عارف الواجب علي" وعاد "مصطفى" إلى مصر وحرر الجواب بقطع علاقته بالخديوي ، وأرسل الجواب من الإسكندرية وأرسل صورته إلى جريدة الأهرام ونشره في جريدة اللواء وقطع علاقته بالخديوي مدة سنتين تقريبا.

زيجاته وأنجاله

لأميرة اقبال هانم، الزوجة الاولى للخديوى عباس حلمي الثاني، ووالدة الأمير محمد عبد المنعم.

تزوج من إقبال هانم وله منها ستة أولاد هم:[7]

وتزوج من جاويدان هانم ولم يرزق منها أولاد.

تكريمات

تشييع جثمان الخديوى عباس حلمى الثانى بالقاهرة.

ذكراه

أسلافه


مرئيات

الملك جورج الخامس وضباط يرتدون الزي الرسمي برفقة شخصيات مصرية يمشون نحو الكاميرا يتبعه عرض عسكري، يليه جنود يرتدون الزي الاستعماري يسيرون عبر ممر.

المصادر

  1. ^ Chambers Biographical Dictionary, ISBN 0-550-18022-2, p. 1
  2. ^ كبار الوزارة في الدولة العثمانية تاريخ الحكام والسلالات الحاكمة
  3. ^ أمل فهمي (2002). العلاقات المصرية العثمانية في عهد الاحتلال البريطاني 1882 - 1914. الهيئة المصرية العامة للكتاب.
  4. ^ ألفت أحمد الخشاب (2008). تاريخ تطور حدود مصر الشرقية. دار الشروق.
  5. ^ عبد الرحمن الرافعي (1939). مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية. {{cite book}}: Cite has empty unknown parameter: |coauthors= (help)
  6. ^ مصر في الحرب العالمية الأولى
  7. ^ الخديوي عباس حلمي الثاني، موقع فاروق مصر
  • Morris, James (1968). Pax Britannica: The Climax of an Empire. Harcourt Inc. p. 207. {{cite book}}: Invalid |ref=harv (help)
  • Pemberton, Max, ed. (February 1897). Chums. Cassell and Company. 17 (232). {{cite journal}}: Invalid |ref=harv (help); Missing or empty |title= (help)
المراجع


  • سعد زغلول: "مذكرات" تحقيق د. عبد العظيم رمضان.
  • عباس حلمي الثاني: "مذكرات" ترجمة د. جلال يحي.
  • محمد فريد: ذكرياتي بعد الهجرة".
  • مركز وثائق وتاريخ مصر المعاصر: "أوراق مصطفى كامل".
  • لمعي المطيعي: "موسوعة هذا الرجل من مصر"، القاهرة: دار الشروق، 2005.


قراءات إاضافية

  • Cromer, Sir Evelyn Baring, Earl of (1915). Abbas II. London: Macmillan.{{cite book}}: CS1 maint: multiple names: authors list (link)
  • Goldschmidt, Arthur (2000). Biographical Dictionary of Modern Egypt. Boulder: Lynne Rienner. pp. 2–3.
  • Pollock, John (2001). Kitchener: Architect of Victory, Artisan of Peace. New York: Carroll & Graf.
  • al-Sayyid, Afaf Lutfi (1968). Egypt and Cromer: A Study in Anglo-Egyptian Relations. London: John Murray.
  • Sonbol, Amira (trans.), ed. (1998). The Last Khedive of Egypt: Memoirs of Abbas Hilmi II. Reading, UK: Ithaca Press.

وصلات خارجية

عباس حلمي باشا
وُلِد: 14 يوليو 1874 توفي: 19 ديسمبر 1944
ألقاب ملكية
سبقه
توفيق باشا
خديوي مصر والسودان
7 يناير 1892 – 19 ديسمبر 1914
{{{reason}}}
تبعه
حسين كامل
بصفته سلطان مصر
ألقاب المطالبة
فقدان اللقب — حامل لقب —
خديوي مصر والسودان
19 ديسمبر 1914 – 19 ديسمبر 1944
تبعه
محمد عبد المنعم