عهدي (كتاب)

عهدي: مذكرات عباس حلمي الثاني
خديوي مصر الأخير 1892-1914
عهدي مذكرات عباس حلمي الثاني خديو مصر الاخير 1892 1914.pdf
نص مذكرات عباس حلمي الثاني.
المؤلفعباس حلمي الثاني
المترجمد. جلال يحيى
البلدFlag of Egypt.svg مصر
اللغةمتجرمة من الفرنسية إلى [اللغة العربية
الموضوعمذكرات الخديوي عباس حلمي الثاني.
الصنف الأدبيمذكرات
الناشردار الشروق
الإصدار1993

عهدي: مذكرات عباس حلمي الثاني خديوي مصر الأخير 1892-1914، هي مذكرات الخديوي عباس حلمي الثاني. نشرتها دار الشروق في 1993.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

أخيراً يتم نشر مذكرات أو ذكريات الخديوي عباس الثاني الذي حكم مصر فيما بين عامي 1892 و1914. ويمثل هذا النشر إضافة هامة إلى تاريخ مصر الحديث، خاصة وأن كاتبها له وزنه في الحياة السياسية المصرية. فلقد كان جريئاً واسع الأمل "مصرياً بحتاً" كما حكم عليه اللورد كرومر منذ لقائهما الأول. وقد نفخ الخديوي عباس في مصر روحاً جديدة أذكت نار الوطنية الكامنة وجرأت المصريين على مناهضة الاحتلال البريطاني. وتنبه كرومر إلى خطورة الموقف وحاول إفهامه أين يكون مصدر السلطة. واستفحل العداء بين الرجلين وامتد إلى فروع الادارة، وخاصة وأن الخديوي حظي بعطف الرأي العام عليه، وسعى إلى الاحتماء بالدولة العثمانية صاحبة السيادة الاسمية على مصر، وبفرنسا التي لم تكن راضية بانفراد بريطانيا بالعمل وحدها في مصر واحتلالها.

واصطفى عباس مصطفى كامل وغيره من الشباب الذين توسم فيهم الذكاء والإقدام فعاونهم في دراساتهم، كما أوفدهم إلى أوروبا في مهمات سياسية يدعم بها سلطته ومركزه باعتباره حاكم مصر الشرعي، مما كان له انعكاساته في الحركة الوطنية التي اتجهت منذ تولي عباس إلى إطراح موجة اليأس التي خيمت على المصريين في أعقاب هزيمة الثورة العرابية في التل الكبير. كما استثمر عباس موقف فرنسا التي لتم ترض بالاحتلال البريطاني لمصر، والتي كانت تعتبرها "ابنا لها بالتبني"، واعتبر بعض ساستها وكتابها أن فرنسا هي التي صنعة - بعد النيل - مصر. ومنذ حملة بونابرت تطلعت فرنسا إلى ترسيخ أقدامها في وادي النيل، خاصة وقد اعتمد عليها محمد علي في بناء مصر الحديثة، مما استتبع استقرار كثير من أبنائها في مصر ولعبهم دوراً في نشاطات واصلاحات محمد علي، والتي وجه إليها كثيراً من بعثاته التي ساعدت على إيجاد كادر وطني مؤمن بفرنسا وبالثقافة الفرنسية، وبالتالي أحرزت اللغة الفرنسية قصب السبق باعتبارها اللغة الرسمية الثانية بعد العربية. وبهذا اعتقد الفرنسيون أن بريطانيا باحتلالها لمصر قد سرقتها منهم وبالتالي فإنهم ناوءوا الاحتلال البريطاني على جميع المستويات. ويذكر الخديوي عباس في مذكراته أن الفرنسيين شدوا أزره في بداية حكمه مما أدى إلى احتدام الصراع على النفوذ بين الدولتين الغربيتين وهو الصراع الذي لم يهدأ إلا في أعقاب توقيق الوفاق الودي بينهما عام 1904، والذي أطلق عليه يد بريطانيا في مصر مقابل إطلاق يد فرنسا في مراكش. لهذا آزر عباس مصطفى كامل الذي لعب دوره في إيقاظ الروح الوطنية. وأشاد عباس بالزعيم المصري في الوقت الذي انتقد فيه أحمد عرابي وثورة 1881، التي قام بها عرابي، ضد والده الخديوي توفيق وحملها مسئولية الاحتلال البريطاني، وهو ما كان يردده أيضاً رجال الحزب الوطني الذي أسسه مصطفى كامل بمساعدة الخديوي.

وبارح كرومر مصر في عام 1907 بعد أن اضمحلت صحته مما أثر في حالته العصبية، وخلفه سير إلدون جورست الذي سار على خطة الوفاق بين سلطة الشرعية (الخديوي) وبين السلطة الفعلية (الإنجليز) مما أدى إلى تعديل ميزان القوى السياسية في مصر، في الوقت الذي أصابت فيه الحركة الدستورية بعض النجاح في دول مثل إيران وروسيا والدولة العثمانية ذاتها، فإزدادت مطالبة المصريين بالدستور، ولم يكن الخديوي عباس يعارض هذه المطالبة بشرط أن تكون معتدلة وهادئة، وبادر جورست إلى توسيع سلطات المجالس النيابية المصرية، ولكن لم يتعد الأمر هذه الحدود، إذ كان تعليق جورست أن المجلسين النيابيين القائمين في مصر لا يمثلا في الحقيقة إلا طبقتي الباشوات والبكوات من الأغنياء، وأنهما لذلك لا يستحقان الدستور. وكانت الحكومة البريطانية تعتقد حينئذ أن الخديوي كان مدفوعاً إلى تباع السياسة التي اتبعها نتيجة لمعاملة كرومر له، وأن من الخير إعادة النظر في هذه السياسة، فمنحت الخديوي مزيداً من السلطة وحرية العمل، الأمر الذي أدى إلى هز دعائم النظام الذي أقامه كرومر وتهديده بالإنيهار، مما أدى إلى إفلات زمام الموقف من جورست برغم نجاحه في بذر بذور الشقاق بين الخديوي والأعيان والوطنيين بعد أن كانوا على وشك الاتحاد معاً جميعاً ضد الاحتلال.

وقد عارض الموظفون الإنجليز الاتجاه إلى اتحديد نفوذهم في الدوائر الحكومية المصرية، ورأى التجار الأجانب في السياسة الجديدة تهديداً لمصالحهم وامتيازاتهم التي كانت مضمونة في ظل قبضة كرومر الحديدية.

وفي عام 1911 اعتلت صحة جورست وكان يبدو أنه لن يبرأ. وزار عباس إنجلترا متنكراً للاستفسار عن صحة جورست. وتدخل كرومر من جديد لاختيار المعتمد الجديد، ووقع الاختيار - كالعادة منذ الاحتلال حتى الحرب العظمى - على أحد الإنجليز الذين سبقت له الخدمة في مصر، وكان هذه المرة اللورد كتشنر الذي سبقت له الخدمة في الجيش المصري ثم تولى قيادته واسترجع السودان. وكان كتشنر يؤمن بضرورة قيام حكومة قوية تتمشى مع مطالب دعاة القوة سواء في مصر، أو في إنجلترا. لهذا عاد كتشنر إلى سياسة كرومر وبخاصة مع عباس الذي كان قد اصطدم به في عام 1894 حين كان كتشنر سرداراً (قائداً عاماً) للجيش المصري. وحين نشبت الحرب العظمى في صيف عام 1914، كان كتشنر يمضى إجازته في إنجلترا، وكان عباس يمضي رحلته المعتادة إلى إسطنبول، ولم يعد أحدهما إلى مصر بعد ذلك. فقد تولى كتشنر وزارة الحرب الإنجليزية وخُلع عباس.

ويذهب عباس العقاد في كتابه عن سعد زغلول إلى أن كتشنر كان ينوي خلع عباس، وأن هذا الأخير سافر إلى إسطنبول، لكي يفوت عل الحكومة الإنجليزية غرضها فيما لو حاولت خلعه عن طريق الباب العالي كما فعلت مع جده إسماعيل.

ويسجل الخديوي عباس في مذكراته انطباعاته عن المعتمدين البريطانيين الثلاثة. وبرغم العناء الذي لقيه من السلطات البريطانية، فإنه يسجل إيجابيات الحكم البريطاني، فيعترف أن كرومر نظم أوضاع البلاد المالية على حساب بعض نواحي التقدم التي كانت مصر بحاجة إليها، وبخاصة في مجال التعليم الذي تقلصت ميزانته بحيث لم يستطع مواصلة مراحله سوى أبناء الأغنياء.

ويؤكد عباس على أنه هو - لا كرومر - صاحب فكرة بناء سد أسوان الذي ذكت معظم المصادر، الإنجليزية والمصرية، أنه من إنجازات الإنجليز الذي قيل عنهم: إنهم سعوا إلى تحويل مصر إلى مزرعة لهم، لتزود مصانع لانكشاير بالقطن. وبرغم ما قيل من أن الإنجليز هم الذين ألغوا السخرة والكراباج، فإنه يذهب إلى أنه هو الذي وقع المرسوم الخاص بإلغائهما تلبية لرغبة والده الخديوي توفيق. وهو يثني على جورست ويشتد في حكمه على كتشنر، وهو الحكم الذي يتمشى مع ما كتبه عنه بعض المؤرخين الإنجليز من أنه اكتسب شهرة لم يستحقها نتيجة لإنتصاره على المهديين، خاصة وأنه لم يلبث أن فشل فشلاً ذريعاً في حرب البوير ثم في أوائل الحرب العالمية الأولى حيث كان وزيراً للحربية.

أما بالنسبة إلى الأسرة الحاكمة في مصر، فإن عباساً يركز على الجوانب الإيجابية في عصري محمد علي وإسماعيل. وهو يسجل الجهود التي بذرها الأمير أحمد فؤاد وأته الأميرة فاطمة إسماعيل وغيرهما، لإنشاء الجامعة المصرية القديمة التي رصدت لها أملاك وأموال وأوقاف. كما يثني على الجهود التي بذلها الخديوي إسماعيل لتحديث مصر وجعلها قطعة من أوروبا وتوسيع أملاكها في أفريقيا وتشجيع الكشف عن منابع النيل. ويدافع عباس عن والده الخديوي توفيق ويبرر ما قيل عن ضعفه وانقياده للنفوذ البريطاني. أما فيما يتعلق بفقده لعرشه في أعقاب نشوب الحرب العالمية الأولى، فإنه لا يذكر شيئاً عما قيل عن تعاطفه مع الاتحاديين، بل يصرح بأنه فوجئ بتنحيته عن السلطة في الوقت الذي لم تكن فيه الدولة العثمانية قد انحازت إلى جانب المعسكر المعادي للحلفاء، وهو يعزو ذلك إلى المخططات البريطانية التي لم ترض الحكومة البريطاني عن مناوأته لها.

هذا قليل من الكثير الذي ورد في هذه المذكرات التي كتبها الخديوي عباس في المنفى، والتي تضيف المزيد إلى المعلومات التي عرفت عن هذه الفترة التي تناولتها وعن تقييم كثير من الأشخاص الذين لعبوا أدوارهم في أثنائها.


انظر أيضاً