جمعية اللواء الأبيض

جمعية اللواء الأبيض
الزعيمعلي عبد اللطيف
المؤسسعلي عبد اللطيف وآخرون
تأسسأبريل 1924
انحل1925
المقر الرئيسيأم درمان
الأيديولوجيةحركة تحررية
علم الحزب
علم جمعية اللواء الأبيض

جمعية اللواء الأبيض هي إحدى الجمعيات السودانية السرية التي كانت تعمل على بعث الوعي القومي وتدعو إلى وحدة وادي النيل، في فترة العشرينيات. اتخذت الجمعية اسم "اللواء الأبيض" نسبة إلى اللواء أو الراية البيضاء التي كانت تشكل علمها وشعارها الرسمي. وقد تأسست في الخرطوم في أوائل عام 1924 برئاسة النقيب علي عبد اللطيف وكل من صالح عبد القادر (وكيلها العام) وعبيد حاج الأمين (أمين المال) وعضوية حسن صالح وحسن شريف وعبد الله خليل رئيس وزراء السودان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الأهداف

كان لاتساع دائرة اتصال السودانيين بالمصريين العاملين في السودان والذين كانت لهم بدورهم صلات وثيقة بوطنهم الأم مصر ومتابعين للحركة الوطنية وتطورات الأحداث السائدة فيها، دوراً في التأثير على الرأي العام السوداني وتحريضه ضد الإدارة الإستعمارية البريطانية فإرتبط النشاط السياسي للجمعية بما كان سائدا في مصر من نشاط مناويء للحماية البريطانية والنفوذ الإنجليزي على الحياة السياسية في مصر والسودان. وكانت الجمعية تؤيد حزب الوفد المصري، ولذلك فقد كان من الأهداف الرئيسية المعلنة للجمعية هو ضم السودان إلى مصر.[1]

كما عمل قادة الجمعية على محاربة كل أشكال الإنقسام وظواهر التخلف والنعرات القبلية والإقليمية في السودان.


الشعار والقسم

الشعار والرمز وقسم الولاء

علم جمعية اللواء الأبيض

رفعت الجمعية شعار وحدة وادي النيل واتخذت لها علماً من القماش الأبيض رسمت عليه خريطة وادي النيل من منبعه إلى مصبه، وعلى جانبه الأعلى إلى اليسار صورة العلم المصري ذو الهلال والنجمات الثلات، كُتبت تحته مباشرة عبارة «إلى الأمام» باللغة العربية. وفي ما يلي نص القسم المفروض على كل منتسب إليها:

«أقسم بالله ثلاثاً، وبكتابه هذا (القرآن) وبكل يمين مقدس ألا أخون هيئة هذه الجمعية وأن أكون جاداً مخلصاً على مبادئها وألا أتنحى عنها مهما كان الموقف حرجاً ومهما كنت نائياً عنها والله على ما أقول وكيل.»

التنظيم

العضوية

كانت الجمعية تجند أعضائها من بين موظفي مصلحة البريد والبرق في العاصمة المثلثة للإستفادة منهم في عملية تواصلها مع فروعها في مدن السودان الأخرى مثل واد مدني وبورتسودان وعطبرة وشندي والأبيض ونقل أخبارها إلى خارج السودان. كذلك توجهت الجمعية نحو طلاب كلية غوردون، (جامعة الخرطوم، حالياَ)، ومعهد أم درمان العلمي، وإلى صغار ضباط الجيش بقوة دفاع السودان في المدرسة الحربية لإستقطاب جزء منهم في عضويتها.

كانت العضوية قاصرة على السودانيين فقط، ولكنها كانت تضم ايضاً بعض المصريين العاملين في السودان كأعضاء سريين.

وكان يدفع كل عضو اشتراكاً شهرياً قدره عشرون قرشاً في حين كان النادي المصري في السودان يدفع خمسين جنيهاً في الشهر بالإضافة للمساعدة التي كان يقدمها إليها المصريون المقيمون في السودان وذلك من أجل تغطية مصاريفها.

ورغم أن العدد الإجمالي لأعضاء الجمعية لم يتجاوز 150 عضواً في يونيو 1924 وفقاً لما ذكره مكتب مخابرات الحكم الثنائي، إلا أن مؤيديها والمتعاطفين معها كانوا أكثر من ذلك بكثير.

القيادة

تكونت اللجنة التنفيذية للجمعية في مايو 1924، بمدينة أم درمان برئاسة علي عبد اللطيف وعضوية عبيد حاج الأمين، وثلاثة آخرين من الكتبة وصغار الموظفين، وهم صالح عبد القادر، وحسن صالح المطبعجي، وحسن شريف. كما ظهر ضمن صفوفها اسم على أحمد صلاح، وهو من أوئل النقابيين السودانيين ، وكان يعمل كاتباً بمخازن فكتوريا في الخرطوم.

الفروع

كانت لجمعية اللواء الأبيض فروعاً اقليمية في السودان تعمل بشكل علني في مدن ود مدني وعطبرة وبورتسودان وشندي.[2] ولكنها رغم تلك العلانية احتفظت بنظام الخلايا الذي كان معمولاً به في جمعية الإتحاد السوداني - التي قامت الجمعية على أنقاضها - وذلك لحماية أعضائها من رقابة رجال الأمن ومخابرات الإدارة البريطانية التي كانت منتشرة في مدن السودان وتسهيل اتصالها بالجماهير السودانية.

التمويل

اعتمدت الجمعية في تغطية نفقاتها على الإشتراكات التي يقدمها المنتسبون إليها وعلى المساهمات الخارجية فقد كان كل عضو يدفع رسم دخول قدره عشرون قرشاً إلى جانب مساهمة شهرية، في حين كان النادي المصري في السودان يدفع للجمعية خمسين جنيهاً في الشهر بالإضافة إلى مساعدات مالية كان يقدمها إليها بعض المصريين المقيمين في السودان. وكانت المبالغ تنفق على مطبوعات الجمعية وبرقياتها، وعلى رعاية أسر المقبوض عليهم من اعضائها.

النشاط السياسي

وقد بدأت نشاطها السياسي بمظاهرة صغيرة في الخرطوم في 17 يوليو 1924 ومظاهرة أكبر في أم درمان في 19 يونيو، كما شاركت في انتفاضات 1924 التي قام بها طلاب المدرسة الحربية يوم 22 يونيو، وكانت هذه آخر عمل سياسي جماهيري تقوم به الجمعية حيث اعتقل آخر عضو في اللجنة التنفيذية للجمعية عبيد حاج الأمين, وقد توفي رئيسها علي عبد اللطيف في مصر عام 1948.

إرهاصات الثورة

لم تكن جمعية اللواء الابيض التى قادت ثورة العام 1924، إلا رأس جبل الجليد لتراكم من الحراك السياسى والوطنى والتوعوى، بداء مع دخول الاستعمار الثنائى الانجليزى المصرى إلى العاصمة أم درمان، ورفع العلمين على أطلال القصر الجمهورى في الخرطوم.

حيث هضم السودانيون واقع القوة غير المتكافئة مع الحكومة الاستعمارية الجديدة، خاصة عندما فشلت عدد من الثورات الاقليمية والعشائرية في هذّ أركان النظام الجديد. فنزعت الاجيال المتعلمة الجديدة إلى الانكفاء لتحليل واقعها الحضارى بالمقارنة مع ذلك الاستعمارى ، ولجأت الى التثقيف الذاتى، والاطلاع على مايدور حولها من أحداث اقليمية وعالمية.

وكان انشاء مدرسة جوردون في حوالى عام 1903 فتحاً جديداً على تطوير الحياة الثقافية والاجتماعية، حيث أنشئت تراكم من الجيل المتعلم المنفتح على نضال وطنى مركزى ومنظم. وساعد أن الطلاب في مدرسة جوردون كانوا يدرسون بعض المواد المشتركة مع الطلاب في المدرسة الحربية فيما يتوقع أنة كسر الحاجز بين هذين العالمين المتباينين، وسهل التنسيق في المستقبل الذى كان يتشكل.

إنشاء جمعية الاتحاد السوداني السوري

وفى عام 1918 بدأت بوادر هذا الوعى الجديد تتبلور بانشاء جمعية الاتحاد السودانى الثقافية السرية، والتى كانت تتعاطف مع فكرة شكل من الوحدة مع مصر .. ونزعت في نشاطها إلى العمل السرى والثقافى .. ولكن شريحة من هذة الجمعية رأت أن الجمعية تم إختراقها من قبل إستخبارات الاستعمار الانجليزى ، خاصة وأن توجهات هذة الشريحة الثورية كانت مع فكرة أن النشاط السياسى المسلح هو الاجدى للتعاطى مع المستعمر ..

وساعد في ذلك صدى ثورة 1919، وعصبة الامم، وأحلام الحرية للشعوب .. مع نجاح الثورة البلشفية، ونجومية أتاتورك، وثورات الشرق الاوسط .. ومالبثت أن ظهرت للوجود جمعية اللواء الابيض في العام 1924 ، بقيادة الاخوان الخمسة كما سموا على عبد اللطيف ، حسين شريف ، على صالح المطبعجى ، صالح عبد القادر، وعبيد حاج الامين.

مقال علي عبد اللطيف

مع تزايد الوعي السياسي لدي الصفوة الحضرية في كل من مصر والسودان ضد السياسة البريطانية في البلدين جاهرت بعض الأصوات في السودان برفضهما لتك السياسة وكان من بين الرافضين علي عبد اللطيف الذي كتب مقالاً بعنوان « مطالب الأمة» يتضمن انتقادات لسياسة الحكومة كرد فعل مباشر على نتائج اجتماع عقده الورد اللنبي، المندوب السامي البريطاني بمصر مع زعماء الطوائف والقبائل السودانيين الذين التقى بهم عند زيارته للخرطوم في 16 أبريل 1922. بعث عبد اللطيف بمقاله إلى صحيفة «حضارة السودان» في الخرطوم، لسان حال الحكم الثنائي والتي كانت تطالب بإنفراد الإنجليز بحكم السودان.[3]

وتناول المقال ذلك الاجتماع مؤكداً على أن المخاوف من احتمالات تسليم الحكومة البريطانية السودان لمصر، لا أساس لها من الصحة وكذلك الملاحظات التي أبداها السيد علي الميرغني في هذا الاجتماع حول هذا الموضوع، واتهامها بالسعي لفصل السودان عن مصر، وفرض حمايتها عليه، ووصف الذين وقعوا على عرائض الولاء للحكم البريطاني من الزعماء والأعيان بأنهم لا يمثلون إلا أنفسهم. وذكربأن من حق الأمة السودانية أن تختار بنفسها المرشد الذي تريد سواء أكانت مصر أم بريطانيا إن كانت هي في حاجة إلى من يرشدهما لنيل استقلالها. وتناول عبد اللطيف في مقاله بعض المشاكل الإقتصادية وابدى احتجاجه على الضرائب التي تثقل بها الحكومة كاهل السودانيين، وعلى عدم إنصاف الحكومة لسكان أقاليم السودان، لاسيما أهل الجزيرة، الذي أُنتُزِعت أرضهم، وسُلِمَت للشركات البريطانية من أجل تأسيس مشروع الجزيرة، وقلة الوظائف الممتازة في البلاد واحتكارها من قبل الإنجليز، وحرمان أهل البلاد المتعلمين الأكفاء منها، وانتقد نظام التعليم الذي يعاني من نقص وقصور خاصة في كلية غردون، وطالب بمزيد من التعليم، وإنهاء احتكار الحكومة لتجارة السكر، وإلحاق السودانيين بوظائف عالية في سلك الخدمة المدنية.

لم تنشر جريدة «الحضارة» المقال، إلا أن فحواه وصل إلى السلطات البريطانية السودانية، فقام ويلس، مدير المخابرات آنذاك ، باقتحام مكتب رئيس تحرير صحيفة «الحضارة» بنفسه واستولى على المقال وصادره، ومع ذلك نشر المقال في الصحف المصرية، وتم القبض على عبد اللطيف. وحوكم بالسجن لمدة عام.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تشكيل الجناح العسكري

وتشكل الجناح العسكرى بقيادة الضباط، عبد الفضيل الماظ، على البنا، سيد فرح، حسين فضل المولى، ثابت عبد الرحيم، سليمات محمد، وغيرهم..

وضمت الجمعية شرائح مختلفة .. حرفيون، موظفون، تجار، طلاب، وكانت الشريحة الاهم هم موظفى البريد والبرق ..

وكان لانشاء أول صحيفة سودانية خالصة (حضارة السودان) في العام 1919 أثر كبير في إثراء العمل الثقافى ، والنقاش الاجتماعى حول الشأن السودانى ..وبدى واضحاً بروز تيارين سياسين .. اللواء الابيض المراهن على التنسيق مع مصر .. ومعسكر حضارة السودان الداعى للتنسيق مع الطرف الانجليزى .. العمل المعلن :

وبدأت تترى نشاطات اللواء الابيض بالتظاهرات التى شملت مدن سودانية عديدة .. والمخاطبات الجماهيرية .. والمنشورات المحرضة على المستعمر الانجليزى ..

وساهم إستهزاء الادارة الانجليزية بنشاط الجمعية ، وترددها في إتخاز القرار تجاهها في إنتشار أعمال الجمعية وجرأة نشاطها ..

وأخيراً تم إعتقال قائدها البطل على عبداللطيف الضابط السابق ..وعندما إشتد نشاط الجمعية بدأت الاعتقالات تطال بقية القيادات من الصف الاول والناشطين الميدانيين .. و ووجهت التظاهرات بقوة مفرطة ، حيث كانت الشرطة تقوم بضرب المتظاهرين بالسيوف مما أدى لقطع عديد من أذان المشاركين في هذة التظاهرات !

مظاهرات المدرسة الحربية

ثم إنفجر الوضع في يوم 9أغسطس 1924 بتظاهرة طلاب المدرسة الحربية، الذين جالوا في تظاهرة مسلحة في العاصمة مارين بمنزل البطل المعتقل على عبداللطيف ..وسط نشوة جماهيرية كبيرة ، منشدين قصيدة ياأم ضفاير قودى الرسن ... واهتفى فاليحيا الوطن للشاعر السودانى عبيد عبد النور.

وكادت تحدث مواجهة عسكرية بين الطلاب والجيش الانجليزى لولا الوساطات التى تمت من قبل بعض القيادات العسكرية والشخصيات العامة .. وأخيرا تم اعتقالهم في سفينة راسية على النيل حيث تمت محاكمتهم لاحقاً ..

واكتمل سجن قيادات اللواء الابيض السياسية ، وطلاب المدرسة الحربية في سجن (كوبر) العتيد .. ولكن ظهر أن ذلك كان خطاءً كبير ، حيث تمرد المساجين السياسين وطلاب المدرسة الحربية داخل السجن محطمين الاغلال والابواب طاردين شرطة السجن ، مسيطرين علية ، رافعين العلم المصرى باعتبار السجن منطقة محررة .

التعاون مع الجيش المصري

وكان التحرك الكبير للجمعية بعد أن إجتمعت قياداتها العسكرية مع ضباط من الجيش المصرى في 25 نوفمبر في مدينة الخرطوم بحرى حيث تم الاتفاق على رفض إخلاء الجيش المصرى من السودان والثبات على الاتفاق حتى تسليم أرواحهم ..

وفى يوم 27نوفمبر 1924تحرك طابور الكتيبة السودانية بقيادة ضباط اللواء الابيض محازين لشارع النيل في الطريق الى الكتيبة المصرية المتمركزة في الخرطوم بحرى في الطرف الاخر للنيل .. ولكن حدث ماكان يتوقعة الثوار حيث إعترض طريقهم الجيش الانجليزى .. وبعد حوار قصير بداء إشتباك غير متكافئ بين الطرفين إستمر حتى اليوم الثانى 28 نوفمبر 1924 .. وفى الجانب الاخر من النيل لم يتدخل الجيش المصرى رغم إمكانية ذلك .. وقد ساهم ذلك في هزيمة الحركة العسكرية .. وسبب ذلك حساسية تاريخية بين البلدين لا تزال آثارها باقية.

نهاية الجمعية والمحاكمة

بعد اعتقال اعضاء جمعية اللواء الأبيض أقيمت في فبراير 1925، محكمة جنائية كبرى علنية في منطقة كوبر بالخرطوم بحري برئاسة القاضي أوزبرن وعضوية كل من الميجر برادلي والشيخ حسين الفيل لمحاكمة كل من علي عبد اللطيف وصالح عبد القادر وعبيد الحاج الأمين وحسن شريف وحسن صالح وأحمد مدثر وتهامي محمد عثمان ومحمد سر الختم ومحمد المهدي الخليفة ومحمد إدريس ومحمد عبد البخيت وعبد الله النور ونور الدين فرج وعمر دفع الله وذلك بمقتضى المادة 94 من قانون عقوبات السودان بتهمة التآمر على الحكومة وارهابها بواسطة القوة الجنائية وانفاذها من خلال العضوية في جمعية غير قانونية في السوان غاية أعضائها المشتركة هي إرهاب حكومة السودان بواسطة القوةالجنائية أو التظاهر بها، والمادة 90 من قانون عقوبات السودان بتهمة ترويج المظاهرات والجمعيات غير القانونية التي يزيد عدد أعضائها عن عشرة أشخاص والتي حصلت في مدينة الخرطوم وغيرها من مدن السودان مع معرفة أن تلك المظاهرات والجمعيات ممنوعة قانونياً. والمادة 96 من عقوبات قانون السودان: إثارة عواصف الكراهية على الحكومة المؤسسة شرعاً في السودان بواسطة ألفاظ أو كلمات قيلت أو كان في النية قراءتها أو وضعت بقصد أن تُتلى أو بغير ذلك . واضيفت إلى قائمة مواد الإتهامات المادتين 82 و96 من قانون عقوبات السودان وتَنُصّان على جريمة التحريض على الجرائم المتقدم ذكرها. كماأضيفت تهمة حيازة أو وضع كتب أو محررات من شأنها إثارة الكراهية والإزدراء بالحكومة والنظام المؤسس شرعاً في السودان وبث روح الحقد والعداوة بين طبقات الأهالي، والتي يُعاقِب عليها قانون البضائع المهربة لسنة 1901.

نفى كل متهم من المتهمين أنه مذنب ووجهت المحكمة اسئلة إلى علي عبد اللطيف وبقية المتهمين حول نشاط الجمعية وصلتهم برئيس الحزب الوطني في مصر سابقاً حافظ رمضان، عندما زار السودان قبيل حوادث عام 1924، وعن المظاهرات التي جرت حينذاك.

أكد علي عبد اللطيف في رده على رئاسته للجمعية، وإلتقائه بحافظ بك رمضان في الخرطوم بمعية عبيد الحاج الأمين وصالح عبد القادر وسليمان كشة لاستفساره عن اخوين لهذا الأخير كانا يقيمان في مصر. كما التقى به مرتين أخريين للتحدث عن مواضيع ذات طبيعة سياسية و«الاستفهام عن السودان وغرض المصريين لأنه في ذلك الوقت كان الكلام كثيراً عن السودان»، ووصف عبد اللطيف الرجل بأنه كان «متحفظاً جداً». ورداً على سؤال حول أغراض الجمعية وفيما إذا كانت تعمل لبحث مظالم الأهالي، أجاب عبد اللطيف قائلاَ: «ليس من أغراض الجمعية أن تبحث في مظالم الأهالي بل كنّا معارضين للتغيير المطلوب أي أن يكون الإنجليز مطلقي التصرف بالسودان دون المصريين. وقد صرح البرلمان المصري بأن السودان جزء من مصر لا يتجزأ، أما البرلمان الإنجليزي فقال أن السودان جزء من الإمبراطورية البريطانية لأن لنا فيه مصالح مالية وزراعية ومسئوليات أدبية لا يسعنا أن نعرضها للضياع. وقد قرأت أنا بنفسي مقالاً في التيمس عن تصريح مكدونالد بأن 92% من الأهالي السودانيين مع الإنجليز. وهذا ما جعلنا نجهر برأينا لنصحح هذا الخط». وعن المظاهرات ذكر عبد اللطيف بأن المشاركة فيها كانت بمحض إرادة المتظاهرين وإنها لم تقم إلا بعد المنشور الذي صدر بمنعها وقد أراد المتظاهرون أن يظهروا شعورهم لما يجري في البلاد. وأقر عبد اللطيف بعلم الجمعية بحظر التظاهر إلا انها قامت بتنظيمها بأغلبية الأصوات فيها. ونفى استلام الجمعية لأية نقود من مصر.

وقد مثَّلَ الدفاع المحامي أمين الشاهد، بينما كان بيلي نائب مدير مديرية الخرطوم يمثل الإدعاء العام. وتمت إدانة المتهمين بالتهم المنسوبة إليهم وصدرت ضدهم أحكاماُ بالسجن لمدد مختلفة ونُفِيّ كل من علي عبد اللطيف وعبيد حاج الأمين وعلي البناء ومحمد المهدي الخليفة إلى مدينة واو بمديرية بحر الغزال في جنوب السودان . مات عبيد حاج الأمين في السجن بواو بعد لإصابته بعدوى الحمى السوداء في عام 1932، [4] ثم أطلقت الحكومة سراح جميع المسجونين بموجب معاهدة عام 1932 بين مصر وبريطانيا وكانت من بنودها العفوالشامل عن جميع المسجونين السياسيين. ولم يشمل العفو علي عبد اللطيف الذي نُقِل مرة أخرى إلى سجن كوبر في الخرطوم بحري. وبقي فيه حتى عام 1938 عندما طلبت الحكومة المصرية نقله إلى سجون القاهرة لتتولى الإشراف على صحته النفسية التي ساءت للغاية في السجن ووافقت الحكومة البريطانية على ذلك. توفي علي عبد اللطيف في القاهرة في 28 أكتوبر 1948، [2]

المصادر

  1. ^ عبد الوهاب أحمد عبد الرحمن: دراسات في العلاقات السودانية المصرية، الحركة الوطنية السودانية بين وحدة وادي النيل والاستقلال (1956-1919)، الجزء الأول، دار القلم، الإمارات العربية المتحدة(2007)
  2. ^ أ ب جمعية اللواء الأبيض 1924 - موسوعة التوثيق الشامل Archived 2016-03-04 at the Wayback Machine
  3. ^ صحيفة أخبار اليوم: شخصيات ومواقف، الفوال، عدد (3-4-1433 هـ)
  4. ^ حسن نجيلة:ملامح من المجتمع السوداني، الطبعة الأولى، دار الخرطوم للطباعة والنشر، الخرطوم (1994)