برغواطة

اتحاد برغواطة

744–1058
اتحاد برغواطة (أزرق).
اتحاد برغواطة (أزرق).
اللغات الشائعةالأمازيغية
الدين رسمياً : ديانة محلية مستمدة من الإسلام (اعتنقته 12 قبيلة)
الآخرون : إسلام الخوارج (اعتنقته 17 قبيلة)
الحكومةملكية
اتحاد قبائل
(29 قبيلة)
الملك 
• 744
طريف المطغري
الحقبة التاريخيةالعصور الوسطى
• تأسست
744
• انحلت
1058
سبقها
تلاها
الخلافة الأموية
المرابطون
تاريخ المغرب
Coat of arms of Morocco.svg
العصور القديمة
أطلنطفينيقيونالبونيقيون
الرومانوندالبيزنطيون
الفتح الإسلامي (681 - 789)
الأمويونثورات الأمازيغ
تأسيس المغرب
أدارسةإمارة سجلماسة
مملكة نكوربرغواطة
الخلافة القرطبية والفاطمية
الخلافة القرطبيةالخلافة الفاطمية
بنو يفرنمكانسةالمغراويون
السلالات الأمازيعية (1040-1554)
المرابطونالموحدون
المرينيونالوطاسيون
سلالات الأشراف (منذ 1509)
السعديونالعلويون

المحمية الاوروپية (1912-1956)
أزمة طنجةمؤتمر الجزيرة الخضراء
أزمة أغاديرمعاهدة فاس
الحماية الفرنسيةالحماية الإسپانية
حرب الريفمعركة أنوال
الظهير البربريبيان الاستقلال
التاريخ المعاصر (منذ 1956)
المغرب الكبيرمحمد الخامسالحسن الثاني
حرب الرمالانقلاب 1972
إنقلاب الصخيراتاتفاق مدريد
المسيرة الخضراءنزاع الصحراء الغربية
سنوات الرصاصمحمد السادساحتجاجات 2011

بورغواطة هي إمارة أمازيغية نشأت في القرون الوسطى على الساحل الأطلسي للمغرب، وضمت الإمارة إتحادا من مجموعة من قبائل مصمودة. بعد فشل التحالف مع مُتمردي الخوارج السفريين في المغرب ضد العباسيين ، اقاموا مملكة لهم (744 - 1058) في منطقة تامسنا على الساحل الاطلسي بين آسفي وسلا بقيادة طريف المطغري.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أصل الكلمة

يعتقد بعض المؤرخين ان كلمة بورغواطة هو تشويه صوتي لمصطلح برباتي، وهو اسم الشهرة الذي ذاع عن طريف. ومن المعتقد أنه ولد في منطقة برباط barbate قرب قادس في إسبانيا [1]. لكن جيروم كاركوبينو وغيره من المؤرخين اعتقد أن الاسم أقدم من تلك القبيلة نفسها التي سماها الرومان «باكاتيس»، الذين كانوا يعيشون قرب فولوبيليس حتى القرن السابع [2].


التاريخ

لا توجد تفاصيل وافية مُدونة عن بورغواطة، لكن معظم المصادر التاريخية المُتواجدة هي عن حكامها ، وغالبا ما تأتي متناقضة وغامضة في السياق التاريخي. بيد أن أحد المصادر يبدو أكثر إثارة للاهتمام. يأتي المصدر من قرطبة في اسبانيا حوالى منتصف القرن العاشر، والكاتب هو من أهم المُدونين لبورغواطة والسفير البورغواطي لدى قرطبة أبو صالح زمور. هذا المصدر يعتبر الأكثر تفصيلا بشأن بورغواطة [3]. وتم سرده من طرف أبو عبيد البكري، ابن حزم وابن خلدون، ورغم تفسيراتها تضم بعض وجهات النظر المتضاربة.

عرف البرغواطيون كذلك باسم بنو طريف، نسبة إلى مؤسس الإمارة طريف المطغري. التحق هذا المقاتل المغربي عام 710 بجنود العرب القادمين من الشرق، الذين زحفوا على إسبانيا. وقد حصل مقابل جهاده على أراض بريو برباطي بالأندلس. ويجمع أغلب المؤرخين أن هذا هو أصل تسمية برغواطة. لا أحد يفسر كيف انتقل المغاربة من بربط إلى برغط، ولكن تلك سنة الكلمات الأعجمية الأصل. مقام طريف بإسبانيا خلق إلتباساً لدى المؤرخين بخصوص أصله، فهناك من اعتبره أمازيغياً، وهناك من ذهب إلى أنه أندلسي، بدليل أن مدينة طريفة تحمل اسمه. لكن أبو صالح زمور، الذي أصبح لاحقاً سفيرا لبرغواطة في قرطبة، ذكر أنه ينحدر من أصل يهودي، إذ كان أحد أجداده يحمل اسم شمعون بن يعقوب. شكك ابن خلدون في هذا النسب إذ اعتبر أن «العصبية القبلية هي السبيل الوحيد إلى السلطة» وأنه لا يمكن ليهودي أن يحكم دون مقاومة قبلية شرسة. بعضهم ذهب إلى أن تهويد طريف في الكتابات التاريخية ما هو إلا وسيلة للتقليل من شرعيته. لكن لا سبيل للتأكد من أصله الفعلي، والأهم ليس هو من أين أتى، ولكن ماذا فعل. بعد عودة طريف من الأندلس، تمت توليته قائداً عسكرياً على قبائل زناتة وزواغة، فصاحَب ميسرة المطغري المعروف بانتمائه للخوارج، في حملته ضد الفاتحين، وعلى رأسهم موسى بن نصير. «نظراً لانشغال الخلفاء عن المغرب، لم يكن يهم الفاتحين تحويل المغاربة إلى الإسلام بقدر ما كان يهمهم نهب أموالهم وهتك أعراضهم»، يذكر الباحث التونسي محمد الطالبي.

اتبع تحالفُ البورغواطيين مع طائفة الخوارج المسلمة مذهبا متوازنا في معارضة الارستقراطية القريشية التي نمت أكثر فأكثر في ظل خلافة الأمويين. بعد هزيمة الخوارج في القيروان، بتونس سنة 741، تراجع البورغواطيون في المغرب إلى منطقة تامسنا حيث أسسوا فيها مملكتهم.

قبل الثأر بالسيف، ذهب ميسرة البربري عند الخليفة الأموي هشام بن عبد المالك وترك له كتابا مستفسرا عن تعامل أصحابه مع المغاربة: «أميرنا يذهب في حملة وحين يحصل على غنيمة يستثنينا، فنقول جاهدنا في سبيل الله. حين نحاصر مدينة من المدن، يقول لنا تقدموا ويترك الجيوش العرب إلى الخلف، ونقول مرة أخرى إن أجرنا عند الله سيكون أكبر. أما حين يخطف كل بنت جميلة من بناتنا، فنود أن نعلم هل كل ذلك يتم تلبية لطلبكم». لم تجد الرسالة نفعا، وتعاظمت قيمة المكوس والجبايات التي فرضها المسلمون على البربر، واختطف الفاتحون نحو 13 ألف بنت بربرية خارقة الجمال وقدموها هدية لحكامهم، آنذاك ذهب ميسرة وطريف إلى قيروان لمنازلة مسلمي المشرق عام 740. هناك انهزمت قوات ميسرة واستطاع طريف أن يفلت بجلده فركن إلى منطقة تامسنا. منذ ذلك الحين أصبحت برغواطة تشير إلى مجموع القبائل، وأغلبها من مصمودة وزناتة، التي انضوت تحت لواء القائد العائد. يقول أبو عبيد البكري، «قدم البربر طريف على أنفسهم وتولى أمرهم. وكان على ديانة الإسلام». هذا التوضيح مهم، لأنه بقدر ما كان طريف مؤسس الدولة الفعلي، بقدر ما اعتبر ابنه، صالح بن طريف، هو مؤسسها الروحي وصاحب ديانتها.

حكم البورغواطيون في منطقة تامسنا لأكثر من ثلاثة قرون (744 - 1058). تحت حكم صالح بن طريف، إلياس بن صالح (792 - 842) ؛ يونس (842 - 888) وابو غُفيل (888 - 913)، ضلت المملكة القبلية موحد، وأرسلت بإستمرار ببعثات إلى القبائل المجاورة. لم تدم العلاقات الطيبة مع خلافة قرطبة طويلا حيث قُطعت في مع حكام الأمويين القرن العاشر . هجومين للأمويين، فضلا عن الهجمات التى شنتها الفاطميون قد صُدت من قبل بورغواطة. نشبت حرب عصابات مكثفة مع بنو يفران من القرن الحادي. مما أضعف بورغواطة كثيرا [4] ، إلا انها ما زالت قادرة على صد هجمات المرابطين (سقط الزعيم الروحي للمرابطين ، عبد الله بن ياسين في معركة ضد البورغواطيين سنة 1058). سنة 1149 تمكن الموحدون من القضاء على قوه بورغواطة السياسية والدينية.

الأفول والآثار

مع بداية القرن الحادي عشر، فقد البرغواطيون بعضا من سيادتهم على شالة والرباط مثلا، وأصبحت على ما يبدو فضالة آخر منافذهم الشمالية إلى البحر. يتحدث ليون الإفريقي عن 180 مدينة، كما أن ابن خلدون يحدثنا عن تمدن أهل برغواطة، لكن لا أثر لهذه الحكايات في الواقع. لا شك أن الغزو المتتالي على المملكة والذي أدى إلى اندحارها على يد عبد المومن بن علي الگومي الموحدي عام 1148 أتى على الكثير من المدن والحواضر، لكن لا سبيل للتأكد من ذلك. أكيد كذلك أن تحالف المرينيين فيما بعد مع قبائل زناتة على أساس نشر الإسلام السني ساهم في محو آثارهم . لكن لا سبيل لمعرفة متى استطاع الموحدون تفريق القبائل الموالية لبرغواطة، وهل تم أولا القضاء على دولة بني طريف أم على التركبية القبلية التي كونت قوتهم الضاربة. وكأنها قصة سحرة، عمروا، حكموا فذهبوا إلى حال سبيلهم. ونبوءتهم؟ أصبحت قصة من قصص الدجالين، تقرأ في الكتب الصفراء لا غير. أما تاريخهم، فأخيرا سيكتب له الخروج من الظل، إذ يؤكد لنا مدير المعهد الملكي للدراسات التاريخية، محمد قبلي، أن موجز تاريخ المغرب الذي هو قيد التحضير "سيضم لأول مرة كل ما نتوفر عليه عنهم، على قلته».[5]

الدين

بعد اعتناق قبائل مصمودة الاسلام في بداية القرن الثامن وإنتفاضة ميسرة (739 - 742)، أقام بربر بورغواطة دولتهم على الساحل الاطلسي بين آسفي وسلا.

إتبعت مملكة بورغواطة المعتقدات الدينية المستوحاة من الاسلام (ربما بتأثير من اليهودية) [6] مع عناصر دينية سنية وشيعية ومن الخوارج. اختلطت مع الاسلام تقاليد وثنية ذات علاقة بالتنجيم. يُفترض أنه كان لهم "قرآن" يضم 80 سورة باللغة البربرية وذلك تحت قيادة الحاكم الثاني من سلالة صالح بن طريف الذين شاركوا في انتفاضة ميسرة. وأعلن نفسه نبياً [7]. وادعى أيضا أنه المهدي المنتظر، وأنه سيُرافق عيسى (عليه السلام) في النبوة.

يضم قرآنهم بحسب أبي صالح زمور المدعو «القائم بصلاتهم» ثمانين سورة. أسماء أغلبها منسوبة للأنبياء (آدم، أيوب، يونس...) وبعضها للقصص (فرعون، ياجوج وماجوج، الدجال، العجل...) وسور أخرى منسوبة للحيوانات (الديك، الجمل، الجراد، الحنش...). لم توجد في منطقة تامسنا التي استوطنوها أية صيغة مكتوبة لهذا القرآن، لكن البكري أورد مقتطفا من سورة أيوب المقابلة للفاتحة عندهم. يقول النص «بسم الله الذي أرسل كتابه إلى الناس هو الذي بين لهم به أخباره، قالوا علم إبليس القضية، أبى الله، ليس يطيق إبليس». وكلمة «الله» هنا ترجمة لكلمة «ياكوش» الذي اعتبره البعض إلاه البرغواطيين، والبعض الآخر اعتبره ترجمة لله، كما آمن به الخوارج من قبل من ضمن الأمازيغ المسلمين. هذا الرأي يسانده محمد الطالبي، إذ يرى أن دين بني طريف «لم يتحرر من الإسلام وإنما أعطاه صيغة أمازيغية محلية ومستقلة عن الشرق، بقرآن محلي ونبي محلي». الأمر لا يقف عند حد النصوص، فالبرغواطيون، حسبما دعاهم إليه يونس نسبة إلى جده صالح، كانوا يصومون رجب بدل رمضان ويجتمعون الخميس بدل الجمعة، ويصلون بعض الصلوات، دون ركوع ولا سجود مثل النصارى، ويغسلون الصرة والخاصرتين أثناء الوضوء ويصلون خمس مرات يوما وخمسا ليلا. أوجه المغالاة هذه، الممزوجة بالبريكولاج الديني، قد تعني أنهم أرادوا الظهور كمسلمين حقيقيين وليسوا في حاجة لدروس من أهل الشرق الجائرين، وأنهم قادرون على إنتاج قواعدهم، ذلك ما يذهب إليه الطالبي. لكن تشددهم في الدين كان يوازي تحليلهم لملذات الحياة، فقواعد التشريع البرغواطي تبيح الزواج من النساء بقدر ما استطاع الرجل مباعلتهم كما يبيح العود بعد الطلاق، دون قيد. ولعل ما كان يثير الأغراب لبلادهم، حسب ليون الإفريقي، جمال نسائهم البارع. على المستوى الشعبي، تمتزج طقوس البرغواطيين بشكل ملفت مع معتقدات وثنية موروثة ومع ممارسات «سحرية» مكتسبة من قبل تقديس الديك. هذا الاعتقاد ما زال قائما بمنطقة زمور، حيث وصل نفوذ البرغواطيين في نهاية القرن التاسع، فالزموريون ما زالوا يقولون في الفجر «لا يتودان أفلوس» )يؤذن الديك(، أما في ما يخص استبعاد أكل رأس الحيوانات ومنها الحوت، ومنع أكل البيض فما زالت قائمة عند بعض أعضاء قبائل مصمودة الذين لجؤوا إلى سوس. تحريم لحم الديك وأكل البيض يربطه المستشرق ناحوم سلوش في مجلة العالم الإسلامي بتأثير اليهودية على الديانة البرغواطية، حيث يلعب الديك كحيوان مقدس دورا مهما في محو الخطيئة والمعصية لدى يهود المشرق بالصحراء. سلوش يلاحظ أن ديانة صالح بن طريف تعطي لموسى مكانة أرقى عن عيسى ومحمد.

لذلك يقول إن «ديانة برغواطة إسلامية في شكلها، بربرية في طقوسها، يهودية في عمقها وميولاتها». قليل من المؤرخين والباحثين يشاطرن المستشرق سلوش رأيه. مولود عشاق يذكر أن قبائل الأمازيغ ارتدوا عن الإسلام 12 مرة، وأن كل من كان يشكك في الخلافة الشرعية وبالأحرى يستقل عنها )مثل برغواطة( كانت تطلق عليه السلطة الرسمية صفة «اليهودي، المجوسي أو الكافر». في الواقع يستنتج محمد الطالبي بأن البرغواطيين تعاملو «مع الإسلام كثقافة دخيلة، كقوة استعمارية سالبة، لكنهم امتلكوها وحولوها لصالحهم». هذا لا يمنع رواة مسلمين مثل بن حوقل من القول إن دين بني طريف «بدّل عقول الناس وبدّل معارفهم وافترض عليهم طاعته في سنن ابتدعها». وهو حال فرق إسلامية أخرى مخالفة للمذهب الرسمي لم توءد في بداياتها، مثل البهائيين والدروز، الذين ألّفوا بدورهم دينا خاصا بهم.


القبائل

يتكون اتحاد قبائل برغواطة من 29 قبيلة. 12 من هذه القبائل كانت تعتنق دين برغواطة بينما 17 منهم اعتقنت الإسلام.[8]

قبائل برغواطة

  • جراوة
  • زوغوة
  • بارنيس
  • بنو أبي نصر
  • منجسة
  • بنو أبي نوح
  • بنو وغمار
  • متغارا
  • بنو بورغ
  • بنو در
  • متمتة
  • بنز زكسنت

قبائل الخوارج المسلمة

  • زنتا جبل
  • بن بليط
  • نملة
  • عونست
  • بنو يفرن
  • بنو بنغيط
  • بنو نعمان
  • بنو فلوسة
  • بنو قونة
  • بنو سبقر
  • أسدة
  • رجانة
  • عزمين
  • منادة
  • مسينة
  • رسينة
  • ترارة

بعض القبائل الرئيسية، مثل عفرين وترارة، كانت فروع لجماعات قبلية أكبر، والفروع المستقرة في تامسنا فقط هي التي انضمت لاتحاد قبائل برغواطة.

القوة الاقتصادية والعسكرية

الفرق الحاصل مع الأقليات الأخرى أن البرغواطيين أصبحوا قوة سياسية مهابة الجانب. فبعد حدوث مجزرة وادي بهت ومذبحة قرية تيماغين التي جعلتهم يوسعون من نفوذهم مع بداية القرن العاشر، وصل إلى سدة الحكم رجل مسالم اسمه عبدالله أبو الأنصار، مثقف، معطاء، استطاع بخلاف أسلافه أن يجمع الكثير من الحلفاء دون إراقة دماء. يقول البكري «كان يجمع جنده وجيشه في كل عام ويظهر أنه يغزو من حوله فتهاديه القبائل وتستألفه، فإذا قبل هداياهم وألطافهم فرق أصحابه». هذا الوصف يظهر كيف أصبحت القبائل من حول مملكة برغواطة تهابها وتود مهادنتها. أما حين وصل أبو منصور عيسى إلى الحكم حوالي عام 953، فقد جدد نبوة جده وتبعته، بحسب ما يرويه سفيره إلى قرطبة، قبائل غزاوة وزاوغة والبرانس وبنو أبي نصير ومنغنيســة وبنو مغـمور ومطغرة، مما جعله يتوفر على 10000 فارس. أما القبائل الأخرى التي ظلت على مذهب الخوارج، فقد وضعت رهن إشارته 10000 فارس احتياطي. ما الذي يفسر هذا التعاضد؟ «لم يكن ما يجمعهم قبلي، يقول محمد الطالبي، ولكن قومي. تعلموا أن السلطة المركزية التي تضطهدهم وتهينهم ليست مشروعة وأن الثورة عليها ليست فقط حق وإنما واجب».

لكن بعد قرنين من وجود البرغواطيين، لم يعد دافع الثورة وحده يفسر استمراريتهم وقوتهم العسكرية. فعلا، يظهر أن هناك أربع طبقات تحدد البنية القبلية عندهم، بحسب ما توصل إليه مولود عشاق. نجد في الطابق الأول ذرية بني طريف، أصحاب الملك وقائدي الحلف البرغواطي إيديولوجيا وروحيا. يتبعهم المصامدة، الذين كانوا يتمتعون بمكانة اجتماعية مرموقة، ثم القبائل المنحدرة من زناتة وصنهاجة، والتي حصلت على مكانة في المجتمع بفضل التجارة، وأخيرا قبائل ذات أصل سوداني، حليفة للبرغواطيين بحكم تحكمها في قوافل الصحراء. تكونت مع الزمن هوية الانتماء إلى الإمارة. أصبحت حدودها، يقول أحمد سراج، مكونة من قبائل ومحاربين وليس فقط من أنهار وغابات. لكن ما الذي جعل البرغواطيين يكونون قوة ضاربة فيما لم يفلح أندادهم (إمارات النكور بالشمال ومكناسة في سجلماسة) من تحقيق ذلك؟ ليس هناك تفسير واحد لهذا الانفراد. على المستوى السيكولوجي، كما يقول محمد الطالبي، يجب أن نعي ما قدمه بنو طريف للقبائل من حولهم «قرآن بلسانهم، نبي من قومهم وشعائر خاصة بهم»، كأنما أصبح البرغواطيون أهل البيت، مع الفارق طبعا. مولود عشاق يذهب إلى تفسير عقلاني أكثر، معتبرا أن منطقة تامسنا منطقة ذات منعة واعتصام، فهي مكونة من غابات ووديان ومغارات. عين السبع وعين الذئاب بآنفا، لم تكن مجرد تسميات، والبحر من الخلف كان يبدو للأدارسة والمرابطين من بعدهم كبحر الظلمات. إضافة إلى كل ذلك بنى بنو طريف ما يناهز 400 حصن في مدنهم الاستراتيجية، شالة، فضالة، آنفا الخ. لكن القوة الضاربة وراء كل هذا تظل هي القوة الاقتصادية. فقد ظل التصدير إلى إسبانيا هو سلاحهم الأنجع. بل إن قوتهم أوصلتهم كذلك إلى الجنوب. يقول ابن حوقل «وقد يصل إليهم أهل أغمات وسوس بالتجارة وكذلك قوم من أهل سجلماسة». كل ذلك يعني، حسب المؤرخين، أن البرغواطيين كانوا يمتهنون الوساطة التجارية بإتقان. مما يعني أن القوافل كانت سالكة، فالعلاقة حتى مع فاس، حيث كان حكم الأدارسة بين مد وجزر، لم تنقطع إلا في حالات الحرب.

أما بخصوص الزراعة، فيكفي أن نورد ما قاله ليون الإفريقي «في عهد أولئك المبتدعين، بلغت وفرة القمح درجة جعلت الناس يستبدلون أحيانا حمل جمل بنعلين». تحكم برغواطة في منطقة حساسة ومنافذ بحرية استراتيجية، هو الذي جعلها، بحسب المختصين، وسط صراعات الأمويين السنيين والفاطميين الشيعة وحلفائهم في المغرب. «حاولوا القضاء عليهم لأسباب اقتصادية وسياسية وليس لأسباب دينية»، يقول مولود عشاق. أما قوتهم العسكرية، فستظهر بجلاء مع محاولة مؤسس الدولة المرابطية عبدالله بن ياسين القضاء عليهم عام 1059. «لقد دخل، يقول مولود عشاق، في مغامرة غير محسوبة. ظن أنه يستطيع القضاء عليهم، بينما هو آت من الصحراء والبرغواطيون أدرى بوعورة منطقتهم». والأهم، بحسب أحمد سراج، أن لهم قوة قبلية لا يستهان بها». قتل إذن بن ياسين على أيديهم ودفن بقرية نائية تدعى كريفلة، غير بعيد عن ازحيليگة، في قلب "مملكة المجوس".

حكام بورغواطة


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

انظر أيضاً

المراجع

  • Ulrich Haarmann, Geschichte der Arabischen Welt. C.H. Beck München, 2001.
  • John Iskander, Devout Heretics: The Barghawata in Maghribi Historiography, in The Journal of North African Studies Volume 12, 2007, pages 37-53.
  • Stephan und Nandy Ronart, Lexikon der Arabischen Welt. Artemis Verlag, 1972.
  • Mohammed Talbi, Hérésie, acculturation et nationalisme des berbères Bargawata, in Premier congrès des cultures Méditerranéennes d'influence arabo-berbère, Alger 1973,217-233.

الحواشي والمصادر

  1. ^ Tarif, el conquistador de Tarifa by Enrique Gozalbes Cravioto - (بالإسپانية)
  2. ^ see e.g. this article originally published in Hesperis and for a contrary view the reference by Mohammed Talbi cited above
  3. ^ Talbi (ref. cited above) believes, however, that it contains a certain amount of myth or propaganda
  4. ^ البكري even states they were annihilated in 1029, although this is inconsistent with what he himself states elsewhere regarding their battles with the الموحدونs
  5. ^ تاريخ المغرب ....برغــواطة : مملكة المجوس، مجلة نيشان المغربية سنة 2006
  6. ^ It is believed that Salih Ibn Tarif was a Jewish born in the Iberian Peninsula - Kitab Al-Istibsar, transl. of E. Fagnan, L'Afrique Septentrionale au XII siécle de notre Ere, Argel, 1900, p. 157.
  7. ^ أ ب Talbi (ref. cited above) notes that in fact there is no contemporary record of him being anything other than a Sufri Kharijite, and that it may have been a myth propagated by Yunus
  8. ^ http://www.achaari.ma/Article.aspx?C=5790
  9. ^ Dates with question marks are calculated on the basis of a secondary source [1]. Other info is from Ibn Khaldun.