إلحاد

(تم التحويل من الملحدون)

إلحاد Atheism عبارة عن مصطلح عام يستعمل لوصف تيار فكري و فلسفي يتمركز حول فكرة إنكار وجود خالق أعظم أو أية قوة إلهية بمفهوم الديانات السائدة لايمكن إدراكه بحواس الإنسان او المنطق . هناك إختلاف و جدل حول تعريف الملحد او الإلحاد فلا يوجد لحد هذا اليوم تعريف دقيق لكلمة الإلحاد فبعض الملحدين الذين توصلوا الى فكرة الإلحاد بعد دراسة عميقة لجميع الديانات السماوية و غير السماوية عبورا بالفلسفات المتعددة حول هدف الحياة يرفضون رفضا قاطعا ان يوضعوا في نفس طبقة شخص ملحد نتيجة عدم إمتلاكه لتلك المعلومات.

هناك على الأغلب إلتباس بين مصطلح الإلحاد و مصطلحات أخرى مثل اللا دين و اللاأدرية ويرجع هذا الإلتباس الى تداخل هذه التيارات مع بعضها و عدم وجود حدود واضحة تميز تيارا معينا عن الآخر ولكن هناك إجماع على إن اللاأدري يؤمن بإن إستعمال دين او فلسفة معينة لتأكيد او نفي وجود الخالق الأعظم مهمة مستحيلة و غير مثمرة ولاتضيف شيئا الى السؤال الأزلي حول معنى الحياة وكلمة اللاأدري هي ترجمة لكلمة إنجليزية مشتقة بدورها من كلمة لاتينية Agnosis وتعني حرفيا عدم المعرفة.

اما اللادين فلا يوجد تعريف واضح له لحد هذا اليوم وهناك 3 تعاريف لكلمة اللادين irreligion في القاموس الحر و قاموس Allword.com و قاموس Infoplease تتفق على ان كلمة اللادين تطلق على هذه الحالات [1] [2] [3]

  • إنعدام الإيمان بالأديان إما لعدم توفر المعلومات او بصورة متعمدة .
  • عدم إحترام فكرة إتخاذ الدين كفكرة مركزية لتنظيم حياة الإنسان .
  • إختيار طريقة وإسلوب في الحياة لا تتماشى مع الدين.

وهذا يختلف عن تعريف جورج سميث للملحد الحقيقي الذي وعلى لسان سمث شخص غرضه الرئيسي هو الموضوعية و البحث العلمي وليس التشكيك او مهاجمة او إظهار عدم الإحترام للدين ويجب ان يكون على إطلاع عميق بالديانات المختلفة و الفلسفة [4].


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الفرق بين اللادين و الإلحاد

من الصعب تقديم تعريف جامد ومحددا للادينية لأنها ببساطة تيار فكري غني بالتنوع والرؤى ، فلكل لاديني فهمه الخاص للدين والانسان والاله ، ولكن هذا لا يعني غموض مفهوم اللادينية ، اذ مهما تعددت الرؤى والتصورات يبقى للادينية مفهوم فكري عام يميزها عن باقي الاتجاهات الفكرية[بحاجة لمصدر] .

اللادينية هي اتجاه فكري يرفض مرجعية الدين في حياة الانسان ويؤمن بحق الانسان في رسم حاضره ومستقبله واختيار مصيره بنفسه دون وصاية دين أو تحكم شريعة ، فاللادينية لا تؤمن بأحكام وتصورات معصومة لا تقبل الجدل والنقاش ، بل ترى أن النص الديني أيا كان أسمه هو مجرد نص بشري محض لا ينطوي على قداسة خاصة ولا يعبر عن الحقيقة المطلقة التي تسمو على الشك [منسوخ من [5] يحتاج رخصة].

واللادينية ضمن هذا الفهم تختلف عن المفهوم التقليدي للإلحاد الذي يتخذ من قضية انكار وجود الخالق منطلقا وركيزة اساسية ، اذ تقدم اللادينية تصورا أكثر شمولا واتساعا للدين ، فلا تختزل الدين بمجرد لوهية وانما تطرح الالوهية باعتبارها جزءا صغيرا من منظومة فكرية واسعة ، ومن هذا المنطلق فان كلا ملحد هو لاديني ولكن اللاديني ليس ملحدا بالضرورة بل تحمل اللادينية اطيافا متعددة لفهم الألوهية من الانكار الكامل لها مرورا باللادرية أو عدم الإكتراث اصلا بوجود اله وانتهاء بإيمان خاص بوجود اله وفق فهم محدود لعلاقته بالانسان [منسوخ من [6] يحتاج رخصة].


أنواع الإلحاد

بسبب التعريف الغير واضح المعالم لمصطلح الإلحاد و وجود تيارات عديدة تحمل فكرة الإلحاد , نشأت محاولات لرسم حدود واضحة عن معنى الإلحاد الحقيقي وأدت هذه المحاولات بدورها الى تفريعات و تقسيمات ثانوية لمسطلح الإلحاد, وتبرز المشكلة إن كلمة الإلحاد هي ترجمة لكلمة لاتينية وهي Atheos وكانت هذه الكلمة مستعملة من قبل اليونانيون القدماء بمعنى ضيق وهو "عدم الإيمان بإله" وفي القرن الخامس قبل الميلاد تم إضافة معنى آخر لكلمة لحاد وهو "إنكار فكرة الخالق الأعظم" ولكن لم يتم تحديد تفاصيل هذا الإنكار وعما إذا كان الإلحاد نتيجة دراسة معمقة او سطحية فهناك البعض ممن ينكرون وجود الخالق الأعظم بمفهوم الديانات السماوية ولكنهم يعيشون في غابات الأمزون وغير مطلعون على الحضارات وهناك اديان روحية مثل البوذية و الطاوية لها مفاهيم يعتبرها اهل الديانات التوحيدية إلحادا وهل يكفي ان يشكك المرأ بفكرة الخالق الأعظم ليكون ملحدا ام يجب ان يصاحبه عدم ايمان بأي قيمة روحية ملموسة وإذا كان للملحد قيمة روحية او معنوية غير الدين يؤمن به فلماذا يعتبر هذه القيمة الغير ملموسة بحواس الإنسان اكثر منطقية و عقلانية من فكرة الدين وهل يكفي ان يطلع شخص على دين واحد او دينين او ثلاثة ليقرر الإلحاد ام يجب عليه ان يطلع على جميع الديانات من البدائية الى البهائية وجميع الفلسفات من أرسطو الى سارتر ليقرر ليعلن إلحاده وفي النهاية ماهو الفرق بين شخص إستغرقه عقود من الدراسة ليعلن إلحاده وبين شخص اعلن الإلحاد لأسباب شخصية او نفسية او إجتماعية او سياسية.

كل هذه التعقيدات ادت الى محاولات لتوضيح الصورة ونتجت بعض التصنيفات للإلحاد ومن ابرزها:

  • إلحاد قوي أو إلحاد ظاهر وهو شخص ينكر بصورة علنية وجود أي إله [7]
  • إلحاد ضعيف أو إلحاد مبطن وهو شخص لا يؤمن بوجود أي إله ولكنه لم يعلن ولم ينفي إيمانه هذا على الملأ [8].

هذين التعريفين كانتا نتاج سنين طويلة من الجدل بين الملحدين أنفسهم ففي عام 1965 كتب الفيلسوف الأمريكي من أصل تشيكي أيرنست نيجل (1901 - 1985) "إن عدم الأيمان ليس إلحادا فالطفل الحديث الولادة لايؤمن لأنه ليس قادرا على الإدراك وعليه يجب توفر شرط الإنكار لوجود فكرة الإله" [9]. في عام 1979 قام الكاتب جورج سمث بإضافة شرط آخر الى الملحد القوي الا وهو الإلحاد نتيجة التحليل و البحث الموضوعي فحسب سمث الملحد القوي هو شخص يعتبر فكرة الإله فكرة غير منطقية و غير موضوعية وهو إما مستعد للحوار او وصل الى قناعة في إختياره و يعتبر النقاش في هذا الموضوع نقاشا غير ذكي [10].

وأوضح سمث إن هناك فرقا بين رجل الشارع البسيط الذي ينكر فكرة الإله لأسباب شخصية او نفسية او إجتماعية او سياسية و الملحد الحقيقي الذي و إستنادا الى سمث يجب ان يكون غرضه الرئيسي هو الموضوعية و البحث العلمي وليس التشكيك او مهاجمة او إظهار عدم الإحترام للدين [11] .

ولكن و بالرغم من هذه التوضيحات بقيت مسألة عالقة في غاية الأهمية لم تحسم لحد هذا اليوم وهو التطبيق العملي على أرض الواقع و الحياة العملية لفكرة الإلحاد فهناك بعض الصفات و الخصائص الجيدة التي يشجع الأديان الإنسان على إتباعها ويقوم اتباع الدين بمارسة هذه التعاليم إيمانا منهم إن إلها متكاملا امر بها و قد يشترك بعض هذه المفاهيم و التصرفات مع بعض مفاهيم الملحد الحقيقي ومن اهمها ان الملحد الحقيقي و تابع دين معين قد يلتقون في فكرة إحترام وجهة نظر المقابل و عدم إستصغار او تحقير اية فكرة إذا كانت الفكرة مبعث طمأنينة لشخص معين ويجعله شخصا بناءا في المجتمع فالسؤال المطروح و المثير الجدل هو ماهو التطبيقات العملية او إسلوب الحياة الذي يجب على الملحد إتباعه وعما إذا كان هذا الأسلوب فريدا من نوعه ولم يشر اي دين او فلسفة اليها من قبل.

أسباب الإلحاد

  • أسباب فلسفية نابعة من التحليل المنطقي والإستنتاج العلمي التي و حسب وصف الملحدين تشير الى إنعدام الأدلة و البراهين على وجود الخالق الأعظم وعدم وجود إشارة لخالق هذا الخالق الأعظم وعدم وجود غرض منطقي لهذا الخالق بخلق البشرية من الأساس [12].
  • فكرة الشر او الشيطان وكونها منافية لقدرة الخالق على عمل كل شيء فإذا كان قادرا على إزالة الشيطان او نزعة الشر فإن هذا يوفر البشرية طاقة و وقتا لكي يبدع و إذا كان الخالق متعمدا في إبقاء الشيطان ليختبر العباد فإن الخالق وحسب تعبير الملحدين يبدوا وإنه غير متأكد من قدراته و يحتاج الى إختبار لإثبات ذلك .
  • أسباب شخصية مصدرها قناعة شخص معين إن حياته ستكون أفضل بدون الدين حسب مقاييس شخصية او مقايس فرضت عليه من المجتمع الذي يعيش فيه او نتيجة تأثره بمجتمع ملحد يعتبره اكثر تحضرا و تقدما [13] ويستشهد هذا التيار عادة بالحروب و المأسي التي حدثت و تحدث بسبب الدين.
  • أسباب تأريخية بسبب التناقض في رواية احداث تاريخية معينة في كتب دينية مختلفة يعتقد أتباع كل منها على حدى إن نسختهم هي الحقيقية.

بدايات الإلحاد

من اليمين فرويد , ماركس , نيتشه

استنادا إلى كارين أرمسترونغ في كتابها «تاريخ الخالق الأعظم» [15] فإنه ومنذ نهايات القرن السابع عشر و بدايات القرن التاسع عشر و مع التطور العلمي و التكنلوجي الذي شهده الغرب بدأت بوادر تيارات أعلنت أستقلالها من فكرة وجود الخالق الأعظم. هذا العصر كان عصر كارل ماركس و تشارلز داروين و فريدريك نيتشه وسيغموند فرويد الذين بدأوا بتحليل الظواهر العلمية و النفسية و الأقتصادية و الإجتماعية بطريقة لم يكن لفكرة الخالق الأعظم اي دور فيها. ساهم في هذه الحركة الموقف الهش للديانة المسيحية في القرون الوسطى و ماتلاها نتيجة للحروب و الجرائم و الأنتهاكات التي تمت في اوروبا بأسم الدين نتيجة تعامل الكنيسة الكاثوليكية بما اعتبرته هرطقة أو خروجا عن مبادئ الكنيسة حيث قامت الكنيسة بتشكيل لجنة خاصة لمحاربة الهرطقة في عام 1184 م وكانت هذه اللجنة نشيطة في العديد من الدول الأوروبية [16], وقامت هذه اللجنة بشن الحرب على أتباع المعتقد الثنوي في غرب أوروبا, والثنوية هي إعتقاد بأن هناك قوتين أو خالقين يسيطران على الكون يمثل أحدهما الخير و الأخر الشر. إستمرت هذه الحملة من 1209 الى 1229 وشملت أساليبهم حرق المهرطقين و هم أحياء وكانت الأساليب الأخرى المستعملة متطرفة و شديدة حتى بالنسبة لمقاييس القرون الوسطى. وكانت بناءا على مرسوم من الناطق بإسم البابا قيصر هيسترباخ Caesar of Heisterbach الذي قال «اذبحوهم كلهم» [17] [18] واستمرت هذه الحملة لسنوات وشملت لأكثر من 10 مدن في فرنسا. وتلا هذه الحادثة الخسائر البشرية الكبيرة التي وقعت أثناء الحملات الصليبية . ولم يقف الأمر عند العلماء فحتى الأدباء اعلنوا وفاة فكرة الدين و الخالق ومن ابرز الشعراء في هذه الفترة هو وليم بلاك (1757 - 1827) William Blake حيث قال في قصائده ان الدين ابعد الأنسان من انسانيته بفرضه قوانين تعارض طبيعة البشر من ناحية الحرية والسعادة وان الدين جعل الأنسان يفقد حريته و اعتماده على نفسه في تغير واقعه [19].

وبدأت تدريجيا وخاصة على يد الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور (1788 - 1860) بروز فكرة ان "الدين هو من صنيعة البشر ابتكروها لتفسير ماهو مجهول لديهم من ظواهر طبيعية او نفسية او اجتماعية وكان الغرض منه تنظيم حياة مجموعة من الناس حسب مايراه مؤسس الدين مناسبا وليس حسب الحاجات الحقيقية للناس الذين عن جهل قرروا بالالتزام بمجموعة من القيم البالية [20] وانه من المستحيل ان تكون كل هذه الديانات من مصدر واحد فالاله الشديد البطش الذي انزل 12 مصيبة على المصريين القدماء وقتل كل مولود اول ليخرج اليهود من ارض مصر هو ليس نفس الاله الذي ينصحك بان تعطي خدك الآخر ليتعرض للصفع دون ان تعمل شيئا". وتزامنت هذه الأفكار مع ابحاث تشارلز داروين الذي كان مناقضا تماما لنظرية نشوء الكون في الكتاب المقدس واعلن فريدريك نيتشه من جانبه موت الخالق الأعظم وقال ان الدين فكرة عبثية وجريمة ضد الحياة اذ انه من غير المعقول ان يعطيك الخالق مجموعة من الغرائز و التطلعات وفي نفس الوقت يصدر تعاليم بحرمانك منها في الحياة ليعطيك اياها مرة اخرى بعد الموت [21] .

نظريات داروين كانت مخالفة لقرون من الأعتقاد السائد بأصل الأنواع

اعتبر كارل ماركس الدين أفيون الشعوب يجعل الشعب كسولا و غير مؤمنا بقدراته في تغيير الواقع وان الدين تم استغلاله من قبل الطبقة البورجوازية لسحق طبقة البسطاء [22], اما سيغموند فرويد فقد قال ان الدين هو وهم كانت البشرية بحاجة اليه في بداياتها وان فكرة وجود الاله هو محاولة من اللاوعي لوصول الى الكمال في شخص مثل اعلى بديل لشخصية الأب اذ ان الأنسان في طفولته حسب اعتقاد فرويد ينظر الى والده كشخص متكامل وخارق ولكن بعد فتره يدرك انه لا وجود للكمال فيحاول اللاوعي ايجاد حل لهذه الأزمة بخلق صورة وهمية لشيء اسمه الكمال [23].

كل هذه الأفكار وبصورة تدريجية ومع التغييرات السياسية التي شهدتها فرنسا بعد الثورة الفرنسية و بريطانيا بعد عزل الملك جيمس الثاني من إنكلترا عام 1688 و تنصيب الملك وليام الثالث من إنكلترا والملكة ماري الثانية من إنكلترا على العرش كان الأتجاه السائد في اوروبا هو نحو فصل السياسة عن الدين والغاء العديد من القيود على التعامل و التعبير التي كانت مفروضة من السلطات السابقة التي كانت تاخذ شرعيتها من رجالات الكنيسة. وعندما بدأ الإستعمار الأوروبي للعالم الأسلامي حيث تحولت الجزائر الى مستعمرة فرنسية عام 1830 وتحولت اليمن في عام 1882 الى مستعمرة بريطانية وبين بريطانيا و فرنسا تحولت هذه الدول الى مستعمرات مصر , تونس , سودان , ليبيا , مغرب , وهنا بدأ احتكاك جديد لأول مرة بين قوى متطورة من الناحية العلمية والتكنلوجية و لا تعترف باي دور للدين في السياسة وبين مسلميين ادركوا ان ركب التقدم قد فاتهم ولكنهم في قرارة نفسهم كانوا لايزالون يؤمنون بانهم "خير أمة أخرجت للناس" وان "الدين عند الله الإسلام" فظهر في الطريق خياران لا ثالث لهما اما اللحاق بالتقدم الغربي من خلال التقليد و المحاكاة و العلاقات الجيدة او القناعة بان ما آل اليه حال المسلمين من خضوع يكمن سببه في الأبتعاد عن إصول الدين الإسلامي . فاختار البعض طريق التأثر بالغرب و العلمانية و اختار البعض الآخر العودة للجذور و من هنا نشأت بدايات ما يسمى الإسلام السياسي ولايزال هذا الأنقسام موجودا الى يومنا هذا.

الإلحاد من وجهة نظر الطب النفسي

المنطقة الخضراء هي الفص الصدغي الذي يعتقد انه منظم الإعتقادات الروحية في دماغ الإنسان

يرى الكثير من علماء وأطباء النفس انه و بالرغم من المحاولات العديدة لتبرير الإلحاد على أسس فلسفية و إجتماعية و سياسية إلا ان الجزء الأعظم من إتخاذ الإلحاد مرتكزا يرجع الى اسباب نفسية [24] وإن الملحد الحقيقي يمتلك قيمة روحية أخرى إبتدعه لنفسه ويعتبره اكثر عقلانية من الديانات السائدة فبعض الملحدين يعتبرون المساهمة في نشر الوعي و إحترام حقوق الإنسان او الأعمال الخيرية او مساعدة المنكوبين او الحد من التطرف او الحد من العنف اكثر موضوعية و عقلانية علما إن أتباع العديد من الديانات يؤمنون بهذه المعتقدات بدون الحاجة الى إنكار وجود الخالق ويرى علماء النفس و الإجتماع هذا كمجرد إستبدال لقيم روحية معينة بقيم روحية اخرى ولا جديد في هذا فالإنسان و منذ القدم كان يستبدل إله بإله آخر عندما يجد إن الفكرة القديمة ليست مبعث طمأنينة. فعلماء النفس يعتبرون الإيمان بشيء معنوي او روحي غير ملموس من الغرائز الرئيسية التي تفصل الإنسان عن المخلوقات الأخرى.

هناك إجماع في الطب إن صحة الإنسان هو خليط من 6 أقسام فرعية و هي الصحة البدنية و النفسية و الإجتماعية و الغذائية و المهنية و الروحية وإن التعريف الضيق لمفهوم الصحة الذي كان مبنيا على إنعدام المرض كشرط للصحة أصبح مفهوما باليا وإن عدم توفر اي جزء من هذه الأجزاء الستة معناه وجود خلل في صحة الإنسان [25] و معنى هذا إن إنسانا سليم البدن و النفس سعيد في مهنته ويحافظ على نظام غذائي معتدل و يملك قيمة روحية او معنوية ولكنه يعاني من مشاكل إجتماعية فإن هذا الإنسان لايعتبر متمتعا بالصحة.

ملف:1coil temp.jpg
تحفيز منطقة الفص الصدغي أثناء التجارب

هناك إجماع على إن المنطقة الجانبية من الدماغ والمسمى الفص الصدغي Temporal Lobe من المحتمل جدا ان يكون مسؤولا عن تنظيم الجانب الروحي في حياة الإنسان وقد تم التوصل الى هذا الإستنتاج عن طريق الأشخاص الذين يعانون من صرع المنطقة الصدغية من الدماغ حيث و لأسباب غير معروفة يزداد النشاط الكهربائي لهذه المنطقة بمعزل عن بقية الدماغ وهذا يؤدي الى ظهور اعراض وعلامات من أهمها أفكار دينية و روحية معقدة وأفكار ميتافيزيقية والتعلق بفكرة دينية معينة إلى حد الهوس. هذه الملاحظة البدائية حدى بالعلماء الى إجراء تجارب تتركز على قياس نشاط هذا القسم من الدماغ في اشخاص متدينين غير مصابين بالصرع و مقارنته باشخاص ملحدين وتم التوصل في جامعة كاليفورنيا في سان دياغو الواقعة في ولاية كاليفورنيا عام 1997 الى ملاحظة ان النشاط الكهربائي الدماغي في الفص الصدغي هو اعلى في المتدين مقارنة بالملحد [26]. بعد اعوام من هذه التجربة تم إجراء تجربة إستهدفت الملحدين بصورة خاصة وكانت عبارة عن تحفيز منطقة الفص الصدغي لشخص ملحد, لم تأد هذه التجربة الى نتائج ملموسة ولكن الملحدين عبروا عن شعورهم بشيء ما او شعورهم أثناء تحفيز المنطقة الصدغية من دماغ المساهمين في التجربة, بوجود شخص آخر او شيء آخر في الغرفة مع إقتناعهم انهم كانوا لوحدهم في غرفة الإختبار [27]

ادت تجارب اخرى ان الطمأنينة الروحية الناتجة من إداء بعض الطقوس الدينية إستنادا الى الطبيب راميش مونوكا في بحثه الذي نشره في المؤتمر العالمي للصحة في أستراليا عام 2000 إن تجاربه ادت الى إستنتاج إن التأمل والطمأنينة النفسية اثناء اداء بعض الطقوس الدينية يزيد من نشاط مجموعة خاصة من الكريات الدم البيضاء والتي تسمى بالمقاتلات الطبيعية Natural Killer Cells والتي لها دور مهم في قتل الخلايا السرطانية [28]

يمكن الإستنتاج ان أية قيمة روحية و معنوية غير ملموسة يبعث الطمأنية في حياة شخص ما ويجعله شخصا بناءا في المجتمع و يجعله يحترم آراء الغير هو من الناحية النفسية والطبية احد الشروط الرئيسية في تكامل صحة الإنسان وإن على الإنسان ان لايضيع جهدا و وقتا في إثبات ان فكرة ما او دين معين هو أفضل من فكرة أخرى او دين آخر [29].


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الإلحاد في العالم الإسلامي

واجهت فكرة الإلحاد جدارا صعب الإختراق في بداية إنتشار الفكرة أثناء الإستعمار الأوروبي لعدد من الدول الإسلامية ويعتقد معظم المستشرقين و المؤرخين إن الأسباب التالية لعبت دورا مهما في صعوبة إنتشار فكرة الإلحاد الحقيقي في العالم الإسلامي لحد يومنا هذا [30]:

  • الإختلاف التأريخي بين الإسلام و الديانات و الأفكار الروحية الأخرى حيث إن الإسلام إستطاع في بداياته من تشكيل نواة دولة وتغلغل الفكر الإسلامي وتخطى حدود مجرد كونه فكرة روحية بل أصبح نظاما إجتماعيا و سياسيا و إقتصاديا حاولت تنظيم كافة الأمور من ابسط الأشياء كإلقاء التحية و طريقة الأكل مرورا بفلسفة الوجود الى الأمور السياسية و الإدارية و كل هذه الأمور أضافت طابعا إجتماعيا و إحتفاليا لطقوس كان غرضها الرئيسي ديني بحت فأصبح صوم رمضان و حج الكعبة و الزكاة تحمل معاني إجتماعية تأصلت في ذاكرة الإنسان المسلم جيلا بعد جيل و أصبحت جزءا من الموروث الثقافي.
  • الإنتصارات التأريخية العسكرية التي تحققت في عهد الإسلام حيث تحولت قبائل متشرذمة معادية لبعضها الى قوة عظمى فتولدت قناعة لدى المسلم إن الخضوع و التأخر والهزيمة كانت نتيجة الإبتعاد عن مبادئ الإسلام وليس العكس.
  • إستناد الإستعمار الأوروبي في محاولته لفهم العالم الإسلامي على أفكار معادية للإسلام و لشخصية رسول الإسلام إنتشرت في اوروبا في القرون الوسطى أثناء التوغل الإسلامي في قارة اوروبا فتولدت نتيجة لهذه الأفكار قناعة لدى المستعمر الأوروبي بأنه اكثر تفتحا و تحظرا من المسلم الذي و حسب رأي المستعمر كان صاحب عقلية متحجرة وأدى هذا الفكرة المسبقة عن المسلمين الى إنعدام حوار حقيقي بين الحضارات بل كان حوار من طرف واحد مفاده ان المسلم يجب عليه ان يتغير لكي يواكب ركب التقدم وأدى هذا الحوار الفردي الى ردود فعل معاكسة و نشوء ظاهرة ما يطلق عليه تسمية إسلام سياسي.
  • طبيعة المجتمع الشرقي الذي هو عبارة عن مجتمع جماعي بعكس المجتمع الأوروبي الذي يتغلب عليه صفة الإنفرادية فالإنسان الشرقي ينتمي اولا للعائلة ثم القبيلة او العشيرة ثم الطائفة وأي قرار يتخذه يجب ان يراعي فيه مصلحة مجموعة أخرى محيطة به قبل مصلحته او قناعته الشخصية فالإنسان الغربي له القدرة على إعلان الإلحاد كقرار فردي دون ان يتبع هذا القرار "وصمة عار" من قبل المجتمع بعكس الإنسان الشرقي الذي سيصبح معزولا عن اقرب المقربين إليه إذا اعلن الإلحاد لكون دين الإسلام دينا ذات ابعاد إجتماعية يدخل في تفاصيل الحياة اليومية.

بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية حاول مصطفى كمال أتاتورك (1881 - 1938) بناء دولة علمانية و إلحاق تركيا بالمجتمع الأوروبي فقام بإغلاق جميع المدارس الإسلامية وشملت المحاولة منع إرتداء العمامة او رموز اخرى فيه إشارة الى الدين. في إيران تأثر الشاه رضا خان الذي حكم من 1925 الى 1941 بمبادرة أتاتورك فقام بمنع الحجاب و أجبر رجال الدين على حلق لحاهم وقام بمنع مواكب العزاء أثناء عاشوراء ولكن هذه المحاولات لكونها مفاجئة و غير تدريجية و متأثرة بافكار اوروبية كانت لها نتائج عكسية ففكرة الإلحاد التي إنتشرت في اوروبا كانت تدريجية و موجهة ضد تدخل الكنيسة الكاثوليكية في السياسة ولم تكن لها نظرة شمولية عن الأديان الأخرى.

أدى إستعمال القوة في فرض الأفكار العلمانية في إيران و تركيا الى نتائج عكسية وتولد نواة حركات معادية لهذه المحاولات وإستقطبت مدينة قم في ايران كل الحركات المعادية لحكومة طهران ومن الجدير بالذكر إن قم كانت لاتزال تمتلك نفوذا كبيرا على صنع القرار السياسي ومن الأمثلة المشهورة على ذلك كان الفتوى التي صدرت في إيران عام 1891 وفيها أفتى محمد حسن شيرازي الإيرانيين بمقاطعة تدخين التبغ وحدثت بالفعل مقاطعة واسعة النطاق لمدة شهرين حيث اضطر الشاه على أثرها لإلغاء عقود تجارية ضخمة مع عدد من الدول الأوروبية حيث كان الشاه في ذلك الوقت يحاول الانفتاح على الغرب [31].

نشأت نتيجة محاولة الفكر الإلحادي و العلماني إختراق المجتمع الإسلامي حركات إسلامية إصلاحية كانت تحاول إستعمال الدين لإجراء إصلاحات سياسية و إجتماعية فمن أفغانستان ظهر جمال الدين الأفغاني (1838 - 1887) ومن مصر ظهر محمد عبده (1849 - 1905) وفي الهند ظهر محمد إقبال (1877 - 1938) وشهد القرن العشرين صراعا فكريا بين الفكر الإسلامي و أفكار اخرى مثل الشيوعية و القومية العربية ولكن حتى الشيوعيين و القوميين لم يجعلوا من الإلحاد مرتكزا فكانت هناك ظاهرة غريبة بين بعض الشيوعيين حيث كان البعض منهم يمارسون الطقوس الإسلامية.

لكن المستوى الأقتصادي المتدني لمعظم الدول في العالم الأسلامي حيث بدأت منذ الأربعينيات بعض الحركات الأشتراكية في بعض الدول الأسلامية تحت تاثير الفكر الشيوعي كمحاولة لرفع المستوى الأقتصادي و الأجتماعي للافراد ولكن انهيار الاتحاد السوفيتي خلف فراغا فكريا في مجال محاولة الأصلاح الأقتصادي و الأجتماعي و يرى المحللون انه من هنا انطلقت الأفكار التي قامت بتفسير التخلف و التردي في المستوى الأقتصادي و الأجتماعي الى أبتعاد المسلمين عن التطبيق الصحيح لنصوص الشريعة الأسلامية وتؤثر حكوماتهم بالسياسة الغربية [32] ولعبت القضية الفلسطينة والصراع العربي - الأسرائيلي واحتلال اسرائيل للضفة الغربية و قطاع غزة كل هذه الأحداث وتزامنها مع الثورة الأسلامية في ايران و حرب الخليج الثانية مهدت الساحة لنشوء فكرة ان السياسة الغربية مجحفة وغير عادلة تجاه المسلمين وتستخدم مفهوم الكيل بمكيالين وأدى كل هذا الى نشوء ظاهرة الإسلام السياسي بدلا من إنتشار الفكر الإلحادي.

ظهرت في السنوات الأخيرة اصوات تحاول تنظيم نفسها وتنشر الفكر الإلحادي في العالم العربي ولكنها لاتزال في مرحلة بدائية جدا ويقتصر نشاطهاعلى شبكة الإنترنت ويتبادل هؤلاء الأشخاص الآراء تحت أسماء غير معروفة بسبب عدم تقبل المجتمع الديني لهم وخاصة الدين الأسلامي الذي حد الردة من شرائعه, وهو السبب الكبير لأن يخفي هؤلاء الأشخاص انفسهم تحت اسماء مستعارة,والسبب هو التهديد الديني وخاصة التهديد من قبل بعض التيارات الإسلامية المتشددة بتطبيق حد الردة وقطع رأس المرتد, والمستند الى حديث نبي المسلمين محمد: "من بدّل دينه فاقتلوه" البخاري. يعتقد البعض إن هذه الأصوات لاتزال في مرحلة التشكيك البدائية بالدين والتي مرت بها الفكر الإلحادي في اوروبا منذ قرون حيث إن الإلحاد الأوروبي يركز الآن على جعل الإلحاد يرتقي الى مستوى فلسفة مستقلة لها تطبيقات عملية وغرضها الرئيسي الموضوعية و البحث العلمي وليس التشكيك والطعن بالديانات.

مواضيع ذات صلة

روابط خارجية

  • منتدى الملحدين العرب [33]
  • موقع الادينيين العرب [34]

المصادر