يحيى بن حمزة بن علي الحسيني العلوي

يحيى بن حمزة بن علي الحسيني العلوي (669-749 هـ/1270-1348م) المؤيد بالله يحيى بن حمزة بن علي ابن إبراهيم بن محمد بن إدريس بن علي بن جعفر الهاشمي، يتصل نسبه بالحسين بن علي بن أبي طالب.

ترجح الروايات أنه ولد في مدينة صنعاء لأسرة كريمة مشهورة بالعلم، موصوفة بالزهد والتقوى. نشأ في هذه المدينة، وفيها حفظ القرآن، وتلقى العلم على يد علماء عصره وهو لايزال صغيراً، وتبحر في جميع العلوم حتى فاق في هذا الميدان أقرانه، ثم انتقل إلى مدينة «حوث»، حيث تابع فيها دراسته في مختلف فنون المعارف.

كان حسن المعتقد، ذا خُلق جم، وصاحب علم غزير وتدين عميق، وكان إلى جانب ذلك عالماً فاضلاً، كاملاً محرراً، مدققاً زاهداً، ورعاً عابداً، صائماً نهاره قائماً ليله، قد شهد بفضله وكماله أعيان فضلاء عصره. وقد عُدَّ من أكابر علماء الزيدية وأئمتها بالديار اليمنية، له ميل إلى الإنصاف مع طهارة لسان، وسلامة صدر، وعدم إقدام على التكفير والتفسيق بالتأويل، ومبالغة في الحمل على السلامة على وجه حسن، وهو كثير الذَّبِّ عن أعراض الصحابة المصونة رضي الله عنهم. وقد لُقب بقمطر العلوم، وحافظ منظومها ومفهومها؛ لغزارة علمه وكثرة تصانيفه النافعة.

تقلد باليمن إمارة المؤمنين سنة 729هـ بعد وفاة المهدي محمد بن المطهر، وكان بروزه في بلاد صعدة وبلاد الظاهر وبلاد الشرف، وقد اختاره الناس ممن سواه لعلمه ومكانته وصفاته الحميدة، فقد كان محباً للمساكين، عادلاً في حكمه، زاهداً في دنياه.

ترك العلوي بعد حياة علمية حافلة بالنشاط آثاراً كثيرة، حتى قيل إن عدد كراريس تصانيفه زادت على عدد أيام عمره، وتدل آثاره فيما خلّفه من مصنفات على أن ثقافته لم تكن مقتصرة على فن بعينه، فقد تعدّت هذا النطاق الضيق حتى شملت فروعاً عدة من المعرفة، منها: البلاغة والفقه، والفلسفة والمنطق، وعلم الكلام، والتصوف والزهد، والنحو، وقد أعجب المؤرخون بعلمه وخلقه وأدبه، وقال عنه الإمام المطهر بن محمد: «في هذا الولد ثلاث آيات: علمُه، وحفظُه، وخُلقه».

له العديد من المؤلفات المخطوطة مثل: «الاختيارات المؤيدية» و«التحقيق في أدلة الإكفار والتفسيق» و«التمهيد لأدلة مسائل التوحيد»، وله في النحو: «المحصل في كشف أسرار المفصّل» و«المنهاج في شرح جمل الزجّاجي» و«الإيجاز لأسرار كتاب الطراز».

ومن كتبه المطبوعة «نهاية الوصول إلى علم الأصول» ـ ثلاثة مجلدات، وله في الفلسفة والمنطق وعلم الكلام: «الإفحام لأفئدة الباطنية الطغام» و«مشكاة الأنوار الهادمة لقواعد الباطنية الأشرار»، وله في العقائد: «المعالم الدينية»، ومما ألّف في التصوف والزهد: «تصفية القلوب من الأدران والأوزار والذنوب» و«الوعد والوعيد» و«الحاصر لفوائد مقدمة طاهر في علم حقائق الإعراب»، وصنف في البلاغة: «الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز»، وله كتب أخرى متفرقة في الأدب والحديث والتاريخ وغير ذلك مما قيل إنه بلغ مئة مجلد.

لعل أهم مصنفاته وأشهرها كتاب «الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز» الذي يُعدّ من أبرز الموسوعات التي أُلفت في البلاغة؛ لغزارة مادته، وثراء موضوعاته، وحسن تنظيمه، وكثرة شواهده. والكتاب يقع في ثلاثة أجزاء، وقد بيَّن في مقدمته سبب تأليف الكتاب أنه جاء نزولاً عند رغبة طلابه في تأليف كتاب يستنيرون فيه في فهم كتاب «الكشاف» للزمخشري (ت538هـ).

أما مصادر كتابه فقد أشار إليها في مقدمته، فذهب إلى أنه لم يطالع من الكتب المصنفة في البلاغة إلا أربعة هي: «المثل السائر» لابن الأثير (ت637هـ) و«التبيان في علم البيان» لابن الزملكاني (ت651هـ) و«نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز» لفخر الدين الرازي (ت606هـ) و«المصباح» لبدر الدين بن مالك (ت. 686هـ).

وكتاب «الطراز» يُعد من خيرة كتب البلاغة في القرن الثامن الهجري؛ لأن مؤلفه استطاع أن يتجاوز طابع عصره وسماته في إلقاء التلخيصات أو وضع الشروح والحواشي، وقد اختار لنفسه منهجاً مزج فيه بين الطريقة الأدبية التي تعنى بالدراسة والتحليل والإكثار من الشواهد، وطريقة المدرسة الكلامية التي تعتمد على وضع الأصول والقواعد والأحكام؛ أي إنه مزج بين القاعدة والتطبيق.

وقد تميز من العلماء بحسن تنظيمه للشواهد، فهو يستهل أمثلته بشواهد من القرآن الكريم، ثم يلحقها بأحاديث للرسولr، ثم يردفها بشواهد للإمام علي، فنصوص مختارة من منظوم العرب ومنثورها.

ترجح الروايات أن الإمام العلوي توفي في حصن هران، ثم نقل إلى ذمار حيث دفن فيها، وقبره مشهور موجود بمسجد عماد الدين جوار الجامع الكبير.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر

منيرة فاعور


للاستزادة

  • عبد الله محمد الحبشي، مصادر الفكر الإسلامي في اليمن (المكتبة العصرية، بيروت 1408هـ/1988م).
  • محمد بن علي الشوكاني، البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، تحقيق حسين عبد الله العمري (دار الفكر، دمشق 1419هـ/1998م).
  • محسن الأمين، أعيان الشيعة، تحقيق حسن الأمين (دار التعارف للمطبوعات، بيروت 1403هـ/1983م).