نقابات العمال في الجزائر

الحركة النقابية في الجزائر

عرفت الحركة العمالية في الجزائر عدة تطورات أدت في مجملها إلى تكوين فكر نقابي نضالي و سياسي أدى إلى ترسيخ تقاليد نضالية ساهمت في الحفاظ على استقرار المجتمع و الدولة على اختلاف مراحل تشكلهما

ان الحركة النقابية الجزائرية هي حركة ناتجة عن صراع بين إيديولوجيات متفاوتة الانتشار في الأوساط الشعبية فإذا كانت الحركة الشيوعية هي السباقة إلى تشكيل النواة الأولى للحركة العمالية الجزائرية فإنها لم تستطع أن تواكب التطورات السياسية نتيجة تمسكها بالناحية المطلبية و ارتباطها التام أو المطلق بالحركة الشيوعية الفرنسية التي لم تكن صريحة و واضحة فيما يخص المطالب السياسية، هذا الارتباط ساهم في إقصاء طاقات نضالية كان يمكن الاستفادة منها سواء في النضال السياسي أو المطلبي، كما كان وضع الحركة الشيوعية في مواجهة مباشرة مع الحركة الوطنية التي أعطت الأولوية للسياسي على المطلبي و بالتالي جعلت من تشكيل نقابة جزائرية مطلبا ثانويا و ليس رئيسا.

الحركة النقابية الجزائرية هي حركة عمالية المنشأ و التأطير زراعية الانخراط و التجنيد على أساس أن اليد العاملة الجزائرية هي يد عاملة زراعية و موسمية في أساسها و أن البذرة الأولى لتكون وعي نضالي عمالي بدأ مع الهجرة إلى فرنسا و العمل بمصانعها الأمر الذي يسمح بالقول أن النضال العمالي في الجزائر لم يكن بناء على تجربة ذاتية إنما كان مبنيا على عملية المقارنة مع الأوضاع السائدة في الوطن

كان تشكيل و تنظيم أول نقابة جزائرية كان بهدف دعم النضال السياسي و تجنيد العمال في سبيل الوقوف في وجه الاستعمار و بالتالي فإن العمل أو النضال المطلبي كان مؤجلا لما بعد الاستقلال و هو الأمر الذي أعطى الأسبقية للسياسي في كل وضع جابهته وتجابهه النقابة الجزائرية إلى يومنا هذا

بعد الاستقلال بقيت الحركة العمالية الجزائرية ممثلة في الاتحاد العام للعمال الجزائريين تحت وطأة السياسي حيث تم انخراطها في العمل التنموي حيث اعتبرت من بين المنظمات الجماهيرية التي تسعى إلى تجنيد اليد العاملة في سبيل القيام بمهامهم التنموية و الملاحظ هنا أنه تم محاصرتها و محاولة الحد من دورها و تقليصه إلى أقصى الحدود الأمر الذي أدى إلى انحسار دورها و لعل أهم الخطط المعدة لضربها هي تدعيم بعض أساليب التسيير كالتسيير الذاتي، إضافة إلى إنشاء لجان المشاركة في المؤسسات و سياسة التخطيط الفوقي ومركزية التسيير الإداري. كما كان للتدخل السياسي أثره في الحد من فعالية النقابات مثل ضرورة الانخراط في جبهة التحرير الوطني حتى تتمكن من الترشح لأي منصب مهما كان نوعه (المادة 120). كل هذه الإجراءات أدت إلى بروز ما يعرف بأزمة الثقة بين العمال و النقابة من جهة و بين النقابة و الدولة من جهة ثانية. الأزمة الأولى كان من نتائجها قيام إضرابات عمالية غير مؤطرة و عشوائية خاصة في فترة الثمانينات. أما الثانية فتتعلق بانتهاج الدولة سياسة الانفتاح غير المبرمج الأمر الذي سيؤدي إلى حلول اضطرابات اجتماعية سعت النقابة دائما لأن تكون بعيدة عنها الأمر الذي سيهدد السلم و الأمن الاجتماعيين

بعد سنة 1989 فتحت الجزائر أبوابها للتعددية السياسية و حرية التعبير فحدث الانفجار الذي أدى إلى ظهور تنظيمات كالفطر في الأيام الممطرة. إلا أن الاتحاد بقي يحافظ على احتكاره للعمل و النضال النقابي كما أن السياسي بقي مسيطرا على الأوضاع حيث تم انخراطه في اللجنة الوطنية للدفاع عن الجمهورية، إضافة إلى مشاركته في ندوات الوفاق الوطني. في المقابل سعى جاهدا لتخفيف آثار الاتفاقات مع صندوق النقد الدولي و ما نتج عنها من تسريح للعمال. في مقابل هذا تم بروز نقابات في ميادين أخرى تتعلق بالوظيف العمومي و هو الحقل الذي لم يستطع الاتحاد احتكاره رغم أنه لا يزال يؤثر باعتبار الشريك الاجتماعي الوحيد المقابل للدولة و لأرباب العمل و لعل أبرز النقابات بعده هي نقابات التربية و التعليم العالي تليها النقابة المستقلة للوظيف العمومي (snapap) و لعل ما يميز هذه النقابات التي تنعت بالمستقلة هو ابتعادها عن النشاط السياسي و تركيزها على النواحي المطلبية كما أنها في السنوات الأخيرة نحت نحو المطالب النوعية كالحرية النقابية و التمثيل النقابي إضافة إلى المطالب الاقتصادية

ن الحركة النقابية في الجزائر اليوم يتنازعها تياران أساسيان, تيار يبني نضاله على لغة الحوار و التشاور ممثلا في الاتحاد العام للعمال الجزائريين يتخذ من رصيده التاريخي و النضالي حجة لتمثيل العمال و التكلم باسمهم إضافة إلى الاعتراف التام به من قبل الدولة كونه الشريك الاجتماعي الوحيد الممثل للعمال

في مقابل هذا التيار يوجد التيار الثاني الذي يجسد نظرة المواجهة و الصراع و هو إن نهج هذا الأسلوب فهو لعدم وجود اعتراف من قبل السلطات بتمثيله رغم ما أحدثه من حشد في صفوفه و نجاح الإضرابات التي نظمها رغم عدم الاعتراف بها من قبل السلطات


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وصلات خارجية