مورگانته

(تم التحويل من مورگانته الأعظم)

مورگانته Morgante، (وأحيانا تسمى مورگانته الأكبر Morgante Maggiore تشير إلى القصيدة المكونة 28 كانتو المنشورة في 1483.[1]) هي ملحمة عاطفية إيطالية ألفها لويجي پولچي، وظهرت في صيغتها النهائية في 1483 (انظر 1483 في الشعر؛ وقد اختفت نسخة منها مكونة من 23 كانتو ظهرت في أواخر 1478؛ وقد نُشرت نسختان آخريان كل منهما من 23 كانتو في عامي 1481 و 1482[1]).

والقصيدة مبنية على ملحمة معدن فرنسا، إذ تحكي قصة اورلاندو ورنو ده مونتوبان (بالإيطالية، رنالدو أو رينالدو)، أشهر فرسان شارلمان، وإن كانت بشكل هزلي. القصيدة تأخذ اسمها من مارد عربي تابع لاورلاندو.

وقد ترجم اللورد بايرون أول كانتو منها إلى اللغة الإنگليزية في 1822.

لم يكن لورنزو ده مديتشي ليبلغ ما بلغه من مرتبة الرجل المكمل، لم يكن له بعض الهوى بالفلسفة، وبعض الشك في الدين، وبعض الانطلاق في الحب، وكان أمير فلورنسا المصرفي يدعو إلى صحبته ومائدته لويجي پولتشي Luigi Pulci ويلذ له سماع الهجاء الفظ في قصيدته مورگانته الأعظم Morgante maggiore. فقد كانت هذه القصيدة الشهيرة التي يعجب بها اللورد بايرون تقرأ للورنزو وضيوف بيته بصوت عال فقرة فقرة. وكان لويجي رجلاً قوي الفكاهة منطلقاً فيها، هز مشاعر القصر والأمة كلها باستخدام لغة الطبقات الوسطى، ومصطلحاتها، وأفكارها، في قصص الفروسية الغرامية. وكانت القصص الخيالية التي تصف مغامرات شارلمان في فرنسا، واسبانيا، وفلسطين قد دخلت إيطاليا في القرن الثاني عشر أو قبله، ونشرها في شبه الجزيرة المغنون الجوالون، والشعراء المرتجلون، فتدخل البهجة والسرور على كافة الطبقات. ولكن الذكور العاديين من بني الإنسان كان يوجد فيهم على الدوام نزعة من الواقعية المخادعة، الفتية، الساخرة من نفسها، تصاحب وتكبح جماح الروح الغرامية التي يحبو بها النساء والشباب الأدب والفن. وقد جمع بلتشي هذه الصفات كلها، وألف من القصص الشعبية الخرافية، ومن المخطوطات المحفوظة في مكتبة لورنزو، ومما كان يدور من الحديث حول مائدة لورندسو نفسه- ألف من هذا كله ملحمة تسخر من المردة، والشياطين، والوقائع الحربية التي تفعم بها قصص الفروسية، وتقص من جديد في شعر جدي تارة، وساخرة تارة أخرى، مغامرات الفارس المسيحي اورلاندو والمارد العربي الجبار الذي يكون اسمه نصف أسم القصيدة. وخلاصتها أن أورلندو يهاجم مورجنتي، فينقذ هذا حياته بأن يعلن فجأة اعتناقه الدين المسيحي، ويعلمه أورلاندو اللاهوت، ويقول له إن أخويه اللذين قتلا تواً يقيمان وقتئذ في الجحيم لأنهما من الكفار، ويبشره بالجنة إذا أخلص لدين المسيح، ولكنه ينذره بأن لابد له وهو في الجنة أن ينظر إلى أهله الذين يحترقون بشيء من الرحمة. ويقول له الفارس المسيحي:

إن علماء ديننا مجمعون على أنه إذا شعر المنعمون في السماء بالرحمة على الأشقياء من أقاربهم، الذين يتردون في أطباق الجحيم المروعة مختلطين بعضهم ببعض، فإن سعادتهم تنتهي إلى لاشيء

. ولا يضطرب مورجنتي لهذا، بل يقول لأورلندو مؤكداً:

سنرى هل أحزن على أبنائي، وهل أرضى بحكم الله، وأسلك مسلك الملائكة، أو لا أرضى بحكمه ولا أسلك مسلكهم... سأقطع أيدي أخوي وآخذها إلى أولئك الرهبان الصالحين حتى يوقنوا بأن عدويهم قد هلكا.

ويدخل پولتشي في المقطوعة الثامنة عشرة مارداً جديداً يدعى مرگوته Margute، وهو لص مرح، وقاتل رقيق، يعزو إلى نفسه كل رذيلة إلا الغدر بالصديق. وسأله مورجنتي هل يؤمن بالمسيح أو يؤثر عليه محمداَ فيجيب مرجوت بقوله:

من قصيدة مورگانته الأعظم لپولتشي
إني لا أومن بالأسود أكثر مما أومن بالأزرق

وكل ما أومن به هو الديكة السمينة مسلوقة أو قد تكون محمرة،

وأومن أحياناً بالزبد أيضاً،

وبالجعة وبالخمر الفطير الذي يطفو على وجهه قطع التفاح الحميص،...

أما الذي أؤمن به أشد الأيمان فهو النبيذ المعتق،

واعتقد أن الذي يثق به أشد الثقة هو الذي تكتب له النجاة...

إن الإيمان كالحرب معد،...

والإيمان يتشكل بالصورة التي يدركه بها الإنسان- هذه أو تلك،

أو غيرها من الصور.

فإذا شئت إذن أن تعلم أي نوع من العقائد أنا مرغم على اعتناقه!

فأعلم أن أمي كانت راهبة يونانية،

وأن أبي كان من بين الأتراك في بروصه ملا

--المارد العربي، مرگوته، في القصيدة

ويموت مرجوتي من الضحك بعد أن يظل يختال ويستهتر في مقطوعتين، ويموت بولتشي دمعة واحدة يذرفها عليه، بل يجتذب من خياله السحري شيطاناً من الطراز الأول يدعى عشتروت هو الذي اشترك في العصيان مع إبليس، يستدعيه الساحر ملاجيجي Malagigi ليأتي برينالدو بسرعة من مصر إلى معركة رونسڤال Roncesvalles، فيقوم بهذه المهمة في مهارة ويكسب من حزق رينلدو ما يجعل هذا الفارس المسيحي يقترح أن يرجو الله أن يطلق عشتروت من الجحيم. ولكن الشيطان الظريف شديد التفقه في الدين، ومن أجل ذلك يقول إن التمرد على العدالة اللانهائية جريمة لا نهائية تستحق عقاباً سرمدياً. ويعجب ملاجيجي من أن الله الذي سبق كل شيء في علمه بما في ذلك عصيان إبليس واللعنة الأبدية قد خلقه، فيعترف عشتروت بأن هذا من الأسرار الخفية التي لا يعرف أحد حتى الحكماء أنفسهم كنهها(22).

ولقد كان في الحقيقة شيطاناً عاقلاً، لأن پولتشي وهو يكتب في عام 1483 ينطقه بأقوال مدهشة يستبق بها كولمبس، فيقول عشتروت لرينالدو وهو يشير إلى التحذير القديم القائم عند أعمدة هرقل (جبل طارق) والذي يقال فيه »لا تسر إلى ما بعد هذا ne plus ultra»:

أعلم أن هذه النظرية خاطئة، وأن سفينة

الملاح الجريء ستخوض عباب الأمواج الغربية

وتتوغل فيها إلى مدى بعيد.

والأرض، وإن بدت سهلا أملس منبسطا،

قد خلقت في صورة عجلة مستديرة

ولقد كان الإنسان في الأيام الخالية أفظع صورة مما هو،

وإن كان من شأن هرقل نفسه أن يعتريه الخجل إذا عرف

إلى أي مدى سينطلق بعد قليل أضعف قالب بحري

وراء الحدود التي حاول عبثاً أن يضعها له.

سوف يكشف الإنسان بلا شك عن نصف عالم آخر

لأن الأشياء جميعها تنزع نحو مركز مشترك عام

والأرض المتزنة اتزاناً عجيباً بقدرة الله العجيبة الخفية

معلقة بين أبراج النجوم

وفي الجهات المقابلة لنا من الأرض مدن ودوا

وأقطار غاصة بالسكان لم تعرف حقيقتها قبل الآن

وها هي ذي الشمس تشق طريقها الغربي مسرعة

لتدخل البهجة على قلوب الأمم بما تتوقعه من ضياء

وقد سار بولتشي على سنة ابتداء كل مقطوعة، مهما يكن فيها من السخرية والتهريج، بتضرع وابتهال إلى الله وإلى الأولياء الصالحين، وكلما زاد ما في مادته من دنس زادت المقدمة جداً ووقاراً. وتختم القصيدة بالجهر بإيمانه بأن الأديان كلها خير وبركة-وهو تصريح يغضب بلا شك كل مؤمن حق. ويجيز بلتشي لنفسه بعض عبارات من الكتاب المقدس ليؤيد بها قوله إن علم المسيح السابق لم يكن يعدل علم الله الأب، وحين يجيز لنفسه أن يأمل بأن تنجو جميع الأرواح في آخر الأمر بما فيها روح إبليس نفسه. ولكنه بقي كما بقي كل فلورنسي صالح، وكما بقي غيره من أفراد الدائرة الملتفة حول لورنزو، مؤمناً في ظاهر الأمر بكنيسة مرتبطة ارتباطاً لا انفصام له بالحياة الإيطالية. ولم ينخدع رجال الدين بخضوعه هذا وولائه، ولما توفي (1484) لم يسمحوا بأن تدفن جثته في أرض مكرسة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الهامش

  • Morgante ed. Franca Ageno (Mondadori, 1994).
  • Morgante: The Epic Adventures of Orlando and His Giant Friend a complete English translation by Joseph Tusiani. Introduction and notes by Edoardo Lèbano. (Indiana University Press, 1998) ISBN 0-253-21407-6
  1. ^ أ ب See Lèbano's introduction to the Tusiani translation, p. xxii.