مصعب بن عبد الله الزبيري

مصعب بن عبد الله الزُّبيري (156 ـ 236هـ/773-851م) عالم بالنسب والحديث وأيام العرب، غزير المعرفة بالتاريخ، ثقة في الحديث، وله شعر حسن. ولد بالمدينة المنورة، وسكن بغداد.

هو أبو عبد الله مصعب بن عبد الله ابن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزُّبير بن العوام الأسدي، من بني أسد ابن عبد العزَّى. أمُّه: أمةُ الجبَّار بنت إبراهيم بن جعفر بن مصعب بن الزبير.

أحد وجوه قريش في عصره، وأغزرهم علماً، قال ابن أخيه الزُّبير: «كان عمِّي مصعب وجه قريش مروءةً وعلماً وشرفاً وديناً وقدراً وجاهاً».

كان مصعب نسّابة قريش، وكان جده مصعبُ بن ثابت بن عبد اللَّه ناسباً عالماً أيضاً.

روى عن أبي محمد إسحاق بن إبراهيم الموصلي العالم الفقيه المحدث، وله فيه مرثيَةٌ مطلعها:

أتدري لمَنْ تبكي العيونُ الذَّوارفُ

               وينهلُّ منهــا واكفٌ ثمَّ واكفُ؟

نعمْ لامرئٍ لمْ يبقَ في النَّاسِ مثلُهُ

               مفيدٌ لعلــمٍ أو صديقٌ ملاطفُ

ومنها قوله:

تجهَّزَ إســحاقُ إلى اللهِ غادياً

               فللِّـــهِ ما ضمَّتْ عليهِ اللَّفائفُ

وما حملَ النَّعشَ المسجَّى عشيَّةً

                                 إلى القبـرِ إلا دامعُ العينِ لاهفُ

دخل مصعب وهو صغير على الخليفة الرشيد، فتكلم بين يديه، فأكبره، قال: «أدخلني أبي إلى الرَّشيد وأنا صبيٌّ، فدعوتُ له، فاسـتملحَ كلامي، فقال له أبي: إنَّه قد مدح أمير المؤمنين بشعر ولكنه يستحيي أن ينشـده لهيبة أمير المؤمنين. فقال: هات ما قلت! فأنشدته شعراً، منه:

كأنَّكَ جئتَ محتكماً عليهـم

                                 تخيَّرُ في الأبوَّةِ مَنْ تشـــاءُ

لكَ الفضلُ المُبَرُّ على قريشٍ

               كما فضَــلَ الظَّلامَ لنا الضِّياءُ

فوهب لي ألفي دينار».

ومن رقيق شعره قوله:

ألا أيُّها القلبُ الَّذي كلَّ ليلــــةٍ

         بهِ منْ هوى ما لا ينالُ غليلُ

هلَ أنْتَ مفيقٌ؟! إنَّ في اليأسِ راحةً

                                   وإنَّ عنـاءَ الوجدِ عنكَ قليلُ

أجمل شعره ما كان في الفخر، ومنه قصيدة مطولة يذكر فيها طرفيه، ويفتخر بمن وُلِد من قريش، منها:

إنِّي امرؤٌ خَلصَتْ قريشٌ مَوْلِدِي

               فحللتُ بينَ سِـمَاكِها والفَرْقدِ

تُدْعَى قريشٌ قبلَ كلِّ قبيلـــةٍ

                                 في بيتِ مَرْحَمــةٍ ومُلْكٍ أيِّدِ

بيتٌ تقدَّمَهُ النَّبيُّ ورهطُــــهُ

                                 مُتَعَطّفيــنَ على النَّبيِّ محّمَّدِ

وحللْتُ حيثُ أحبُّ منْ أنسـابِها

                                 بينَ الزُّبيرِ وبينَ آلِ الأســودِ
وله عدد من الكتب، منها في الحديث «حديث مصعب»، ومما وصل إلينا من كتبه في النسب «النسب الكبير» و«نسب قريش».

ويعد كتابه «نسب قريش» أحد أبرز كتابين في نسب قريش لا يستغني دارس الأنساب عنهما، أما الكتاب الثاني فلابن أخيه الزُّبير بن بكّار بن عبد الله (ت 172هـ) وهو «جمهرة نسب قريش». أما كتابه فالظاهر أنه قد لحقه بعض الاضطراب بسبب تقسيمه إلى اثني عشر جزءاً من دون تناسق بين المتون، ولا يُعلم إن كان مصعب قد جعله على هذا النحو أو أن هذا التقسيم من صنع النُّسّاخ من بعده، وعلى الرغم من ذلك فإن أبرز ما يميز هذا الكتاب اهتمام مصعب ببيان أولاد البنات، وقد بدا هذا الاهتمام في سياق ذكره (ولد الحكم بن أبي العاص).

تُوفِّي مصعب بن عبد الله ببغداد وهو ابن ثمانين سنة.

وقال أحد بني أبي بكر بن عبد الله بن مصعب، يبكيه:

ونَائحةٍ تَنْثُو الرَّزِيّةَ مَوْهِنـــــاً

                                 فقلتُ لهــا: إنَّ الرَّزيَّةَ مُصْعَبُ

هُوَ المرءُ لا يَشْقَى بهِ الحقُّ إنْ طَرَا

               ويَعرُو حَــراهُ الطَّارقُ المُتَثَوِّبُ

أصِيبَتْ بهِ الأحْياءُ طُرَّاً بأَسْـرِهَا

                                 وصَبَّحَ أهْلَ اللهِ فَجْـــعٌ فأوْعَبُوا

علي أبو زيد


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

للاستزادة

  • مصعب الزُّبيري، نسب قريش، تحقيق ليفي بروفنسال (القاهرة 1951).
  • الحافظ اليغموري، نور القبس، تحقيق رودلف زلهايم (فرانكفورت 1964).
  • عبد الله أسعد اليافعي، مرآة الجنان وعِبرة اليقظان (دار الكتب العلميَّة، بيروت 1997).
  • الزبير بن بكار، جمهرة نسب قريش وأخبارها، تحقيق محمود شاكر (القاهرة 1381هـ).
الكلمات الدالة: