ماهية

ماهية quiddity- essence مصطلح مصاغ من السؤال «ما هو»؟ فالماهية منسوبة إلى ما، والأصل المائية قلبت الهمزة هاءً لئلا يشتبه بالمصدر المأخوذ من لفظ «ما». فالماهية أو المائية هي ما يجاب به عن السؤال «ما هو؟» أي ما يتقوم به تصورنا للشيء.

والماهية عند المنطقيين ما به يجاب عن السؤال بما هو، وعند الفلاسفة والمتكلمين بمعنى ما به الشيء هو.

وتطلق الماهية غالباً على الأمر المتعقَّل، فتقديرها في الأذهان لا في الأعيان (ابن تيمية). والأمر المتعقَّل من حيث إنه مقول في جواب ما هو يسمى ماهية، ومن حيث ثبوته في الخارج يسمى حقيقة، ومن حيث اللوازم له يسمى ذاتاً، ومن حيث يستنبط من اللفظ يسمى مدلولاً، ومن حيث إنه محل الحوادث يسمى جوهراً Substance.

وقد ميّز الفلاسفة المشَّاؤون بين الماهيات: النوعية والجنسية والاعتبارية؛ فالنوعية هي التي تكون في أفرادها على السوية أي إنها تقتضي في فرد ما تقتضيه في فرد آخر (ماهية الإنسان نفسها في زيد وعمر)؛ والجنسية هي التي لا تكون في أفرادها على السوية مثل الحيوان فهو يقتضي في الإنسان مقارنة الناطق ولا يقتضيه في غيره؛ والاعتبارية هي التي لا وجود لها إلا في عقل المعتبر مادام معتبراً، وهي ما به يجاب عن السؤال بما هو، كما أن الكمية ما به يجاب عن السؤال «بكم».

وقد اهتم الفلاسفة القدامى منذ أرسطو وحتى فلاسفة العرب وعلماء اللاهوت في العصور الوسطى بالعلاقة بين الوجود والماهية في صدد بحثهم مشكلة الخلق والكون، فميز أرسطو بينهما على الصعيد المنطقي بمعنى أن الوجود لا يدخل في تعريف الماهية (إذ يمكن إدراك ما الشيطان دون إدراك وجوده فعلاً)، لكنه وحد بينهما على الصعيد الأنطولوجي (الوجودي) الشيء الذي يفيد القول بقدم العالم، لذلك سعى فلاسفة العرب أمثال ابن سينا إلى الفصل بين الماهية والوجود لما ينطوي عليه التوحيد بينهما من تعارض مع فكرة الخلق في الإسلام، فالله يعلم بماهية الأشياء قبل إيجادها، وعلى هذا كانت الماهية سابقة للوجود عندهم على خلاف أرسطو، فالوجود طارئ عليها وعَرَض لها accident. ولكن هذا لا يعني أن يكون الوجود في كل ماهية عَرَض لها، فمن الماهيات ما يكون الوجود جزء مقوّم لها لا من حيث هي ماهية مطلقة، وإنما من حيث هي ماهية معينة. فالوجود إما واجب أو ممكن وواجب الوجود إما واجب بذاته أو واجب بغيره، والواجب بذاته يكون وجوده عين ماهيته (وهو الله)، أما الواجب بغيره فوجوده زائد أو مضاف على ماهيته (العالم - المخلوقات).

وقد تبنى فلاسفة العصور الوسطى خاصة توما الأكويني Aquinas رأي ابن سينا، فأكد أن الوجود بالنسبة للمخلوقات غير متضمن في ماهيتها، وعلى هذا يقترب من رأي أرسطو وابن رشد في أ ن نسبة الماهية إلى الوجود كنسبة القوة إلى الفعل.

والماهية في الفلسفة الوجودية Existentialism هي خاصية الإنسان، وذلك لأنه إذا لم تكن للإنسان طبيعة إنسانية مقررة من قبل، فإن كل إنسان يصنع ماهية وهو يعيش ويفعل ويحس، وعليه فإن الوجود العيني المتفرد المتمثل في كل واحد في المعالم هو وجود سابق لماهيته، فالإنسان يوجد أولاً ومع استمرار وجوده وبما يفعل تتحدد ماهيته.

ولهذا ميز سارتر Sartre بين الوجود والماهية، فالوجود في ذاته هو ماهية، أما الوجود لذاته فهو الوجود الحق، فإذا شعر الإنسان بأنه ماهية مكتملة فإنه يسلب القدرة على تحديد وجوده كما يريد، إلا أن الإنسان في الوجودية كائن حر في تحديد ماهيته، لذا فإن وجوده سابق على ماهيته لأنه يوجد أولاً ثم يختار ما يحقق وجوده فهو مشروع، ومن ثم أكدت الوجودية أن الإنسان لا يمتلك ماهية مسبقة، لذا فإنه سيبقى في مسعى دائم لتحقيق ماهيته، فالوجود سابق على الماهية الخاصة لكل إنسان وهو موجود بقدر ما يحقق ماهيته الخاصة..[1]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

انظر أيضاً


وصلات خارجية

المصادر


قالب:Philo-stub

  1. ^ عبير الأطرش. "ماهية". الموسوعةالعربية.
الكلمات الدالة: