عكرمة


عكرمة بن أبي جهل

أيها الأحباب مع الصحابي الذي قال له سول الله صلى الله عليه وسلم

مرحباً بالراكب المهاجر إنه الصحابي الذي بايع على الموت في سبيل الله

مع الرجل الذي قال: كنت أجاهد بنفسي عن اللات والعزى فأبذلها لها

فأستبقيها الآن عن الله ورسوله؟ إنه الصحابي الذي كان إذا أقسم يقول لا

والذي نجاني يوم بدر ..وكان يضع المصحف على وجهه ويقول: كتاب ربي كلام ربي

إنه الصحابي الذي وجدوا في جسده بضعة وسبعين بين ضربة وطعنة ورمية. إنه الصحابي

الذي فر هارباً من الله إلى الله.

إسمه ، أمه ، كنيته

اسمه: هو عكرمة بن أبي جهل بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن

مخزوم القرشي المخزومي.

أمه: أم مجالد إحدى نساء بني هلال بن عامر واسم -أبي جهل- عمرو بن

هشام وكنيته أبو الحكم والذي كناه بأبي جهل الرسول صلى الله عليه وسلم

والمسلمون.ونسي اسمه وكنيته بين الناس وأصبح لا يعرف إلا بأبي جهل.لعنه

الله.

كنيته: وكان عكرمة رضي الله عنه يكنى بأبي عثمان.

أيها الأخوة الأحباب إن الصحابي الجليل عكرمة بن أبي جهل يصدق عليه قول الحق

تبارك وتعالى ( تخرج الحي من الميت ) فلقد كان أبوه "أبو جهل" صاحب القلب

الميت الذي لم يعرف الله يوماً ولم يؤمن به أبداً وعلى الرغم من ذلك يخرج الله


رحلة مريرة

رحلة مريرة:

وتبدأ رحلة هذا الصحابي الجليل عندما نشأ في أحضان هذا الأب الكافر الذي أخذ على نفسه العهد

بعداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عكرمة نفسه مدفوعاً إلى عداوة النبي

صلى الله عليه وسلم ومحاربته طاعة لأبيه الذي كان يعتمد عليه في كل صغيرة

وكبيرة.

لقد كان أبو جهل والد عكرمة جبار مكة الأكبر وزعيم الشرك الأول وصاحب

النكال الذي امتحن الله ببطشه إيمان المؤمنين فثبتوا واختبر بكيده صدق

المؤمنين فصدقوا إنه أبو جهل وكفى. تخيل معي أيها الحبيب أن أباً مثل

هذا يخرج من صلبه صحابياً يدافع عن الإسلام ويكون شعاره "من يبايعني على

الموت في سبيل الله".

لما قاد أبوه معركة الشرك يوم بدر وأقسم باللات والعزى ألا يعود إلى مكة إلا

إذا نزل ببدر فيقيم عليها ثلاثاً ينحر الجذور ويشرب الخمور وتعزف له

القيان بالمعازف. فكانت المعركة فقاد أبو جهل هذه المعركة وكان ابنه

عكرمة عضده الذي يعتمد عليه ويده التي يبطش بها ولكن اللات والعزى لم

يلبيا نداء أبي جهل لأنهما لا يسمعان ولم ينصراه في معركته لأنهما عاجزان. فخر أبو

جهل صريعاً دون بدر ورآه ابنه عكرمة بعينيه ورماح المسلمين تنهل من دمه وسمعه

بأذنيه وهو يطلق أخر صرخة انفرجت عنها شفتاه. عاد عكرمة إلى مكة بعد أن خلف جثة

سيد قريش في بدر فقد أعجزت الهزيمة عن أن يظفر بها ليدفنها في مكة وأرغمه

الفرار على تركها للمسلمين فألقوها في القليب ( والقليب بئر ألقيت

فيها جثث المشركين من قتلى بدر ) مع العشرات من قتلى المشركين وأهالوا

عليها الرمال.


عكرمة ويوم أحد

عكرمة ويوم أحد:

لقد خرج عكرمة بن أبي جهل إلى أحد وأخرج معه زوجه أم حكيم لتقف مع النسوة

الموتورات في بدر وراء الصفوف وتضرب معهن على الدفوف تحريضاً لقريش على

القتال وتثبيتاً لفرسانها إذا حدثتهم أنفسهم بالفرار فكان على ميمنة

فرسان قريش خالد بن الوليد وعلى ميسرتهم عكرمة بن أبي جهل وأبلى

الفارسان المشركان آن ذاك في ذلك اليوم بلاءً رجح كفة قريش على محمد وأصحابه

وحققا للمشركين النصر الكبير مما جعل أبا سفيان يقول:[يوم بيوم بدر] وكان خالد وعكرمة قد انقضا

عكرمة ويوم الخندق

عكرمة ويوم الخندق:

وفي يوم الخندق حاصر المشركون المدينة أياماً طوالاً فنفد صبر عكرمة بن

أبي جهل وضاق ذرعاً بالحصار فنظر إلى مكان ضيق من الخندق وأقحم جواده

فيه فاجتازه ثم اجتازه وراءه بضعة نفر في أجرأ مغامرة ذهب ضحيتها عمرو بن

فراره يوم فتح مكة

فراره يوم فتح مكة:

وجاء موعود الله الذي وعده رسوله في كتابه (لقد صدق الله رسوله

الرؤيا) فكان يوم الفتح فرأت قريش ألا قبل لها بقتال محمد وأصحابه

فأذعنت أي قررت على أن تخلي له السبيل إلى مكة لكن عكرمة ونفر معه خرجوا على

الإجماع القرشي فتصدوا للجيش الإسلامي المحمدي الكبير فهزمهم القائد

المسلم خالد بن الوليد في معركة صغيرة قتل فيها من قتل ولاذ بالفرار من أمكنه


عكرمة الفار من الله إلى الله


عكرمة الفار من الله إلى الله:

كما هو معهود في خلق الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال الله في حقه

(بالمؤمنين رؤوف رحيم ) فقد عفا النبي صلى الله عليه وسلم عما سلف من قريش

تجاهه لما قال لهم:"اذهبوا فأنتم الطلقاء" لكنه صلى الله عليه وسلم

استثنى منهم نفراً سماهم وأمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة وكان في

طليعة هؤلاء النفر عكرمة بن أبي جهل لذا تسلل متخفياً من مكة ويمم وجهه شطر اليمن إذ لم

يكن له ملاذ إلا هناك.

عند ذلك مضت أم حكيم زوج عكرمة وهند بنت عتبة زوج أبي سفيان وأم معاوية

إلى منزل الرسول صلى الله عليه وسلم ومعهما عشرة نسوة ليبايعن النبي

صلى الله عليه وسلم فدخلن عليه وعنده اثنتان من أزواجه وابنته فاطمة فتكلمت هند وهي

منتقبة وقالت: يا رسول الله إني امرأة مؤمنة مصدقة ثم كشفت عن وجهها

وقالت: أنا هند بنت عتبة فقال لها رسول صلى الله عليه وسلم: مرحباً بك

فقالت: والله يا رسول الله ما كان على وجه الأرض بيت أحب إلي أن يذل من

بيتك ولقد أصبحت ومات على وجه الأرض بيت أحب إلي أن يعز من بيتك ثم أسلمت أم حكيم زوج

عكرمة وقالت: يا رسول الله قد هرب منك عكرمة إلى اليمن خوفاً من أن

تقتله فأمنه أمنك الله فقال صلى الله عليه وسلم: هو آمن. فخرجت من

ساعتها في طلبه ومعها غلام لها رومى فلما أوغلا في الطريق روادها الغلام عن نفسه فجعلت

تمنيه وتماطله حتى قدمت على حي من العرب فاستعانتهم عليه فأوثقوه عندهم ومضت هي إلى

سبيلها حتى أدركت عكرمة عند ساحل البحر في منطقة تهامة فوجدته وهو

يساهم نوتياً [بحاراً] مسلماً على نقله والنوتي يقول اخلص حتى أنقلك

قال: أشهد ألا إله إلا الله وأن محمد رسول الله فقال عكرمة: ما هربت إلا

من هذا وفي رواية أبي داود والنسائي من حديث سعد بن أبي وقاص أن عكرمة

لما فر وركب البحر فأصاب السفينة عاصف فقال أصحاب السفينة اخلصوا فإن

آلهتكم لا تغني عنكم هاهنا شيئاً فقال عكرمة: والله لئن لم ينجني في

البحر إلا الإخلاص لا ينجني في البر غيره اللهم إن لك علي عهداً إن

عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمداً حتى أضع يدي في يده فلا أجدنه إلا

عفواً كريماً قال: فجاء أسلم.

ثم أدركته زوجه فقالت: يا ابن عم قد جئتك من عند أوصل الناس وأبر

الناس وخير الناس من عند محمد بن عبدالله وقد استأمنت لك فأمنك فلا


تهلك نفسك فقال: أنت كلمته؟ قالت:نعم فأمنك. وما زالت تطمئنه حتى عاد معها ثم

حدثته حديث غلامها الرومي فمر به وقتله قبل أن يسلم وفيما هما في منزل نزلا

به في الطريق أراد عكرمة أن يخلو بزوجه فأبت ذلك أشد الإباء وقالت: إني مسلمة وأنت كشرك

فتملكه العجب وقال: إن أمراً يحول دونك ودون الخلوة بي لأمر كبير.

فلما دنا عكرمة من مكة قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه:

سيأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمناً مهاجراً فلا تسبوا أباه فإن سب الميت

يؤذي الحي ولا يبلغ الميت"

وما هو إلا قليل حتى وصل عكرمة وزوجه إلى حيث يجلس الرسول صلى الله عليه

وسلم فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم وثب من غير رداء فرحاً به

ولما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف عكرمة بين يديه وقال: يا محمد إن أم حكيم

أخبرتني أنك أمنتني فقال صلى الله عليه وسلم: صدق فأنت آمن فقال عكرمة: إلا

تدعو يا محمد؟ قال: أدعوك إلى أ ن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله

وأن تقيم الصلاة وأن تؤتي الزكاة …" حتى عد أركان الإسلام كلها فقال عكرمة: والله

ما دعوت إلا إلى الحق وما أمرت إلا بخير ثم بسط يده وقال: إني أشهد أن لا

إله إلا الله وأشهد أنك عبده ورسوله ثم قال: يا رسول الله علمني خير شيء أقوله

فقال: تقول :اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. ثم قال عكرمة: ثم

ماذا قال صلى الله عليه وسلم: تقول اشهد الله وأشهد من حضرني أني مسلم


جهاده رضي الله تعالى عنه

جهاده رضي الله تعالى عنه:

ولسيدنا عكرمة في قتال المرتدين أثر عظيم فقد استعمله أبو بكر رضي الله

عته على جيش وسيره إلى أهل عمان وكانوا ارتدوا وظهر عليهم عكرمة رضي الله

عنه ثم وجهه أبو بكر أيضاً إلى اليمن فلما فرغ من قتال أهل الردة

سار إلى الشام مجاهداً أيام أبي بكر مع جيوش المسلمين. فلما عسكروا

بالجرف على ميلين من المدينة واستقبله أبو بكر وسلم عليه وعرض عليه

المعونة فقال لا حاجة لي فيها فدع له بخير وسار إلى الشام رضي الله

تعالى عنه.

لقد بر عكرمة بما قطعه للرسول من عهد فما خاض المسلمون معركة بعد إسلامه إلا

وخاضها معهم ولا خرجوا في بعث إلا كان في طليعتهم.

وجاء يوم اليرموك:

وفي يوم اليرموك أقبل عكرمة على القتال إقبال الظامئ على الماء البارد في

اليوم القائظ شديد الحر ولما اشتد الكرب على المسلمين في أحد المواقف نزل من على جواده وكسر

غمد سيفه وأوغل في صفوف الروم فبادر إليه خالد بن الوليد وقال لا

تفعل يا عكرمة فإن قتلك سيكون شديداً على المسلمين فقال إليك عني يا خالد

فلقد كان لك مع رسول الله سابقة أما أنا وأبي فقد كنا من أشد الناس على رسول الله

فدعني أكفر عما سلف مني ثم قال لقد قاتلت رسول الله صلى الله عليه وسلم في

مواطن كثيرة وأفر من الروم اليوم إن هذا لن يكون أبداً ثم نادى في

المسلمين من يبايع على الموت؟ فبايعه عمه الحارث بن هشام وضرار بن

الأزور في أربعمائة من المسلمين فقاتلوا دون فسطاط خالد [أي مكان

قيادة الجيش] أشد القتال وذادوا عنه أكرم الذود حتى أثخنوا جميعاً جراحاً

وأوتي خالد بعكرمة جريحاً فوضع رأسه على فخذه فجعل يمسح على وجهه ويقطر

الماء في حلقه ولقد أصيب عكرمة والحارث فدعا الحارث بماء ليشربه فلما قدم له

نظر إليه عكرمة فقال ادفعوه إليه فلما قربوه منه نظر إليه عباس وكان قد أصيب معهم

فقال ادفعوه إليه فلما دنوا من عباس وجدوه قد قضى نحبه فلما عادوا إلى


وحان وقت الرحيل

وحان وقت الرحيل:

كان في قتال الأعداء رضي الله عنه جاداً بنفسه حتى قيل له ارفق بنفسك

فقال: كنت جاهد بنفسي عن اللات والعزى فأبذلها لها افأستبقيها الآن عن الله

ورسوله لا والله أبداً قالوا: فلم يزد إلا إقداماً حتى قتل رحمه الله

تعالى وكان استشهاده في يوم اليرموك وقيل بأجنادين وقيل الصفر وكان ذلك في

خلافة أبي بكر ولقد وجدوا فيه بضعاً وسبعين من بين ضربة وطعنة

ورمية-رحمك الله يا عكرمة-.

لما أسلمت وكان المسلمون يقولون هذا ابن عدو الله أبي جهل فساءه ذلك فشكى إلى رسول الله

صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه "لا

تسبوا أباه فإن سب الميت يؤذي الحي ونهاهم أن يقولوا عكرمة ابن أبي جهل

اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد فما أحسن هذا الخلق وأعظمه وأكرمه.

ولقد قالت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله