عقيلة الحاسي

عقيلة آغا بن موسى الحاسي ينتسب إلى قبيلة الحاسة من المواسي في برقة الليبية، و هم من فزارة العدنانية، نزلوا فلسطين عام 1229هـ. أصهر عقيلة الحاسي إلى الترابين والتياها من قبائل السبع، ويعود أصله إلى منطقة الحسا في الحجاز، وينتمي إلى قبيلة الهنادي.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

ولد عقيلة في غزة هاشم (ولكن تاريخ مولده غير محدد)، ورحل عنها إلى الناصرة سنة 1845، وإلتحق بحاشية محمود آغا عون الله. وكان والده موسى آغا من رجال قبيلة الحاسي هجر وطنه مصر على إثر قتله لرجل من أقاربه وجاء إلى غزة عام 1814، وتزوج من امرأة من عرب التركمان تدعى (خضرة الشقيري)، فولد منها ثلاثة أولاد هم عقيلة وصالح وعلي. وتوفي والده عام 1830. وكان في ذلك الوقت أن شق محمد علي باشا والي مصر في ذلك الحين عصا الطاعة، وإتخذ خلافه مع عبدالله باشا والي عكا ذريعة، فرمى إلى إحتلال سوريا، وأرسل جيشاً بقيادة إبنه إبراهيم باشا، وإحتلت جنوده العريش وغزة عام 1831، وظل يتوغل في البلاد إلى أن إحتل عكا وإمتلك الشام. إلتحق عقيلة بجيش إبراهيم باشا أسوة بوالده ووضع نفسه في خدمته.

سكن عقيلة في شفاعمرو بعض الوقت ولا يزال البيت الذي يقال أنه سكن فيه قائماً إلى هذا اليوم، بينما سكن أخوه صالح في قرية إعبلين المجاورة، ولا تزال هناك منطقة تسمى "منازل عقيلة" بالقرب من قرية بيت لحم الجليلية ، وكان موقع بير المكسور، ما بين الناصرة وشفاعمرو، حيث يسكن عرب الحجيرات اليوم يدعى فيما مضى "وعر عقيلة".

إستطاع عقيلة الحاسي أن يجمع حوله مجموعة من الرجال الأشداء، يمتطون صهوات جيادهم ثم يغيرون في كل مرة على قرية من القرى الصغيرة المنتشرة في المنطقة الواقعة ما بين المدن الكبرى الثلاث حيفا والناصرة وعكا، يفرضون عليها أتاوة، إن أدوها صاغرين يسلمون من بطشه ويعيشون بخير وأمان والويل لمن يتجرأ أن يعصاه ويرفض أمره، فيغزوا القرية ويسلب خيراتها وينهب ماشيتها وحلالها، ولا يبقي لهم على شيء. أثناء فترة حكم عقيلة الحاسي كان يطلب من كل قرية دفع أتاوة له وللجيش، كان شيخ صفورية إنذاك سليمان إبراهيم سليمان، فطلب عقيلة منه الضريبة، ورفض سليمان دفع ذلك، جهز عقيلة جيشاً لتأديب أهالي صفورية، وإستعد أهالي صفورية لملاقاته، وإلتقوا في موقع "خلة البرانس"، كما إستعد بعض السكان من صفورية في منطقة "الفرش"، أما جيش عقيلة فقد تجمع في أرض "المديد" شرق سولليم وأرض "ظهر حرب". كان مع سليمان رجلان بقيا من جيش إبراهيم باشا، وقد إستوطنا صفورية أحدهما (أبوسالم) جد محمود أرحيم، فقال لسليمان: أتريد أن أكسر لك العلم الذي على يمين عقيلة بدون أن أؤذيه؟ فقال له سليمان إفعل، وكان يحمل بارودة إبراهيمية (عصملية) طويلة، فأطلق ولم يخطئ وكسر العلم، وقف عقيلة وأمر جيشه بالتوقف وقال لهم: لو أراد هؤلاء قتلي لقتلوني، ولكنهم لا يريدون، دعونا نذهب ونتركهم وهكذا كان.

تحالف عقيلة مع الأتراك حيناً وتمرد عليهم حيناً آخر، ووقف مع المسيحيين العرب، وناصر الفرنسيين والأقلية الألمانية التي كانت تسكن في الجوار في كل من أم العمد وبيت لحم الجليلية والتي كانت تسمى بالألمانية Waldheim. وفي هذه الأثناء كان يتنقل بين شرقي الأردن ومصر. وعندما عاد من المنفى عن طريق دمشق كان يقضي الشتاء في بيسان ويعيش بقية أيام السنة في خيمة في بير المكسور. وعندما سأله أحد الأجانب لماذا لا يستقر في قطعة أرض خصبة بدل أن يعتاش على النهب والسلب، فأجاب: "أتريدني أن أهين نفسي بزراعة الأرض كالفلاحين"!! وعندما طلب منه الأميركيين التوقيع على إيصال بالمال الذي تسلمه منهم رفض فعل ذلك قائلاً: "يمكن كسر قضبان الحديد ولكن لا يمكن كسر كلمة الناس الشرفاء". وكان بهذا يرمز إلى ما تمثله القيم العربية في الشرق من أدب وكرم وحسن ضيافة وفخر وعزة نفس.


وفاته

كان لعقيلة الحاسي سطوة في مرج بن عامر في العصر التركي، وزادت شهرته بحمايته مسيحيي الجليل في حوادث سنة 1860. سيطر على منطقة الجليل ما يقرب من الثلاثين عاماً (1840-1870). توفي عقيلة الحاسي في عام 1870 ودفن في قرية إعبلين شمالي شفا عمرو.

المراجع