عثمان دان فوديو

(تم التحويل من عثمان بن فودي)
Usman dan Fodo
عثمان بن فودي
سلطان سقطو، أمير المؤمنين، إماما
Usman Ibn Fodio Calligraphy 02.png
أول خليفة على خلافة سقطو
العهد1803–1815
التتويجگودو، يونيو 1803
تبعهالمناطق الشرقية (سقطو):
محمد بلو، ابن.
المناطق الغربية (گواندو):
عبد الله دان فوديو، شقيق.
وُلِد15 ديسمبر 1754
گوبير
توفي20 أبريل 1817
سقطو
الدفن
Hubare, Sokoto.[1]
الزوجات
  • ميمونة
  • عائشة
  • حواء
  • خديجة
الأنجال23 طفل، منهم:
محمد بلو
نانا أسماء
أبو بكر عتيقو
الأسرةخلافة سقطو
الأبمعلم محمد فوديو
الأمميمونة
شخصية
الديانةالإسلام
الطائفةالإسلام السني
المذهبمالكي
العقيدةأشعرية[2]
طريقةالطريقة القادرية[3][4]

الشيخ عثمان بن فودي Usuman ɓii Foduye ، (يعرف أيضا باسم العربية: عثمان بن فودي‎، 15 ديسمبر 1754، السنغال20 أبريل 1817، صكتو) [5] هو معلم دين وكاتب وداعية إسلامي ، هو أيضا مؤسس خلافة صكتو، ينتمي إلى طبقة متحضرة من عرق شعب الفولاني الذي يعيش في ولايات الهوسا التي تعرف الآن بشمال نيجيريا، وهو قائد يتبع فقه المذهب المالكي السني والقادرية الصوفية.[6]. أحد أعظم أمراء إفريقيا المسلمين.


عاش يدرس فقه المدرسة المالكية في دولة مدينة جوبيير حتى عام 1802 فدفعته افكاره الإصلاحية ومعاناته وقمع السلطات المحلية المتزايد إلى قيادة اتباعه إلى المنفى، وبدأ هذا لمنفى ثورة سياسية واجتماعية بدأت من جوبير وانتشرت في أنحاء نيجيريا الحديثة والكاميرون كما وصل صداها إلى حركة الجهاد التي كان يقودها مجموعة الفولاني العرقية في غرب أفريقيا. كان دان فودي كثيرا ما يرفض مظاهر بذخ الحكم، وبينما كان يقوم بتوطيد العلاقات مع الإصلاحيين الإسلاميين والقادة الجهاديين في افريقيا، جعل ابنه محمد بيلو يتولى حكم صكتو.

كتب دان فودي أكثر من مائة كتاب عن الدين والحكم والثقافة والمجتمع، كان ينتقد نخبة المسلمين الأفارقة بسبب جشعهم وبعدهم عن الدين وانتهاكهم للشريعة ، وكثرة الضرائب التي كانوا يفرضوها. كان يشجع تعليم المرأة وتثقيفها مثلها مثل الرجل، وكان العديد من بناته يعملون كباحثات وكاتبات. يتم الاقتباس من كتاباته ومقولاته اليوم، يعرف داخل محيطه في نيجيريا بشيهو ، يطلق العديد من أتباعه عليه لقب المجدد أي "مصلح إسلامي".[7]

كانت ثورة دان فودي حلقة كبيرة ضمن حركة وصفت بهيمنة الفولانيين في القرن السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر.[8] تلى هذه الصورة نجاح الجهاديين في فوتو بوندو وفوتو تورو و فوتو دچالون في فترة 1650 و1750، وكان شيهو قد ألهم بدوره عدد من الجهاديين لاحقا في غرب أفريقيا، من ضمنهم شيخ أحمدو بن محمّدو لبّو مؤسس أمبراطورية ماسينا والحاج عمر بن سعيد الفوتي مؤسس سلطنة تكرور (والذي تزوج أحدى حفيدات دان فودي) وألهم أيضا موديبو آداما مؤسس أمارة أداماو


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الإسلام يغزو إفريقيا

تعتبر إفريقيا أول منطقة في العالم وصلها الإسلام بعد مكة مهبط الوحي، وذلك في العام الخامس من النبوة، عندما هاجر الصحابة الأولون فارين بدينهم إلى الحبشة، ثم دخلوا الشمال الإفريقي كله، من مصر إلى المغرب الأقصى في القرن الهجري الأول، وقد وصل فاتح المغرب الأعظم [عقبة بن نافع] إلى أطراف الصحراء الكبرى، وقد عمل ولاة بلاد المغرب من تونس إلى المحيط على نشر الإسلام في القبائل البربرية الموغلة في الصحراء، حتى وصل الإسلام إلى مدينة 'أودغشت' عاصمة قبيلة 'لمتونة' وهذه المدينة غير موجودة الآن ولكنها في قلب 'موريتانيا' .

ويرجع الفضل لنشر الإسلام في قلب وغرب إفريقيا لدولة المرابطين العظيمة، وخاصة الأمير الشهيد 'أبى بكر بن عمر' الذي كان أمير المرابطين الأول ثم ترك الإمارة 'ليوسف بن تاشفين'، وتخلى عن الزعامة وتفرغ لنشر الإسلام بين الأفارقة، وظل يحارب القبائل الوثنية وينشر الإسلام بينهم حتى استشهد سنة 480 هجرية، وقد وصل بالإسلام إلى خط الاستواء، أي على أبواب إفريقيا الاستوائية، عند منطقة الغابات الكثيفة، وهو بذلك قد قام بخدمة عظيمة للإسلام، ولا تقل عما فعله 'يوسف بن تاشفين' في المغرب والأندلس .


مأساة الممالك الإسلامية

أخذ الإسلام في الانتشار في قلب القارة الإفريقية شيئاً فشيئاً، بالتجارة تارة، وبالجهاد تارة، والدعاة المرابطين تارة، وبالتدريج تحولت القبائل الوثنية إلى الإسلام، وقامت ممالك إسلامية في غاية القوة والاتساع مثل مملكة غانا، ومملكة مالي الضخمة وكانت تشمل 'تشاد ومالي والنيجر والسنغال'، وكانت هذه المملكة من أقوى وأعرق الممالك الإسلامية في إفريقيا ومملكة صنغاي، وغيرها من الممالك القوية التي دفعت بالإسلام إلى الداخل الإفريقي.

ولكن وللأسف الشديد أصاب المسلمون هناك، ما أصاب إخوانهم في الشمال، وفى كل مكان، إذ دب بينهم التفرق والخلاف، واقتتلوا فيما بينهم، وصارت الممالك تتقاتل فيما بينها، بدوافع قبلية ودنيوية محضة، فاقتتلت مملكة 'الصنغاي' مع مملكة 'مالي'حتى دمرتها، ثم قامت مملكة المغرب أيام حكم 'المنصور السعدي'بتدمير مملكة 'الصنغاي'، وانهارت مملكة 'غانا' بالاقتتال الداخلي وهكذا أكلت هذه الممالك الإسلامية بعضها بعضاً، في نفس الوقت الذي كان فيه أهل الكفر من الغرب والشرق يجمعون صفوفهم ويوحدون راياتهم استعداداً للانقضاض على العالم الإسلامي .


قبائل الفولاني ونهضة الإسلام

وعلى الرغم من انهيار الممالك الإسلامية الكبيرة، إلا إن القبائل المسلمة قامت بدورها في نشر الإسلام، واستكمال الدور الدعوى الذي كانت تقوم به الممالك وربما بصورة أفضل، ومن أشهر القبائل المسلمة :

1. قبائل الماندينج وتنتشر في مالي والسنغال وجامبيا وغينيا وسيراليون وساحل العاج .

2. قبائل الولوف والتوكلور في السنغال ومالي .

3. قبائل الهاوسا في النيجر وشمالي نيجيريا وبنين والتوجو وبوركينافاسو .

4. الكانوري في شمال شرق نيجيريا والكاميرون .

ولكن أعظم وأشهر القبائل الإفريقية وأشدها تحمساً لنشر الإسلام وتمسكاً به هي قبائل [الفولاني] وهي التي تحملت مسئولية إعادة نهضة الإسلام وإقامة الممالك الإسلامية من جديد .

دخل الفولانيون الإسلام على أيدي المرابطين في القرن الخامس الهجري، فتحمسوا له واستعلوا به، وكانوا في الأصل من الرعاة الذين يتحركون باستمرار سعياً وراء الماء والكلأ، وكان موطنهم الأصلي حوض السنغال، ولكنهم انتشروا في قلب إفريقيا من السنغال إلى تشاد إلى قلب وغرب إفريقيا في 4 هجرات شهيرة، تفرعت خلالها هذه القبيلة الضخمة إلى عدة فروع، ولكن أهم هذه الفروع وأكثرها أثراً في نشر الدعوة الإسلامية وعودة النهضة الإسلامية للقلب الإفريقي، وهى هجرة الفولانيين إلى نيجيريا، وفى هذا الفرع ظهر صاحبنا، الذي أعاد المجد والعزة للإسلام بقلب إفريقيا وهو الأمير الفولاني [عثمان دان فوديو] .

النشأة والتكوين

ولد [عثمان دان فوديو] في بلدة 'طفل' على أطراف إقليم 'جوبير' [شمال نيجيريا الآني سنة 1168 هجرية ـ 1754 ميلادية، وكلمة فودي تعنى الفقيه واسمه الأصلي محمد]، فلقد كان والده معلم القرآن والحديث في قريته، وينتسب 'عثمان' إلى قبيلة الفولاني العريقة في الإسلام، وفي هذه البلدة الصغيرة، وفي هذا الجو الديني الطاهر، نشأ 'عثمان' فدرس اللغة العربية وقرأ القرآن وحفظ متون الأحاديث، وقد ساعده والده على تنمية ملكة التعمق في العلوم الدينية لما رأى فيه من حبه للدين وخدمته.

كان لهذه التربية والجو الإيماني الذي نشأ فيه [عثمان] أثر بالغ في تكوين شخصيته وتوجهاته، فشب ورعاً تقياً، أماراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، مجتنباً لما اعتاد عليه قومه من أساليب في الحياة، شديد الكره والعداء للقبائل الوثنية في إقليم 'جوبير' الذي ولد فيه، لذلك قرر [عثمان] مرافقة أبيه في رحلته الطويلة إلى الحج، وذلك وهو في سن الشباب .


نقطة التحول الكبرى

لقد كان ذهاب [عثمان بن فودي] لأداء مناسك الحج مع أبيه، نقطة تحول كبرى في حياة البطل الهمام، ذلك أنه قدم مكة المكرمة، والدعوة السلفية للشيخ [محمد بن عبد الوهاب] في أوج قوتها وانتشارها، حيث كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب، مازال حياً، يعلم الناس التوحيد الخالص ويحارب البدع ويرد على المبتدعة وأصحاب الأهواء، فلما وصل [عثمان بن فودي] هناك التقى مع المشايخ والدعاة السلفيين وسمع منهم الدعوة السلفية وأسلوب الحركة وكيف قامت؟ وكيف انطلقت من منطقة 'الدرعية' لتشمل الجزيرة كلها، وحضر مجالس العلم للشيخ [محمد بن عبد الوهاب] .

قرر [عثمان بن فودي] البقاء لفترة بمكة للاستزادة من الدعوة السلفية وعلومها ومناهجها وتأثر بها بشدة، ذلك لأن بلاده كانت مليئة بالبدع والخرافات، امتزج فيها الإسلام بالعادات الوثنية، وكانت العادات القبلية تحكم حياة المسلمين، بل هو نفسه كان يتدين بكثير من البدع والأوراد غير الصحيحة والسبب في ذلك أن الإسلام انتشر في هذه المناطق بنشاط دعاة الطرق الصوفية، وأصبح معنى التدين مرادفاً لمعنى التصوف، لذلك قرر [عثمان] المكوث لتصحيح مسار حياته وعباداته .

نستطيع أن نقول أن ذهاب [عثمان بن فودي] إلى الحج والتقاءه مع دعاة وعلماء الحركة السلفية، وتلقيه لمبادئ وأسلوب هذه الحركة نقطة تحول كبرى في حياة هذا الرجل ولعل هذا من رحمة الله عز وجل بالأمة المسلمة بإفريقيا، ونصرة عظيمة للإسلام والمسلمين لما سيقوم به هذا الرجل من جهود كبيرة لخدمة الدين والأمة .


جهاد الدعوة

عاد [عثمان بن فودي] إلى بلاده في إقليم 'جوبير' في شمال نيجيريا، وفى نيته نشر الدعوة السلفية في بلاده، ومحاربة البدع المتفشية هنالك، والتمهيد لنقل التجربة السلفية والتي سبق وأن نجحت في جزيرة العرب، إلى بلاده في إفريقيا، فأخذ في دعوة أهله وإخوانه إلى التوحيد الخالص ونبذ البدع والشركيات ومحاربة الطرق الصوفية، فاستجاب لدعوته كثير من أبناء قريته 'طفل'، فأسس [عثمان بن فودي] حركة دعوية على منهج السلف وأطلق عليها اسم [الجماعة] .

أخذت الدعوة السلفية وحركتها المسماة بالجماعة تنتشر بين القبائل الإفريقية، ودخل فيها أفراد من عدة إمارات، ومن شعوب عدة منها الهاوسا، والطوارق، الزنوج، إضافة إلى قبيلته الأصلية 'الفولاني' التي كانت أكثر القبائل انضماماً لدعوته وحركته، ثم حققت دعوة [عثمان بن فودي] نجاحاً كبيراً في نشر الإسلام بين القبائل الوثنية المنتشرة في شمال وجنوب نيجيريا، ويوما بعد يوم ازدادت جماعته قوة ونجاحاً واتساعاً وأصبح الصدام وشيك ومع قوى الشر والضلال .


الصراع الأبدي

إن من سنن الله عز وجل الماضية في خلقه، هي سنة التدافع بين الحق والباطل، فكلاهما في صراع أبدي منذ بدء الخليقة إلى قيام الساعة، أتباع الحق يصارعون أتباع الباطل، هذا يدفع هذا، وهذا يتصدى لهذا، كما قال تعالى [الذين أمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت ….] النساء 76، وعملاً بهذه السنة الماضية، فلقد ضاق من ملوك إقليم 'جوبير' وكانوا من الوثنيين من نشاط جماعة [عثمان بن فودي]، وكذلك ضاق أصحاب الطرق الصوفية المنتشرة في إفريقيا منها وخاصة بعد انصراف الكثير من مريديها إلى الجماعة السلفية، واتفق الفريقان من غير موعد على عداوة الحركة الجديدة، ولكن اختلفت المواجهة، ففي حين اتبعت الطرق الصوفية طريقة التشنيع والكذب والتضليل، قرر أمراء 'جوبير' الوثنيون إتباع أسلوب المواجهة المسلحة .

أرسل هؤلاء الأمراء يتهددون الجماعة السلفية، ويتوعدون زعيمها [عثمان بن فودي] بأشد أنواع الوعيد والتهديد، فعندها اجتمع المجاهد العظيم مع رفاقه، واستشارهم في كيفية مواجهة هذه التهديدات، فأشار الجميع وهو أولهم بوجوب إعلان الجهاد على الكفار وأعداء الدين وذلك سنة 1804 ميلادية ـ 1218 هجرية .


بمجرد أن أعلن [عثمان بن فودي] الجهاد على الوثنيين حتى أتاه المسلمون من كل مكان في شمال نيجيريا يبغون نصرة إخوانهم ضد الكفار، فلقد كان لإعلان الجهاد مفعول السحر في نفوس المسلمين، إذ عادت لهم الحمية والحماسة لدينهم، وفى نفس الوقت جاءت مساعدات كبيرة لأمراء 'جوبير' من باقي إمارات الهاوسا [ غرب نيجيريا]، واستعدت المنطقة بأسرها لفصل جديد من فصول الصراع الأبدي بين الإسلام والكفر، انتهى بفضل الله عز وجل لصالح الجماعة المؤمنة، وانتصرت الدعوة السلفية على الجماعات الوثنية وأصبح [عثمان بن فودي] أميراً على المنطقة الواقعة في شمال غرب نيجيريا، وبايعه المسلمون هناك أميراً عليهم، وتلقب من يومها بالشيخ إقتداءً وتأسياً بالشيخ [محمد بن عبد الوهاب]، واتخذ من مدينة 'سوكوتو' في أقصى الطرف الشمالي الغربي لنيجيريا مركزا لدعوته وذلك سنة 1809 ميلادية ـ 1223 هجرية .



بناء الدولة الإسلامية

لم يكن [عثمان بن فودي] من الرجال الذين يبحثون عن زعامة أو إمارة، وبمجرد حصوله عليها يكف عن سعيه وجهاده ويجلس للتنعم بما حازه وناله، بل كان يبغي نصرة الإسلام ونشره بين القبائل الوثنية، يبغي الدعوة لهذا الدين في شتى أرجاء القارة السوداء .

لذلك قرر [عثمان بن فودي] العمل على إعادة بناء الدولة الإسلامية من جديد، وتوسيع رقعة الإسلام بالجهاد ضد القبائل الوثنية التي اجتمعت على حرب الإسلام ودعوته الجديدة .

قرر [عثمان بن فودي] إتباع إستراتيجية الجهاد على عدة محاور، وضم الشعوب الإسلامية تحت رايته، فضم إليه عدة شعوب وقبائل مسلمة كانت متناثرة ومختلفة فيما بينها، وبدأ بالتوسع في ناحيتي الغرب والجنوب الغربي، حيث قبائل 'اليورومبا' الكبيرة، والتي هي أصل الشعوب الساكنة في النيجر ونيجيريا، فدانت له هذه القبائل ودخلت في دعوته، وأخذت الدولة الإسلامية في الاتساع شيئاً فشيئاً، حتى أصبحت أقوى مملكة إسلامية في إفريقيا وقتها.


عثمان بن فودي وسياسة بناء الكوادر

لقد كان [عثمان بن فودي] رجل دولة من الطراز الأول، وداعية مجاهداً مخلصاً لدينه وأمته، ولقد أدرك أن بقاء الدعوة السلفية والدولة الإسلامية التي بناها في غرب إفريقيا لن يصمد طويلاً، إذا لم تتحرك هذه الدعوة وتنتشر مبادئ السلفية بين الناس، وأيضاً إذا لم تتسع وتتمدد دولته الإسلامية التي بناها بجهاده سنين طويلة .

ومن أجل تحقيق هذا الهدف السامي اتبع [عثمان بن فودي] سياسة حكيمة تقوم على بناء الكوادر التي تواصل حمل الراية ونشر الدعوة، وكان لعثمان بن فودي عين فاحصة تستطيع انتقاء النجباء والأبطال وحملة الدعوة، خاصة وأن فتوحاته التي قام بها في غرب 'نيجيريا' قد حركت الحماسة والحمية للإسلام في قلوب الكثيرين، ومن هؤلاء الكثيرين انتقى [عثمان بن فودي] ثلاثة نفر كان لهم أعظم الأثر والدور الكبير في خدمة الإسلام والمسلمين، أولهم الشيخ [أدم] وهو شيخ من أهل العلم من أهل الكاميرون، قد حركت فتوحات [عثمان بن فودي] حب الجهاد في قلبه، وبدأ يدعو الناس إليه وإلى نشر الإسلام في القبائل الوثنية، فلما وصلت أخباره للأمير [عثمان بن فودي] أرسل يستدعيه من الكاميرون سنة 1811 ميلادية ـ1226 هجرية، فلما حضر جلس معه وكلمه عن مبادىء الحركة وعقيدة السلف، وأقنعه بوجوب الجهاد في سبيل الله لنشر الإسلام في قلب القارة الإفريقية، فلما انشرح صدر الشيخ [أدم] للفكرة، أعطاه [عثمان] رايته البيضاء وهى رايته في الجهاد، وكلفه بمواصلة الجهاد حتى ينشر الإسلام فيما يلى نهر البنوى جنوباً وهو فرع كبير من فروع نهر النيجر العظيم، فقام الشيخ [أدم] بالمهمة على أكمل وجه، حتى أدخل بلاد الكاميرون كلها في الإسلام، وكافأه الأمير [عثمان بن فودى] بأن جعله أميراً على الكاميرون، وظلت الإمارة فيهم حتى احتلال الإنجليز للكاميرون سنة 1901 ميلادية ـ 1319 هجرية .

&أما الرجل الثانى -à فكان أحد جنود [عثمان بن فودى] واسمه [حمادو بارى] وقد اشترك في معركة الجهاد الأول ضد أمراء 'جوبير' الوثنيين، وبتواصل الجهاد، بانت نجابته وظهرت شجاعته وإخلاصه لنشر الدين، فكلفه [عثمان] بفتح بلاد الماسنيا 'واقعة في مالى الآن' ونجح [حمادو] في مهمته خير نجاح، فكافأه [عثمان] بأن أعطاه لقب [الشيخ] وجعله أميراً على منطقة الماسنيا، وأمره بمواصلة الجهاد لنشر الإسلام، ولقد أثبت الأمير [حمادو الشيخ] أنه من أنجب وأفضل تلاميذ الإمام [عثمان بن فودى]، فلقد نظم دولته على نسق دولة الخلافة الراشدة، حيث قسمها إلى عدة ولايات، وأقام على كل ولاية والياً وقاضياً ومجلساً للحكم، كهيئة استشارية للحكم الإسلامى على الكتاب والسنة، وعمر البلاد فازدهرت دولته بقوة ووصلت إلى 'بوركينافاسو' و'سيراليون' و'غينيا بيساو' .

&أما الرجل الثالث ---> فكان الحاج [عمر] وأصله من قبائل الفولانى عشيرة [عثمان بن فودى]، ولد سنة 1797 هجرية، أى أنه كان في أوائل شبابه، والإمام [عثمان بن فودى] في أواخر حياته، ولكن هذا الشاب، قدر له أن يجتمع مع الإمام، وذلك أن [الحاج عمر] كان محباً للدعوة والجهاد، فلما اشتد عوده قرر الرحيل إلى بلد الإمام [عثمان] ليراه ويسمع منه وبالفعل ذهب إليه ورأه الإمام [عثمان] فتفرس فيه النجابة والفطنة والشجاعة، فنصحه بأن يذهب إلى [حمادو الشيخ] ويلتحق بخدمته، لعله أن يكون خليفته [حمادو الشيخ] بعد رحيله في قيادة المملكة الإسلامية هناك، وبالفعل نجح [الحاج عمر] أن يلتحق بخدمة [حمادو الشيخ] ويخلفه بعد رحيله، وقاد القبائل الإسلامية قيادة عظيمة وكان جيشه يقدر بأربعين ألف مقاتل، وحارب الوثنيين والفرنسيين على حد السواء، وتولى أولاده من بعده قيادة المسلمين في هذه المنطقة التى ابتليت بأشرس هجمة صليبية في تاريخ البشرية .


    • وبالجملة نجح الإمام المجاهد [عثمان بن فودى]، وأعظم أمراء إفريقيا في بناء قاعدة عريضة من المجاهدين والقادة والأمراء الذين قادوا الأمة المسلمة في قلب إفريقيا، وأقاموا أعظم الممالك الإسلامية في هذه البقعة الغامضة عن ذهن أبناء المسلمين الآن .

ولقد توفي الإمام المجاهد الأمير [عثمان بن فودى] سنة 1818 ميلادية ـ 1233 هجرية، بعد أن أعاد للإسلام مجده، وأدخل الدعوة السلفية المباركة إلى القلب الإفريقى، وابقى للإسلام دولة قوية ظاهرة صامدة أمامهجمات الأعداء، حتى بعد وقوعها فريسة للاحتلال الصليبى، بقيت القلوب حية، مجاهدة، تقاوم الأعدء، تحافظ على دينها وعزتها.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر

مفكرة الإسلام - الإمام المجاهد عثمان بن فودي

المراجع

  • التاريخ الإسلامي
  • أطلس تاريخ الإسلام
  • تاريخ السودان الغربي 'عبد الرحمن السعدي'
  • تاريخ انتشار الإسلام في غرب إفريقيا 'عبد الرحمن زكي'
  • تاريخ الإسلام في غرب إفريقيا 'إبراهيم طرخان'

للاستزادة

  • Writings of Usman dan Fodio, in The Human Record: Sources of Global History, Fourth Edition/ Volume II: Since 1500, ISBN 978-12858702-43 (page:233-236)
  • Asma'u, Nana. Collected Works of Nana Asma'u. Jean Boyd and Beverly B. Mack, eds. East Lansing, Michigan: University of Michigan Press, 1997.
  • Omipidan Teslim Usman Dan Fodio (1754-1817) OldNaija
  • Mervyn Hiskett. The Sword of Truth: The Life and Times of the Shehu Usuman Dan Fodio. Northwestern Univ Pr; 1973, Reprint edition (March 1994). ISBN 0-8101-1115-2
  • Ibraheem Sulaiman. The Islamic State and the Challenge of History: Ideals, Policies, and Operation of the Sokoto Caliphate. Mansell (1987). ISBN 0-7201-1857-3
  • Ibraheem Sulaiman. A Revolution in History: The Jihad of Usman dan Fodio.
  • Isam Ghanem. The Causes and Motives of the Jihad in Northern Nigeria. in Man, New Series, Vol. 10, No. 4 (Dec., 1975), pp. 623–624
  • Usman Muhammad Bugaje. The Tradition of Tajdeed in West Africa: An Overview[9] International Seminar on Intellectual Tradition in the Sokoto Caliphate & Borno. Center for Islamic Studies, University of Sokoto (June 1987)
  • Usman Muhammad Bugaje. The Contents, Methods and Impact of Shehu Usman Dan Fodio's Teachings (1774-1804)[10]
  • Usman Muhammad Bugaje. The Jihad of Shaykh Usman Dan Fodio and its Impact Beyond the Sokoto Caliphate.[11] A Paper read at a Symposium in Honour of Shaykh Usman Dan Fodio at International University of Africa, Khartoum, Sudan, from 19 to 21 November 1995.
  • Usman Muhammad Bugaje. Shaykh Uthman Ibn Fodio and the Revival of Islam in Hausaland,[12] (1996).
  • Helen Chapin Metz, ed. Nigeria: A Country Study.[13] Washington: GPO for the Library of Congress, 1991.
  • B. G. Martin. Muslim Brotherhoods in Nineteenth-Century Africa. 1978.
  • Jean Boyd. The Caliph's Sister, Nana Asma'u, 1793–1865: Teacher, Poet and Islamic Leader.
  • Lapidus, Ira M. A History of Islamic Societies. 3rd ed. New York, NY: Cambridge University Press, 2014. pg 469-472
  • Nikki R. Keddie. The Revolt of Islam, 1700 to 1993: Comparative Considerations & Relations to Imperialism. in Comparative Studies in Society & History, Vol. 36, No. 3 (Jul., 1994), pp. 463–487
  • R. A. Adeleye. Power and Diplomacy in Northern Nigeria 1804–1906. 1972.
  • Hugh A.S. Johnston . Fulani Empire of Sokoto. Oxford: 1967. ISBN 0-19-215428-1.
  • S. J. Hogben and A. H. M. Kirk-Greene, The Emirates of Northern Nigeria, Oxford: 1966.
  • J. S. Trimgham, Islam in West Africa, Oxford, 1959.
  • 'Umar al-Nagar. The Asanid of Shehu Dan Fodio: How Far are they a Contribution to his Biography?, Sudanic Africa, Volume 13, 2002 (pp. 101–110).
  • Paul E. Lovejoy. Transformations in Slavery - A History of Slavery in Africa. No 36 in the African Studies series, Cambridge University Press, ISBN 0-521-78430-1
  • Paul E. Lovejoy. Fugitive Slaves: Resistance to Slavery in the Sokoto Caliphate, In Resistance: Studies in African, Caribbean, & Afro-American History. University of Massachusetts. (1986).
  • Paul E. Lovejoy, Mariza C. Soares (Eds). Muslim Encounters With Slavery in Brazil. Markus Wiener Pub ( 2007) ISBN 1-55876-378-3
  • F. H. El-Masri, “The life of Uthman b. Foduye before the Jihad,” Journal of the Historical Society of Nigeria (1963), pp. 435–48.
  • M. A. Al-Hajj, “The Writings of Shehu Uthman Dan Fodio”, Kano Studies, Nigeria (1), 2(1974/77).
  • David Robinson. "Revolutions in the Western Sudan," in Levtzion, Nehemia and Randall L. Pouwels (eds). The History of Islam in Africa. Oxford: James Currey Ltd, 2000.
  • Bunza[14]

See also

الهامش

  1. ^ OnlineNigeria.com. SOKOTO STATE, Background Information (2/10/2003).
  2. ^ Jackson, Sherman A. (2009). Islam and the Problem of Black Suffering. Oxford: Oxford University Press. p. 81. ISBN 0195382064.
  3. ^ University of Pennsylvania African Studies Center: "An Interview on Uthman dan Fodio" by Shireen Ahmed June 22, 1995
  4. ^ Loimeier, Roman (2011). Islamic Reform and Political Change in Northern Nigeria. Northwestern University Press. p. 21. ISBN 0810128101.
  5. ^ Hunwick, John O. 1995. "Arabic Literature in Africa: the Writings of Central Sudanic Africa (pp.
  6. ^ The Muslim 500: "Amirul Mu’minin Sheikh as Sultan Muhammadu Sa’adu Abubakar III" retrieved May 15, 2014
  7. ^ John O. Hunwick. African And Islamic Revival in Sudanic Africa: A Journal of Historical Sources : #6 (1995).
  8. ^ "Suret-Canale, Jean. "The Social and Historical Significance of the Fulɓe Hegemonies in the Seventeenth, Eighteenth and Nineteenth Centuries." In Essays on African History: From the Slave Trade to Neocolonialism." translated from the French by Christopher Hurst. C. Hurst & Co., London., pp. 25-55". Retrieved 8 October 2014.
  9. ^ "Archived copy". Archived from the original on 21 يناير 2008. Retrieved 6 ديسمبر 2007. {{cite web}}: Unknown parameter |deadurl= ignored (|url-status= suggested) (help)CS1 maint: archived copy as title (link)
  10. ^ http://www.webstar.co.uk/~ubugaje/udfcontmethimpact.pdf
  11. ^ "Archived copy". Archived from the original on 21 يناير 2008. Retrieved 6 ديسمبر 2007. {{cite web}}: Unknown parameter |deadurl= ignored (|url-status= suggested) (help)CS1 maint: archived copy as title (link)
  12. ^ "Archived copy". Archived from the original on 21 يناير 2008. Retrieved 6 ديسمبر 2007. {{cite web}}: Unknown parameter |deadurl= ignored (|url-status= suggested) (help)CS1 maint: archived copy as title (link)
  13. ^ "Nigeria Usman Dan Fodio and the Sokoto Caliphate". Retrieved 8 October 2014.
  14. ^ "Archived copy" (PDF). Archived from the original (PDF) on 14 يوليو 2010. Retrieved 20 يونيو 2009. {{cite web}}: Unknown parameter |deadurl= ignored (|url-status= suggested) (help)CS1 maint: archived copy as title (link)

وصلات خارجية

سبقه
None
1st خليفة سقطو
1804–1815
تبعه
محمد بلو