صالح بن صديق النمازي

الفقيه العلامة المجتهد صالح بن الصديق بن علي بن أحمد بن حسن بن عطية بن محمد النمازي الأنصاري الخزرجي. أحد أبرز علماء المخلاف السليماني- منطقة جازان - وُلد رحمه الله في قرية " أبو دنقور" -وهي قرية مندثرة تقع غرب مدينة صبيا- وُلد في شهر ذي الحجة آخر سنة 902هـ/ أغسطس 1497م. وبعد ولادته بسنوات رحلت أسرته إلى قرية "الباحر" على مسافة ميلين إلى الجنوب الشرقي من مسقط رأسه . وفي " الباحر" نشأ وترعرع ، والتحق بحلقة تحفيظ القرآن الكريم بجامع القرية ، فحفظ القرآن الكريم ، وأتقن تلاوته بقراءة نافع ، وكانت سنّه فوق البلوغ بقليل. وأتقن القراءة والكتابة. وفي اليوم الذي ختم فيه القرآن الكريم في جامع الباحر كان من بين الحضورقاضي أبي دنقور الفقيه أبي محمد موسى بن أحمد بن عيسى شافع ، وحينما سمع اتقانه تفرّس فيه الذكاء والنباهة ، والحرص على التحصيل فنصحه بحفظ منظومة البهجة الوردية ، ودعاه للإلتحاق بحلقته العلمية في أبي دنقور ؛ فالتحق بها النمازي ، وحفظ البهجة الوردية ، وأتقن الفرائض ، والحساب ، والفقه - وهي العلوم التي كان يُتقنها القاضي- تطلّعت نفسه الى الإستزادة من طلب العلم، وشحذ همّته شيخه القاضي موسى شافع ، وشجعه على الرحلة لطلب العلم ؛ فارتحل الى بني مطير في قرية " بيت بن حشيبر" من تهامة اليمن، وهناك أخذ العلم على يد العلاّمة المحدّث الصّدّيق بن أبي القاسم ، وأخيه الفقيه العلاّمة ابراهيم بن أبي القاسم. وبعد أن مكث عند ابني مطير قرابة السنة ارتحل إلى زبيد وبقي بها قرابة خمس عشرة سنة يطلبُ العلم على مشيخ العلم بها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مشايخه في زبيد

ولأنّ النمازي كان يرغبُ التضلّع في الفقه وعلومه فقد التحق أولاً بأبرز فقهاء زبيد ، ولازمهم في الطلب حتى أتقن فيه ، وبلغ درجة الفتيا، ثم كان يتنقلُ بين حلق العلماء الآخرين في الحديث، والعربية ، والمنطق..وغيرها من العلوم ومن أبرز مشايخه:( ترجم لهم في كتابه" النور اللائح في مشايخ صالح") :

- محمد الطيب الناشري

- أبو القاسم بن جعمان.

- صفي الدين المزجّد

- أبو العباس الطنبداوي.

- عبد الرحمن بن الديبع

- يحي بن قبيب ...وغيرهم

وفي سنة 940 هـ ارتحل الى عدن حيثُ كان السلطانُ بها عامر بن داوود الطاهري ، فأكرمه ، وقرّبه ، وعرف له مكانته في العلم، وولاّه الخطابة في جامع عدن، والافتاء ، والحسبة ، وأراده على تولّي القضاء فاعتذر عنه. وكان السلطان عامر يعول عليه كثيراً، ويعودُ إليه في القضايا ، والمسائل ، والأمور الدينية في عدن. وكان العلامة صالح النمازي صريحاً في قول كلمة الحق ، ولا تأخذه في الله لومة لائم. وقد أغضبَ هذا منه بعض علماء عدن.

وبعد أن غدر القائد العثماني "سليمان الخادم" بالسلطان عامر، وقبض عليه وشنقه في أوائل سنة 945هـ، وانهى حكم الطاهريين في عدن. ارتحل النمازي الى الإمام شرف الدين يحيى بن شمس الدين في صنعاء. فرحب به وأكرمه غاية الإكرام، وعرف له علمه وفضله حتى كان جليسه ، وعديله في المحمل وقت ما يسافر الامام لتفقد بعض بلاده ، أو للنزهة وغيرها. وقضى النمازي عنده ما يقرب من تسع سنوات . وقد أحسن إليه الإمام أيما إحسان حتى إنّه أقطعه ضيعتين في تعز وجبلة من أفضل البساتين ، وكانت تغلّ عليه ما جعله في بحبوحةٍ من العيش. ولكن بمجرّد تنازل الامام عن الامامة ، بعد أن أصابه العمى سنة 954 ، وخروجه من صنعاء، ودخول العثمانيين مدينة تعز بالتواطؤ مع المطهر بن شرف الدين حتى دخل النمازي في مرحلةٍ من عمره كانت شديدة الوطأة عليه، فقد أرهبه الأتراك العثمانيون، واستولوا على ضيعتيه بتحريض من المطهر بن شرف الدين، واضطرّ النمازي إلى الهرب الى زبيد والتخفّي عند عبد الرحمن بن حسين الأهدل حتى سعى له هذا العالم لدى الأتراك فكفُّوا أذاهم ، وأعادوا إليه ضيعتيه ، ولكن بعد تركت هذه الحوادث آثارها على نفسه ، وجسده ، وأسرته. وما بين "جبلة" و"إب" قضى النمازي ما بقي من عمره في التدريس ، والتأليف. وقد تجاوزت مؤلفاته الثلاثين مؤلفاً ما بين مبسوطٍ ككتاب " الأنهار المتدفقة على رياض الأثمار، ومابين متوسطةٍ وما بين مؤلفاة منظومة ، ورسائل متعددة.فألّف في كلّ العلوم المعروفة في عصره( استقصيتها في قسم الدراسة من كتابه النور اللائح ، مطبعة الحميضي ، الرياض،2018).

وفي مستهلّ شهر محرّم الحرام ابتداء سنة 965هـ صعدت روح الفقيه العلامة إلى بارئها في مدينة " جبلة". وقبر الى جدار جامعها. رحمه الله رحمة واسعة.


المراجع