شعر التفعيلة

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

شعر التفعيلة

شعرالتفعيلة نوع من الشعر المستحدث،في أدبناالعربي، منذأواسط القرن العشرين20الميلادي،وسمي كذلك نسبةإلى التفعيلة، باعتبارهاوحدةإيقاعية،من وحدات عروض الشعرالعربي، وهي وحدات عديدة متنوعة، تعرف بأسماءومصطلحات كثيرة،من أشهرهااسم:التفاعيل. وهي على نوعين أساسيين:

تفاعيل أصول:عددهاعشرة10،وهي على التوالي: اثنتان خماسيتان،هما:فعولن=12،وفاعلن=21. وثمانيةسباعية،هي:متفاعلن=23،مفاعلتن=32،مفعولات=111°،مفاعيلن=112،فاعلاتن=121،فاع لاتن=121،مستفعلن=211،ومستفع لن=211،تتكون من مقاطع عروضيةبنسب معينة. وتفاعيل فروع:تشتق من التفاعيل الأصول، بواسطة تقنيتي الزحافات والعلل،يصل عددهاإلى نحو مائتي200تفعيلةفرعية، مع ملاحظة أن هذهالتفاعيل الفرعية تتضمن بينها الصيغ نفسها للتفاعيل الأصول، فضلا عن المقاطع العروضية الصغرى، مما يؤدي إلى التباس كبير فيما بينها، وخاصةبالنسبةللطلبةغيرالمتمرسين بعلم العروض، في صورته القديمة. ويعرف ما سمي بالشعرالحر،الذي يكتب على أسلوب أسطر أو أشطر،غير عمودية ولامتوازية،وليست متساوية ولا متكافئة،بأنه:شعرالتفعيلة،وذلك لأنه ينظم على تفعيلةواحدة،من تفعيلات أحدالبحورالسبعة،وهي حسب تفاعيلها التامة ورموزها الرقمية المعتمدة في هذا البحث(*)، كما يلي:

  • المتقارب(تفعيلته السالمة= فعولن)=[12].
  • المتدارك(تفعيلته السالمة= فاعلن)=[21].
  • لكامل(تفعيلته السالمة= متفاعلن)=[23].
  • الوافر(تفعيلته السالمة= مفاعلتن)=[32].
  • الهزج(تفعيلته السالمة= مفاعيلن)=[112].
  • الرمل(تفعيلته السالمة= فاعلاتن)=[121].
  • والرجز(تفعيلته السالمة= مستفعلن)=[211].
  • إضافة إلى تشكيلات مقصرة، لبعض البحور الأخرى، من غير هذه الفئة، كمخلع البسيط، والخفيف، والسريع، والمجتث.
  • وذلك على اعتبار أن هذه البحور السبعة المذكورة هي بحور بسيطة "مفردة"التفعيلة،كما في كتب عروض الشعر العربي"الخليلي".
  • أوهي بحور"صافية"،كماادعت الشاعرة/الناقدة "نازك الملائكة"،في كتابها"قضايا الشعر المعاصر".
  • أوهي بحور"وحيدة الصورة"،كماادعى الدكتور"كمال أبوديب"، في كتابه:"في البنيةالإيقاعية للشعر العربي نحو بديل جذري لعروض الخليل"، الذي أشاد به الشاعرالعربي المعاصرعلي أحمدسعيدأدونيس، معتبرا إياه بأنه يمثل ثورة كوبرنيكية في مجال إيقاع الشعر العربي...!
  • وقد اعتبر هؤلاءوألائك أن شعر التفعلية شعر موزون لا يخرج عن عروض الخليل،مهما كان نوع التفعيلة:أصلية كانت أم فرعية،مفردة أم ممزوجة،بينما خالفهم،في ذلك بعض النقاد،كان من أبرزهم:"عباس محمودالعقاد"...!
  • والواقع أن مصطلح"الشعرالتفعيلي"يظل، مع ذلك، مصطلحاغير دقيق،مثله في ذلك مثل كل من المصطلحات التالية: "الشعرالحر"،"الشعرالعمودي"،"قصيدةالنثر"، "أسلوب السطر/أوالشطر"، وما شابهها، من مصطلحات متداولة في دراسة الشعر العربي الحديث...!
  • فالبحورالسبعةالمذكورة،في واقعهاالشعري،ليست بحورا بسيطة،كما قديتبادر إلى الذهن،بل إنهاجميعا،ودون أي استثناء،بحورمركبةتركيبامتفاوتابين التركيب البسيط والتركيب المعقد،ولا يوجدأي بحرمنهاغير مركب أووحيد التفعيلة، بالمعنى الدقيق للكلمة...!
  • إن أساس الوزن الشعري،في واقعه المتجسد في النص الشعري الفعلي،ليس هو التفعيلة،وليس هو الشطر،ولا هوالبيت الشعري،بل إن أساس وزنه الحقيقي الذي لاجدال فيه،هو"الدور الإيقاعي"، الذي يخضع لضوابط الاتساق البنيوي،على امتداد النص الشعري،سواء تعلق الأمر بالشعر الفصيح،أوبشعرالتوشيح،أوبالشعرالشعبي الزجل،أوكان على نمط الشعر القديم، أو على نمط الشعر المعاصر، فهي جميعا في هذا الأمر سواء.
  • يمكن أن نستشهد، بوجودالدورالإيقاعي، على سبيل التمثيل لا الحصر، بشعر المعلقات العشر، وشعرالموشحات الأندلسية والمغربية، وشعر السياب، وشعر صلاح عبد الصبور، وشعر الملحون المغربي، والشعر الشعبي الحساني في الصحراء المغربية، وغيرها...
                  ==أمثلة==
 =نموذج1=، من شعر التفعيلة:

يقول صلاح عبد الصبور،في قصيدةأغنية من فيينا وهي معدودة من شعرالتفعيلة، ما نصه:

كانت تنام في سريري،والصباحْ [مستفعلن مفاعلن مستفعلانْ] = [21122211°]

منسكبٌ كأنه وشاحْ[مفتعلن مفاعلن فعولْ]

               = [°22231]

من رأسها لردفها[مستفعلن مفاعلن]=[22211]

وقطرةٌ من مطر الخريفْ [مفاعلن مفتعلن فعولْ]

                  =[°23122]

ترقد في ظلال جفنها [مفتعلن مفاعلن فعلْ]

                  = [22231]

والنفَسُ المستعجلُ الحفيفْ [مفتعلن مستفعلن فعولْ]

                     = [°221131]

هذا النص الشعري يسير على إيقاع نسق الرجز، وهو متسق وفق أدوار إيقاعية بسيطة، تتناوب على امتداد القصيدة، وهذه الأدوار هي التي تعطيه إيقاعيته الفنية، وتضمن له التنوع البنيوي الصوتي، وهي بحسب تفاعيلها العروضية، ورموزها الرقمية التي نعتمدها بصفة خاصة، على النحو التالي:

فعل=2/فعولْ=2°/مفاعلن=22/مفتعلن=31/مستفعلن=211/مستفعلان=211°، فجميع هذه التركيبات الصوتية تتواتر على امتداد النص، لكن بكيفية يختارها الشاعر، وعندما نتمعن فيها، فإننا نجد أنها عبارة عن أدوار إيقاعية متنوعة، بعضها متماثل، وبعضها الآخر متساو، حيث إن 2=2، و2°=2°و22=31=211،في قيمها الحركية(=4).

 وذلك حينما ننظر إليها باعتبارها أدوارا إيقاعية بسيطة متناثر في ثنايا النص الشعر، كما يمكن أن ندرسها، باعتبارها أدوارا مركبة تركيبا معينا ونقارن بينها على ذلك الأساس.
  
 =نموذج2=

من الشعر القديم(المسمى بالشعر العمودي):

 * يقول الشاعر الجاهليامرؤالقيس، في معلقته:
 قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
 بسقط اللوى بن الدخول فحومل
 فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن=[221211212]
 فعولن مفاعليلن فعول مفاعلن=[23211212]

فهذا البيت منتظم وفق نسق الطويل، وهو يتوزع إلى شطرين، وفي كل شطر نجد دورين إيقاعين متماثلين، وهما بحسب التفاعيل ورموزها الرقمية المبينة إلى جانها على النحو التالي:

 *الدوران:1و3: فعولن مفاعيلن= [11212]
 *الدور2: فعولن مفاعلن= [2212]
 *الدور4: فعول مفاعلن= [232]

وعندما نقارن بين هذه الأدوار الإيقاعية الثلاثة/الأربعة سنجد أنها متسقة فيما بينها، وأن هناك خيطا سميكا يجمع بينها في حلقة واحدة، هي بمثابة سلك العقد، وهذا الرابط يتمثل في عدد القيم الحركية، حيث إن:

            232=2212=11212=7 

وهكذا نجد جميع الأدوار الإيقاعية في هذه المعلقة، لا يحيد أحدها عن مثيله قيد أنملة، والفارق الجوهري بينها هو في حالات المد والجزر، والطول والقصر، والخفة والثقل. فهناك دور ممتد تشكيلته الرقمية هي:11212. وهناك دور متقلص تشكيلته الرقمية، هي:232. وهناك دور متوسط، بين حالتي المد والجزر=2212.


مراجع

(*)"نسقية الشعر العربي"،جزآن،أطروحة جامعية،غير منشورة،إنجاز:م.ع.خنفر،كلية الآداب بنمسيك،جامعة الحسن الثاني المحمدية،الدار البيضاء،المغرب،2001م.

  • راجع أيضاكتاب:"قضاياالشعرالمعاصر"،لنازك الملائكة.
  • "في البنية الإيقاعية للشعر العربي"(نحوبديل جذري لعروض الخليل)، للدكتور كما أبي ديب.