دستور كورسيكا

أول دستور كورسيكي صيغ في 1755 للجمهورية الكورسيكية قصيرة العمر وبقي سارياً حتى ضم كورسيكا إلى فرنسا في 1769. وقد كـُتـِب بالإيطالية، لغة الثقافة في كورسيكا حتى نهاية القرن 19.

بعد أن زار بوزويل ڤولتير في ڤرنيه، مضى في رحلته إلى إيطاليا ونابلي وكورسيكا، ربما بحث من روسو. وكانت كورسيكا بزعامة پاسكواله دي پاولي قد حررت نفسها من سيطرة جنوة (1755) ورحب روسو في "العقد الاجتماعي" من قبل بمولد الدولة الجديدة.

Cquote2.png "ما زال في أوربا بلد واحد مفتوح للمشرع. إنه جزيرة كورسيكا. والبسالة والإصرار اللذان برهن بهما هذا الشعب الشجاع على قدرته على استرداد حريته والدفاع عنها يستحقان المعونة من إنسان حكيم يعلمهم كيف يحتفظون بها. ونفسي تحدثني بأن هذه الجزيرة الصغيرة سوف تدهش أوربا يوماً ما(76)". Cquote1.png

ولو أخذ رأي فولتير لرأى أن روسو آخر رجل في أوربا يصح دعوته للتشريع. ولكن الذي حدث أن جان-جاك تلقى في 31 أغسطس 1764 الخطاب الآتي من ماتيو بوتافوكو، المبعوث الكورسيكي لدى فرنسا:

Cquote2.png "لقد ذكرت كورسيكا يا سيدي في "عقدك الاجتماعي" على نحو يتيه به وطننا. وهذا الثناء من قلم مخلص كل الإخلاص كقلمك...أوحى بالرغبة القوية في إنك يمكن أن تكون المشرع الحكيم الذي يعين الأمة على الحفاظ على الحريات التي اقتنتها بدم كثير. وإني أدرك بالطبع أن المهمة التي أجرؤ على الإلحاح عليك في الاضطلاع بها تحتاج إلى معرفة خاصة بالتفاصيل...ولكنك إن تفضلت أن تقبل المهمة فسأزودك بكل المعرفة الضرورية لإنارتك. وسيبذل المسيو باولي...قصاراه ليرسل إليك من كورسيكا كل المعلومات التي قد تحتاج إليها. ويشاطرني رغبتي هذا الزعيم المرموق، لا بل جميع إخواني المواطنين الذين أتيح لهم الإطلاع على أعمالك، ويشاركني مشاعر الاحترام التي تشعر بها أوربا كلها نحوك، والتي أنت أهل لها لأسباب كثيرة جداً(77)". Cquote1.png

ورد روسو (15 أكتوبر 1764) بقبول المهمة، وطلب تزويده بالمعلومات عن طبيعة الشعب الكورسيكي، وتاريخه، ومشاكله. واعترف بأن العمل قد يكون "فوق طاقتي وإن لم يكن فوق تحمسي". ثم كتب إلى بوتافوكو، في 26 مايو 1765 يقول: "غير إني أعدك أنه لن يكون لي اهتماماً فيما بقي لي من أجل غير نفسي وكورسيكا، وكل ما عدا ذلك من أمور سأقصيه عن أفكاري(78)". ثم عكف من فوره على وضع "مشروع دستور لكورسيكا".

واقترح روسو في مشروعه وفي "العقد الاجتماعي" في ذاكرته، أن يوقع كل مواطن على تعهد ملزم لا رجعة فيه بوضع نفسه-"جسدي وأملاكي وإرادتي، وكل قدراتي"-تحت تصرف الأمة الكورسيكية(79). وحيا "الكورسيكيين البواسل" الذين ظفروا باستقلالهم، ولكنه نبههم إلى أن فيهم رزائل كثيرة-كالكسل، وقطع الطريق، والعداوات، والوحشية-ومعظمها ناجم عن كراهيتهم لسادتهم الأجانب. وخير علاج لهذه الرذائل أن يعيشوا عيشة زراعية خالصة. وينبغي أن توفر القوانين كل إغراء للشعب ليلزم الأرض بدلاً من التجمع في المدن، فالزراعة تعين على الخلق الفردي والصحة القومية، أما التجارة بأنواعها والمالية فتفتح الأبواب لكل ضروب الغش والاحتيال، ويجب على الدولة ألا تشجعها. ويجب أن يكون السفر كله على الأقدام أو على ظهور الدواب، وأن يكافأ الزواج المبكر والأسرة الكبيرة؛ وأن تسقط المواطنة عن الرجال الذين يظلون عزاباً إلى الأربعين. ويجب خفض الملكة الخاصة وزيادة ملكية الدولة. "بودي أن أرى الدولة المالك الوحيد؛ ولا يصيب الفرد من الملكية المشتركة إلا بنسبة خدماته(80)"، وينبغي إلزام السكان بفلاحة أراضي الدولة إذا اقتضى الأمر، وأن تشرف الحكومة على التعليم كله، وعلى الآداب العامة كلها؛ وأن تشكل الحكومة نفسها على غرار الكانتونات السويسرية.

وفي 1768 اشترت فرنسا كورسيكا من جنوة؛ وجردت عليها جيشاً؛ وعزلت پاسكوالى پاولى، وأخضعت الجزيرة للقانون الفرنسي. وكف روسو عن المضي في مشروعه؛ وندد بالغزوة الفرنسية لأنها انتهاك "لكل عدل؛ وإنسانية؛ وحق سياسي، وتفكير سليم(81)".

دستور كورسيكا الثاني صيغ في 1794 من أجل المملكة الأنگلو-كورسيكية قصيرة العمر (1794-1796)، وتبنى حق الانتخاب العام لكل ذوي الأملاك. وكان، كسابقه، يُعتبر شديد الديمقراطية لعصره.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الهامش


وصلات خارجية