جماعة الفن والحرية

رمسيس يونان مؤسس جماعة الفن والحرية ومن رواد التجديد فى الفن المصرى وداعية التحرر فى الفكر والفن، وقد فتح أبواب الاجتهاد بالرمز، وهو مؤسس السيريالية فى مصر، ومن بعد ذلك التجريد، وله جهود فى نقل الثقافة الغربية المعاصرة إلى العربية بالترجمة والرسم، كانت حياته سلسلة من الاحتجاج فى مواجهة المنعقدات الجامدة، وهو من مقدمى ثقافة الغرب الطليعة حيث ترجم كاليگولا لألبير كامي، الجحيم لرامبو، وقدم الكثير كمحلل وناقد للفن وداع للفن الأوروبى الحديث، وأصدر عنه د. صبحي الشاروني كتابا بعنوان `المثقف المتمرد رمسيس يونان` فى سلسلة دراسات فى نقد الفنون الجميلة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.

أوقد رمسيس يونان الشمعة الأولى في مسيرة التنوير، وكان أيضا بحكم طبيعته المتمردة على السكون الرافضة للخضوع لمنظومات القداسة الفكرية والموهومة أحد مؤسسى جماعة الفن والحرية التى لعبت دورا رائدا فى فتح آفاق الفكر التشكيلى على عوامل ورؤى جديدة، وأوقدت جذوة الجدل والحوار وأحالت صمت الأكاديمية الرهيب إلى دوى صاروخ بحرية الفنان وفرديته، وأيضا مسئوليته الثقافية تجاه وطنه وعصره فكان له الفضل الاكبر فى تفجير الطاقات الإبداعية فى اتجاهات شتى وظهور جيل تخطى بالعطاء التشكيلى التعلق بأذيال القرن التاسع عشر وتأثيراته الباهته إلى قلب القرن العشرين بتياراته المتدفقة بالحيوية الغنية بالتنوع. ومن بيت اثرى فى `درب اللبانة ` بالقاهرة القديمة والعام 1938 خرجت دعوة ` جماعة الفن والحرية ` يقودها ` رمسيس يونان ` وكامل التلمساني وجورج حنين والأخوان أنور وفؤاد حسن كامل، وصيحة ثورية فى الفكر والفن ، دقـات طبـول `النازية الألمانية والفاشية الإيطالية ` تكاد تصم الاذان، ولكن ` الجماعة `تعلن ` الحرب ضد الحرب ` وتقف إلى جانب `الديمقراطية ` كان المد الماركسي يتصاعد ولكن ` رمسيس يونان ` ورفاقه أعلنوا ضرورة اسقاط هيبة ` يوسف ستالين ` وموالاة ` تروتسكي ` الذى طرده ستالين من الاتحاد السوفيتي ثم أرسل وراءه من يغتاله.

إن رمسيس يونان 1913- 1966 هو أحد العلامات الثقافية البارزة فى مصر ، فهو قد قاد حركة تمرد على كل ما هو تقليدى هذا ما يؤكده الناقد صبحى الشارونى فى كتابه المثقف المتمرد رمسيس يونان الذى صدر اخيرا ، والذى يؤكد ان يونان قد عبرت حياته الابداعية من خلال مراحل اعتنق فى كل منها مذهبا من مذاهب الفن التشكيلى خلال القرن العشرين ، ففى بداية نشاطه الفنى والفكرى من عام 1938 حتى 1946 كان يبنى السريالية. وقد كانت رحلة من التمرد منذ البداية ، وإن كانت قد تبلورت فى كتابه غاية الرسام العصرى ، ويدعونه إلى التمرد على الرواد أملا فى فتح أبواب التجديد على مصراعيها ، وهو أول كتاب عربى يتعرض للاتجاهات التى ظهرت فى الفن الغربى بعد المذهب التأثيرى وهى التكعيبة والوحشية والتعبيرية ، فالسريالية التى تحمى لها الفنان واختار من بين الاتجاهات السريالية التى تعمل على التعبير عن خيالات العقل الباطن ونزواته .

وقد وصل التمرد إلى حد توقيع بيان من 37 فنانا منهم جورج حنين و[[كامل التلمساني وفؤاد كامل بعنوان ` يحيا الفن المنحط ` ردا على الحركة التى اتخذت لها شعارا هو ` تعاون الفن المنحط ` وكان البيان الذى يدعو له رمسيس يونان يمثل دعوة التجمع لإقامة جماعة الفن والحرية وكانت أعمال رمسيس يونان الفنية فى تلك الفترة تعبر عن فكر فرويد ودور الحبس فى العقل الباطن ويتابع الكتاب رحلة الفنان من خلال نشاطه السياسى والثقافى والفنى واستعرض ملامح بعض المقالات التى نشرها ، وينتهى الكتاب بفصل عن رمسيس يونان كناقد ومترجم للأفكار والمذاهب الفنية فى الغرب ، وكان دوره فى الترجمة والنقد هو اكثر جوانب نشاطه تأثيرا وفعالية فى مجتمعه ، ويكفى ما قاله عنه الفنان محمود سعيد أنه الناقد التشكيلى الوحيد الذى يعرف مادته ، وقد اتصلت مجهوداته فى النقد والترجمة فى اتجاه تبرير ودعم اتجاهه الفنى وتقديم الفنانين الاوروبيين المجددين وعرض احدث الآراء النقدية والنظريات الفكرية .

كانت الحركة الفنية فى مصر الحديثة قد ولدت على يد جيل من الرواد الأوائل فإنها قد بلغت رشدها واستكملت مقومات نضجها الثقافى على يد جيل ثان إستشعر مسئولية أن يضع هذه الحركة الفنية الوليدة فى مكانها من المنظومة الحضارية المصرية متوخياً كل أبعاد ذلك الوضع التراثية والاجتماعية وأيضاً بعدها الإنسانى الذى لا يفصلها عن تجارب العالم المعاصر من حولها ، ويعد رمسيس يونان فى طليعة هذا الجيل من رواد الحركة الثقافية التشكيلية التى بدأتها جماعة ( الدعاية الفنية ) بزعامة رائد التربية الفنية ` حبيب جورجي ` والباحث وراء فلسفة الجماعة ومجال نشاطها يدرك أن المقصود بالدعاية الفنية حقيقة . هى الثقافة الفنية ونشر الفن ملاحقاً للتطور الثقافى وكان رمسيس يونان واضع أول كتاب في هذه المسيرة الثقافية وهو كتاب ( غاية الرسام العصرى ) سنة 1938 وكأنه أوقد الشمعة الأولى فى مسيرة التنوير وكان أيضاً بحكم طبيعته المتمردة على السكون الرافضة للخضوع لمنظومات القداسة الفكرية والموهومة أحد مؤسسي جماعة الفن والحرية التى لعبت دوراً رائداً فى فتح آفاق الفكر التشكيلى على عوالم ورؤى جديدة وأوقدت جذوة الجدل والحوار وأحالت صمت الأكاديمية الرهيب إلى دوى صارخ بحرية الفنان وفرديته وأيضاً مسئوليتة الثقافية تجاه وطنه وعصره فكان له الفضل الأكبر فى تفجير الطاقات الإبداعية فى إتجاهات شتى وظهور جيل تخطى بالعطاء التشكيلى التعلق بأذيال القرن التاسع عشر وتأثيراته الباهتة إلى قلب القرن العشرين بتياراته المتدفقة بالحيوية الغنية بالتنوع ، وكما كان رمسيس يونان فارس الفكر والثقافة فى لحظات التحول التاريخى الحاسمة كان أيضاً فارس الطليعة فى كشف عوالم الإبداع التشكيلى بجسارة الإقدام الفدائى الذى تقبل أن يصد بصدره وريشته تيارات الجمود وسهام التخلف التى تصيب التقدميين عادة فتحمل عذاب السجن وعذاب المقاطعة والرفض وعذاب الغربة وفراق الوطن فقد سجنه صدقي باشا رئيس وزراء مصر عام 1946 بتهمة قلب نظام الحكم وخرج من السجن مرفوضاً من الأصحاب الذين ضاقوا بتمرده على تبعيتهم العمياء لقوالب الفكر وحتى فى المهجر ومعاناته القاتلة انتهى بالرفض والطرد من فرنسا لوقوفه مع حرية بلاده وعندما عاد إلى الوطن خالي الوفاض بلا مال ولا عمل إلا فنه.

ولملمت شتات روحه المتمزقة منحة التفرغ التى منحتها له الدولة ولاقى أيضاً فيها عذاب الرفض حيث لم يستوعب بعض أعضاء اللجنة تقدميته الفنية وعاش بقية أيام حياته مهدداً برفض تفرغه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المراجع