تركيا في كرب

تركيا في كرب فرنسية: Turquie Agonisante هي مقال كتبه پيير لوتي في 1913.

بالنسبة لپيير لوتي، فإن تركيا تكاد تختصر الشرق كله. كانت رواية «آزيادة» عبارة عن بطاقة دخول بيار لوتي ليس عالم الأدب وحده، بل عالم الشرق كله، عالم الإسلام تحديداً.[1]

كان اختيار لوتي للشرق، عبر «آزياده» وبعدها، اختيار هوية، لا مجرد اختيار ذهني. ومن هنا، يمكن القول إن ارتباط بيار لوتي بالشرق نموذجي... ويمكننا بالتالي فهم ما كتبه دفاعاً عن الأتراك في بدايات عام 1919. فبعد هزيمة هؤلاء في الحرب العالمية الأولى وبدايـة انفراط الامبراطورية، في وقت سادت فيه نزعة العداء الأوروبي للأتراك، كتب بيار لوتي في صحيفة «الفيغارو» الفرنسية مقالاً جاء عكس التيار السائد، واستفز الكثيرين في فرنسا، فيه يدافع عن الأتراك ويلوم الفرنسيين ويندد بالأرمن.

يقول لوتي في مقاله الصاخب:

Cquote2.png «ما الذي فعلناه للأتراك منذ حرب القرم، باستثناء مماشاة أسوأ أعدائهم. وباستثناء مطالبتهم بتنازلات لا تنتهي، ومن ثم - وزيادة على ذلك - توجيه الشتائم اليهم بشكل متواصل في جرائدنا كافة، وبشكل مثير للنقمة؟ وبعد هذا كله، نكون من السذاجة بحيث نبدي استياءنا لكون الأتراك قد تساقطوا في احضان الألمان، هم الذين كانوا حلفاءنا الفقراء في الماضي، ومخلصين لنا منذ عهد فرانسوا الأول، لكننا بتنا اليوم ننكرهم، ما يجعلهم يتجهون لالتقاط الفرصة الوحيدة المتاحة لهم للإفلات من الخطر الدائم الماثل عليهم، والذي يمثله العملاق الروسي جارهم... هل يمكنكم، إذا سمحتم، أن تقولوا لنا ما هو الدين المتوجب على الأتراك لنا؟ إن الافتراء الفرنسي على الشرق نجح في إيصال إنجازاته إلى حد الكمال. إذ بات من المقرّ به في الغرب، وحتى عندنا، أن الأتراك منبوذون خارجون على القانون. وأن كل ما نمنحهم إياه هو إمكان أن نصغي، لا أكثر، إلى خطاباتهم في مؤتمر السلام. ترى أفليسوا يشكلون في بلادهم البائسة، أكثرية عددية ساحقة، وجماعة واحدة، في شكل مطلق تقوم على أساس وحدة الدين واللغة، وأيضاً النزاهة الخلقية؟ إننا، في الحقيقة، يجب أن نخشى تماماً دفعهم إلى تصرفات يائسة، ما يعني أننا نساند في الوقت ذاته تلك اللعبة التي يمارسها العملاء الاستفزازيون المأجورون، من الذين يقومون داخل بلاد الأتراك بمؤامرات ومناورات خسيسة.»

«إن الأتراك أبدوا، نحونا، خلال الحرب، الكثير من الود والعرفان الاستثنائيين وهو أمر لا يمكن أن ينكره إلا أصحاب النيات السيئة. وها نحن أولاً نبدي عرفاننا بجميلهم على النحو الذي نبديه! آه، كم كان تأثري عظيماً وأنا أقرأ الرسالة الطويلة التي كتبها واحد من قادة سفننا الأشاوس! إن هذا القائد لتلك السفينة الحربية المجيدة، حين ثقبت سفينته من الطرف الآخر وحافظت على البيرق الفرنسي عالياً وهي تغرق، اتجه هو نحو اليابسة سباحة، لاحقاً بمن تبقى من بحارته الميتين تقريباً. عندئذ حدث أن الأتراك بدلاً من أن يطلقوا الرصاص عليه كما يحدث في الحروب الهمجية عادة، دلوه على المكان الذي يمكنه أن يرسو فيه. وهم إذ وجدوا أن ليس لديهم مركب يمكنهم أن يرسلوه إليه لمساعدته، دخلوا الماء بأقدامهم ليساعدوه ويساندوه. أما الضابط التركي الذي كان يقود المجموعة فإنه، بعدما حيا الضابط الفرنسي بود ماداً له يده، سدد التحية العسكرية لجميع البحارة، وحتى للأقل رتبة من بينهم، معرباً لهم بالفرنسية عن أسفه العميق لاضطراره إلى إطلاق النار على السفينة الفرنسية.»

«إن لدي بين يدي الملفات الموقعة والمختومة والدامغة، التي تتحدث عن العملاء الاستفزازيين الذين كلفوا باستثارة المجازر، وعن الأفعال التي يقوم بها الأرمن في آسيا، ومنذ بداية الحرب العالمية، كان الأرمن في ذلك الحين من رعايا الدولة العثمانية، وكان الأتراك تاركينهم دون أذى حتى ذلك الوقت، ومع هذا فإن الأرمن لم يترددوا عن تشكيل الطليعة التي تركض في مقدمة الغزو الروسي وفي خدمته كجواسيس وأدلة، في القرى كما في المدن. وهم لم يكتفوا بأن يدلوا الغزاة الروس على بيوت الأتراك، بل كانوا أول من يبادر إلى إحراقها، وإلى تعذيب سكانها وقتلهم كيفما اتفق.»

Cquote1.png

ويمكننا طبعا أن نتصور العاصفة التي أثارها مقال لوتي في ذلك الحين في فرنسا، كما في غيرها!

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الهامش

  1. ^ إبراهيم العريس (2017-03-21). "«دفاعاً عن الأتراك» لبيار لوتي: أهكذا نكافئ دعمهم لنا؟". صحيفة الحياة اللبنانية.