الناجم الخصاصي

النَّاجْم الخْصَاصِيّ " (ت. 1972) هو أحد القوّاد المخزنيين القدامى الذين كان لهم تأثير كبير على مجريات الأمور خلال فترة حاسمة من تاريخ المغرب، والتي تبتدئ قبيل توقيع معاهدة الحماية الفرنسية على المغرب، وتنتهي بالاِحتلال التام لسوس عام 1353 هـ/1934م.

أما عن نَسَبِه، فهو النَّاجْم بن مبارك بن مسعود الخصاصي وقد نشأ في جوّ رِيَّاسِيّ قبَلِي، هذا الاتصال بالنخبة المخزنية المحلية أتاح له خبرة سياسية وعسكرية بَدْئِية ستُفيده في اندماجه- هو أيضا- ضمن هذه النخبة فيما يُستقبل وسيصير من دعائمها.

وكان الظهور العسكري للمترجَم ضمن الجيش المخزني في مواجهته لثورة قبيلة الرْحَامْنَة بعد وفاة السلطان الحسن الأول (ت 1894م)، وقد "أظهر كفاءته الحربية. فلفت انتباه قواد الجيش السلطاني بمراكش وعُيِّن قائد رحى، وأُوكل إليه التصدي لبعض الثورات، وأشهرها ثورة بوحمارة على عهد السلطانين مولاي عبد العزيز ومولاي عبد الحفيظ "حيث حاربه في رقعة جغرافية واسعة ممتدة من فاس حتى وجدة ثم تطوان وجبالة وألقى القبض عليه، قبل أن ينضم خلال العهد اليوسفي إلى حركة الشيخ أحمد الهيبة بن ماء العينين، وبعده شقيقه مْرْبِّيهْ رَبُّه في مراكش وسوس، فعيَّنه الهيبة رئيسا للحروب، فحارب زمانا جيش الاحتلال وقواده إلى حدود احتلال سوس عام 1934 م. بعدها اشتغل بتدبير معاشِه في آيت باعمران " قبل أن تفرض عليه الإقامة الجبرية بعد ثورة الباعمرانيين على مشروع فرانكو القاضي بإدماجهم في إسبانيا.

عاش المترجَم حتى عهد الِاستقلال وحظي باستقبال السلطان محمد الخامس ضمن الوفد الباعمراني سنة 1376/1956. ويُجهل تاريخ وفاته على وجه التحديد، ومن المرجّح - حسب بعض الروايات- أن يكون في السبعينيات من القرن الماضي، وقد طال به العمر حتى تجاوز المائة سنة.

هذه السيرة وإن كانت لقائد تقلَّب في مناصبَ عديدة، فإنها تؤرخ لمغرب أواخر القرن التاسع عشر وجزء من القرن العشرين إلى حدود الاستقلال، أي إنه عاصر خمسة سلاطين علويين، منذ السلطان الحسن الأول إلى السلطان محمد الخامس، كما شهد شطراً من عصر الملك الحسن الثاني. وهذه المعاصرة من الندرة بمكان في تاريخ المغرب المعاصر، خصوصا إذا كانت على شاكلةِ مُعاصَرَة القائد النَّاجْم باعتبار مُشاكَلَتِه للنخبة المخزنية، واندماجه في الأحداث الحافَّة بها وبالقبيلة والمجتمع ككل، وشهادته على أغلب الأحداث آنذاك، ومن آثرها للنظر قضية الوجود الأجنبي بالمغرب، توطيده ومواجهته. وقد جُمِع هذا كله وغيرُه في مذكرات هذا القائد المُسْتَمْلاة منه بعناية العلامة محمد المختار السوسي.