الفلسفة الإسلامية في العصر العباسي

الفلسفة الإسلامية في العصر العباسي

تنحدر كلمه "فلسفة" من "فيلوسوفيا" و أصلها يونانى، وكلمة "فيلو" تعنى: محبة أو صداقة، وكلمة "سوفيا" معناها الحكمة، فالفلسفة هى "محبة الحكمة" والفيلسوف هو الحكيم أو محب الحكمة. وموضوع الفلسفة في الأصل اليونانى هو البحث في الكون وفى طبيعة الإنسان ومركزه في العالم وسلوكه الأخلاقى، وأداة الفلسفة للوصول إلى المعرفة هى العقل، وما اكتشفه من قوانين المنطق ، وأساليب الجدل، والبرهان، والاستنتاج، والاستقرار. أما مجالات الفلسفة الإسلامية فكثيرة ومتعددة نتيجة للثقافة الموسوعية لدى علماء المسلمين الذين لم يحسوا بأى أثر لتعارض أو انفصال، بل شعروا بالتكامل بين مختلف هذه المجالات. وقد ظهرت في البداية الفلسفة المشائية أو التقليدية -ذات الاستلهام اليونانى- نتيجة لحركة الترجمة، وتلقاها كثير من فلاسفة المسلمين بقدر كبير من التوقير والإعجاب، وتنوعت اهتماماتهم بها في شروح وتلخيصات وتعليقات، وقد عملوا على التوفيق بين الفلسفة والدين أو بين العقل والوحى. ومن أشهر أعلام الفلسفة التقليدية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الكِنْدِى

وهو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندى، وقد لقب "فيلسوف العرب"، وحاول التوفيق بين الفلسفة اليونانية و الإسلامية ، وألف ما لايقل عن (361 كتابًا)، وهو يرى أن الاستعانة بما قاله السابقون لا تعنى المتابعة المطلقة أو التقليد الأعمى، بل إنه ينصح بدراسة ما قال السابقون دراسة نقدية واعية فاحصة، فإذا وجدنا عندهم ما هو صالح أفدنا منه واعترفنا لهم بالجميل وشكرناهم عليه، وإذا وجدنا ما هو ناقص يستحق أن نكمله أكملناه واعترفنا لهم بفضيلة السبق إلى بحثه، وبذل الجهد في الوصول إليه، أما إذا وجدنا ما هو خطأ؛ فلنصرف النظر عنه، ولنعلم أنهم قد أفادونا من ثمار فكرهم ما أعاننا على اكتشاف هذا الخطأ وتجنب ما وقعوا فيه من التقصير. وجاء بعد الكندى أبو نصر الفارابى، وقد لقب بالمعلم الثانى بعد أرسطو ، وألف عددًا من الكتب في علم النفس ، و السياسة ، وما وراء الطبيعة ، أشهرها: رسالة "فصوص الحكم"، ورسالة في "آراء أهل المدينة الفاضلة"، هذا بخلاف الشروح التى وضعها على كتب أرسطو وفلاسفة الإغريق. ومن أعلام الفلسفة المسلمين:

الشيخ الرئيس ابن سينا

وهو أبو على بن الحسن بن عبد الله بن سينا، وقد كان نابغة عصره في الطب و الفلسفة وألف كتبًا عديدة أشهرها "القانون في الطب" وكتاب "الشفاء" وكتاب "الإشارات والتنبيهات" في الفلسفة.

إخوان الصفا

وهم مدرسة فلسفية وجدت بالبصرة حوالى منتصف القرن الرابع الهجرى، ولم تقم دعوتهم على الفلسفة وحدها، بل تعدتها إلى ميدان الدين و السياسة ، وقد ظهر فيهم ميول شيعية متطرفة، وعدد رسائلهم اثنتان وخمسون، تعالج أبحاثًا في الرياضيات و الفلك و الجغرافيا و الموسيقى و الأخلاق و الفلسفة .

أبو بكر بن طفيل

وهو أبو بكر محمد بن عبد الملك بن طفيل، وكان عالمًا موسوعيًا وطبيًا ورياضيًا وفلكيًا وفيلسوفًا وشاعرًا، وقد كانت قصته الفلسفية المسماة "حى بن يقظان" أكثر مؤلفاته شهرة، وقد تناول فيها مسألة علاقة الدين بالفلسفة، إذ أن الدافع لتأليف القصة الإجابة على سؤال من أحد إخوانه يطلب إليه أن يعرفه بأسرار الحكمة الشرقية التى سبق أن أشار إليها ابن سينا والتى تتعلق بالتوصيل إلى ذوق المعارف الفيضية الإلهامية التى يمكن للإنسان أن ينالها عن طريق تطهير القلب ، وتصفية الروح، وقد بين ابن طفيل أن هذه المعرفة أرفع مقامًا وأسمى درجة من سواها من المعارف العقلية التأملية، ولكنها من الأمور التى يصعب وصفها، ويعسر الحديث عنها لأنها تدرك بالذوق والعيان المباشر.

ابن رشد

ونختم حديثنا بالفيلسوف المعروف ابن رشد، وهو أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد ولقب في تاريخ الفلسفة بلقب "الشارح الاكبر"، وذلك لما ألفه من كتب عديدة معظمها تلخيص لمؤلفات "أرسطو" وشروح لها، وقد ترجمت من العربية إلى اللاتينية فأحدثت أثرًا عميقًا في الفكر الفلسفى والدينى اليهودى والمسيحى في أوربا ، ومن أشهر مؤلفاته "تهافت التهافت" و"فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال" وهو يوضح العلاقة بين الفلسفة والدين، ويبين أن الحقيقة واحدة، وإنما تصل إليها الفلسفة و الشريعة كل بطريقتها الخاصة وتعبر عنها بأسلوب خاص.

المصادر

موسوعة الحضارة الإسلامية