رابطة پرزرن

(تم التحويل من العصبة الألبانية)
الولايات العثمانية الأربع (قوصوه، إشكودرا، مناستر ويانيى)، أُقتُرحوا كـولاية ألبانية، من قِبل عصبة پرزرن 1878.

ولكن بالرغم من ولاء الألبان للدولة العثمانية إلا أن بلادهم ظلت واحة من أعظم مناطق الدولة تخلفاً، كانت أشبه ببلد على حافة الهاوية يعيش أهله على تربية الماشية وزراعة ما يسد رمقهم بالكاد, وبالتالي كان نظامها السياسي يعكس حالة التنمية فيها, فالشعب يعيش في تجمعات متباعدة تحت زعاماتهم المحلية. وحتى اواخر القرن التاسع عشر كانت البلاد تفتقد الأسس اللازمة لتنمية الشعور القومي-الوطني الذي كان قائماً في الولايات العثمانية الأخرى. ومن ناحية أخرى كان الإتصال بين أجزاء البلاد أمر غاية في الصعوبة فلم يكن فيها حتى عام 1912 سوى مجموعة طرق ممهدة تبلغ 200 كيلومتر, والتدريس بالمدارس يتم باللغة التركية أو اليونانية فيما عدا مؤسسات الكاثوليك في شكودر. وأما الدين الذي كان عامل وحدة قوية في مختلف بلاد البلقان كان في البانيا عامل إنقسام. واللغة التي كانت رابطة مشتركة بين الجميع لم تكن لغة تعليم في المدارس ولم توضع لها أبجدية وبالتالي لم تكن هناك أية مطبوعات أو كتب بالألبانية.

تاريخ ألبانيا
Gjergj Kastrioti.jpg

لكل هذه العوامل والإعتبارات لم تظهر حركة قومية البانية حتى عام 1878، وعندما ظهرت في ذلك التاريخ كان ظهورها إلى حد كبير رد فعل للتهديدات الخارجية. وقبل ذلك لم يكن تارخ حركات النضال والمقاومة ضد الحكم العثماني قد أنتج إيدلوجية قومية أو قيادات قومية. والحاصل أن أسلاف أولئك الألبان وهم الإليريون Illyrians القدامى كانوا قد إستقروا في شبه جزيرة البلقان قبل السلاڤ. وعلى الرغم من أن محمد علي باشا والي مصر وعلي باشا والي يانينا كانا من الألبان, إلا أنهما كان يعملان من أجل مصالحهما وليس من أجل مصالح بلادهما البانيا.ورغم أنه بعد 1830 حدثت عدة إنتفاضات ضد الحكم العثماني جاء معظمها إحتجاجاً على الضرائب العالية التي فرضت للإنفاق على إصلاح الجيش، أو نتيجة للتغييرات في الإدارة المركزية، إلا أن الألبان في كل الأحوال كانوا راضون بوضعهم الراهن وإدارتهم المحلية للأمور. وبالجملة كان وضعهم المتميز داخل الإمبراطورية يرجح إمكانات عضوية بلادهم في نظام سياسي كان في طريقه إلى الضعف والتدهور بشكل سريع.

على أن زعماء الألبان أدركوا لأول مرة الخطر الذي يحق بوضع بلادهم عندما أعلنت مواد معاهدة سان ستفانو في مارس 1878 التي كان من المفترض بمقتضاه أن تضم أجزاء من شرق بلادهم إلى بلغاريا الكبرى، وأن تمنح الجبل الأسود أراض في الشمال يسكنها ألبان بشكل رئيسي. وعلى هذا فأراضي البانيا القومية تم توزيعها بين دولتين سلاڤيتين أرثوذكسيتين لم يكن من المتوقع من أي منهما التعامل برفق مع المسلمين الذين كان عليهم إنقاذ أنفسهم من جيرانهم وليس من الحكومة العثمانية، وهذا ما كان على الألبان أن يواجهوه, وأن يتعاملوا معه.

وعلى الفور تم تنظيم الإحتجاجات على المعاهدة, وتشكلت لجان في انحاء البلاد لدراسة الأمر, وأصبح مقر المقاومة مدينة پرزرن في إقليم كوسوڤو الذي أصبح جزءً من يوغوسلافيا فيما بعد. وهناك وفي يونية 1878 إجتمعت نخبة من مسلمي شمال البلاد من كبار الملاك الإقطاعيين المحافظين وعدد من النبلاء ومعهم مندوبون من جنوب البلاد وخاصة عبد الله فراشري Frasheri محرك الروح القومية آنذاك، وأسسوا "رابطة پرزرن" أو العصبة الألبانية وهدفها ببساطة الدفاع عن وحدة الأراضي الألبانية وتكاملها. كما تقرر تكوين لجان في مدن أخرى وخاصة في شكودور لمواجهة إجتياح الجبل السود للبلاد. كما إتفق الزعماء الأبلان على إتخاذ خطوتين عمليتين: الأولى العمل على مساندة مبدأ تكامل أراضي الدولة العثمانية ووحدتها في مؤتمر برلين، والثاني تقديم التماس للسلطان لكي يوافق على توحيد الولايات الأربع: يانينا، وموناستر، أوسكوب Uskub، وشكودر في وحدة واحدة ومنحها الحكم الذاتي. وبمعى آخر كانوا يرغبون في توحيد السكان الألبان في وحدة إدارية وسياسية واحدة.

والحاصل أن مؤتمر برلين (1878) إنتهى دون المساس بأراضي البانيا ليس بسبب إحتجاجات الألبان وإنما بسبب الصراع بين القوى العظمى. وما حث في المؤتمر كان تقسيم بلغاريا الكبرى حيث عادت الأقسام الألبانية للسيطرة العثمانية مرةأخرى, وأخذت اليونان قسماً صغيراً من مطالبها بما فيها يانينا, وأخذت الجبل السود بعض الأراضي التي كان الألبان يطالبون بها وكانت أقل مما كانت تطمح إليه. على أن الإجراءات التي كان الأبلان يقومون بها آنذاك تجاوزت حدود الكلام والخطاب والبيان وإتخذت في بعض الأماكن شكل المعارك المخيفة الوحشية مما جعل الدول الأوروبية قلقة بشأن وجود هذا الشعب الذي يرغب في وحدته وعدم تقسيمه بين جيرانه.

عبد الله فراشري، زعيم رابطة پرزرن.

ورغم تعاون الألبان مع الحكومة العمثانية في مقاومة مطالب كل من بلغاريا واليونان والصرب والجبل السود, إلا أن السلطان رفض توحيد الولايات الأربع (الألبانية) في حكومة ذاتية كما سبق الإشارة. وكانتحقيق هذه الوحة أمر حاسم بالنسبة لمصالح القومية الألبانية وأكثر من هذا فإن المادة 23 من معاهدة برلين فرضت إحداث تغييرات إدارية ف يالإقليم دون تحديد ماهيتها. وعلى هذا ففي نوفمبر 1878 إجتمع زعماء جنوب البانيا في مدينة فراشر Frasher برئاسة عبد الله فراشري الذين سبق وأن وافقوا على برنامج توحيد الولايات الأربع,الأمر الذي ترتب عليه موافقة زعماء شمال البانيا على مبدأ التوحيد والحكم الذاتي. لكن قيادتي الشمال والجنوب لم تتفاق على تفاصيل التوقيت المناسب وكيفية التنفيذ، فبينما كان الجناح الراديكالي في الحركة يرى ضرورة إتخاذ خطوات فورية لتحقيق الحكم الذاتي، كان الجناح المحافظ تحت سيطرة بكوات الإقطاع يفضلون الإعتدال والإقتراب بحذر من إستعدادهم للتعاون مع السلطات العثمانية.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نهاية العصبة

وعند هذا المنعطف بدأت فترة من المناورات بين الجناحين: المحافظ، والراديكالي, ولكن بحلول عام 1880 تمكنت العناصر المطالبة بالوحدة في كل من رابطتي بريزرن وفراشر من السيطرة على الرابطة الألبانية. وكان كبار ملاك الأراضي الزراعية الذين ظلوا على ولاتهم للسلطان-الخليفة العثماني يعارضون تلك العناصر بشدة, وبتشجيع منهم أرسل السلطان في أبريل 1881 قوة عسكرية بقيادة درويش باشا للقضاء على رابطة بريزرن وسحق الحركة المطالبة بالحكم الذاتي. ورغم هذا التدهور الذي حاق بالحركة إلا أن الثلاث سنوات السابقة على موقف السلطان هذا أنتجت إنجازات لها مغزى بالنسبة للحركة القومية, فأولاً بدأ كثير من زعماء الألبان يعترفون بأن الدولة العثمانية على وشك الإنهيار وأن عليهم التخطيط لمشتقبل بلادهم,وثانياً ثمة خطوات أولية إتخذت بشأن وضع سياسة مشتركة في الشمال والجنوب وسط مناطق لا يوجد بينها إتصالات وثالثاً والأكثر أهمية أن برنامج الرابطة الألبانية نصاً وروحاً قبلته مختلف أجنحة الحركة القومية الذي كانوا مختلف حول كيفية تحقيق الأهداف المشتركة, وهكذا تم إتخاذ الخطوات الصحيحة تجاه إيجاد دولة ألبانيا.


انظر أيضاً


الهامش

  • Gawlrych, George (2006). The Crescent and the Eagle. London: Palgrave Macmillan. ISBN 1-84511-287-3.

وصلات خارجية