الحدود الإسپانية المغربية

الحدود الإسپانية المغربية
Mapa del sur de España neutral.png
مواقع السيادة الإسپانية على الساحل المغربي.
الخصائص
الأطراف المملكة المغربية المملكة المغربية Flag of Spain.svg إسپانيا
الطول18.5k م (11.5 م)
التاريخ
تأسست1860-62

الحدود الإسپانية المغربية، يتألف الجزء البري منها من ثلاث خطوط غير متصلة بإجمالي 18.5 كم حول الأراضي الإسپانية في سبتة (8 كم)، جزيرة قميرة (75 متر) ومليلة (10.5 كم). تشكل هذه الجيوب مواقع السيادة الإسپانية plazas de soberanía، والتي تتضمن أيضاً عدد من الجزر الصغيرة قبالة الساحل المغربي.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التاريخ

الجيوب الإسپانية في المغرب.

تاريخياً كانت مواقع السيادة جزءاً من الامبراطوريات الإسلامية المختلفة في شمال-غرب أفريقيا.[1] غزت الپرتغال سبتة عام 1415.[2] في أعقاب حروب الاسترداد في شبه الجزيرة الأيبيرية، بدأت أطماع إسپانيا جنوباً على ساحل شمال أفريقيا، واستولت على مليلة من سلطنة فاس عام 1497، بمباركة پرتغالية.[1] استولت إسپانيا على جزيرة قميرة بالقوة عام 1508، حيث اعترفت الپرتغال بأحقية إسپانيا في الجزيرة في العام التالي بمعاهدة سينترا.[1] بعدما استردتها مملكة فاس عام 1554، استعادتها إسپانيا عام 1564، ومنذ ذلك الحين ظلت في في يد إسپانيا.

أثناء الاتحاد الأيبيري (1580-1640) جذبت سبتة الكثير من المستوطنين الإسپان؛ نتيجة لذلك، عندما استعادت الپرتغال استقلالها من إسپانيا عام 1640 ظلت سبتة مع إسپانيا، وأذعنت الپرتغال للأمر الواقع عام 1688 بمعاهدة لشبونة.[1][3] في 7 أكتوبر 1844 تم التوقيع على معاهدة تريسم المعاهدة حدود سبتة مع المغرب وتم التصديق عليها بمعاهدة أخرى في 6 مايو 1845.[3][1] في 24 أغسطس 1859، تم التوقيع على معاهدة لترسمي حدود مليلة مع المغرب، والتي تتضمن منطقة محايدة موازية.[3][4]

فشلت المحاولات المغربية المتكررة لاستعادة سيطرتها على الجيبين بالقوة خلال القرنين 18 و19، وأسفرت عن نشوب الحرب الإسپانية المغربية عام 1859-60، والتي انتهت بانتصار إسپانيا. معاهدة واد الراس التالية التي وُقعت في 26 أبريل 1860 مددت حدود سبتة عن حدودها القائمة.[3] كان من المفترض أن يتم ترسيم حدود مليلية من خلال "مجموعة من المدفع"، ومع ذلك تبين أن ذلك غير عملي، وبالتالي تم توقيع معاهدة أخرى في 30 أكتوبر 1861 وتأكيدها في 26 يونيو 1862 والتي حددت الخط الحدودي الحديث.[4][3][1][5] ومع ذلك استمرت النزاعات المحلية في مليلية، وتم التوقيع على معاهدات أخرى في 1894-95.[1]

من خلال معاهدة إسپانية-فرنسية في 27 نوفمبر 1912، مُنحت إسپانيا حق الحماية على الساحل المتوسطي المغربي، الذي يُعرف بالمغرب الإسپاني.[6] ومن ثم فقد دُمجت سبتة وقميرة ومليلة في هذا الكيان. عندما حصل المغرب على استقلاله من فرنسا عام 1956، سُلم المغرب الإسپاني للمملكة الجديدة.[1] إلا أن إسپانيا احتفظت بسيطرتها على مواقع السيادة، مؤكدة أنها أراضي إسپانية قبل فترة طويلة قبل إنشاء المحمية عام 1912، وبالتالي ينبغي أن تظل جزءاً من إسپانيا، وهو موقف طعن فيه المغرب بقوة.[1][7][8]

عام 1934 تسببت عاصفة ضخمة في خلق تموبلو بين جزيرة قميرة والبر الرئيسي للمغرب، مما يجعل الجزيرة السابقة جيباً إسپانياً جديداً على الساحل المغربي. لا يبدو أنه تم على الإطلاق توقيع معاهدة حدود رسمية بين المغرب وإسپانيا، وقد ظل خط طوله 75 متراً على امتداد المنطقة الرملية التي تربطها بالمغرب بمثابة حدود فعلية منذ ذلك الوقت.[9]

منذ استقلال المغرب بدأ النزاع على مواقع السيادة في الظهور من وقت لآخر، ومن أشهرا عام 1975 عندما كان هناك مخاوف من محاولة المغرب غزو الأراضي بطريقة مشابهة لما قامت به في الصحراء الغربية في تلك السنة.[1] في الوقت الحالي، لا تزال إسپانيا تسيطر على مواقع السيادة وترفض مناقشة مسألة سيادتها مع المغرب.[1]

عام 1993 بدأت إسپانيا في بناء سياج سبتة الحدودي وسياج مليلة الحدودي، الذي تم تدعيمهما أكثر عام 1995.[10] رداً على زيادة محاولات الهجرة لاختراق السياج، تم تحصينه بشكل كبير عام 2005، حيث بُني نظام سياج مضاعف مليء بالأسلاك الشائكة ومعدات المراقبة.[11] منذ ذلك الحين كان هناك عدة محاولات للمرور عبر السياج، أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا.[12]


جيوب الساحل الشمالي

في أواخر القرن الخامس عشر خلال حروب الاسترداد، فتحت الحرب الأهلية وضعف الدولة المغربية الباب للمد الإيبيري. عام 1415، احتلت القوات البرتغالية مدينة سبتة عند مدخل البحر الأبيض المتوسط، ثم احتلت العديد من الحصون على ساحل المحيط الأطلسي: القصر الصغير عام 1458 وأصيلة وطنجة عام 1471. عام 1476، احتل الإسپان سانتا كروز دي لامار بيكينيا قرب أغادير. بعد انتهاء حرب الاستعادة، ركز الإسبان جهودهم في البحر الأبيض المتوسط. فاستولوا على مليلية الواقعة في أقصى الشمال الشرقي عام 1497، وصخرة الحسيمة وجزيرتين صغيرتين مجاورتين لها عام 1559، وجزيرة قميرة في الغرب عام 1564. في الوقت ذاته، عزز البرتغاليون سيطرتهم على كامل ساحل المحيط الأطلسي وتجارته البحرية من خلال احتلال أرغين (في موريتانيا الجديدة، 1499)، وأنفا (الدار البيضاء الحالية، 1458)، وأغادير (1505)، وآصفي (1507)، وأزمّور (1513)، ومازاغان (الجديدة الحالية، 1515).

جنود إسپان يرفعون العلم على جزيرة ليلى عام 2002.

مع حلول القرن السابع عشر، استعادت القوات المغربية الحصون “الأطلسية” كافة، باستثناء سبتة الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط والتي بقيت في يد البرتغاليين. واحتفظ الإسبان بالجيوب الواقعة على البحر الأبيض المتوسط وقاموا بضم سبتة عام 1580 خلال فترة الوحدة المؤقتة بين التاجين الإسباني والبرتغالي. واليوم سبتة ومليلية مدينتان كبيرتان. تقع سبتة (عدد السكان: 80.579 نسمة عام 2010) على برزخ ضيق مساحته 18.5 كم2؛ ومساحة مليلية، (عدد السكان: 78.476 نسمة عام 2011) على ساحل شبه جزيرة Guelaya، 12.3 كم2. صخرة الحسيمة (4.6 هكتار) وجزيرة قميرة (أقل من 2 هكتار) قاعدتان عسكريتان صغيرتان، تماماً كجزر إشفارن التي هي عبارة عن مجموعة من ثلاث جزر صغيرة تقع قرب الحدود الجزائرية (مساحتها الإجمالية 52 هكتار) واحتلتها القوات الإسبانية عام 1847. ومنذ الاستقلال، طالبت الحكومة المغربية باستعادة ضم هذه الجيوب إلى أراضيها. عارض سكان سبتة ومليلية الضم بشدة، مع أن القضية أهملت منذ أواخر السبعينيات بعد فشل القضية المغربية المتعلقة باستعمار الصحراء الإسبانية في محكمة العدل الدولية. ومع ذلك، عام 2002 احتلت القوات المغربية جزيرة ليلى، وهي عبارة عن صخرة غير مأهولة مساحتها 15 هكتار على الجانب “الأطلسي” من مضيق جبل طارق، وتدعي الحكومة الإسبانية أنها جزء من سبتة. قامت الحكومة الإسبانية بنشر قواتها فيها، مما تسبب بأزمة دبلوماسية صاخبة لم تساهم في حل المشكلة.[13]

الحدود الشرقية والجنوبية

في القرن السادس عشر، قام السلطان السعدي أحمد المنصور (1578-1603) بطرد البرتغاليين من الساحل الأطلسي. كما أرسل جيشاً عبر الصحراء للاستيلاء على مناجم الذهب في غاو ومدينة تمبكتو (مالي الحالية). ومع حلول القرن التاسع عشر، كانت الهيمنة المغربية أكثر من مجرد ذكرى: اعترف سكان الصحراء بالسلطان على أنه “أمير المؤمنين”، إلا أنه لم يكن يتمتع بقوة سياسية حقيقية. في شمال إفريقيا ما قبل الاستعمار، كان يحدد السيطرة السياسية التحالف المتفق عليه بين عشائر أو مناطق معينة. وقد تميز ذلك جزئياً من خلال تأسيس نظام “البَيعة”، وهي إقرار رسمي من قبل السكان بأنهم يعترفون بحاكم معين، وبشكل أقل، بدفع الضرائب له؛ وبالتالي تم الاعتراف بوهران على أنها مدينة جزائرية وبوجدة على أنها مغربية. وقد تتغير التحالفات: بعد الغزو الفرنسي للجزائر عام 1830، أراد سكان مدينة تلمسان مبايعة السلطان المغربي، غير أنه رفض ذلك. أراد السلطان تجنب قتال الجيش الفرنسي، غير أن ذلك حدث على كل حال، وتمكنت القوات الفرنسية من احتلال الأراضي المغربية لفترة وجيزة عام 1844. ثبّتت معاهدة للاّ مغنية (1845) الحدود جنوب البحر الأبيض المتوسط على طول 150 كم تقريباً وحتى فكيك، ومن ثم شملت المجتمعات الداخلية الخاضعة لسيادة المغرب أو الجزائر. وفق البروفيسور كليف باري، أستاذ في القانون الدولي: “فيما يتعلق بالبلاد جنوب القصور (المجتمعات) التابعة للحكومتين، ونظراً إلى نقص المياه، فهي غير مأهولة وصحراء بكل ما للكلمة من معنى، وبالتالي ما من حاجة إلى رسم حدودها”.

مع أن معاهدة للاّ مغنية لم تحدد طول الحدود الجزائرية بالكامل، إلا أن التقسيم الاستعماري الإمبريالي للمغرب كان قد بدأ. واستمر ذلك عام 1860 عندما وجدت الحكومة المغربية نفسها مرغمة، بعد حرب قصيرة وغير حاسمة في تطوان، على الموافقة على معاهدة “رأس الواد” مع إسبانيا. ومن بين تنازلات أخرى، وافق السلطان على توسيع أراضي سبتة وإعادة سانتا كروز دي للمار بيكينيا إلى الحكم الإسباني، مع أن لا أحد كان يعرف أين كانت تقع تماماً. وفي النهاية، تمت تسميتها بـ “سيدي إفني”. ولكن عام 1879 تعرضت البعثة التي أرسلت للمطالبة بالمدينة إلى موجات عنف ومقاومة عسكرية شرسة.

عام 1879، أقام تجار بريطانيون مصنعاً في طرفاية جنوب المغرب، وعام 1887 أنشأ الأسبان معسكراً في فيلا سيسنيروس (الداخلة الحالية) إلى جنوب ما يعرف اليوم بالصحراء الغربية. رداً على ذلك، عيّن السلطان الحسن الأول العلوي حاكماً على الصحراء لتوحيد قبائل الصحراء والحفاظ على بعض السلطة التي كانت له؛ وذاك الحاكم كان الشيخ محمد مصطفى ماء العينين المنحدر من عائلة متدينة مرموقة فيما يعرف اليوم بموريتانيا. وفي ثمانينيات وتسعينيات القرن التاسع عشر، أرسل السلطان الحسن الأول أيضاً بعثات عسكرية إلى جنوب المغرب لجمع الضرائب واستعادة بعض الحصون نهائياً وطرد الإنكليز من طرفاية والحصول على مبايعة العديد من القبائل. في 1896-1897، قدم السلطان عبد العزيز العلوي مساعدات مالية إلى المركز الديني الكبير الذي أنشأه الشيخ ماء العينين في السمارة. في نفس الوقت، كان الجيش الفرنسي يحتل واحات المنطقة الجنوبية الشرقية، والتي كانت باريس تؤكد على أنها أراضٍ جزائرية. عام 1990، احتلت القوات الفرنسية واحات توات.

في العقد التالي، وُضع حجر الأساس للحكم الفرنسي والإسباني الاستعماري على المغرب. بينما كان الجيش الفرنسي يزحف شمالاً من نهر السنغال، التف العديد من القبائل الموريتانية حول الشيخ ماء العينين كولاء ضعيف التنظيم للسلطان. غير أن المغرب أصبحت مجزأة نتيجة الضغوطات الأوروبية. عام 1909، أطيح بالسلطان عبد العزيز من قبل أخيه عبد الحفيظ، الذي عزله الفرنسيون بعدما فرضت القوات الفرنسية معاهدة الحماية عام 1912.

في أعقاب معاهدة فاس التي وافق بموجبها السلطان عبد الحفيظ على الحماية، انقسم المقر الدبلوماسي القديم في طنجة ليشكل منطقة دولية يحكمها اتحاد من القوى الأوروبية. ولم تنته الترتيبات إلا في ديسمبر 1923، في قانون طنجة.

كانت الحكومة الفرنسية قد اعترفت بـ “حقوق” مستقبلية لإسبانيا على معظم شمال المغرب ومساحات رملية في أقصى الجنوب. وما إن بدأت الحماية الفرنسية، وافق الفرنسيون على أن يكون لإسبانيا حماية فرعية على مساحة 20,000 كم2 شمال المغرب و 23,000 كم2 حول طرفاية في الجنوب. تم ترسيم تلك الحدود بعناية. وبقيت إفني (غير المحتلة) والساقية الحمراء ووادي الذهب في الصحراء الإسبانية والجيوب الشمالية والجزر الصغيرة مستعمرات إسبانية واستثنيت من معاهدة الحماية.

تم ترسيم الحدود بين المغرب والجزائر (أو غرب إفريقيا الفرنسية) بعمليات عسكرية ووضع خطوط تماس مؤقتة. تم فرض الاحتلال بالقوة، وتمكنت القوات الإسبانية من احتلال إفني وقاعدة ماء العينين القديمة في السمارة عام 1936 حيث تحركت القوات الفرنسية المنتقلة نحو شمال موريتانيا. في النهاية، خمدت المقاومة المسلحة عام 1936. لكن ذلك كان التقليص الأخير لأراضي المغرب التاريخية، ولم تنبعث ذكريات المغرب العظمى مجدداً سوى أواخر القرن العشرين.

الحدود بعد الاستقلال

عام 1956، استعادت المغرب استقلالها، وأعيد ضم المحمية الفرنسية، وبعد فترة وجيزة المحمية الإسبانية في الشمال، ومنطقة طنجة الدولية في دولة واحدة، إلا أن الجزر الصغيرة والجيوب وإفني وطرفاية، المنطقة الجنوبية من المحمية الإسبانية، بقيت في يد الأسبان.

غير أن ذلك لم يكن كافياً بالنسبة لحزب الاستقلال الوطني. فقد تحدث علال الفاسي، أحد قادة الحزب الرئيسيين، عن “المغرب العظمى”، والتي تشمل موريتانيا وجزءً كبيراً من الجزائر وحتى مالي. ونشرت صحيفة “العلم”، الناطقة بلسان الحزب، خارطة تُظهر تلك الحدود فقط. وأصبحت المغرب مستقلة، ولكن ليس بشكل كامل.

بعد أن حصلت الجزائر على استقلالها عام 1962 في ظل حكومة يسارية، استخدمت الحكومة المغربية “الأراضي الضائعة” كحجة لغزو الجزائر. فنشبت حرب قصيرة الأمد انتهت عام 1964، تاركة الحدود الجنوبية مع فكيك غير محددة. ولا يزال هناك نزاع قائم، ولكن غير ناشط، على أراضي “مراعي شيراك” Chirac pastures في جنوب شرق المغرب. عام 1960، عارضت الحكومة المغربية استقلال موريتانيا لفترة قصيرة، غير أن أياً من هذه النزاعات لم يكن بقدر أهمية نزاع الصحراء الغربية.

فور حصول المغرب على الاستقلال، هاجم جيش التحرير غير النظامي مواقع إسبانية في الجنوب. فحاصر سيدي إفني حتى عام 1958، ولكن بعد استعادة طرفاية إلى الحكم المغربي في أبريل عام 1958، ركز نشاطه الأساسي على الصحراء الإسبانية حيث احتاج الإسبان إلى مساعدة فرنسية من غرب إفريقيا لهزيمته.

مع أن الأسبان حافظوا على سيطرتهم على الصحراء الغربية، إلا أن حكمهم كان ضعيفاً. فلم يسعوا إلى تطوير الاقتصاد. ومع أنهم كانوا على علم بوجود احتياطات غنية من الفوسفات منذ أواخر الأربعينيات، إلا أن عمليات التصدير لم تبدأ حتى عام 1972. وقد تطلب ذلك أطول حزام ناقل في العالم (62 ميلاً) لنقل الصخور من مناجم بوكراع إلى الساحل. كما كان هناك مواقع غنية لصيد الأسماك بدأ استغلالها في أوائل الستينيات، إلا أن الأرباح كانت ضئيلة جداً. ولم يأتِ التنقيب عن النفط بنتيجة. بحلول عام 1974، كان هناك 300 ميل فقط من الطرقات المعبدة، وكان سكان العاصمة “العيون” (28.010 نسمة، أكثر من ثلث سكان الصحراء الغربية) يعيشون في مدن واسعة من الأكواخ، وكان 2.700 ولد فقط من أصل حوالي 35.000 في سن التعليم يذهبون إلى المدرسة. كان نصف السكان تقريباً دون سن الخامسة عشرة، وكان معدل الإلمام بالكتابة والقراءة 5% ومعدل البطالة حوالي 60%. عام 1967، أقام الأسبان جمعية إقليمية، “الجمعة”، ضمت قادة عشائر موالين لإسبانيا، لكنها كانت أيضاً تفتقر إلى القوة.

ماذا كان وضع الصحراء الإسبانية؟ هل كانت يوماً ما جزءً من المغرب وانسلخت عنها اليوم، وفي هذه الحالة طالبت الرباط بإعادتها إلى وطنها الأم؟؛ أم جعلها الاستعمار أرضاً منفصلة لها حق تقرير المصير والاستقلال بموجب القرار 1514 الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1960 تمنح السكان المستعمرين هذا الحق؟ باختصار، اصطدم مفهوم السيادة على أساس حق دولة ما بالسيطرة على أراضيها مع فكرة أن تلك السيادة تكون مشروعة فقط بحق تقرير المصير.

في ديسمبر عام 1966، وبعد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بوجوب “تحرير” إفني والصحراء من “الهيمنة الاستعمارية”، حددت الجمعية أن مدينة إفني هي مغربية وأنه يتعين على السلطات الإسبانية إجراء استفتاء في الصحراء الإسبانية لتحديد إرادة السكان المحليين، مع الأخذ في الاعتبار رغبات “الأطراف المعنية” الأخرى (القرار 2229). وكانت هذه الأطراف الأخرى: الحكومة الجزائرية التي كانت تخشى المد المغربي؛ والرئيس الموريتاني “المختار ولد داداه” الذي تحدث عن “موريتانيا العظمى”، وثقافة مشتركة تشترك بها القبائل المتحدثة باللغة العربية بين نهر السنغال ووادي درعة.

عام 1969، أعادت مدريد إفني ولكنها تجاهلت مسألة الصحراء، على الرغم من بدء ظهور الحس الوطني بين السكان المحليين. عارض بعض القوميين العرب، مثل معمر القذافي في ليبيا وهواري بومدين في الجزائر، المد المغربي، مع أن الجزائر أيدت فكرة “صحراء مستقلة” وقطر دعمت المواقف الموريتانية. حتى أن الملك الحسن الثاني اتخذ موقفاُ وطنياً، متحدثاً عن “التزامه الثابت بمبدأ تقرير المصير” فيما يتعلق بالصحراء. وبالتالي، يمكن الإيفاء بمبادئ الأمم المتحدة والحركة الوطنية المغربية.

عام 1975، استفاد الملك الحسن من الفوضى السياسية في إسبانيا في أعقاب وفاة الجنرال فرانكو لضم جزء من الصحراء الإسبانية إلى المغرب. وتم نقل الباقي إلى موريتانيا، التي غادرت منطقتها عام 1979 بعد مواجهة معارضة قوية من قبل حركة الپوليساريو. حينئذ تم ضم القطاع الموريتاني إلى المغرب بالقوة.

الحدود البحرية

يتشارك المغرب وإسپانيا حدود بحرية في منطقة جزر الكناري وعلى امتداد مضيق جبل طارق وبحر البوران. تقع أقصر مسافة برية بين البلدين على امتداد مضيق جبل طارق، وتبلغ 14.3 كم. أراضي جبل طارق البريطانية (التي تطالب بها إسپانيا) تقع على الساحل الشمالي لهذا المضيق.

تعتبر الحدود البحرية بين إسپانيا والمغرب، من الملفات الأكثر تعقيداً بين البلدين، بسبب سيادة مدريد على مدينتي سبتة ومليلية، الساحليتين شمال المغرب، وأيضاً على جزر الكناري (منطقة حكم ذاتي) في المياه الأطلسية المتاخمة لإقليم الصحراء، محل النزاع الأممي بين المغرب والپوليساريو.

وإزاء هذه التعقيدات، تركت عملية ترسيم الحدود بين البلدين معلقة، لكن السجال الدبلوماسي بين البلدين عاد مجدداً، بعد تصديق البرلمان المغربي رسمياً، في 4 مارس 2020، على قانون ترسيمها.

في يناير 2020 صدق البرلمان المغربي على مشروعي قانونين لفرض سيادتها على المياه الإقليمية والمنطقة البحرية الاقتصادية الخالصة الممتدة حتى الحدود الموريتانية.

وبموجب القانون الأول المصادق عليه بات المجال البحري الغربي للمغرب يمتد الآن من طنجة في أقصى الشمال إلى بلدة لكويرة في أقصى جنوب الصحراء الغربية، أما القانون الثاني فينظم تحديد منطقة اقتصادية خالصة تمتد إلى مسافة مئتي ميل بحري في عرض الشواطئ الأطلسية للمغرب، وتشمل منطقة المياه الواقعة بين سواحل الصحراء الغربية وجزر الكناري التابعة لإسپانيا.

بموجب هذا القانون، سيتم ترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة في عرض سواحل الأقاليم الجنوبية للمملكة وإدراجها صراحة ضمن المنظومة القانونية للمغرب، إذ سيتم حذف الإحالة إلى خط الوسط كمنهج وحيد لترسيم الحدود البحرية، والتنصيص، في المقابل، على الإنصاف الذي يعتبر أكثر تجاوبًا مع مصالح المملكة.

وكان مجلس الوزراء المغربي قد صادق على هذه القوانين في يوليو 2017، حيث كان ملزمًا بتقديم ملفه الرسمي لتمديد جرفه القاري داخل أجل عشر سنوات من مصادقته على اتفاقية الأمم المتحدة بشأن قانون البحار الموقعة بمونتيگوباي في 10 ديسمبر 1982، الذي كان في أواسط العام 2007.[14]

وفي أول تعليق لها إزاء قرار البرلمان المغربي، وزيرة الخارجية الإسپانية، أرانچا گونزاليث لايا، أكدت ان إسپانيا والمغرب "متفقان على ضرورة تعيين الحدود البحرية التي لا تزال معلقة". وفي المقابل، قال وزير خارجية المغرب، عقب المصادقة على مشروع الترسيم، إن تحديد مجالات البحرية للمغرب، هي "مسألة داخلية وعمل سيادي"، يُحتكم بأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار سنة 1982". وفي زيارتها الرسمية للرباط في 24 يناير 2020، أجرت گونزاليث مباحثات ثنائية مع نظيرها المغربي ناصر بوريطة، والتي تعلقت بصفة رئيسية بحل المشكلات العالقة بين البلدين على مستوى الحدود، لاسيما ما تطالب به مدريد بضرورة اطلاعها على تفاصيل قانون ترسيم المغرب لحدوده البحرية. وتتوجس إسبانيا من سعي المغرب إلى ترسيم حدود، لا يحافظ على مصالح الحكومة المحلية لكل من أرخبيل جزر الكناري، ومدينتي سبتة ومليلية المغربيتين، الموجودتان تحت السيادة الإسپانية.[15]

وتضغط حكومة أرخبيل جزر الكناري، بقوة على الحكومة المركزية في مدريد، لثني المغرب، عن ترسيم حدوده البحرية، في مناطق تسعى الحكومة الإسپانية المحلية، إلى التنقيب فيها على آبار النفط.

وبحكم الأزمة الاقتصادية لمدن الأرخبيل الإسپاني، والسعي للتنقيب على مصدر ثروة نفطية جديد، قالت الحكومة المحلية إنها على اتصال مباشر ومستمر مع وزارة الخارجية في الحكومة المركزية بمدريد، لمتابعة تطورات هذه الخطوة التشريعية المغربية وآثارها المحتملة.

ويعود هذا الضغط إلى عام 2012، حيث طالب حينها، رئيس حكومة جزر الكناري، پاولينو ريڤيرو، بضرورة ترسيم الحدود البحرية بين المغرب وإسپانيا، لأن "الضرورة أصبحت ملحة من أجل التنقيب على النفط في المياه المتنازع عليها بين البلدين"، بحسب المسؤول الإسپاني.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الحدود البحرية بين الصحراء الغربية وجزر الكناري

الحدود الاقتصادية للصحراء الغربية

في يناير 2020، رفض حزب الشعب الحاكم في إسپانيا أي تحرك مغربي أحادي الجانب وهدد بموقف حازم كما دعا لفتح حوار يفضي لاتفاق مشترك بين البلدين. ورغم رفض الحزب الإسپاني الحاكم وجبهة الپوليساريو، يعتزم المغرب المصادقة النهائية على مشروعي قانونين لترسيم حدوده البحرية مع الصحراء الغربية. وهو ما أكده وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، خلال تقديمه المشروعين أمام أعضاء لجنة الخارجية والدفاع الوطني بمجلس النواب الجزائري، في 16 ديسمبر 2019.[16]

ويتعلق المشروعان بحدود المياه الإقليمية وتحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة، على مسافة 200 ميل بحري بعرض السواحل المغربية. وبموجب هذين المشروعين التاريخيين، بحسب تعبير بوريطة، واللذان حظيا بموافقة أعضاء اللجنة بالإجماع، يبسط المغرب سيادته على المجال البحري ليشمل المياه الإقليمية لإقليم الصحراء.

وقال حزب الشعب الحاكم في إسپانيا، عبر بيانه الصادر في 21 ديسمبر 2019، إن ترسيم الحدود المائية المغربية المجاورة لمدينتي سبته ومليلية (تابعتان للإدارة الإسبانية وتطالب الرباط باسترجاعها)، وكذلك لجزر الكناري المقابلة للشواطئ الأطلسية للمغرب، ينبغي أن يتم ضمن اتفاق مشترك، وليس بخطوة أحادية الجانب. وهدد الحزب الاشتراكي بأن موقفه سيكون حازمًا.

ولم يقتصر الرفض الإسپاني على بيان الحزب الحاكم إذ قال رئيس حكومة جزر الكناري الإسپانية ذاتية الحكم، أنخيل توريس، إن "إسپانيا لن تسمح للمغرب بمس ميل واحد من مياه الكناري".

واعتبرت صحف إسپانية مقربة من اليمين، مثل "أ ب س”" و"لاراثون" و"إيل موندو، أن المغرب يعتزم المسارعة إلى استغلال آبار الغاز والنفط في المنطقة، بمحاذاة جزر الخالدات (الكاناري)، الخاضعة للسيادة الإسپانية.[17]

تصريح رافقه نشر القوات الجوية الإسپانية پيديو قصير يظهر مقاتلات إف-18، تابعة لها، فوق جزر الكناري، ما اعتبرته تقارير إعلامية رسالة ضغط على المغرب. وهو ضغط صاحبه أنباء عن تأجيل المغرب التصويت على مشروعي القانونين.

لكن مسؤول بوزارة الخارجية المغربية، طلب عدم نشر اسمه، قال إن "مشروعي القانونين قيد الدراسة، وستتم إحالتهما إلى مجلس المستشارين للمصادقة عليهما".

ومن جهتها رفضت جبهة الپوليساريو مشروعي القوانونين، إذ تعتبر الجبهة أنه لا حق للمغرب في فرض السيادة على شواطئ الصحراء.

ودخلت الپوليساريو في نزاع مع المغرب حول السيادة على الصحراء، عام 1975، بعد انتهاء الاحتلال الإسباني للمنطقة، وتحول الأمر إلى مواجهة مسلحة توقفت عام 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، برعاية الأمم المتحدة. وتقترح الرباط حكمًا ذاتيًا موسعًا تحت سيادتها، بينما تدعو الپوليساريو إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر، التي تؤوي عشرات الآلاف من اللاجئين من الإقليم.

انظر أيضاً

معرض الصور


المصادر

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز Gerry O’Reilly, Ceuta and the Spanish Sovereign Territories: Spanish and Moroccan Claims, Durham University – IBRU, 1994.
  2. ^ Payne, Stanley G., A History of Spain and Portugal, Vol. 1, Chap. 10 "The Expansion"
  3. ^ أ ب ت ث ج {{{author}}}, Spanish territorial boundaries in northwest Africa, [[{{{publisher}}}]], 10 February 1958.
  4. ^ أ ب Robert Rézette (1976). The Spanish Enclaves in Morocco. Nouvelles Editions Latines. pp. 125–26.
  5. ^ {{{author}}}, Acta de demarcación de los límites de la plaza de Melilla: firmada en Tánger el 26 de Junio de 1862. Y acuerdo relativo a la conservación de las señales de aquéllos: firmado en Draa-Es-Seyet (enfrente a Melilla) el 14 de noviembre de 1863, [[{{{publisher}}}]], [[{{{date}}}]].
  6. ^ Treaty Between France and Spain Regarding Morocco, in: The American Journal of International Law, vol.7, no.2, Apr. 1913
  7. ^ "Morocco Restates Claim to Ceuta and Melilla". Expatica. 1 February 2006. Retrieved 18 May 2018.
  8. ^ "Gibraltar in Reverse". The Economist. 21 February 2002. Retrieved 18 May 2018.
  9. ^ Lewis, Martin W. (30 Aug 2010). "The World's Shortest Border". GeoCurrents. Archived from the original on 11 Aug 2018. Retrieved 22 June 2019.
  10. ^ Said Saddiki (2017). The Fences of Ceuta and Melilla in World of Walls: The Structure, Roles and Effectiveness of Separation Barriers. Open Book Publishers. pp. 125–26.
  11. ^ Building Fortress Europe? Schengen and the Cases of Ceuta and Melilla
  12. ^ "Spain: Accountability urged for 'appalling' migrant deaths in Ceuta". Amnesty International. Retrieved 8 November 2014.
  13. ^ "النزاعات الحدودية". فنك. 2020-02-27. Retrieved 2020-03-08.
  14. ^ عائد عميرة (2020-01-23). "أثر ترسيم المغرب حدوده البحرية على علاقته مع إسبانيا". نون بوست.
  15. ^ "بسبب النفط.. حرب ترسيم الحدود تتجدد بين المغرب وإسبانيا". قناة الحرة. 2020-01-23.
  16. ^ مهند أبوجحيشة (2020-01-01). "مد حدود المغرب البحرية للصحراء..رفض إسباني (تقرير)". وكالة أنباء الأناضول.
  17. ^ رضا النهري (2020-01-22). "اليمين الإسباني يقرع الطبول ضد المغرب بسبب الحدود البحرية". صحيفة الدار المغربية.

Coordinates: 35°54′20″N 2°06′05″W / 35.9056°N 2.1014°W / 35.9056; -2.1014