الاستشعار بالصدى (الحيوان)

تصوير إشارات الموجات فوق الصوتية المنبعثة من خفاش، والصدى المنبعث من الجس القريب.

الاستشعار بالصدى echolocation يمثل وسيلة للتوجه، يعتمد مبدؤها على إدراك الحيوان صدى أصوات يصدرها لهذه الغاية، فيتمكن بفضله من إدراك العوائق واقتناص الفرائس والإلمام بالوسط، إذ تتمتع الحيوانات بمجموعة رائعة من آليات فذة التصميم تستخدمها في الاتصال الحيواني [ر] ويستفيد من معرفتها العقل البشري في إنجازاته العلمية الباهرة في ميادين الاتصالات المتقدِّمة. والمهم هنا من هذه الآليات ما يعتمد على الأمواج الصوتية، بوصفها إشارات يستطلع الحيوان منها جانباً مهماً من الوسط الذي يعيش فيه، كما يستخدمها لغة للاتصال بين أفراد النوع الواحد. فالأصوات تبدي كل خصائص الحركة الموجية، وتصلح هذه الخصائص لنقل معلومات دقيقة عن الأجسام التي تبثها أو تعكسها ارتداداً فيما يسمى ظاهرة الصدى echo. إن من بعض الطرائق الفعالة التي تستخدمها الحيوانات للاستفادة من رجع الصدى ما يعرف باسم الاستشعار بالصدى، فالخفافيش مثلاً اهتدت في تاريخ تطورها إلى الاستفادة من رجع الصدى في تعرف عناصر بيئتها وتوظيفه في صوغ سلوكها ضمن بيئة قد يكون الصوت فيها الوسيلة المناسبة الوحيدة التي تتيح لها بلوغ أهدافها وتحقيق توجهاتها. وبهذه الوسيلة تمكنت الخفافيش من الطيران السريع في المسالك المعقدة والملتوية في كهوفها في الظلام، متفادية هوابط تلك الكهوف ومتحاشية اصطدام الأقران فيما بينها ومحققة الأداء الرفيع في الإنجاز.

وإذا كان للخفاش أن يعتمد صدى الأمواج الصوتية في الهواء وسيلة كفيَّةً في استشعاره وسلوكه، فإن الدلفين لا يقل عنه باعاً في الاستفادة من الأمواج الصوتية في الماء على نحو مشابه. فهناك الكثير من أوجه التشابه في الخصائص بين الأمواج المائية والأمواج الهوائية. صحيح أن الأمواج المائية تتخامد سريعاً وقد تشوشها التيارات المائية والرياح على صفحة الماء، ولكنها مع ذلك تصلح لحمل بعض المعلومات لما يستقبلها من الخنافس والحشرات المائية في البرك والجداول مثلاً. أما الصوت في الماء فإنه يختلف عن الضوء كوسيلة للاتصال والتوجيه داخل البحار والمحيطات والأنهار الكبيرة، لكونه يقوى على الانتقال داخل الماء شوطاً يفوق شوط اختراق الضوء للماء. وبالفعل فإن المحيطات التي تبدو صامتة، تضج بأنواع الأصوات التي تتبادلها الحيوانات البحرية أداءً وسمعاً ومدلولاً. وقد أمكن باستخدام التقانة المتقدمة تسجيل أصوات متنوعة تؤلف «مفردات» للاتصال فيما بين أفراد الدلفين، وإشارات لاستشعار البيئة من حولها. فالدلفين يجوب البحر بحثاً عن الطعام وهو يطلق صريراً ضعيفاً لا يمكن اكتشافه إلا بأجهزة الإصغاء الحساسة تحت الماء، ويتألف ذلك الصرير من سلسلة من قرقعات تتكرر بمعدلات مختلفة. ويزداد المعدل أحياناً ليصبح مثل صوت البَشْرِ rasp أو الأزيز. وتبين التجارب الموثوقة أن الدلفين يكتشف فريسته من السمك مما يستقبله من صدى الصرير الذي يبعثه باتجاه الفريسة بعد أن يرتد الصرير عنها. والأهم من ذلك أن الدلفين يميز هذا الصدى من الأصداء الأخرى المرتدة عن القاع والسطح والضفاف وكذلك عن الأحجار والنباتات المائية وغيرها مما هو موجود داخل الماء. ويستفيد الدلفين في دقة اكتشافه لصدى أصواته تحت الماء من حقيقتين: أولاهما اتساع مجال تواترات الأصوات frequency التي يطلقها وثانيتهما اتساع مدى السمع لديه. فلقد بينت الاختبارات أن الدلفين يسمع أصواتاً ينخفض تواترها إلى 150 ذبذبة في الثانية. كما يسمع أصواتاً يرتفع تواترها إلى 150000 ذبذبة في الثانية. أضف إلى ذلك أن الدلفين ربما امتلك في تاريخه التطوري أذنين ودماغاً تكيفت بدقة لفرز مكونات الصدى من المزيج المعقد للأصوات التي تطرق أذنيه.

وإن الخفافيش، لكونها حيوانات ليلية النشاط، تقضي نهارها قابعة في الكهوف وتطير ليلاً لاقتناص فرائسها، لا تملك العيون الكبيرة التي يتصف بها البوم وتمكنها من الرؤية في الظلام، بل تملك آذاناً كبيرة تستقبل أصداء أصواتها المتميزة؛ فالخفافيش تطلق في أثناء طيرانها دفقات صوتية عالية التواتر لا يسمعها الإنسان، بل يتعرفها بالأجهزة الإلكترونية المناسبة، كما تطلق أصوات ضوضاء يكاد أن يسمعها المرء بالإصغاء المجرد إن هو حاول ذلك، ويراوح تواتر هذه الأصوات الأخيرة بين 5000 ـ 10000 ذبذبة في الثانية. وإذا ما سُدَّ فم الخفاش أو أذناه بسدادات مناسبة، فإنه لايقوى على تفادي الاصطدام بالعوائق في بيئته ولا يتقن الوصول إلى فريسته والإمساك بها، وهكذا برهن غريفن Griffen على أن الخفاش يوجه نفسه في طيرانه بوساطة دفقات قصيرة من أصوات عالية التواتر «صرخات توجيهية» ترتد عن الأشياء الصلبة التي تصطدم بها، فتستقبل أصداءها أذناه ويعالج مدلولاتِها دماغه ويستجيب سلوكه في أداء رفيع الإنجاز.

تحليل الطيف الصوتي الذي تحمله صرخة الخفاش التي تفوق في تواترها حدود سمع الإنسان. يمثل الشكل العلوي صرختين لخفاش يطارد حشرة (الخطوط الثخينة) وأصداءها بين صرختين (الخطوط الرفيعة)، في حين يمثل الشكل السفلي صرختين لخفاش يحوم في السماء.

ولعل أبسط نماذج الصرخات التوجيهية هذه صرخات خفافيش نعل الفرس horseshoe bat ذات التواتر الوحيد الذي يراوح بين 60 ألفاً و 120ألفاً بحسب النوع. وتدوم الصرخة الواحدة مدة 50 - 100 ملي ثانية، أما الخفافيش آكلة الفواكه فإنها تطلق أصواتاً خاطفة (مدة الصرخة أقل من ثلاث ثوان) ذات تواترات تتفاوت بين 10 آلاف و150 ألف ذبذبة في الثانية.

اختلاف التواتر الصوتي لكل صرخة يطلقها الخفاش البني باتجاه فريسته بهدف استشعار ما يرتد عنها من صدى باتجاه أذنيه.


وكما يتضح، فإن صوت التوجيه الواحد (الصرخة) الذي يطلقه الخفاش البني brown bat يضم 50 موجة صوتية تقريباً، ولا يزيد الطول الموجي للأمواج الأولى على نصف الطول الموجي للأمواج الأخيرة في الصرخة الواحدة.[1].

ويستمر إصدار الحيوان لسلسلة الصرخات بوساطة الفم (أو عن طريق المنخرين في حالة خفاش نعل الفرس) بتكرار مختلف. فعندما يحوم الحيوان في الجو يكرر صرخاته بمعدل 5 ـ 30 صرخة في الثانية، وعندما يقترب من شيء ما في وسطه (ولاسيما في أثناء الانقضاض على الفريسة أو النزول إلى الأرض) يزداد تكرار الصرخات إلى حد أقصاه 250 صرخة في الثانية، كما يقل في الوقت نفسه زمن الصرخة الواحدة. وإنه لمما يلفت النظر أن فراشات الليل التي تعد الفرائس المفضلة لبعض أنواع الخفاش آكلة الحشرات تكون مزودة بكساء من الشعر يقلل الانعكاس الصوتي عن أجسامها، و يعيق ظاهرة استشعار الخفاش للصدى المرتد عنها، ،هذا ما يطلق عليه اسم «التمويه الصوتي» acoustic camouflage.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المبدأ الأساسي

Spectrogram of Pipistrellus Bat vocalizations. Detail is shown as the pulses transition to a faster repetition rate. The bat appears to use a hybrid pulse which combines a sharp falling frequency chirp with an extended constant frequency tail. Such a waveform may offer combined benefits of range estimation as well as Doppler shift detection. Spectrogram generated with Fatpigdog's PC based Real Time FFT Spectrum Analyzer.



المكالمات والبيئة

الميزات الصوتية

مزايا العلامة FM

Echolocation call produced by Pipistrellus pipistrellus, an FM bat. The ultrasonic call has been "heterodyned" - multiplied by a constant frequency to produce frequency subtraction, and thus an audible sound - by a bat detector. A key feature of the recording is the increase in the repetition rate of the call as the bat nears its target - this is called the "terminal buzz".

مزايا إشارة CF

البيئات الصوتية إشارات FM وCF

الآليات العصبية في الدماغ

الأذن الداخلية والخلايا العصبية الحسية الأولية

Inferior colliculus

القشرة السمعية

اسكتش لمناطق القشرة السمعية في مخ الخفاش.


الحيتان مسننة

مخطط يوضح توليد الصوت ونشره وتلقيه في حوت مسنن. الأصوات الصادرة باللون الأحمر والواردة بالأخضر.

Oilbirds and swiftlets

Shrews and tenrecs

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ "الاستشعار بالصدى". الموسوعة العربية. 2007.
  • [1]
  • Hiryu, S. et al. 2007. Echo-intensity compensation in echolocating bats (Pipistrellus abramus)during flight measured by a telemetry microphone. J. Acoust. Soc. Am. 121(3): .
  • Schnitzler, H.U. and Flieger, E. 1983. Detection of oscillating target movements by echolocation in the Greater Horseshoe bat. J. Comp. Physiology. 153: 385-391.
  • Zupanc, G.K.H. 2004. Behavioral Neurobiology: An Integrative Approach. Oxford University Press: Oxford, UK.
  • Simmons, J.A. and Stein, R.A. 1980. Acoustic Imaging in bat sonar: echolocation signals and the evolution of echolocation. J. Comp. Physiol. A. 135: 61-84.
  • Neuweiler, G. 2003. Evolutionary aspects of bat echolocation. J. Comp. Physiol. A. 189: 245-256.
  • Jones, G. and Teeling, E.C. 2006. The evolution of echolocation in bats. Trends in Ecology and Evolution. 21(3): 149-156.
  • Fenton, M.B. 1995. Natural History and Biosonar Signals. In: Hearing in Bats. Popper, A.N. and Fay, R.R. (eds.). Springer Verlag. New York. pp. 37–86.
  • Grinnell, Alan D. (1995). Hearing in Bats: An Overview. In: Hearing in Bats. Popper, A.N. and Fay, R.R. (eds.). Springer Verlag. New York. pp. 1–36.
  • Reynolds JE III & Rommel SA (1999), Biology of Marine Mammals, Smithsonian Institution Press, ISBN . Authoritative work on marine mammals with in depth sections on marine mammal acoustics written by eminent experts in the field.
  • Au, Whitlow W. L. (1993). The Sonar of Dolphins. New York: Springer-Verlag. Provides a variety of findings on signal strength, directionality, discrimination, biology and more.
  • Pack, Adam A. & Herman, Louis M. (1995). "Sensory integration in the bottlenosed dolphin: Immediate recognition of complex shapes across the senses of echolocation and vision", J. Acoustical Society of America, 98(2), 722-733. Shows evidence for the sensory integration of shape information between echolocation and vision, and presents the hypothesis of the existence of the mental representation of an "echoic image".
  • Anderson, J.A. (1995) An Introduction to Neural Networks. MIT Press.
  • Carew, T. (2001). Behavioral Neurobiology. Sinauer Associates, Inc., USA.
  • Hopkins, C. (2007). Echolocation II. BioNB 424 Neuroethology Powerpoint presentation. Cornell University, Ithaca NY.
  • Ketten. D.R. (1992) The Marine mammal ear: Specializations for aquatic audition and echolocation. In: The Evolutionary Biology of Hearing, D. Webster, R. Fay, and A. Popper (eds.), Springer-Verlag, pp. 717–750.
  • Ketten, D.R. (2000) Cetacean Ears. In: Hearing by Whales and Dolphins. W. Au, R. Fay, and A. Popper (eds.), SHAR Series for Auditory Research, Springer-Verlag, pp. 43–108.
  • Wilson, W. & C. Moss (2004) in Echolocation in Bats and Dolphins, J. Thomas, C. Moss, eds. pp. 22-.
  • Moss C. & Sinha S. (2003). Neurobiology of Echolocation in Bats. Current Opinion in Neurobiology, 13(6), 751-758.
  • Pollak G. et al. (1977). Echo-detecting characteristics of neurons in inferior colliculus of unanesthetized bats. Science, 196: 675-678.
  • Schuller, G. & Pollack, G. (1979). Disproportionate frequency representation in the inferior colliculus of Doppler-compensating greater horseshoe bats: Evidence of an acoustic fovea. Journal of Comparative Physiology A. 132: 47-54.
  • Speakman J., Racey, P. No cost of echolocation for bats in flight. Nature, 350: 421-423
  • Suga, N., Niwa H., Taniguchi I., Margoliash D. (1987). The personalized auditory cortex of the mustached bat: adaptation for echolocation. Journal of Neurophysiology, 58: 643-654.
  • Suga N., O'Neill W.E. (1979). Neural axis representing target range in the auditory cortex of the mustache bat. Science, 206: 351-353.
  • Suga N, Simmons JA and Jen PH. (1975) Peripheral specialization for fine analysis of doppler-shifted echoes in the auditory system of the "CF-FM" bat Pteronotus parnellii. Journal of Experimental Biology, 63: 161-192.

Surlykee A, Elisabeth K.V. (2008) Echolocating bats Cry Out Loud to Detect Their Prey. PloS One 3(4); e2036.. doi10.1371/journal.pone.ooo2036


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وصلات خارجية