الاتجاهات النقدية في علم الاجتماع المعاصر

الاتجاهات النقدية في علم الاجتماع المعاصر

ثمة مسميات كثيرة ظهرت في السنوات العشر الاخيرة للاتجاهات المعاصرة في علم الاجتماع ،منها الاتجاه الراديكالي ،والاتجاه الماركسي الجديد ، والهيجلي الجديد، واليسار الجديد .وبينها جميعا تباينات في المنطلق النظري ، او رفض التنظير القائم، على ان الملمح المشترك بينها جميعا هو بروز عنصر النقد كعنصر اساسي في محاولة تجديد علم الاجتماع وتحريره. ويتراوح هذا النقد ما بين نقد فكرة او مفهوم او قضية نظرية، أو خاصية نوعية في ظاهرة او عملية اجتماعية، وبين رفض كل التنظير القائم، والبحث عن اخر جديد، ويتراوح ايضا بين رفض ظاهرة او مجموعة من الوقائع، وبين رفض النظام القائم برمته ،ويدلل على هذا ان بعض الباحثين في علم الاجتماع يعتبرون انفسهم راديكاليين مثلا لمجرد انهم يخالفون الاتجاه العام السائد في الفكر السوسيولوجي او في منهج البحث. والبعض الاخر يعتبر ان التعبير عن المعارضة –أخلاقيا-للسياسات الاقتصادية كاف لتصنيفهم راديكاليون. وهناك اخرون يرون ان اي موقف نقدي من النظم الاجتماعية يعتبر موقف راديكالياً حتى ولو كان هذا النقد لايؤدي الى اكثر من الدعوة لمجرد احداث بعض الاصلاحات التكنوقراطية. ولهذا يرى من اهتم بالاتجاه من الكتاب العرب ان يقتصر تعريف الراديكالية على الموقف النقدي من المسلمات والاسس التي تنهض عليها النظريات السوسيولوجية التقليدية وما يرتبط بها من مناهج، وأيضا من الأسس التي تنهض عليها النظم الاجتماعية، مع تقديم مسلمات بديلة وتصورات لنظم بديلة، على ان يتم هذا على أساس التحليل العلمي والشواهد التاريخية والأدلة الامبريقية. وهذا التعريف يتفق تقريبا مع المعني الأكثر استخداما للراديكالية. ففي دائرة معارف العلوم الاجتماعية تحدد الراديكالية بوصفها مركبا متفاعلا لمكونات ثلاثة يتمثل الأول وهو الأكثر أهمية في وجود موقف أو اطار فكري نحو نظام محدد في مجتمعمن المجتمعات أو نحو النظام العام social للمجتمع في كليته وشموله. ويتركز الثاني في وجود فلسفة محددة وبرنامج عمل للتغيير الاجتماعي يضع في حسبانه التبديل لكل ماهو قائم واستبدال غيره به. وأما المكون الثالث فيؤكد ضرورة تحديد الأهداف والمفهومات من خلال تصورات ديموقراطية وانسانية تعلى العام والخاص والمجموع على الفرد. وهذا التحديدان السابقان يساعدان في استخلاص عدد من الأمور الهامة:

1-ان ليس كل محاولة نقدية -مهم كانت حدودها ومبتغاها –تعد راديكالية ،وان كان اي موقف راديكالي يتضمن النقد بالضرورة .

2-ان علم الاجتماع الذي تكتمل مقوماته، لايمكن -علميا وموضوعيا-الا أن يكون راديكالياً، فالاطار التصوري ، والموقف من الواقع القائم والرغبة في التغيير ،في ضوء تغليب العام على الخاص والاجتماعي على الفردي ،هي جوهر علم الاجتماع .

3-وان التعرف الحقيقي للتنمية-في ضوء معنى التنمية وتوجهاتها العلمية –لايمكن ان يكون تعريفا راديكاليا .فلا توجد تنمية حقيقية غايتها المحتفظة على اوضاع التخلف كلها أو حتى بعضها .

4-وثمة نقطة اكثر اهمية بالنسبة للعمل الراهن ، وهي انه مادامت الجهود النقدية المعاصرة لم تطرح بديلا نظريا لما هو قائم في تراث علم الاجتماع. فمعنى هذا ان احد شروط تحديد الراديكالية قد سقط ، وبالتالي يعد التفاعل بين مكوناتها الثلاثة المذكورة ناقصا ، الامر الذي يجعل الجهود القائمة نقدية حقيقية ، لكن اما تمسكت بالماركسية قديمة او حديثة ،او طالبت بالافادة منها مع غيرها من النظريات، كما هو الحال فيما يمكن تسميته بالتيار النقدي الليبرالي ،الاكثر جنوحا نحو اخذ موقف على يسار النظرية الليبرالية التقليدية المتمثلة في الوظيفية .ولهذا يعتبر تعبير راديكالية تعبيرا مجازيا لفظيا اكثر من انه اشارة الى موقف سوسيولوجي نظري متكامل العناصر. ويصبح الاصطلاح مقبولا فقط اذا قصد به اجرائيا الجهود القائمة –الماركسية الجديدة والنقدية بوجه عام-. ونظرا لان العمل الراهن يركز على الاتجاهات النظرية في علم الاجتماع فلن تهتم قصدا بالاراء الواردة المتناثرة هنا وهناك ،والتي لاتشكل ملامح اتجاهات اساسية نقدية حتى ولو صنفت-لفظيا- على انها راديكالية. وأما الماركسية الجديدة Neo-marxist فهي بالاساس تنطلق من الاطار التصوري والمنهجي للماركسية ،وايضا من القوانين العامة للتطور الاجتماعي وتأتي حداثتها من انها تعيد قراءة الماركسية، محاولة توضيح مسارات عمل القوانين النوعية للتطور الاجتماعي، ومن خلال المعطيات الجديدة –تفصيلا-التي يفرزها الواقع الاجتماعي المتغير في هذا المجتمع او ذاك ونظرا لاستلهامها للاساس المعرفي والايديولوجي العام للماركسية فهي ايضا رافضة، ساعية للتغيير. وهذا يعني ان كل موقف ماركسي جديد يعني بالضرورة موقفا نقديا أو راديكاليا، وان كان كل موقف راديكالي لايعني أن صاحبه ماركسي جديد فقد تكون له فلسفة مغايرة في التغيير بعد البحث والفهم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الماركسية الجديدة وعلم الاجتماع

مع أن اصطلاح ماركسية جديدة ليس محببا لدى عدد غير قليل من الماركسيين، لانهم سيقولون لك على الفور: إما أن يكون الفكر ماركسياً أو لا يكون، وإذا استمر اصرارك فسيقال لك: إما أن تكون ماركسياً على الفور أو تحريفياً، ومع أن الاجابة على سؤال ما هي الماركسية الجديدة، وبالتالي ما هو الماركسي الجديد؟ تعد هامة علمياً واخلاقياً، لأنها اجابات تساعد في تحديد الفرق الموضوعي بين التجديد والتحريف في هذه النظرية، ولأن المبالغة في الجانب الاول قد تنقل الناقد للجانب الثاني –التحريفي-ولو بحسن نية مع هذا يستخدم الاصطلاح ويتكرر استخدامه مع أننا لم نلحظ اجتهادات محددة واضحة –في حدود ما أتيح- على هذا الطريق ويرجع هذا الى تعقد الموقف واختلاط كثير من جوانبه. فليس كل ناقد مهاجم للمجتمع البورجوازي ولعلم الاجتماع البورجوازي يعد ماركسيا جديداً، وليس كل ناقد للماركسية مؤكد انه متمسك باطارها وقضاياها العامة ماركسيا جديداً. وأحيانا يبالغ البعض بوجود عدة صور واشكال للماركسية. منطلقا من اختلاف تجارب التطبيق بين الصين وكوبا ويوغسلافيا مثلاً كما فعل ألڤن گولدنر في كتابه ("الأزمة المقبلة لعلم الاجتماع الغربي"، 1970) حتى الحدود بين ما هو ماركسي تقليدي –إن جاز التعبير-وبين الماركسي الجديد أصبحت غامضة ومختلطة من كثرة ما أثير حول هذا التوجه، حتى أن من يصنفون على انهم ماركسيون جدد من قبل آخرين لم يصنفوا هم أنفسهم كذلك على اعتبار أنه لا توجد نظرية نهائية تماماً، فالواقع يتغير دوما وحدود المعرفة تواصل اتساعها، والأساس في أية نظرية علمية استيعابها للحقائق الجديدة. وإلا تحولت إلى بناء سكوني جامد منفصل عن الواقع. ومعنى هذا أن قدرة الماركسية على استيعاب ما يستجد لا يسم الجهود المستندة إلى اطارها بأنها جديدة. ولهذا سأحاول تقديم تعريف اجرائي للماركسية الجديدة ييسر خطة السير، ويمكن مناقشته في آخر التناول من خلال دراسة بعض القضايا التي تصنف على أنها تنتمي للماركسية الجديدة وهذا التعريف يرى:

1-أن الماركسية الجديدة تسلم ابتداء بمفهومات الماركسية ومنطقها المنهجي والقوانين العامة التي توصلتاليها كما وضحها روادها المؤسسون.

2-أن الماركسية الجديدة تنطلق من الحقائق الجديدة التي يفرزها الواقع او بعبارة اكثر دقة تتعامل مع القوانين النوعية للتطور الاجتماعي .

3-أن الماركسيين الجدد يمكن ان يكونوا كل من التزم بالبندين الاولين وأتى بعد الرواد المؤسسين وقدم اسهاماً على طريق فهم المعطيات والحقائق الجديدة بشرط الايخرج عن الاطار العام المعرفي والايديولوجي للنظرية. وفي ضوء هذا التعريف تم استبعاد كل من لا تنطبق عليه أبعاده وشروطه. وتجدر الاشارة الى ان نشأة هذا النمط الفرعي من الفكر الماركسي أتى استجابة لوجود تجارب ناجحة لتطبيق الماركسية في الدول النامية وبصفة خاصة يعد ظهور أناس من أمثال ماو استطاعوا أن يغيروا واقع مجتمعاتهم. وإذا كان الماركسيون الجدد يتميزون –تعريفا-عن الماركسيين التقليديين الذين يرون أنه لم تحدث في العالم تغيرات كافية تقتضي اعادة النظر في أسس الماركسية فانه يمكن التمييز في صفوف الجدد بين رجال التنظير والفكر أمثال باران Baran وسويزي Sweezy وماگدوف Magdoff وفرانك Frank، وبين رجال الفكر والممارسة أمثال ماو وكيم إيل سونج وفانون.

وفيما يلي بعض القضايا التي أثيرت من قبل أنصار من يعدون توجههم ماركسياً جديداً. وسوف نحاول الاشارة اليها من خلال امثلة محددة أظن أنها أكثر تكراراً من غيرها، حتى يتسنى بعد ذلك الوقوف على أهم الملامح المميزة لهذا الاتجاه:


1- مكان علم الاجتماع من النسق الماركسي

من ابرز القضايا التي اثارها المشتغلون بعلم الاجتماع الذين ينطلقون من الماركسية قضية العلاقة بين علم الاجتماع والنسق الفكري الماركسي، على اعتبار ان ماركس نفسه رفض استخدام مصطلح sociology الذي صكه أوجست كونت ولم يأت هذا الرفض تقليلا من اهمية العلم ودوره، وإنما من بنائه وممضمونه وتوجهاته ووظائفه كما كانت سائدة ايام ماركس ،فضلا على رغبته في دحض تجزئة الواقع وتفتيته من خلال علوم اجتماعية جزئية، تهدم الصورة البنائية الكلية. وإذا كنا هنا لسنا بصدد مناقشة هذا الموقف، فالمهم انه افضى الى طرح عدد من التساؤلات وردود الافعال حول العلاقة بين المادية التاريخية وعلم الاجتماع، هل تعد هي بذاتها علم الاجتماع؟ أم ينظر إليها بوصفها اطاره النظري الذي يوجهه؟ وفي كلتا الحالتين ماهي وظيفة علم الاجتماع العلمية والمجتمعية؟

أتت الاجابة على هذه التساؤات متباينة فقد رأى البعض ان المادية التاريخية في جوهرها نسق سوسيولوجي، وبالتالي يجب فصل المادة التاريخية عن بقية مكونات النسق الماركسي، ورفض بعض ثان هذه الوجهة من النظر مطالبا بأن تكون المادية التاريخية الاساس النظري والمنهجي للعلم، وبالتالي تكون هناك حاجة الى خلق علم اجتماع جديد، أو حتى عدة علوم اجتماع –فروع لعلم الاجتماع على الطريقة الأمريكية –تتوازى مع المادية التاريخية وتستند اليها في الوقت نفسه، وثمة بعضٌ ثالث رأي وجوب فصل المادة التاريخية عن مكونات الماركسية، ثم التمييز بين الجوانب الفلسفية والسوسيولوجية في النظرية. ومع وجود هذه المحاولات فإن الاصل في التمييز بينها ليس المواقف الشخصية وإنما الاطار الاساسي للفكر الماركسي نفسه فمثلا ذهب (لينين )الى ان المادية التاريخية مكون اساسي من مكونات الماركسية، لايمكن عزله وفصله إلا لأهداف الفهم والدراسة، وهي-المادية التاريخية –كل لا يتجزأ يمثل النظرية السوسيولوجية الاساسية لعلم الاجتماع العلمي. واذا وضعنا مثل هذا التحديد في الحسبان، فإننا نجد ان المحاولات المختلفة كان الكثير منها اقرب الى التحريف منه الى التجديد .

لقد بذلت محاولات ولاتزال تبذل اخريات لتجزئة النظرية، توطئة لصناعة توليف جديد يفضي إلى اذابة هذا الفكر في غيره من صنوف الفكر الغربي . وهذه مسألة اتصور ان بعضا ممن اطلقوا على انفسهم حينا (ماركسيون جددا)اسهموا فيها بوعي اوبلا وعي . على ان التصور الماركسي الجديد يؤكد على ضرورة الاهتداء بالمادية التاريخية لقيادة البحوث السوسيولوجية وتوجيهها موضوعا وتصميما، مع الافادة من الاساليب الفنية البحثية التي توصل اليها العلم، مع ملاحظة أن لا يمسخ علم الاجتماع الى نوع من السيكلوجيا او الى دراسات جزئية، بل لابد ان يكون علما بنائياً، له توجهات مستقبلية، وتكون مهمة البحث ساعية الى اثراء النظرية وتطويرها، بما يجعلها أكثر قدرة على استيعاب الوقائع والمعطيات الجديدة. وهذا لا يأتي إلا بالتخطيط لدراسة القضايا البنائية والظاهرات المجتمعية، النوعية والعامة، المحلية، العالمية.

2-قضايا الطبقات الاجتماعية وادوارها في التغيير

يبدأ الماركسيون الجدد تناولهم لمسائل الطبقات الاجتماعية بالتأكيد على ان ماركس اكسب التصور العام للطبقة الاجتماعية معنى سوسيولوجيا فتصوره ليس استاتيكيا سكونيا كما فعل السابقون عليه كما انه جعل من الطبقة مقولة تحليلية وتفسيرية لكثير من الظاهرات الاجتماعية فضلا عن تحديده لها تحديدا موضوعيا من خلال موقعها من نظام الانتاج ،والتنظيم الاجتماعي للعمل، ولم يقع في منزلق تحديدها من خلال مؤشرات لاحقة لوجودها، وبصفة اساسية ومع التسليم بالاطار العام النظري والمنهجي للماركسية في تناول المسائل الطبقية، فالبعض يرى بأن ماركس نفسه لم يضع تعريفا للطبقة فالتعريف الشائع هو ذلك الذي صاغه (لينين) والذي رأى فيه الطبقات (جماعات من الناس تحتل مواقع متماثلة –نسبيا-في نظام الانتاج الاجتماعي ...الخ) وذلك لان ماركس في الجزء الثالث من رأس المال عنى بمحددات الطبقة فقط. ويحاول البعض ايضا ان يشير إلى أن تقسيم (ماركس) للطبقات حصرها في اثنتين اساسيتين –المستغِلة والمستغـَلة –دونما اهتمام بتفصيلات وحصر للطبقات في المجتمعات المعاصرة . وأما النقطة الاخيرة فتتعلق بمسألة الدور الثوري للبروليتاريا وهي مسألة اصبحت من وجهة نظر البعض بحاجة الى اعادة نظر، خاصة بعد التطورات التى طرأت على الطبقة العاملة في المجتمعات الرأسمالية المعاصرة، وبعد الحقائق التي افرزتها التجارب النوعية لبعض المجتمعات ، كالصين مثلا حين اضطلع الفلاحون بدور الثوري، وليس البروليتاريا. هذه اهم القضايا التي أثارها عدد من الماركسيون الجدد، الذين من بينهم على سبيل المثال وليس للحصر هربرت ماركيوز وفرانز فانون وربحي ديبري؟ ويشترك ثلاثتهم في اعادة تقويم الدور الثوري للطبقة العاملة فـماركيوز يشكك في مقدرتها على انجاز الفعل الثوري نتيجة للحراك الذي طرأ عليها في المجتمعات الصناعية المعاصرة، كالمجتمع الامريكي، لذلك علق حدوث الدور الثوري على جهود جماعات اخريات كالملونين والمتعطلين، أو المضطهدين بصفة عامة، كما حاول فانون ان يبرز الدور الثوري للفلاحين وليس دور الطبقة العاملة، محاكيا في هذا ماسبق ان اسهم به ماوتسي تونغ في نظرية الطبقة الاجتماعية.

3-الوعي بالواقع والوعي بالممكن بين (لوكاش) و(جولدمان )

في تصويره لعلم الاجتماع يشير جولدمان الى انه بقدر مايقتصر علم الاجتماع على دراسة الصور والاشكال الاجتماعية ،فإنه يعجز عن فهم المجتمع وتقديمه لنا . وتجدر الاشارة إلى أن لوكاش وجولدمان لا يدينان جميع الاحكام التي قدمها العلم البورجوازي ذلك لان ثمة احكاما تقويمية قدمتها البورجوازية التقدمية في نضالها ضد الاقطاع، مثل الحرية، لكنهما يريان معا ان علم الاجتماع هو علم الكليات الاجتماعية، في جوهرها ودينامياتها، ولهذا فافتراض وجود بناءات ثابتة لايقل خطأ عن التوجهات التجزيئية في العلم البورجوازي. فالبناء الاجتماعي هو دائما عملية دينامية للبناء والهدم وهذا يقتضي اعادة النظر دوما في النماذج النظرية والاطر التصورية. وفي هذا اقتراح في بحثه (الجدل اليوم) تغير مفهوم الرأس مالية الى الامبريالية لدى لينين وروزا لوكسمبورج، وهذا الاخير يجب ان يعدل لكي يعكس الطبيعة المنظمة للرأسمالية العصرية المتقدمة. اعتبر لوسيان جولدمان أن تطوير جورج لوكاش لمفهوم الوعي ممكن هو اسهامه الاساسي في علم الاجتماع، فهو أكثر من غيره من المفهومات، يعد نقطة ارتكاز منهجية جدلية للبحث السوسيولوجي لهذا اعتبر (جولدمان) الوعي عملية دينامية ومحافظة في الوقت نفسه، فهي دينامية عندما يحاول الانسان مد نشاطاته الى العالم من حوله ومحافظة عندما يحاول ان يحافظ على بناءات الفكرة الداخلية . لقد افرد جولدمان فصلا كاملا من كتابه "الابداع الثقافي والمجتمع الحديث -سوسيولوجية البنية الكلية العصرية" (1971) لكي يوضح ان مصطلح الوعي الممكن يمكن ترجمته الى الوعي المحسوب لجماعة اجتماعية معينة.

المرجع

  • عبد المعطي، عبد الباسط (1998). اتجاهات نظرية في علم الاجتماع. الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.