الأعاجيب الثماني للمنظومة الشمسية

في هذا المقال، يحلّق بنا الفنّان R.ميلّر في أجواء ثمانية من أكثر المشاهد حبسا للأنفاس التي تنتظر المستكشفين الشجعان لمنظومتنا الشمسية. وربما تكفي ضخامة هذه الأعاجيب الطبيعية لتقزيم جميع ما يمكن للأرض أن تبديه من ظواهر. فما الذي يمكننا أن نشاهده أو نستشعره لو كتب لنا السفر إلى تلك الأصقاع البعيدة؟ لقد تمكنت «عين الفنان» من إحكام الربط بين البيانات التي أرسلتها المسابر الفضائية، مثل كاسيني (1) الذي أطلقته الوكالة «ناسا» لاستكشاف نظام زحل، وميسينجير(2) الذي تمكن من الطواف حول «عطارد» ثلاث مرات، وهو يستعد لاتخاذ مدار دائم حوله في الشهر3/



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حلقات زحل

Saturn circles.jpg


أنت تخترق الآن الطبقة السفلية(3) لجو زحل، وتحلّق تحت أضخم بنية حلقية في المنظومة الشمسية. وليس ثمّة إلا القليل من المشاهد التي يمكنها أن تكون أكثر منه إثارة للدهشة والذهول. وهذه الحلقات البيضاء الجليدية، تحلّق على ارتفاع 75 ألف كيلومتر فوق رأسك. وتشعّ الحلقة ضوءها لتضيء به جميع ما ينتشر حولك. وسوف ترى ستة أقمار هلالية على الأقل وهي تشرق في السماء. وعند غياب الشمس، يتناثر ضوؤها ويتشتت عند اصطدامه بسديم من بلورات الأمونيا بشكل قوس قزح صغير. وسوف تحيط بك غيوم الأمونيا التي تتهادى قريبا منك بسرعة 1500 كيلومتر في الساعة. وهي تعد واحدة من أسرع السحب اندفاعا في المنظومة الشمسية برمتها. وعلى مسافة تحتك تُقدر بأكثر من 30 ألف كيلو متر، لا يمكن لأي شيء من صنع البشر أن يصمد في الضغوط التي تسودها، ينتشر محيط كوكبي من الهدروجين المعدني السائل. ولا شك في أن الهبوط فوق هذا الكوكب لن يتحقق أبدا.



البقعة الحمراء للمشتري

Jupeter red spot.jpg

ربما يكون من العسير على المسافر أن يتصور المقياس الدقيق لأضخم إعصار التفافي في المنظومة الشمسية. ومن هذه النقطة المتميّزة، لا يمكن مشاهدة أكثر من مجرّد قطاع صغير من البقعة الحمراء العظمى (إلى اليسار في الصفحة المقابلة). وهي ترتفع نحو ثمانية كيلومترات على الأقل فوق السحب المجاورة. ويمكن للصواعق المضيئة التي تنشأ أسفل الغيوم أن تسحق مدينة كاملة وتحوّلها إلى حطام. وتندفع الرياح التي تنشأ على تخوم الحافة الخارجية للإعصار الالتفافي بسرعة تزيد على 400 كيلومتر في الساعة. وتتم البقعة دورة كاملة بعكس اتجاه دوران عقارب الساعة كل سبعة أيام. وتكون الاضطرابات الناتجة من هذه العاصفة الهوجاء هائلة، وتكفي الموجات الصوتية الصادرة عنها للإصابة بالطرش. ويمكن لكوكبين على أقل تقدير، يماثل حجم كل منهما حجم الأرض، أن يَغْرَقا تماما في لُجَّة هذه العاصفة الهوجاء والتي ما فتئت تهبّ على النصف الجنوبي لكوكب المشتري قبل 400 سنة على الأقل.

الوديان المريخية - المرّيخ

Martian vallies.jpg

طالما تملّكت الناس مشاعر الدهشة والذهول عندما يزورون «أخدود أريزونا الكبير»(4)، وهو إحدى الأعاجيب التي سيصادفها الزائر الأول لوادي المرّيخ(5) عندما يمعن النظر في أخدوده. يبلغ عمق هذا الأخدود ستة كيلومترات ونصف، ويصل عرضه إلى قيمة مماثلة، وهذا يجعل من العسير عليك رؤية طرفه الآخر من بعض الأماكن. ويمكن لهذا الصدع التكتوني tectonic crack الهائل أن يمتد في الولايات المتحدة من نيويورك إلى كاليفورنيا، وهذه مسافة تعادل ربع محيط الأرض. ولهذا السبب يتأخر شروق الشمس في أحد طرفيه نحو ست ساعات عن شروقها في طرفه الآخر. وكان الماء ذات مرّة يجري عبر أجزاء كبيرة من هذا الأخدود. وفي هذا المشهد، يمكن للمسافر أن يرى غشاوة جليدية تملأ الوادي عند غياب الشمس فوق تخوم الحافة الشمالية.

الينابيع الفوّارة لإنسيلادوس

Effervescent springs Enceladus.jpg

هذه واحدة من الظواهر التي يمكنك أن تستشعرها قبل أن تراها: إنها قعقعة خافتة تتردد عميقا في صدرك وتحدث تحت قدميك، من دون أن تكون مصحوبة بالصوت. ولا يلبث الثوران البركاني أن يظهر عندما تنفجر نافورتان جليديتان هائلتان عبر سطح إنسيلادوس وهما تقذفان ببلورات الجليد في الفضاء بسرعة تزيد على 1600 كيلومتر في الساعة. وشمسنا البعيدة هي التي تضيء هذا الاضطراب الصامت. وإنسيلادوس، الذي يعدّ سادس أضخم أقمار زحل، والذي لا تزيد قوة جاذبيته على 16/1 من قوة جاذبية قمرنا، لن يكون عالما يسهل المشي فوقه؛ وقد يحتاج المتنزّهون هناك إلى ربط الأحزمة المجهّزة بمحركات نفّاثة، وأن يحرصوا على تجنّب الاقتراب من الوديان التي تنشأ فيها النوافير العنيفة.

ينابيع تريتون الفوّارة

Triton fountains sparkling.jpg

وسوف يندهش زوّار تريتون، وهو الأضخم في مجموعة أقمار الكوكب نپتون، عند رؤيتهم صفيفا من النوافير الشديدة البرودة والتي ربما تتكوّن من عنصر جليد النتروجين وبعض المركبات العضوية الداكنة. ويمكن سماع أصوات النوافير ذات المظهر الدخاني من مواقع تبعد عنها بضعة كيلومترات أثناء اندفاعها إلى ارتفاع يتجاوز 8000 متر ضمن الغلاف الجوي الرقيق لتريتون قبل أن تكسحها الرياح العاتية. ويغطي الميثان والنتروجين الجليدي هذا العالم الذي تنخفض فيه درجة الحرارة إلى ما دون 200 درجة مئوية تحت الصفر.

قمم الضوء السرمدي

Eternal lights.jpg

ثمة ظاهرة فريدة (في الأسفل). ليس بعيدًا عن أرضنا، وبالتحديد فوق قمرنا، ففي عام 1994 اكتشفت «قمم الضوء السرمدي» على «فوهة بيري»(6) المتاخمة للقطب الشمالي، وهي تمثل القطاع الوحيد والذي لا تغيب عنه الشمس في المنظومة الشمسية (يمكن أن تكون هناك قطاعات مماثلة فوق عطارد إلا أنها لم تشاهد حتى الآن). وتنشأ هذه الظاهرة غير العادية لأن محور دوران القمر حول نفسه لا ينحرف إلا قليلا عن المستوي المشترك لمداره ومدار الأرض حول الشمس. وهذا الموقع الذي سيتحول دون شك إلى عامل جذب للسائح الفضائي، سوف يستضيف أيضا أول قاعدة قمرية. واختلاف درجات الحرارة في هذه المنطقة طفيف، ربما لا يتعدى 20 درجة مئوية، وهذا يجعل منها مكانا مثاليا للإقامة. ويمثل احتمال وجود جليد الماء هناك ميزة إضافية.

فوهة هرشل على ميماس

Msmap-H11.jpg

لو أن متسلّقي الجبال المغامرين صعدوا إلى القمة في مركز فوهة هرشل الواقعة على سطح قمر زحل ميماس (في اليمين)، لوجدوا أنفسهم على ارتفاع 6000 متر فوق أرضية الحوض. وعند النظر إلى حافات الفوهة التي ترتفع إلى نحو 5000 متر، وبمشاهدة مغيب زحل في خلفية المشهد (في اليسار)، فسوف يستغرب المسافرون إلى هذا المكان كيف تمكَّن ميماس من الصمود أمام هذا الاصطدام الذي أدى إلى تشكيل منخفض يبلغ عرضه 13 كيلومترا أو ما يقارب ثلث قطر القمر ذاته.

شروق الشمس على عطارد

Sunrise on mercury.png

يعدّ شروق الشمس وغروبها على كوكب عطارد من المشاهد الجديرة بالمتابعة. والشمس التي ترى في السماء من عطارد أكبر بنحو مرة ونصف من حجمها عند النظر إليها من الأرض، تبدو وهي تشرق وتغرب مرتين خلال يوم عطارد. وهي تشرق ثم تسير في السماء، ثم تتوقف، وتعود إلى الوراء باتجاه الأفق الذي أشرقت منه، ثم تتوقف مرة أخرى، لتبدأ رحلتها من جديد نحو أفق المغيب. يحدث هذا المشهد الفضائي لأن عطارد يدور حول نفسه ثلاث دورات خلال كل دورتين له حول الشمس، وأيضا لأن مداره حول الشمس مفلطح جدا.


مصمم الرسوم

<R.ميلّر> مؤلف ومصمم رسوم أكثر من 40 كتابا بما فيها «الرحلة العظمى»(7) و«دورات النار»(8) وكلاهــما من تأليــف عالــم الكواكــب.

والفـنـان <W.كارتمان> وهو أيضا من الكتّاب السابقين لمجلة ساينتفيك أمريكان(9)، وقد حاز على جائزة هوگو(10) لكتاباته في أدب الخيال العلمي، وأيضا على جائزة رودو ميموريال(11) من الرابطة الدولية للفنّانين الفلكيين.


المؤلف

Edward Bell

هو المدير الفنّي لمجلة ساينتفيك أمريكان.


انظر أيضا


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر