اتفاقية الحكم الثنائي للسودان

(تم التحويل من اتفاقية الحكم الثنائي)

اتفاقية الحكم الثنائي (19 يناير 1899) بين بريطانيا والخلافه العثمانيه وسمحت بموجبها برفع العلم البريطاني فوق السودان ومن نصوص الاتفاقية:

  • رفع العلم البريطاني على ألاراضي السودانية.
  • يكون الحاكم العام للسودان بريطانياً .
  • إلغاء الامتيازات الأجنبية في السودان.

وقد استمر الحكم الثنائي حتى 1 يناير 1956.

قال البعض إن تلك الإتفاقية استعماراً مصرياً بريطانياً للسودان ولكن المدقق في الأمر يجد إن مصر كانت محتلة ولا تملك من أمرها شيئاً وظهر هذا الأمر في الأمر البريطاني بإخراج الجيش المصري من السوادن بعد اغتيال السير لي ستاك حاكم عام السودان كما إن عودة الجيش المصري للسوادن كان طبقاً لإتفاقية الآستانة الموقعة بين بريطانيا والسلطان العثماني.

كذلك دخول مصر للسودان في المرة الأولى كان بأمر من الخليفة العثماني لواليه في مصر محمد علي باشا. ما إن تمكنت القوات البريطانية المصرية بقيادة الجنرالين كتشنر وونجت من القضاء على دولة المهدية في معركتي كرري وأم دبيكرات في عام 1898 - 1899 حتى ظهرت قضية تحديد مستقبل السودان السياسي. فبريطانيا التي هيمنت آنذاك على شؤون مصر والسودان هيمنة فعلية، لم ترد ضم البلاد لممتلكاتها لأسباب متعددة، أهمها أن ذلك سيشكل عبئاً مالياً ثقيلاً على خزانتها. وكذلك لم ترد بريطانيا ضم السودان لممتلكات الإمبراطور العثماني على أن يحكمه خديوي مصر باسمه - كما كان الحال قبل انتصار الثورة المهدية في 1885 - لأسباب، أهمها أن ذلك سيحرم بريطانيا من السيطرة على السودان ذي الموقع الاستراتيجي الهام لأمن الإمبراطورية وسلامتها. وفي الواقع إن بريطانيا أرادت أن تخلق في السودان نبتاً شيطانياً يمكنها من السيطرة الفعلية على شؤونه، على أن تتكفل مصر بتبعات ذلك الاحتلال المالية مقابل منحها بعض الامتيازات الثانوية فيه. وقد تم ذلك من خلال اتفاقية الحكم الثنائي التي فرضتها بريطانيا على مصر، ووقعها اللورد كرومر - مهندس هذه الاتفاقية - وقنصل بريطانيا في مصر (1883 - 1905) وبطرس غالي وزير الخارجية المصري في 19 يناير 1899. وبالرغم مما فيها من مآخذ اعترف بها كرومر نفسه، شكلت هذه الاتفاقية - التي سميت اتفاقية الحكم الثنائي - آلية الإدارة الاستعمارية البريطانية في السودان طوال سيطرتها عليه لأكثر من خمسين عاماً. ولعل أهم مواد هذه الاتفاقية - التي أقامت نظاماً لم يكن له مثيلٌ في القانون الدولي - أنها ركزت كل السلطات المدنية والعسكرية في يد ضابط بريطاني سمي »الحاكم العام«. إذن فإن تسمية تلك الحقبة بـ»العهد الثنائي الأنجليزي - المصري« تسمية مبهمة وغير دقيقة، إذ أن بريطانيا كانت هي الحاكم الفعلي للبلاد طوال تلك الفترة التي تعرف الآن بالعهد الاستعماري الثاني للسودان ¤رسمت حدود السودان

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أزمة الحكم الثنائي

في عام 1924 تم اغتيال السير لي ستاك حاكم عام السودان في شارع أبو الفداء بالقاهرة وتم إثر ذلك بداية الأزمة بين عناصر الجيوش المصرية والبريطانية إذ قررت الثانية مسؤلية الأولى في الحادث وترتب عليها إخراج الجيش المصري من السودان. ومما زاد تعقد الوضع هو تضامن عدد من الضباط السودانيين مع المصريين واندلعت في البلاد ما سمي بثورة 24 بقيادة علي عبد اللطيف وآخرون. تم إخماد الثورة وقتل قادتها وأسر علي عبد اللطيف ثم نفيه في عام 1925م لاحقا إلى مصر وتم طرد عناصر الجيش المصري من السودان. دللت أزمة ثورة 24 على أن الوجود المصري بالسودان لم يكن استعماراً مصرياً بل احتلالاً بريطانياً للسودان.


الحركة الوطنية والحكم الثنائي

الحركات الوطنية أولا:- حادثة دينية سجلها التاريخ بحادثة الشكابة عما 1899م وكان يجلس فيها أبناء المهدي . ظنت بريطانيا انها تهدد حكومتها على السودان ؛ لأن الناس يتجمعون بكثرة ولذلك اعدمو جميعا إلا عبد الرحمن المهدي لأنهو كان صغيرا. حركة عبد الكريم في 1901. وفي عام 1908 كانت حركة ود حبوبة بارض الحلاوين الذي تحدى اوامر الحكومة بعد إقامة تجمعات للأنصار وقتل مفتش المركز المسلمية البريطاني ومأمور القسم المصري. والذي أعدم شنقا في الكاملين وعلق جسده في حله مصطفى قرشي بالحلاوين فانتسب الأمن من بعد ذالك للحكم التركي المصري حتى نهاية الحرب العالمية الأولى لطبيعة احتلال السودان النادرة جاءت الحركة الوطنية تحمل ملامح تلك الطبيعة فانقسم السودانيون إلى استقلاليين يريدون الانضمام إلى دول التاج البريطاني، وإلى اتحاديين يريدون وحدة وادي النيل ودولة واحدة مع مصر بعد استقلالها من البريطانين.

وبما أن السودان قد إقتسمته الطائفية منذ أمد فإنها سارعت لتشارك في الوضع الجديد فقامت طائفة الأنصار برئاسة السيد عبد الرحمن المهدي، البريطاني الهوى، باحتضان الاحزاب الاستقلالية وعلى رأسها حزب الامة، وقامت طائفة الختمية بزعامة السيد علي الميرغني باحتضان الأحزاب الاتحادية وعلى رأسها حزب الأشقاء (بعد إندماجه في «حزب الشعب الديمقراطي» ليصبح ، الوطني الاتحادي )، ثم الحزب الاتحادي الديمقراطي. كما تنازعت مصر وبريطانيا هذه الأحزاب وبقوة وأخذت كل واحدة منهما تدعم من تراه يوافق مصالحها ويقترب من سياساتها.

النضال ضد الاستعمار في الحركة الوطنية الحديثة

لقد كانت الحركة الوطنية السودانية ومنذ (نوادي الخريجين)، ومرورا بـ مؤتمر الخريجين، منقسمة إلى ثلاثة أقسام: القسمان الكبيران اتجه كل منهما إلى طائفة من الطوائف الكبيرة (الختمية، الأنصار) وكان لكل منهما إتجاه سياسي إما (الوحدة مع مصر) وبدرجات متفاوتة بين الوحدة والإتحاد، والاتحاد الاسمي، وإما الاستقلال وبدرجات متفاوتة (استقلال تحت التاج البريطاني) أو ضمن (التعاون البريطاني). القلة فقط هي التي كانت ترفض هذا الاتجاه وتنادي بالاستقلال التام عن الدولتين.

فيما بعد، وبعد أن بدأ النشاط السياسي لمؤتمر الخريجين بمذكرته الشهيرة، ظهرت الانقسامات بصورة كبيرة ورويدا رويدا بدأت الحركات السياسية والأحزاب تنشأ بعيدا عن المؤتمر حتى أفرغت المؤتمر من عضويته واضطر في عام1953 إلى أن ينتهي تلقائيا.

بدأ مؤتمر الخريجين حركته السياسية بارسال مذكرة إلى الحاكم العام في شأن الوضع في السودان وآفاق استقلاله ولقد جاءت المذكرة ضعيفة من حيث الشكل ومتهاونة وبلغت أن ختمها كاتبها ب (خادمكم المطيع)! ومع هذا فإن الحكومة الإنجليزية رأت في المذكرة تطاولا وتدخلا من المؤتمر في أمر لا يعنيه ورأت الحكومة أن المؤتمر لا حق له في التحدث نيابة عن السودانيين خصوصا وأنه مؤتمرا للخريجين فقط لا غير.[1]

يقول دوقلاس نيوبولد السكرتير الإداري إنه شرع منذ فبراير 1942 في دراسة وصياغة مقترحات بشأن إشراك السودانيين في الحكومتين المحلية والمركزية غير أن بعض العوامل تدخلت لتوقف عمله. وقد كان من بين هذه العوامل المذكرة التي رفعها المؤتمر للحاكم العام في 3 أبريل 1942. وفي 10 سبتمبر 1942 تقدم نيوبولد بمذكرة إلى مجلس الحاكم العام بشأن إشراك السودانيين في الحكم. وقد تضمنت المذكرة عددا من التوصيات كان من بينها ما يلي:

  1. إنشاء مجلس استشاري لشمال السودان.
  2. التوسع في إنشاء مجالس مدن بسلطات تنفيذية واستقلال مالي.
  3. إنشاء مجالس مديريات استشارية.
  4. التوسع في استخدام السودانيين في الحكومة المركزية ولجان المديريات.
  5. تسريع احلال السودانيين محل البريطانيين.

وقد أجاز مجلس الحاكم العام تلك التوصيات باعتبارها خطوات نحو الحكم الذاتي وانتقالا من سياسة الوصاية إلى سياسة المشاركة.[2]

في 4 نوفمبر 1945 قام حزب استقلالي آخر وهو الحزب الجمهوري[3] ونشط في توزيع المنشورات و تحريك الجماهير ضد المستعمر. بعدها بدأ الناس يؤمنون بفكرة الكفاح ضد الاستعمار وبدأت حملة الاعتقالات التي طالت رجال المؤتمر والأحزاب فيما بعد.[2]

نهاية الحكم الثنائي

كانت بريطانيا قد قطعت وعدا بإعطاء مستعمراتها حق تقرير المصير عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية. وبالطبع فإنها صارت تماطل في انجاز هذا الوعد خصوصا وأنها كانت تخشى استئثار مصر بالسودان ولهذا فإنها لعبت دورا كبيرا في تقوية الاتجاه الاستقلالي حتى استقطبت له أكبر رأس اتحادي وهو الرئيس الراحل (إسماعيل الأزهري). في عام 1952 اندلعت ثورة يوليو بمصر وأطاحت بالحكم الملكي وبدأ الوضع السياسي يتغير في كل المنطقة. وفي عام 1956 مفتتح يناير، قرر الرئيس جمال عبد الناصر استقلال السودان ومنحها السلاح والكوادر والجنود المصريين تم اعلان استقلال السودان رسميا جمهورية ديمقراطية مستقلة وسط فرحة المصريين وتحت دعم جمال عبد الناصر.

الهامش

  1. ^ راجع منصور خالد:قصة بلدين راجع أيضا محمود محمد طه: السفر الأول
  2. ^ أ ب فيصل عبد الرحمن علي طه:الحركة السياسية السودانية
  3. ^ انظر المقالات التالية: الفكرة الجمهورية والاخوان الجمهوريون ومحمود محمد طه