214 هـ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أحداث

  • وفيها توجه عبد الله بن طاهر بن الحسين على إمرة خراسان وأعطاه المأمون خمسمائة ألف دينار وكان عبد الله من آداب الناس وأعلمهم بأيام الرب وسيأتي ذكره في سنة ثمان وعشرين ومائتين عند ذكر وفاته. وكان من أخصائه وأخصاء والده عوف بن محلم الشاعر اختصه بمنادمته طاهر بن الحسين فلما مات طاهر اعتقد عوف أنه يخلص من قيد الملازمة فلوى عبد الله بن طاهر هذا يده عليه وتمسك به واجتهد عوف التخلص منه فلم يقدر حتى خرج عبد الله من العراق يريد خراسان وعوف عديله يسامره ويحادثه فلما شارفوا الرى سحرة وقد أدلجوا فإذا بقمرى يغرد على سروة بأشجى صوت وأرق نغمة فالتفت عبد الله إلى عوف فقال ألا تسمع هذا الصوت ما أرقه وأشجاه قاتل الله أبا كثير الهذلي حيث يقول [1]:
ألا ياحمام ألا يك فرخك حاضر وغصنك مياد ففيم تنوح

فقال عوف أيها الأمير أحسن واله أبو كثير وأجاد أنه كان في هذيل أربعون شاعراً من المحسنين دون المتوسطين وكان أبو كثير من أشعرهم وأشهرهم وأذكرهم وأقدرهم قال عبد الله أقسمت عليك ألا أجزت هذا البيت فقال أصلح الله الأمير شيخ مسن وأمل على البديهة وعلى معارضة مثل أبي كثير وهو من قد علمت فقال سألتك بحق طاهر ألا أجزته فقال:

أفي كل عام غربة ونزوح أما للنوى من ونية فيريح
لقد طلح البين المشتر كائبي فهل أرين البين وهوطليح
وأرقني بالري شجو حمامة فنحت وذو الشوق المشت ينوح
على أنها ناحت ولم تذر عبرة وتحت وأسراب الدموع سفوح
وناحت وفرخاها بحيث تراهما ومن دون أفراخي مهامه فيح
ألا يا حمام الأيك فرخك حاضر وغصنك مياد ففيم تنوح
أفق لا تنح من غير شيء فأنني بكيت زماناً والفؤاد صحيح
ولوعاوشطت غربة دار زينب فها أنا أبكى والفؤاد قريح
عسى جود عبد الله أن يعكس النوى فتضحي عصا التطواف وهي طليح
فأن الغني يدنى الفتى من صديقه وعدم الفتى بالمقترين طروح

فاستعبر عبد الله ورق له لما سمع من تشوقه إلى أولاده وقال يا أبا محمل ما أحسن هذا حتى نرجع إلى أهلك وأمر له بثلاثين ألف درهم تققة ورحله ورده من موضعه فأدركته المنية قبل وصوله إلى أهله ولما رده عبد الله قال عوف:

يا ابن بدلتني بالنشاط وبلغتها قد أحوجت سمعى إلى ترجمان
وعوضتني من زماع الفتى وهمه هم الهجين الهدان
وهمت بالأوطان وجداُ بها وبالغواني أين مني الغوان
فقرباني بأبي أنتما من وطني قبل إصفرار البنان
وقبل منعاي إلى نسوة أوطانها حوران والرقتان
حبا قصور الشادباخ الحيا من بعد عهدي وقصور المبان

وهذه القصور التي ذكرها كلها بمرو ونيسابور وهي مساكن آل طاهر وكان عوف يألفها لكثرة غشيانه إياها ومقامه معهم فيها فلذلك دعا لها ومن شعر عوف:

وكنت إذا صحبت رجال قوم صحبتهم وشيمتي الوفاء
فأحسن حين يحسن محسونهم وأجتنب الإساءة أساءوا
وأبصر ما يريبهم بعين عليها من عيونهم غطاه

وكان عوف من بلغاء الشعراء وفصائحهم واختصت به بنو طاهر ولزمهم لمزيد ميلهم إليه وكثرة منحهم له كأبي الطيب مع بني حمدان غير أن عوفاً لم يلحقه طمع أبي الطيب الذي فارق له بني حمدان.


مواليد

وفيات

المصادر

  1. ^ ابن العماد. شذرات الذهب في أخبار من ذهب.
الكلمات الدالة: