فخري العمري

فخري العمري

فخري علي محمود العمري الملقب بـ أبو محمد (و. 1936 - ت. 14 يناير 1991) سياسي فلسطيني ساهم بتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وكان أحد قادتها، إغتيل في تونس مع كل من صلاح خلف (أبو أياد) وهايل عبد الحميد (أبو الهول). شارك في قيادة عدد من العمليات الخاصة والنوعية وكان رئيس قسم العمليات والاغتيالات بمنظمة أيلول الأسود. شارك بالتخطيط لعملية اغتيال وصفي التل، وصاحب فكرة عملية ميونخ وقاد عملية الرباط في 1974، واعتقل مع 13 فدائيا، وأفرج عنه مع رفاقه بعد تدخل أبو إياد. تمت محاولة لاغتياله في لبنان سنة 1978 وضعت له سيارة مفخخة وفي داخلها 150 كيلو جرام من مادة تي ان تي وتم اكتشاف السيارة من قبل إحدى المحلات التجارية وجرت محاولة ثانية لاغتياله في يوغسلافيا سنة 1979 فقد على أثرها السمع بالأذن اليمنى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النشأة

فخري (أبو محمد) العمري.

ولد العمري في مدينة يافا عام 1936، يعود اصله إلى عائلة العمري المعروفة والتي تمتد في ربوع فلسطين والعالم العربي ويرجع في نسبه الي الحفيد السابع للخليفة والصحابي عمر بين الخطاب ( علي بن عليل والموجود ضريحه في قرية الحرم ( قرب يافا )، وذلك حسب وثيقة النسب العمرية المصدقة من دولة الخلافة العثمانية. ويقع ترتيبه الثالث بين الإخوة الذكور، حيث يكبره أخيه محمود، وربحي، ويليه كل من شوقي، وفوزي، وأحمد بالإضافة إلى أختين هما فتحية، وانشراح. عمل والده في تجارة الحمضيات، حيث كان يسكن حي العجمي المعروف. وترعرع في أسرة مناضلة فوالده كثيرا ما كان يدعم ثورة ال36 وجماعة الشيخ حسن سلامة في منطقة يافا والقرى المحيطة بها، وكثيرا ما كان يشاهد اخواه الأكبر منه محمود، وربحي، وهما عائدان إلى المنزل مصابان إثر المواجهات التي كانت تندلع بين العرب واليهود في يافا وتل أبيب وكثيرا ما شاهد بأم عينيه سلال الخضرة التي كان يحملها أخواه إلى المقاتلين محملة بالقنابل والأسلحة بأعوام ال46 وال47، وعايش الشهيد أبو محمد، وشاهد كيف كانت قوات الاحتلال الإنجليزي تقتحم منزلهم لاعتقال أخويه وتخريب محتويات المنزل وبث الرعب في أهله وجيرانهم، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في بث وزرع روح الوطنية والانتماء فيه منذ نعومة أظافره.


الهجرة واللجوء

بعد اندلاع حرب 1948 هاجرت أسرته عبر مرفأ يافا هربا من المجازر الصهيونية واستقر بالأسرة الحال في مدينة بورسعيد المصرية ووجد نفسه في خيمة بالية هو وأسرته في أرض غريبة ينتظرون توزيع الطعام عليهم وهم الذين كانوا أعزاء في بلادهم!. لهذا لم يدم بقائهم كثيرا في هذا المخيم فقد قرر الأب العودة إلى فلسطين مهما كلف الأمر فقد لمس فخري رفض الأسرة لهذا الوضع من خلال والدته التي كانت دائما ما توزع المواد الغذائية وخاصة (الحلاوة) على الجنود المصريين الذين يتولون حراسة المخيم، لقد بقيت هذه المشاهد والصور في ذاكرته إلى يوم رحيله ولم يستطع أن ينسى محاولات والده وإخوته المستميتة من أجل العودة إلى التراب الفلسطيني حتى تمكنوا جميعا من العودة إلى قطاع غزة، واستقر بهم الحال جميعا في مخيم البريج للاجئين.

التكوين الفكرى والنضالى

بعد الاستقرار في مخيم البريج، كان لابد من توفير مصدر رزق للأسرة التي فقدت كل ما تملك في يافا، لهذا عمل الأخوان محمود وربحي لتأمين إعاشة الأسرة وتم إلحاق كل من فخري و فوزي وشوقي وأحمد بالمدارس على أن يعمل كل منهم في اى عمل فترة الأجازة الصيفية، ولما كان فخري ذو موهبة كبيرة في الرسم والخط العربي فقد عمل فترات الأجازة في تخطيط اليافطات لواجهات المحلات، وهو ما ساعد الأسرة شيئا ما بالإضافة لعمل إخوته الأمر الذي مكن الأسرة من الانتقال إلى مدينة غزة والسكن في منطقة الصبرة بالقرب من شارع عمر المختار في منزل مستأجر لعائلة الحسيني. في هذه الفترة تشكل الوعي السياسي والنضالي لفخري العمري حيث تعرف على صلاح خلف، الذي كان يكبره بثلاثة أعوام، وأصبح من أقرب أصدقائه، تلك الصداقة التي دامت عشرات السنين، حتى اغتيلا معاً. أثر صلاح خلف في فخري العمري تأثيراً كبيراً وأسهم إسهاما كبيرا في نشر الفكر الوطني تمهيدا لتأسيس حركة فتح، كما عمل على استقطاب الشباب الوطني ليكون نواة التأسيس لحركة وطنية فلسطينية خالصة هى حركة فتح. في هذه الفترة تبلور الفكر الثوري لدى فخري العمرى الذي كان مولعاً أيضا بالرياضة والفتوة الأمر الذي مكنه من تنظيم العديد من الشباب الوطني، من خلال النوادي الرياضية الذين سيصبحون بعد ذلك نواة الخلايا العسكرية التابعة لفتح في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

المشاركة في تأسيس حركة فتح

في عام 1959 انطلق إلى المملكة العربية السعودية للإقامة والعمل، ولم ينقطع اتصاله بصلاح خلف الذي انتقل هو الآخر للعمل بالكويت، وحينما تبلورت فكرة فتح تم تكليف العمري بالبدء في تأطير وتنظيم الشباب الفلسطيني لصالح التنظيم الجديد في السعودية، والكويت بعد ذلك إلى إن ترك عمله وتفرغ للعمل والتحضير للانطلاقة الثانية للحركة عام 1967، حيث تم إيفاده للمشاركة في أول دورة أمنية أوفدتها حركة فتح منتصف العام 68 ضمت عشرة من الرعيل الأول المؤسس للمؤسسة العسكرية والأمنية الفلسطينية، وقد شارك في هذه الدورة فخري العمري، وعلي حسن سلامة، ومحمد داوود عودة، ومجيد الأغا، وغازي الحسيني، ومهدي بسيسو، ونزار عمار، وشوقي المباشر، ومريد الدجاني، حيث تم توزيع عمل هؤلاء القادة الأمنيين فيما بعد تحت مسؤولية كل من ياسر عرفات، وخليل الوزير ،وصلاح خلف، وتمت هذه الدورة في معهد البحوث الإستراتيجية التابع للمخابرات العامة المصرية والمتخصص في تخريج قادة العمل الامنى والعسكري. وبعدالإنتهاء من الدورة، والعودة إلى الأردن، بدأ التحضير لتأسيس جهاز الرصد التابع للثورة الفلسطينية تحت قيادة صلاح خلف فتم تكليف فخري العمري يعاونه ومحمد داوود عودة بمكافحة التجسس داخل حركة فتح، حيث كلف فخري العمري عودة بالاهتمام بملف كشف العملاء داخل فتح وموافاته بأدق التفاصيل ومن ثم إطلاع صلاح خلف، بينما تفرغ هو لتأسيس وإنشاء الجهاز العسكري الضارب للثورة الفلسطينية وما يتبع ذلك من التدقيق في الاختيار والانتساب والجاهزية والتدريب للعمليات التي سيتم التحضير لها فيما بعد للضرب بيد من حديد على أعداء الثورة الفلسطينية.

أيلول الأسود

بعد أحداث أيلول الأسود التي تعرضت لها الفلسطينينيون بالأردن كان هنالك رأي بضرورة إعادة الهيبة للثورة الفلسطينية من ناحية ومن ناحية أخرى معاقبة كل من تلوثت يداه بدماء الشعب الفلسطيني، ولما كانت حركة فتح تريد أن تنأى بنفسها عن أي أعمال يمكن أن تفسد عليها ما حققته من إنجازات على الصعيد الدولي والعربي فقد كان لابد من انطلاقة جديدة تمثله منظمة تمارس من أجل تحقيق هدفين رئيسين:

1- قطع الطريق على أي طرف عربي يريد إلغاء الثورة الفلسطينية خاصة الملك حسين.

2- القيام بعمليات عبر العالم ضد اسرائيل لإعادة البريق للقضية الفلسطينية وطرحها مجددا على العالم بصيغة جديدة تقول (لا راحة في العالم إن لم تحل القضية الفلسطينية) من أجل هذا ظهرت منظمة أيلول الأسود لتحقيق أهداف محددة ولم يكن العاملين فيها سوى أبناء جهاز الرصد الذي أسسه صلاح خلف في الأردن.

أبرز العمليات

شارك فخري العمري بتخطيط وتنفيذ العديد من العمليات، وكان يعمل تحت مسؤوليته العديد من الكوادر الأمنية والعسكرية ومئات من العناصر التي أشرف على تدريبهم في المعسكرات التابعة لأيلول الأسود خاصة في ليبيا، وشمال لبنان.

اغتيال وصفي التل

28 نوفمبر 1971 هو التاريخ الذي حددته قيادة أيلول الأسود لاغتيال رئيس وزراء الأردن وصفى التل أثناء مشاركته في اجتماع مجلس دفاع الجامعة العربية بالقاهرة. وكان المنفذون هم:عزت أحمد رباح، منذر خليفة، زياد الحلو، جواد البغدادي وتقدم عزت رباح من وصفي التل وهو يتجول في ردهة شيراتون القاهرة وافرغ رصاصات مسدسه في جسد التل وسط ذهول حراسه والوزراء العرب الذين سارعوا بالاختباء، وعلى الفور اعتقل الأمن المصري الشباب المنفذين وشرع في التحقيقات فورا، في الوقت التي أعلنت أيلول الأسود عن مسؤوليتها عن العملية، حيث توجهت أنظار الأمن المصري إلى أبو يوسف النجار وهو الأمر الذي نفاه التحقيق حيث أعلنت صحف القاهرة وعلى رأس الصفحة الأول أن (المتهم الأول والعقل المدبر للعملية وقائد المجموعة هو المتهم الفار فخري العمري). وما أن أذاعت الصحافة نتائج التحقيق حتى توجهت قوة من المخابرات الأردنية إلى منزل أبناء عمه في عمان واعتقلت كل من (زكى العمري)، وأخيه (منصور العمري) واقتادتهما لجهة غير معلومة ثم عمدت إلى اغتيالهما وإلقاء جثتيهما في حي الشميسانى انتقاما لقتل وصفى التل، ومنذ ذلك اليوم بقى فخري العمري مطلوبا للنظام الملكي الاردنى حتى تاريخ استشهاده عام 1991، بينما اضطرت السلطات المصرية الإفراج عن الفدائيين المنفذين للعملية تحت تأثير الضغط الشعبي الذي أعتبرهم أبطالا من أبطال الشعب الفلسطيني، وتجدر الإشارة هنا إلى أن (أبو داوود) والذي أرخ لبعض عمليات أيلول الأسود في كتابه من القدس إلى ميونخ لم يأتي على ذكر هذه العملية ومسؤولية أيلول عنها، وأقر دائما بأنه لا يعرف منفذيها، ولا شك في أنه صادق في هذا، حيث أنه لم يكن عضوا في أيلول الأسود في ذلك الوقت، وإنما تم ضمه لاحقا للمنظمة بترشيح من فخري العمري، وبموافقة صلاح خلف وشارك مشاركة متواضعة في عملية ميونخ كما سيتضح فيما بعد بالرغم من مزاعمه (أنه العقل المدبر لها).

محاولة اغتيال زيد الرفاعي

في 15 ديسمبر 1972 تمت محاوله لإغتيال سفير الأردن في لندن زيد الرفاعي، على يد فدائي جزائري من أعضاء ايلول الأسود، كان قد تلقى تدريبه في معسكرات المنظمة في ليبيا لكنه لم يتمكن من قتل الرفاعى وإنما إصابه في يده وفر هاربا. ثانيا محاولة

عملية ميونخ

5 سبتمبر 1972 تمت عملية ميونخ والتي تعد من أهم وأكبر العمليات التي قامت منظمة أيلول الأسود بتنفيذها ضد اسرائيل، وكان العمري أنه صاحب فكرة العملية والمخطط الأول لها والمدرب الأوحد للشباب المنفذين لهذه العملية البطولية الكبيرة، والمسئول المباشر لهم.

وتبدأ فصول هذه العملية الجريئة حينما رفضت اللجنة الأوليمبية قبول طلب فلسطين بالانضمام والمشاركة في بطولة الألعاب الأوليمبية في ألمانيا، ولما كان العمري رياضياً قديماً ومهتما بشؤون الرياضة فقد ساءه كثيرا ألا يرى علم بلاده يرفرف بين الأمم المشاركة بينما تشارك إسرائيل، لذلك أقترح على صلاح خلف استغلال هذا الحدث الرياضي الكبير والقيام بعملية كبيرة داخل القرية الاوليمبية يكون الهدف الأساسى لها للفت الانتباه للقضية الفلسطينية، من خلال احتجاز أفراد البعثة الرياضية الإسرائيلية، والمطالبة بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين من سجون الاسرائيلي. في البداية لم يستحسن صلاح خلف الفكرة وقال له مازحا أنت مجنون!. فأجاب العمري "ألم يكن تأسيس الثورة الفلسطينية جنونا، في ظل ظروف لم تكن لصالحنا ومع ذلك نجحنا" طلب منه اصلاح خلف إعداد تصور عام عن العملية، والإمكانيات المتاحة لذلك. بدأ فخري بوضع تصور بالغ الدقة والتنظيم حول العملية قبل بدء دورة الألعاب بعدة أشهر حيث قام بجمع المعلومات الأزمة حول البعثة الإسرائيلية، وكانت متوفرة في الصحافة الإسرائيلية، والعالمية حيث أعلن عن خمسة عشر رياضيا إسرائيليا سوف يشاركون في الألعاب بالإضافة إلى الطاقم الفنية لذلك قدر العمري أعضاء البعثة بحوالي 35 شخصا، وبالتالي كان تقديره أن يتم تجهيز 12 مقاتلاً متمرساً على درجة عالية من التدريب بغرض تنفيذ هذه العملية، أما الأسلحة فستكون عبارة عن رشاشات أوتوماتيكية من نوع K47 مع أعداد وافرة من المخازن الإضافية والقنابل اليدوية وأسلحة بيضاء وأشرطة لاصقة للتعامل مع الأسرى بعد احتجازهم، أما بخصوص جمع المعلومات عن القرية الاوليمبية فكان لابد من الاستعانة بأشخاص من جنسيات مختلفة وعلى الأخص الإيطاليين، والفرنسيين، والجماعات الأجنبية الأخرى المتعاونة أو المناصرة للثورة الفلسطينية لأن هؤلاء بطبيعة الحال لا يثيرون الشكوك أثناء تنقلاتهم في القرية الاوليمبية بسبب ملامحهم الأوروبية. وبعد عرض التصور العام عن العملية على صلاح خلف وافق على الفور وأبلغه بالاستعداد لمرافقته إلى إيطاليا، وبلغاريا لترتيب هذه العملية وبعض الأمور الاخرى الخاصة بالتحرك السياسي لفتح على الساحات الأوربية.

وبتاريخ 15 يوليو 1972 حملتهما الطائرة إلى روما وهناك تم الاتصال بفرق جمع المعلومات الأوروبية العاملة مع المنظمة، وتجميعهم في روما لتكليفهم بعملية جمع المعلومات غن القرية الاوليمبية في ميونخ وهناك أقترح العمري على أبو إياد استدعاء صديقهما القديم (أبو داوود)، وأحد أعضاء أيلول من بلغاريا وتكليفه هو الأخر بجمع المعلومات عن القرية الاوليمبية خاصة وانه موجود في بلغاريا بلا أي مهمة فلا بأس من أن تتقاطع معلوماته مع معلومات المصادر الأخرى.

فوافق أبو إياد وتم استدعاء أبو داوود إلى روما وفى اللقاء الذي تم بين الثلاثة أجل أبو أياد إطلاع أبو داوود على مهمته في ميونخ وأقتصر الأمر بأن أعطاه فخري العمري التعليمات بخصوص صفقة الأسلحة المنوي شرائها من البلغار وخاصة الرشاشات المزودة بكاتم صوت وقائمة أخرى من الأسلحة يعود بها أبو داوود إلى بلغاريا لتسليمها إلى المسئولين البلغار على أن ينتظرهما هناك. بعد ذلك قام أبو إياد وأبو محمد بزيارة (وائل زعيتر) - (والذي اغتيل فيما بعد على يد الموساد انتقاماً لعملية ميونخ) وتم اللقاء بين المجموعات الأوروبية لجمع المعلومات في منزله وتم تكليف كل منهم بمهامه.

وبتاريخ 25 يوليو 1972 وصل صلاح خلف وفخري العمري إلى صوفيا واصطحبا أبو داوود لمقابلة المسئولين البلغار وأتموا صفقة الأسلحة وعادوا إلى الفندق وهناك أطلعا أبو داوود على مهمته التي تقتصر على جمع مايمكن من معلومات عن الإجراءات الأمنية في القرية الأوليمبية وأماكن تواجد البعثة الإسرائيلية ومداخل ومخارج القرية ونقاط المراقبة الأمنية ونقاط الضعف. على أن يعود فخري العمري لملاقاته بعد نحو أسبوعين في ميونخ. بتاريخ 7 أغسطس 1972 وصل فخري العمري إلى ميونخ مصطحباً معه (يوسف نزال – الملقب بـ شي جيفارا)، وهو من تلاميذ أبو علي إياد، وشارك معه في معارك جرش، وعجلون في الأردن ثم انتقل إلى قاعدة عسكرية قرب النبطية في لبنان، والتحق للعمل مع أبو إياد في شباط 72، ثم تم فرزه للعمل مع العمري فقد كان مقاتلا متمرسا وعلي دراية كبيرة بفنون الحرب و القتال المختلفة لهذا تم ترشيحه لقيادة مجموعة الفدائيين التي ستهاجم ميونخ وتحتجز الفريق الأولمبي الإسرائيلي، فقد ارتأى العمري إنه لابد من اصطحاب (شي) معه ليعاين بنفسه مكان العملية والتشاور في كيفية الدخول إلي هناك وتنفيذ المهمة. استقبلهما أبو داوود، وبعد الراحة والتعارف انتقل ثلاثتهم لمعاينة القرية بعد أن استمع أبو محمد لتقرير أبو داوود فوجدها غير كافية خاصة وأن الفريق الأوروبي أورد معلومات مهمة لابد من التأكد منها ومقاطعتها مع معلوماتنا الخاصة. عند المعاينة اكتشفوا أن السور الحديدي عاليا بدرجة قد لا تسمح بتسلقه دون إحداث صوتا قد يلفت الأنظار إليهم، كما أن عدد الفدائيين كبيرا، فكيف سيدخلون بأسلحتهم وعددهم هذا دون لفت النظر إليهم ؟، وعادوا جميعا بعد ذلك إلي الفندق لمتابعة دراسة العملية علي أن يعودوا ليلا علهم يجدون مخرجا، وتوجهوا مساءا لمعاينة القرية من الخارج واللف حول السياج الحديدي في محاولة منهم لإيجاد نقطة ضعف في السياج، ولكن بلا جدوى، إلي أن وجدوا الحل في أحد الفرق الرياضية (الغير منضبطة) تتسلق السياج الحديدي بملابسهم الرياضية ويحمل بعضهم البعض علي مرآي من الحراس الألمان، بل الأكثر من ذلك إنهم كانوا يرجونهم على استحياء بضرورة التقيد بمواعيد القرية وعدم التأخير مرة أخري، لم يكن صعبا علي الثلاثة استلهام فكرة الدخول إلي القرية من هؤلاء الرياضيين المنفلتين، وسيستلزم ذلك فقط شراء ملابس رياضية وشنت رياضية كبيرة لوضع الأسلحة فيها بدلا من المعدات الرياضية! أمضي ثلاثتهم بعد ذلك الأيام التالية في تحديد الفنادق التي سينزل الفدائيين فيها (اثنين- اثنين)، وكذلك المطاعم والمقاهي التي سينتظرون فيها في الساعات التي ستسبق العملية. بتاريخ 12 أغسطس 1972، غادر أبو محمد العمري، ورفيقه (شي) إلي ليبيا لموافاة بقية الفدائيين في معسكر التدريب هناك، والذين تم اختيارهم بعناية شديدة من معسكرات فتح في طرابلس (لبنان) (شمال لبنان). أما أبو داوود فقد غادر إلي لبنان لأن أبو إياد كان في حاجة إلي جواز سفره الأردني من أجل (تزوير التأشيرة الألمانية) لمجموعة أيلول الفدائية، وقد قام بذلك (أبو الوليد العراقي) الذي مكن كافة مناضلي فتح والثورة الفلسطينية من الدخول إلي دول العالم بجوازات وتأشيرات علي درجة عالية من الدقة والحرفية في التزوير. بتاريخ 17 أغسطس 1972 عاد أبو داوود إلي ميونخ في انتظار الفدائيين القادمين من ليبيا والأسلحة التي سيتولى أبو إياد بنفسه إدخالها إلي ألمانيا. وتم إدخال الأسلحة بتاريخ 24 من ذات الشهر، وصل أبو إياد إلي مطار فرانكفورت برفقة ثري فلسطيني ورجل أعمال معروف بدعمه للثورة الفلسطينية هو (علي أبو لبن) وكذلك امرأة اسمها ( جولييت ) لعبت دور زوجة أبو إياد بينما كان أبو داوود في الخارج يراقبهم من بعيد واستمر في مراقبتهم بعد الخروج من المطار، ووصولهم إلي الفندق للتأكد أنهم ليسو مراقبين، وقد شاهد بعينيه أبو إياد يفتح الحقائب بعد أن أصر رجال الجمارك علي ذلك، وكيف أنه نثر أمامهم ملابس داخلية نسائية أدت إلي أن أخجلهم جميعا ثم جاملهم، وانصرف بثقة، وهدوء إلي خارج المطار باتجاه الفندق، بينما لحق بهم أبو داوود بعد نحو ساعة بعد أن تأكد من عدم وجود مراقبة. وفي الفندق استلم أبو داوود الأسلحة وهى عبارة عن (ستة كلاشينات + أثنين رشاش كارلوستاف وعدد كافي من المخازن) أما بخصوص القنابل اليدوية فإن(علي أبو لبن) سوف يحضرهما في الرحلة التالية بعد يومين، وبناءا علي ذلك فهم أبو داوود أن عدد الفدائيين هو (ثمانية) وليس (عشرة) كما اتفق مع أبو محمد، ولما استفسر عن السبب أخبره أبو إياد أن هناك مشكلة حدثت أثناء التدريب في ليبيا حيث أصيب اثنان من المغاوير بكسور لن تمكنهما من المشاركة في العملية بسبب البرنامج القاسي الذي وضعه أبو محمد في التدريب، كما أنه ليس هناك وقت لتجهيز غيرهما، وطلب منه أبو إياد الإسراع في نقل الأسلحة من فرانكفورت إلي ميونخ مع علي أبو لبن ووضعها في محطة القطارات المركزية في خزائن الأمانات. في انتظار وصول القنابل بعد يومين، وبالفعل تم ذلك حيث طار بعدها أبو لبن وعاد بتاريخ 26 أغسطس (يوم افتتاح دورة ميونخ للألعاب الأولمبية) محملا بالقنابل، وتم تخزينها في نفس المكان السابق الإشارة إليه.

وصل الفدائيين بتاريخ 28 أغسطس 1972، ووصل (شي) المسئول العسكري ومعه محمد مصالحة المسئول السياسي للعملية من حيث عرض المطالب علي الألمان والتفاوض معهم وهو شخص مثقف جدا وتم اختياره بعناية وهو ينتمي إلى مدينه حيفا ويحمل شهادة عالية في الجيولوجيا بالإضافة إلي إجادته للغة الألمانية وكان وضعه يؤهله لقيادة الجانب السياسي من العملية شأنه في ذلك شأن رفيقه (شي)، حيث استقبلهم أبو داوود واستطاعوا جميعا القيام بمعاينة أخيرة خاصة وأن الفريق الأوربي استطاع تحديد مكان البعثة الإسرائيلية في المبني (31) وهو مؤلف من طابقين يحتويان علي (6) شقق يبيت في كل شقة اثنان من الرياضيين الإسرائيليين، وهي المعلومات التي زودهما بها أبو محمد العمري قبل مغادرتهما إلي ميونخ، وبالتقاطع مع المعلومات الاخرى التي حصل عليها أبو داوود بمساعدة امرأة فلسطينية تدعي (سهام) لم يتبقي إلا وصول بقية الفدائيين الستة من ليبيا وفي مساء 31 أغسطس 1972، اتصل أبو داوود مع عاطف بسيسو في بيروت حسب تعليمات أبو إياد وطلب منه أن يبلغ أبو محمد العمري بأن كل شيء أصبح جاهزا، وأنهم في انتظارهم. وبتاريخ 3 سبتمبر 1972 وصل أبو محمد العمري والشباب الآخرين إلي ميونخ كل منهم في رحلة مختلفة، وتم إنزال كل ثلاثة منهم في فندق مختلف أما أبو محمد فقد نزل في نفس فندق أبو داوود (أدن وولف)، وفي صباح 4/9 تم الاتصال بمصالحة وشي لموافاتهما بالفندق، ومن ثم إحضار الأسلحة من المحطة المركزية إلي الفندق وقاموا بتجهيز الأسلحة في الحقائب بالإضافة إلي بعض المعلبات الغذائية وقام أبو محمد بإعادة التفاصيل مرة أخري والتقيد بمهام كل منهما في الجانب السياسي والعسكري وعدم تدخل أي منهما في صلاحيات الآخر كما شدد علي تعليمات أبو إياد بالتمسك بالمطالب الواردة في البيان الذي سوف يعلن بتوقيع (منظمة أيلول الأسود الدولية)، وفي حالة أي طارئ أو عرض غير وارد في المخطط من جانب الألمان قام أبو محمد بإعطاء (مصالحة) رقم هاتف عليه أن يتصل به في حالة الضرورة القصوى، وعليه أن يقول "أنا من مينشن، وبدي طلال!!"، وقام بتسليمهما الحقائب الخاصة بالفدائيين الآخرين كل في فندقه علي أن يعودوا جميعا في التاسعة مساء في المطعم الخاص الذي يبقي مفتوحا حتى الصباح بمحطة القطارات المركزية، وبعد أن يدفعوا لإيجار الغرف، ومحو أي أثر يدل عليهم، وفي الموعد المحدد حضر الفدائيين جميعا وهناك أطلع أبو محمد العمري الفدائيين الستة بالعملية وأكد عليهم الالتزام بتعليمات (شي)، كما أكد علي مصالحة تعليمات أبو إياد بخصوص المطالب الفلسطينية بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، كذلك الظهور بأننا لسنا مجرمين، وإنما طلاب حرية، وعدم إراقة الدماء إلا في حالة الدفاع عن النفس، وكذلك المعاملة الطيبة للأسري طالما التزموا الهدوء. وقام بتوديعهم جميعا للالتحاق بطائرته إلي تونس حيث يبقي هناك لاستقبال أي طارئ من مصالحة وتحديدا إلي منزل صديقه السفير الأردني السابق (فرحان الشبيلات) وهو ما لم يكن يعرفه مصالحة ولا أبو داوود، حيث أن هذا الرجل كان له ابن يدعي (طلال)، وكان يقيم في تونس بعد إقالته بسبب تعاطفه مع الثورة الفلسطينية، ولم يكن يعلم شيئا عن تدبير صديقه أبو محمد العمري لعملية ميونخ، ولاعن انتحاله لأسم أبنه (كأسم حركي له) أما الشباب فقد تركهم في عهدة أبو داوود لإيصالهم إلي القرية، ومن ثم مغادرة الأراضي الألمانية فورا.

في تمام الساعة الثانية والنصف غادر الجميع المطعم بعد أن قام أبو داوود بجمع جوازات السفر من الفدائيين، وأي شيء يدل علي الجهة التي أتوا منها ثم صعدوا التاكسيات باتجاه النقطة المحددة عند السياج الحديدي والذي يبعد خمسون مترا فقط عن مقر البعثة الإسرائيلية بعد تجاوزه! وتم إدخال الفريق كما هو متفق بمعاونة فريق أمريكي كان عائدا هو الأخر متأخرا، وقاموا بنقل الحقائب المليئة بالأسلحة دون علم منهم أنهم يساعدون الفدائيين في إيصال مشروعهم إلي غايته، فاجأ الفدائيون البعثة أثناء نومهم وحاول أحد المصارعين بالبعثة عرقلة الفدائيين وتخليص سلاح أحدهم، وهو موشيه واينبرغ فما كان من المقاتلين إلا أن أردوه قتيلا دفاعا عن النفس كما في التعليمات فلم يكن في مخططهم أبدا قتل أحد، وإنما أخراج زملائهم الأسري من السجون الإسرائيلية حسب البيان الذي سلموه للسلطات الألمانية، وعند الظهر تقريبا قام مدير مكتب الجامعة العربية محمد الخطيب بنقل عرض ألماني إلي الفدائيين ينص علي مبادلة الرهائن الإسرائيليين بمتطوعين ألمان يقتادهم الفدائيين إلي دولة عربية، وبعد شهرين أو ثلاثة أشهر تقوم إسرائيل بإطلاق سراح خمسين أسيرا سرا بعد أن تتولي عدة دول عظمى ضمان احترام الدولة الإسرائيلية لتعهداتها، وقرر مصالحة وهو المناضل المنضبط مشاورة أبو محمد العمري (طلال) علي رقم الهاتف في تونس، ولسوء حظ الجميع لم يصل أبو محمد في موعده فقد احتجزته السلطات التونسية بدعوي عدم حصوله علي تأشيرة مسبقة، وهو ما لم يكن معمولا به في دخول قيادة فتح إلي تونس والي أن انتهت المشكلة ووصول أبو محمد إلي منزل صديقه شبيلات، متأخرا جدا كان مصالحة قد استنفذ محاولاته في الاتصال به خاصة بعد الالتباس الذي وقع بين مصالحة وابن السفير الأردني (طلال) الذي يجهل تماما كامل الشيفرة المتفق عليها كوسيلة تشاور. لم يكن أمام مصالحة إلا رفض العرض حيث توجه مصالحة عند الرابعة والنصف إلي مفاوضيه الألمان (وزير داخلية بفار يا - برونو مارك، وشيربن غينشر - مسئول أمني) طالبا ثلاثة مروحيات لتلهم إلي مطار ( فورشتنفيلد بروك - العسكري ) والمغادرة علي متن طائرة إلي القاهرة. وافق الألمان علي العرض بعد مشاورة (تسفي زمير- رئيس الموساد )، في الخطة التي وضعوها للقضاء علي الفدائيين وتحرير الرهائن في المطار، وعند وصول الفدائيين للمطار أطلق قناصة ألمان النار علي شي ومصالحة أثناء عودتهما من فحص الطائرة التي ستقلهما إلي القاهرة حيث استشهدا علي الفور بينما بادر الفدائيين الآخرين (الستة) حيث تواجد كل اثنين في مروحية مع ثلاث رهائن وانتهت المعركة باستشهاد ثلاثة فدائيين، ونجاة ثلاثة آخرين، وقتل جميع الرهائن علي الفور.

يبقي القول أن النهاية المأساوية لهذه العملية لم تمنع من بلوغ الأهداف إلي غايتها فقد اطلع الرأي العام العالمي علي المأساة الفلسطينية بفضل الزخم الإعلامي للألعاب الأوليمبية كما فرض الشعب الفلسطيني حضوره علي هذا التجمع الدولي الذي كان يسعى لاستبعاده .


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عمليات أخرى

  • 15 فبراير 1973 محاولة احتجاز أعضاء الحكومة الأردنية في عمان.
  • 20 أكتوبر 1973 عملية الدار البيضاء في المغرب أثناء انعقاد مؤتمر القمة العربية، وهي العملية التي أدت إلي الاعتراف العربي بمنظمة التحرير الفلسطينية، وبعدها بأسبوعين تقريبا استقبلت الأمم المتحدة ياسر عرفات وتم الاعتراف العالمي بمنظمة التحرير، وإعطائها صفة (مراقب) في الأمم المتحدة في سابقة هي الأولي في التاريخ أن تعطي حركة تحرر وطني هذه الصفة ويتم قبولها عضوا في هذا التجمع العالمي.

اغتياله

اغتيل في 14 يناير 1991 في تونس مع صلاح خلف، وهايل عبد الحميد. واتهام الموساد بالعملية، عن طريق تجنيد أحد أفراد جماعة أبو نضال.

الحياة الشخصية

كان متزوجاً وله ثلاثة أبناء.

انظر أيضاً

المصادر

  • عملية ميونخ.
  • فلسطيني بلا هوية ( صلاح خلف )
  • من القدس الي ميونخ (أبو داوود) .
  • أرشيف الشهداء الفلسطينيين - حركة فتح .
  • مطاردة الأمير الأحمر (ميخال بر - زوهر/ إيتان هبر .
  • إعترافات العميلة أمينة المفتي.

الهامش