علم الاجتماع الاقتصادي

العنود ق.
ساهم بشكل رئيسي في تحرير هذا المقال

علم الاجتماع الاقتصادي Economic sociology، هي دراسة العلة والتأثير الاجتماعي للظواهر الاقتصادية المختلفة. ينقسم هذا التخصص إلى فترة كلاسيكية وفترة معاصرة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

علم الاجتماع الاقتصادي الكلاسيكي

مرت المجتمعات الإنسانية أثناء تطورها في عدة مراحل، وانتقلت خلالها من المجتمعات الرعوية البسيطة إلى المجتمعات الصناعية المعقدة.[1]

ويمكننا أن نميز من خلال تاريخ البشرية ستة أنواع من المجتمعات. وتختلف هذه المجتمعات عن بعضها البعض في ظروفها الجغرافية ونشاطها الاقتصادي وثقافاتها ونظمها الاجتماعية والسياسية. ويمكننا القول أن النظام الاقتصادي هو العامل الأساسي المميز بين هذه المجتمعات.


مجتمعات الصيد والالتقاط

تعيش مجتمعات الصيد والالتقاط على صيد الحيوانات وجمع الفواكه واللوز والخضروات. وتعيش هذه المجتمعات في وحدات رقابية مترابطة. كما أن لديها تقسيم بسيط للعمل قائم على أساس الجنس والسن; فهناك أعمال خاصة بكبار السن من النساء مثل جمع الغذاء وتحضير الطعام. وهناك أعمال خاصة بالفتيات الصغيرات مثل مساعدة الأمهات في الأعمال المنزلية والعناية بإخوتهم الصغار. كما أن هناك أعمال خاصة بكبار السن من الرجال مثل صيد الحيوانات، وهناك أعمال خاصة بالفتيان الصغار مثل مساعدة الأسرة في بعض الأعمال المنزلية البسيطة. ورغم صعوبة الحياة وقلة الموارد المعيشية إلا أن هذه المجتمعات يبدو أنها تعيش حياة هادئة سعيدة. فهم يقضون ثلاث ساعات يوميًا تقريبًا في الصيد والالتقاط، في حين يقضون معظم الوقت في الزيارات والتسلية والترفيه، إذ أن لديهم فراغًا وراحة بال أكثر من الأفراد في المجتمعات الأخرى. وتتكون الوحدة السكنية الواحدة في مجتمعات الصيد والالتقاط من خمسين إلى مائة فرد. وتعيش هذه المجتمعات على التنقل المستمر من مكان إلى آخر بحثًا عن الغذاء في المناطق المختلفة. وهم يسعون إلى جمع ما يكفيهم لفترة زمنية محدودة لا تتجاوز بضعة أيام ثم يعودون إلى العمل من جديد. فاقتصاد هذه المجتمعات اقتصاد معيشي ليس لديه الوفرة في الغذاء، وليس لديهم منازل ثابته للاستقرار. وتشير الدراسات الانثروبولوجية إلى أن مجتمعات الصيد والالتقاط أقدم وأكثر الأنماط الاقتصادية شيوعًا في الماضي. وما يزال هناك حتى الآن مجتمعات تعيش على هذا النمط من الحياة مثل قبائل الجيقالونج Jigalong في أستراليا وقبائل المبوتي Mbuti في أفريقيا، وإن كانت أعدادهم آخذه في التناقص والانحسار.

مجتمعات زراعة البساتين

ظهرت مجتمعات زراعة البساتين منذ اثنتا عشر ألف سنة تقريبًا. تتميز هذه المرحلة بزراعة الحدائق الكبيرة الشاسعة. وكان هدف الإنسان توفير احتياجاته اليومية من الغذاء. وقد عرف الإنسان زراعة البساتين عندما عرف الفأس; و عرف كيف يقلب الأرض ويعدها للزراعة. ومازال هذا النشاط الاقتصادي سائدًا في المناطق الاستوائية في أفريقيا ووسط أمريكا، وجنوب شرق آسيا، وأن بدأ في التناقص في السنوات الأخيرة. وعلى الرغم من أن طبيعة النشاط الاقتصادي الذي تعمل به هذه الجماعات يقوم على الزراعة، ويحتم عليهم الاستقرار في بيوت ثابتة إلا أن نقص الموارد يدفعهم إلى الترحال من وقت إلى آخر. كما تقوم هذه المجتمعات بحرق بعض أراضيهم واستخدام البقايا كسماد للمناطق المجاورة لها. وعندما تنضب التربة من الموارد ينتقلون إلى منطقة أخرى. وتعتبر هذه المرحلة أقل تقدمًا من الناحية الزراعية من مرحلة الزراعة، إذ كان الناس يزرعون نوع واحد فقط، ووسائلهم التكنولوجية بسيطة جدًّا. وتعيش جماعات البساتين في منازل مستقرة، في وحدات قرابية مترابطة; حيث تعيش كل عدة أسر في وحدة سكنية واحدة تشبه العشيرة. وهذه العشيرة تكون وحدة مستقلة سياسًّا. وعلى الرغم من نقص الموارد والجفاف الذي تعاني منه هذه المجتمعات من وقت لآخر إلا أن هذه المجتمعات تتميز بوفرة الموارد لديها عن مجتمعات الصيد والالتقاط. إذ تتميز بوجود فائض في الإنتاج، وهذا الفائض هو الذي أدى إلى تكوين الثروة وعدم مساواة بين أفرادها. ووجود الثروة والتمييز الطبقي تطلب وجود شكل من أشكال الحكومات مهمتها حفظ الأمن والمحافظة على سلامة الأفراد.

مجتمعات الرعي

أدت الظروف البيئية القاسية وندرة المياه وقلة العشب والمرعى إلى ظهور نمط للحياة قائم على التنقل والترحال وراء الماء والكلأ، وهو النمط البدوي. وكان الرعي هو المهنة الرئيسية للسكان. إذ يعمل البدو على رعي الإبل والماشية وقد ظهر نتيجة لهذا النشاط الاقتصادي نمط من الملكية يعرف بالملكية الجماعية للأرض والحيوان ; إذ يتمتع أفراد القبيلة الواحدة بحق الاستفادة من الأرض، ولكن ليس لهم حق بيعها أو التصرف فيها. كما يسود هذه المجتمعات نسق قرابي قائم على التضامن العشائري. فقد كانت العشيرة هي الوحدة الرئيسية في المجتمعات البدوية في حلها وترحالها. وأعداد البدو في العالم آخذه في التناقص، وإن كان لا يزال هناك بعض المجتمعات التي تعيش على الرعي في الجزيرة العربية وفي شرق أفريقيا وسيبيريا.

علم الاجتماع الاقتصادي المعاصر

المجتمعات الزراعية

عرف الانسان الزراعة منذ ستة آلاف سنة تقريبًا عندما عرف المحراث و أخذ يستخدمه في إعداد التربة. كما استأنس الفلاح الحيوانات واستخدمها في الزراعة، وفي رفع المياه، وفي جمع المحاصيل مما وفر عليه الكثير م الجهد والوقت. وساعدت نظم الري الحديثة والأسمدة على مضاعفة الإنتاج الزراعي وزيادة مساحة الأراضي الصالحة للزراعة. وهذا بدوره ساعد على زيادة فائض الإنتاج. وقد شجع وجود الفائض أعداد كبيرة من الناس على الاستقرار حيث تكثر الزراعة وترك حياة الرعي القاسية. ومن هنا ظهر العديد من المدن حول ضفاف الأنهار واجتذبت إليها الكثير من البدو وأصحاب البساتين. وزيادة دخل الفلاح من الزراعة جعل لديه وقت فراغ أكبر أخذ يستغله في تطوير الأدوات التكنولوجية المستخدمة في الزراعة. كما أن زيادة الإنتاج شجعت الأفراد على الاتجاه للعمل في أعمال أخرى غير الزراعة فاتجه البعض للعمل في الحكومة لخدمة الآخرين، واتجه البعض إلى الأعمال الحرفية كالنجارة والحدادة والتجارة وهكذا أخذت كل مجموعة تتجه لأعمال أخرى غير الزراعة مما خلق نوع من التكامل بين أفراد المجتمع الواحد. ومع مرور السنين اتسعت مساحة المجتمعات الزراعية، وازدادت أعدادها حتى وصل بعضها لبضعة ملايين من السكان. ومن هنا أخذت العلاقات الاجتماعية في التعقيد كما كانت عليه من قبل، وأخذ التدرج الطبقي في الظهور في هذه المجتمعات. وتركزت السلطة والقوة في يد الطبقة الاقطاعية الغنية من النبلاء، الذين يمتلكون مساحات شاسعة من الأرض. كما أخذت الجماعات الدينية نظهر كمراكز قوى في هذه المجتمعات، وتركزت السلطة الدينية في يد مجموعة بسيطة من السكان، وكانت هناك مصالح مشتركة وعلاقات متبادلة بين الطبقة الاقطاعية من النبلاء وطبقة رجال الدين. وقد شجعت الوفرة الاقتصادية التي صاحبت المجتمعات الزراعية السكان للعمل في التجارة، ولم يعد الناس في المجتمعات الزراعية يعملون في المقايضة وتبادل السع، بل اخترعوا العملات واستخدموها في التجارة والبيع والشراء. وتعتبر أوروبا في العصور الوسطى أفضل مثال للمجتمعات الزراعية في الماضي، وتعتبر الكثير م الدول النامية كمصر وسوريا والعراق والسودان وفيتنام والهند والفلبين من الدول الزراعية في الوقت الحاضر.

المجتمعات الصناعية

عاش الانسان في المرحلة الزراعية لآلاف السنين، وكانت الزراعة هي المصدر الأساسي للدخل. ثم ظهرت الثروة الصناعية في بريطانيا عام 1780م واستطاع الانسان في فترة وجيزة من الوقت القفز بخطوات سريعة نحو التقدم التكنولوجي. وتتميز هذه المرحلة باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة في جميع جوانب حياة الانسان، في المنزل والعمل، وأثناء الراحة، وفي الاتصال بالآخرين، وجزء كبير من الدخل القومي يوجه في هذه المجتمعات للبحث العلمي والاختراع، وتميل هذه المجتمعات للتغير والتجديد، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الوسائل التكنولوجية الحديثة شجعت على تدعيم لتواصل بين الشعوب وسهلت نقل البضائع من مجتمع إلى آخر. وهذه التغيرات التكنولوجية أثرت على مختلف جوانب المجتمع الاجتماعية والثقافية والسياسية والدينية والاقتصادية. بل ولم يكن التقدم التكنولوجي يسير على وتيرة واحدة أثناء هذه المرحلة، بل أنه تطور إلى عدة مراحل.

ويمكننا أن نميز ثلاث مراحل رئيسية مرت بها المرحلة الصناعية أهمها:

أ-المرحلة الأولى: ثورة البخار 1780-1860: وبدأت المرحلة الأولى باكتشاف الانسان للطاقة البخارية، واستخدامه لها كقوة محركة، واستطاع الانسان في هذه المرحلة اكتشاف الفحم، واستخراج المعادن المختلفة واستخدامها في صنع الآلات ووسائل المواصلات المختلفة كالسيارات والطائرات.

ب-المرحلة الثانية: اكتشاف البترول 1860-1910: وفي هذه المرحلة من الثورة الصناعية استطاع الانسان اكتشاف البترول واستخدامه كطاقة. ولم يقتصر التقدم التكنولوجي في هذه المرحلة على بريطانيا فقط، بل ساهمت فيه العديد من الدول كأمريكا وألمانيا. وأهم ما يميز هذه المرحلة هو ظهور العديد من الاكتشافات والاختراعات في شتى المجالات. وتم في هذه المرحلة اكتشاف الطاقة الكهربائية مع البترول كمصدرين أساسيين للطاقة، حيث استخدما في التصنيع، والمواصلات، والاتصالات كالهاتف والتلغراف، كما استخدما في تحريك السيارات والطائرات.

ج-المرحلة الثالثة: 1910-وحتى وقتنا الحالي: المرحلة الأخيرة من الثروة الصناعية بدأت منذ عام 1910 تقريبًا وحتى يومنا هذا وأهم الاختراعات التي تمت في هذه المرحلة الطاقة الذرية والصواريخ، والتلفزيون، والهندسة الطبية، وأهم ما على الاطلاق الكمبيوتر إذ يعتبر عذرنا الحالي عصر الكمبيوتر. ويعتبر الكمبيوتر قفزة تكنولوجية هائلة في حياة الانسان، فقد مكنت الفرد من اختزان كميات كبيرة من المعلومات في مساحة مكانية صغيرة، كما انها ساعدت الفرد على سرعة استخدام هذه المعلومات، وتحريكها من مكان إلى آخر بسهولة ويسر، مما ساعد في سرعة العمل والإنجاز. ونتيجة لاختراع الأقمار الصناعية، استطاع الانسان إرسال المعلومات من مكان لآخر بسرعة شديدة، مما سهل عملية الاتصال وتبادل المعلومات. وبتزويد الكمبيوتر بالكثير من المعلومات، استطاع الانسان استخدامه في قيام بالكثير من الأعمال التي كان يقوم بها الفرد. وقد استطاع الانسان استخدام الكمبيوتر في مختلف العلوم في الطب، والهندسة، والتعليم، والرسم، والموسيقى، في مختلف ألوان المعرفة. وكما استطاع الكمبيوتر أن يحل محل الانسان في الكثير من الأعمال مما أدى إلى زيادة نسبة البطالة في معظم دول العالم.

وهناك أربع خصائص رئيسية تتميز بها المرحلة الأخيرة هي:

1- التخصص وتقسيم العمل:

تتميز المجتمعات التقليدية بالعمل الجماعي، حيث أن جميع أفراد الأسرة والعشيرة يعملون معًا في الصيد والالتقاط، أو في الرعي، أو في الزراعة، ولم يكن هناك تخصص في العمل بل كان الجميع يقومون بجميع الأعمال وكان تقسيم العمل الوحيد بينهم يقوم على أساس الجنس والسن. ولكن مع اتجاه المجتمعات الحديثة نحو التصنيع وتوسع الأعمال ظهر التخصص الدقيق في العمل فلم يعد العالم في المصنع يقوم بكل الأعمال، بل أصبح العالم يتدرب على اتقان عمل واحد فقط. وأصبحت الجودة والنوعية هي هدف الإنتاج في المجتمعات الصناعية الحديثة، ومن هنا نجد أن أهم ما يميز العمل في المجتمعات الحديثة هو التخصص وتقسيم العمل.

2- سرعة نقل البضائع والمعلومات:

عاش الانسان لآلاف السني وهو ينقل أمتعته باستخدام الدواب، أو السفن الشراعية وكان يتنقل بهدوء ورتابة من بلد لآخر، وكانت الرحلة الواحد من بلد لآخر تستغرق عشرات الأيام والأشهر.

لذلك كان تنقل الفرد محدودًا في مجال المكان المحيط به. وفجأة اكتشفت الانسان طاقة البخار التي ساعدته على قطع الأميال والمسافات في وقت أقل مما مضى، ثم اكتشفت الانسان البترول، مما سهل عملية نقل الأفراد والسلع والبضائع من مكان لآخر وأصبحت الرحلة التي تستغرق عشرات الأيام تقطع في يوم واحد إن لم يكن أقل. ومع ثروة الاتصالات والكمبيوتر تلاشت المسافات بين الدول، وأصبح الانسان وهو في مكانه يتصل بجميع أنحاء العالم. وهذا ما أدى إلى ظهور العولمة الاقتصادية، التي تسعى إلى نقل البضائع في شتى أنحاء العالم بسرعة فائقة. ومع التقدم التكنولوجي الهائل الذي شهدته الدول الصناعية الكبرى كأمريكا ودول أوروبا، واليابان والصين، أصبحت الصناعات والمنتجات الغربية تحتل مكان الصدارة في العالم، وهذا ما شجع منتجاتها على اكتساح الدول الأخرى. ولم يعد هناك مجال للمنافسة بين هذه الدول والدول النامية التي تسير بخطوات وئيدة نحو التقدم.

3-حرية تنقل رأس المال بين الدول:

من خصائص المرحلة الثالثة حرية انتقال رأس المال. فلم يعد أصحاب رؤوس الأموال يحتفظون بأموالهم في مكان واحد أو مجال محدد، بل أصبحت لديهم الحرية في نقله من مكان إلى آخر. وهذا الانتقال قد يكون (مكاني) عبر المحيطات مما أدى إلى ظهور الشركات الدولية الكبرى، كأن تنقل شركة مكان عملها من أوروبا إلى دول نامية كالفلبين أو الهند أو أندونيسيا أو المكسيك لرخص الأيدي العاملة فيها، وللتهرب من دفع الضرائب. أو قد يكون الانتقال انتقال (مجالي)، كأن ينتقل رأس المال داخل البلد الواحد من مجال إلى آخر كالانتقال من المجال الزراعي إلى المجال الصناعي، أو من مجال الصناعة إلى مجال الخدمات.

4-تغير نوعية العمل من قطاع الصناعات إلى قطاع الخدمات:

مع بداية الثورة الصناعية في أوروبا، كانت المصانع هي الحقل الأول الذي يتجه إلي معظم العمال والموظفين. كانت أكبر نسبة من الأيدي العاملة تعمل في المصانع. ولكن مع التقدم التكنلوجي الهائل، لم يعد العمل الصناعي هو العمل الأول الذي يتجه إليه الناس، بل أصبح العمل في مجال الخدمات يستحوذ على أكبر عدد ممكن من الناس، إ يقدر عدد الناس الذين يعملون في قطاع الخدمات في أمريكا بحوالي 78% من مجموع القوى العاملة فيها كالعمل في مجالات التعليم والصحة والبنوك وشركات التأمين والمواصلات والاتصالات. كما يلاحظ انخفاض عدد العاملين في بعض المجالات التقليدية كالحديد والصلب، والوسائل الدفاعية، في حين ارتفع عدد العاملين في مجالات الكمبيوتر، والهندسة الطبية، والأجهزة الطبية، والاتصالات، ومعظم هذه المجالات تتطلب مهارة فنية عالية.

مجتمعات ما بعد الصناعية

تعتمد المجتمعات الصناعية على الصناعة كمصدر أساسي للدخل، أما المجتمعات ما بعد الصناعية فهي تعتمد على المعرفة كمصدر أساسي للدخل. ظهرت هذه المرحلة في منتصف الثمانينات من القرن العشرين. حيث ظهر نوع من المجتمعات يعمل جزء كبير من أفرادها في مجالات تخصص المعرفة. فهم يعتمدون على معرفتهم كمصدر أساسي للدخل مثل المعلمين، والمحاميين وأساتذة الجامعة، والخبراء، والمحاسبين، والأطباء والمستشارين وغيرهم من الأفراد الذي يعتمدون على معارفهم كمصدر أساسي للدخل. فهؤلاء الأفراد يتقاضون أجورهم مقابل بيع معارفهم المحتاجين إليها. فمعارفهم لا قوتهم الفيزيقية هي التي توفر لهم الدخل. ولم يعرف علماء الاجتماع إلى الآن ماهي العوامل التي أدت إلى انتقال المجتمعات من المرحلة الصناعية إلى مرحلة ما بعد الصناعية، وإن كانوا يعتقدون أن التعليم لعب دور هامًا في ظهور هذا النوع من المجتمعات. فالمعلم يبيع علمه للتلاميذ، والمحامي يبيع نصيحته القانونية لزبائنه، والطبيب يبيع نصيحته الطبية لمرضاه، وهكذا نجد أن الثروة في الوقت الحالي لم تعد في امتلاك وسائل الإنتاج، ولكن في امتلاك المعرفة. ويرى الكثير من الاجتماعيين أن الولايات المتحدة الأمريكية، واليابان ودول غرب أوروبا، وأستراليا، ونيوزيلاندا، من أوائل الدول التي انتقلت من المرحلة الصناعية إلى مرحلة ما بعد الصناعية. إذ نلاحظ أن أكثر من نصف سكان أمريكا في الوقت الحالي يعملون في مجال الخدمات المعلوماتية. ويرفض بعض الأفراد فكرة وجود مرحلة ما بعد الصناعية، فهم يعتقدون أن هذه المرحلة ماهي إلا امتداد للمرحلة الصناعية، وأن هؤلاء الأفراد الذين يبيعون معارفهم لا يقدمون شيء للمجتمع. فالعمل الحقيقي هو العمل الذي ينتج عنه أدوات مادية محسوسة يستفيد منها الأفراد. ولكن بدافع بعض الاجتماعيين عن هذا المصطلح بقولهم: "إننا إذا ما قصرنا كلمة الإنتاج على الإنتاج المادي، فإن هذا الكلام صحيح. أما إذا وسعنا مفهوم الإنتاج ليشمل انتاج المعارف التي تحسن المهارات وتحسن الأداء، إن هذا الكلام يكون غير صحيح". فالمعرفة في التي تساعدنا على فهم أنفسنا وفهم العالم من حولنا، وهي التي تساعدنا على استغلال الأشياء من حولنا أفضل استغلال ممكن. فالطبيب الي يستخدم علمه في خدمة المرضى ومساعدتهم على مواصلة حياتهم بشكل طبيعي من جديد، ألا يؤدي خدمة للمجتمع ؟. والمعلم الذي يعلم التلاميذ القراءة والكتابة، والذي يساعدهم على تطوير مهاراتهم، إلا يؤدي خدمة للمجتمع!. وهكذا يمكننا القول أن المعرفة تعتبر من أثمن أنواع الثروات في العصر الحالي.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أهم النظم الاقتصادية الحديثة

يمكننا في العصر الحالي أن نميز بين نظامين اقتصاديين هامين هما النظام الرأسمالي ; والذي تمتلك وسائل الإنتاج فيه بشكل فردي، ويتحكم السوق فيه بقوانين الإنتاج والتوزيع والاستهلاك. والنظام الشيوعي; والذي تمتلك فيه وسائل الإنتاج بشكل جماعي، حيث تتولى الدولة فيه كافة عمليات الإنتاج والتوزيع والاستهلاك.

النظام الرأسمالي

يحاول كل فرد في النظام الرأسمالي استغلال أمواله أفضل استغلال ممكن لتحقيق أكبر قدر من الربح. فلا يحاول الفرد خدمة المصالح العامة، وكل ما يسعى إليه هو زيادة أرباحه و عائداته. ولكن دون تعمد منه إلى ذلك نجده يحاول إشباع بعض المصالح العامة. هذه هي الفكرة الرئيسية لعالم الاقتصاد المشهور آدم سميث Adam Smith. ويرى آدم سميث أن هناك مبادئ عامة تحكم علاقة الفرد بالآخرين; حيث يرى سميث أن النظام الاقتصادي في المجتمعات الرأسمالية يقوم على مبدأ الحرية: حرية العمل، حرية التجارة، وحرية السوق. ولكن في الحقيقة هناك يد خفية تتحكم في الأفراد وتجعلهم ينتجون ما يحتاج إليه الآخرون.

النظريات الاجتماعية والنظام الاقتصادي

هناك ثلاث نظريات رئيسية حاولت تفسير النظام الاقتصادي والنظر إليه من زوايا مختلفة: النظرية الوظيفية، ونظرية الصراع، ونظرية التفاعل الرمزي.

النظرية الوظيفية

علماء النظرية الوظيفية يركزون دائمًا على التوازن والاستقرار في المجتمع، والدور الذي يلعبه أي نسق اجتماعي في استمرار هذا المجتمع. لذا حاول علماء النظرية الوظيفية الكشف عن وظيفة النظام الاقتصادي ودوره في استمرار المجتمع. فيرى علماء الوظيفية أن النظام الاقتصادي كأي نظام آخر يحاول دائمًا إشباع رغبات المجتمع، وأنه في حالة حدوث أي تغير فإن المجتمع يحاول دائمًا استيعاب هذا التغير واحتوائه والتكيف معه. وركز هؤلاء العلماء على النظام الرأسمالي واعتبروه أفضل النظم الاقتصادية، وحولوا الكشف عن وظائف نظام السوق الحر في اشباع احتياجات الأفراد المختلفة.

نظرية الصراع

يركز علماء نظرية الصراع على الصراع في المجتمعات، فهم يرون أن النظام الاقتصادي مجال آخر من مجالات الاستغلال في المجتمع. وهم يرون أن لكل طبقة مصالحها وأهدافها التي تسعى إلى اشباعها، وأن اختلاف المصالح يؤدي إلى الصراع بين الطبقات. ولما كان أنصار الصراع يؤمنون أن النظام الرأسمالي نظام استغلالي لا يتيح فرص متساوية لجميع المواطنين، لذا يسعى علماء الصراع إلى البحث عن مواضع الظلم والاستغلال في المجتمع. فهم يرون أن أساس العلاقة بين الطبقات يقوم على أساس الاستغلال; فهناك استغلال بين المنتجين والمستهلكين، وهناك استغلال بين أصحاب العمل والعمال. ويحاول أنصار نظرية الصراع الكشف عن كيفية استفادة الطبقة الغنية البورجوازية من استغلال الطبقات الكادحة، فتشتري ثمرة جهدها بأقل أسعار ممكنه. ويؤكد أنصار هذه النظرية على أنه في المجتمعات الرأسمالية يزداد الغني غنى، ويزداد الفقير فقرًا.

نظرية التفاعل الرمزي

في الوقت الذي يركز علماء الوظيفية والصراع على دور النظام الاقتصادي بصفة عامة في خلق الصراع أو الاستقرار في المجتمع، نجد أن علماء التفاعل الرمزي يركزون على كيفية تفاعل الأفراد مع بعضهم البعض في المواقف المختلفة; كيف يتعامل البائع مع المستهلك، ودور التنشئة الاجتماعية في إعداد الأفراد لسوق العمل، وامدادهم بالمعارف اللازمة عن الحياة، وكيفية التعامل مع الأفراد في المواقف المختلفة. فيؤكد أنصار هذه النظرية أن النظرة إلى العمل واحترامه والالتزام بالعمل كلها أمور يكتسبها الفرد في مرحلة التنشئة الاجتماعية.


علم الاجتماع الاقتصادي الجديد

علم الاجتماع الماركسي

الاقتصاد الاجتماعي

علم الاجتماع الاقتصادي في الهجرة الأمريكية

الجمعيات الأكاديمية لعلم الاقتصاد الاجتماعي

انظر أيضاً

الهوامش

  1. ^ نظرة في علم الاجتماع المعاصر، د. سلوى عبدالحميد الخطيب


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر

وصلات خارجية

Journals