رواق

صورة لرواق داخلي في مسجدآيا صوفيا، إسطنبول، تركيا

الرواق ، هو أحد العناصر المعمارية التي يتألف منها المسجد، وهو ككثير من العناصر المساجدية الأخرى مر بأطوار وأدوار مختلفة حتى غدا جزءاً لا يتجزأ من المسجد ومعلماً من معالم الحضارة الإسلامية ومحطة من محطات التأمل والدراسة والمقارنة لدى الباحثين المهتمين.

وإذا كان كل جزء في المسجد يؤدي دوراً مميزاً ويرمز إلى معنى خاص فإن الرواق ارتبط بمعان سامية عدة لا تخرج عن معاني التعبد والتعلم الملازمة لبيت الصلاة في المسجد، الملتفة حوله، فالأروقة حول كل مسجد كأنها سياج حام أو حرس مصطف أو بوابة موصلة إلى الحرم المهيب... انها تمنح المسجد بعداً أفقياً، وهالة تقديسية.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التسمية

الرواق في اللغة بكسر الراء وضمها: بيت كالفسطاط يحمل على عمود واحد طويل، ورواق البيت: مقدمه، ورواق الليل: مقدمه وجانبه، ورواق العين: حاجبها، والرّوْق من القوم السيد المقدم فيهم، ويقال ضرب فلان روقه ورواقه: أي نزل وبنى بيته، وفي هذا المعنى جاء الحديث الذي روته السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (ضرب الشيطان روقه ومدّ أطنابه) أي استحوذ وتمكن..

ويقال ـ على ندرة ـ رأيت من السحاب رواقاً: أي مقدما وطرفا... كما يقال: روّق البيت: أي جعل له رواقاً، وجمع الرواق أروقة ورُوْق.

ويطلق الرواق على سقيفة للدراسة في مسجد أو معبد أو غيرهما كما يطلق على ركن في ندوة أو منظمة للتلاقي والتشاور. ..كل ذلك من معاني الرواق اللغوية.

أما الرواق كمصطلح مساجدي فإنه يعني الأجنحة التي تحاذي جنبات صحن المسجد أي أنها بناء يضاف إلى جوانب المسجد مما يلي صحنه، وعادة يكون ذلك البناء تحت قباب مرفوعة على أعمدة عالية أو أسقف ممتدة، وقد تشمل بهذا العموم أجزاء مما يسمى (بيت الصلاة) أو الحرم الداخلي للمسجد.

وقد لجأ المسلمون إلى بناء الرواقات عند إرادة توسعة المساجد وإضافة مساحات زائدة إليها، مع رغبتهم في إيجاد الظروف المناسبة لبعض الخدمات والأنشطة التي يقوم بها المسجد أو يحتضنها.



الـرواق وتاريخ سابق على المسجد

اشتهرت حضارة اليونان بفلاسفتها الذين كانوا يعلمون الناس وينشرون فيهم مذاهبهم، ومن أولئك الفلاسفة (زينون) فقد انصرف إلى التعليم والتدريس في أحد أروقة ميادين أثينا الكبرى، وكان هذا الرواق لما يحتويه من صور شهيرة يسمى (الرواق المزدان بالصور) وكان (زينون) يسير في التعليم على طريقة الفيلسوف ارسطو الذي علم تلاميذه وهو يتمشى ذاهباً عائداً بينما كانوا يتحلقون حوله ماشين بجواره مستمعين إليه محاورين له... ولذلك نسب زينون إلى الرواق، ونسب إليه تلاميذه الذين حافظوا على طريقته في التعليم في أروقة المعابد والهياكل الدينية القائمة آنذاك فقيل لهم (الرواقيون)...

وهذا يدل على أن المسلمين ربما أخذوا فكرة بناء الرواق في المساجد عن غيرهم من الأمم السابقة.

وما على المسلمين من حرج في التأثر بأروقة اليونان شكلاً واستفادة فيما لا يتعارض مع روح الإسلام وتشريعه... ولذلك فإنهم كما نظن لم يمتنعوا عن الاقتباس من اليونان أو غيرهم في بعض الأمور التي دخلت الحضارة الإسلامية وأصبحت جزءاً منها وشأن المسلمين في ذلك شأن سائر الأمم التي أثرت وتأثرت بالحضارات الإنسانية الأخرى.


الأروقة والمساجد...البداية

تعددت أسماء الأجزاء المظللة في المساجد أول نشأتها خاصة تلك الأجزاء الجانبية أو الخلفية، لكنها لم تعرف في البداية باسم الأروقة أو الرواق، وإنما عرفت باسم المجنّبات أو المواخير أو السقيفة أو الصفة، أما سبب تسميتها كذلك فلكونها في الجوانب أو في المؤخرة أو لكونها مسقوفة بالخشب أو جريد النخل أو مظللة به أو لكونها مرتفعة قليلاً عن الأرض... يقول الدكتور أحمد فكري (كان لمسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ظلتان: ظلة القبلة وظلة الشام، وبينهما رحبة المسجد، وليس اتصال الظلتين بمجنبتين واحدة إلى الشرق وواحدة إلى الغرب غريباً عن نظام المسجد فما المجنبتان إلا ظلتان ضيقتان تحيطان بالصحن على نفس النمط الذي كانت تحيط به الظلتان الأوليان).

ومع هذا فإذا لم نجد في ظلتي المسجد النبوي حين بنائه الأول معاني الأروقة المتعارف عليها أخيراً، فإن البلاذري في فتوح البلدان ينقل أن عثمان بن عفان رضي الله عنه هو أول من اتخذ للمسجد(النبوي) الأروقة واتخذها حين وسعه، وقد تحدث البلاذري والطبري عن مسجد الكوفة المنشأ عام ( ) بقولهما: إن له ظلة في مقدمه (بيت الصلاة) ليست لها مجنبات ولا مواخير.

وكذلك تحدث المؤرخون عن مسجد القيروان الذي بناه عقبة بن نافع (50هـ) بقولهم: ولم يكن لمسجد القيروان مجنبات قبل زيادة إبراهيم بن الأغلب، ولكن له صحن على نموذج مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم.

يقول المؤرخ طه الولي في كتابه (المساجد في الإسلام): بعد أن استقر الحكم للمسلمين في البلدان والامصار وتعاقبت دولهم وملوكهم أخذ الناس يوسعون المساجد القائمة بإضافة الأروقة في جنباتها،وكل ملك أو سلطان يبني الرواق كان يرقم اسمه وتاريخ بنائه في رخامة يثبتها على بعض السواري التي تحمل القبة فوق الرواق، وما تزال المساجد القديمة حتى اليوم تحمل أسماء الذين بنوا مثل هذه الأروقة، وهي أكثر من أن تعد وتحصى.

تطور الأروقة

واضح أن الأروقة أو المجنبات كما استفيد منها في إضافة مساحات أخرى للمسجد للتوسعة، فإنها كذلك أضفت على بناء المسجد مسحة جمالية لا تتوفر له بدونها فالأروقة حول المسجد بعد أفقي وهالة جمالية واطار متمم للصورة المتكاملة للمسجد من الناحية المعمارية.

وواضح كذلك أن الأروقة ـ مع ذلك كله ـ قد استغلت أحسن استغلال في القيام بالدور التعليمي في احتضان حلقات الدروس التي تقام في المسجد، وذلك لأن الأروقة مسقوفة تقي من الشمس، وهي بعيدة نسبياً عن بيت الصلاة (حرم المسجد) الذي يشغله المصلون فلا يشوش عليهم المتعلمون فيها، كما أنها تتميز بالهواء الطلق المتجدد، وبالإشراف على صحن المسجد الذي قد تزينه ميضأة أو أشجار أو غير ذلك... ولعل هذه الحيثيات جميعاً جعلت الأروقة تحظى بالاهتمام الواضح في معظم المساجد القديمة الكبرى في المدن الإسلامية في فترة تضخم المدن وتوسعها وتطورها.

أشهر الأروقة القديمة

ويشير الدكتور حسين مؤنس في كتابه (المساجد في الإسلام) إلى أن الأروقة المحيطة بصحن المسجد عن يمينه ويساره وخلفه تكاد تكون محصورة في مساجد مصر وشرق العالم الإسلامي دون غيره، وأوضح مثال لذلك ـ يضيف ـ جامع أحمد بن طولون في القاهرة فقد اتبع فيه هذا النظام بغاية الدقة.

أما في الجناح الغربي لمملكة الإسلام فقد جرت العادة بأن يمتد بيت الصلاة حتى يشمل نصف مساحة المسجد أو أكثر، وفي هذه الحالة تلغى المجنبات (الأروقة)، فيبدو الصحن وكأنه فناء فسيح في مؤخرة المسجد وإن دار عليه السور.

ومن أقدم الرواقات التي نقل تاريخها إلينا رواقات الحرمين الشريفين في مكة والمدينة ، وقد جرى تجديد تلك الأروقة مع كل توسعة تقريباً، ولا تزال أروقة الحرمين الشريفين مع القباب التي بنيت فوقها في عهد العثمانيين إلى اليوم باقية لم تفقد بريقها وجمالها، ويذكر أن أول من زادها في المسجدين الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما وسع الحرمين وأضاف إليهما دوراً من حولهما.

كما أن المؤرخين ذكروا أن مسجد قباء عرف الأروقة في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك الذي أمر واليه على المدينة عمر بن عبدالعزيز ما بين (87 ـ 93هـ) أن يجدده ويعتني به فعمل له مئذنة وجعل له رحبة وأروقة حول صحن المسجد تقوم على أعمدة حجرية.

وقد ذكر الحسن الوزان عن مسجد القرويين الذي بناه عقبة بن نافع (50هـ) أنه تحيط به، من الشرق والغرب والشمال أروقة خلفه ذات أقواس عرض كل منها ثلاثون ذراعاً وطوله أربعون ذراعاً، وفي أسفلها (أي أسفل الأروقة) خزائن يودع فيها الزيت والمصابيح والحصر وغيرها.


الرواق الأوسط

تطلق الأروقة على المجنبات المحيطة بصحن المسجد ، كما تطلق على بيت الصلاة الرئيسي وتقسيماته الداخلية، من حيث أنه مجموعة أروقة

ارتبطت الأروقة بالأعمدة التي تحملها وتحدد أبعادها، والأعمدة تنتهي بالعقود أو الأقواس التي يتوزع فوقها ثقل البناء (السطح).

وأكثر ما تكون تلك الأعمدة الحاملة في المسجد في بيت الصلاة، أو ما نسميه (القبلية)، أو جوف المسجد، وبواسطة صفوف الأعمدة ـ يقول د. حسين مؤنس ـ ينقسم بيت الصلاة إلى أروقة رأسية: تبدأ من الباب الرئيسي للمسجد وتنتهي بجدار القبلة وأخرى عرضية موازية لجدار القبلة... وفي العادة يكون الرواق الأوسط المؤدي إلى المحراب (وهو من الأروقة الرأسية المتجهة صوب جدار القبلة) أوسع من سائر الأروقة... ويسمى بالرواق الأوسط، أو الرئيسي، أو المجاز القاطع.

والرواق الأوسط غالباً في المساجد القديمة الكبرى مميز عن غيره فالرواق الأوسط في مسجد الكتبية بمراكش آية في الروعة والجمال، وهو مرتفع عن سائر الأروقة، وفوقه ست قباب مبنية من الآجر...

أما مسجد قرطبة فكان بيت الصلاة مكوناً من 12 رواقاً (عرضياً) موازياً لجدار المحراب وتسع أروقة عمودية على جدار القبلة (رأسية) وكان الرواق الأوسط أوسع من بقية الأروقة...

وفي المسجد الأقصى يتكون بيت الصلاة من 11 صفاً موازياً من العقود الموازية لجدار القبلة والرواق الأوسط أو المجاز الأعظم مساحته ضعف مساحة الأروقة، وتقوم فوق البلاطة الأخيرة منه ( البلاطة: المربع بين الأعمدة) قبة صغيرة فوق المدخل مباشرة وهناك قبة أخرى أكبر من هذه فوق البلاطة المؤدية للمحراب.


الأروقة في المفهوم الأزهري

كان طلبة العلم ينتشرون بكثرة في المساجد الكبرى، يتلقون العلوم الإسلامية المتعددة في مواضيعها على أيدي مشاهير العلماء، وكانت أروقة المساجد أفضل الأماكن لهم، سواء في الاستماع إلى درس أو في استذكار محفوظ، أو تجميع الأمتعة الخاصة بهم، أو المبيت... فكان هؤلاء الطلبة هم شاغلو تلك الأروقة التي تراها زاخرة بهم...

وفي مبدأ الأمر ضمت تلك الأروقة خزائن أو دواليب أو صناديق لأولئك الطلبة يضعون فيها حاجياتهم العلمية من كتب ودفاتر وغيرها.

ثم تطور الحال إلى تقسيم الأروقة إلى حارات، بها مسئولون عن أهلها، يتولون تنظيم أمورهم ورعايتها، ويلقبون في نفس الوقت بمسميات مميزة. فلكل حارة ـ كما يقول طه الولي ـ شيخ ونقيب ومخزن ومرتبات، ويبدو أن هذا التطور ـ أي تحول الأروقة إلى أماكن للإقامة لطلبة العلم ـ قد انتقل إلى مصر من المغرب.

وتطورت الأروقة فيما بعد إلى أن غدت ـ كما هي في المفهوم الأزهري ـ أبنية تسكن كلاً منها جماعة من الطلبة متحدو الجنس والمذهب. كرواق الأتراك والمغاربة والشوام... وكانت تلك الأبنية تقام بأموال المتبرعين الراغبين في تيسير طلب العلم ودعم أهله... حتى أصبحت تلك الأروقة الأزهيرية من حول الأزهر الشريف تشبه مدينة كاملة قائمة بذاتها، لم تكن مخصصة للنوم أصلاً، بل كانت أشبه ما تكون بسكرتارية ومكتبة وخزائن كتب تخص كل مجموعة من الطلبة على حدة... أما الطلبة الغرباء الذين يحتاجون إلى المبيت والطبخ فلهم حارات حول الأزهر خصصت لهم، وقد بلغ عددها ثلاث عشرة حارة... مثل حارة العفيفي والزرافة والبشاشة والسليمانية وغيرها.


أشهر الأروقة الأزهرية

ضم الأزهر إلى جواره عدداً كبيراً من الأروقة التي كانت بكثرتها تدل على النشاط العلمي الواسع الذي اضطلع بمسئوليته ذلك المركز الحضاري (الأزهر) كمؤسسة إسلامية تعليمية عالمية... وقد بلغت تلك الأروقة في فترة من الفترات قرابة الـ (30) رواقا. أشهرها:

رواق الطيبرسيه

نسبة إلى علاء الدين طيبرس الخازن نقيب الجيوش في مصر، جعله مؤسسه (709هـ) للفقهاء الشافعية، وبجواره ميضأة وسبيل ماء للدواب، وقد حول عام 1314هـ إلى مكتبة للأزهر في عهد الخديوي عباس باشا الثاني وسمي (كتبخانه).

=الرواق العباسي

نسبة إلى بانيه خديوي مصر عباس حلمي الثاني(1897م ـ 1315هـ) وكانت فيه ما نسميه إدارة الأزهر ومشيخته ومكتبته وطبيبه ومحفوظاته مع طلبة يسكنون جوانب منه، وهو يشتمل على ثلاثة أدوار، وهو قطعة معمارية فنية جميلة من العمارة والفن الإسلاميين.

الرواق التركي

أو رواق الأتراك بناه السلطان قايتباي، ويستحق أوقافه كل مجاور من بلاد الأتراك وكان طلابه 50 طالباً.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

رواق المغاربة

وكان فيه أكثر من مئة طالب.

رواق الصعايدة

وهو من أشهر الأروقة الأزهرية وتدل جرايته (الطعام الموزع على طلابه) على كثرة من كان فيه، فقد بلغت ألف رغيف لكل يومين. وهو من انشاء الأمير عبدالرحمن كتخدا وله أوقاف عظيمة.

رواق الحنابلة

بناه الأمير عثمان كتخدا، وأهله كانوا قليلين، ورواتبهم مرتفعة، وكان يقع بجوار رواق زاوية العميان.

رواق الحنفية

وهو من أوسع الأروقة، به 13 غرفة للمجاورين، انشأه الأمير راتب باشا الكبير سنة (1279هـ ـ 1862م).


نظام الحياة في الأروقة

يصف لنا المقريزي جانباً من الحياة في الأروقة الأزهرية فيقول: لم يزل في هذا الجامع (أي الأزهر) منذ بني عدة من الفقراء يلازمون الإقامة فيه، وبلغت عدتهم في هذه الأيام (818هـ ـ 1514م) سبعمائة وخمسين رجلاً، ما بين عجم وزيالعة ومن أهل ريف مصر ومغاربه ولكل طائفة رواق يعرف بهم، فلا يزال الجامع عامراً بتلاوة القرآن ودراسته وتلقينه والاشتغال بأنواع العلوم والفقه والحديث والتفسير والنحو ومجالس الوعظ وحِلَق الذكر، فيجد الإنسان إذا دخل هذا الجامع من الأنس بالله والارتياح وترويح النفس مالا يجده في غيره، وصار أرباب الأموال يقصدون هذا الجامع بأنواع البر من الذهب والفضه والفلوس إعانة للمجاورين فيه على عبادة الله تعالى، وكل قليل تحمل إليهم أنواع الأطعمة والخبز والحلاوات لا سيما في المواسم.

وقد أصدر السلطان المملوكي برقوق مرسوماً ـ عندما تولى نظارة الأزهر الأمير الطواشي بهادر المقدم على المماليك السلطانية ـ باستحداث بعض الأنظمة الاستثنائية الخاصة بالمجاورين في الرواقات الذين يتوفون ولا وارث لهم من عصبة أو رحم، فأمر بأن يأخذ أموالهم زملاؤهم المجاورون في نفس الجامع، ونقش ذلك على حجر عند الباب الكبير البحري ( من جهة الشمال).


مصير الأروقة الأزهرية... وعودة الرواق المسجدي

بقي المجاورون في الأزهر على ما هم عليه من حال قديم دراسةً وإدارة وانتفاعا، وكان يستحدث لهم بين الحين والآخر من طرف الدولة أو إدارة الأزهر من تحسينات وتعديلات في فترات متباعدة، إلى أن جاءت سنة 1372هـ ـ 1952م، وفيها افتتحت مدينة البعوث التي ضمت بين جدرانها جميع مجاوري الأزهر وغيرهم من مختلف جنسيات العالم الإسلامي، وقد بلغ عددهم آنذاك خمسة آلاف طالب يقدم لهم السكن والطعام وسائر الخدمات المجانية التي تناسب العصر الحديث... وجاء ذلك في غمرة نقل الأزهر من جامع ذي نظام إداري وتعليمي قديم إلى جامعة ذات نظام حديث.

ومع زوال الأروقة من الجامع الأزهر بمفهومها التعليمي السابق وزوال بعض مبانيها وأطرافها، بقيت الأروقة في الأزهر جزءا من النظام المعماري الخاص بالأزهر كمسجد يشابه في هذا المجال معظم مساجد مصر والشرق الإسلامي...

وعاد الرواق بمفهومه المسجدي (التقليدي) اطاراً محيطاً بإجلال، ومعلماً من الصورة الكاملة للمساجد الكبرى...

وأبرز مثال على الرواقات الحديثة النشأة رواقات مسجد الدولة الكبير في دولة الكويت، ففي الجهة الشرقية منه صحن المسجد الرئيسي الفسيح الواسع، الذي تحف به الاروقة من جوانبه الثلاث ، وهي ترتفع على أعمدة مسافة ثمانية أمتار، وتتدلى من سقفها فوانيس حديثة الصنع قديمة الشكل.

وطول تلك الاروقة 760 مترا وهي تقي من الشمس والمطر ، وتستخدم للصلاة أحيانا، وحوائطها من السيراميك الجميل.

أما الليوان الواقع شرق بيت الصلاة مباشرة في المسجد الكبير فهو امتداد للأروقة، إلا أنه تتدلى من سقفه ثلاث وعشرون ثريا من الثريات الدمشقية المصنوعة من النحاس المؤكسد، على شكل قناديل تتميز بألوانها الهادئة وأنوارها الملونة الجميلة.

انظر أيضا

المصادر