حليم الضبع

حليم الضبع في مهرجان كلـِڤلاند، 2009.

حليم الضبع (4 مارس 1921 - 2 سبتمبر 2017)، هو مؤلف موسيقي، موسيقي، عالم موسيقى الشعوب، ومعلم مصري أمريكي، الذي امتد تاريخه المهني لأكثر من ستة عقود. اشتهرك بوجه خاص كرائد مبكر للموسيقى الإلكترونية.[1] عام 1944 ألف واحداً من أعماله المبكرة موسيقى الشريط،[2] أو كونشرتو الموسيقى. منذ أواخر الخمسينيات حتى أوائل الستينيات أنتج أعمال مؤثرة في مركز كولومبيا-پرنستون للموسيقى الإلكترونية.[3] وهو مؤلف موسيقى مشروع الصوت والضوء في أهرامات الجيزة، والتي تُستخدم منذ سنة 1961 وحتى اليوم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته المبكرة

ولد وترعرع حليم الضبع في السكاكيني في مدينة القاهرة لعائلة قبطية مسيحية ميسورة كانت قدمت من أبو تيج في محافظة أسيوط في صعيد مصر. وكان اسم عائلته الضبع ليس بالإسم الغير مألوف. في عام 1932 انتقلت عائلته إلى مصر الجديدة أو هيليوبولس. ودرس حليم متبعا خطى والده المهنية الزراعة ليتخرج عام 1945 من جامعة فؤاد الأول (التي أصبحت اليوم تعرف باسم جامعة القاهرة) بشهادة الهندسة الزراعية. إلا أن حليم كان يدرس ويؤدي ويؤلف الموسيقى على الهامش. وبالرغم من أن دخله الأساسي كان ممن عمله كمستشار زراعي، إلا أنه حظي بملحوظية وإعتراف في مصر منذ أواسط وحتى أواخر الاربعينات على مؤلفاته الموسيقية المبتكرة وتقنياته في البيانو.


الموسيقى الإلكترونية المبكرة في القاهرة

أتاح له عمله، كمهندس زراعي، السفر في أنحاء الصعيد والتعرّف على الموسيقى الفلكلوريّة والتراثيّة لأهالي القرى التي يزورها، ما جذب اهتمامه إلى الجزء الثقافي والفلكلوري من الموسيقى، وهو لم يزل مستمر معه حتى الآن في أعماله الموسيقيّة. تمكن ملاحظة تأثر حليم بالموسيقى التعبيريّة وطريقة التسلسل الموسيقى في كثير من أعماله التي يغلب عليها السلالم السداسيّة في بعض الأجزاء، والممزوجة بالطابع الشرقي الذي يظهر في اعتماده على المقسوم والمقامات الشرقيّة. تأثّر حليم بموسيقى شونبرگ وبيلا بارتوك وبول هيندسميث وآخرين كان قد رآهم وتعرف على موسيقاهم عندما أتوا إلى مصر للمشاركة في مؤتمر الموسيقى العربيّة الذي دعا إليه الملك فؤاد عام 1932. ويلاحظ ذلك التأثر ومزجه بالطابع الشرقي من أول ثلاثيّة بدأ تأليفها وعمره أحد عشر عامًا على مدار ثلاث سنوات عرفت باسم “مصريّات” – “عربيّات” – “أفريقيّات“. ويظهر من خلالها اهتمامه بالموسيقى الفلكلوريّة على غرار بيلا بارتوك.

الانتقال للولايات المتحدة

تأثّر حليم بالنكبة أيّما تأثّر، فألّف قطعة للبيانو بعنوان «في الجبهة ظلمةٌ واكتئاب»، وعزفها أوّل مرّة في القاهرة في 1949. فكان أن حضر الحفلة مسؤول من الملحقية الثقافية الأمريكية وجّه إليه دعوة أن يحضر إلى مكتبه في اليوم التالي، فلبّى حليم الدعوة دون أن يدرك أن ذلك اللقاء سيغيّر مجرى حياته، إذ سلّمه المسؤول ـ وهو يرحّب به في مكتبه، وحتّى قبل أن يجلس أيٌ منهما ـ قائمة طويلة بأسماء جامعات أمريكية شتّى وقال له: «اختَرْ من هذه القائمة الجامعة التي تتمنّاها، فقد قررنا أن نخصّك بمنحة دراسية (بفضل تشريع فولْبْرايت الموسّع) كي تختصّ في التأليف الموسيقي!» لكن أسماء تلك الجامعات لم تعنِ شيئاً لحليم في تلك الآونة، فكان ردّه: «أفضّل أن أكون في جامعة قريبة من الهنود الحمر، سكّان أمريكا الأصليين!» فما كان من المسؤول إلاّ أن أرسله إلى جامعة نيو مكسيكو في آلبوكركي أوّلاً، حيث درس التأليف الموسيقي لدى جون دونالد روب (1892 ـ 1989)، وأيرنست كشَنَك (1900 ـ 1991)، ثم إلى كونسرڤاتوار نيو إنگلاند للموسيقى في بوسطن، حيث درس التأليف الموسيقي لدى فرانسس جد كوك (1910 ـ 1995)، ثم إلى جامعة براندايس في ضاحية بوسطن المسمّاة والثم، حيث درس التأليف الموسيقي لدى إرڤنگ فاين (1914 ـ 1962). مكوث حليم في بوسطن في الخمسينات مكّنه من حضور ورشات عمل صيفية في مركز بركشير الموسيقي برعاية أوركسترا بوسطن السمفونية، حيث تسنّى له عرض مؤلّفاته على آرون كوپلاند (1900 ـ 1990) ولويجي دالابيكو (1904 ـ 1975) والعديد غيرهما.

لقد استفاد حليم من هذا العدد الكبير من أمهر مؤلّفي العصر الأمريكيين والاوروبيين الذين صقلوا موهبته الفذّة وشجّعوا روح التجديد فيه، فكانت أولى الثمرات في 1958 قطعة لحليم بعنوان «فانتازيا ـ تحميل» للدربكّة المنفردة وأوركسترا الوتريات حظيت باهتمام ليوبولد ستوكَوففسكي (1882 ـ 1977)، أحد أبرز قادة الأوركسترا في تلك الحقبة، الذي دعا حليم ليكون العازف المنفرد على الدربكّة بمرافقة أوركسترا نيويورك الفلهارمونية. وهذا ما فسح له الطريق للتعامل مع الناشر الموسيقي بيتَرْزْ في نيويورك، الذي تجد لديه اليوم أكثر من ثلاثمئة نصّ موسيقيّ من تأليف حليم في أبواب الاوبرا والباليه والأوركسترا وجوقة الغناء وفرق موسيقى الصالة المتنوّعة وموسيقى الآلات المنفردة بأنواعها بالإضافة إلى الموسيقى الألكترونية.

ثم كان أن مكتب مارثا گرام، أهمّ مصمِّمات «الرقص الحديث» قاطبة، وجّه له دعوة لتقديم موسيقاه للمصمِّمة دون تحديد المشروع الذي هي بصدده. فجمّع حليم كل ما توفّر لديه في 1958 من تسجيلاته على البكرات، ولم يتجاوز مجمل مؤلّفاته وقتئذ الثلاث ساعات، وانتظر مارثا، التي لم تحيِّه وحتى لم تنظر صوبه حين دخلت مكتبها وجلست وقد أغلقت عينيها دون أن تنبس ببنت شفة، فشغّل حليم الجهاز وعزف لها البكرة تلو الأخرى حتى خلا وفاضه، وبعد أن احتار لفترة بسبب عدم استجابتها البتّة، عاد فعزف تسجيلات مؤلّفاته مرة ثانية، وعندما انتهى من ذلك فتحت مارثا عينيها للمرة الأولى وقامت من مكانها ونظرت صوبه وبدا له أنّها تحييه، ثم أقفلت عائدة من حيث أتت، فهرع حليم إلى مساعِدتها في غرفة الاستقبال متسائلاً، فأجابته المساعِدة أن ليس في وسع أحد أن يستقرئ شيئاً ممّا حصل، لا سلباً ولا إيجاباً! لكن سرعان ما وصلته دعوة لتأليف الموسيقى لباليه «كليتمنسترا» من تصميم مارثا ـ وهو الباليه الوحيد من تصميمها الذي يملأ أمسية كاملة، تبعه تكليف بثلاث باليهات أقصر ـ تمّ تمويله بوساطة زَمالة من مؤسسة كوكنهايم، وتمّ تقديمه على مسرح في شارع برودواي في نيويورك.

بَيد أن فضول حليم لم يتوقّف عند حدود التجديد والتجريب الموسيقيين، بل تجاوز ذلك إلى اكتناه جذور الموسيقى الأفريقية، ففاز بزَمالة ثانية من مؤسسة كوكنهايم وقضى شطراً طويلاً من الستينات يتقصّى أصول الموسيقى والرقص لدى شعوب أفريقية شتّى، حتى أنه حاضر في هذا المجال في جامعة هايله سيلاسي الأول في أديس أبابا في الحبشة (قبل أن يتمّ تغيير اسمها هي الأخرى)، ثم في جامعة هاورد في واشنطن العاصمة من 1966 ـ 1969، ثم في جامعة كنت الحكومية في أوهايو من 1969 ـ 2012، حيث ابتسم لي الحظ بأن أكون أحد تلاميذه من 1985 ـ 1988. بل وقدتُ قطعة في ثلاث حركات من تأليفه وبحضوره، عنوانها «ثُمانيّة، أو أُحادية، وثُنائيّة، ومتعدّدة النغمات» لستّ عازفين على آلات النفخ، وعازفَين على آلات الإيقاع ـ وكان أولئك العازفون أعضاء في فرقة الموسيقى المعاصرة التابعة لجامعة كَنْت الحكومية ـ احتفالاً بعيد ميلاده الخامس والستّين في مارْس 1986. وقد يَعجب المستمع من عمق الابتكار الذي يشحن به حليم كل حركة من تلك الحركات، بما فيها الأولى التي تبدو على صفحة النصّ الموسيقيّ وكأنها لا تترك موقع طبقة صوتية واحدة إلاّ فيما ندر، لكن التغيير هذا، رغم رقّته، فإن وقعه على الجمهور كان جبّاراً.[4]

بعد مشاركته في موسيقى أفلام المخرج حسين حلمي، وفوزه بالجائزة الأولى للتأليف الموسيقي بدار الأوبرا المصريّة، وتدشينه للموسيقى الإلكترونيّة بمقطوعة “تعابير الزار“، انتقل حليم إلى الولايات المتحدّة لدراسة الموسيقى. وتعرّف في الخمسينيّات على رائد الموسيقى التجريبيّة جون كايج، وعلى إدوارد فاريز وهنري كوويل واندمج وسط الفنانين الطليعيين، كما عمل مساعدًا لإيغور سترافينسكي. تعتبر حقبة الخمسينيّات لحليم الضبع أكثر الفترات التجريبيّة التي استغل فيها الإلكترونيات لإنتاج أعماله. ويظهر ذلك على سبيل المثال في مقطوعة Michael and the dragon، التي استخدم فيها آلات الإيقاع بطريقة غير تقليديّة، متحكّمًا في الصوت الخارج منها ليكتشف صوت جديد لتلك الآلات، مستعينًا بمؤثرات صوتية ناتجة عن التردّد والصدى الصوتي. كما استخدم الصوت البشري وأعاد توظيفه كآلة وطبقة موسيقيّة لتندمج مع آلات الإيقاع. واستغل أيضًا صوت المذبذب الإلكتروني (وهو عبارة عن دائرة كهربائيّة تخرج نغمات عن طريق التحكم في الجهد VCO9 وهو الجزء الأساسي وأدق جزء مستخدم في آلة السينتثايزر، ولم يكن قد صنّع بعد في هذا الوقت. المحصلة هى تجربة صوتيّة سجلها حليم على شريط ثم قام بإعداد الصوت كما يحلو له.

مركز كولومبيا-پرنستون للموسيقى الإلكترونية

أبدع حليم في هذا الاتجاه عندما استجاب لدعوة مؤلّف الموسيقى الإلكترونيّة فلاديمير أوساتشيفسكي إلى مركز كولومبيا – برينستون للموسيقى الإلكترونيّة، مستعيناً بأدوات عديدة مثل الطبلة وآلات الإيقاع والفلوت والعود للعزف الفلكلوري، بالإضافة إلى صوته والموجات الجيبيّة والمربّعة10 عن طريق أول سينثسايزر مصنّع (RCA). استخدم حليم مرشح صوتي11 لفصل الموجات المنخفضة أو إظهار النغمات العالية، واعتمد على تكرار الصوت في بعض المقاطع وتوظيف الضجيج الأبيض12. من أشهر أعماله في تلك الفترة Leiyla and the poet، وهى رؤيته لقصة مجنون ليلى، والتي تلخّص التقنيات والأسلوب السابق ذكره. ويعلّق المغنّي ومؤلف موسيقى الروك فرانك زابا على هذا العمل قائلًا إنه من أهم وأكثر الأعمال التي ألهمته فيما بعد.

لم يلق العرض الأول استحسان الجمهور إلا من فئة قليلة، حيث ضحك بعض الجمهور وغضب وهتف البعض الآخر بالقاعة. ولقد حدث هذا بالفعل من قبل في العرض الافتتاحي الأوّل لـ طقوس الربيع لإيغور سترافينسكي قبل ما يقرب من خمسين عام، وهذا ليس رد فعل غريب تجاه أيّة موسيقى جديدة على الجمهور المتلقّي. ولكن يمكن أن نقول إن هذا النوع من التجارب جذب جمهوراً جديداً غير جمهور الموسيقيين، مثل مصمّمي عروض الرقص المعاصر والفنانين الطليعيين، لتكتسب الموسيقى بذلك طابعاً فنيّاً وبصريّاً، وتتحرّر الموسيقى من كونها قائمة بذاتها لتخدم أفرع أخرى من الفن. فُتح الطريق للموسيقى بشكل أوسع في المعارض الفنية والمسرحيات والعروض، كما استخدمت بشكل مختلف وأكثر إبداعًا في الأفلام وخصوصًا لإنتاج المؤثرات الصوتيّة. لذلك لم يكن غريبًا أن يشترك حليم في أربعة أعمال للباليه مع أهم فنانات الرقص الحديث مارتا غراهام، اعتمد فيها على مواضيع خاصة بالحضارة المصريّة القديمة وحضارات أخرى. وتشبه مجموعة الأعمال هذه في محتواها عمله الضخم الذي قام به عام ١٩٦١ للحكومة المصريّة، وهو عرض الصوت والضوء بالأهرامات الذي ما زال يعرض حتى الآن. في هذا العمل يدمج الأداء والإلقاء الصوتي مع الموسيقى، وكما ذكرنا يمكن ملاحظة روح موسيقى شونبرگ.

مع تطوّر التكنولوجيا في بداية السبعينيّات، انصرف مؤلفو الموسيقى الواقعيّة عن التجريب على الشرائط والتحكم في الأصوات. حيث قام السنثسايزر والمؤثرات الصوتية القياسية15، وتطوّر طرق التسجيل والإعداد الصوتي بتسهيل تلك العملية وتوليد عدد لا نهائي من الأصوات.

ولكن حب حليم للثقافات والعادات وفضوله للتعرف على أصوات جديدة مختلفة فتح له المجال للسفر إلى أفريقيا في الستينيّات والسبعينيّات لدراسة ثقافات الشعوب وانعكاسها على موسيقاتهم. ثم عاد مرة أخرى إلى أميركا لينشغل أكثر بالدراسة والتدريس في الكثير من الجامعات من أهمها Kent State University. قام حليم بتعليم الكثيرين عن طريق الأصوات واللغات والرقص واستدعائه الثقافات الأفريقيّة المختلفة لعشرين دولة قام بزيارتها. ويتكلم حليم عن تجربته في أفريقيا قائلًا إن من العادي أن نجد على بعد كل عشرة كيلومترات مجموعة أو قبيلة ذات ثقافات مختلفة عن جارتها، مما يجعل الأفارقة أكثر انفتاحًا لاستقبال الموسيقى والأصوات الغريبة عن أذنهم بسهولة وترحيب. ومن هنا يمكننا الاستنتاج أن الموسيقى في المدينة لا تتمتع بهذه التعدديّة وعدم التجانس التي يجدها حليم في القرى الأفريقيّة، حيث أن أهل المدينة معرّضون لنفس الأصوات الرتيبة والمتجانسة مما يجعل قدرتهم على استيعاب أصوات جديدة أو موسيقى مختلفة مثل الموسيقى الإلكترونيّة والتجريبيّة أكثر صعوبة من أهل القرى الأفريقيّة.


حياته اللاحقة وعمله

حليم الضبع.

يمكن تقييم تجربة حليم الضبع مع الأصوات كتجربة أشبه بالنحّات الذي يقوم بالعمل بمادة معينة وتشكيلها كما يحلو له ولكن من منطلق صوتي. بجانب تجاربه الصوتيّة، يركز حليم على النغمات في أعماله، بالإضافة إلى التركيز على خامة وعذوبة الصوت، وهو ما يسير على نهجه عازفو الموسيقى الإلكترونيّة والكلاسيكيّة المعاصرة والإندستريال روك، والبوست روك والموسيقى المحيطة. أما تجاربه الصوتيّة فتعد حجر أساس استخدام العيّنات الصوتية في الموسيقى البوب والهيب هوب والإلكترونيّة بمختلف أنواعها— وهو ما يعرف الآن بـتكنيك الـ Sampling والشائع الآن عن طريق أجهزة العينات الصوتيّة16، وبرامج التسجيل الرقميّة لإعداد جملة موسيقيّة أو صوت ما.

حتى وفاته، ظل حليم يؤلف موسيقاه، متمسكًا بنفس الخط الذي اتبعه، عن طريق التسلسل الموسيقي والمقامات والموازين العربيّة والموسيقى الأفريقيّة، واستخدامه لأساليبه الخاصة في كتابة النوتة الموسيقيّة لأعماله، والدمج بين الآلات ذات الثقافات المختلفة، مخلصًا لآلتيه المفضلتين البيانو والطبلة. وذلك فضلًا عن صبغه الموسيقى الغربيّة الطليعيّة والمعاصرة بطابع شرقي.

أعمال حليم الضبع ليست متوفرة مثل أعمال سائر الموسيقيين، فلم يتم تجميعها وطباعتها على أسطوانات إلا في التسعينيّات، وهى متاحة الآن بقلة على الإنترنت ومعروضة للبيع . ولكن من الواضح أن اهتمام حليم بالدراسات والتجريب قد صرفه عن الترويج لموسيقاه والاهتمام بالجانب التجاري منها، لتحتفظ موسيقاه بخصوصيتها أكثر في المسارح وأماكن العروض المختلفة.

في عام 2002، قام حليم بتلبية دعوة مكتبة الإسكندرية لحضور افتتاحها مصطحبًا معه فنانين أمريكيين لعزف موسيقاه. وقام بالمشاركة في ندوة موسيقية بإدارة المؤلف الموسيقي راجح داوود. ومن أشهر كلماته فيها: “أعتبر البيانو كائنًا حيًا، لا أعتبر نفسي مسيطرًا على البيانو، يجري حديث بيني وبينه قبل أن أبدأ التأليف، تتقابل الأصوات في وجداني، أستجيب لها وتخرج منتظمة متّسقة. كل آلة موسيقيّة لها مشاعرها، كل آلة لها تعبير شخصي” ... “بدأت حياتي مهندسًا زراعيًا ثم أصبحت مهندسًا موسيقيًا“.[5]

أسلوبه الفني

حليم الضبع.

بغض النظر عن تجاربه على الشرائط وعمله بمجال الموسيقى الواقعيّة، تختلف موسيقى حليم في كتابتها عن باقي المؤلفين الموسيقيين. فيتّبع أسلوباً مختلفاً عن النوتة الموسيقيّة، يختزل عن طريقه الصوت والنغمات في رموز خاصة به، كاسرًا بذلك الموروث الكلاسيكي ليس فقط في الموسيقى عامةً بل في كتابتها أيضًا. كما اتبع نظاماً آخر في الكتابة عن طريق الألوان، حيث يستطيع حليم الإحساس بلون الصوت وتمييز الاثنتي عشرة نغمة في الموسيقى الغربيّة عن طريق ألوان مختلفة، أما تغير حيويّتها، فينعكس عن طريق تلوينه بفرشاه على لوحة. علاقة حليم القويّة بالأصوات جعلته يراها ويلوّنها ويميّزها، فهو على سبيل المثال يعتبر كل شخص عبارة عن مجموعة اهتزازات يستطيع تمييزها في الفراغ، ما ساعده في تخيله للموسيقى التي يصمّمها للراقصين كي تلائم كل شخص على حسب ما يصدره من اهتزازات.

من الصعب تخيّل طريقة تفكير حليم الضبع وعلاقته الوطيدة بالأصوات. إذ تميل موسيقاه أكثر إلى التجريب، وموسيقاه ليست الموسيقى السهلة المعتمدة على السلالم المألوفة للأذن. ولكن يمكن النظر إلى موسيقاه من منظور مختلف كأداة أو وسيلة منفتحة لخدمة أى مشروع فني أو بصري آخر. هذا بالإضافة إلى اعتبار موسيقاه متاحة للجميع، وهو النهج الذي سار عليه زملاؤه الذين خرجوا عن النطاق التقليدي للموسيقى الكلاسيكيّة المخصصة للنخبة وأتاحوها في أماكن متعددة عوضًا عن المسارح.

وبالرّغم من التطور التقني وظهور البرامج الرقمية للتحكم بالأصوات التي حلت مكان نظام الشرائط القياسي القديم وإتاحة التحكم وصياغة الصوت للجميع، إلا أنّ الفضل الأكبر يرجع إلى حليم الضبع ومجموعته في الكشف عن هذا النوع من الفن. حيث استخدم ذلك الفن، وما زال مستخدمًا حتى الآن، في صناعة الشريط الصوتي والمؤثرات الصوتية للأفلام الذي يهتم به المخرجون السينمائيون، ونجد كبار المخرجين يركزون على الإبداع فيه مثل ديفيد لينش الذي يعتبر فن الصوت أحد دعائم أفلامه.

حليم ودبورا الضبع.

حليم الضبع ترك وراءه زوجته، دبورا، وثلاثة أنجال بالغين.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أعماله

المسموعة

  • 1944 – The Expression of Zaar
  • 1957 – Sounds of New Music. New York: Folkways.
  • 1959 – Leiyla and the Poet
  • 1961 – Columbia-Princeton Electronic Music Center. New York: Columbia Masterworks.
  • 1989 – The Self in Transformation: A Panel Discussion. Cassette tape: Features Donald Michael Kraig, Jeff Rosenbaum, Joseph Rothenberg, and Robert Anton Wilson. ACE.
  • 2000 – Gilbertson, Nancy. Mediterranean Magic. Moravia, New York: Nancy Cody Gilbertson. Includes Mekta' in the Art of Kita', Book 3.
  • 2000 – Olatunji Live at StarwoodBabatunde Olatunji & Drums of Passion (guest Halim El-Dabh). CD: Recorded at the 17th Starwood Festival in July 1997. ACE
  • 2001 – El-Dabh, Halim. Crossing Into the Electric Magnetic. Lakewood, Ohio: Without Fear.
  • 2002 – Halim El-Dabh Live at Starwood – Halim El-Dabh (With: Seeds of Time) CD: Recorded at the 22nd Starwood Festival in July 2002. ACE
  • 2002 – El-Dabh, Halim Blue Sky Transmission: A Tibetan Book of the Dead (original cast recording) Cleveland Public Theatre, Halim El-Dabh, and Raymond Bobgan
  • 2006 – Fan, Joel. World Keys. San Francisco, California: Reference Recordings. Includes "Sayera" from Mekta' in the Art of Kita', Book 3.
  • 2016 - El-Dabh, Halim; Ron Slabe. Sanza Time.

الأفلام

  • 1960 – Yuriko: Creation of a Dance. Features a rehearsal of The Ghost, with score by El-Dabh
  • 1967 – Herostratus. Directed by Don Levy. One scene features audio of El-Dabh's Spectrum no. 1: Symphonies in Sonic Vibration
  • 2000 – Olatunji Live at StarwoodBabatunde Olatunji & Drums of Passion (guest Halim El-Dabh). DVD: Filmed at the 17th Starwood Festival in July 1997. ACE.
  • 2002 – Halim El-Dabh Live at Starwood – Halim El-Dabh (With: Seeds of Time) DVD: Filmed at the 22nd Starwood Festival in July 2002. ACE.

الهوامش

  1. ^ Holmes, Thom (2008). "Early Synthesizers and Experimenters". Electronic and experimental music: technology, music, and culture (3rd ed.). Taylor & Francis. p. 156. ISBN 0-415-95781-8. Retrieved 2011-06-04.
  2. ^ The Wire, Volumes 275-280, 2007, p. 24, https://books.google.co.uk/books?id=lvo4AQAAIAAJ, retrieved on 2011-06-05 
  3. ^ Holmes, Thom (2008). "Early Synthesizers and Experimenters". Electronic and experimental music: technology, music, and culture (3rd ed.). Taylor & Francis. pp. 153–4 & 156–7. ISBN 0-415-95781-8. Retrieved 2011-06-04.
  4. ^ "الموسيقار المصري حليم الضبع: الرّيادة وأصداؤها". القدس العربي. 2017-04-30. Retrieved 2017-09-10.
  5. ^ حليم الضبع - نحّات الصوت، مغني الحجر

المصادر

  • Bibliographic Guide to Dance by the New York Public Library Dance Collection.
  • Freedman, Russell. Martha Graham: A Dancer's Life.
  • Gilbert, Chase. America’s Music, From the Pilgrims to the Present.
  • Gill, Michael. Circle of Ash. 7 July 2005. Free Times article referencing Starwood Festival appearance.
  • Hartsock, Ralph and Carl John Rahkonen. Vladimir Ussachevsky: A Bio-Bibliography.
  • Holmes, Thomas B. Electronic and Experimental Music: Pioneers in Technology and Composition.
  • Horne, Aaron. Brass Music of Black Composers: A Bibliography.
  • _____. Woodwind Music of Black Composers.
  • Howard, John Tasker. Our American Music: A Comprehensive History from 1620 to the Present.
  • Landis, Beth and Eunice Boardman. Exploring Music.
  • Seachrist, Denise A. The Musical World of Halim El-Dabh. Includes compact disc. Kent OH, USA: Kent State University Press, 2003.
  • Shelemay, Kay Kaufman and Peter Jeffery. Ethiopian Christian Liturgical Chant.
  • Smith, Gordon Ernest. Istvan Anhalt: Pathways and Memory. 1950.
  • South, Aloha P. Guide to Non-Federal Archives and Manuscripts in the United States Relating to Africa.

مصادر إضافية

وصلات خارجية