تاريخ بورما

تاريخ بورما
WikiProject Burma (Myanmar) peacock.svg

تاريخ ميانمار (وتُعرف أيضاً بإسم بورما) يغطي الفترة من زمن أول استيطان بشري قبل 13,000 سنة وحتى اليوم. أول المستوطنين في التاريخ المسجل كانوا شعباً ناطقاً بالتبتية-البورمية أسس مدن-دول پيو التي امتدت جنوباً حتى پياي واعتنقوا بوذية الثرڤادا.

وثمة مجموعة أخرى، شعب بامار، دخلت وادي أعلى الإيراوادي في مطلع القرن التاسع. وقد أسسوا مملكة باگان (1044–1287)، التي كانت أول توحيد لوادي إيراوادي ومحيطه. وببطء حلت اللغة البورمية وثقافة بامار محل ثقافة پيو أثناء تلك الفترة. وبعد الغزو المنغولي الأول لبورما في 1287، قامت عدة ممالك صغيرة، كان أهمهم مملكة آڤا، مملكة هانثاوادي، مملكة مراوك أو ودويلات شان، وتصدروا على المشهد، بتحالفات متقلبة وحروب مستمرة.

في النصف الثاني من القرن 16، أعادت أسرة تاونگو (1510–1752) توحيد البلد، وأسست أكبر امبراطورية في تاريخ جنوب شرق آسيا لفترة قصيرة. أرسى ملوك تاونگو اللاحقون العديد من الإصلاحات الادارية والاقتصادية الكبرى التي أطلقت مملكة أصغر ولكن أكثر سلماً وازدهاراً في القرن 17 ومطلع القرن 18. في النصف الثانمي من القرن 18، استعادت أسرة كون‌باوڠ (1752–1885) المملكة، وواصلت اصلاحات تاونگو التي قوّت الحكم المركزي في المناطق الهامشية وأنتجت واحدة من أكثر الدول تعلماً في آسيا. كما انخرطت تلك الأسرة في حروب مع كل جيرانها. الحروب الأنگلو-بورمية (1824–85) أدت إلى الحكم الاستعماري البريطانية.

جلب الحكم البريطاني تغيرات اجتماعية واقتصادية وثقافية وادارية راسخة وعديدة غيرت بالكامل المجتمع الذي كان زراعياً. وأهمها أن الحكم البريطاني لعب على الخلافات الجماعية بين الجماعات العرقية العديدة في البلد. ومنذ الاستقلال في 1948، سقط البلد في أحد أطول الحروب الأهلية والذي يبقى بلا نهاية. ويظل البلد تحت الحكم العسكري بأشكال تخفى متعددة منذ 1962 حتى 2010، وأثناء ذلك أضحت بورما واحدة من أقل دول العالم نمواً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التاريخ المبكر (حتى القرن التاسع)

قبل التاريخ

وجد علماء الآثار أدلة تدل على أن الحضارة التي وجدت في المنطقة التي تشكل بورما حالياً قديمة نوعاً ما. أقدم الآثار التي وجدت هي عبارة عن رسومات كهفية وتجمعات هولوسينية تمثل أسلوب حياة الصيد والقطف المنتشر في ذلك الوقت بكهف في موقع بادلين الأثري بولاية شان.[1]

يعتقد أن السكان المون هم أقدم الجماعات التي اندمجت في الأجزاء السفلية من وادي إيراوادي, وبحلول منتصف القرن العاشر أصبحوا القوة المسيطرة على جنوب بورما.[2]

وصل التبتو-بورميون الذين يتحدثون بلغة بيو (Pyu) لاحقاً في القرن الأول قبل الميلاد إلى بورما، وأسسوا فيها عدة مدن وولايات من مثل سريكسترا في وسط وادي إيراوادي، حيث كانت تتشارك مملكتي المون والبيو بشكل نشط في طريق التجارة بين الهند والصين. دخلت مملكة بيو لاحقاً في موجة من التدهور السريع في بداية القرن التاسع الميلادي عندما قامت جيوش مملكة نانجاو (تقع في يون‌نان حالياً) بغزو وادي إيراوادي عدة مرات.

پاگان (1044–1287)

أرض ميانمار قديمة الإعمار، مثلها في ذلك مثل بقية جنوب شرقي آسيا، وقد كان لموقعها المتوسط بين الهند من الغرب والصين من الشرق، ووجود مجموعات اثنية مختلفة على أرضها إضافة إلى شعب ميانمار (المجموعة الرئيسة) أثر كبير في تاريخ الصراع بين شعب بورما ومون Mons والمجموعات العرقية الأخرى، ففي عام 1044 سيطر البورميون بزعامة الملك أناواثا بالسيطرة على دلتا نهر إراوادي Irrawady ومدينة ثاتون عاصمة دولة المون، لكن البورميين اعتنقوا البوذية ـ ديانة المون.

وفي عام 1287 سيطرت قبائل الشان التي تقطن شمالي البلاد على مناطق واسعة إلى الجنوب من مناطق سكناها الأصلية، وفي القرن السادس عشر أخضعت السلالة الحاكمة البورمية الشان والمناطق التي يسيطرون عليها لحكمهم، وفي القرن الثامن عشر استمرت النزاعات المحلية إلى أن سيطر التحالف الذي يقوده ملوك البورميين على جنوبي البلاد نهائياً وأعلنوا رانگون (يانگون) عاصمة لهم، واتسعت منطقة نفوذ هذه المملكة لتشمل مناطق من أسام ومانيپور الهنديتين ومناطق من تايلند الحالية أيضاً.


Pagodas and temples in present-day Bagan, the capital of the مملكة باگان.

الممالك الصغيرة (1287–1531)

لم تستمر اقامة المغول في وادي إيراوادي لفترة طويلة, لكن التاي-شان الذين قدموا مع المغول من يونان استقروا في الوادي هناك وانتشروا فيه, واسسولهم عدة ولايات فيما بعد مثل لاوس، سيام وأسام مصبحين بذلك أحد اللاعبين الكبار في منطقة جنوب شرق آسيا انذاك.

حيث تفككت وقسمت مملكة بيجان إلى عدة ممالك ومناطق صغيرة من مثل:

  • مملكة آفا (1364–1555) التي اسسها البورمان, الدولة الخلف لثلاث مماليك أصغر أنشأها الملوك البورمانيون الشان, واستطاعوا من خلالها السيطرة على الأجزاء العلوية من بورما (من غير الولايات الشانية الأخرى).
  • مملكة باجو (1287–1540) التي اسسها المون بقيادة الملك المون-شاوي وريرو (1287–1306)، والتي كانت تسيطر على الأجزاء السفلية من بورما (من غير ولاية تاننثريي).
  • مملكة راكيني التي أسسها مراوك أو في غرب بورما.
  • عدة ولايات شانية في شرق مرتفعات شان وشمال مرتفعات كاتشين.

اتسمت هذه الحقبة بفترة صراع حربي مستمر بين مملكتي آفا وباجو, وامتد قليلاً إلى صراع أقل حدة بين آفا وشان. حيث استطاعت مملكة آفا في زمن قصير من احكام سيطرتها على مملكة راكيني (1379–1430) واقتربت استطاعة الحاق الهزيمة ببملكة باجو لعدة مرات, لكنهم لم سيتطيعوا اعادة توحيدة امبراطوريتهم الضائعة (مملكة بيجان). ومع ذلك, دخل المجتمع البورماني والثقافة البرومية عصرها الذهبي في ذلك الوقت. حيث ازدهرت مملكة باجو, واكملت ملكة باجو شين سا بو بناء باجودية شويداجون (Shwedagon) المطلية بالذهب, واوصلتها إلى ارتفاعها الحالي.

و بحلول نهاية القرن الخامس عشر, اسهمت حالة الصراع والحروب الدائمة باضعاف مملكة آفا بشكل كبير, بحيث أصبحت أطراف المناطق التي تسيطر عليها أما مستقلة أو محكومة ذاتياً. وفي 1486 قام ملك تونجو منكين انيو (1486–1531) بالإنفصال عن مملكة آفا واسس مملكة منفصلة صغيرة عنها. وفي 1527 تمكن القائد مونين (Mohnyin) أخيراً من الاستيلاء على مملكة آفا واحكام سيطرته عليها، منهياً بذلك حالة التوازن الحساسة للقوى التي كانت تسيطر على المنطقة لقرنين من الزمان تقريباً. حيث ظل الشان يحكمون الأجزاء العليا من بورما حتى عام 1555.

تونگو (1531–1752)

مدعومين بالبورميين الذين فروا بعد سقوط مملكة آڤا، تمكنت مملكة تونگو بقيادة ملكها تابينشويتي (1531–1551) من هزيمة مملكة المون التي كانت تتمركز في باجو، موحدة بذلك جميع الأجزاء السفلية من بروما تحت سيطرتها في 1540. واستمر خليفة تابينشويتي من بعده في الحكم الملك باين‌ناونگ (1551–1581) في غزو واحتلال المزيد من المناطق فاحتل مانيپور (1556)، ولايات شان (1557)، تشينج ماي (1557)، مملكة أثوياها (1564 إلى 1569) بالأضافة إلى لين زانغ (1574)، محكماً بذلك سيطرته على معظم غرب جنوب شرق آسيا. واستعد لغزو مملكة راخينه بقوة بحرية تسيطر على جميع اراضي الساحل الموالي لغرب راكيني إلى ميناء چيتاگونگ في إقليم البنغال.

اخذت امبراطورية باين‌ناونگ العملاقة بالتداعي والتفكك مباشرة بعد موته في 1581، حيث انفصل التايلانديون الذين كانوا يقطنون مملكة أثوياها عن بورما خلال عام 1593 واستقروا في تانين‌ثاريي. وفي 1599 قامت قوات مملكة راخينه مؤيدة بالمرتزقة البرتغاليين بإسقاط عاصمة المملكة باجو. وقام فيما بعد قائد البرتغاليين فيلب دي بريتو بالثورة على أسياده الراخينيين أنفسهم، مؤسساً بذلك حكماً برتغالي في ثانلين، اليت كانت تعد أهم ميناء بحري في بورما.

اتحد البورميين تحت قيادة الملك ألاونگ‌پايا (1605–1628) وهزموا البرتغاليين في 1611. وقام الونغبويا بعدها باعادة بناء مملكة صغيرة اتخذت من آفا مركزاً لها وغطت على الأجزاء العلوية من بورما، الأجزاء السفلية من بورما والولايات الشانية (من دون مملكة راخينه ومملكة أثوياها). وبعد فترة حكم الملك تولان (1629–1648)، الذي ساهم في اعادة بناء البلاد بعد الحرب، دخلت البلاد في مرحلة انخفاض بطيء وثابت للأوضاع لمئة سنة قادمة. حيث نجح المون في اقامة ثورة ناجحة في 1740 بمساعدة من الفرنسيين وتشجيع من التايلانديين. مقتحمين بذلك الأجزاء السفلية من بورما في 1747, ونجحوا أخيراً في وضع حد لحكم التونجو في 1752 عندما قاموا باحتلال آفا عاصمة المملكة.

كونبونگ (1752–1885)

ليثوگراف بريطاني من سنة 1825 يصور پاگودا شويداگون يبين الاحتلال البريطاني المبكر في بورما أثناء الحرب الأنگلو-بورمية الأولى.

وضع الملك ألاونگ‌پايا حجر الأساس لبداية حكم سلالة كونبونگ عندما قام بتأسيسها في 1752 بولاية شويبو.[3] كما قام بتأسيس مدينة رانگون في 1755. وبموته في 1760، تمكن ألاونگ‌پايا من توحيد البلاد مرة أخرى. في 1767، تمكن الملك شين بوشين (1763–1777) من الأطاحة بمملكة أثوياها. وقامت سلالة تشينگ التي كانت تحكم الصين بغزو بورما أربع مرات في الفترة الزمنية من 1765 إلى 1769 لكن من دون نجاح يذكر. لكن الغزو الصيني اعطى فرصة فرصة لمملكة سيام السياميين التي كانت تتخذ من بانكوك مركزاً لها بأن تثور البورميين وتخرجهم من سيام في أواخر 1770.

فشل الملك باداوبيا(1782–1819) في اعادة احتلال سيام مرتين في 1780 و 1790. لكنه نجح في الأستيلاء على الجزء الغربي من مملكة راخينه، والذي كان مستقلاً عن المملكة لمدة طويلة منذ سقوط باجان. كما قام باجيدا بضم ولاية مانيپور رسمياً إلى مملكته بحمايته لحملة تمرد كانت تسود المنطقة في 1813.

تمكن قائد الجيش التابع للملك باجيدا (1819–1837) الجنرال مهاباندولا من أسقاط ثورة شعبية بولاية مانيپور في 1819 والأستيلاء على مملكة أسام المستقلة في 1819 (اعاد احتلالها مرة أخرى في 1821). لكن هذه الفتوحات الجديدة اسهمت في زيادة حدة التقارب بين البورميين والهند البريطانية، حيث تمكن البريطانيين من هزيمة البورمانيين في الحرب الانجلو-بورمية الأولى (1824–1826). مما أضطر البورمانيين إلى الأنسحاب من أسام، مانيپور، راخينه وتانين‌ثاريي.

في 1852، هاجم البريطانيين بورما التي اصابها الضعف بشدة نتيجة الصراع البورمي الداخلي على السلطة. فبعد الحرب الأنگلو-بورمية الثانية والتي استمرت لثلاث شهور، تمكن البريطانيين من الأستيلاء على المحافظات الساحلية الأخرى: منطقة آيياروادي، رانگون وباجو، وأطلقوا ليها اسم بورما السفلى.

قام الملك مايندين (1853–1878) بتأسيس ماندالاي في 1859 واتخذها عاصمة له. واستطاع تجنيب بلاده من الأخطار المترامية للمصالح الأستعمارية المشتركة من قبل فرنسا وبريطانيا. وفي فترة تقدمه، اضطر مايندين إلى التخلي عن ولايات كاياه في 1875. ولم يقم خليفته من بعده ثيباو (1878–1885) بحركات تذكر في فترة حكمه. وفي 1885، قام البريطانيون وبعد أن تنبهوا إلى قيام الفرنسيين باحتلال لاوس المجاورة لبورما إلى احتلال الأجزاء العليا من بورما. حيث اسفرت الحرب الانگلو-بورمية الثالثة إلى انتصار البريطانيين وسقوط العاصمة ماندلاي، ونفيت العائلة الحاكمة البورمية إلى ولاية راتنجيري بالهند. أخذت بعدها القوات البريطانية أربع سنوات في تهدئة الأوضاع الداخلية، ليس فقط في بورما لكن أيضاً في شان بالصين والمناطق المجاورة لمرتفعات كاتشين، وتذكر بعض المصادر أن طفيفة التمرد لم تنتهي حتى 1896.

الفترة الإستعمارية (1886–1948)

هبوط القوات البريطانية في ماندلاي بعد آخر الحروب الأنگلو-بورمية، التي أسفرت عن نزول آخر ملك بورمي، ثيباو من عن العرش.
منظر ميدان فيتشه (الآن حديقة مهاباندولا) في وسط رانگون، التي طورها ووسعها البريطانيون لتكون عاصمة بورما.
القوات البريطانية تطلق هاون على طريق ماوچي، يوليو 1944.

احتل البريطانيون ميانمار على مراحل، بدءاً من 1826م حين نزلت ميانمار عن سلطتها على مناطق ساحلية لمصلحة الهند البريطانية، ثم احتل الجيش البريطاني دلتا نهر إرّاوادي سنة 1852م وفي عام 1885م قام البريطانيون باحتلال بورما (ميانمار) بالكامل وضموها إلى الهند. وفي مرحلة الاستعمار البريطاني اهتم المستعمرون بزراعة الأرز واستكشاف الثروات المعدنية واستثماره؛ ولذلك قاموا بمد السكك الحديدية إلى المناطق ذات الأهمية الاقتصادية، كما بدئ باستخراج النفط سنة 1871م من حقول واقعة وسط البلاد.

بقيت ميانمار خاضعة لما يسمى نظام الحكم المزدوج (الهندو-بريطاني) حتى سنة 1923م حين منحت نوعاً من الحكم الذاتي سمح بانتخاب جزئي للسلطة التشريعية، وفي عام 1935م فرض البريطانيون دستوراً جديداً إلى البلاد فصلها عن الهند وسمح بانتخابات برلمانية، وأعطى صلاحيات محدودة للسلطة التنفيذية. أما في أثناء الحرب العالمية الثانية فقد احتل البلاد من قبل الجيش الياباني حتى طُرد بمساعدة جيوش الحلفاء سنة 1945م.

وافق البريطانيون على منح بورما (ميانمار) الاستقلال الكامل سنة 1947م مع منح حكم ذاتي لمناطق الجماعات غير البورمية الرئيسة، وبقيت ميانمار مسرحاً للصراعات المحلية والتأثير الخارجي من الجوار وخاصة التأثير الصيني بأشكاله السياسية والعسكرية، وقد أدى هذا الصراع إلى تعاقب حكومات عسكرية مازالت تسيطر على البلاد، وقد قرر المجلس العسكري في يونيو 1989م تغيير الاسم الرسمي للبلاد من بورما إلى ميانمار.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الجمهورية الديمقراطية (1948–1962)


الحكم العسكري (1962–2011)

سنوات نـِه وِن

ثورة 1988

انتفاضة 8888: المحتجون يجتمعون في وسط رانگون، 1988
المحتجون في يانگون يحملون لافتة تقول سلمية: حركة وطنية بالبورمية، ويظهر في الخلفية پاگودا شويداگون

مجلس الدولة للسلام والتنمية

وفي مارس 2011، قرر مجلس الدولة للسلام والتنمية حل نفسه بعد أن فاز أمينه العام الجنرال ثين سين في الانتخابات الرئاسية وتسلم رئاسة البلاد كرئيس مدني.


قائمة العواصم التاريخية