العمارة القوطية الإسپانية

Gothic cathedrals in Spain
Saint John of The Kings in Toledo

العمارة القوطية الإسپانية ، هي الطراز المعماري الذي كان منتشراً في إسپانيا في أواخر العصور الوسطى (1091-1300).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

حمل رهبان فرنسا في القرن الثاني عشر الطراز القوطي إلى أسبانيا فوق جبال البرانس، كما نقلوا طراز العمارة الرومنسي إلى تلك البلاد في القرن الحادي عشر. وكانت كثدرائية سان سلفادور القائمة في بلدة أفيلا الصغيرة (1091 وما بعدها) هي بداية الانتقال من الطراز الرومنسي إلى القوطي، وذلك بما احتوته من العقود المستديرة، والباب القوطي الطراز، والعمد الشيقة التي في القبا والتي ترتفع حتى تتصل بالأضلاع المستدقة في القبة. واحتفظ أهل سلمنقة Salamanca الأتقياء الكثدرائية القديمة التي تمثل دور الانتقال والتي شيدت في القرن الثاني عشر إلى جانب الكثدرائية الجديدة التي شيدوها في القرن السادس عشر، وتكون الكنيستان معا مجموعة من أكبر المجموعات البنائية وأعظمها روعة في أسبانيا. وفي طراجونة Taragona كانت الصعاب المالية سبباً في إطالة عملية بناء الكرسي الكهنوّتي من 1089 إلى 1375، وإن ما يتصف به البناء من بساطة ومتانة ليوائم الزخارف القوطية والإسلامية، وما فيه من الأروقة- المكونة من عمد رومنسية تحت قبة قوطية- لمن أجمل ما أخرجه فن القصور الوسطى.

وطراز البناء في طراجونة واضح المعالم، أما بورجوس Burgos، وطليطلة وليون فهي أكثر منها نزعة فرنسية، وتزيد كل واحدة عن التي قبلها في هذا الاتجاه. ذلك أن زواج بلانش القشتالية من لويس الثامن ملك فرنسا(1200) قد أدى إلى زيادة أسباب التدخل الذي بدأه من قبل الرهبان المهاجرون. وكان ابن أخيها فرنندو الثالث ملك قشتالة هو الذي وضع الحجر الأساسي لكثدرائية بورجوس في عام 1221، وكان مهندس فرنسي غير معروف هو الذي قام بتصميم البناء، وألماني من كولوني- جوان دي كولونيا Juan de Colonia- هو الذي أقام الشماريخ(1442)، وبرغندي يدعى فلبيه دي برجونيا Felipe de Borgonia هو الذي بنى الناقوس العظيم فوق ملتقى الجناحين(1539-1543)، ثم قام أخيراً تلميذه جوان دي فاليجو Juan de Vallego الأسباني بإتمام الصرح كله 1567: وإن الشماريخ المزخرفة النوافذ، والأبراج المفتوحة التي تعتمد عليها هذه الشماريخ،والباكية ذات التماثيل، لتخلع على كنيسة سانتا ماريا لا مايور Senta Maria La Mayor (القديسة ماريا الكبرى) مهابة وفخامة لا يستطيع الإنسان أن ينساهما في وقت قصير. وقد كانت هذه الواجهة الحجرية كلها في بادئ الأمر مطلية، ولكن الألوان زالت عنها من زمن بعيد، ولهذا فإن كل ما نستطيعه الآن هو أن نحاول تصور الصرح المتلألئ الذي كان في وقت من الأوقات يضارع الشمس بهاء. [1]

كذلك قدم فرنندو الثالث نفسه الأموال اللازمة لبناء كثدرائية طليطلة الأكثر من كثدرائية بورجوس فخامة. وقل أن توجد في المدن الداخلية مدينة جميلة الموقع كمدينة طليطلة- فهي تجثم في ثنية من ثنايا نهر التاجة، تخفيها تلال تحميها من الأعداء، وما من أحد يعرف ما هي عليه من فقر في هذه الأيام يتصور أن ملوك القوط الغربيين ومن جاء بعدهم من أمراء المسلمين، ثم ملوك اليون Leon وقشتالة المسيحيين، قد اتخذوا هذه المدينة عاصمة لهم. وقد بدأت كثدرائية في عام 1227 وأخذت ترتفع في الجو ببطء مرحلة بعد مرحلة، حتى أوشكت على التمام قبيل عام 1493. ولم ينشأ من التصميم الأصلي إلا برج واحد، وهي من طراز نصف إسلامي مغربي كطراز الخرلدة في أشبيلية، وتكاد تماثيلها في رشاقتها. وبنيت فوق البرج في القرن السابع عشر قبة أعد تصميمها أشهر أبناء طليطلة دومنجوتيو كوبوليDomingo Teotocopuli الملقب باليوناني Elgreco. وطول الكنيسة من الداخل 495 قدماً وعرضها 178. وهي متاهة تحتوي على خمس طرقات ذات دعامات عالية، ومصليات مزخرفة، وتماثيل حجرية للأولياء الزهاد، وشبابيك من حديد مشغول، و750 شباكاً من الزجاج الملون. ويتمثل في هذه الكثدرائية الضخمة كل ما يتصف به الخلق الأسباني من جد، وكل ما يتصف به التقي الأسباني من كآبة وقوة انفعال، وما في الآداب الأسبانية من رقة ودماثة، كما يتمثل فيها أيضاً بعض ما يتصف به المسلمون من ولع بالزخرف.

ومن الأمثال السائرة في أسبانيا أن "طليطلة أغنى كنائسنا، وفي أفيدو أكثرها قداسة، وفي سلمنقة أعظمها قوة، وفي ليون أعظمها جمالا"(34). وقد بدأ الأسقف منريك Manrique كثدرائية ليون Leon في عام 1205 وجمع المال اللازم لها من تبرعات صغيرة جوزي عليها من قدموها بصكوك الغفران، وتم بناؤها في عام 1303. وقد عمد المهندسون فيها إلى الخطة القوطية الفرنسية وهي أن يكون معظم بناء الكثدرائية مكوناً من نوافذ، ولزجاجها الملون منزلة عالية بين روائع ذلك الفن. وقد يكون حقاً أن تصميم الأرض التي بنيت عليها مأخوذ من كثدرائية ريمس، وأن الواجهة الغربية قد أخذت من شارتر، والباب الجنوبي الكبير من برجوس. ولهذا تمثل الكنيسة خليطاً عجيباً من الكثدرائيات الفرنسية يحتوي على أبراج وشماريخ مصقولة.

وقامت كنائس أخرى ابتهاجاً باستعادة المسيحية في أسبانيا- في رمورة عام 1174، وفي توطيلة عام 1188، ولريده 1203، وبلنسية 1262، وبرشلونة 1298. ولكننا يصعب علينا أن نصف الكنائس الأسبانية التي قامت في تلك الفترة من الزمان بأنها قوطية الطراز، لا يستثنى من ذلك التعميم إلا كنيسة ليون. فقد خلت هذه الكنائس من النوافذ الكبيرة والمساند المتنقلة، واعتمد ثقل أبنيتها على جدران ودعامات ضخمة، وتمتد هذه العامات نفسيا حتى تكاد تصل إلى القبة، بدل أن تمتد ضلوع العقود من القاعدة إلى السقف، وهذه العمد العالية التي تقوم كالمردة الحجرية في كهوف الصحون الضخمة تكسب داخل الكنائس الأسبانية عظمة قاتمة مظلمة تخشع لها النفوس رهبة، على حين أن الطراز القوطي الشمالي يسمو بها لما يغمرها من ضوء. وكثيراً ما احتفظت الأبواب والنوافذ الطراز القوطي الأسباني بالعقود الرومنسية، كما احتفظت الزخارف المكونة من طبقات مختلفة ورسوم من الآجر الملون بعنصر إسلامي مغربي بين زخارفها القوطية، وبقي تأثير الطراز البيزنطي في القباب وأصاف القباب القائمة، ذات التقاسيم الثلاثية المتناسقة كثيرة الأضلاع. وهذه العناصر المختلفة هي التي أنشأت منها أسبانيا طرازاً من الكثدرائيات يعد من أجمل كثدرائيات أوربا. وليست قصور الريف الحصينة وقلاعه، ولا جدران المدن وأبوابها، أقل الأعمال المعمارية في العصور الوسطى نبلاً وفخامة. فلا تزال جدران أفيلا قائمة إلى اليوم تشهد بإدراك العصور الوسطى لجمال الشكل، كما جمعت بعض الأبواب الكبيرة كباب الشمس Puerto de sol في طليطلة بين الجمال والمنفعة وكذلك أقام الصليبيون من ذكرياتهم للقلاع الرومانية، في الشرق الأدنى- ولعل ذلك كان أيضاً من ذكرياتهم لما شاهدوه من حصون المسلمين(35)- حصوناً قوية ضخمة كحصن الكرك (1121)، تفوق في حجمها وشكلها أية حصون من نوعها في ذلك العهد الحربي. وشادت بلاد المجر، حصن أوربا الحصين من المغول، قصوراً فخمة حصينة في خلال القرن الثالث عشر. ثم انتقل هذا الفن إلى بلاد الغرب وترك في إيطاليا آيات من الفن الحربي مثل برج فلتير Voltera الحصين، وفي فرنسا في القرن الثالث عشر قصور كوسي Coucy وبييرفون Pierrefonds، وقصر جويارد Chateau Guibard الذي شاده رتشارد قلب الأسد (1179) عل أثر عودته من فلسطين. ولم تكن القصور المحصنة في أسبانيا بدعة من بدع الخيال، بل كانت كتلاً ضخمة قوية من البناء صدت المسلمين المغاربة، واشتق منها اسم قشتالة( . ولما استرد الفنسو السادس (الأذفنش) (1073-1108) ملك قشتالة مدينة سيجوفيا Segovia من المسلمين، أقام فيها قصراً حصيناً على نمط "قصر" طليطلة. وقامت أمثال هذه القصور الحصينة في إيطاليا لتكون قلاعاً يسكنها النبلاء، ولا تزال مقاطعتا تسكانيا ولمبارديا مليئتين، وكان في سان جمنيانو San Gimignano وحدها ثلاثة عشر قصراً حصيناً من هذا النوع قبل الحرب الأوربية الثانية، وبدأت فرنسا منذ القرن العاشر لا بعده تبني في شتودون Chateaudun القصور التي أضحت في عصر النهضة من أفخم مظاهر فنها المعماري. وانتقلت الأساليب الفنية في بناء القصور الحجرية إلى إنجلترا مع أتباع إدوارد المعترف المحببين، وارتقت بما اتخذه وليم الفاتح من إجراءات هجومية دفاعية في البلاد، فاتخذت في أثناء قبضته الحديدية عليها صروح برج لندن، وقصر ونزر Windsor، وقصر درهام اتخذت هذه الصروح أقدم صورها. ومن فرنسا أيضاً انتقل بناء القصور الحصينة إلى ألمانيا، حيث شغف به الأعيان الخارجون على القانون، والملوك المحاربون، والقديسون الغازون. فشاد شلوس Schloss الكنجزبرجي الرهيب (1257) حصناً استطاع الفرسان النيوتون أن يحكموا منه السكان المعادين لهم، حتى كان هذا الحصن ضحية هو خليق بها من ضحايا الحرب العالمية الثانية.


تسلسل الطراز القوطي في إسپانيا

يمكن تسمية طرز العمارة القوطية الإسپانية كالتالي. التواريخ تقريبية.

  • الطراز القوطي المبكر (القرن الثاني عشر)
  • الطراز القوطي المتقدم (القرن الثالث عشر)
  • الطراز القوطي المدخر (من القرن الثالث عشر حتى القرن الخامس عشر)
  • الطراز القوطي اللـِڤانتينو (القرن الرابع عشر)
  • الطراز القوطي الفلامبويانت/المتأخر (القرن الخامس عشر)
  • الطراز القوطي الإيزابلي (القرن الخامس عشر)

أمثلة

القوطي المبكر

القوطي المتقدم

القوطي المدخر

القوطي اللـِڤانتينو

القوطي الفلامبويانت/المتأخر

القوطي الإيزابلي

انظر أيضاً

  1. ^ ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.