العلاقات البريطانية السعودية

العلاقات البريطانية السعودية
Map indicating locations of Saudi Arabia and United Kingdom

السعودية

المملكة المتحدة

العلاقات البريطانية السعودية، هي العلاقات الثنائية بين المملكة المتحدة والسعودية. حسب الحكومة البريطانية، فقد كانت المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا والسعودية حليفان مقربان منذ زمن طويل.[1] تعود نشأت العلاقات الثنائية بين البلدين منذ الحرب العالمية الأولى، عندما وقع بن سعود معاهدة دارين 1915 مع الحكومة البريطانية، ومن ثم قبل بوضع الحماية البريطانية. في 20 مايو 1927، عقدت الحكومة البريطانية ومملكة نجد اتفاقية إضافية، معاهدة جدة[2] وكانت المملكة المتحدة من أولى البلدان التي اعترفت عام 1927 بالوفد الدبلوماسي في البلاد.[3] افتتحت السعودية سفارتها في لندن عام 1930، والتي كانت ثاني كيان دبلوماسي سعودي في الخارج وكان تحت قيادة حافظ وهبة.[3]

المملكة المتحدة والسعودية هما حليفان استراتيجيان.[4] وهناك ما يزيد 200 شركة مشتركة ما بين الشركات البريطانية والسعودية، تصل قيمتها الإجمالية إلى 17.5 بليون دولار، ويوجد 30.000 مواطن بريطاني يعيشون ويعملون في السعودية. والسعودية هي الشريك التجاري الرئيسي للمملكة المتحدة في الشرق الأوسط.[5]

للمملكة المتحدة سفارة في الرياض، وقنصلية في جدة ومكتب تجاري في الخبر.[6] السفير البريطاني الحالي لدى السعودية هو سيمون كوليز.[7] وللسعودية سفارة وقنصلية في لندن.[8] والسفير السعودي لدى المملكة المتحدة منذ 2005 هو محمد بن نواف بن عبد العزيز. وهو أحد أفراد آل سعود.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التاريخ

في 17 فبراير 1945 التقى الملك عبد العزيز بن سعود برئيس الوزراء البريطاني في ذلك الوقت ونستون تشرشل في فندق بحيرة قارون في الفيوم، مصر. ورغم كثرة الروايات حول هذا اللقاء إلا أنها لا تعدو أن تكون إشارات مقتبضة ومختصرة تقتصر في بعض الأحيان على وصف الإجراءات الشكلية والانطباعات المتبادلة. وربما يكون تفسير ذلك هو سرية اللقاء وعدم وجود شهود عيان.[9]

فقد كان هناك قدر كبير من السرية أحاط برحلة الملك عبد العزيز إلى مصر على متن المدمرة مرفي للقاء الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، ومن ثم ونستون تشرشل، فلم يكن بعلم بوجهة هذه الرحلة ولا طبيعتها سوى 5 أشخاص في السعودية. وهم الملك نفسه، العميد وليام إدي- أول مبعوث أمريكي مطلق الصلاحية في السعودية، وموظف شفرة، وسكرتير الملك الخاص، والرئيس روزفلت الذي نجح في إخفاء معلومات الاجتماع عن المخابرات البريطانية في حين أنه أبلغ تشرشل فقط بها.

غادر الملك عبد العزيز قصره في جدة الساعة الثالث من بعد ظهر يوم 12 فبراير 1945 بعد أن كلف ابنه فيصل لينوب عنه. وفي الساعة الرابعة والنصف من بعد ظهر اليوم نفسه كان الملك وحاشيته على متن المدمرة مرفي في طريقه إلى السويس واستمرت رحلته ليلتين ويماً واحداً، وقدم الملك قبل أن ينزل من المدمرة هدايا لضباط السفينة تبعاً لرتبهم، شملت هذه الهدايا ملابس عربية وخناجر ذهبية وساعات يد نقش عليها اسم الملك، إضافة إلى مبالغ مالية لصغار الضباط. عند الساعة العاشرة من صباح 14 فبراير 1945 وصلت المدمرة مرفي إلى البحيرات المرة في قناة السويس، ورست بمحاذاة الطراد كوينسي، الذي كان قد أقل الرئيس روزفلت من الولايات المتحدة. بعد أن انتهى من لقاء روزفلت، ودع الملك عبد العزيز الرئيس الأمريكي، ثم صعد الوفد السعودي بكامله على متن المدمرة مرفي التي انطلقت من البحيرات المرة إلى الإسماعيلية، حيث نزل الملك وحاشيته واستقلوا موكباً من السيارات أمنه البريطانيون إلى فندق بحيرة قارون في الفيوم. إذ بقى الملك ورجاله متخفين بأسماء مستعارة لمدة يومين قبل لقاء تشرشل. تشير وثيقة في مركز أرشيف تشرشل في كمبردج أن سكرتير تشرشل السير ألكسندر كادوجان ذكر أن تشرشل عبر له عن سعادته لتمكنه من لقاء هذه الشخصية البارزة في العالم العربي. في سياق هذه القصة يروي تشرشل في كتابه (النصر والمأساة) أن خادم الملك قدم له كأساً من ماء زمزم، وأقنعوه أن يشرب بعضاً منها، يقول: "لقد كان ألذ ماء تذوقته في حياتي كلها". ويذكر أن تشرشل افتتح اللقاء بثقة، وأخبر الملك عبد العزيز أن بريطانيا العظمى كانت على علاقة قوية معه لمدة 20 عام. ولعلاقة بريطانية فإن ذلك يخولها أن تسعى للحصول على مساعدة الملك في حل مشكلة فلسطين وهو الأمر الذي يتطلب زعيماً عربياً قوياً لكبح جماح العناصر المتعصبة وتحقيق تسوية واقعية بين العرب واليهود. لكن الملك رد عليه رافضاً بأنه لا يمكنه القبول بأي تسوية مع الصهيونية، طالباً منه إيقاف الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وخيره بين "عالم عربي صديق ومسالم، أو نزاع ضار بين العرب واليهود في حال السماح بهجرة غير مقيدة لليهود إلى فلسطين، وطلب الملك بأن تأخذ أي صيغة للسلام في فلسطين موافقة العرب في الاعتبار".

في يناير 1963 وافقت السعودية على احالة قضية البريمى إلى الأمم المتحدة واستأنفت العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا. وقد أرغمت الرياض ولندن على قبول بحلول وسط بفعل ثورة اليمن عام 1962 وتنامى حركة التحرر الوطنى في شبه الجزيرة العربية باكمله.كما اخذ يتغير طابع العلاقات البريطانية الامريكية في شبه الجزيرة العربية. وصار التعاون يحل تدريجيا محل المقاومة الامريكية لمحاولات بريطانيا استعادة مواقعها في السعودية.[10]

وفي ديسمبر 1965 عقدت الولايات المتحدة وبريطانيا اتفاقية مع السعودية التزمت بموجبها بريطانيا بتصدير طائرات نفاثة واجهزة رادار ومعدات عسكرية اخرى إلى المملكة, بلغت قيمتها الاجمالية 280 مليون دولار, بينما التزمت الولايات المتحدة بتصدير صواريخ "ارض-جو" بمبلغ 70 ملون دولار. وخطط لاقامة صواريخ في عدة نقاط على الحدود مع الجمهورية العربية اليمنية. وقد يبدو للوهلة الاولى ان احتكارات الصناعة الحربية البريطانية انتزعت من منافسيها الامريكان صفقة مربحة للغاية. اما في الواقع فقد كان ذلك"اتفاق احباب" يقضى بان تشترى بريطانيا من الولايات المتحدة طائرات احدث, وتسدد قيمتها بالاموال التى كسبتها من بيع معدات حربية إلى السعودية. قام الملك فيصل بزيارة لبريطانيا في مايو 1967، وكان ذلك دليلا على حدوث تحسن محسوس في العلاقات بين البلدين.

وبعد أن بدأت بريطانيا بتصدير طائرات حربية من طراز "لاريتنينغ" عام 1966، اخذت تعد الكوادر لسلاح الطيران السعودى. واوفد إلى السعودية اكثر من ألف مدرب بريطانى، بينما قبل سعوديون في المعاهد الحربية البريطانية. وابتداء من عام 1963 استأنف البريطانيون تدريب الحرس الوطنى. واشترت المملكة في الستينات والسبعينات 25 مقاتلة نفاثة بريطانية الصنع من طراز "سترايك ماستر"، ووقعت عام 1970 صفقة عسكرية اخرى تنص على شراء معدات للدفاع الجوى من بريطانيا.

في مطلع مايو 1973 وقعت الرياض ولندن صفقة قيمتها 250 مليون جنية استرلينى لشراء اصناف جديدة من الاسلحة وطائرات وصواريخ. وتعهد البريطانيون بارسال الطائرات وايفاد زهاء الفين والمستشارين والمدربين. وقد تدرب على يد البريطانيين آنذاك منتسبو سلاح الطيران السعودى ابتداء من الطيارين الذين تلقوا تعليمهم في المدرسة العليا بالرياض وانتهاء بالفنيين الشباب من معهد الاعداد الفنى في الظهران.

غير أن الوفاق البريطانى الأمريكى في مجال تصدير الاسلحة لم يدم امدا طويلا. ففى السبعينات صارت سوق السلاح السعودية المغرية مسرح تنافس ضار بين احتكارات الصناعة الحربية الامريكية والبريطانية.

شهدت فترة الستينات ومطلع السبعينات تزايدا حادا في نشاط الدبلوماسية السعودية في بلدان حوض الخليج, وخاصة في امارات الجزيرة. وكان لذلك عدة اسباب. ففى تلك الفترة تعاظم دور ايران الشاهنشاهية وجبروتها ونفوذها، وكانت السياسة السعودية ازاءها تقوم على الجمع المعقد بين التعاون والتنافس. وقد حددت بريطانيا خطة لجلاء قواتها من منطقة الخليج وشرعت بتنفيذها. وفي هذه المرة ايضا كانت السعودية من الطامعين ب"التركة البريطانية" مع مراعاة المخططات الاستراتيجية الامريكية التى كانت تفرد لحوض الخليج اهمية متعاظمة.

يقول السفير الأمريكى السابق في السعودية ساليفان:"ان السعودية كانت تعتبر، بشكل غير مباشر، ان كل الدول المتاخمة لها، باستثناء العراق، هى ضمن دائرة نفوذها. ولئن كانت تحجم في الفترة الاولى عن التدخل في النزاعات الجارية خارج هذه الحدود, فذلك لانها لم يكن بوسعها المساس بالمصالح الحيوية الهامة للسعودية".

جرى في أوساط الستينات تقارب بين السعودية وإيران بوصفهما نظامين ملكيين لهما مصلحة في قمع حركة التحرر الوطنى في الشرقين الاوسط والادنى عامة, وفي حوض الخليج خاصة, لمجابهة مصر التى كانت آنذاك قائد السياسة المناوئة للامبريالية ورائد التحولات الاجتماعية الاقتصادية. وقدم العاهلان, بدرجات متفاوتة, دعما للملكيين في اليمن. وفي عام 1965 ايد الشاه فكرة "الحلف الاسلامى" التى طرحها فيصل. وتضافرت جهود الرياض وطهران في المساعدة على احداث انعطاف جذرى في سياسة مصر بعد وفاة جمال عبد الناصر. وحتى بداية السبعينات صار لاتفاق طهران والرياض في اطار الاوبك الكلمة الفصل, اذ كانت حصتهما من صادرات النفط الاجمالية تربو على النصف. ورغم ان الشاه اتخذ, قولا, موقفا اكثر تشددا في مجال الاسعار, الا ان العاهلين كانا يجدان الحلول الوسط, وتزعما معسكر "المعتدلين" في اوبك.

أما في حوض الخليج فان السعودية, التى كانت قدرتها العسكرية تقل خمس مرات أو أكثر عن القدرة الايرانية, ظلت تنظر بكثير من الخوف لخطط ونشاطات طهران "الامبراطورية", ولكنها لم تصل بالامور قط إلى حد النزاع أو الاشتباك. وكان حكام الول الصغيرة المطلة على الخليج في الجزيرة العربية يناورون بين جارتيهم القويتين.

في يناير 1968 قررت حكومة حزب العمال البريطانية ابطال مفعول المعاهدات المعقودة حول محميات البحرين وقطر وامارات ساحل الصلح البحرى السبع (ابو ظبى وعجمان ودبى والفجيرة ورأس الخيمة والشارقة وام القيورين) وسحب جزء كبير من قواتها من هناك. وفي اول مارس 1971 اعلنت حكومة المحافظين التى استلمت مقاليد الحكم في يونيو 1970، ان الجلاء سوف ينجز قبل نهاية عام 1970.

اتخذت لندن هذا القرار واخذت تبحث بنشاط عن فرص للحفاظ على نفوذها الاقتصادى والسياسى في المنطقة. ولهذا الغرض طرحت خطة انشاء اتحاد من الامارات التسع التى كانت خاضعة للحماية البريطانية.

بيد ان ايران عارضت انضمام البحرين إلى الاتحاد العربى, واعلنت انها تعتبرها جزءا من اراضيها. وكانت للملك فيصل علاقات ودية مع امير البحرين ورفض مطامع ايران في الامارة. كما كانت ايران والسعودية على خلاف في قضايا اخرى. وذكرت مجلة "ايكونومست" البريطانية ان شاه ايران حاول استمالة الملك فيصل إلى اتباع سياسة موحدة على نحو اوسع نطاقا في منطقة الخليج, بما في ذلك اقامة تعاون عسكرى يجعل السعودية في وضع تابع لايران. وقد آثر فيصل, بسبب ضعفه عسكريا، استثمار المساعدة المالية كوسيلة لتعزيز النفوذ السعودى في الامارات الصغيرة بشبه الجزيرة.

واتفق فيصل مع الشاه في مفاوضات عام 1968 على تدقيق حدود الجرف القارى. وفى 24 اكتوبر عام 1968 وقعت السعودية وايران اتفاقيات بهذا الخصوص.

اعلن شاه ايران في ربيع عام 1971 ان بلاده تتحمل مسؤولية الدفاع عن الخليج بعد انسحاب البريطانيين من هناك. واعتزمت ايران تثبيت سيطرتها على الخليج عسكريا دون اقامة اعتبار لرأى العرب.

اخفقت فكرة انشاء اتحاد من تسع امارات. فقد سعى اميرا البحرين وقطر إلى الاستقلال, كما ان الحكومة الايرانية عارضت عمليا انشاء اتحاد "الامارات التسع". لذا قررت بريطانيا تأسيس دولة جديدة تضم امارات ساحل الصلح السبع, حيث كانت الكلمة الاولى لشيخ ابوظبى زايد الذى خاصم السعودية بسبب النزاع على البريمى.

في 14 أغسطس 1971 اعلنت البحرين استقلالها, واعقبتها قطر في 1 سبتمبر من العام نفسه، ورفض البلدان الانضمام إلى الاتحاد. وارغم ذلك السعودية على البحث عن حل وسط مع ابوظبى لتسوية النزاع على البريمى. بعد اعلان استقلال البحرين, تخلت ايران شكليا عن مطامعها في هذه الامارة. لذا خفت حدة الخلافات بين الشاه والملك فيصل. غير ان خطط ايران في منطقة الخليج لم تقتصر على البحرين.

في نوفمبر 1971 عقدت اتفاقية بين ايران وامارة الشارقة ملكت ايران عمليا جزرة ابو موسى التى ظلت من الناحية الشكلية جزءا من الامارة. وحصلت ايران على حق اقامة قاعدة عسكرية في الجزيرة على ان تدفع مقابل ذلك لشيخ الشارقة 1.5 مليون جنية استرلينى سنويا، ويستمر الدفع لحين بلوغ دخل الشيخ من النفط 3 ملايين جنية استرلينى سنويا.

وقد اخفقت محاولات ايران لحمل شيخ رأس الخيمة على التخلى عن حقوقه في جزيرتى الطمب الكبرى والطمب الصغرى الهامتين استراتيجيا والواقعتين في مضيق هرمز عند مدخل الخليج. ولكن حينما اعلنت بريطانيا في 30 تشرين الثانى (نوفمبر) 1971 انها لم تعد تتخمل مسؤولة الدفاع عن امارات ساحل الصلح البحرى, ادخلت ايران قواتها إلى هاتين الجزيرتين, كما هى الحال بالنسبة لجزيرة ابو موسى ويبدو ان طهران ولندن توصلتا إلى اتفاق حيال هذه العمليات. وانتقاما من بريطانيا لمساندتها ايران في احتلال الجزر، اممت ليبيا ممتلكات "شركة النفط البريطانية" وسحبت ودعائها من البنوك البريطانية. واتهم العراق بريطانيا وايران بالتواطؤ وقطع العلاقات الدبلوماسية معهما. كما نددت الكويت وسورية باحتلال ايران الجزر. وفى الاول من ديسمبر 1971 طالبت مصر بسحب القوات الايرانية من الجزر الثلاث, ولكنها لم تمضى ابعد من ذلك (131).

لقد كلن الاستيلاء على الجزر الثلاث ضربة لمصالح السعودية لانه عزز إلى حد كبير مواقع ايران, ولكن السعودية لم تشجب رسميا سياسة الشاه التوسعية. ويمكن التكهن بان السعودية كانت تشعر بانها لا تمتلك ما يكفى من القوة للدخول في مجابهة صريحة مع ايران. في الثانى من ديسمبر 1971 اعلن عن انبثاق دولة الامارات العربية المتحدة من ابو ظبى ودبى والشارقة والفجيرة وعجمان وام القيوين, ثم انضمت إليها رأس الخيمة. وعقدت بريطانيا معاهدة صداقة جديدة مع الامارات. وصار زايد شيخ ابو ظبى رئيسا للاتحاد واصبح حاكم دبى الشيخ راشد نائبا للرئيس.

لم تقم السعودية طوال سنوات علاقات دبلوماسية رسمية مع دولة الامارات بسبب خلافها على الاراضى مممع ابو ظبى وهو العضو الاكثر نفوذا في الدولة. بيد ان ذلك لم يمنع من اتخاذ السعودية مقفا متعاطفا ازاء الامارات. وايد فيصل دولة الامارات العربية المتحدة عند انتمائها إلى هيئة الامم المتحدة وجامعة الدول العربية. وجرت مفاوضات غير رسمية حثيثة بين السعودية والدولة الجديدة وسائر بلدان شبه الجزيرة العربية. وحاولت الحكومة السعودية إلا تعطى المبادرة السياسية لايران التى اعترفت بدولة الامارات العربية المتحدة منذ اكتوبر 1972.

اقام فيصل علاقات دبلوماسية مع سلطنة عمان بعد الزيارة التى قام بها السلطان قابوس إلى السعودية في 14 ديسمبر 1971. وبعد مرور فترة من الزمن – في اكتوبر 1974 – سوت السعودية خلافها مع ابو ظبى حول عائدية منطقة اللواء وواحة البريمى, مما مهد الطريق لاعتراف الرياض بدولة الامارات العربية المتحدة.

صار للسعودية نفوذ كبير في الدولة الجديدة, وبدأت تقدم عونا ماليا كبيرا للامارات غير النفطية. واعتمد عدد من الامارات على السعودية, في محاولة لمنع التنامى الخطير للنفوذ الايرانى.

سعى كل من فيصل والشاه, رغم تناقضاتهما, لقمع الحركة التحررية لشعوب الخليج. ورغم ان السعودية كانت مهتمة في تعزيز نفوذها في عمان ذات الموقع الاستراتيجى الهام والتى تجمعها بها حدود مشتركة, فان فيصل ابدى تحفظا عندما طلب منه السلطان قابوس العون حينما بلغت حركة التحرر في ظفار اوجها. ولم يكن التدخل السافر في شؤون عمان متماشيا مع طابع سياسة فيصل. ولكن من جهة اخرى تغاضت الحكومة السعودية عملياً عن التدخل الايرانى ف يعمان. ومنذ أبريل عام 1973 بأت هليكوبترات ووحدات برية ايرانية تشارك مشاركة فعالة في المعارك على اراضى ظفار. وبعد ذلك نقلت إلى عمان تشكيلة عسكرية ايرانية كاملة قوامها بضعة آلاف شخص. استمرت العمليات العسكرية للقوات الايرانية بضع سنوات. وقد توقفت الجبهة الشعبية لتحرير عمان عن الكفاح المسلح عمليا. وقد شجبت الحكومة السعودية بعبارات غامضة تصرفات ايران وعارضت "التدخل الاجنبى" في السلطنة, موجهة عمليا ليس ضد الغزو الايرانى, بل ضد القوى التى ساعدت الجبهة الشعبية لتحرير عمان.


العلاقات العسكرية

احتجاجات ضد زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للمملكة المتحدة، 7 مارس 2018.

جدل صفقة أسلحة اليمامة

في 1985، رئيسة الوزراء البريطانية مارگريت ثاتشر والأمير بندر بن سلطان آل سعود، ابن وزير الدفاع السعودي، ناقشا صفقة اليمامة للأسلحة من أجل شركة بريتش للطيران، شركة أسلحة مقرها المملكة المتحدة (تم خصخصتها حالياً وتعرف باسم بي إيه إي للأنظمة). منذ ذلك الحين، أثمرت الصفقة عن أرباح قيمتها 54 بليون جنيه إسترليني لصالح بي إيه إي للنظم.[11]

تبعاً للتقديرات السياسية، فهناك ما يزيد عن 6 بليون جنيه إسترليني تم دفعهم لمسئولين سعوديين كي يتحصل بي إيه إي للنظم على هذا العقد.[12] تبعاً لمصادر أمريكية، مستشهدة بجريدة الگارديان، فقد حصل الأمير بندر نفسه على ملايين الجنيهات، موزعة على أجزاء تصل إلى 30 مليون دولار (15 مليون جنيه إسترليني) في المرة الواحدة.

هوك سعودية في قاعد وادينگتون التابعة للطيران الملكي البريطاني.

وقد نفى الأمير بندر نفياً قاطعاً اساءة التصرف في اطار صفقة اليمامة. جاء هذا الموقف بعدما كشف تحقيق لبي بي سي أن الامير بندر تلقى أموالا بشكل سري من أضخم شركة بريطانية للسلاح وذلك خلال تفاوضه معها على الصفقة التي بلغت قيمتها 40 مليار جنيه استرليني.

كما نفت الشركة البريطانية المعنية بالأمر بريتش إيروسبيس الاتهامات بأنها أساءت التصرف في الصفقة. وبموجب التحقيق الذي اجرته بي بي سي فقد قدمت شركة BAE Systems مئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية للأمير بندر الذي يترأس مجلس الأمن القومي السعودي، لأكثر من عقد من الزمان. وقد تم تقديم الأموال بمعرفة وزارة الدفاع البريطانية معرفة كاملة.

وفي إطار الصفقة، تم إرسال ما يصل إلى 120 مليون جنيه إسترليني سنويا من جانب الشركة البريطانية إلى حسابين مصرفيين تابعين للسفارة السعودية في واشنطن لأكثر من عقد من الزمان.

وتثبت برنامج بانورما الخاص بتلفزيون بي بي سي من أن هذين الحسابين كانا في الواقع واجهة لتلقي الأمير بندر تلك الأموال. ويعد بندر هو مهندس صفقة اليمامة، التي أبرمت عام 1985 وتضمنت بيع أكثر من مائة طائرة حربية إلى السعودية خلال الثمانينات. وكان غرض أحد الحسابين هو دفع نفقات الطائرة إيرباص الخاصة للأمير.

وقال ديفيد كاروزو، وهو محقق عمل في البنك الأمريكي الذي يخضع له الحسابان، إن الأمير بندر كان يسحب أموالا لإنفاقه الخاص من الحسابين اللذين كان يبدو أنهما خاصين بحكومة بلاده. وأضاف كاروزو: "لم يكن هناك فرق بين حسابات السفارة، أو الحسابات الحكومية الرسمية كما كنا نسميها، وحسابات الأسرة المالكة".

وقال كاروزو إنه يفهم أن هذا المسلك استمر "لسنوات وسنوات". وتابع "تعلق الأمر بمئات الآلاف والملايين من الدولارات".

من جانبه رفض رئيس الوزراء البريطاني توني بلير التعليق على ما تضمنه برنامج بانوراما، لكنه أكد مجددا تأييده لقرار وقف التحقيق في مدفوعات سرية مرتبطة بصفقات سلاح بريطانية مع السعودية.

وأوضح بلير إن تحقيق هيئة مكافحة جرائم الفساد لو لم يتم إيقافه "لكان قد قاد الى تدمير علاقة استراتيجية هامة، تتضمن تعاون سعودي في مجال مكافحة الارهاب، وبخصوص الشرق الاوسط، بالاضافة الى ان مثل هذا التحقيق سيؤدي الى خسارة بريطانيا آلاف الوظائف".

أما رئيس لجنة التحقق في الصادرات الاستراتيجية في مجلس العموم البريطاني، النائب العمالي روجر بيري، فقال للبي بي سي إن الادعاءات الخاصة بتلقى الأمير بندر أموالا يجب التحقيق فيها.

وأضاف النائب العمالي أنه أن وجدت أية أدلة على رشاوى أو فساد في صفقات السلاح منذ عام 2001 فإن ذلك يعتبر جريمة جنائية، وفقا للقانون البريطاني. [13].

التسليح

في 2005، أقرت السعودية والمملكة المتحدة إتفاق عسكري، تسلح بموجبه المملكة المتحدة السعودية بطائرات يوروفايتر تايفون.[14] وعلى تلك الخلفية، صرح متحدث ب:

"أرحب بهذا التفاهم كونه أحدث مثال عملي على العلاقات الوثيقة بين المملكة المتحدة وحكومات العربية السعودية. فهي تقدم فرصا لبناء وصلات أقرب بين قواتنا المسلحة والصناعات، الأمر الذي سيفيد كلا البلدين."[14]

"هذا التفاهم أخبار سعيدة لكل من المملكة المتحدة والصناعات السعودية. بي إيه إي سيستمز، كمقاول رئيسي، وعديد مقاوليه الفرعيين البريطانيين سيستفيدون من الأعمال المستشرفة ضمن هذا التفاهم، الذي سيساعد على حفظ عدة آلاف من الوظائف في المملكة المتحدة على مدى السنوات العشر القادمة. يضاف إلى ذلك، نقل التقنية المرتبط بذلك، التدريب وحزم الإستثمار الموجهة للداخل ستولد الكثير من الوظائف المتمكنة في السعودية"[14]

في 2006، هدد السعوديون بإنهاء التعاون مع المملكة المتحدة في حال لم يوقف مكتب مكافحة جرائم الاحتيال البريطاني تحقيقاته في أنظمة بي إيه إي سيستمز بخصوص صفقة أسلحة اليمامة، تم غلق القضية لأسباب تتعلق بالأمن القومي.[15]


رد الفعل البريطاني تجاه التدخل السعودي في اليمن

لعبت طائرات يوروفايتر تايفون التي وردتها المملكة المتحدة للسعودية دوراً رئيسياً في حملة القصف التي تقودها السعودية في اليمن.[16]

في مارس 2015، تولى الحوثيون السيطرة على اليمن وقاموا بخلع الرئيس عبد ربه منصور هادي، وقام تحالف من دول الخليج بقيادة السعودية بتوجيه ضربات جوية لليمن وفرض حصاراً بحرياً عليه..[17] قام التحالف بقيادة القوات الجوية والبرية والبحرية السعودية، باستخدام 100 مقاتلة نفاثة، 150.000 فرد من القوات البرية وبعض الوحدات البحرية.[18] تحصل السعودية على أسلحة من الإمارات، البحرين، الكويت، السودان ومصر التي تعهدت كل منها بتوفير ما بين 3 و30 نفاثة مقاتلة، بالإضافة إلى الأردن والمغرب، والتي أكدت دعمها، لكن تفاصيل مشاركتهما غير محددة حتى الآن.[19][18] منذ بداية الهجوم في ديسمبر 2016، مدت بريطانيا السعودية بأسلحة قيمتها 3.3 بليون جنيه إسترليني على الرغم من الاحتجاجات من قبل الشعب والسياسيين ووسائل الإعلام وجماعات الضغط البريطانية.[20] يشمل هذا 2.2 بليون جنيه إسترليني قيمة تراخيص ML10 (طائرات، مروحيات وطائرات بدون طيار، 1.1 بليون جنيه إسترليني قيمة تراخيص ML4 (مدافع، قنابل، صواريخ) و430.000 قيمة تراخيص licenses (مركبات مدرعة ودبابات).


وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون يلتقي بنظيره السعودي عادل الجبير.

ناقش البرلمان اقتراحًا يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل في انتهاكات القانون الإنساني الدولي في اليمن. وتشمل الأحداث الجاري التحقيق فيها قصف جنازة أسفر عن مقتل 140 شخص؛[21] قصف مخيم للاجئين وعشر غارات على مناطق مكتظة بالسكان في صعدة، صنعاء، الحديدة، الحاجة، وإب، والتي أثارت مخاوف منظمة العفو الدولية.[22]

تداعيات على صلب السعودية لمتظاهر مطالب بالديمقراطية

مظاهرة خارج السفارة السعودية في لندن، 13 يناير 2017.

في فبراير 2012، تم القبض على سعودي يبلغ 70 عام يدعى علي محمد باقر النمر بعد اشتراكه في مسيرات مناهضة للحكومة في السعودية.[23] في 2014، حكم عليه بالإعدام وأفادت وسائل الإعلام السعودية الموالية للحكومة بأن النمر سيتم صلبه.[24]

في سبتمبر 2015، جرمي كوربين، زعيم معارض بريطاني، استخدم خطابه لمؤتمر حزب العمال البريطاني في دعوة وزارة العدل البريطانية لإلغاء طلبها بالحصول على عقد من السجون السعودية قيمته 5.9 بليون جنيه إسترليني، ومن بين أسباب هذا الطلب الحكم بصلب النمر. كان هذا العطاء مقدماً جستيس للحلول الدولية، الذراع التجاري لوزارة العدل البريطانية.[25]

السفير السعودي لدى بريطانيا، الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز، كتب رداً على خطاب جرمي كوربين ونشره في صحيفة تليگراف البريطانية. وقال فيه، أنه يتهم كوربين بعدم الاحترام وأشار إلى أن أحكام الاعتقال والصلب التي صدرت بحق نشطاء مؤيدين للديمقراطية والتهديد بالجلد لمتقاعد ينقل الخمر في سيارته على أنها "عدد من الأحداث المحلية في المملكة". وقال "لن نستمع لمحاضرة من قبل أحد".

بالرغم من الضغط الذي مارسه المسئولين السعوديين وكبار الشخصيات في الحكومة البريطانية مثل ديڤد كامرون وفليپ هاموند، فإن وزير العدل مايكل گوڤ قام بإلغاء العقد في أكتوبر 2015.[26] إلا أن الحكومة مستمرة في مقاومة الضغط من جماعات حقوق الإنسان لإيقاف التراخيص بتصدير الأسلحة للسعودية. ما بين أكتوبر 2015 وسبتمبر 2016، أصدرت الحكومة البريطانية تراخيص قيمتها لا تقل عن 544 مليون جنيه إسترليني لصادرات عسكرية إلى السعودية تتضمن مكونات قنابل، مدافع آلية وبنادق قنص.[27]

في الشهر نفسه، قام كبير موظفي رئيس الوزراء البريطاني إدوارد ليولين بزيارة الملك سلمان بن عبد العزيز، ملك السعودية في الرياض فيما وصفته عليه التلگراف "بهجوم دبلوماسي سري على السعودية".[28]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

انظر أيضاً

مرئيات

المصادر

  1. ^ UK Saudi relations
  2. ^ Text in League of Nations Treaty Series, vol. 71, pp. 133-164.
  3. ^ أ ب Al Kahtani, Mohammad Zaid (December 2004). "The Foreign Policy of King Abdulaziz" (PDF). University of Leeds. Retrieved 21 July 2013.
  4. ^ "UK's May defends Saudi ties as crown prince gets royal welcome in London". Reuters. 6 March 2018.
  5. ^ Royal Embassy of Saudi Arabia London
  6. ^ About us
  7. ^ https://www.gov.uk/government/people/simon-collis
  8. ^ Royal Embassy of Saudi Arabia London
  9. ^ "الملك عبدالعزيز وتشرشل.. وكأس ماء زمزم". صحيفة عكاظ. 2018-03-10. Retrieved 2018-06-28.
  10. ^ ألكسي ڤاسيلييڤ (1986). تاريخ العربية السعودية. موسكو، الاتحاد السوڤيتي. {{cite book}}: Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)CS1 maint: location missing publisher (link)
  11. ^ "Secrets of al-Yamamah | The Guardian BAE investigation | guardian.co.uk". www.theguardian.com (in الإنجليزية). Retrieved 25 January 2017.
  12. ^ "BAE's position | The Guardian BAE investigation | guardian.co.uk". www.theguardian.com (in الإنجليزية). Retrieved 25 January 2017.
  13. ^ [hhttp://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_6729000/6729059.stm "الأمير بندر ينفي اساءة التصرف في صفقة اليمامة"]. بي بي سي. 2007.
  14. ^ أ ب ت Eurofighter Typhoon - Eurofighter Typhoon for Saudi Arabia - Press Release MoD Archived 2010-03-14 at the Wayback Machine
  15. ^ UK must do more to explain stance on Saudi Arabia, say MPs | Politics | The Guardian Archived 2016-06-04 at the Wayback Machine
  16. ^ "Saudis' UK-made war jets outnumber RAF's". The Daily Telegraph. 5 May 2015.
  17. ^ https://www.bbc.co.uk/news/world-middle-east-14704951
  18. ^ أ ب http://www.huffingtonpost.com/2015/03/26/saudi-coalition-yemen_n_6946092.html
  19. ^ http://uk.businessinsider.com/members-of-saudi-led-coalition-in-yemen-their-contributions-2015-3
  20. ^ https://www.caat.org.uk/media/press-releases/2016-12-19
  21. ^ https://www.caat.org.uk/media/press-releases/2016-10-17
  22. ^ https://www.amnesty.org/en/latest/news/2015/04/yemen-investigate-relentless-airstrikes-that-have-left-hundreds-of-civilians-dead/
  23. ^ https://www.amnesty.org/en/latest/campaigns/2016/02/my-heart-is-exhausted-a-mothers-story-of-death-row-in-saudi-arabia/
  24. ^ https://www.amnesty.org/en/press-releases/2015/10/saudi-arabia-three-young-activists-could-soon-be-executed/
  25. ^ https://www.theguardian.com/world/2015/sep/29/the-uk-interest-in-saudi-prisons-and-why-corbyn-opposes-it
  26. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة ReferenceB
  27. ^ https://www.caat.org.uk/resources/export-licences/licence?region=Saudi+Arabia&date_to=2016-09-30&date_from=2015-10&n=0&order=desc&index=value
  28. ^ https://www.telegraph.co.uk/news/politics/david-cameron/11964279/David-Cameron-launches-secret-diplomatic-offensive-with-Saudi-Arabia-after-row.html

وصلات خارجية