الحروب المثريداتية

الحروب المثريداتية
PonticKingdom.png
المملكة الپنطية
التاريخ88 – 63 ق.م.
الموقع
منطقة شرق المتوسط
النتيجة نصر روماني
التغيرات
الإقليمية
اليونان والشرق الأدنى
المتحاربون
الجمهورية الرومانية منقسمة بسبب الحروب الأهلية الرومانية مملكة پنطس وحلفاؤها العديدون لحظياً
القادة والزعماء
Magistrates mainly of the Optimates party, but sometimes of the Populares party. مثريداتس السادس and his sons and subordinates, mainly Archelaus (general)

الحروب المثريداتية: أحسّ مثرداتس أن الفرصة الوحيدة التي تتيح له البقاء هي إثارة الشرق الهليني على سادته الإيطاليين، فأعلن أنه منقذ هلاس وسيّر جيوشه لتحرير المُدن اليونانية في آسيا بالقوة إذا كان لابد من استخدامها؛ ولما أن قاومته طبقات رجال الأعمال في المُدن ولى وجهة شطر الأحزاب الديمقراطية، وأخذ يمنيها بإصلاحات شبه اشتراكية.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الحرب المثريداتية الأولى (88 ق.م. – 84 ق.م)

وفي هذه الأثناء كان أسطوله المكون من أربعمائة سفينة قد دمّر القسم المرابط في البحر الأسود من الأسطول الروماني وأوقع جيشه المؤلف من 290.000 رجل هزيمة منكرة بقوات نيقوميدس وأكوليوس. وأراد الملك الظافر أن يعبّر عن احتقاره لشراهة الرومان وبخلهم فصبّ الذهب المصهور في أفواه أكوليوس الأسير- ولم يكن قد مضى على انتصاره على أرقاء صقلية الثائرين إلا وقت قصير. ورأت المُدن اليونانية في آسية الصغرى أن الرومان أصبحوا عاجزين عن حمايتها، ففتحت أبوابها لجيوش مثرداتس، وأعلنت ولاءها له وللقضية التي نصّب نفسه للدفاع عنها، وقامت في يوم حدده لها، وبناء على أمره، بقتل كل من فيها من الإيطاليين رجالاً كانوا أو نساء أو أطفالاً وقد بلغ عددهم ثمانين ألفاً (88 ق.م.) وفي ذلك يقول أپيان:

"ومزق الإفسوسيون أجسام الفارين الذين احتموا في هيكل أرتميس وأمسكوا بصورة المعبودة، ثم جزّو رؤوسهم. ورمى أهل پرگاموم بالسهام الرومان الذين احتموا في معبد أسكلپيوس AESCULPIUS. واقتفى أهل أدراميتيوم Adramyttium من أراد النجاة بالسباحة في البحر وقتلوهم وأغرقوا أطفالهم. وطارد أهل كانوس Canus (في كاريا) الإيطاليين الذين احتموا حول تمثال ڤستا، وقتلوا الأطفال أمام أعين أمهاتهم، ثم اتبعوهم بالأمهات، ثم بالرجال ... وقد اتضح من هذه الأعمال أن الذي دفعهم إلى ارتكاب هذه الفظائع لم يكن خوفهم من مثرداتس فحسب بل كان أيضاً كرههم للرومان".

وما من شك في أن الطبقات الفقيرة التي قاست أكثر من غيرها مظالم الحكم الروماني كانت لها اليد الطولى في هذه المذابح الجنونية، وما من شك أيضاً في أن طبقات الملاّك التي ظلت زمناً طويلاً تتمتع بحماية الرومان لها قد استولى عليها الرعب حين أبصرت هذا الانتقام الرهيب. وأراد مثرداتس أن يهدّئ ثائرة الطبقات الغنية بإعفاء المُدن اليونانية من الضرائب مدة خمس سنين ويمنحها الاستقلال الذاتي التام، لكنه "أعلن" في الوقت نفسه، كما يقول أبيان "إلغاء الديون، وحرر العبيد، وصادر كثيراً من الضياع، وأعاد توزيع الأراضي الزراعية على السكان" ودبر زعماء العشائر مؤامرة لإغتياله، فما كشف سرّها أمر بقتل ألف وستمائة من هؤلاء الزعماء. واستولت الطبقات الدنيا يساعدها الفلاسفة وأساتذة الجامعات(71) على زمام السلطة في كثير من المُدن اليونانية، ومنها أثينة وإسبارطة نفسهما، وأعلنت الحرب على روما وعلى الطبقات الغنية معاً، وقتل يونان دلوس في نشوة الحرية عشرين ألف إيطالي في يوم واحد. واستولى أسطول مثرداتس على جزائر سكلديز كما استولى جيشه على عوبية، وتساليا، ومقدونية، وتراقية. وكان خروج "آسية" الغنية عن سيطرة الرومان سبباً في وقف الخراج الذي كان يُرسل منها إلى الخزانة الرومانية، وفوائد الأموال التي كان يحصل عليها المستثمرون الرومان، فانتابت إيطاليا أزمة مالية كانت ذات أثر في الحركة الثورية التي قام بها لوكيوس أپوليوس ساتورنينوس Saturninus ولوكيوس كورنليوس سنا Cinna وانقسمت إيطاليا على نفسها لأن السمنينين واللوكانيين عرضوا على ملك بنتس أن يعقدوا معه حلفاً.

أظهر ميثريداتس طموحا ليستولي على آسيا الصغرى وأخضع إقليم كولخيس واستلمت له المملكة البوسفورية مقابل أن يحميها من أعدائهم السكوذيون. وجه اهتمامه بعد ذلك نحو الأناضول عندما كانت روما في مجدها، وقرر اقتسام پافلاگونيا وگالاتيا مع نيقوميدس الثالث ملك بيثينيا قبل أن يتوضح له أن نيقوميدس وجه بلاده نحو تحالف مع روما ضده ليرد ميثريداتس عليه ويهزمه في مجموعة معارك ويتدخل الرومان لدعم بيثينيا لكن المواجهة المباشرة بينهم وبين البنطس أصبحت وشيكة ومحتمة.

استطاع ميثراداتس أن يخضع أغلب آسيا الصغرى ويتوجه نحو نيقوميدس الرابع ملك بيثينيا الذي كان دمية في يد الرومان، وأمر بقتل كل الرومان في آسيا الصغرى فراح ضحيتها 80,000 شخص بين رجال ونساء وأطفال. لكنه يتصادم مع الرومان بقيادة سولا فيهزم ميثريداتس في معركة أورخومينوس ثم يهزمه مجددا في آسيا الصغرى وتتبع بعد ذلك اتفاقية تلزم ميثريداتس بدفع تعويضات وتسليم كل ما استولى عليه وانشغل سولا بمواجهاته مع گايوس ماريوس.


الحرب المثريداتية الثانية (82 ق.م. – 81 ق.م.)

يحاول مثراداتس تجديد فتوحاته لكن الرومان يهزمونه مجددا ويعودون لاتفاقية عام 84 ق.م.

ورأى مجلس الشيوخ الروماني الحرب والثورة تواجهانه في كل مكان، فباع ما تجمع في الهياكل الرومانية من الذهب والفضة ليموّل بها جيوش صلا. ولسنا نرى من واجبنا أن نعيد هنا كيف استولى صلا على أثينة، وهزم جيوش الثوّار، وأنقذ الإمبراطوريّة لروما، وعقد مع مثرداتس صلحاً قوامه اللين انسحب الملك على أثره إلى عاصمة بنتس، يجهّز في هدوء جيشاً وأسطولاً جديدين، وقرر لوكيوس ليكنيوس مورينا Murena المبعوث الروماني في آسية أن يهاجمه قبل أن يشتد ساعده؛ فلما أن هزم مورينا في هذه الحرب المثرداتية الثانية (83- 81) لامه صلا على خرقه شروط المعاهدة وأعلن انتهاء الأعمال العدوانية.

الحرب المثريداتية الثالثة (74 ق.م. – 63 ق.م.)

وبعد ثلاث سنين من ذلك الوقت أوصى نيقوميدس الثالث بيثينيا Bithynia إلى روما، وأدرك مثرداتس أن مملكته نفسها ستبتلعها روما عن قريب إذا امتد سلطانها إلى حدود پفلاگونيا وبنتس بعد أن سيطر على البسفور. وبذل في الحرب المثرداتية الثالثة (75- 63) آخر جهوده، وحارب لوكلس وبمبي اثني عشر عاماً وغدر به أحلافه وأعوانه ففر إلى بلاد القرم، وحاول الجندي الشيخ، وكان وقتئذ في التاسعة والستين من عمره، أن يعد جيشاً يخترق به بلاد البلقان، ويغزو إيطاليا من الشمال، ولكن ابنه فرناكس شقّ عصا الطاعة عليه، وأبى أن يُساق إلى المغامرة؛ وحاول الملك بعد أن تخلى عنه الجيش أن ينتحر، ولكن السم الذي تجرّعه لم يكن له أثر فيه لما كان قد كسبه قبل من الحصانة، وكانت يداه أضعف من أن تضغط على النصل الذي أراد أن يقتل به نفسه، ثم أجهز عليه أصدقاؤه ومحاسبيه الذين أمرهم ولده أن يقتلوه بأن طعنوه بسيوفهم وحرابهم.

في البداية يبدأ مثراداتس حملة ناجحة فينتصر على الرومان في بيزنطة لكن لوكولوس يهزمه في كيزيكوس 73 ق.م. ثم في نيكوپوليس 71 ق.م. فيفر بعدها إلى أرمنيا. ويعود بعد انسحاب الرومان ويحاول جمع جيش بمساعدة ابنه الأكبر منخارس ملك المملكة البوسفورية لكنه لم يشأ مساعدته لأن روما اعترفت به فيأمر أبوه بقتله، أما ابنه الأصغر فرناقس الثاني فقاد ثورة سكوذية ضد أبيه بتحريض من روما، ثم يتحرك بومبي فيتصدى له ويسحقه.

قام پومپي بدفن مثراداتس في المقابر المنحوتة في الصخر لأسلافه في أماسيا، العاصمة القديمة لپنطس.

انظر أيضاً