المينيونز اعادة صياغة لنظرية التطور

حول المؤلف

مساهمات حديثة أخرى

اجعل هذه الصفحة أفضل بتحريرها.
Shafeiمحمد نبيل كبها
المثقف والمفكر الإسلامي محمد نبيل كبها

المينيونز اعادة صياغة لنظرية التطور

ماذا تعرف عن المينيونز؟

ماذا تعرف عن المينيونز؟ ماذا تعرف عن سلسلة أفلام الانمي الشهيرة والجميلة والمضحكة هذه؟ البديهي للجميع أنها مخلوقات صغيرة صفراء أسطوانية الشكل، أو على شكل كبسولة، ولديهم عينان، وأحيانا عين واحدة، لا يملكون سوى ثلاثة أصابع فقط فى كل يد، ولديهم القدرة على تحمل الصقيع والبرد، والعيش فى الفضاء والفراغ لعدم حاجتهم للأكسجين من أجل التنفس، ويرتدي معظمها أزياء زرقاء موحدة، جميعهم من الجنس الذكري، ولا يوجد أي أنثى بينهم، عرفوا بسلوكهم المضحك، ولغتهم الغير المفهومة.

إنيمي أنا الحقير

ظهروا في بادئ الأمر في سلسلة أفلام الإنمي الشهيرة أنا الحقير "Despicable Me " في جزء أول وثاني وثالث، حيث كانوا يركضون ويتبعون سيدهم الشرير "غرو" ويساعدونه في مهماته.

إنيمي المينيونز

ثم أنتج لاحقا فيلم إنمي خاص بهم اسمه "المينيونز Minions"، وكانوا طيلة الوقت يبحثون فيه عن سيد يقودهم ويتبعونه في أي شيء أو أي عمل يقوم به دون وعي وإدراك.

إنهم مسليون، لغتهم الغريبة والفريدة والغير مفهومة والتي تُعرف باسم "لغة المينيونز" تبدو عشوائية، ولكنها مضحكة، ويتميزون بالسلوك الطفولي والبريء، بالإضافة إلى حماسهم الدائم، وعملهم المتفاني، وهم مخلصون جدا لسيدهم، ويساعدونه في اختراع أدواته وفي كل شيء.

القصة الحقيقية وراء المينيونز كما يعتقد المفكر محمد كبها

لكن.. هل تعرف ما هي قصة المينيونز الحقيقية؟ ومن أين جاءت هذه الكائنات الصفراء والمضحكة؟ الطريقة التي ظهرت بها هذه المخلوقات هي داروينية، ظهروا في بداية الزمن، من خلية صفراء واحدة كانت تتربع لوحدها على صحن الكوكب، ثم تطوروا مع مرور الزمن إلى كائنات المينيونز، وتكاثروا، مع العلم أنهم ذكور فقط، ولا يوجد بينهم أنثى!! وهناك فكرتان خطيرتان في جزئية ظهورهم وتكاثرهم. الأولى- طريقة ظهورهم أشبه بطريقة التطور لعالم التاريخ الطَبيعي والأحيائي والجيولوجي البريطاني تشارلز روبرت داروين (Charles Robert Darwin).

حيث أن نظرية التطور (The Theory of Evolution) تقول باختصار: قبل حوالي 3.5 مليار سنة، جاءت الكائنات الحية جلّها عبر خلية واحدة، من خلال تطور معقد وغير واضح، فكانت في البدء خلية واحدة، وبفعل الصدفة وتوفر بعض العوامل الطبيعية، تطورت من كائنات مجهرية بسيطة جدًا (microbes)إلى كائنات متعددة الخلايا في المحيطات منذ حوالي 2.5 مليار سنة، والتي يعتقد أنها تطورت من سلالات مائية بسيطة، تلاها ظهور الفقاريات كالأسماك، فكانت باكورة ظهور الحيوانات التي لها عمود فقري في البحر، ثم ظهرت البرمائيات، والتي تمكنت من الانتقال بين الماء واليابسة، ثم الزواحف، والتي كانت في نفس الحقبة التي ظهرت فيها الديناصورات، وصولاً إلى ظهور الثدييات، وانتهاء بظهور الأوسترالوبيثيكوس " Australopithecus" وهم أشباه البشر، والهومو "Homo" وهي فصيلة من البشر انقرضت، من سلف مشترك، وعملية التطور هذه ترتكز على الانتخاب الطبيعي، والذي يعتمد على التغيرات في الحمض النووي (DNA) حيث تتوارث الصفات الأفضل للبقاء والتكاثر.

والثانية- المينيونز كلهم ذكور. فبالنسبة لمبتكر هاته الكائنات الصفراء المسلية، مخرج الرسوم المتحركة “پيير كوفان”، فالجواب في غاية البساطة، حيث أجاب عليه في مجلةThe Wrap" " قائلا: "نظرا لمدى حماقتهم وغبائهم، لا يمكنني أن أتخيلهم نساءا"، فهو يرى أن الذكور أغبياء، لكن الإناث أكثر وذكاءا ورزانة من أن يكنً في مكان تعمّه المواقف الغبية والساذجة.

يقول المفكر محمد كبها: المينيونز اعادة صياغة لنظرية التطور

لكن بالنسبة لي ما زال السؤال عالقاً، فكيف تكاثروا بدون وجود أنثى واحدة على الاقل بينهم!! السنافر كان بينهم انثى، لكن المينيونز لا وجود للجنس الآخر بينهم، فكيف تكاثروا؟ وهل هذا يراد منه تصدير مفهوم الشذوذ؟! أم أن الفكرة هي استبعاد وجود الخالق عبر تنحية فكرة الخلق المباشر، والاستعاضة عنها بكون أزلي ومخلوقات خالدة لا تموت؟! حيث أن المينيونز كائنات خالدة كما صورها مبتكرها، لذلك لمست شيئا من ذلك في هذه الكائنات الخيالية الصفراء!! وكأن المينيونز اعادة صياغة لنظرية التطور، ولكن لفئة الأطفال، عبر هذه الكائنات الصفراء المسلية التي تتحدث بلغة هى خليط من الإنجليزية، الإسبانية، الإيطالية، والفرنسية بالإضافة الى بعض الكلمات الممزوجة من الكورية والروسية، لكي يتشربها أطفالنا ويؤمنوا بها.

حيث تبدأ حكاية هذه الكائنات الصفراء الخالدة، والتي لا تموت، والتي ابتكرها الرسام والمخرج والكاتب الإسباني "سيرجيو بابلوس"، في صبيحة احدى الحقب الغابرة بخلية صفراء واحدة، تطورت مع مرور الزمن إلى كائنات المينيونز، والذين يجدون انفسهم لوحدهم دون سيد يخدمونه ويقودهم، فيصابون بالحزن والإكتئاب، فتبدأ رحلتهم حول العالم في البحث لخدمة أسوأ الأشرار على مر التاريخ. فكانت البداية من دينوصور تى ركس، وحتى نابليون، لكنهم يَخْفِقون في كل مرّة بالاحتفاظ بزعيمهم، حتى عثروا في نهاية مشوارهم على مجرم لئيم وحقير "غرو"، كان ذائع الصيت في سفالته ورذالته.

ورغم تفاهة هذه الكائنات الصفراء وسيدهم الحقير، إلا أنها لاقت حبّاً عظيماً، بل ونجحت سلسلة أفلام الإنمي التي تحكي قصتهم نجاحا تجاريا ضخما على مستوى عظيم، جعلت من المنتجين لهذه الشخصيات وهذه السلسلة التافهة "Despicable Me" أن ينتجوا سلسلة أتفه منها "Minions"، مهمتهم الوحيدة هي البحث عن أقذر وأحقر الزعماء على مر التاريخ من أجل أن يتبعونه، ومن أجل أن يساعدونه في كل ما يصنعه من سفالة ووضاعة، وهذا هو معنى كلمة المينيونز"Minions"، أي: "مرؤوس"، "خادم"، "زيدي"، "تابع"، "خاضع". وهذا هو الوجه الحقيقي للمينيونز.. أن يكون الإنسان خادماً تابعاً خاضاً، وتائه عن ذاته، ومشطور عن المعنى الحقيقي الذي خلق لأجله.. ألا وهو أن يكون الخليفة.

المثقف والمفكر الإسلامي محمد نبيل كبها