الطير عميانا - متلازمه الخوف والكراهيه

حول المؤلف

مساهمات حديثة أخرى

اجعل هذه الصفحة أفضل بتحريرها.
Mustafa ElsamanShafei
0
طيور السمان المهاجرة

ربمالا يعرف الكثيرون ان صيادى السمان لا يتكلفون سوى نصب بعض الشباك بالقرب من السواحل مساءا حتى يصبحو ليجدوها مليئه بالكثير من هذه الطيور فهذا الطائر يسافر لالاف الاميال ليلا على غير هدى لا يبصر طريقا ولا يدرى السبيل كالاعمى يخبط فى عمى وتيه رغم انه عمليا يطير مفتوح العيون وأحسب ان سلوك الدوله المصريه فى هذه اللحظه يقارب تماما هذا الوضع فالرئيس والذى قارب على انهاء عامه الاول من ولايته الرئاسيه اصبح جليا أنه أتى الى مكتبه الرئاسى بلا أى خطه او تصور لما يمكن ان يكون حلا لكثير عاجل من الملفات استجد بعضها خلال ادارته دفه الامور وعديد غيرها متراكم لسنوات خلت تصحر خلالها المناخ وعقمت احلام الرجال عن الاتيان ببدائل لما هو قائم يكاد يعصف بما بقى لهذا البلد من مقومات للتطور اللازم للبقاء وهيبه فى الاقليم والعالم ومواجهه تحديات الداخل المتمثل فى مجاراه احلام وامال شعبه الشاب فى اغلبه الجائع فى انتظار قرارات سلطته وبين تحديات الخارج الذى لطالما تحدى واختبر قدرات دولته على الردع احيانا وعلى الفعل احايين اخرى وفى هذا السياق اعرض امثله اراها للتدليل على صدق ما أرى . فداخليا ليس اوضح من قضيه مكافحه الارهاب والتى اظنها تجمل بين عناصرها كل عناصر المشكله وايضا بذور الحل لكل من شاء النصيحه فانتصح . فجماعه الاخوان المصنفه كتنظيم ارهابى فى مصر سارعت عقب الموجه الثوريه التى اطاحت بها فى 30/6/2013 الى اقرب الوسائل واعرف الطرق التي خبرتها جيدا لاعوام طوال خلت وهى استخدام العنف كأداه لفرض وجودها واجبار الجميع فى الداخل والخارج على التفاوض معها . الجماعه والتى كانت وما تزال وستظل أما لكل التنظيمات المسلحه فى الشرق الاوسط وعلى حدوده وفى خارجه لديها من الذخيره الفكريه والبشريه من بين اعضائها واعضاء غيرها من التنظيمات الابناء الشرعيين الصالحين لهكذا دور مدعومه فى هذا بعناصر مناوئه فى الاقليم بعضها يتحدى قدره القاهره على الردع كدوله قطر وبعضها طامح وطامع فى ادوار اكبر يتصورها له سواء بحق او بغير حق كتركيا ومشروع لاداره الصراع فى المنطقه ككل تتبناه قوى مؤثره فى العالم كالولايات المتحده وردفيها السياسى ممثلا فى الاتحاد الاوروبى والعسكرى ممثلا فى حلف شمال الاطلنطى.

كل ذلك حاصل على أرضيه من غياب العدل الاجتماعى مست بشرائح كبرى من الشعب المصرى ومظالم قديمه اضيفت لها اخرى جديده اتت بها السلطه سواء عن رعونه او سوء تقدير للامور او دفعا من بعض اقطابها المنتمين للماضى والذين يمثلون عنصرا مهما للتفجير فى بنيويه النظام الحاكم ذات تأثير مهم فى قراره وأفعاله . فالرئيس العسكرى والذى عبر صراحه خلال ندوه سابقه على ترشحه للرئاسه كانت قد نظمتها اداره الشئون المعنويه بالقوات المسلحه ان اعتماد الحل العسكرى كحل اوحد لمواجهه موجه الارهاب العنيفه التى تضرب سيناء ومناطق اخرى بالجمهويه ستؤدى حسب رأيه لسيناريو كارثى طرح هو نفسه انه مشابه لانفصال جنوب السودان. الا أنه لسوء الحظ حين أتى الى سده الحكم صار جليا فى ممارساته قراره باعتماد هكذا حل كخيار وحيد بما يشى بنوع المشوره التى يتلقاها من زمرته الضيقه وذوى النفوذ فى ادارته . مضافا الى هذا تمدد نشاط تنظيم الاخوان خصمه الاكبر مشفوعا باعصار هائل من العمليات الشنيعه ممهوره بتوقيع احد اكبر تطبيقاته على الارض وهو تنظيم الدوله الاسلاميه والذى تتبناه وتدعمه جهات مناوئه لمصر كقطر وتركيا واخرى فى ثياب الحلفاء هى موضع نقاشنا ونصحنا كالعربيه السعوديه التى دفعت واستثمرت كثيرا تحت سلطه مليكها الراحل عبد الله بن عبد العزيز فيه كأداه لانفاذ الرؤيه السعوديه فى عديد ملفات من أبزها مسأله اسقاط نظام الحكم في الجمهوريه العربيه السوريه. الا أن محور الدول والجماعات المناهضه لهذا التصور فى الاقليم والعالم استطاعت وضع كثير عصى فى دواليب هذا المشروه فاذا به يترنح ما دفع باتجاه مزيد من العنف على ارضيه انسداد الافق السياسى خاصه بعد التبدل الدرامى للاوضاع بما حصل من تغييرات فى بنيويه النظام السعودى مع مجيء سلمان بن عبد العزيز الى سده الحكم والانجازات التى حصلها النظام السورى على الارض فى مواجهه الجماعات المسلحه وكذلك تخبط الاداره المصريه فى تعريف نفسها وفيما تريد ان تفعل فى الداخل والعالم . اما خارجيا فلا تبدو الاداره القابضه على زمام الامور صاحبه رؤيه لما يدور فى العالم وحولها فى الاقليم وعلى ابوابها فهى لم تأت بجديد فى عشرات الملفات والتى تنذر بانفجارات كبرى يمكن تلافيها ومشكلات بعضها قد يجد حلولا وفرصا ربما بعدت لكنها لا زالت قائمه وبعضها فى متناول اليد . الا انه وفى مثل هكذا ظروف لا يبدو مفيدا جدا الالتحاق بالحليف السعودى والذى يمتلك رؤى لا تتماشى مع مع المصالح المصريه بل انه يتصرف بأسلوب له نتائج مزعجه فالملك الجديد والذى لا تصور معادى لديه حيال جماعه الاخوان سيدفع باتجاه دعمها ومساندتها ما سيمنحها دفعات قويه فى مواجهه الدوله المصريه فى الداخل والخارج فالسعوديه الخاسر الاكبر من نجاح الثوره اليمنيه فى انهاء اخر صيغه لنظام على عبد الله صالح فى اليمن ترى انه لا بديل امامها سوى دعم الاخوان ممثلين فى جماعه الاصلاح وحلفاؤها من القاعده والتكفيريين وتسعى لجر مصر لمواجهه مع حركه انصار الله التى تبدو اكثر الاطراف فى اليمن فعاليه وحيويه وهى ذات نفوذ كبير فى الداخل بالاضافه لاحتفاظها بعلاقات صداقه قويه باطراف مؤثره فى الاقليم كإيران وحزب الله وفى العالم كروسيا والصين . انصار الله والذين لا يملكون اى رؤيه معاديه لمصر ولا يسعون لمواجهتها او الاضرار بمصالحها كرروا فى غير مناسبه على هذه الامور كثوابت فى مشروعهم فى انتظار اشارات ايجابيه او قنوات اتصال مباشره وبلا حاجه لوسطاء خاصه وان كانوا غير نزيهين كالسعوديه . كذلك الفشل القاسى الذى تحققه مؤسسات الدوله فى ملفات المفاوضات حول مياه النيل التى تراجع الحديث عنها فى زحام المشكلات فى انتظار اسوأ الاحتمالات لا سمح الله . بالاضافه الى السودان المجاور والذى يسعى بجديه ومثابره فى ملفات عده تمس فى اغلبها الامن القومى المصرى كدعم اخوان مصر الهاربين لديها وامداد مليشيات فجر ليبيا بالمال والسلاح وعناصر مدربه والتخلى عن تحالفه مع جارته الكبرى فى الملف المشترك الخاص بمياه النيل وعقده اتفاقا منفردا مع اثيوبيا فى محاوله منه لضمان مصالحه المائيه بعيدا عن الحكومه المصريه العاجزه عن اى فعل فى مواجهه التغول الاثيوبى المدعوم من خصومها كتركيا وقطر واسرائيل . ليبيا هى الاخرى ليست احسن حالا من ملفات اخرى وهى على درجه من الخطوره ان لم تجد استجابه من مستواها ستكون معها مصدر تهديد وجودى لمصر . والاكيد أنه من رأى فى نفسه اسبابا للنصح، عليه أن يضئ على الفرص التى يحسبها جزئا من الحل بعد استعراض جوانب المشكله . فى الداخل اجد انه لا مناص من مقاربات مختلفه بالسياسه تفتح الابواب امام مصريى سيناء بدلا من اقصائهم وللمجتمع المدنى بأحزابه وجمعياته وجماعاته الحقوقيه ومبادراته الشبابيه وفعالياته على علاتها بما يسمح بارساء قاعده التجربه والخظأ فى العلن ما يمنح رئه للتنفس فى المجال العام وكذلك تقريب نخبه مختلفه من الاقتصاديين وخبراء الاداره والمزج بين اكثر من مقاربه لمواجهه الاوضاع الاقتصاديه المترديه .

ربما ايضا تفيد هناهذه الذكرى التى تنفع المؤمنين بمقوله شهيره لسياسى فرنسى بارز هو تاليران حيث قال إنك "تستطيع أن تفعل كل شئ بالسونكي إلا الجلوس عليه." واحسب أن السلطه يجب ان تميز جيدا بين قوه الاراده واراده القوه . اما خارجيا ووفقا لما استعرضناه من احوال متغيره وما خبرناه من تجارب قريبه اتمنى على هذه الاداره ان تقدر جيدا حساباتها وفق مصالحها ومحاوله تقريب وجهات نظر حلفاؤها من مواقفها واقناعهم بها فلا يجدر ان يظل الفيتو الخليجى ممثلا فى السعوديه والامارات حاجزا لاى تقارب مصرى إيراني أصبحت دواعيه واسبابه اكبر من اى وقت مضى فى حين ترتبط الدولتان وغيرهم معها بعلاقات دبلوماسية كاملة وتبادل تجارى كبير واتفاقيات للدفاع المشترك! ربما تتعارض رؤيتنا مع سلوك الحكم القائم الذى تقاوم اطراف نافذة فيه أى رؤى مختلفه بل ولا أذهب بعيدا ان قلت اى رؤى على الاطلاق لكن القاسى والمؤلم ان يفرض على الجميع ضياع الفرص وربما لاسمح الله ضياع الاوطان بين زمره من المرضى تتنازعهم هلاوس الخوف ونوبات الكراهيه واحلم لى ولنا جميعا بمصير أفضل من مصير السمان!

<comments />