وحوي يا وحوي

الراقصة عزيزة حلمي.

أغنية وحوى يا وحوى للمطرب أحمد عبد القادر، تعتبر الأغنية الأشهر فى مصر، التى تبثها الإذاعات ومحطات التليفزيون فى شهر رمضان المبارك، وارتبط فى أذهانهم أنها أغنية تدخل فى مصاف أغانى المناسبات الدينية؛ لكن من ينقب فى تراث الغناء المصرى سوف تدور فى رأسه الظنون فى كون هذه الأغنية مرتبطة بشهر رمضان لكن الحقيقة انها منسوبة لراقصة تدعى عزيزة حلمى المصرية؛ بنفس لحن الأغنية المشهورة فى رمضان؛ رغم اختلاف بسيط فى نوع المقام، وبعض الكوبليهات

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أصل الاغنية

هناك رأي يقول: أعلنت العصيان وحثت زوجها على الخروج للقتال وطرد العدو المغتصب لأرض الوطن، إنها إياح حتب، زوجة الملك "سقنن رع"، تلك الملكة الملكومة التي لم يهزمها نبأ مقتل زوجها وهو يحارب الهكسوس، فدعت بابنها "أحمس" الذي عاد منتصرًا على أشر أعداء طيبة، ومن هنا تغنى المصريون بكلمات "وحوي يا وحوي إياحة"، وكلمات "وحوي يا وحوي" تعني في الهيروغلفية "أهلا ومرحبًا"، بينما كلمة "إياحة" هو لقب الملكة "إياح حتب" والذي أطلقه عليها ابنها أحمس عقب انتصاره على الهكسوس، بحسب رواية المصريين القدماء منذ قديم الأذل.

ومرت آلاف السنين، وأصبحت الأغنية من الموروثات التي أصبحت مجالًا خصبًا أمام الأغاني الرمضانية التي استلهمت كلماتها من الموروثات الشعبية، مثل كلمة "وحوي" التي تغنى بها الأطفال وهم ممسكين بفوانيسهم الزجاجية خلال العصر الفاطمي، وألهمت الشاعر حسين حلمي المانسترلي لكتابة طقطوقة رمضان الشهيرة "وحوي يا وحوي"، وذلك وفق ما ذكره دكتور نبيل حنفي محمود، في مقالة بعدد قديم من مجلة الهلال حمل عنوان "الأغنية الرمضانية من الفاطميين إلى عصر الإذاعة".

"وحوي يا وحوي، إياحا رحت يا شعبان إياحا، وحوينا الدار جيت يا رمضان، هل هلالك والبدر آهو بان شهر مبارك، وبقاله زمان، محلا نهارك بالخير مليان".. تلك مقدمة الطقطوقة التي التقطها الملحن أحمد الشريف ولحنها، واستمع جمهور الإذاعة لها لأول مرة بصوته مع المطربة سميرة وصفي في 11 رمضان عام 1939.

ونظرًا لما حققته الأغنية من نجاح، أعاد الملحن تسجيلها بصوته منفردًا وأذيعت عام 1946، وبعد انتشارها قدمت الأغنية للمرة الثالثة بصوت أحمد عبدالقادر المطرب بالإذاعة المصرية والذي لم يشتهر إلا من خلال تلك الأغنية.

وتكمن شهرة التسجيل الأخير الذي نستمع إليه حاليًا، في أداء المطرب أحمد عبدالقادر الذي حكى كثيرًا من أسرار وكواليس الأغنية بلقائه مع مجلة "الكواكب" المنشور عام 1982، موضحًا خلاله معاني بعض الكلمات، كـ"وحوي" فهي كلمة فرعونية تعني "يا فرحتي"، أما كلمة "إياحة" فهي أيضا فرعونية وتعني "القمر" لكن أصلها "أيوح" وحرفت إلى "إياحة" لكي تناسب لحن الأغنية، بحسب روايته.

ويرى عبد القادر أن سبب نجاح الأغنية واستمرارها لسنوات، الكلمات واللحن والأداء الذي ترجم مشاعر ووجدان وأحاسيس المصريين، لتصبح الأغنية الأقدم والأشهر في تاريخ أغاني رمضان على الإطلاق بعد أن وصل عمرها لأكثر من 80 عامًا.[1]


ورأي أخر يقول: هناك طقطوقة تنتمى إلى موسيقى العوالم التى انتشرت فى مصر منذ النصف الأخير من القرن التاسع عشر، وكان من أبرزهم شفيقة القبطية المرتبطة بالجيل الأول للعوالم فى مصر؛ ثم برزت من بعدها بديعة مصابنى أشهر العالمات فى مصر، وهى من وراء هذا المصطلح «عالمة»؛ هناك العديد من الأسماء فى تلك الفترة، والذين ازداد عددهم منذ مطلع القرن العشرين.

ورأي أخر يقول/ أغنية وحوى يا وحوى منسوبة لراقصة تدعى عزيزة حلمى المصرية؛ بنفس لحن الأغنية المشهورة فى رمضان؛ رغم اختلاف بسيط فى نوع المقامات، وبعض الكوبليهات، فأغنية عزيزة حلمى على مقام البيات وأغنية أحمد عبدالقادر على مقام «سيكاه»؛ واختلاف أيضا فى القالب الموسيقى، فعبدالقادر قدم غنوة بينما قدمت عزيزة طقطوقة؛ ولكن الاختلاف الأبرز جاء فى الكلمات وموضوع الأغنية نفسها، فبينما يقدم أحمد عبدالقادر أغنية تتعلق بمناسبة دينية؛ تقدم عزيزة حلمى طقطوقة تتعلق بالغزل الصريح فى فتاة ريفية.

حصلت «البوابة» على التسجيل الصوتى القديم لأغنية عزيزة حلمى، والموثق فى معهد العالم العربى بباريس المهتم بجمع وحفظ تراث الشعوب العربية؛ وحاولنا الإنصات جيدا إلى التسجيل المنقح القديم لتحرير كلمات الطقطوقة؛ فالصوت غير واضح بالشكل الأمثل، رغم عمليات التنقيح التى أجريت للأسطونة القديمة وترجع لحقبة العشرينيات.


كلمات الطقطوقة

أغنية وحوي يا وحوي، أداء عزيزة حلمي،
كلمات حسين حلمي المناسترلي، ألحان أحمد شريف..
«وحوى وحوي/ إياحه/
البنت الخفة/ فلاحة/
وفــ إيدها خوخة وتفاحة/
ماسكة الفانوس أحمر وأخضر/
ماشية بتغنى وتتمخطر/
بصوت جميل زهزه يسحر/
والوجه قمر بينور/
أقول لده إيه أنا متحير/
لا فاتت وقالتلى إياحه/
وحوى وحوي/ إياحه/
البنت الخفة/ فلاحة/
وفــ إيدها خوخة وتفاحة/
لابسة القميص وإله فتحة/
والسدر باين بِّراحة/
ونهودها بارزة مرتاحة/
تقولشى إلها فلاحة/
مشيت وراها للساحة/
ضحكت وقالتلى إياحه/
وحوى وحوى/ إياحه/
البنت الخفة/ فلاحة/
وفــ إيدها خوخة وتفاحة/
أدوب يا أخواتى فى خفتها/
ولا هياش دارية بسلامتها/
نونو أوى يا بصتها/
جذبتنى والله بحلاوتها/
حبيت اسألها فين بيتها/
قالتلى يا أفندى إياحه/
وحوى وحوى/ إياحه/
البنت الخفة/ فلاحة/
وفــ إيدها خوخة وتفاحة/
طلبت أعرف فين بيتها/
ومن نينيتها أخطبها/
مشيت معاها يا محلاها/
يمكن تنقذنى خطوتها/
حبيت أطلبها ياناس دخلة/
قالتلى يا أفندى إياحه/
وحوى وحوى/ إياحه/
البنت الخفة/ فلاحة/
وفــ إيدها خوخة وتفاحة.»

مؤلف الأغنية

الكلمات التى تغنت بها عزيزة المصرية تنسب لشاعر يدعى حسين حلمى المانسترلي؛ وهو الشاعر نفسه الذى تنسب إليه كلمات أحمد عبدالقادر؛ ما يثير الشك حول أحقية نسب المانسترلى لأى من الأغنيتين، فالاحتمال الأقرب أنه كتب الأغنية المتعلقة بشهر رمضان؛ فثقافة حلمى المانسترلى يغلب عليها الطابع الدينى، نظرا لعمله فى وزارة الأوقاف؛ بينما أغنية عزيزة حلمى تدخل فى إطار الغزل الصريح وأغانى الملاهى الليلية. أما فيما يخص التلحين، فعلى حسب التوثيقات لحن عزيزة حلمى منسوب لأحمد شريف، وهو ملحن الأغنية ومطرب أيضا من مطربى الغناء الشعبى وألحانه شعبية، حتى إنه اعتبر أحد رواد هذا اللون الفنى، بدأ حياته عازفا على آلة العود وعمل مطربا وملحنا بكازينو بديعة مصابنى، وبعد ذلك تخصص فى وضع ألحان حفلات الزفاف، ومن أشهرها «اتمخطرى يا حلوة يا زينة» و«مبروك عليكى عريسك الخفة»، ولحن «ليلة الصباحية وزفة بنت العمدة، وست الدار». الغريب أنه هو الاسم نفسه المنسوب إليه اللحن الرمضاني؛ لكن أحمد عبدالقادر المطرب خرج فى لقاء إذاعى نادر، وأكد أنه هو من قام بتلحين «وحوى يا وحوى»؛ لكن الرواية الأرجح أن الشريف هو من قام بوضع لحن طقطوقة عزيزة؛ حيث إنه كان مهتما بالغناء الشعبى، وبالتحديد الكازينوهات، لا سيما أنه كان عازف القانون فى أغنية عزيزة؛ لكن يبقى لحن «وحوى يا وحوى» الرمضانية مجهولا ومسار جدل.

معني وحوى يا حوى إياحه

وفيما يتعلق بـ«وحوى يا حوى إياحه»؛ فتلك العبارات تدخل فى صلب الفولكلور المصري، واختلف الباحثون فى ترجمته؛ فعالم اللغة أحمد أمين فى كتابه قال: إن وحوى يا وحوى، كانت أغنية منتشرة بين الصبيان؛ يجتمع الأطفال بعد الفطور وبأيديهم فوانيس صغيرة مضاءة بالشمع، زجاجها ملون بألوان مختلفة، من أحمر وأخضر وأزرق وأصفر، وينشد منشدهم: «وحوى وحوى»! فيجيب الآخرون إياحه، ثم يستمر المنشد: «بنت السلطان/ لابسة قفطان/ بالأحمر/ بالأخضر/ بالأصفر»، وينشد الأطفال وراءه كلهم كلمة «إياحه»، ويؤكد «أمين» فى كتابه أنه لا يدرى معناها متسائلا: هل هى كلمة مصرية قديمة أو هل مشتقة من حوى يحوي؟ أى عمل كما يعمل الحواة؛ بدليل قولهم: لولا فلان ما جينا، ولا تعبنا رجلينا، ولا حوينا ولا جينا. وقد كان المصريون يرددون هذه العبارة عند ميلاد الهلال كل شهر، وبعد انتشار اللغة العربية فى مصر، تحورت هذه العبارة وأصبحت «وحوى يا وحوى إياحه»، وارتبطت بقدوم شهر رمضان والفانوس الصفيح. ويُقال أيضا إن عبارة «وحوى يا وحوى إياحه» أصلها يرجع إلى اللغة القبطية، وتعنى كلمة «وحوى» اقتربوا، وتعنى كلمة «إياحه» الهلال؛ أى أن معنى العبارة هو «اقتربوا لرؤية الهلال».[2]

صوتيات

أغنية وحوي يا وحوي، أداء عزيزة حلمي،
كلمات حسين حلمي المناسترلي، ألحان أحمد شريف..

المصادر

  1. ^ "اصل اغنية وحوى يا وحوى للمطرب احمد عبد القادر". Mohamed Radwan. 2024-03-12. Retrieved 2024-03-14.
  2. ^ ""وحوي يا وحوي" أغنية "عوالم"".
الكلمات الدالة: