مارتيال

Martial
Martialis.jpg
وُلِدMarch 1, 40
الوظيفةمؤلف
القوميةروماني
الأصنافهجاء
أهم الأعمالالإپي‌گرامات

ماركس ڤالريوس مارتيالس Marcus Valerius Martialis (عـُرف في الإنگليزية بإسم مارتيال Martial) (ولد 1 مارس بين 38 و41م - بين 102 و 104م)، كان شاعراً باللاتينية من هسپانيا (شبه جزيرة أيبريا) أكثر ما اشتهر به هو أسفاره الاثنى عشر من إپي‌گرامات، التي نشرها في روما بين 86 و 103م، أثناء عهود الأباطرة دوميتيان، نرڤا وترايان. وفي تلك القصائد القصيرة اللماحة هجى بحماس حياة المدينة والأنشطة الفضائحية لمعارفه، وتغزل في نشأته الريفية. وقد كتب إجمالي 1,561 بيتاً، منهم 1,235 في كوپليهات رثائية. ويُعتبر خالق الإپي‌گرام الحديث.

ولد ماركس ڤالريوس مارتيالس في بلبيليس من أعمال أسبانيا في السنة الأربعين بعد الميلاد، ولما بلغ الرابعة والعشرين من عمره جاء إلى رومة وعقد أواصر الصداقة مع لوكاس وسنكا، وأشار عليه كونتليان أن يتخذ المحاماة وسيلته للثراء، ولكنه فضل عليها الشعر مع الإملاق. وأطاحت مؤامرة بيزا فجاءة بأصدقائه فاضطر توجيه قصائد للموسرين الذين يستطيعون أن يطعموه إذا قال لهم نكتة شعرية. وكان يسكن في علية في الطابق الثالث، وأكثر الظن أنه كان يعيش فيها وحيداً؛ نقول هذا لأنه وأن كان يوجه قصيدتين من قصائده لامرأة يقول عنها إنها زوجته فإن ما في القصيدتين من فحش لا يترك مجالاً للشك في أن هذه المرأة إما أن تكون اختراعاً من عنده وإما أن تكون قوادة(126).

وهو يخبرنا بأن قصائده كانت تقرأ في جميع أنحاء أوروبا لا يستثني منها القوط أنفسهم. وهو يغتبط إذ يعلم أنه اشتهر فيها شهرة جواد السباق، ولكنه كان يؤلمه أن يرى الناشر الذي يبيع كتبه يجمع الثروة الطائلة، وأنه هو لا يجني منها شيئاً. وأشار مرة في إحدى قصائده إلى أنه في اشد الحاجة إلى جبة رومانية، فلما أرسلها إليه بارثنيوس الثري معشوق الإمبراطور رد عليه بمقطوعتين مدح في إحداهما جدة الجبة وندد في الثانية بحقارتها ورخص ثمنها. على أنه عثر بعد قليل على نصراء أكرم من بارثنيوس وأكثر منه سخاءً وأهدى إليه أحدهم ضيعة صغيرة في نومنتم Nomentum، واستطاع بطريقة ما أن يجمع مالاً يكفي لشراء منزل بسيط في تل الكورنيال Quirinal. وصار في ذلك الوقت يضع نفسه تحت رعاية عظيم بعد عظيم، يقوم بخدمتهم في الصباح، ويتلقى منهم الهدايا في بعض الأحيان؛ لكنه ما لبث أن أحس بحطة منزلته هذه، وأخذ يتحسر لأنه لم يؤت من الشجاعة ما يجعله يقنع بفقره فيحرر نفسه من ذل التبعية(127). غير أنه لم يكن في وسعه أن يعيش فقيراً لأنه كان مضطراً إلى الاختلاط بمن يستطيعون أن يكافئوه على شعره، فأخذ يبعث لدومتيان بالقصيدة تلو القصيدة يمدحه بها ويمجده، ويقول إنه لو دعاه جوبيتر ودومتيان إلى الطعام في يوم واحد لرفض دعوة الإله وأجاب دعوة دومتيان؛ ولكن الإمبراطور كان يفضل عليه استاتيوس فدبت الغيرة من الشاعر الشاب في قلب مارتيال، وقال في إحدى قصائده: إن نكته حية أغلى قيمة من ملحمة ميتة(128).

وكانت القصائد الموجزة ذات النكت مما يقال في كل موضوع سواء كان إهداء أو تحية، أو رثائية، ولكن مارتيال هذبها فجعلها أقصر وأعظم حدة مما كانت، وأضاف إليها الكثير من الهجاء اللاذع. وإنا لنظلمه إذا قرأنا قصائده ذات النكت البالغ عددها 1516 قصيدة في جلسات قليلة. فلقد صدرت هذه القصائد في اثنى عشر كتاباً في أوقات مختلفة، ولم يكن ينتظر من القارئ أن يلتهمها كما يلتهم طعام الوليمة، بل كان ينتظر منه أن يتناولها تناول المشهيات قبل الطعام. ويبدو الكثير منها غثاً تافها في هذه الأيام، ذلك أن ما فيها كان خاصاً بهذين الزمان والمكان، فكان لذلك قصير الأجل غير جدير بالبقاء. ولم يكن مارتيال نفسه يقدرها كثيراً، ولم يكن يجادل في أن الغث منها يزيد على الثمين، ولكنه كان مرغماً على أن يملأ بها مجلداً في إثر مجلد(129). وهو رجل قادر على قرض الشعر، عارف بجميع أوزانه وبجميع ما يتطلبه من حيل وأساليب، ولكنه يتجنب فنون الخطابة ويفخر بهذا كما يفخر به بترونيوس الشريف الذي كان مقامه في النثر يضارع مقام مارتيال في الشعر. ولم يكن يعنى أقل عناية بالأساطير التي كانت تغص بها آداب تلك الأيام، بل كان أكبر همه رجال ذلك العهد ونساؤه وحياتهم الخاصة، وهو يصف هذه الحياة وصفاً ينم عن ضغن ومسرة. ويقول في إحدى قصائده "إن صفحاتي تطالعك بالرجال"(130)، ولقد كان في وسعه أن "يتناول" أحد الأشراف الفظاظ، أو الأثرياء البخلاء، أو المحامين المزهوين، أو الخطباء المشهورين. ولكن أكثر من يحب التحدث عنهم هم الحلاقون والأساكفة، والبائعون الجوالون، ومدربو الخيل، واللاعبون على الحبل، والدلالون، وناقعو السم، والمفسدون والعاهرات. وليست المناظر التي يضعها مأخوذة من بلاد اليونان القديمة بل يستمدها من الحمامات، ودور التثكيل، والشوارع، والملاعب ومنازل رومة، ومساكن فقرائها، وقصارى القول أنه شاعر السفلة والرعاع.

وهو يعنى بالمال أكثر مما يعنى بالحب، وإذا فكر في الحب فإن أكثر ما يفكر فيه هو حب الرجال للرجال، أو النساء للنساء. على أن شعره لا يخلو من العاطفة، وهو يحدثنا في إحدى قصائده حديثاً ملؤه الحنو والأسى على أبن صديق له عاجلته المنية؛ ولكن كتبه كلها لا يوجد فيها بيت واحد ينم عن المروءة والشهامة، أو عن الغضب الشريف. وهو يرتل قصائده ترتيلاً تفوح منه اخبث الروائح ويقول عنها "إنني أفضل هذه الروائح الكريهة على قصائدك كلها يا بسا Bassa"(131). ويصف إحدى خليلاته بقوله:

"إن ضفائرك يا جلا Gella قد صنعت في مكان بعيد وإنك لتخلعين أسنانك في الليل كما تخلعين أثوابك الحريرية، وأنت ترقدين مختزنة في مائة برميل، ولكن وجهك لا ينام معك؛ وتغمزين بحاجب جيء به إليك في الصباح وقد تجردت من كل احترام لجيفتك الباليةالتي تستطيعين أن تعديها لقدمها جيفة جدة من جداتك."

وهو يتحدث في حقد غير خليق بالرجال على النساء اللاتي أبين أن يخضعن له، ويلقي عليهن نكاته القذرة كما يلقي الكناس الأقذار. ويوجه أغانيه الغزلية للغلمان، وتتملكه النشوة من عبير "قبلاتك أيها الغلام"(133). وقد قلد أخد شعراء الإنجليز إحدى قصائده التي قال فيها:

لا أحبك يا سبيديوس، ولست أعرف لذلك سبباً؛

وكل ما أستطيع أن أقوله أني أبغضك أشد البغض.

والحق أن الذين لا يحبهم مارتيال كثيرون وهو يصفهم بعد أن يطلق عليهم أسماء مستعارة لا تخفي حقيقتهم وبألفاظ لا يجد الإنسان لها مثيلاً إلا على جدران مراحيض المواخير(135). ولست تجده إلا هاجياً لأعدائه كما لا تجد استاتيوس إلا مادحاً أصدقاءه. وقد أراد بعض ضحاياه أن ينتقموا لأنفسهم منه فنشروا بإمضائه قصائد أشد قذارة من قصائده الحقيقية، أو هاجموا باسمه بعض من كان مارتيال يحرص على إرضائهم. وفي وسع الإنسان أن يؤلف من هذه النكات الشعرية التي أوفت على الغاية من الناحية الفنية معجماً كاملاً يحوي أقذر ما في اللغة من ألفاظ.

غير أن في مقدور الإنسان أن يعفو بعض الشيء عن بذاءة مارتيال، فهو يشترك فيها مع خلق عصره، ولا يشك في أن فتيات الأسر الراقية يسرهن أن يقرأنها في عرائش قصورهن. "واستحت لكريشا وعلت وجهها حمرة الخجل وألقت بكتابي، وكان بروتس حاضراً فابتعد عنها يا بروتس؛ إنها ستقرؤه"(136) ذلك أن ما كان يطلقه هذا العصر للشعر من حرية مفرطة يسمح بكل ضروب البذاءة على شريطة أن تكون الأوزان والألفاظ صحيحة. بل إن مارتيال ليفخر بفجوره أحياناً فيقول في أحد كتبه "لا تخلوا صحيفة من صحفي من الفجور"(137). لكنه في أكثر الأحيان يستحي قليلاً من فجوره، ويطلب إلينا أن نعتقد أن حياته أطهر من شعره.

ومل آخر الأمر من ابتياع الطعام والشراب بالمديح والهجاء، وتاقت نفسه إلى حياة اهدأ من حياته السابقة وأطهر منها، وحن إلى موطنه في أسبانيا. وكان وقتئذ قد بلغ السابعة والخمسين من عمره، وسرى الشيب في شعر رأسه، وأطال لحيته، واسمرت بشرته، حتى ليستطيع أي إنسان-على خد قوله-بمجرد النظر إليه أن يدرك أنه ولد بالقرب من نهر التاجة Tagus. وأرسل طاقة شهرية إلى بلني الأصغر فأرسل هذا بدلاً منها مبلغاً من المال يكفي نفقات سفره إلى بلبليس. ورحبت به تلك البلدة الصغيرة، وعفت عن سوء أخلاقه بسبب ما نال من الشهرة. ووجد نصراء ومعينين لم يبلغوا من الثراء مبلغ من كانوا يناصرونه في رومة ولكنهم كانوا أندى منهم يداً. وأهدت إليه سيدة رحيمة بيتاً ريفياً متواضعاً ذا حديقة قضى فيه ما كان باقياً له من سنين قليلة. وفي عام 101 كتب بلني يقول: "لقد سمعت تواً بموت مارتيال، وقد أحزنني النبأ وأقضى مضجعي، فلقد كان مارتيال ذا فكاهة قوية لاذعة، يمزج في شعره الملح بالشهد، وأظهر ما يمتاز به هو الصراحة"(138). وإذا كان بلني أحب هذا الرجل فلا بد أن كانت فيه فضيلة خافية على سائر الناس.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الهامش


وصلات خارجية

أعماله

قالب:Wikisource-lang

وصلات أخرى

Wikiquote-logo.svg اقرأ اقتباسات ذات علاقة بمارتيال، في معرفة الاقتباس.

الهامش

J P Sullivan. Martial: the unexpected classic (1991)