زاوي الشيخ

زاوي الشيخ (1938 - 27 مارس 1960) مجاهد جزائري.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مقدمة

اندلعت الثورة الجزائرية في 1 نوفمبر 1954 ضد الاستعمار الفرنسي الذي احتلّ البلاد منذ سنة 1830 اي ما يقارب 132 سنة من الاحتلال والاضطهاد فكانت ثورة الفاتح نوفمبر هي الفيصل النهائي والأخير لهذا الاحتلال ، فدامت هذه الثورة سبعة سنوات ونصف من الكفاح المسلح والعمل السياسي و شملت جميع أقطار البلاد من الشمال الى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق دون إستثناء حتى إعلان استقلال الجزائر يوم 5 جويلية 1962 بعدما راح ضحيتها وسقطت في ميادينها وعلى أرضها كثير من الشهداء والأبرياء فاكسبها لقب واسم بلد المليون ونصف المليون شهيد في الوطن العربي ، ونحن إذ نتذَكَّر هؤلاء الشُّهَداء الذين ارتَفَعوا بأرواحِهم إلى الله - جلَّ جلالُه - وفازُوا برِضوانه، نحسدهم، على ما حصَلُوا عليه من نَعِيمٍ وعَدَهم به الله - جلَّ جلالُه - حيث يقول الله - سبحانه - في سورة آل عمران: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [آل عمران: 169 - 170].

وفي بحثنا هذا سوف نقدم لكم نبذة ولمحة تاريخية عن احد أبطال الثورة التحريرية بالجنوب الغربي الكبير وهو الشهيد الزاوي الشيخ الذي استشهد رفقة العقيد لطفي والرائد فراج رحمة الله عليهم.


النسب

نسبه ومولده

هو الشيخ بن الدين بن سليمان من مواليد 1938 م بالعبادلة، أمه ميلودي الفضية (1914-1989) الزوجة الثانية للأب زواي الدين (1900-1971) ، تزوج الشهيد من ابنت خالته (طيبي خيرة)هو في الثامن عشرة من عمره وأنجب منها ابن واحد فقط اسمه محمد ، اعتمدت العائلة في عيشها على تربية الأغنام والترحال من مكان إلى آخر بحثا عن الطعام و الكلأ لماشيتهم وإبلهم وبالتحديد منطقة ( العبادلة ، تاغيت ، زوزفانة) ، فالأب زاوي الدين كان ذا سمعة طيبة ومكانة متميزة وسط القبائل والعشائر فربى ابنائه على الكرم والجود وإكرام الضيف والشجاعة وهذا راجع الى نسبه البوبكري نسبة الى ابي بكر الصديق رضي الله عنه ، اي قبيلة " الزوى" والتى ظهرت فيها ثورة أولاد سيدي الشيخ وكذا ثورة الشيخ بوعمامة ،.

زاوي الدين (1900-1971)                            

اب الشهيد زاوي الشيخ زاوي الدين 1900-1971

طفولته

نشأ الشهيد الزاوي الشيخ في بادية العبادلة ممارسا لمهنة الرعي (الإبل والأغنام) بحيث لم تتح له الفرصة كغيره من الأطفال في التعلم وهذا بحكم نمط العيش السائد انذاك والمتميز بالسفر و الترحال من مكان إلى آخر ، بالرغم من هذا كله إلا انه لم يمنعه من تعلم القراءة والكتابة في ما بعد داخل صفوف الجيش التحرير الوطني ، ومن أهم وأبرز الأحداث التي يشهد له بها تاريخ المنطقة ،أنه قد إستطاع في سن مبكرة (14 سنة) من عمره أن يفوز على من هم أكبر سنا عليه في سباق الإبل المنظم من طرف الإحتلال الفرنسى وهذا بشهادة القوات الفرنسية أنا ذاك ، ضف إلى ذلك قوته و شجاعته وعدم خوفه منذ صغره فقد كان يتكل ويعتمد عليه الأب زاوي الدين إعتمادا كبيرا في وجود إخوة يفقونه سنا في عملية البيع والشراء والبحث عن الإبل التائه وسط الصحراء الشاسعة كل هذا وعمره لم يتجاوز 16 سنة فهو لا يعرف الخوف ولا الجزع أبدا بحيث تمكن بفضل فطنته وقوة ملاحظته للأشياء أن يكون خير خبير و دليل في المنطقة فجل القبائل المجاورة كانت تعتمد عليه وتستعين بخبرته كدليل في تقصى و تتبع الآثار سواء كانت هذا آثار قديمة أو جديدة ليلا أو نهار.

نشاطه بالحركة الثورية

إن انتشار الحركة السياسية والثورية في منطقة الجنوب الغربي تحتاج الى رجال و أناس أكفاء يتميزون بصفة النزاهة و الإخلاص و الوفاء فهذا العمل ليس عفويا تلقائيا بل يحتاج إلى دراسة معمقة من طرف القيادة المركزية في تلك المرحلة نظرا لشساعة المنطقة وصعوبة تضاريسها الصحراوية ، فكان لزاما على المحافظ السياسي انذاك السي احمد الزوبير و رفيقه فرحات بلعيد 1956 م العمل و البحث عن من هم أجدر وأنسب لهذه المهمة بغية نشر الفكر الثوري الجهادي التحرري من القيود الإستعمارية ، فبعد البحث والتحري في أوساط القبائل بمنطقة بشار توجها الأخيران إلى شخص زاوي الدين بغية إقناع إبنه الشهيد زاوي الشيخ وكذا أخيه الأكبر زاوي محمد بالإلتحاق و التجنيد داخل صفوف الجيش الفرنسي بغية إيصال و تبيلغ القيادة الثورية بالأخبار والسلاح وكل التحركات التي تخدم الثورة . لم يتقبل الشهيد الزاوي الشيخ فكرة المحافظ السياسي السي أحمد الزوبير المتمثلة في عمله داخل صفوف القوات الإستعمارية وارتدائه للبذلة والزي العسكري الفرنسي حتى ولو كان في خدمة الثورة الجزائرية ايمانا منه لعظمة الرسالة وحبه للوطن وكره الإستعمار فكان جوابه الرفض القاطع والمطلق لهذه المهمة ،و في المقابل نجد أن الأخ الأكبر زاوي محمد (1934-2000) تقبل الفكرة و إلتحق بالجيش الفرنسي وعمل بمقاطعة تاغيت إلى حين أتيحت له الفرصة للقيام بعملية فدائية يشهد لها تاريخ المنطقة بأسرها متزامنة مع عيد العمال 1 ماي 1957 أين أجريت مباراة بين الجنود الفرنسيين وشباب منطقة تاغيت إحتفالا بهذه المناسبة فإغتنم زاوي محمد المدعو الزعيم هذه المناسبة وقام بإطلاق صراح الأسرى الجزائريين وقتل الحارس بداخل المركز المتواجدة آثاره حاليا بقصر تاغيت وكذا قطع جميع الأسلاك السلكية والفرار رفقة الأسرى نحو منطقة زوزفانة تاركا ورائه خسائر مادية وبشرية.

اخ الشهيد زاوي الشيخ المجاهد زاوي محمد – المدعو الزعيم احد كبار معطوبي جيش التحرير(1934-2000) الحكم بالإعدام في حق عائلة الشهيد زاوي الشيخ :

قامت القوات الفرنسية مباشرة بعد العملية الفدائية التي أقدم عليها المجاهد زاوي محمد المدعو الزعيم بمحاصرة المنطقة والبحث عن جميع أفراد عائلته التى فرت باتجاه الحدود المغربية (بوذنيب وبوعرفة) فعملت القوات الفرنسية على نشر صورا لأفراد عائلة زاوي الدين في كل الأماكن والمناطق (الجبال ، الأودية ، الوحات ...) مستخدمة في ذلك جميع الوسائل والطرق بما فيها الطائرة الحربية ولم تكتفي بهذا فقط بل قامت بإعدام وسجن أبرياء لا دخل لهم بالثورة ولا الحركة الفدائية أو السياسية ذنبهم الوحيد أنهم يحملون نفس التسمية لعائلة الشهيد وهو اسم (زاوي) ،من بين ضحايا هذا الإنتقام إعدام الشهيد زاوي الطيب ، والشهيد زاوي بحوص وكذا سجن الشهيد زاوي بوبكر.. الشهيد زاوي دياب.





معركة جبل قروز 1957

أول معركة خاضها الشهيد الزاوي الشيخ هي معركة جبل قروز سنة 1957 م رفقة حمو الملوح ومجموعة من المجاهدين ، شارك فيها بصفته مساعد عسكري (شارجور )وهذا لعدم توفر سلاح خاص به ،فحب الشهيد للقتال وتطلعه للجهاد اكسبه الشجاعة حيث استطاع أن يتوغل وسط العساكر الفرنسيين ويحصل على سلاحه بنفسه وهذا بشاهد حمو الملوح الذي صرحا قائل " زواي الشيخ توغل ودخل في صفوف العدو متغاضيا غير مبالي للرصاص من حوله فقام بقتل جندي فرنسي وأخذ سلاحه وساعة يده منه وهي مزالت باقية الى يومنا هذا"

معركة عش بوقلو 1959

من خلال ما أبان عليه وما أظهره الشهيد من قوة وشهامة وشجاعة ميدانية في معركة جبل قروز كلفته القيادة المركزية في المنطقة بأن يترأس مجموعة متكونة من سبعة مجاهدين في اختبار له متمثل في إيصال المئونة (الغذاء - الأموال...)من الحدود المغربية إلى المنطقة الثالثة رفقة الفصيلة الثانية المتكونة من ثمانية مجاهدين بقيادة الحاج لخضر بلحرمة ، وشاءت الصدف والأقدار أن ينكشف أمرهم بمنطقة تاغيت من خلال طائرة عسكرية فرنسية كانت تقوم بدورية استطلاعية فهجمتهم بطلاقات نارية وقامت بإلرسال قوات عسكرية من المرتزقة السنغاليين فكان قائد الفرقة زاوي الشيخ بمرصدهم رفقة المجاهدين أسفل الجبل (وسط واحة النخيل)، فاستطاعوا بفضل الله وعزيمة الرجال أن يلحقوا بالعدو خسائر مادية وبشرية ويتمكنوا من اسقاط طائرة حربية عسكرية هي متواجدة الى يومنا هذا بالقرب من مقبرة تاغيت . قوافل التموين التي قادها الشهيد :

القافلة الأولـــــــــــــــــــــــــــــــــــى

من مركز بوعرفة في أفريل 1958 قائد القافلة: المجاهد بوسعيد عبد الله الدليل من المنقوب إلى عين الحجر: مجاهد من قبيلة أولاد سرور الدليل من عين الحجر إلى القعدة بأفلو: مجاهد من قبيلة ولاد سرور

القافلة الثانيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة

من مركز بوعرفة إلى مركز لبنود بواد الناموس سنة 1958 قائد القافلة: شبير ابراهيم بن قدور المساعد: بلحرمة عبد القادر الأعضاء: بوسعيد عبد الله - بن شكشك بوعمامة - بن الغوتي محمد - شويحة بوعلام - ميلود ولد لحسن

القافلة الثالثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة

من مركز بوعرفة إلى مركز لبنود بواد الناموس خلال 1958 قائد القافلة بلحرمة عبد القادر المساعد: بن شكشك بوعمامة الاعضاء: لمطوش بحوص بن علي ـ تمام جلول بن محمد - بسادات علي - عيساوي بونوة - بريك أحمد

القافلة الرابعــــــــــــــــــــــــــــــــــة

قائد القافلة: زاوي الشيخ بن الدين سنة 1958 المرشد : زاوي سليمان بن أحمد الأعضاء: زاوي حمزة بن بوعلام - قدور الجلفاوي -معمر بوجمعة - الغميثة الطاهر - لغزال محمد بن أحمد - لكورط علي - الشيخ بوطبة

القافلة الخامســـــــــــــــــــــــــــــــــة

من مركز مفيس 1959 قائد القافلة: بوسعيد عبد الله المرشد: يعيشي بن البركة الأعضاء: بوطريق محمد


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

القافلة السادســـــــــــــــــــــــــــــــــة

قائد القافلة: غريس محمد المساعد: بوسعيد عبد الله الأعضاء: فروحات قويدر بن حمادي

القافلة السابعـــــــــــــــــــــــــــــــــــة

معركة إقلي قائد القافلة : لمعلم محمد بن مبروك المرشد: بن ديدة محمد بن عبد القادر الأعضاء: صلحاوي مبارك - بورقعة بوعمامة - ملوح علي - ابراهيم ولد علي بن قويدر

القافلة الثامنـــــــــــــــــــــــــــــــــــة

سنة 1960 قائد القافلة: زاوي الشيخ بن الدين المرشد: زاوي سليمان بن أحمد الأعضاء: الغزال محمد - الغميثة الطاهر - بوداود من أولاد زياد

القافلة التاسعــــــــــــــــــــــــــــــــــة

معركة جبل بشار 1960/03/27 قائد القافلة " العقيد" لطفي قائد الولاية الخامسة المساعد: "كمندار " فراج الاعضاء: الملازم زاوي الشيخ بن الدين - بن عروس عيسى - بريك أحمد

القافلة العاشـــــــــــــــــــــــــــــــــرة

معركة أطراف جبل بشار قائد القافلة: زاوي لخضر بن مسعود المساعد: زاوي محمد بن مسعود ( شيهب) الأعضاء: زاوي عبد القادر بن العربي - ميلود السهلي بن طريز - مصطفى من قسنطينة - عبد القادر . معركة جبل بشار واستشهاده رفقة العقيد لطفى1960.

بعد معركة عش بوقلو والفوز الكبير المحقق على العدو الغاشم رقي الشهيد زاوي الشيخ إلى رتبة ملازم أول في صفوف جبهة التحرير الوطني ، وكلف بمهام أخرى متمثلة في الذهاب من منطقة بوذنيب المغربية باتجاه منطقة البيض لإيصال جهاز راديو لاسلكي ومجموعة من الابل و المقدر عددها بخمسة جمال وكذا مبالغ مالية ورسائل سرية رفقة مجموعة من المجاهدين كان يترأسهم و يقودهم بتكليف من القيادة المركزية العليا.

التقى الشهيد الزاوي الشيخ مع العقيد لطفى قائد الولاية الخامسة وكذا رفيقه الرائد فراج ومساعديه بريك أحمد والحاج لعروسي رحمة الله عليهم بمنطقة بوذنيب المغربية مركز القيادة العسكرية في الجنوب الغربي واتفق الخمسة على أن يتجهوا الى منطقة البيض مرورا على منطقة بشار في مهمة متمثلة لوضع حد لبعض الخلافات والمشاكل بين القبائل والعشائر في تلك المنطقة وإعادة بعث الروح الثورية والقتالية في صفوف المواطنين والمجاهدين، وبتاريخ 27 مارس 1960 شاءت الاقدار أن ينكشف أمرهم بجبل بشار بالمكان المسمى الطارف فوقعت معركة غير متكافئة الطرفين حيث استخدمت القوات الفرنسية جميع الوسائل الحربية والبشرية من طائرات ومدفعيات ثقيلة لإلقاء القبض على العقيد لطفي ورفاقه الاشاوس ، دامت أصول المعركة قرابة خمس ساعات كان آخر المستشهدين في المعركة هو الشهيد زاوي الشيخ بعدما طلبت منه القوات الفرنسية الإستسلام فرفض وهذا بشهادة المجاهد الحاج عيسى العروسي الذي بقي حيا إلى أواخر التسعينيات بعد اعتقاله وسجنه ، في ما صرحت القوات الفرنسية في الأخير انها خسرت قرابة ستة وثلاثون جندي في معركة كبيرة يشهد لها التاريخ بأسره.


  • الشهيد العقيد لطفي رقم 01
  • الشهيد الرئد فراج رقم 04
  • الشهيد الملازم اول زاوي الشيخ رقم 03
  • الشهيد بريك احمد رقم 02
  • المجاهد الأسير عيسى لعروسي


صورة الشهداء الأربعة مع البعض في السبعينات

الهامش